البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البهجة المرضيّة على ألفيّة ابن مالك

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: وفا
الطبعة: ١٩
ISBN: 978-964-6397-13-2
الصفحات: ٥٩٠

فرع (١) : ليس في الأسماء المعربة اسم آخره واو قبلها ضمّ إلّا الأسماء السّتّة حالة الرّفع.

وأي فعل آخر منه ألف

أو واو او ياء فمعتلّا عرف

فالألف انو فيه غير الجزم

وأبد نصب ما كيدعو يرمي

والرّفع فيهما انو واحذف جازما

ثلاثهنّ تقض حكما لازما

(وأي فعل) مضارع (آخر منه ألف) نحو يرضى (أو) آخر منه (واو) نحو يغزو (أو) آخر منه (ياء) نحو يرمي (فمعتلّا عرف) عند النّحاة (فالألف انو فيه غير الجزم) (٢) وهو الرّفع والنّصب لما تقدّم (٣) كـ «زيد يخشى» و «لن يرضى» (وأبد) أي أظهر (نصب ما آخره واو (كيدعو) وما آخره ياء نحو (يرمي) لما تقدّم (٤) كـ «لن يدعو» و «لن يرمي». (والرّفع فيهما) أي فيما كيدعو ويرمي (انو) لثقله عليهما كزيد يدعو ويرمي (واحذف) حال كونك (جازما) للافعال المعتلّة (ثلاثهنّ) (٥) كلم يخش ويرم ويغز (تقض) أي تحكم (حكما لازما) وقد تحذف في غير الجزم حذفا غير لازم نحو (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ)(٦)(٧)

__________________

(١) انما ذكر هذا الفرع بمناسبة ذكر الأسماء المعتلة حيث قال (وسم معتلا من الأسماء).

(٢) واما في الجزم فالاعراب ظاهر بحذف الألف نحو لا تخش.

(٣) من تعذّر تحريك الألف.

(٤) من خفة الفتحة على الواو والياء.

(٥) الألف والواو والياء.

(٦) حذف الواو من ندعو ، من دون جازم.

(٧) العلق ، الآية : ١٨.

٤١

هذا باب النكرة والمعرفة

نكرة قابل أل مؤثّرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا

وغيره معرفة كهم وذي

وهند وابني والغلام والّذي

(نكرة قابل (١) أل) حال كونه (مؤثّرا) التّعريف كرجل بخلاف حسن فإنّ أل الدّاخلة عليه لا تؤثّر فيه تعريفا فليس بنكرة (أو) ليس بقابل لأل لكنّه (واقع موقع ما قد ذكرا) أي ما يقبل أل ، كذي فإنّها لا تقبل أل لكنّها تقع موقع ما يقبلها وهو صاحب.

(وغيره) أي غير ما ذكر (٢) (معرفة) وهي مضمر (كهم و) اسم إشارة نحو (ذي و) علم نحو (هند و) مضاف إلى معرفة نحو (ابني و) محلّى بأل نحو (الغلام و) موصول نحو (الّذي) وزاد في شرح الكافية المنادي المقصود (٣) كيا رجل (٤) واختار في التّسهيل أنّ تعريفه بالإشارة إليه والمواجهة (٥) ونقله في شرحه عن نصّ سيبويه ، وزاد

__________________

(١) نكره مبتدا وقابل أل خبره يعني أن النكرة ما كانت قابلة لدخول أل عليها بشرط ان يكون أل مؤثرا فيها أثر التعريف كالرجل وأما لم يؤثر كذلك كدخوله على العلم نحو الحسن فدخوله لا يدل على أن مدخوله نكرة.

(٢) أي : غير قابل أل المؤثر أو الواقع موقع القابل لأل معرفة.

(٣) بخلاف غير المقصود كقول الأعمى يا رجلا خذ بيدي فإنّه لا يقصد شخصا خاصّا فهو نكرة اتّفاقا.

(٤) قاصدا رجلا معيّنا.

(٥) لا بحرف النداء أو بحرف تعريف مقدّر.

٤٢

ابن كيسان ما ومن الإستفهاميّتين وابن خروف ما (١) في «دقّقته دقّا نعمّا».

فما لذي غيبة أو حضور

كأنت وهو سمّ بالضّمير

(فما) كان من هذه المعارف موضوعا (لذي غيبة) أي لغائب تقدّم ذكره لفظا أو معنى أو حكما (٢) (أو) لذي (حضور) أي لحاضر مخاطب أو متكلّم (كأنت) وأنا (وهو سمّ بالضّمير) والمضمر عند البصريّين ، والكناية والمكنّى عند الكوفييّن.

ولا يرد على هذا (٣) اسم الإشارة لأنّه وضع لمشار إليه لزم منه حضوره ولا الاسم الظاهر (٤) لأنّه وضع لأعمّ من الغيبة والحضور وقد عكس المصنّف (٥) المثال فجعل

__________________

(١) أي : ما التي بعد نعم الواقع بعد اسم وكان نعم وما منزلة الصفة لذلك الأسم فنعمّا في المثال صفة لدقّا ومعني ما في التقدير هو الدّق فكأنه قال نعم الدّق فموقعها موقع الضمير الذي له مرجع فلذلك قيل إنها معرفة.

(٢) فالأوّل كزيدا ضربته ، والثاني نحو «اعدلوا هو أقرب». فمرجع هو وهو العدل لم يذكر بلفظه ولكن بمعناه المفهوم من اعدلوا والثالث نحو قوله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) فمرجع الهاء في أبويه لم يذكر سابقا لا صريحا لا معناه وأنما يفهم بالقرنية لأن الآية في مقام بيان إرث الميت فالمرجع وهو الميت مذكور حكما أي في حكم الذكر.

(٣) أي : لا يستشكل على قول المصنف (لذي حضور) أن اسم الاشارة يدخل في تعريف الضمير لكونه أيضا للمشار إليه الحاضر وذلك لأن الموضوع له لاسم الإشارة أنما هو الشيء الذي يشار إليه لا غير نعم لازم الإشارة إلى الشيء حضور ذلك الشيء لا أن الحضور مأخوذ في موضوعه كما أن لفظ الأربعة موضوع للعدد الخاص ولازمه الزوجية ومعلوم أنّ الزوجية اللازمة ليست جزأ لمعني الأربعة بخلاف أنت فأنه موضوع للحاضر.

(٤) أي : لا يشمل قوله «لذي حضور» للاسم الظاهر كزيد عند حضوره لأن لفظ زيد مثلا موضوع لذاته حاضرا كان أم غايبا وإن استعمل عند حضوره أحيانا فالحضور خارج عن مفهومه.

(٥) لتقديمه الغيبة على الحضور الأول بقوله «فمالذى غيبة أو حضور» ثم في مقام المثال قدم الحاضر على الغايب بقوله «كأنت وهو» فأجاب عنه الشارح بأن عمل المصنف هذا ليس بخطأ بل من باب اللّف والنشر المشوش الذي عمل به الكتاب العزيز.

٤٣

الثّاني للأوّل والأوّل للثاني على حدّ قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ)(١) ـ الخ.

وذو اتّصال منه ما لا يبتدا

ولا يلي إلّا اختيارا أبدا

كالياء والكاف من ابني أكرمك

والياء والهاء من سليه ما ملك

وكلّ مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب

ثمّ الضّمير متّصل ومنفصل فأشار إلى الأوّل بقوله (وذو اتّصال منه (٢) ما) كان غير مستقلّ (٣) بنفسه ، وهو الّذي (لا) يصلح لأن (يبتدأ) به (ولا) يصلح لأن (يلي) أي لأن يقع بعد (إلّا اختيارا أبدا) ويقع بعدها اضطرارا كقوله :

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا

ألّا يجاورنا إلّاك ديّار

(كالياء والكاف من) نحو قولك (ابني أكرمك والياء والهاء من) نحو قولك (سليه ما ملك).

(وكلّ مضمر له البناء يجب) لشبهه بالحروف في المعنى ، لأنّ التكلّم والخطاب والغيبة من معاني الحروف (٤) وقيل في الافتقار (٥) وقيل في الوضع في كثير (٦) وقيل

__________________

(١) آل عمران ، الآية : ١٠٦.

(٢) من الضمير.

(٣) أي : لا يستعمل وحده بل ملصقا بكلمة.

(٤) المعني الحرفي كما اشرنا إليه سابقا ما لا وجود له خارجا بل في عالم الاعتبار ويستفاد منها للربط بين المعاني الخارجية كالأبتدائية والانتهائية الرابطتين بين المبدأ والمنتهى والسائر فالتكلّم والخطاب والغيبة معان من هذا القبيل إذ الموجود في الخارج هو المتكلم والكلام والمخاطب والغايب لا التكلّم والخطاب والغيبة.

(٥) لاحتياج الضمير إلى مرجع ملفوظ أو ما في حكمه للدلالة على معناه كالحروف.

(٦) كالضمائر الّتي على حرف أو حرفين.

٤٤

لاستغنائه عن الإعراب باختلاف صيغته (١) وحكاها (٢) في التّسهيل إلّا الأوّل.

(ولفظ ماجرّ) من الضّمائر المتّصلة (كلفظ ما نصب) منها ، وذلك ثلاثة ألفاظ : ياء المتكلّم ، وكاف الخطاب ، وهاء الغائب (٣).

للرّفع والنّصب وجرّنا صلح

كاعرف بنا فإنّنا نلنا المنح

وألف والواو والنّون لما

غاب وغيره كقاما واعلما

ومن ضمير الرّفع ما يستتر

كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر

(للرّفع والنّصب وجرّ) بالتنوين لفظ (نا) الدّال علي المتكلّم ومن معه (صلح) فالجرّ (كاعرف بنا) والنّصب نحو (فإنّنا) والرّفع نحو (نلنا المنح) وما عدا ما ذكر مختصّ بالرّفع ، وهو تاء الفاعل والألف والواو وياء المخاطبة ونون الإناث (٤).

(وألف والواو والنّون) ضمائر متّصلة كائنة (لماغاب وغيره) والمراد به (٥) المخاطب (كقاما) وقاموا وقمن (واعلما) واعلموا واعلمن.

(ومن ضمير الرّفع ما يستتر) وجوبا بخلاف ضمير النّصب والجرّ ، (٦) وذلك في مواضع ، فعل الأمر (كأفعل) والفعل المضارع المبدوّ بالهمزة نحو (أوافق) والمبدوّ بالنّون نحو (نغتبط) والمبدوّ بالتّاء نحو (إذ تشكر) ، (٧) وزاد في التّسهيل اسم فعل الأمر

__________________

(١) فإن الضمير المرفوع يختلف عن المنصوب بصيغته كهو وإيّاه وأنت وإياك والإعراب أنما يؤتي به للفرق بين الحالات فالضمير في غني عن ذلك فلذلك لم يعرب.

(٢) أي : المصنف حكى الأقوال التى ذكرنا في علة بناء الضمير إلّا القول الأول وهو الشبه المعنوي.

(٣) نحو رأيتك ومنك وضربني ولي ونصرته وفيه.

(٤) نحو نصرت ونصرا ونصروا وانصري وانصرن.

(٥) أي : المراد بغير الغائب هو المخاطب فقط لا المخاطب والمتكلّم لعدم صلاحيّة هذه ضمائر للمتكلم.

(٦) فلا يصح استتار هما.

(٧) فالمستتر في الأول أنت ، والثاني أنا والثالث نحن ، والرابع أنت.

٤٥

كنزال ، (١) وأبو حيّان في الإرتشاف اسم فعل المضارع كأوّه (٢) وابن هشام في التّوضيح فعل الإستثناء كقاموا ما خلا زيدا وما عدا عمرا ولا يكون خالدا (٣) وأفعل في التعجّب كما أحسن الزّيدين وأفعل التّفضيل ك (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً)(٤) وفيما عدا هذا ـ وهو الماضي والظّرف والصّفات ـ يستتر جوازا. (٥)

ثمّ شرع في الثّاني من قسمي الضّمير وهو المنفصل فقال : (وذو ارتفاع وانفصال أنا هو وأنت والفروع) النّاشئة عن هذه الأصول (لا تشتبه) وهي نحن ، هى ، هما ، هم ، هن ، وأنت ، أنتما ، أنتم ، أنتنّ. قال أبو حيّان : وقد تستعمل هذه مجرورة كقولهم : أنا كأنت وكهو وهو كأنا ومنصوبة كقولهم : ضربتك أنت.

وذو ارتفاع وانفصال أنا هو

وأنت والفروع لا تشتبه

وذو انتصاب في انفصال جعلا

إيّاي والتّفريع ليس مشكلا

(وذو انتصاب في انفصال جعلا إيّاى والتّفريع) على هذا الأصل الّذي ذكر (ليس مشكلا) مثاله إيّانا ، إيّاك ، إيّاكما ، إيّاكم ، إيّاكنّ ، إيّاه ، إيّاها ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاهنّ. وقد تستعمل مجرورة (٦).

تنبيه : الضّمير إيّا (٧) واللواحق له عند سيبويه حروف تبيّن الحال وعند المصنّف

__________________

(١) بمعني أنزل والمستتر فيه أنت.

(٢) بمعنى اتضجّر والمستتر فيه أنا.

(٣) المستتر في الثلاثة هو وكذا في التعجب والتفضيل الأتيين.

(٤) مريم ، الآية : ٧٤.

(٥) فالماضي نحو زيد ضرب وضرب هو والظرف نحو زيد خلفك وخلفك هو والصفة نحو زيد قائم وقائم هو.

(٦) فتقول كإياك أو من إيّاي مثلا.

(٧) يعني أن هذه الضمائر المنصوبة كأياك وإياه ليس المجموع ضميرا بل الضمير إيّا وأما اللواحق له من

٤٦

أسماء (١) مضاف إليها.

وفي اختيار لا يجيء المنفصل

إذا تأتّي أن يجيء المتّصل

(وفي اختيار لا يجىء) الضّمير (المنفصل إذا تأتّى (٢) أن يجىء) الضّمير (المتّصل) لما فيه (٣) من الاختصار المطلوب الموضوع لأجله الضّمير ، فإن لم يتأتّ (٤) ـ بأن تأخّر عنه عامله أو حذف أو كان معنويّا أو حصر أو أسند إليه صفة جرت على غير من هي له ـ (٥) فصل. ويأتي المنفصل مع إمكان المتّصل في الضّرورة كما سيأتي (٦).

وصل أو افصل هاء سلنيه وما

أشبهه في كنته الخلف انتمي

كذاك خلتنيه واتّصالا

أختار غيري اختار الانفصالا

__________________

الكاف والهاء فحروف تبين حال الضمير من أنه للخطاب أو الغيبة أو التكلّم وأنه مفرد أو مثني أو جمع فالكاف المفتوحة في إياك تدل على أن الضمير مفرد مخاطب مذكّر وهكذا.

(١) أي : اللواحق ليست بحروف بل اسماء مضاف إليها لإيّا.

(٢) أي : أمكن.

(٣) أي : لما في ضمير المتصل من الاختصار المطلوب في الكلام ولأجله وضع الضمير إذ لولاه لتكرّر المرجع بلفظه.

(٤) أي : لم يمكن المتصل.

(٥) فالمتأخر عنه عامله نحو إياك نعبد والمحذوف عامله نحو إيّاك والأسد أي احذر الأسد فانفصل الضمير المستتر في احذر لحذف عامله فصار ايّاك والعامل المعنوى نحو أنا قائم إذ العامل في أنا هو الابتدائية والضمير المحصور نحو ما ضربك إلّا أنا والأخير نحو (زيد عمرو ضاربه هو) فهو ضمير أسند إليه ضارب لأنه فاعله وضارب جار على عمرو لأنه خبر له مع أنه لزيد في المعني لأن المراد أن زيدا ضارب فهنا يجب الإتيان بضميرين بعد الصفة ليعود أحدهما إلى مبتدئها وهو عمرو والثاني لمن هي له في المعني وهو زيد ، ولا يمكن اتصال ضميرين بصفة واحدة فانفصل أحدهما.

(٦) في قول الشاعر قد ضمنت إياهم الأرض.

٤٧

(وصل) على الأصل (١) (أو افصل) لطول (٢) ثاني ضميرين أوّلهما أخصّ (٣) وغير مرفوع كما في (هاء سلنيه) (٤) وسلني إيّاه (و) كذا (ما أشبهه) نحو الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إيّاه (فى) اتّصال وانفصال (٥) ما هو خبر لكان أو إحدى أخواتها نحو (كنته الخلف انتمى (٦) كذاك الهاء من (خلتنيه) ونحوه (٧) في اتّصاله وانفصاله خلاف (واتّصالا اختار) تبعا لجماعة منهم الرّمّانيّ ، إذ الأصل في الضّمير الاختصار ، ولأنّه وارد في الفصيح قال صلّى الله عليه وآله وسلّم «إن يكنه فلن تسلّط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله» (٨).

(غيري) أي سيبويه ، ولم يصرّح به تأدّبا (اختار الانفصالا) لكونه في الصّورتين (٩) خبرا في الأصل ولو بقي على ما كان لتعيّن انفصاله كما تقدّم.

وقدّم الأخصّ في اتّصال

وقدّ من ما شئت في انفصال

__________________

(١) أي : الأصل في وضع الضمير وهو الاختصار.

(٢) بالتنوين يعني إذا اتصل الضمير طالت الكلمة ففي مثال سلنيه إذا انفصل الضمير قصرت الكلمة فيقال سلني ثم يقع بعدها إياه وقوله ثاني ضميرين مفعول لا فصل.

(٣) ضمير المتكلم أخص من المخاطب والمخاطب أخصّ من الغائب.

(٤) الضميران كلاهما مفعولان لتعدية سل بنفسه إلى مفعولين وأولهما أخص من الثاني.

(٥) بكسر اللام بغير تنوين وكذا اتصال لكونهما مضافين إلى ما الموصول.

(٦) أي انتسب إلى النحاة الاختلاف فيما إذا وقع الضمير الثاني خبرا لكان فقال بعضهم إنه يقرأ باتصال نحو كنته وبعضهم بانفصال نحو كنت أياه.

(٧) ممّا كان ثاني الضميرين مفعولا ثانيا للنواسخ أو خبرا لها.

(٨) صحيح بخارى : ٥ / ١٤٠ حديث : ١٢٦٧ صحيح المسلم : ١٤ / ١٥٣ حديث : ٥٢١٥.

(٩) أي : في صورة كون ثاني الضميرين خبرا لكان وكونه مفعولا ثانيا لخال وكلاهما فى الأصل خبران للمبتدا ولو بقيا على ما كانا أي على الخبريّة لتعيّن انفصالهما لما تقدم من أن العامل في الضمير إذا كان معنويا يجب انفصاله وعامل الخبر معنوي.

٤٨

(وقدّم الأخصّ) وهو الأعرف على غيره (فى) حال (اتّصال) الضّمائر نحو «الدّرهم أعطيتكه» بتقديم التّاء على الكاف ، إذ ضمير المتكلّم أخصّ من ضمير المخاطب ، والكاف على الهاء إذ ضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب.

(وقدّ من ما شئت) من الأخصّ أو غيره (فى) حال (انفصال) الضّمير عند أمن اللّبس نحو «الدّرهم أعطيتك إيّاه وأعطيته إيّاك» (١) ولا يجوز في «زيد اعطيتك إيّاه» تقديم الغائب للّبس (٢).

وفي اتّحاد الرّتبة الزم فصلا

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

(وفي اتّحاد الرّتبة) أي رتبة الضّميرين بأن كانا لمتكلّمين أو مخاطبين أو غائبين (٣) (الزم فصلا) للثّاني (وقد يبيح الغيب فيه (٤) وصلا) ولكن لا مطلقا بل مع وجود اختلاف ما (٥) بين الضّميرين ، كأن يكون أحدهما مثنّى والآخر مفردا ونحوه (٦) نحو

[لوجهك في الإحسان بسط وبهجة]

أنا لهماه قفو أكرم والد

__________________

(١) للعلم بأن الدرهم مأخوذ والمخاطب أخذ.

(٢) أي : للالتباس بين المعطي والمعطي له فإن قلت زيد أعطيته إيّاك لا يعلم أن زيدا أخذ أو مأخوذ ، وفيه ان تقديم الأخص لا يرفع اللبس لجواز أن يكون الأخصّ المتقدم مأخوذا في المعني لصّحة قولنا زيدا أعطيتك أيّاه وكان المخاطب عبدا للمتكلّم فأعطاه لزيد ، فالمدار على القرائن الخارجية فقط.

(٣) مثال الأول قول العبد لسيّده ملكتني إيّاي ، والثاني قول السيّد لعبده : ملكتك إيّاك ، والثالث قول السيّد في عبده وهو غايب : ملكته إيّاه.

(٤) أي : في اتحاد الرتبة.

(٥) ما هنا للإبهام أي : مع وجود أي اختلاف بين الضميرين من تأنيث وتذكير وإفراد وتثنية وجمع ، ويقال : أنه ابتداء بيت من الألفيّة وتمامه (مع اختلاف ما ونحو ضمنت إيّاهم الأرض الضرورة اقتضت).

(٦) كما إذا كان أحدهما مذكّرا والآخر مؤنّثا نحو السهم أصابهماه.

٤٩

ونحو (١) قول الفرزدق :

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير

الضّرورة اقتضت انفصال الضّمير مع إمكان اتّصاله.

وقبل يا النّفس مع الفعل التزم

نون وقاية وليسي قد نظم

(وقبل يا النّفس) (٢) إذا كانت (مع الفعل) متّصلة به (التزم نون وقاية) سمّيت بذلك ، قال المصنّف : لأنّها تقي الفعل من التباسه بالاسم المضاف إلى ياء المتكلّم ، إذ لو قيل في ضربني ضربي لالتبس بالضّرب (٣) وهو العسل الأبيض الغليظ ومن التباس أمر مؤنثّه بأمر مذكّره ، إذ لو قلت : أكرمي بدل أكرمني قاصدا مذكّرا لم يفهم المراد. (٤) وقال غيره : (٥) لأنّها تقيه (٦) من الكسر المشبه للجرّ للزوم كسر ما قبل الياء.

(وليسي) بلا نون (قد نظم) قال الشاعر :

عددت قومي كعديد الطّيس

إذ ذهب القوم الكرام ليسي

ولا يجيء في غير النّضم إلّا بالنون كغيره (٧) من الأفعال كقولهم «عليه رجلا ليسني» بالنون.

__________________

(١) نحو مبتداء والضرورة خبره ، وهذا استدراك من قول المصنف (وفي اختيار لا يجىء المنفصل تأتي ...) ففي قول الفرزدق يمكن الاتصال فيقال : ضمنتهم الأرض لكن الضرورة في الشعر اقتضت الانفصال.

(٢) أي : ياء المتكلّم.

(٣) بتحريك الراء فيتخيّل السامع أنّه قال عسلي.

(٤) فيتخيّل السامع أن المخاطب امرأة.

(٥) أي : غير المصنف في وجه تسمية نون الوقاية.

(٦) أي : لأن نون الوقاية تقي الفعل من الكسرة على لام الفعل ، والكسرة في آخر الكلمة شبيه بالجرّ والفعل برىء من الجرّ ، وهذا يلزم إذا اتصل الياء بالفعل ، للزوم كسر ما قبل الياء.

(٧) أي : غير ليس.

٥٠

وليتني فشا وليتي ندرا

ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا

في الباقيات واضطرارا خفّفا

منّي وعنّي بعض من قد سلفا

(وليتني) بالنّون (فشا) أي كثر وذاع لمزيّتها (١) على أخواتها في الشّبه بالفعل ، يدل على ذلك (٢) سماع إعمالها مع زيادة ما كما سيأتى (٣) وفي التنزيل (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ)(٤) (وليتى) بلا نون (ندرا) أي شذّ ، قال الشاعر :

كمنية جابر إذ قال ليتى

أصادفه وأفقد جلّ مالي

(ومع لعلّ اعكس) هذا الامر فتجريدها من النّون كثير لأنّها أبعد من الفعل لشبهها بحرف الجرّ (٥) وفي التّنزيل (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ)(٦) واتّصالها بها (٧) قليل قال الشاعر :

فقلت أعيراني القدوم لعلّني

أحطّ بها قبرا لأبيض ماجد

(وكن مخيّرا) في إلحاق النّون وعدمها (في الباقيات) إنّ وأنّ وكأنّ ولكنّ ، نحو :

وإنّي على ليلى لزار وإنّني

[على ذاك فيما بيننا مستديمها]

وقال الفرّاء : عدم إلحاق النّون هو الإختيار.

(واضطرارا خفّفا) نون (منّي وعنّي بعض من قد سلفا) من الشّعراء فقال :

__________________

(١) دليل لكثرة مجىء النون مع ليت ، لأنّ المصنف قال : (مع الفعل التزم نون وقاية) وليت حرف فأشبهيّة ليت بالفعل من باقي حروف المشّبهة تلحقها بالفعل في لحوق النون بها.

(٢) أي : على مزية شباهتها بالفعل انّها تعمل مع زيادة ما دون أخواتها.

(٣) في باب انّ وأخواتها.

(٤) النساء ، الآية : ٧٣.

(٥) لتعلّق ما بعدها بما قبلها نحو تب لعلّك تفلح ، كما أنّ حرف الجر مع مجروره يتعلّق بما قبلها من فعل وشبهه.

(٦) غافر ، الآية : ٣٦.

(٧) أي : اتصال النون بلعلّ.

٥١

أيّها السّائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

والإختيار فيهما إلحاق النّون كما هو الشّائع الذّائع ، على أنّ هذا البيت لا يعرف له نظير في ذلك بل ولا قائل (١) وما عدا هذين من حروف الجرّ لا تلحقه النّون نحو لي وبي وكذا خلا وعدا وحاشا ، قال الشّاعر :

[في فتية جعلوا الصّليب إلههم]

حاشاي إنّي مسلم معذور

وفي لدنّي لدني قلّ وفي

قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي

(و) إلحاق النّون (في) لدن فيقال : (لدنّي) كثير ، وبه قرأ السّتة من القرّاء السّبعة (٢) وتجريدها فيقال : (لدني) بالتّخفيف (قلّ) وبه قرأ نافع (و) إلحاق النّون (في قدني وقطني) بمعنى حسبي كثير و (الحذف أيضا قديفي) قال الشّاعر :

قدني من نصر الخبيبين قدي

[ليس الإمام بالشّحيح الملحد]

وفي الحديث (٣) «قط قط بعزّتك» يروى بسكون الطّاء (٤) وبكسرها مع ياء ودونها ويروى قطني قطني وقطّ قطّ.

__________________

(١) أي : بل ولا يعرف له قائل يكون سندا.

(٢) في قوله تعالى : (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) الكهف ، الآية : ٧١ ، أي : غير نافع.

(٣) مروي بطرق العامّة عن أنس ، عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : «لا يزال جهنّم تقول : هل من مزيد؟ حتّي يضع ربّ العزّة قدمه فيها ، فتقول : قط قط ، بعزّتك» صحيح مسلم ١٣ / ٤٩٧ ، حديث : ٥٠٨٥ أي : كفاني كفاني ، والحديث كما تري من الأكاذيب المجعولة للزومه تجسيم الرّبّ جلّ عن ذلك. والشاهد في قط أنّه حذف منه النون ، إذ الأصل قطني.

(٤) بدون الياء ، وبكسر الطاء مع الياء وبدونها فهذه ثلاثة وجوه ، ويروي قطي وقطني بفصل العاطف وزيادة النون في الثانى ، فهذا الرابع ويروي أيضا قط وقط بفصل العاطف بدون النون والياء فهذا الخامس.

٥٢

الثّاني من المعارف العلم

وهو علم شخص وعلم جنس (١) وبدأ بالأوّل فقال :

اسم يعيّن المسمّى مطلقا

علمه كجعفر وخرنقا

وقرن وعدن ولاحق

وشدقم وهيلة وواشق

(إسم) جنس وهو مبتدأ وصف بقوله : (يعيّن المسمّى) وهو فصل يخرج النّكرات تعيينا (٢) (مطلقا) فصل يخرج المقيّدات (٣) إمّا بقيد لفظيّ وهو المعرّف بالصّلة وأل والمضاف إليه أو معنويّ وهو اسم الإشارة والمضمر (٤) وخبر قوله «اسم» قوله : (علمه) أي علم لذلك المسمّي (كجعفر) لرجل (وخرنقا) لامرأة من العرب (وقرن) بفتح القاف والرّاء لقبيلة من بني مراد ومنها أويس القرني ، (وعدن) لبلد بساحل بحر اليمن (ولا حق) لفرس (وشدقم) لجمل (وهيلة) لشاة (وواشق) لكلب.

__________________

(١) فالأوّل : كزيد وعمرو ، والثانى : كأم عربط ، ويأتي مفصّلا في قول : «ووضعوا لبعض الأجناس».

(٢) يريد أنّ قول المصنف مطلقا صفة لمفعول مطلق محذوف.

(٣) أي : المعارف التي تعينها بقيد بخلاف العلم فأن تعينه مطلق وبغير قيد.

(٤) أما اسم الإشارة فتعيّنه بالإشارة العمليّة الحسّية حين الاستعمال ، وأما الضمير فالغايب بسبق ذهن السامع والمخاطب بخطاب المتكلّم المحسوس ، وضمير المتكلّم بتكلم المتكلّم فكل ذلك أمور غير لفظيّة.

٥٣

واسما أتي وكنية ولقبا

وأخّرن ذا إن سواه صحبا

(واسما أتى) العلم (١) وهو ما ليس كنية ولا لقبا (وكنية) وهي ما صدّر بأب أو أمّ وقيل بابن أو ابنة (٢) من «كنيت» أي سترت (٣) كالكناية ، والعرب يقصد بها التّعظيم (ولقبا) وهو ما أشعر بمدح أو ذمّ قال الرّضيّ : والفرق بينه وبين الكنية معنى أنّ اللّقب يمدح الملقّب به أو يذمّ بمعنى ذلك اللّفظ (٤) بخلاف الكنية فإنّه لا يعظّم المكنّى بمعناها بل بعدم التّصريح بالإسم ، فإنّ بعض النّفوس تأنف (٥) أن تخاطب باسمها.

(وأخّرن ذا) أي اللّقب (إن سواه صحبا) والمراد به الاسم (٦) كما وجد في بعض النّسخ إن سواها وصرّح

به في التّسهيل ، وعلّله (٧) في شرحه بأنّ الغالب أنّ اللّقب منقول من اسم غير إنسان كبطّة وقفّة ، فلو قدّم لتوهّم السّامع أنّ المراد مسمّاه الأصليّ وذلك (٨) مأمون بتأخيره فلم يعدل عنه (٩) وشذّ تقديمه في قوله :

__________________

(١) يعني : أنّ العلم ينقسم على ثلاثة أقسام : اسم ، وكنية ولقب ، فالثلاثة كلها أعلام.

(٢) كأبي الفضل وأمّ البنين وابن عبّاس وبنت الشاطي.

(٣) لاستتار الاسم بها.

(٤) أي : يذم الشخص ويمدح بسبب معني لفظ اللقب فإذا لقب رجل بقفّه مثلا يراد أنه مثل القفة في قبح المنظر ، وإذا لقّب بالعلّامة يراد أنّه كثير العلم.

(٥) أي : تجتنب وتستنكف.

(٦) يعني : أنّ المراد بقوله سواه هو الاسم وإن كان ظاهره يشمل الاسم والكنية لأن كليهما سوي اللقب ولو قال سواها كما في بعض النسخ كان أوضح ، لأن ضمير المؤنث يرجع إلى الكنية فالمعني وأخر اللقب إن صحب سوي الكنية أي : صحب الاسم.

(٧) أي : المصنف في شرح التسهيل لزوم تأخير اللقب إذا ذكر مع الاسم أنه إذا قدّم على الاسم لتوّهم السامع أن المراد معناه الأصلي ، مثلا إذا لقّب زيد ببطّة فقلت رأيت بطة زيد يتوّهم السامع إن مرادك أنك رأيت ذلك الطير بخلاف قولك رأيت زيد بطة.

(٨) التوّهم مأمون بتأخير اللقب.

(٩) أي : عن لزوم تأخير اللقب وإن لم يقع هذا التوّهم فصارت قاعدة كلية. وقوله يعدل بصيغة المجهول.

٥٤

بأنّ ذا الكلب عمرا خيرهم نسبا (١)

[ببطن شريان يعوي حوله الذّئب]

وأمّا الكنيّة فيجوز تقديمه عليها والعكس. كذا قالوه لكن مقتضى التّعليل المذكور إمتناع تقديمه (٢) عليها أيضا فتأمّل ، (٣) نعم تقديمها (٤) على الإسم وعكسه سواء.

وإن يكونا مفردين فأضف

حتما وإلّا أتبع الّذي ردف

(وإن يكونا) أي الاسم واللّقب (مفردين (٥) فأضف) الأوّل الى الثّاني (حتما) عند البصريّين نحو «هذا سعيد كرز» أي مسمّاه (٦) كما سيأتي في الإضافة (٧) وأجاز الكوفيّون الاتباع (٨) واختاره في الكافية والتّسهيل ومعلوم على الأوّل أنّ جواز الإضافة حيث لا مانع من أل (٩) نحو «الحارث كرز».

(وإلّا) أي وإن لم يكونا مفردين بأن كانا مركّبين كـ «عبد الله زين العابدين» أو الأوّل مركّبا والثّاني مفردا كـ «عبد الله كرز» أو عكسه كـ «زيد أنف النّاقة» ـ (أتبع) الثّاني (الّذي ردف) الأول له (١٠) في إعرابه على أنّه بدل أو عطف بيان ، ويجوز القطع [عن

__________________

(١) فقدم اللقب وهو الكلب على الاسم وهو عمرو.

(٢) أي : اللقب على الكنية أيضا لأن التوّهم المذكور آت هنا أيضا.

(٣) وجهه على ما ذكره المحشي أبو طالب أن هذا الإشكال لا يرد على المصنف فأن الضمير في سواه يعود إلى ذا أي اللقب وسوي اللقب يشمل الاسم والكنية كليهما فيندفع.

(٤) أي : الكنية فتقول : أبو الحسن عليّ أو عليّ أبو الحسن.

(٥) أي : غير مضافين.

(٦) أي : مسمّي كرز وذلك حذرا من إضافة الشىء إلى نفسه ، فإن سعيد وكرز علمان لشخص واحد فلهذا قدّروا مضافا غير سعيد وهو صفته فالتقدير هذا سعيد مسمي كرز أي موسوم بكرز.

(٧) بقوله «ولا يضاف اسم لما به اتحد» ...

(٨) أي : بأن لا يضاف أحدهما إلى الآخر ويكون الثاني معربا بإعراب الأول بدلا أو عطف بيان.

(٩) بيان للمانع يعني بناء على الإضافة أنما تصح إذا لم يمنع مانع منها كما إذا دخل أل على الأول فلا يجوز الإضافة.

(١٠) أي : يكون الثاني الذي ردف الأول تابعا للأول في إعرابه على أن يكون الثاني بدلا أو عطف بيان.

٥٥

التّبعيّة] إلى الرّفع والنّصب بتقدير هو أو أعني ، إن كان (١) مجرورا وإلى النّصب إن كان مرفوعا وإلى الرّفع إن كان منصوبا كما ذكره في التّسهيل.

ومنه منقول كفضل وأسد

وذو ارتجال كسعاد وأدد

وجملة وما بمزج ركّبا

ذا إن بغير ويه تمّ أعربا

(ومنه) أي ومن العلم (منقول) إلى العلميّة بعد استعماله في غيرها من مصدر (٢) (كفضل و) اسم عين نحو (أسد) وصفة كحارث وفعل ماض كشمّر لفرس ومضارع كيزيد وأمر كأصمت لمكان.

(و) منه (ذو ارتجال) لم يسبق له استعمال في غير العلميّة أو سبق وجهل قولان (كسعاد وأدد).

ومنه ما ليس بمنقول ولا مرتجل. قال في الإرتشاف : وهو الّذي علميّتة بالغلبة (٣).

(و) منه (٤) (جملة) كانت في الأصل مبتدءا وخبرا أو فعلا وفاعلا فتحكى (٥) كـ «زيد منطلق» و «تأبّط شرّا».

(و) منه (ما بمزج (٦) ركّبا) بأن أخذ إسمان وجعلا إسما واحدا ونزّل ثانيهما من

__________________

(١) أي : الأول مجرور أو كذا قوله «مرفوعا ومنصوبا» فالمجرور نحو مررت بعبد الله كرزا أو كرز بالرفع والمرفوع نحو جائني عبد الله كرزا والمنصوب نحو رأيت عبد الله كرز بالرفع.

(٢) بيان لغيرها.

(٣) بأن يستعمل اسم في شيء كثيرا لا بعنوان العلمية بل بالإضافة أو الوصفية أو مصحوب أل ثم بكثرة الاستعمال يصير علما لذلك الشيء كمدينة الرسول والطيبة والعقبة كما يأتي في المعرف بأداة التعريف في قوله (وقد يكون علما بالغلبة).

(٤) أي : من العلم.

(٥) أي : تعرب أجزاء تلك الجملة في حال العلمية إعرابها قبل العلمية لا تتغير بالعلمية.

(٦) أي : بغير إضافة ولا تبعية بل بطريق الامتزاج والاختلاط كأنها كلمة واحدة.

٥٦

الأوّل بمنزلة تاء التأنيث من الكلمة (١) (ذا) أي المركّب تركيب مزج (إن بغير) لفظ (ويه تمّ) كبعلبك (أعربا) إعراب ما لا ينصرف وقد يضاف (٢) وقد يبنى كخمسة عشر (٣) فإن ختم بويه بني لأنّه مركّب من إسم وصوت مشبه للحرف في الإهمال (٤) وبناؤه على الكسر على أصل التقاء السّاكنين وقد يعرب إعراب ما لا ينصرف (٥).

وشاع في الأعلام ذو الإضافة

كعبد شمس وأبي قحافة

(وشاع في الأعلام) المركّبة (ذو الإضافة كعبد شمس) وهو علم لأخي هاشم بن عبد مناف (وأبي قحافة) وهو علم لوالد أبي بكر ، قيل وإنّما أتي بمثالين ـ وإن كان المثال لا يسأل عنه (٦) كما قال السّيرافيّ ليعرّفك أنّ الجزء الأوّل يكون كنية وغيرها ومعربا بالحركات والحروف وأنّ الثاني يكون منصرفا وغيره.

ووضعوا لبعض الأجناس علم

كعلم الأشخاص لفظا وهو عم

(ووضعوا لبعض الأجناس) لا لكلّها (علم) بالوقف على السّكون على لغة

__________________

(١) أي : بمنزلة جزئها.

(٢) أي : الجزء الأول إلى الجزء الثاني نحو هذه بعلبك برفع بعل وجرّ بك.

(٣) بفتح خمسة وعشر فتحة بناء في جميع الحالات.

(٤) أي : كالحروف المهملة التي لا عاملة ولا معمولة مثل الحروف المقطّعة.

(٥) للعلمية والتركيب.

(٦) أي : لا يقال : لم مثلت بمثالين وأيّ فائدة في التكرار؟ بل المثال حرّ للممثل ولكنا نحمله على وجود فائدة فيه فنقول : أن التكرار لبيان أن الجزء الأول في الأعلام الإضافية قد يكون كنية كأبي وقد يكون غير كنية كعبد وايضا قد يكون الجزء الأول معربا بالحركات كعبد وقد يكون معربا بالحروف كأبى ، وأن الجزء الثاني قد يكون منصرفا كشمس وقد يكون غير منصرف كقحافة.

وفيه ان الكنية أبو قحافة مركبة لا الجزء الأول فقط كما قال.

٥٧

ربيعة (١) (كعلم الأشخاص لفظا) (٢) فيأتي منه الحال (٣) ويمتنع من الصّرف (٤) مع سبب آخر ، ومن دخول (٥) الألف والّلام عليه ونعته (٦) بالنّكرة ويبتدأ به (وهو عمّ) معنى (٧) مدلوله شائع كمدلول النّكرة لا يخصّ واحدا بعينه ، ولذالك (٨) قال في شرح التّسهيل : إنّه كاسم الجنس.

من ذاك أمّ عريط للعقرب

وهكذا ثعالة للثّعلب

ومثله برّة للمبرّة

كذا فجار علم للفجرة

(من ذاك) أعلام وضعت للأعيان نحو (أمّ عريط) فإنّه علم (للعقرب) أي لجنسها (٩) (وهكذا ثعالة) فإنّه علم (للثّعلب) أي لجنسه (ومثله) أي مثل علم الجنس الموضوع للأعيان علم جنس موضوع للمعاني نحو (برّة) علم (للمبرّه) (١٠) وسبحان علم للتّسبيح و (كذا فجار) بالبناء على الكسر كحذام علم للفجرة (١١) بسكون الجيم ويسار للميسرة (١٢).

__________________

(١) فأنهم يسكنون المنصوب المنون عند الوقف وغيرهم يلحقون فى آخره ألفا عنده فيقال علما.

(٢) يعامل مع لفظه معاملة العلمية.

(٣) للزوم أن يكون ذو الحال معرفة.

(٤) لكون العلمية أحد الأسباب التسعة فإذا اجتمع مع سبب آخر منع من الصرف.

(٥) أي : ويمتنع من دخول أل عليه لعدم جواز دخوله على المعرفة إن كأنت مؤثرة.

(٦) أي : ويمتنع نعته بالنكرة لكونه علما ومعرفة.

(٧) أي : إنه علم لفظا وأما معني فهو عام شامل للأفراد مثل النكرات بخلاف علم الشخص الذي مدلوله خاص لواحد بعينه.

(٨) أي : لكون مدلولها ع أما قال المصنف أنه كأسم الجنس مثل الرجل والشجر.

(٩) أي : لجميع العقارب لا لعقرب خاص.

(١٠) أي : للاحسان.

(١١) أي : الفجور والفسق.

(١٢) هي اللعب بالقمار لا خلاف الميمنة لأنها اسم عين لا معني والكلام في المعني.

٥٨

الثالث من المعارف اسم الإشارة

وأخّره في التّسهيل من الموصول وضعا (١) مع تصريحه ، بأنّه قبله رتبة ، وحدّه (٢) كما قال فيه : ما دلّ على مسمّى وإشارة إليه.

بذا لمفرد مذكّر أشر

بذي وذه تي تا على الأنثي اقتصر

(بذا لمفرد مذكّر) عاقل أو غيره (أشر بذي وذه) بسكون الهاء وذه بالكسر وذهي بالياء و (تي) و (تا) وته كذه (على الأنثى اقتصر) فأشربها (٣) إليها دون غيرها.

وذان تان للمثنّي المرتفع

وفي سواه ذين تين اذكر تطع

(وذان) تثنية ذا بحذف الألف الأولى (٤) لسكونها وسكون ألف التّثنية يشاربها

__________________

(١) أي : في ترتيب أبواب الكتاب.

(٢) أي : تعريفه كما قال المصنف في التسهيل اللفظ الدال على معني مع الإشارة إليه فمدلوله مركب من نفس المعني والإشارة إليه منضمّا.

ولو قال ما دل على شيء والإشارة إليه لكان أحسن إذ على تعريفه لا يتحقق المسمي قبل الإشارة ليشار إليه فإن الإشارة إذا المسمي فافهم.

(٣) أي بهذه الأربعة الأخيرة إلى الأنثي دون غيرها.

(٤) التي هي جزء الكلمة فألف ذان ألف التثنية لا ألف ذا وحذفت لالتقاء الساكنين بين الألفين ولا يمكن حذف العلامة.

٥٩

للمثنّى المذكّر المرتفع و (تان) تثنية تا بحذف الألف لما تقدّم (١) يشاربها (للمثنّى) المؤنّث (المرتفع). وإنّما لم يثنّ من ألفاظ الأنثى إلّا تا (٢) حذرا من الالتباس (وفي سواه) إي سوى المرتفع وهو المنتصب والمنخفض (ذين) للمذكّر و (تين) للمؤنّث (اذكر تطع) النّحاة.

وبأولي أشر لجمع مطلقا

والمدّ اولي ولدي البعد انطقا

بالكاف حرفا دون لام أو معه

والّلام ان قدّمت ها ممتنعه

(وبأولى أشر لجمع مطلقا) سواء كان مذكّرا أم مؤنّثا عاقلا أم غيره والقصر فيه لغة تميم (والمدّ) لغة الحجاز ، وهو (أولى) من القصر ، وحينئذ (٣) يبنى على الكسر لالتقاء السّاكنين (٤).

(ولدى) الإشارة إلى ذي (البعد) زمانا أو مكانا أو ما نزّل منزلته (٥) لتعظيم (٦) أو لتحقير (٧) (انطقا) مع اسم الإشارة (بالكاف) حال كونه (حرفا) (٨) لمجرّد الخطاب (دون لام أو معه) فقل ذاك أو ذلك واختار ابن الحاجب أنّ ذاك ونحوه (٩) للمتوسّط

__________________

(١) أي لإلتقاء الساكنين.

(٢) أي : لم يثن وذه وتي وذّه وذهي وته لأن لا يلتبس تثنية ما أوله الذال بذان تثنية المذكر وما أوله التاء ، بتان تثنية المؤنّث.

(٣) أي : على قرائة المد.

(٤) الألف والهمزة على القاعدة المتبعة في التقاء الساكنين وهي التحريك بالكسر.

(٥) منزلة البعد الزماني والمكاني.

(٦) مثل أن تشير إلى معلمك وهو جالس عندك بالإشارة البعيدة فنقول : ذاك تأدبا لأنك تفرضه عند نفسك عاليا وتفرض نفسك دانيا فكانك بعيد عنه.

(٧) مثل أن تشير إلى شخص حاضر وتريد تحقيره وتفهم أنه لدنو رتبته بعيد عنك.

(٨) يعني أن هذه غير كاف الضمير الذي هو اسم.

(٩) أي : ما كان مع الكاف دون اللام نحو تاك.

٦٠