كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

ولا يدخل حمل الدابة ولا ثمرة النخل والشجر في الرهن ، نعم لو تجدد بعد الارتهان دخل.

وفائدة الرهن للراهن.

______________________________________________________

والعمل على الأول ، لقوله تعالى : فرهان مقبوضة (١) ولما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام لا رهن إلا مقبوض (٢).

وأيضا الإجماع منعقد على لزومه مع القبض ، ولا دليل مع عدم القبض فيلزم المصير إلى اشتراطه عملا بالإجماع.

( إن قيل ) : دلالة الآية على محل النزاع من حيث دليل الخطاب ، وهو متروك عند محققي أهل الأصول.

( قلنا ) : فإنا ما استدللنا بالآية إلا على ثبوت الحكم في الماهية المقيدة بتلك الصفة ، وإنما دليل الخطاب أن يستدل على انتفاء الحكم عن الصورة المسلوبة عنها تلك الصفة ، وما استندنا إلى الآية (٣) على الانتفاء بل إلى عدم الدليل على ثبوت الحكم في غير تلك الصورة ، فاعتبر بالنظر الصائب ، فإن فيها غموضا ، وقد اشتبه على المتأخرين الخائضين في أصول الفقه الغايصين ( الغامضين خ ) في فروعه.

« قال دام ظله » : ولا يدخل حمل الدابة ، ولا ثمرة النخل والشجر في الرهن ، نعم لو تجدد بعد الارتهان دخل.

أقول : اختلفت عبارة الأصحاب في هذه المسألة ، قال المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية : لا يدخل الحمل والثمر في الرهن لو كان موجودا قبل الارتهان ولو تجدد بعد الارتهان دخل ، قال : وكذا حكم الأرض إذا رهنت وهي مزروعة ، فلا يدخل

__________________

(١) البقرة ـ ٢٨٣.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من كتاب الرهن وفيه ( مقبوضا ).

(٣) في بعض النسخ : ( في الانتفاء إلى الآية ).

٥٤١

............................................................................

______________________________________________________

الزرع في الرهن.

وقال المتأخر : ليس مراد الشيخ أن يدخل الزرع في الرهن لو حصل بعد الارتهان كما في الحمل والثمر ، بل إن الزرع لا يدخل في الرهن على حال ، وإنما هو لصاحب البذر.

وقال أبو الصلاح : ويدخل نبات الأرض أيضا ( وقال ) ابن الجنيد : والنتاج واللبن والصوف للمالك ، وهو ممنوع منه إلى أن يخرج من الرهن ، وهذه الأقوال قريبة.

وادعى المتأخر على تفصيل النهاية والمقنعة ، الإجماع.

وهو ممنوع فكيف والخلاف موجود ، فإن الشيخ في الخلاف والمبسوط ، أطلق أنه لا يدخل ، واختاره شيخنا في نكت النهاية ، بخلاف ما اختاره في كتابيه النافع والشرايع ، نظرا إلى ما رواه إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) أنه سئل عن رجل ارتهن دارا غلة ، لمن الغلة؟ قال : لصاحب الدار (١).

وإلى ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في كل رهن له غلة : أن غلته تحسب لصاحب الرهن مما عليه (٢).

والمختار عندي تفصيل النهاية فإن الرواية تفيد أن النماء ملك له ، وليس فيه خلاف ، وإنما البحث أنه يدخل في الرهن أم لا.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من كتاب الرهن. هكذا في الوسائل ولكن في النسخ كلها هكذا : عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل رهن رهنا له غلة أن غلته الخ.

٥٤٢

ولو رهن رهنين بدينين ثم أدى عن أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر.

ولو كان له دينان ، وكان بأحدهما رهن لم يجز إمساكه بهما.

ولا يدخل زرع الأرض في الرهن سابقا كان أو متجددا.

( الثاني ) في الحق : ويشترط ثبوته في الذمة مالا كان أو منفعة ، ولو رهن مال ثم استدان آخر فجعله عليهما صح.

( الثالث ) في الراهن : ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرف والاختيار ، وللولي أن يرهن لمصلحة المولى عليه.

وليس للراهن التصرف في الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وطئ ، لأنه تعريض للإبطال.

وفيه رواية بالجواز مهجورة ، ولو باعه الراهن وقف على إجازة المرتهن.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وليس للراهن التصرف في الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وطئ ، لأنه تعريض للإبطال ، وفيه رواية بالجواز مهجورة.

هذه رواية رواها ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، والكليني في كتابه ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في رجل رهن جاريته قوما أيحل له أن يطأها؟ قال : فقال : إن الذين ارتهنوها ، يحولون بينه وبينها ، قلت : أرأيت إن قدر عليها خاليا؟ قال : نعم ما ( لا خ ) أرى به بأسا (١).

قال الشيخ : روى هذه ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من كتاب الرهن.

٥٤٣

وفي وقوف العتق على إجازة المرتهن تردد ، الأشبه الجواز.

( الرابع ) في المرتهن : ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرف ، ويجوز اشتراط الوكالة في الرهن ، ولو عزل لم ينعزل ، وتبطل الوكالة بموت الموكل دون الرهانة.

ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن ، والمرتهن أحق من غيره باستيفاء دينه من الرهن ، سواء كان الراهن حيا أو ميتا.

وفي الميت رواية أخرى.

ولو قصر الرهن عن الدين ، ضرب مع الغرماء بالفاضل.

والرهن أمانة في يد المرتهن ، ولا يسقط بتلفه شئ من ماله ما لم يتلف بتعد أو تفريط ، وليس له التصرف فيه ، ولو تصرف ( فيه خ ) من غير إذن ضمن العين والأجرة.

______________________________________________________

وسندها صحيح ، إلا أن العمل منعقد على خلافها.

« قال دام ظله » : وفي وقوف العتق على إجازة المرتهن تردد ، الأشبه الجواز.

أقول : منشأ التردد ، النظر إلى قول الشيخ ، قال في النهاية : فإن أمضى المرتهن عتق الراهن كان جائزا ، وأطلق في المبسوط ، المنع.

ووجه الأشبهية ، أن المانع من العتق تعلق حق المرتهن به فإذا أسقط حقه ، ارتفع المانع.

« قال دام ظله » : وفي الميت رواية أخرى.

أقول : هذه إشارة إلى ما رواه ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن محمد بن عيسى ، ( عن عبيد بن سليمان خ ل ) عن سليمان بن حفص المروزي ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، في رجل مات وعليه دين ولم يخلف شيئا إلا رهنا في يد بعضهم ولا ( فلا ـ ئل ) يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أيأخذه بماله ، أو هو وساير

٥٤٤

ولو كان الرهن دابة قام بمؤونتها وتقاصا.

وفي رواية : الظهر يركب والدر يشرب ، وعلى الذي يركب و يشرب النفقة.

وللمرتهن استيفاء دينه من الرهن إن خاف جحود الوارث ، ولو اعترف بالرهن وادعى الدين ولا بينة فالقول قول الوارث ، وله إحلافه إن ادعى عليه العلم.

ولو باع الرهن وقف على الإجازة ، ولو كان وكيلا فباع بعد الحلول صح ، ولو أذن الراهن في البيع قبل الحلول لم يستوف دينه حتى يحل.

ويلحق به مسائل النزاع :

وهي أربع :

______________________________________________________

الديان فيه شركاء؟ فكتب عليه‌السلام : جميع الديان في ذلك سواء يتوزعونه بينهم بالحصص (١).

وروى الشيخ في التهذيب بهذا السند ، وبسند آخر فيه أبو عمران الأرمني ، عن عبد الله بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

والسندان ضعيفان ، فإن الأرمني ضعفه النجاشي وابن الغضائري ، ومحمد بن عيسى واقفي.

وادعى المتأخر ، الإجماع على ترجيح المرتهن على الغرماء.

« قال دام ظله » : ولو كان الرهن دابة قام بمؤونتها وتقاصا ، وفي رواية ، الظهر يركب والدر يشرب وعلى الذي يركب ويشرب ، النفقة.

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من كتاب الرهن.

٥٤٥

( الأولى ) يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه.

______________________________________________________

أقول : المراد بالمقاصة تقاص ( أن يقاص خ ) المرتهن ما أنفق عليها بالأجرة المضمونة عليه ، حيث تصرف فيها من غير إذن الراهن ، فلا يتحقق المقاصة ، إلا بهذا التأويل ، والمسألة التي قبل هذه تتضمن ثبوت الأجرة.

وأما الرواية التي رواها عبد الله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركبه نفقته ، والدر يشرب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يشرب نفقته (١).

وفي رواية أبي ولاد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قال : إن كان يعلفه فله أن يركبه ، وإن كأن الذي رهنه عنده يعلفه ، فليس له أن يركبه (٢) وعليها فتوى الشيخ في النهاية.

ومنع المتأخر الركوب تمسكا بأن المرتهن ممنوع من التصرف.

وفي إطلاق قوله (٣) ( قام بمؤونتها وتقاصا ) تردد منشؤه أنه إن تبرع بالنفقة ، فهل يجوز الرجوع؟ قال المتأخر : لا يجوز ، فعلى هذا القول لا يصح الإطلاق ، ولا إشكال في الرجوع مع إذن صاحبها أو شرط الرجوع.

« قال دام ظله » : يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه ، وقيل : أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف.

القول الأول للشيخين في النهاية والمقنعة وسلار في الرسالة ، واختار في المبسوط ، أعلى القيم ، وحكى شيخنا في الشرايع قولا بإلزام قيمته يوم القبض ،

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من كتاب الرهن ، وصدره : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الرجل يأخذ الدابة والبعير رهنا بماله أله أن يركبه؟ قال : فقال : إن كان الخ.

(٣) يعني قول المصنف رحمه‌الله تعالى.

٥٤٦

وقيل : أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف ، ولو اختلفا ، فالقول قول الراهن.

وقيل : القول قول المرتهن ، وهو أشبه.

( الثانية ) لو اختلفا فيما على الرهن فالقول قول الراهن.

وفي رواية : القول قول المرتهن ما لم يدع زيادة عن قيمة الرهن.

______________________________________________________

والأول أشبه ، لأن الثابت قي الذمة هو العين ما دامت باقية ، فإذا تلفت ، يضمن قيمته ، لأنه يوم ثبوت القيمة.

وتحقيق المسألة أنه إن ( إذا خ ) تلفت بتفريط المرتهن أو تعديه وهو مثلي يضمن مثله ، وإن لم يكن مثليا يضمن قيمته.

فأما لو اختلفا في القيمة ، قال الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار في الرسالة ، وأبو الصلاح ، أن القول قول الراهن.

وقال في المبسوط والمتأخر وشيخنا أن القول قول المرتهن ، وهو أشبه والمختار.

( لنا ) التمسك بقوله عليه‌السلام : البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر (١) ، والمدعي في صورة النزاع هو الراهن ، والمنكر هو المرتهن ، فيكون القول قوله مع يمينه ، فيؤخذ منه القدر (٣) المقر به ، ويحلف على الباقي ، وادعى المتأخر على هذا ، الإجماع وهو مشكل ، مع تحقق الخلاف.

« قال دام ظله » : لو اختلفا فيما على الرهن ، فالقول قول الراهن ، وفي رواية : القول قول المرتهن ما لم يدع زيادة عن قيمة الرهن.

أقول : معنى هذا الكلام : إذا اختلفا في مقدار ما على الرهن يعني الدين فالقول الأول هو المعول عليه ( المعمول خ ) المطابق للأصل المسلم وبه عدة

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ ذيل حديث ٣ من أبواب كيفية الحكم وراجع باب ٣ منها أيضا.

(٢) القدر محركة القضاء والحكم ومبلغ الشئ ويضم كالمقدار والطاقة كالقدر فيهما ( القاموس ).

٥٤٧

( الثالثة ) لو قال القابض : هو رهن ، وقال المالك : هو وديعة ، فالقول قول المالك مع يمينه.

وفيه رواية أخرى متروكة.

( الرابعة ) لو اختلفا في التفريط فالقول قول المرتهن مع يمينه.

______________________________________________________

روايات (١) نستغني عن ذكرها بالأصل وعمل الأصحاب ، وأما الرواية المشار إليها في المتن فهي عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن ، فقال الراهن : هو بكذا وكذا ، وقال المرتهن : هو بأكثر ، قال علي عليه‌السلام يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه (٢).

والنوفلي ضعيف ، والسكوني عامي ، فالرواية متروكة ، وحملها الشيخ في الاستبصار على الاستحباب ، لأن الراهن ائتمنه ومعناها : يصدق المرتهن ، في قوله : ما لم يدع قدرا يساويه الرهن في القيمة ، وعبارة الشيخ في النهاية ، ما لم يستغرق الرهن ثمنه بفتح ( الرهن ) ويكتب برفعه أيضا فاعل ( يستغرق ) وهو ظاهر.

وأما النصب على أنه يكون مفعول ( يستغرق ) وفاعله ضمير يرجع إلى القول و ( ثمنه ) بدل ( الرهن ) وتقدير ما لم يستغرق قوله ثمن الرهن.

« قال دام ظله » : لو قال القابض : هو رهن ، وقال المالك : هو وديعة ، فالقول قول المالك مع يمينه ، وفيه رواية أخرى متروكة.

أقول : القول الأول انعقد عليه العمل ، وهو مقتضى الأصل.

وأما الرواية فهي إشارة إلى ما رواه الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٧ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ٤ من كتاب الرهن هكذا في الوسائل ولكن في جميع النسخ : هو بكذا بدل قوله : هو بأكثر.

٥٤٨

............................................................................

______________________________________________________

عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) أن القول قول الذي يقول : هو أنه رهن إلا أن يأتي الذي ادعاه أنه أودعه بشهود (١).

وإلى ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قال : على صاحب الوديعة بينة فإن لم يكن له بينة حلف صاحب الرهن (٢).

وهما ضعيفتا السند ، فإن عباد بن صهيب عامي المذهب ، وأبان ضعيف ، وسماعة واقفي ، على أنهما معارضتان ( تعارضتا خ ) بالأصل ، وعمل الأصحاب.

وبرواية الحسين بن سعيد ، عن صفوان وفضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ( في حديث ) ، قال في رجل رهن عند صاحبه رهنا ، فقال الذي عنده الرهن : ارتهنته عندي بكذا وكذا وقال الآخر : إنما هو عندك وديعة ، فقال : البينة على الذي عنده الرهن أنه ( يكون خ ) بكذا وكذا ، فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين (٣).

وجمع الشيخ في الاستبصار بين هذه الروايات ، فحمل الأوليين على ظاهرهما ، وحمل الأخيرة على أن دعوى المرتهن ، في مقدار ما على الرهن.

فهذا ما قاله رحمه‌الله على وجه الجمع ، لا على وجه الفتوى ، بل فتواه على ما اخترناه أولا.

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من كتاب الرهن ، وصدره ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن متاع في يدي رجلين أحدهما يقول : استودعتكه ( استودعكاه فيه ) والآخر يقول : هو رهن؟ قال : فقال : القول الخ.

(٢) الوسائل باب ١٦ قطعة من حديث ٢ من كتاب الرهن ، ولاحظ صدره في صدر حديث ٢ من باب ١٧ وقطعة منه في صدر حديث ٢ من باب ١٦ منه.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من كتاب الرهن.

٥٤٩

............................................................................

______________________________________________________

والوجه أن الطعن في الروايات المتروكة اسلم من تكلف التأويلات.

والمتأخر قد اطال لسان الشنعة في هذا الموضع على الشيخ رحمه الله ، ولو انصف لأمسك ، فان الشيخ اعظم قدرا وارفغ منزلة ( شانا خ ) من ان يخفى عليه مثل ما ظهر لهذا المتأخر لكن ديانته منعته من الاقدام على الطعن في الروايات ، وصنف الاستبصار في الجمع بين المختلفات فان وافق الحق فهو المبتغى ، وان خالف فما عليه الا بذل الوسع.

وليت شعرى من الذى لم يختلف قوله ، ولا خبط في تصنيفه ، وقال الله تعالى : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (١) وتمثلت للمتأخر بقول النبي صلى الله عليه وآله : يبصر احدكم القذى (٢) في عين اخيه ويدع الخدع (٣) في عينه (٤).

__________________

(١) النساء ـ ٨٢.

(٢) القذى ـ ما يقع في العين ( القاموس ).

(٣) في القاموس : خدعت عينه غارت ( انتهى ) وكأن معناه أنه يرى في عين الغير الشئ اليسير الذي وقع فيها ولا يرى عين نفسه أنها غارت ، وهذا من أعظم العيوب ، وفي بعض النسخ : الجذع وعليه فالمعنى واضح.

(٤) لم نعثر إلى الآن على موضعه فتتبع.

٥٥٠

كتاب الحجر

٥٥١

كتاب الحجر

المحجور : هو الممنوع من التصرف في ماله ، وأسباب الحجر ستة ، الصغر ، والجنون ، والرق ، والمرض ، والفلس ، والسفه.

ولا يزول حجر الصغير إلا بوصفين :

( الأول ) البلوغ : وهو يعلم بإنبات الشعر على العانة ، أو خروج المني الذي منه الولد من الموضع المعتاد ، ويشترك في هذين الذكور والإناث ـ أو السن ـ وهو بلوغ خمس عشرة سنة.

وفي رواية ، من ثلاث عشرة إلى أربع عشرة.

وفي رواية أخرى ببلوغ عشر وفي الأنثى ببلوغ تسع.

( الثاني ) الرشد : وهو أن يكون مصلحا لماله.

وفي اعتبار العدالة تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اعتبار العدالة تردد.

أقول : عد الصغر من أسباب الحجر ، ويزول بالبلوغ ، وهو عندنا ( إما خ ) إنبات شعر العانة ، والاحتلام ، أو السن ، وفي كميته خلاف ( اختلاف ح ) والعمل على أنه خمس عشر سنة ، ولعل ما وردت بدون ذلك من الروايات (١) محمولة على ما إذا

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب مقدمات العبادات.

٥٥٢

ومع عدم الوصفين أو أحدهما يستمر الحجر ولو طعن في السن ، ويعلم رشد الصبي باختياره بما يلائمه من التصرفات ، ويثبت بشهادة رجلين في الرجال ، وبشهادة الرجال أو النساء في النساء.

والسفيه هو الذي يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة ، فلو باع والحال هذه لم يمض بيعه.

وكذا لو وهب أو أقر بمال ، ويصح طلاقه وظهاره وإقراره بما لا يوجب مالا.

والمملوك ممنوع من التصرفات إلا بإذن المولى.

والمريض ممنوع من الوصية بما زاد على ( عن خ ) الثلث.

وكذا في التبرعات المنجزة على الخلاف.

______________________________________________________

احتلم ، أو أنبت في تلك السنة ، فإنا نشاهد من احتلم في اثني عشرة ، وثلاث عشر سنة وسنذكرها في كتاب الوصية.

ويزول بالرشد أيضا ، وهو أن يكون مصلحا للمال.

واعتبر الشيخ العدالة مخالفا لأبي حنيفة ، مستدلا بقوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا (١) قال في الخلاف والمبسوط : وحد الرشد في الآية أن يكون مصلحا لماله ودينه ( عدلا في دينه خ ).

وروى ابن عباس ، هو أن يكون ذا وقار وعلم ( حلم خ ل ) وعقل (٢).

واقتصر بعض المفسرين على إصلاح المال ، فمنشأ تردد شيخنا من اختلاف تفسيره « قال دام ظله » : وكذا في التبرعات المنجزة على الخلاف.

__________________

(١) النساء ـ ٦.

(٢) الخلاف للشيخ مسألة ٣ من كتاب الحجر.

٥٥٣

والأب والجد للأب وليان على الصغير والمجنون ، فإن فقدا فالوصي ، فإن فقد فالحاكم.

______________________________________________________

معناه كما منع المريض في الوصية من الزيادة على الثلث ، فكذا منع في المنجزات (١) مع خلاف الأصحاب ، فذهب بعض إلى أنه من الثلث ، وبه يقول شيخنا ، وبعض إلى أنه من الأصل ، وتحقيق ذلك يتم في كتاب الوصية.

__________________

(١) أي من زيادتها على الثلث.

٥٥٤

كتاب الضَمان

٥٥٥

كتاب الضمان

وهو عقد شرع للتعهد بنفس أو مال.

وأقسامه ثلاثة :

( الأول ) ضمان المال : ويشترط في الضامن التكليف ، وجواز التصرف.

ولا بد من رضا المضمون له ولا عبرة بالمضمون عنه ، ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح.

وينقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ويبرأ المضمون عنه.

ويشترط فيه الملاءة أو علم المضمون له بإعساره ، ولو بان إعساره كان المضمون له مخيرا ، والضمان المؤجل جائز.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا بد من رضا المضمون له ، ولا عبرة بالمضمون عنه ، ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح.

أقول : الضامن هو الكفيل بالمال ، والمضمون له صاحب المال ، والمضمون عنه من عليه المال ( الدين خ ).

وإذا تقرر هذا ، فهل يعتبر رضا ( المضمون له خ ) والمضمون عنه جزم الشيخ في

٥٥٦

وفي المعجل قولان : أصحهما الجواز.

ويرجع الضامن على المضمون عنه إن ضمن بسؤاله ، ولا يؤدي أكثر مما دفع ، ولو وهبه المضمون له أو أبرأه لم يرجع بشئ على المضمون عنه ولو كان بإذنه ، وإن تبرع الضامن بالضمان فلا رجوع.

______________________________________________________

الخلاف والمبسوط ، بأن المضمون عنه لا يعتبر رضاه ، تمسكا بضمان علي عليه‌السلام (١) وقتادة (٢) عن ميت بمحضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يعتبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله رضا المضمون عنه.

وتردد في الكتابين في المضمون له ، نظرا إلى أنه إثبات مال في الذمة بعقد ، فلا يصح إلا برضاه ، وإلى ضمان علي عليه‌السلام وقتادة ، فإن الرسول صلى الله عليه وآله لم يعتبر رضاه (٣).

ثم قال في الخلاف : وهذا أليق بالمذهب ، والأول قياس.

وفي النهاية والمقنعة للمفيد أن المضمون عنه لو علم فأنكر لم يصح الضمان ، فيظهر ( فظهر خ ) من هذا اعتبار رضاه.

والأشبه أنه لا يعتبر ، أما ( أولا ) فلما ذكرنا و ( ثانيا ) لأن بالضمان ينتقل المال من ذمته إلى ذمة الضامن ، فإعادته إلى ذمة المضمون عنه يحتاج إلى دليل.

« قال دام ظله » : وفي المعجل قولان أصحهما الجواز.

أقول : ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة إلى أنه لا بد أن يكون مؤجلا.

وذهب المتأخر إلى جواز المعجل ، وحكى ذلك عن الشيخ في المبسوط ، وحكاية قوله في المبسوط ، أنه إذا أطلق الضمان ، فله المطالبة أي وقت شاء فكأنه

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٢ من كتاب الضمان.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من كتاب الضمان ـ وفيه أبو قتادة.

(٣) تقدم آنفا ذكر موضعهما.

٥٥٧

ولو ضمن ما عليه صح وإن لم يعلم كميته على الأظهر ، ويثبت عليه ما يقوم به البينة ، لا ما يثبت في دفتر وحساب ، ولا ما يقر به المضمون عنه.

______________________________________________________

( كأنه خ ) إشارة إلى الجواز.

والقول بالجواز أشبه لعدم مانع عقلي ونقلي يتعلق به غرض صحيح.

« قال دام ظله » : ولو ضمن ما عليه صح ، وإن لم يعلم كميته ، على الأظهر.

أقول : اختلف قول الشيخ في هذه المسألة فذهب في النهاية إلى الجواز ، وهو مذهب المفيد وسلار وأبي الصلاح ، وقال في الخلاف والمبسوط : لا يصح ، لأن ذلك غرر ( غرور خ ) وجهالة ، ثم قال في المبسوط : روى الأصحاب جواز ذلك ، ولست أعرف به نصا.

وجمع صاحب الرايع (١) ، فقال : يحمل القول الأول ، على ما إذا كان المبلغ معلوما والخلاف وقع في قليل ، والثاني يحمل على أن لا يدري المبلغ أصلا.

( قلت ) : فعلى كلا التقديرين ، الغرر ثابت ، ولست أعرف من أين نشأ هذا التأويل ، مع اتفاق الأصحاب ، على أن ( فرض خ ) المسألة واحدة.

وقال المتأخر : أورده الشيخ إيرادا لا اعتقادا.

قلت : وهب (٢) أنه وقف على اعتقادات الشيخ بالهام علام الغيوب ، فأي شئ ( فأيش خ ) يقول في باقي المشايخ؟ ونعوذ بالله أن يعتقد في هؤلاء المشايخ أن يوردوا في تصانيفهم خلاف معتقدهم ، إذ يكون تضليلا للطلاب.

والوجه أن الأشبه ما ذكره في الخلاف والمبسوط ، والأظهر بين الطائفة ما ذكره في النهاية ، فلو علمنا به يكون اتباعا لقولهم ولقول الصادق عليه‌السلام : خذ ما

__________________

(١) هو القطب الراوندي قده.

(٢) يعني سلمنا أن المتأخر اطلع على اعتقادات الشيخ الخ.

٥٥٨

( القسم الثاني ) الحوالة : وهي مشروعة لتحويل المال عن ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله ، ويشترط رضاء الثلاثة.

وربما اقتصر بعض على رضا المحيل والمحتال ، ولا يجب قبول الحوالة ولو كان على ملئ ، نعم لو قبل لزمت ، ولا يرجع المحتال على المحيل ولو افتقر المحال عليه.

ويشترط ملاءته وقت الحوالة أو علم المحتال بإعساره ، ولو بان فقره رجع ويبرأ المحيل وإن لم يبرءه المحتال.

وفي رواية ، إن لم يبرءه فله الرجوع.

( القسم الثالث ) الكفالة : وهي التعهد بالنفس ، ويعتبر رضا الكافل والمكفول له دون المكفول عنه.

______________________________________________________

اشتهر بين الأصحاب (١).

القسم الثاني في الحوالة

« قال دام ظله » : وربما اقتصر بعض الأصحاب ، على رضا المحيل والمحتال.

أقول : هذا إشارة إلى أبي الصلاح ، فأما باقي الأصحاب فشرطوا ( صرحوا خ ) رضا الثلاثة ، المحيل ، والمحتال ، والمحال عليه ، فالمحيل هو الذي عليه الحق ، والمحتال هو الذي له الحق ، والمحال عليه هو الذي عليه حق المحيل.

« قال دام ظله » : وفي رواية ، إن لم يبرءه فله الرجوع.

هذه رواها الشيخ ، عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب آداب القاضي ـ نقل بالمعنى وفي بعض نسخ الكتاب ولقولهم عليهم‌السلام بصيغة الجمع وعليه النقل إلى المعنى مقطوع.

٥٥٩

وفي اشتراط الأجل قولان ، وإن اشترط أجلا فلا بد من كونه معلوما ، وإذا دفع الكافل الغريم فقد برئ ، وإن امتنع كان للمكفول له حبسه حتى يحضر الغريم أو ما عليه.

______________________________________________________

ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام ، في الرجل يحيل الرجل بمال كان له على رجل آخر ، فيقول له الذي احتال : برئت مما لي عليك ، فقال : إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه وإن ( فإن خ ) لم يبرءه ، فله أن يرجع على الذي أحاله (١).

وهي حسنة الطريق ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية وأبي الصلاح في الكافي.

وذهب في الخلاف والمتأخر في كتابه ، إلى أنه لا يجوز الرجوع ، وهو أشبه ، لأن بالحوالة ينتقل المال من ذمة المحيل إلى ( ذمة خ ) المحال عليه ، فبعد الانتقال لا يحتاج إلى الإبراء.

الكفالة

« قال دام ظله » : وفي اشتراط الأجل قولان.

قال الشيخان في النهاية والمقنعة : يشترط الأجل ، وتبعهما أبو الصلاح وسلار وصاحب الواسطة (٢).

وقال في المبسوط : تصح حالة ومؤجلة ، واختاره المتأخر ، وشيخنا في الشرايع ، والأول أشبه.

( لنا ) أن الكفالة لا بد لها من فائدة ، فلو شرعت حالة لكانت خالية من فائدة ، إذ للمكفول له أن يطلب المكفول من الكافل وقت وقوع الكفالة من غير تربص ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١١ حديث ٢ من كتاب الضمان.

(٢) يعني علي بن أبي حمزة الطوسي صاحب الوسيلة أيضا.

٥٦٠