كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

............................................................................

______________________________________________________

فائدة ( نكتة خ )

إذا وجب في المال رأسان أو أزيد ، هل هو مخرج من الكل أم لكل نصاب رأس؟ الذي يظهر من الروايات هو الأول ، وقال شيخنا دام ظله : الثاني أقوى ، وثمرة الخلاف تظهر إذا تلف من النصب شئ بعد الحلول ، بغير تفريط ، فعلى الأول ينقص من الواجب في النصب ، بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف وإلا ( ولا يسقط خ ) سقط ذلك النصاب.

ثانية (١)

إذا بلغ الغنم ثلاثمائة وواحدة ، فيها أربع شياه ، وإذا بلغ أربعمائة ، ففيها أيضا أربع ، بسقوط الاعتبار ، فهل يظهر فائدة؟ قال شيخنا : نعم ، في الوجوب والضمان ، بناء على القول بأن لكل نصاب رأسا برأسه.

وبيانه أنه لو تلف من ثلاثمائة وتسعة ( وتسع خ ) وتسعين ، ثمان وتسعون ، يخرج أربع من ثلاثمائة وواحدة ، لتعلق الوجوب بها ، ولو تلف من أربعمائة يخرج من الباقي بنسبته ، فيكون ثلاث شياه وجزءين من مائة جزء شاة ولو تلف من ثلاثمائة وواحدة ، واحدة ، يضمن ثلاثا وواحدا إلا جزء من مائة مجموع شاة.

ولو تلف من أربعمائة ، مائة ، وواحدة ، يكون ضامنا لشاتين وتسعة وتسعين جزء من مائة مجموع شاة ، هذه فائدة الوجوب والضمان.

والنكتة مبنية على مذهب الشيخ ، ويجئ على مذهب المفيد أيضا ، حذو النعل بالنعل ، وهي وإن كانت قليلة الجدوى ، لكن لما أشار إليها شيخنا في الشرايع ، أردنا بيانها ، على ما اخترناه ، ولا فائدة فيها.

__________________

(١) يعني فائدة ثانية.

٢٤١

( الرابعة ) لا يجمع بين متفرق في الملك ، ولا يفرق بين مجتمع فيه ولا اعتبار بالخلطة.

القول في زكاة الذهب والفضة

ويشترط في الوجوب النصاب ، والحول ، وكونهما منقوشين بسكة المعاملة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لا يجمع بين متفرق في الملك ، ولا يفرق بين مجتمع فيه.

هذا كلام مروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) إلا قوله ( في الملك ) فإنه من كلام الأصحاب ، ومستند الأقدام (٢) وجود الإذن من عترته عليهم‌السلام ، فهو منوي (٣) في كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ملفوظ به في كلام الأئمة عليهم‌السلام ومخالفونا يقدرون ( في المكان ).

ولنا أن نقول اضمار ( المكان ) على خلاف الأصل ، فلا يرجع إليه إلا بدليل ، فتقديره غير جائز مع عدمه.

( لا يقال ) : نقلب المسألة عليكم ( في الملك ) ( لأنا نقول ) : ما استندناه في الفتوى بذلك إلى مجرد ذلك الخبر ، بل معنا أخبار واردة عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام (٤) بما قلناه ، فيكون عملا بالخبرين.

نزلنا عن هذا ، فنقول : لا بد في الخبر من إضمار ، وإضمارنا أولى ، فيلزم المصير إليه.

__________________

(١) راجع سنن أبي داود ج ٢ ( باب في زكاة السائمة ).

(٢) يعني أقدام الأصحاب على زيادة لفظة ( في الملك ).

(٣) في نسختين من الأصل ( مروي ) بدل ( منوي ) والظاهر ما أثبتناه فإنه في مقابل قوله قده : ( ملفوظ به ) في كلام الأئمة عليهم‌السلام.

(٤) يعني أن مخالفينا يقدرون لفظة ( في المكان ) في الحديث النبوي صلى‌الله‌عليه‌وآله في مقابل ما ورد عن العترة عليهم‌السلام من تقدير ( في الملك ).

٢٤٢

وفي قدر النصاب الأول من الذهب روايتان ، أشهرهما عشرون

______________________________________________________

( أمّا الاوّل ) (١) فلاقتضاء لفئ الاجتماع ( والثاني ) (٢) لسبق الفهم اليه اذ قد يقال : اجتمع لفلان مال ، وان افترق مكانه ولا يعكس (٣) ( والثالث ) (٤) لوجوب تقديم الراجح على المرجوح.

ومعناه اذا افترقت الأنعام الزكاتيّة في الملك بحيث لا يملك مالك نصاباً ، بل الكل مجتمعة في المرعى ، فلا تجمع وتعد لإخراج الزكاة.

بل تجمع وتعد للإخراج ، لو كانت مجتمعة في ملك واحد ، وإن افترقت في المرعى والمبيت.

مثال الأول ، أربعين ( أربعون خ ) شاة في مرعى ومبيت ، وراع واحد ، اشترك فيها اثنان أو أكثر ، فلا يخرج منها شئ.

مثال الثاني ، مائة وعشرون يملكها واحد ، وهي في ثلاثة مواضع ، أي في كل موضع أربعون ، فليس فيها إلا واحد.

والمخالف يعكس الحكم في الموضعين اعتبارا للخلطة ، وهي عندنا غير معتبرة في العين كانت كاجتماع الشركاء عليها أو في الصفة (٥) لكونها في مرعى ومبيت واحد ، مع وحدة الراعي في الأموال الزكاتية كلها ، بل يعتبر التفرد بالملكية ، مع بلوغ النصاب.

« قال دام ظله » : وفي قدر النصاب الأول من الذهب روايتان ، أشهرهما عشرون دينارا.

__________________

(١) وهو لزوم الإضمار.

(٢) وهو أولوية الإضمار.

(٣) يعني لا يقال : افترق لفلان مال وإن اجتمع مكانه.

(٤) وهو وجوب المصير إليه.

(٥) عطف على قوله قده : في العين.

٢٤٣

دينارا ، ففيها عشرة قراريط ، ثم كلما زاد أربعة ففيها قيراطان ، وليس فيما نقص عن أربعة زكاة ، ونصاب الفضة الأول مائتا درهم ففيها خمسة دراهم ، ثم كلما زاد أربعون ففيها درهم ، وليس فيما نقص عن أربعين زكاة.

______________________________________________________

قال الثلاثة ، ومحمد بن علي بن بابويه ، في من لا يحضره الفقيه ، وأتباعهم : بالعشرين ، وبه تشهد عدة روايات.

( منها ) ما روى ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ، ففيه نصف دينار ، وليس فيما دون العشرين شئ ( الحديث ) (١) وكذا رواه علي بن عقبة وعدة من أصحابنا عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما‌السلام (٢) ومثله عن ابن العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣).

وما أعرف مخالفا ، سوى ابن بابويه ، علي في رسالته ، وابنه محمد في المقنع ، ذهبا إلى أنه ليس على الذهب شئ حتى يبلغ أربعين مثقالا وربما يكون المستند ما رواه حريز بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم ، وأبي بصير وبريد العجلي والفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، في الذهب في كل أربعين مثقالا ، مثقال ( إلى أن قال ) وليس في أقل من أربعين مثقالا شئ (٤).

وفي طريقها ، علي بن الحسن بن فضال ، وهو فطحي ، فلا تعارض روايتنا ، خصوصا إذا انضم إليها عمل أكثر الأصحاب.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٥ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٨ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ١٣ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

٢٤٤

والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثماني ( ثمان خ ) حبات من أوسط حبات من الشعير فيكون قدر العشرة سبعة مثاقيل.

ولا زكاة في السبائك ، ولا في الحلي ، وزكاته اعارته.

وإن قصد بالسبك الفرار قبل الحول لم تجب الزكاة ، ولو كان بعد الحول لم تسقط.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثماني حبات من أوسط حب ( حبات من خ ) الشعير فيكون قدر العشرة سبعة مثاقيل.

إعلم أن الدرهم ، في قديم الزمان كان ستة دوانيق ، كل دانق قيراطان ، وزن الفضة ، كل قيراط أربع حبات ، كل حبة ستة أسباع حبة من حبات الشبه (١) المستعملة الآن ، فالدرهم ثمانية وأربعون حبة ، والدانق ثمان منها ، لأنه سدس الدرهم ، وكان الدرهم في ذلك الزمان بوزن الذهب أربعة عشر قيراطا ، فيكون وزن عشرة دراهم ، سبعة مثاقيل ، والزكاة إنما تجب في الدرهم ، إذا كانت بهذا الوزن.

فأما في زماننا هذا ، الدرهم أربعة دوانيق ، كل دانق ثلاثة قراريط ( وحبة خ ) ، وكل قيراط ثلاث حبات ، فيكون الدانق عشر حبات من حبات الشعير والتفاوت بين الوصفين ، هو بثلث السبع.

« قال دام ظله » : وإن ( لو خ ) قصد بالسبك الفرار قبل الحول ، لم تجب الزكاة.

هذا مذهب الشيخ في النهاية ، والاستبصار ، والمرتضى في الناصريات ، واختاره المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، وذهب ابنا بابويه في الرسالة والمقنع ، والشيخ في المبسوط ، إلى الوجوب ، والأول أشبه ، وهو المختار ( لنا ) الأصل واتفاق الأصحاب على أن السبائك والحلي ، لا زكاة فيها.

__________________

(١) الشبه محركة ، النحاس الأصغر ويكسر ، ج ، أشباه ، وكسحاب ، حب كالخزف ، ويضم ( القاموس ).

٢٤٥

ومن خلف لعياله نفقة قدر النصاب فزائد المدة وحال عليها الحول ، وجبت عليه زكاتها لو كان شاهدا ، ولم تجب لو كان غائبا.

______________________________________________________

فإن استدل بما رواه حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، على الحلي ، فيه زكاة؟ فقال : لا إلا ما فر به من الزكاة (١).

وبما رواه محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يجعل لأهله الحلي ، من مائة دينار ، والمائتي دينار ، وأراني قد قلت له ثلاثمائة ( دينار خ ) فعليه الزكاة؟ قال : ليس فيه زكاة ، قال : قلت له ، فإن فر به من الزكاة؟ قال : إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة ، وإن كان إنما فعله ليتجمل به ، فليس عليه زكاة (٢).

نحملها على الاستحباب ، عملا بالدليلين ، أو نقول مع تعارض الدليلين ، فالترجيح لدليلنا ، يقويه الأصل ( تقوية للأصل خ ) ، وهو براءة الذمة.

على أن بما قلنا ، يشهد ما رواه حماد ، عن حريز ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : إن أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة ، وإنه جعل ذلك المال حليا ، أراد أن يفر به من الزكاة ، أعليه الزكاة ( زكاة خ )؟ قال : ليس على الحلي زكاة ، وما أدخل على نفسه من النقصان ، في وضعه ومنعه نفسه ، فضله أكثر مما يخاف من الزكاة (٣).

« قال دام ظله » : ومن خلف لعياله نفقة ، قدر النصاب ، إلى آخره.

هذه المسألة ، عليها فتوى الشيخ وأتباعه ، وما أعرف فيها مخالفا ، سوى المتأخر ،

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٧ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٢) أورد صدره في الوسائل باب ٩ حديث ٦ وذيله باب ١١ حديث ٦ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٤ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

٢٤٦

ولا يجبر جنس بالجنس الآخر.

القول في زكاة الغلات

لا تجب الزكاة في شئ من الغلات الأربع حتى تبلغ نصابا ، وهو خمسة أوسق ، وكل وسق ستون صاعا ، يكون بالرطل بالعراقي ألفين وسبعمائة رطل ، ولا تقدير فيما زاد ، بل تجب فيه وإن قل.

______________________________________________________

ذهب إلى أن حكمه حكم المال الغايب ، تجب الزكاة مع القدرة عليه ، وتسقط مع عدمها.

ومستند الشيخ رواية (١) وتبعه شيخنا دام ظله للرواية ، نظرا إلى أنه لما أخرج المال ، لنفقة العيال ، وهو غايب ، فقد خرج عن ملكه ، فيسقط زكاته.

ولقائل يقول : لا نسلم أن بالإخراج يخرج عن ملكه ، وظاهر أنه لا يخرج ، وذلك أن النفقة ، تجب يوما فيوما ، فإخراجها منه هو أداء شئ قبل وقت الوجوب ، وهو غير معتبر به شرعا ، فلا يسقط به النفقة ، وإذا كان كذلك يكون باقيا على ملكه ، لأنه لا مالك غيره.

ولي في الجزم بأحد القولين توقف.

« قال دام ظله » : ولا يجبر جنس بالجنس الآخر.

معناه ، إذا اجتمع جنسان ، وكل واحد ناقص عن النصاب ، فلا يتم ( فلا يتمم خ ) جنس بالآخر ، فيخرج عنه الزكاة ، وهو المتفق عليه ، وبه روايات ، فليطلب في مظانها (٢).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١١ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٥ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

٢٤٧

وتتعلق به الزكاة عند تسميته حنطة أو شعيرا أو زبيبا أو تمرا.

وقيل : إذا احمر ثمر النخل أو اصفر أو انعقد الحصرم.

ووقت الإخراج إذا صفت الغلة وجمعت الثمرة ، ولا تجب في الغلات إلا إذا نمت في الملك ، لا ما يبتاع حبا أو يستوهب.

وما يسقى سيحا أو عذبا أو بعلا ففيه العشر ، وما يسقى بالنواضح والدوالي ففيه نصف العشر ، ولو اجتمع الأمران حكم للأغلب ، ولو تساويا أخذ من نصفه العشر ، ومن نصفه نصف العشر ، والزكاة بعد المؤونة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وتتعلق به الزكاة ، عند تسميته حنطة أو شعير أو زبيباً او تمراً ، وقيل : اذا احمر ثمر النخل ، او اصفرّ ، او انعقد الحصرم.

اختلفت عبارة الاصحاب واقوالهم ، في الوقت الذي تتعلق به الزكاة ، قال في النهاية : ووقتها بعد الحصاد والجذاذ والصرام ، وكأنه يريد وقت الاخراج ، لا وقت التعلق.

وقال في المبسوط : وفي الحبوب ، اذا اشتدت ، وفي الثمار ، اذا بدا صلاحها.

وقال المتأخر : عند اشتداد الحب واحمرار البسر ، وانعقاد الحصرم.

والأشبه ، ما اختاره شيخنا دام ظله ، للاتفاق على أن الزكاة انما تجب في الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، فقبل حصول هذا التسمية لا تجب ( الزكاة خ ) فيها ، لعدم الدليل ، والأصل براءة الذمة.

لكن العمل على مذهب الشيخ في المبسوط ، لدلالة الإخبار عليه ، وثمرة الخلاف تظهر ، إذا ابتيع قبل الحصاد والجذاذ والصرام.

« قال دام ظله » : وما يسقى سيحا أو عذبا أو بعلا الخ.

أقول : السيح ، ما سقي بالماء الجاري على وجه الأرض ، والعذب ، ما سقته السماء ، والبعل ما شرب بعروقه.

٢٤٨

القول فيما تستحب فيه :

يشترط في مال التجارة الحول ، وأن يطلب برأس المال أو بالزيادة في الحول كله ، وأن يكون قيمته نصابا فصاعدا ، فتخرج الزكاة حينئذ عن قيمته دراهم أو دنانير. ويشترط في الخيل حول ( حؤول خ ) الحول والسوم ، وكونها إناثا ، فيخرج عن العتيق ديناران ، وعن البرذون دينار ، وما يخرج من الأرض مما يستحب فيه الزكاة حكمه حكم الأجناس الأربعة في اعتبار السقي وقدر النصب وكمية الواجب.

الركن الثالث في وقت الوجوب :

إذا أهل الثاني عشر وجبت الزكاة ، ويعتبر شرائط الوجوب فيه كله.

وعند الوجوب يتعين دفع الواجب ، ولا يجوز تأخيره إلا لعذر ، كانتظار المستحق وشبهه.

وقيل : إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين.

والأشبه : إن جواز التأخير مشروط بالعذر ، فلا يتقدر بغير زواله ، ولو أخر مع إمكان التسليم ضمن.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وقيل : إذا عزلها جاز تأخيرها ، شهرا أو شهرين ، والأشبه أن جواز التأخير ، مشروط بالعذر ، فلا يتقدر بغير زواله.

القائل بجواز التأخير ، هو المفيد في المقنعة ، والشيخ في المبسوط ، وبه روايتان ، إحديهما ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين (١).

__________________

(١) الوسائل باب ٤٩ حديث ١١ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٤٩

............................................................................

______________________________________________________

والأخرى ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أول السنة ، فقال : إن كان محتاجا فلا بأس (١).

وعنه عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل تحل عليه الزكاة ، في شهر رمضان ، فيؤخرها إلى المحرم ، قال : لا بأس ، قال : قلت : فإنها لا تحل عليه إلا في المحرم ، فيعجلها في شهر رمضان ، قال : لا بأس (٢).

وذهب ابنا بابويه والشيخ في النهاية وأتباعه ، إلى أنه لا يجوز ، وهو الأشبه ، وعليه المتأخر.

لنا أن ( مطلق خ ) الأمر يقتضي عدم التأخير ، واستدل بعض بأن الزكاة مقرونة بالصلاة ، والصلاة لا يجوز تأخيرها. فكذا الزكاة ، وفيه ضعف.

فأما الروايات ، فقد حملها الشيخ في النهاية ، على جواز التأخير ، انتظارا للمستحق ، وهو حسن ، إلا أن هذا التقدير (٣) ، لا يجوز تقييده بشهر أو شهرين (٤) بل يكون غير مقيد ، لجواز إلا يرتفع العذر في هذه المدة ، فيجوز التأخير بعدها لوجود العذر.

فالأشبه ما قاله دام ظله من أن التأخير لا يجوز إلا لعذر ، فلا يقدر بشئ ، غير زوال العذر ، يعني يتقدر بزوال العذر لا غير.

ولقائل أن يقول : إن سلمتم الروايتين ( الروايات ) ، فالواجب إجراؤهما

__________________

(١) الوسائل باب ٤٩ حديث ١٠ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٤٩ حديث ٩ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) في نسخة : إلا أن على هذا التأويل لا يجوز الخ.

(٤) في بعض النسخ هكذا : لأن سبب التأخير إذا كان انتظار المستحق فيكون عدمه عذرا في جواز التأخير فتقييد التأخير بشهر أو شهرين غير مقيد لجواز أن لا يرتفع الخ.

٢٥٠

ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين.

ويجوز دفعها إلى المستحق قرضا واحتساب ذلك عليه من الزكاة أن تحقق الوجوب ، وبقي القابض على صفة الاستحقاق.

ولو تغير حال المستحق استأنف المالك الإخراج ، ولو عدم المستحق في بلده نقلها ولم يضمن لو تلفت ، ويضمن لو نقلها مع وجوده ، والنية معتبرة في إخراجها وعزلها.

الركن الرابع في المستحق :

والنظر في الأصناف والأوصاف واللواحق.

______________________________________________________

( إجراؤها خ ) على الظاهر ، ولا نسلم أن وجه جواز التأخير ، هو الانتظار ، لجواز أن يكون الرخصة ، كما ذكره المفيد (١) وإن دفعناه ، فمع عدم المستحق التأخير ضروري غير منازع فيه.

« قال دام ظله » : ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين.

روى حماد عن حريز ، عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يكون عنده المال ، أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ فقال : لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل عليه ، أنه ليس لأحد أن يصلي صلاة ، إلا لوقتها ، وكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان ، إلا في شهره إلا قضاء ، وكل فريضة إنما تؤدى إذا حلت (٢).

ومثله في رواية حريز ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أيزكي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال : لا أيصلي الأولى قبل الزوال (٣).

__________________

(١) من كونه مقيدا بشهر أو شهرين ، وإن دفعناه بقولنا : إلا أن هذا التقدير لا يجوز الخ.

(٢) الوسائل باب ٥١ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٥١ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٥١

أما الأصناف فثمانية :

الفقراء ، والمساكين وقد اختلف في أيهما أسوء حالا ولا ثمرة مهمة في تحقيقه.

______________________________________________________

فأما ما قدمناه من الروايتين ( الروايات خ ) ، وما رواه أبو سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعجل زكاته قبل المحل ، فقال : إذا مضت ثمانية ( خمسة ئل ) أشهر فلا بأس (١).

فحمله الشيخان وابنا بابويه ، على جواز التقديم على وجه القرض ، بمعنى أنه لو حال الحول ، وهما (٢) باقيان على تلك الصفة ، احتسب من الزكاة ، وإن تغيرا أو أحدهما ، يعيد المعطى الزكاة.

وقال سلار : وقد رسم جواز التقديم عند حضور المستحق.

واعتبر شيخنا دام ظله ، الروايات ، وعدل عن التأويل (٣).

على أنه لا ينازع في جواز احتساب القرض من الزكاة ، بل المشاحة في أنه تسمى زكاة معجلة أو قرضا محضا ، ويتفرع عليه مسائل تذكر في موضع آخر.

وإنما قال : ( الأشهر أنه لا يجوز ) لأن رواية أبي سعيد مرسلة (٤) وهو ضعيف ، وكذا رواية معاوية بن عمار (٥) ورواية حماد بن عثمان (٦) أحد رجالهما مجهول.

« قال دام ظله » : أما الأصناف ، فثمانية ، الفقراء ، والمساكين ، وقد اختلف في أيهما أسوء حالا ، ولا ثمرة مهمة في تحقيقه.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٩ حديث ١٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) يعني المالك والفقير.

(٣) أي التأويل الذي نقلناه عن الشيخين من قولنا : فحمله الشيخان وابنا بابويه الخ.

(٤) فإن صدر سندها هكذا : سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسن ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي سعيد المكاري الخ.

(٥) و (٦) سند الأولى كما في التهذيب هكذا : محمد بن علي بن محبوب ، عن يعقوب بن يزيد ، عن

٢٥٢

والضابط ، من لا يملك مؤونة سنة له ولعياله ، ولا يمنع لو ملك الدار والخادم ، وكذا من في يده ما يتعيش به ويعجز عن استنماء الكفاية ولو كان سبعمائة درهم.

ويمنع من يستنمي الكفاية ولو ملك خمسين درهما ، وكذا يمنع ذو الصنعة إذا نهضت بحاجته.

ولو دفعها المالك بعد الاجتهاد فبان الأخذ غير مستحق ارتجعت ، فإن تعذر فلا ضمان على الدافع.

والعاملون ، وهم جباة الصدقة.

والمؤلفة ، وهم الذين يستمالون إلى الجهاد بالإسهام في الصدقة وإن كان كفارا.

وفي الرقاب ، وهم المكاتبون والعبيد الذين تحت الشدة ومن وجب عليه كفارة ولم يجد ما يعتق ، ولو لم يوجد مستحق جاز ابتياع العبد ويعتق.

والغارمون ، وهم المدينون في غير معصية دون من صرفه في المعصية.

______________________________________________________

أقول : اختلف أهل التفسير والفقهاء وأهل اللغة ، في الفقير والمسكين ، أيهما أسوء حالا؟ ويعرف ذلك من مواضعه.

فأما الشيخ فقد ذهب في الجمل والمبسوط والخلاف ( إلى ظ ) أن المسكين هو الذي له بلغة من العيش ، والفقير هو الذي لا شئ له ، وقال في النهاية : بعكس ذلك.

__________________

ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار. وسند الثانية هكذا : سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسن ، عن جعفر بن محمد ، عن يونس ، عن حماد بن عثمان. راجع الوسائل باب ٤٩ حديث ٩ ـ ١١ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٥٣

ولو جهل الأمران قيل : يمنع ، وقيل : لا ، وهو أشبه.

ويجوز مقاصة المستحق بدين في ذمته ، وكذا لو كان الدين على من يجب الانفاق عليه جاز القضاء عنه حيا وميتا.

وفي سبيل الله ، وهو كل ما كان قربة أو مصلحة ، كالجهاد والحج ، وبناء القناطر.

وقيل : يختص بالجهاد.

______________________________________________________

وجمع بينهما الفاضل الراوندي ، بأن كل واحد منهما إذا ذكر مفردا ، يدخل تحته الآخر ، ويريد أنه يستعمل في المعنيين.

وقال سلار : الفقير أعم من المسكين ، لأن الفقير هو المحتاج الذي لا يسأل ، والمسكين ، هو المحتاج السائل.

وإذا تقرر هذا ، فالحق أنه لا فائدة هنا في تحقيقهما ، لأن الشرط فيهما أن لا يملكا مؤونة السنة ، فالمعتبر عدم المؤونة ، الذي هو القدر المشترك ، ولهذا الاعتبار عدهما بعض صنفا.

« قال دام ظله » : ولو جهل الأمران ، قيل : يمنع ، وقيل لا ، وهو أشبه.

القول الأول للشيخ في النهاية ، والقول الثاني يدل عليه إطلاق الجواز في المبسوط ، وقد صرح بذلك المتأخر ، فقال في باب قضاء الدين (١) : ومتى لم يعلم في ماذا أنفقه يقضي من سهم الغارمين.

وهو قوي تنزيلا لفعل المسلم ، على المشروع والصحة.

« قال دام ظله » : وقيل يختص بالجهاد.

__________________

(١) ولكن عبارة السرائر ( في باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت ) هكذا : ومتى كان المدين معسرا لم يجز لصاحب الدين مطالبته والالحاح عليه بل ينبغي له أن يرفق به ويجب عليه أن ينظره إلى أن يوسع الله عليه أو يبلغ خبره إلى الإمام عليه‌السلام فيقضي دينه عنه من سهم الغارمين إذا كأن قد استدانه وأنفقه في طاعة أو مباح وكذلك إذا لم يعلم في أي شئ أنفقه ( انتهى ).

٢٥٤

وابن السبيل ، وهو المنقطع به ، وإن ( لو خ ) كان غنيا في بلده ، والضيف ، ولو كان سفرهما معصية منعا.

وأما الأوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين فأربعة : ( الأول ) الإيمان : فلا يعطى منها ( منهم خ ل ) كافر ولا مسلم غير محق.

وفي صرفها إلى المستضعف مع عدم العارف تردد ، أشبهه المنع ، وكذا في الفطرة.

ويعطي الأطفال ( أطفال خ ) المؤمنين (١) ، ولو أعطى مخالف فريضة ثم استبصر ، أعاد.

______________________________________________________

القائل بهذا هو الشيخان في المقنعة وفي النهاية وسلار.

وقال في الخلاف والمبسوط والمصباح : يدخل فيه معونة الحاج والزوار ، وقضاء الدين عن الحي والميت ، وجميع سبل الخير ، وهو التمسك بظاهر معنى اللفظ عاما.

وقال أبو الصلاح : هو معونة المجاهدين بالخيل والسلاح والزاد مما ( وما خ ) يحتاجون إليه.

والأظهر اختيار الخلاف والمبسوط ، وعليه المتأخر وشيخنا دام ظله.

في أوصاف المستحقين

« قال دام ظله » : وفي صرفها إلى المستضعف ، مع عدم العارف تردد ، أشبهه المنع ، وكذا في الفطرة.

أقول : وردت رواية في جواز صرف الفطرة ، إلى غير أهل الحق ، ممن لا يعرف

__________________

(١) ويجوز أن يعطي أطفال المؤمنين ـ خ.

٢٥٥

( الثاني ) العدالة وقد اعتبرها قوم ، وهو أحوط ، واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.

( الثالث ) أن لا يكون ممن تجب نفقته كالأبوين وإن علوا ، والأولاد وإن سفلوا ، والزوجة ، والمملوك ، ويعطي باقي الأقارب.

______________________________________________________

بنصب (١) ، وهي ما رواها حماد ، عن حريز ، عن الفضيل ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام ، قال : كان جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله ( وسلم ) يعطي فطرته الضعفاء ( الضعفة خ ) ومن لا يجد ، ومن لا يتولى ، قال : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : هي لأهلها ، إلا أن لا تجدهم ، فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب ، ولا تنقل من أرض إلى أرض ، وقال : الإمام ، عليه‌السلام ، ( اعلم خ ) يضعه حيث يشاء ويصنع فيها ما رأى (٢).

وأفتى عليها الشيخ في النهاية ، وقال : يجوز مع التقية.

والرواية ضعيفة ، في طريقها ابن فضال ، فلا عمل عليها.

والذي يعتمد عليه ، أن يعتبر الإيمان ، وهو مذهب الشيخ في الجمل ، واختاره المتأخر ، وشيخنا دام ظله ، ومنشأ تردده النظر إلى الرواية وفتوى الشيخ.

فأما زكاة الأموال ، فلا وجه للتردد (٣) للاتفاق على اعتبار الإيمان فيها.

« قال دام ظله » : العدالة ، وقد اعتبرها قوم ، وهو أحوط ، واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.

اعتبر الشيخ وأتباعه العدالة ، والمفيد والمرتضى ، اقتصرا على الإيمان ، وكذا

__________________

(١) في بعض النسخ : ممن لا ينصب.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) فكأنه اعتراض على المصنف ره بأن الرواية موردها الفطرة فللتردد فيها وجه ، وأما زكاة المال فلا وجه للتردد فيها لعدم الجواز بلا خلاف.

٢٥٦

( الرابع ) أن لا يكون هاشميا ، فإن زكاة غير قبيلته محرمة عليه دون زكاة الهاشمي ، ولو قصر الخمس عن كفايته جاز أن يقبل الزكاة ولو من غير الهاشمي ، وقيل : لا يتجاوز قدر الضرورة وتحل لمواليهم.

والمندوبة لا تحرم على هاشمي ولا غيره.

______________________________________________________

سلار ، وهو مذهب ابني بابويه ، ومتقدمي الأصحاب ، والأول أحوط في براءة ـ الذمة.

« قال دام ظله » : الرابع ، ألا يكون هاشميا ، إلى آخره.

أقول : لا خلاف في تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم ، مع تمكنهم من الأخماس ، إذا كانت من غير قبيلتهم ( قبيلهم خ ) وتحل لهم مع الاضطرار الشديد ، بقدر سد الرمق إجماعا.

وهل تحل مع عدم تمكنهم من الأخماس ، وعدم الاضطرار؟ الأشبه لا ، إلا مع الاضطرار ، وهو اختيار الشيخ في النهاية قال ، ومرخص لهم عند الاضطرار (١) ما يستغنون به على أحوالهم ، وكذا المفيد قيده بالاضطرار.

ويدل على ذلك ، ما رواه حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) أنه قال : لو كان العدل ، ما احتاج هاشمي ، ولا مطلبي إلى صدقة ، إن الله تعالى جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ، ثم قال : إن الرجل إذا لم يجد شيئا ، حلت له الميتة ، والصدقة لا تحل لأحد منهم ، إلا أن لا يجد شيئا ، ويكون ممن له الميتة (٢).

وعليها مذهب الشيخ في التهذيب والاستبصار.

ويؤيده ، أن نقول : الزكاة على بني هاشم حرام ، وكل حرام لا يجوز تناوله ، إلا

__________________

(١) في نسخة بقدر ما يستغنون ، وفي أخرى ، ( يتسعون ) بدل ( يستغنون ).

(٢) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٥٧

............................................................................

______________________________________________________

مع الضرورة بقدر سد الرمق.

أما الأول فلما رواه حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم وأبي بصير وزرارة ، عن أبي عبد الله عليهما‌السلام ، قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الصدقة أوساخ أيدي الناس ، وإن الله قد حرم علي منها ومن غيرها ما قد حرمه ، وإن الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب ، الحديث (١).

ولما رواه حماد ( أبان خ ) بن عثمان ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ قال : هي الزكاة ، قلت : ( أ خ ) فتحل صدقة بعضهم على بعض؟ قال : نعم (٢) ومثله عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣).

وأما الثاني ، فمتفق عليه ( فإن قيل ) : الروايات مخصوصة بمن لم يتمكن من الأخماس ( قلت ) : التخصيص خلاف الأصل ، وما وجد في بعض الكتب ، أو فتوى بعض ، لم ( لا خ ) يصلح أن يكون مخصصا.

واقتصر الشيخ في الجمل ، والمرتضى في الانتصار ، وسلار في الرسالة ، والمتأخر ، على عدم تمكنهم من الأخماس.

والذي أعتقده أن الاضطرار مراد من الكل.

وقد صرح الشيخ بذلك في الاستبصار ، حيث أول ما رواه أبو خديجة سالم بن مكرم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : أعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة ، ومتنه هكذا : قال سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم ، فقال : هي الزكاة المفروضة ، ولم يحرم علينا صدقة بعضنا على بعض.

٢٥٨

والذين تحرم عليهم الواجبة ولد عبد المطلب.

وأما اللواحق فمسائل :

( الأولى ) يجب دفع الزكاة إلى الإمام إذا طلبها ، ويقبل قول المالك لو ادعى الإخراج ، ولو بادر المالك بإخراجها أجزأته.

ويستحب دفعها إلى الإمام ابتداء ، ومع فقده إلى الفقيه المأمون من الإمامية لأنه أبصر بمواقعها.

( الثانية ) يجوز أن يخص بالزكاة أحد الأصناف ولو واحدا ، وقسمتها على الأصناف أفضل.

وإذا قبضها الإمام أو الفقيه برءت ذمة المالك ولو تلفت.

______________________________________________________

فإنها تحل لهم وإنما تحرم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى الإمام الذي بعده ، وعلى الأئمة عليهم‌السلام (١).

قال : (٢) لو سلم هذا الخبر ، يكون مخصوصا بحال الضرورة والزمان الذي لا يتمكنون فيه من الخمس ، فحينئذ يجوز لهم أخذ الزكاة ، بمنزلة الميتة التي تحل عند الضرورة ، وكذا يظهر من كلام المتأخر ما قدرنا ، والله أعلم.

« قال دام ظله » : والذين تحرم عليهم الواجبة ، ولد عبد المطلب.

هذا اختيار الشيخ في الخلاف ، والمفيد في الرسالة الغرية ، وبه روايات منها ما رواه ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا تحل الصدقة لولد العباس ، ولا لنظرائهم من بني هاشم (٣) واختاره المتأخر وشيخنا دام ظله.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) يعني الشيخ في الاستبصار.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٥٩

( الثالثة ) لو لم يجد مستحقا استحب عزلها والايصاء بها.

( الرابعة ) لو مات العبد المبتاع بمال الزكاة ولا وارث له ورثه أرباب الزكاة ، وفيه وجه آخر ، وهذا أجود.

______________________________________________________

وولد عبد المطلب ، عبد الله ، وأبو طالب ، والعباس ، والحرث ، وأبو لهب ، فهؤلاء وأولادهم ، محرم عليهم الزكاة ، ويحل لهم الخمس ، وهم مستحقوه ( مستحقون له خ ) لا غير.

وقال في النهاية والمبسوط : هم الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وجعفر بن أبي طالب ، وعقيل ، وعباس ، وكذا ذكر المفيد في المقنعة ، والأول أظهر وأصح.

« قال دام ظله » : لو مات العبد المبتاع بمال الزكاة ( من مال الزكاة خ ) ولا وارث له ، ورثه أرباب الزكاة ، وفيه وجه آخر ، وهذا أجود.

مستند الأول ، ما رواه عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم ، فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه ، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف الدرهم التي خرجها من الزكاة ، فأعتقه ، هل يجوز ذلك؟ قال : نعم لا بأس بذلك ، قلت : فإنه لما أن أعتق وصار حرا أتجر واحترف ، فأصاب مالا كثيرا ، ثم مات ، وليس له وارث فمن يرثه ، إذا لم يكن له وارث؟ قال : يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة ، لأنه إنما اشترى بما لهم (١).

وعليها فتوى الشيخ في النهاية ، وفتوى أتباعه.

وفي الرواية ضعف في رجالها ، فإن من رجالها ، ابن فضال وابن بكير.

وما أعرف لها مخالفا سوى المتأخر ، فإنه خرج وجها ، أن يكون الميراث للإمام

__________________

(١) الوسائل باب ٤٣ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٦٠