كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

( الثاني ) شرائط القضاء : وهي ثلاثة : البلوغ ، وكمال العقل ، والإسلام فلا يقضي ما فاته لصغر أو جنون أو إغماء أو كفر ، والمرتد يقضي ما فاته ، وكذا كل تارك ، عدا الأربعة ، عامدا أو ناسيا.

وأما أحكامه ففيه مسائل :

( الأولى ) المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر ، وتصدق عن الماضي لكل يوم بمد.

ولو برء وكان في عزمه القضاء ومرض ولم يقض صام الحاضر ، وقضى الأول ولا كفارة ، ولو ترك القضاء تهاونا صام الحاضر وقضى الأول وكفر عن كل يوم بمد.

______________________________________________________

وحكمها دلالة التزامية.

« قال دام ظله » : المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر ، وتصدق عن الماضي لكل ( عن كل خ ) يوم بمد.

أقول : المريض لا يخلو إما أن يستمر المرض ، إلى رمضان آخر ، أو يبرئ ، فإن كان الأول : قال الشيخ وابنا بابويه : يسقط القضاء وعليه الكفارة ، وكم هي؟ قال الشيخ : مدان ، ومع التعذر مد ، ومع العجز عنه يسقط ولا قضاء ، وقال ابنا ( ابن خ ) بابويه : مد بغير التفصيل.

وذهب المتأخر إلى وجوب القضاء ، مستدلا بقوله تعالى : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (١).

وبما قاله الأولون روايات كثيرة يصلح أن يخصص بها عموم القرآن.

( فمنها ) ما رواه الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ،

__________________

(١) البقرة ـ ١٨٤.

٣٠١

............................................................................

______________________________________________________

عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في الرجل يمرض ، فيدركه شهر رمضان ، ويخرج عنه وهو مريض ، ولا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر ، قال : يتصدق عن الأول ، ويصوم الثاني ، فإن كان صح فيما بينهما ، ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر ، صامهما جميعا ، ويتصدق عن الأول (١) وروى مثل هذه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير.

( ومنها ) ما رواه الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان آخر ، ثم صح ، فإنما عليه لكل يوم أفطره ، فدية طعام ، وهو مد لكل مسكين ، قال : وكذلك أيضا في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدا مدا ، وإن صح فيما بين الرمضانين ، فإنما عليه أن يقضي الصيام ( الحديث ) (٢).

( ومنها ) ما رواه حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ( في حديث ) قال : قالا : فإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه ( شهر خ ) رمضان آخر ، صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل يوم مدا على مسكين ، وليس عليه قضاء (٣).

وإذا تقرر هذا ، فهل حكم ما زاد على رمضانين كذلك؟ قال : الشيخ : نعم ، وقال : ابنا بابويه : لا يسقط القضاء إلا في الأول.

( وأما الثاني ) وهو أن يبرأ المريض ، فينبغي أن لا يتهاون بالقضاء ، فإن توانى حتى لحقه رمضان آخر ، يقضي بعده ، وعليه الكفارة ، نعم لو كان عازما على القضاء ، فلا كفارة.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٦ من أبواب أحكام شهر رمضان

(٣) الوسائل باب ٢٥ قطعة من حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٣٠٢

( الثانية ) يقضي عن الميت أكبر ولده ما تركه من صيام لمرض وغيره مما تمكن من قضائه ولم يقضه ، ولو مات في مرضه لم يقض عنه وجوبا ، واستحب.

وروي القضاء عن المسافر ، ولو مات في ذلك السفر.

والأولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار ، ولو كان وليان قضيا بالحصص ، ولو تبرع بعض صح ، ويقضي عن المرأة ما تركته على تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : يقضي عن الميت أكبر ولده ، ما تركه من صيام ، لمرض وغيره ، مما تمكن من قضائه ولم يقضه.

إعلم أن من توفى ، وفاته صيام شهر رمضان ، لا يخلو حاله ( إما ) إن تمكن من القضاء ولم يفعل ( أو ) لم يتمكن ، فإن كان الأول ، يقضي عنه الولي أي أكبر أولاده الذكور وقال ابنا بابويه : فإن لم يكن الذكور ، فمن النساء.

والأول أظهر ، عملا برواية علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل أدركه شهر رمضان ، وهو مريض ، فتوفي قبل أن يبرأ؟ قال : ليس عليه شئ ، ولكن يقضي عن الذي يبرأ ، ثم يموت قبل أن يقضي (١).

وبه روايات أخر (٢) وعليها فتوى الشيخ وأتباعه في الجمل والمبسوط ، والمفيد في كتاب الأركان.

وفي رواية ظريف بن ناصح ، عن أبي مريم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ، ثم لم يزل مريضا حتى يموت ، فليس عليه شئ ( قضاء خ ل ) وإن صح ، ثم مرض ، ثم مات ، وكان له مال ، تصدق عنه مكان

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٣٠٣

............................................................................

______________________________________________________

كل يوم بمد فإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه (١) ، ومثله في رواية الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي مريم ، إلا أن فيها : فإن لم يكن له مال ، صام عنه وليه (٢). وفي الوشاء ضعف ، وعليها فتوى علم الهدى.

وفي النهاية : إن وجب عليه صيام شهرين متتابعين ، تصدق عنه عن شهر ، ويقضي عنه وليه شهرا.

وقال المتأخر هنا : إن الشهرين إن كانا نذرا وجب على الولي الإتيان بهما صوما لا غير ، وإن كانا لكفارة مخيرة ، فالولي مخير إن شاء صام ، وإن شاء تصدق من ماله قبل القسمة ، وهو أشبه.

وإن كان الثاني وهو إن لم يتمكن من القضاء لا يجب على الولي القضاء عنه ، لعدم استقراره في ذمة الميت إلا في السفر ، فإن الشيخ ذهب في التهذيب إلى وجوب القضاء على كل حال ، مستدلا بما روي ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت ، قال : يقضي عنه ( الحديث ) (٣) واختاره شيخنا دام ظله في الشرايع ، متمسكا بها.

والأشبه عدم الوجوب ، لسقوط الأداء ، وعدم تعلق القضاء ، وهو اختياره في النهاية وابني بابويه في المقنع والرسالة.

وإذا ثبت هذا فهل يقضي عن النساء كالرجال؟ قال الشيخ وأتباعه : نعم ، وقال المتأخر : لا نظرا إلى أن القضاء عن الغير خلاف مقتضى الأصل ، عمل به في الرجال ، للإجماع ، وفي غيرهم ( وغيرهم خ ) باق على أصله ( الأصل خ ).

ولشيخنا فيه تردد ، موجبه اعتبار فتوى الشيخ ، والنظر إلى أن العلة المقتضية

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ و ٨ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ و ٨ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٣٠٤

( الثالثة ) إذا كان الأكبر أنثى فلا قضاء ، وقيل : يتصدق من التركة عن كل يوم بمد ، ولو كان عليه شهران متتابعان جاز أن يقضي الولي شهرا ويتصدق عن شهر آخر.

( الرابعة ) قاضي رمضان مخير حتى تزول الشمس ثم يلزمه المضي ، فلو أفطر لغير عذر أطعم عشرة مساكين ولو عجز صام ثلاثة أيام.

( الخامسة ) من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر فالمروي قضاء

______________________________________________________

للقضاء قائمة في الفريقين.

وفي هذا نوع قياس ، واختيار المتأخر قوي ، والتردد ضعيف ، ونحن لو قلنا بمقالة الشيخ ، لاقتصرنا على السفر خاصة ، عملا بما رواه علي بن اسباط ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام ، في امرأة مرضت في شهر رمضان ، او طمثت او سافرت ، فماتت قبل ان يخرج رمضان ، هل يقضى عنها؟

قال : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم (١).

« قال دام ظله » : إذا كان الأكبر أنثى ، فلا قضاء ، وقيل : يتصدق من التركة؟ الخ.

القائل بهذا (٢) هو الشيخ في المبسوط ، ولست أتحقق من أين أخذه؟ ويخطر أنه تمسك برواية ظريف بن ناصح عن أبي مريم (٣) وقد مضت.

« قال دام ظله » : من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر ، فالمروي قضاء الصلاة والصوم ، والأشبه قضاء الصلاة حسب.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ١٦ من أبواب أحكام شهر رمضان ، ونحوها رواية ٤ من هذا الباب فلاحظ.

(٢) يعني القول بالتصدق.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٧ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٣٠٥

الصلاة والصوم ، والأشبه قضاء الصلاة حسب.

وأما بقية أقسام الصوم فسيأتي ذكرها في أماكنها إن شاء الله تعالى.

والندب من الصوم ، منه ما لا يختص وقتا ، فإن الصوم جنة من النار ، ومنه ما يختص وقتا ، والمؤكد منه أربعة عشرة ، صوم أول خميس من الشهر ، وأول أربعاء من العشر الثاني ، وآخر خميس من العشر الأخير ، ويجوز تأخيرها مع المشقة من الصيف إلى الشتاء ، ولو عجز تصدق عن كل يوم بمد ، وصوم أيام البيض ، ويوم الغدير ، ومولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومبعثه ، ودحو الأرض ، ويوم عرفة لمن لا يضعفه الدعاء مع تحقق الهلال ، وصوم ( يوم خ ) عاشوراء حزنا ، ويوم المباهلة ، وكل خميس وجمعة ، وأول ذي الحجة ، ورجب كله ، وشعبان كله.

ويستحب الإمساك في سبعة مواطن : المسافر إذا قدم بلده أو بلدا يعزم فيه الإقامة بعد الزوال أو قبله وقد تناول.

وكذا المريض إذا برء ، وتمسك الحائض والنفساء والكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار ولو لم يتناولوا.

ولا يصح صوم الضيف من غير إذن مضيفه ندبا ، ولا المرأة من غير إذن الزوج ، ولا الولد من غير إذن الوالد ، ولا المملوك بدون إذن مولاه.

ومن صام ندبا ودعي إلى طعام فالأفضل الإفطار.

والمحظور صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى.

______________________________________________________

هذه رواية رواها حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أجنب في شهر رمضان ، فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان؟ قال :

٣٠٦

وقيل : القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها ، وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق لرواية زرارة ، والمشهور عموم المنع.

وصوم آخر شعبان بنية الفرض.

ونذر المعصية ، والصمت.

______________________________________________________

عليه أن يقضي الصلاة والصيام (١).

وعليها فتوى الشيخ في المبسوط.

والوجه صحة الصوم ، لأن الطهارة ليست شرطا فيه ، بخلاف الصلاة.

« قال دام ظله » : وقيل : القاتل في أشهر الحرم ، يصوم شهرين منها ، وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق ، لرواية زرارة الخ.

هذه رواها سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن رجل قتل رجلا خطأ ، في الشهر الحرام ، قال : يغلظ عليه الدية ( العقوبة خ ل ) ، وعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، من أشهر الحرم ، قلت : فإنه يدخل في هذا شئ ، قال : ما هو؟ قلت : يوم العيد وأيام التشريق ، قال : يصومه ، فإنه حق لزمه ( يلزمه خ ) (٢).

واختارها في الاستبصار ، ذاهبا إلى أن التحريم ، إنما وقع على من صامها مبتدئا ، لا على من أوجب على نفسه صوم شهرين متتابعين فيدخل فيهما العيدان وغير ذلك ضمنا لأنه أوجب على نفسه ، وأفتى عليها الشيخ في المبسوط.

وفي سهل طعن ، والأظهر في فتاوى الأصحاب عموم المنع ، عملا بإطلاق روايات ( منها ) ما رواه الزهري ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ( في حديث

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ٣ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب بقية الصوم الواجب ، وأورد نحوه في باب ٣ حديث ٤ من أبواب ديات النفس من كتاب الديات.

٣٠٧

والوصال وهو أن يجعل عشاءه سحوره ، وصوم الواجب سفرا عدا ما استثني.

( الخامس ) في اللواحق ، وهي مسائل :

( الأولى ) المريض يلزمه الإفطار مع ظن الضرر ، ولو تكلفه لم يجزه.

( الثانية ) المسافر يلزمه الإفطار ، ولو صام عالما بوجوبه قضاه ، ولو كان جاهلا لم يقض.

( الثالثة ) الشروط المعتبرة في قصر الصلاة معتبرة في قصر الصوم.

ويشترط في قصر الصوم تبييت النية.

وقيل : الشرط خروجه قبل الزوال.

______________________________________________________

طويل ) قال : وأما الصوم الحرام ، فصيام يوم الفطر ، ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام التشريق (١).

وفي رواية معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصيام أيام التشريق؟ قال : أما بالأمصار ، فلا بأس به ، وأما بمنى فلا (٢).

« قال دام ظله » : والوصال ، وهو أن يجعل عشاءه سحوره.

أقول : فسر صوم الوصال بتفسيرين ، فسره المفيد في المقنعة ، والشيخ في كتاب الصوم من المبسوط والنهاية بما ذكره دام ظله.

وقال في كتاب النكاح من المبسوط : هو أن يصوم يومين ، من غير إفطار بينهما ليلا ، واختاره المتأخر.

« قال دام ظله » : ويشترط في قصر الصوم تبييت النية.

__________________

(١) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ١ من أبواب الصوم المحرم والمكروه.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب الصوم المحرم والمكروه.

٣٠٨

وقيل : يقصر ولو خرج قبل الغروب ، وعلى التقديرات لا يفطر إلا حيث يتوارى جدران البلد الذي يخرج ( خرج خ ل ) منه ، أو يخفى أذانه.

______________________________________________________

للأصحاب في المسألة أقوال ، قال الشيخ : التبييت شرط في الإفطار ، ومع عدمه يلزم الصوم ، مستدلا بقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل (١).

واستنادا إلى رواية علي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله؟ قال : إذا حدث نفسه في الليل بالسفر ، أفطر إذا خرج من منزله ، وإن لم يحدث نفسه من الليلة ، ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه (٢).

وفي طريقها علي بن الحسن بن فضال.

وإلى رواية أبي بصير ، قال : إذا خرجت بعد طلوع الفجر ، ولم تنو السفر من الليل ، فأتم الصوم ، واعتد به من شهر رمضان (٣) وهي مستندة (٤) ، وغير ذلك من الروايات.

وفي الكل ضعف ، إلا أن بعضها يؤيد بعضا.

وقال المفيد ولو خرج قبل الزوال ، يلزمه الإفطار ، ومستنده رواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر ، وهو صائم؟ قال : إن خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر ، وليقض ذلك اليوم ، وإن خرج بعد الزوال ، فليتم صومه ( يومه خ ) (٥) وهي صحيحة السند.

__________________

(١) البقرة ـ ١٨٧.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١٠ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١٢ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٤) يعني غير مسندة ، فإن فيها إرسالا.

(٥) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب من يصح منه الصوم.

٣٠٩

( الرابعة ) الشيخ والشيخة إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمد من طعام.

وقيل : لا يجب عليهما مع العجز ، ويتصدقان مع المشقة.

وذو العطاش يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد ، ثم إن برء قضى.

______________________________________________________

وقال علي بن بابويه في الرسالة ، وعلم الهدى : يفطر وجوبا ، ولو خرج بقية يومه ، وقال ابنه في المقنع بمقالة المفيد ، وجعل مقالة أبيه رواية ، وهي ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، في الرجل يريد السفر في شهر رمضان ، فقال : يفطر ، وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل (١).

وهي ضعيفة ، غير مستندة ، والمتأخر متردد ، ( فتارة ) يختار قول المفيد ، ويفتي به ، ( وتارة ) يقوي قول علي بن بابويه ، ويذهب إليه ، متمسكا بقوله تعالى : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (٢).

وهو أشبه ، ومذهب الشيخ أظهر ، وهو اختيار شيخنا في الشرائع.

على أن في الاستدلال بقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل (٣) ، ضعفا ، لأنه خطاب للصائمين ، والمدعى في محل النزاع ، إثبات الصوم ، فلا يصح الاستدلال به حذرا للمصادرة وفي الروايات به ضعف ( لنا ) إن في المسألة خلافا الروايات معارضة بعضها بعض ، فالتمسك بالآية أولى.

« قال دام ظله » : الشيخ والشيخة ، إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمد من طعام ، وقيل : لا يجب عليهما مع العجز ، ويتصدقان مع المشقة إلى آخره.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١٤ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٢) البقرة ـ ١٨٤.

(٣) البقرة ـ ١٨٧.

٣١٠

والحامل المقرب ، والمرضعة القليلة اللبن ، لهما الإفطار ، وتتصدقان لكل يوم بمد وتقضيان.

( الخامسة ) لا يجب صوم النافلة بالشروع فيه ، ويكره إفطاره بعد الزوال.

( السادسة ) كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر بنى ، وإن أفطر لا لعذر استأنف إلا ثلاثة مواضع :

من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ومن الثاني شيئا.

ومن وجب عليه صوم شهر بنذر فصام خمسة عشر يوما.

وفي الثلاثة الأيام عن هدي التمتع إذا صام يومين وكان الثالث العيد أفطر وأتم الثالث بعد أيام التشريق إن كان بمنى ، ولا يبني لو كان الفاصل غيره.

______________________________________________________

أقول : العاجز عن الصيام ثلاثة أصناف ، الشيخ والشيخة ، ولا يخلو حالهما من أمور ثلاثة ، ما الطاقة مع عدم المشقة ، أو القدرة مع المشقة ، أو العجز أصلا ( ففي الأول ) لا بحث ( وفي الثاني ) يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد من الطعام ( وفي الثالث ) يفطر ، ولا شئ عليه.

وهذا التقسيم يظهر من كلام المفيد ، والمرتضى ، والمتأخر ، وسلار ، وهو تمسك بأن العجز الكلي مسقط للفرض ، فلا كفارة ، لأنها تتوجه على من يخاطب بالتكليف الذي تتعلق الكفارة به.

فأما الشيخ وأتباعه ، وابن بابويه في المقنع ، قالوا : لا واسطة بين العجز والطاقة ، فمع الطاقة يصوم ، ولا يجب ( إلا لمانع خ ) ومع العجز يفطر ويكفر.

وهو المختار عملا بما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : سألته عن رجل كبير ،

٣١١

......................................................................................................

______________________________________________________

يضعف عن صوم شهر رمضان؟ فقال : يتصدق بما يجزي عنه ، طعام مسكين لكل يوم (١).

وبما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، عن الشيخ الكبير ، والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان؟ قال : تتصدق عن كل يوم بمد ( من خ ) حنطة (٢).

وقال في التهذيب : ما وجدت في سقوط الكفارة حديثا ، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل.

الصنف الثاني

الشاب الذي به العطاش ، وهو إما أن يرجو ( يرجى خ ) شفاءه ، أو لا ، فإن كان الأول ، قال الشيخ في الجمل والمبسوط : يقضي ثم يكفر.

وفي الكفارة إشكال ، منشؤه أنه مرض منعه من الصوم ، وفي المرض يقضي ولا كفارة ، ولأن الأصل براءة الذمة.

وقال في النهاية ، وابن بابويه في المقنع : من لحقه العطاش ، ولا يقدر على الصوم ، يكفر ، ولا قضاء عليه ، وهو فيما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام ، يقول : الشيخ الكبير ، والذي به العطاش ، لا حرج عليهما أن يفطرا ، في شهر رمضان ، ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ، ولا قضاء عليهما فإن ( وإن خ ) لم يقدرا ، فلا شئ عليهما (٣).

وقال المفيد والمرتضى : يقضي ولا كفارة ، وعليه المتأخر ، وهو أشبه.

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٩ و ٤ و ١ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٩ و ٤ و ١ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٩ و ٤ و ١ من أبواب من يصح منه الصوم.

٣١٢

......................................................................................................

______________________________________________________

وأما الثاني ، يكفر ويسقط القضاء ضرورة ، وعليه اتفاق الكل.

الصنف الثالث

سائر المرضى وعليهم القضاء بلا كفارة.

وأما الحامل المقرب ، والمرضع القليلة اللبن ، إذا خافتا على ولديهما ، تفطران وتقضيان ، ولا كفارة.

ويظهر من كلام سلار سقوط القضاء والكفارة ، وكذا نقول في ذي العطاش ، الذي لا يرجى شفاؤه ، والعمل على الأول.

٣١٣

٣١٤

كتاب الإعتكاف

٣١٥

كتاب الاعتكاف

والكلام في شروطه وأقسامه وأحكامه

أما الشروط فخمسة :

النية ، والصوم فلا يصح إلا في زمان يصح صومه ممن يصح منه.

والعدد وهو ثلاثة أيام.

والمكان وهو كل مسجد جامع.

وقيل : لا يصح إلا في أحد المساجد الأربعة : بمكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والبصرة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والمكان وهو كل مسجد جامع ، وقيل : لا يصح إلا في أحد المساجد الأربعة.

القول الأول للمفيد ، وهو في رواية علي بن عمران ، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : المعتكف يعتكف في المسجد الجامع (١) ورواية يحيى بن العلاء الرازي ، عن عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا يكون الاعتكاف إلا في

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من كتاب الاعتكاف ، بالسند الثاني.

٣١٦

والإقامة في موضع الاعتكاف ، فلو خرج أبطله إلا لضرورة أو طاعة مثل تشييع جنازة المؤمن أو عيادة مريض أو شهادة ، ولا يجلس لو خرج ، ولا يمشي تحت الظل.

ولا يصلي خارج المسجد إلا بمكة.

وأما أقسامه :

فهو واجب وندب ، فالواجب ما وجب بنذر وشبهه وهو ما يلزم بالشروع ، والمندوب ما تبرع به.

______________________________________________________

مسجد جماعة (١) وهو أشبه.

والقول الثاني للشيخ وعلم الهدى وابني بابويه ، إلا أن علي بن بابويه جعل ( موضع جامع البصرة ) ( مسجد المدائن ) وابنه محمد جعله خامسا.

والمستند روايات ( منها ) ما رواه ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ، ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال : لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل صلاة جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة ، ومسجد المدينة ، ومسجد مكة (٢) وفي رواية علي بن الحسن بن فضال عن ابن محبوب عن عمر بن يزيد : ( ومسجد البصرة ) (٣) وقال ابن أبي عقيل في المتمسك : يصح في المساجد كلها ، وأفضلها المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومسجد الكوفة ، ومساجد الجماعات ، في ساير الأمصار متمسكا بقوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد (٤) وحمل الروايات الواردة ، بالتعيين ، على الأفضلية.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من كتاب الاعتكاف.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٨ و ٩ من كتاب الاعتكاف.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٨ و ٩ من كتاب الاعتكاف.

(٤) البقرة ـ ١٨٧.

٣١٧

ولا يجب بالشروع ، فإذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان ، المروي أنه يجب.

______________________________________________________

والمتأخر على مذهب الشيخ ، والمختار مذهب المفيد ، وعليه شيخنا دام ظله.

لنا وجوه ( الأول ) الروايات ( منها ) ما قدمناه و ( منها ) ما رواه أحمد بن محمد ، عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان علي عليه‌السلام ، يقول لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو مسجد جامع ( الحديث ) (١).

ومثل ذلك ما رواه أبو الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( عن علي عليه‌السلام خ ) (٢)

( الثاني ) مقتضى الأصل جواز الاعتكاف في كل المساجد لكونه عبادة وهي محلها ، خولف جوازه في غير الجامع ، والأربعة للإجماع ، والباقي على أصله.

( فإن قيل ) : كيف ادعيت الإجماع مع مخالفة ابن أبي عقيل؟ ( قلنا ) هو قول متروك ، ويلزم منه أيضا العدول عن روايات كثيرة.

( الثالث ) مخالفة الدليل ( الأصل خ ) كلما كان أقل كان أولى ، فجوزنا في كل جامع ، حذرا من تكثير مخالفة الدليل.

( الرابع ) إذا عملنا برواية الجامع ، يمكن حمل الرواية بالأربعة على الاستحباب ( الأفضلية خ ) فيكون معمولا بها ، فأما لو عملنا بالأربعة ، يبقى رواية الجامع مطرحة ، وهو غير جايز ، إلا لضرورة.

« قال دام ظله » : ولا يجب بالشروع ، فإذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان ، المروي أنه يجب ، ( وقيل ) : لو اعتكف ثلاثا ، فهو بالخيار في الزائد ، فإن

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١٠ من كتاب الاعتكاف.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من كتاب الاعتكاف.

٣١٨

وقيل : لو اعتكف ثلاثا فهو بالخيار في الزائد ، فإن اعتكف يومين آخرين وجب الثالث.

وأما أحكامه فمسائل :

( الأولى ) يستحب للمعتكف أن يشترط كالمحرم فإن شرط جاز له الرجوع ولم يجب القضاء ، ولو لم يشترط ثم مضى يومان وجب الإتمام على الرواية ، ولو عرض عارض خرج فإذا زال وجب القضاء.

______________________________________________________

اعتكف يومين آخرين ، وجب الثالث.

قال الشيخ في النهاية : فإن مضى على المعتكف يومان ، وجب الثالث ، إلا مع الشرط.

والمستند ما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط ، فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف ، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط ، فليس له أن يخرج ، ويفسخ اعتكافه (١) حتى يمضي ثلاثة أيام (٢).

وقال المتأخر : لا يجب ، لعدم الدليل ، والأصل براءة الذمة والأول أظهر بين الأصحاب.

وفي موضع من النهاية : لو اعتكف بعد الثلاث يومين آخرين ، وجب الثالث ، وقبلهما بالخيار.

وأما قوله دام ظله : ( لا يجب بالشروع ) ففيه خلاف ، فإن الشيخ ذهب في المبسوط ، إلى أنه يلزم بالشروع ، ولا يجوز الرجوع إلا مع الشرط ، إلا إذا مضى يومان.

وقال في النهاية : يجوز الرجوع مع عدم الشرط ، إلا بعد مضي يومين ، إلا مع

__________________

(١) يعني أن يفسخ ويخرج ـ ئل.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من كتاب الاعتكاف.

٣١٩

( الثانية ) يحرم على المعتكف الاستمتاع بالنساء ، والبيع ، والشراء وشم الطيب.

وقيل يحرم عليه ما يحرم على المحرم ، ولم يثبت.

( الثالثة ) يفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم ، ويجب الكفارة

______________________________________________________

الشرط ، وبه تشهد الرواية ، عن محمد بن مسلم (١) وهو اختيار شيخنا دام ظله وعليه العمل ، وإليها أشار دام ظله بقوله : ( وجب الإتمام على الرواية ) (٢).

وإذا تقرر هذا ، فهل الصيام ( الصوم خ ) في الاعتكاف المندوب ، مندوب؟ قال الشيخ في الجمل : واجب ، وكلامه في النهاية أيضا يوهم ذلك ، وفي الخلاف مشعر بالندبية ، وبه قال المرتضى واختاره المتأخر.

والحق أن المراد بقولنا ( صوم الاعتكاف واجب ) : أنه لازم لمن أراد الاعتكاف فإن الوجوب يستعمل موضع اللزوم في العرف كثيرا ، ومن أراد به الواجب المصطلح عليه ، فلا بد له من دليل.

« قال دام ظله » : يحرم على المعتكف ، الاستمتاع بالنساء ، والبيع والشراء ، وشم الطيب ، وقيل : يحرم عليه ما يحرم على المحرم ولم يثبت.

القائل بهذا ، هو الشيخ في النهاية والجمل ، وذهب في المبسوط إلى الأول ، وقال : وقد روي أنه يجتنب ما يجتنبه المحرم (٣) وذلك مخصوص بما قلنا ، لأن لحم الصيد ، لا يحرم عليه ، وعقد النكاح مثله ( انتهى ) وعليه المتأخر وهو أشبه.

« قال دام ظله » : يفسد الاعتكاف ، ما يفسد الصوم ، ويجب الكفارة بالجماع فيه ، إلى آخره.

__________________

(١) المتقدمة قبيل هذا.

(٢) عبارة المصنف في بعض النسخ هكذا : المروي أنه يجب.

(٣) أورده في المبسوط : في فصل فيما يمنع الاعتكاف منه وما لا يمنع.

٣٢٠