كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

وقيل : في الركوع إذا ذكر وهو راكع أرسل نفسه ، ومنهم من خصه بالأخيرتين ، والأشبه البطلان ولو لم يرفع رأسه.

ولو كان الشك بعد انتقاله مضى في صلاته ركنا كان أو غيره ، فإن حصل الأوليين من الرباعية عددا وشك في الزائد فإن غلب بنى على ظنه.

وإن تساوى الاحتمال فصوره أربع :

أن يشك بين الاثنين والثلاث ، أو بين الثلاث والأربع ، أو بين الاثنين والأربع ، أو بين الاثنين والثلاث والأربع.

______________________________________________________

ركعتين من المكتوبة ، فسلّم وهو يرى أنّه قد اتمّ الصلاة وتكلّم ، ثم ذكر أنّه لم يصلّ غير ركعتين ، فقال : يتم ما بقى من صلاته ، ولا شيء عليه (١).

وغير ذلك من الروايات ، وفي معناها رواية ذي الشمالين (٢) وهو أشبه (٣) ، لعدم الخلاف في أن الكلام ناسيا لا يوجب الإعادة ، والتقدير أنه تكلم ظانا تمام الصلاة ، فهو بمنزلة النسيان.

« قال دام ظله » : وقيل في الركوع : إذا ذكر وهو راكع ، أرسل نفسه ، إلى آخره. القائل هو المرتضى والشيخ وأتباعهما ، ولكن الشيخ خص هذا الحكم في النهاية بالأخيرتين ، وليس لأصحابنا فيه نص ، وعند شيخنا دام ظله ، أن صلاته باطلة.

ومنشأ الخلاف ، أن رفع الرأس من الركوع والارسال له ، هل هو جزء منه ، أم لا؟ والأشبه لا ، لأن الركوع عبارة عن الانحناء.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٩ من أبواب الخلل في الصلاة.

(٢) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب الخلل في الصلاة.

(٣) يعني قول الشيخ في الاستبصار.

٢٠١

( ففي الأول ) بنى على الأكثر ويتم ، ثم يحتاط بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما على رواية.

( وفي الثاني ) كذلك.

( وفي الثالث ) بركعتين من قيام.

( وفي الرابع ) بركعتين من قيام ثم بركعتين من جلوس ، كل ذلك بعد التسليم.

ولا سهو على من كثر سهوه ، ولا على من سها في سهو ، ولا على المأموم ، ولا على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه ، ولو سها في النافلة تخير في البناء.

ويجب سجدتا السهو على من تكلم ساهيا ، ومن شك بين الأربع والخمس ، ومن سلم قبل إكمال الركعات.

______________________________________________________

لا يقال : سلمنا ذلك في اللغة ، لكن يمنع ذلك في الشرع ( لأنه ) دعوى النقل (١) وهو على خلاف الأصل.

« قال دام ظله » : ففي الأول بنى على الأكثر ، ويتم ، ثم يحتاط بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما ، على رواية (٢).

هذه رواية رواها في التهذيب ( عن محمد بن سلم عن أبي جعفر عليه‌السلام وقد ذكرناها خ ) وعليها فتوى الأصحاب ، وما أعرف فيه مخالفا.

« قال دام ظله » : ولا سهو على من كثر سهوه ، إلى آخره.

__________________

(١) يعني النقل من اللغة إلى الشرع ، والأصل عدمه.

(٢) يحتمل أن يكون قوله : ( على رواية ) قيدا للحكم الأخير وهو تداركها بركعة قائما ، ولم نعثر على رواية للشيخ في ذلك فراجع الأبواب ٩ ـ ١٠ ـ ١٣ ـ ١٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

٢٠٢

وقيل : لكل زيادة ونقصان ، وللقعود في موضع القيام ، وللقيام في موضع القعود.

______________________________________________________

المراد بالسهو هاهنا ، الشك وذلك لأنهم يستعملون كثيرا ، لفظ السهو مقام الشك ، وتقديره ، لا حكم للشك لمن كثر منه الشك.

وليس للكثرة ، في الشرع واللغة تقدير ، فليرجع فيه إلى العادة ، وحكى الشيخ في المبسوط ، أنه حد بأن يسهو ثلاث مرات متوالية ( متواليات خ ) ، وقال المتأخر : أو يسهو في ثلاث فرائض من الخمس ، ( الخمسة خ ) وليس بمعتمد ، والأول أشبه.

وقوله : ( ولا على من سها في سهو ) تقديره ولا على من شك في شئ مسهو عنه ، مثاله سها عن سجدة في الثالثة أو الرابعة ، وذكر بعد الانتقال ، فلما سلم ، شك في أنه سها في شئ أم لا؟ فإذا كان كذلك ، فلا شئ عليه ، ولو ذكر بعد زمان يقضي تلك السجدة ( وقيل ) هو السهو في صلاة الاحتياط ، وليس بشئ.

« قال دام ظله » : وقيل ( وتجب سجدتا السهو ) لكل زيادة أو ( و خ ) نقصان ، إلى آخره.

قلت : تجب سجدتا السهو في سبعة مواضع ، أربعة لا خلاف فيها بين الثلاثة ، وهو من سها عن السجدة وذكر بعد الركوع ، يقضيها بعد الفراغ ، ويسجد سجدتي السهو ، وكذا الحكم في التشهد ، ومن تكلم ساهيا ، ومن سلم في غير موضعه.

وأما من قام في موضع القعود ، أو بالعكس ، فذهب المرتضى وابن بابويه في المقنع وفي من لا يحضره الفقيه ، وسلار ، وأبو الصلاح إلى أنه يوجب سجدتي السهو ، وهو في رواية عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١) والشيخ متردد ، والمفيد ساكت.

__________________

(١) الذي وجدناه في هذه المسألة ، هو روايتان إحديهما رواية يونس عن معاوية بن عمار ، والأخرى رواية عمار الساباطي ولم نعثر على رواية عبد الله بن أبي يعفور ، فلاحظ الوسائل باب ٣٢ من أبواب الخلل في الصلاة.

٢٠٣

وهما بعد التسليم على الأشهر ، عقيبهما تشهد خفيف وتسليم ، ولا يجب فيهما ذكر ، وفي رواية الحلبي أنه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول فيهما : بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد.

وسمعه مرة وهو يقول فيهما : بسم الله وبالله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

______________________________________________________

وأما من شك بين الأربع والخمس فهو (١) مذهب الشيخ في النهاية ، والمبسوط ، والمرتضى في المصباح ، وابن أبي عقيل في المتمسك ، وأبي الصلاح.

وقال ابن بابويه : لكل زيادة ونقيصة ، وهو في رواية الحلبي (٢).

فالأربعة الأول هي المعمول عليها ، والاتيان بالبواقي أحوط.

« قال دام ظله » : وهما بعد التسليم ، على الأشهر.

روى أبو سعيد الخدري ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : من شك في صلاته ، فليتحر الصواب ، وليتم عليه ، ثم يسلم ويسجد ( سجد خ ) سجدتين (٣).

وروى عبد الله ميمون القداح ، عن جعفر ، عن أبيه عن علي عليهم‌السلام قال : سجدتا السهو ، بعد التسليم وقبل الكلام (٤) ، وعليها عمل الأصحاب.

وأما ما رواه ابن سنان عن أبي الجارود ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام :

__________________

(١) يعني وجوب سجدتي السهو للشك المذكور مذهب الشيخ قده الخ.

(٢) قوله : وهو في رواية الحلبي : نقول رواية الحلبي إنما هي في الشك بين الأربع والخمس ، وأما لكل زيادة ونقيصة فهي رواية سفيان بن السمط ، فراجع الوسائل باب ١٤ وباب ٣٢ حديث ٣ من أبواب الخلل في الصلاة

(٣) لم نعثر عليه بهذه الخصوصية ، نعم روى أبو سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين ، فإذا استيقن التمام ، سجد سجدتين الخ ـ سنن أبي داود ج ١ ص ٢٦٨

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب الخلل في الصلاة.

٢٠٤

والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة.

( الثاني ) في القضاء : من أخل بالصلاة عمدا أو سهوا أو فاتته بنوم أو سكر مع بلوغه وعقله وإسلامه وجب القضاء عدا ما استثنى ، ولا قضاء مع الإغماء المستوعب إلا أن يدرك الطهارة والصلاة ولو ركعة.

وفي قضاء الفائت لعدم ما يتطهر به تردد ، أحوطه القضاء.

وتترتب الفوائت كالحواضر ، والفائتة على الحاضرة.

______________________________________________________

متى أسجد سجدتي السهو؟ قال : قبل التسليم : الحديث (١) ، فمحمول على التقية.

وكان ابن بابويه أبو جعفر ، يفتي في حال التقية ، بما رواه صفوان بن مهران الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن سجدتي السهو؟ فقال : إذا نقصت فقبل التسليم ، وإذا زدت فبعده (٢).

لأنه مذهب مالك ، والشافعي في القديم.

« قال دام ظله » : والحق رفع منصب الإمامة ، عن السهو في العبادة.

هذا رد على ابن بابويه ، لأنه كان يجوز على الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام ، السهو في العبادة ، ورواية الحلبي (٣) مذكورة في كتابه ، ولهذا البحث موضع غير هذا.

في القضاء

« قال دام ظله » : وفي قضاء الفائت ، لعدم ما يتطهر به ، تردد أحوطه القضاء.

قلت : إذا عجز المكلف عما يتطهر به ، لقيد ، أو حبس في موضع نجس أو

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من أبواب الخلل في الصلاة.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٦ من أبواب الخلل في الصلاة.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١٠ من أبواب الخلل في الصلاة.

٢٠٥

وفي وجوب ترتيب الفوائت على الحاضرة تردد ، أشبهه الاستحباب ، ولو قدم الحاضرة ( على الفائتة خ ) مع سعة وقتها ذاكرا أعاد ، ولا يعيد لو سها ، ويعدل عن الحاضرة إلى الفائتة لو ذكر بعد التلبس ، ولو تلبس بنافلة ثم ذكر فريضة أبطلها واستأنف الفريضة.

ويقضي ما فات سفرا قصرا ولو كان حاضرا وما فات حاضرا تاما ولو كان مسافرا ، ويقضي المرتد زمان ردته ، ومن فاتته فريضة من يوم ولا يعلمها صلى اثنتين وثلاثا وأربعا ، ولو فاتته ما لم يحصه ، قضى حتى يغلب الظن الوفاء.

ويستحب قضاء النوافل الموقتة ولو فاتت بمرض لن يتأكد القضاء.

وتستحب الصدقة من كل ركعتين بمد ، فإن لم يتمكن ، فعن كل يوم وليلة بمد.

( الثالث ) في الجماعة : والنظر في أطراف : ( الأول ) الجماعة مستحبة في الفرائض خاصة ، متأكدة في الخمس ، ولا تجب إلا في الجمعة والعيدين مع الشرائط.

______________________________________________________

مثلجة (١) ، قال الشيخ في المبسوط ، والمفيد في المقنعة : يؤخر حتى يرتفع المانع.

وهل يقضي لو فاتت؟ قال الشيخان : نعم ، ولشيخنا فيه تردد ، منشأه ، أن القضاء فرض مستأنف يتوقف على الدلالة ، ولا دلالة ، وربما يقول بمقالتهما ترجيحا لجانب الاحتياط.

« قال دام ظله » : وفي ( وجوب ) ترتيب ( ترتب خ ) الفوائت على الحاضرة ، ترد ، أشبهه الاستحباب.

__________________

(١) وفي بعض النسخ مملحة بدل مثلجة.

٢٠٦

............................................................................

______________________________________________________

اختلف أصحابنا في وجوب ترتيب ( ترتب خ ) الفائتة على الحاضرة على قولين ، فذهب قوم إلى الوجوب ، وهم الثلاثة ، وابن البراج ، وأبو الصلاح ، والمتأخر ، ومن تابعهم.

واستدلوا بالمنقول والمعقول ، أما الأول ( فمنه ) ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله ، لا صلاة لمن عليه صلاة (١).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، من نام عن صلاة ، أو نسيها ، فليصلها إذا ذكرها (٢).

و ( منه ) ما رواه ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه سأل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلوات ( صلاة خ ) لم يصلها ، أو نام عنها؟ فقال : يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ، فإذا دخل وقت الصلاة ، ولم يتم ما قد فاته ، فليقض ما لم يتخوف ، أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت ، فهذه أحق بوقتها ، فليصلها ، فإذا قضاها ، فليصل ما فاته مما قد مضى ، ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها (٣).

وما رواه الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء ، وكان عليك قضاء صلوات ، فابدأ بأوليهن ، فأذن لها ، وأقم ، ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة ، الخبر (٤).

__________________

(١) لم نعثر إلى الآن على موضعه فتتبع.

(٢) سنن أبي داود ج ١ ص ١١٨ باب في من نام عن الصلاة أو نسيها تحت رقم ٤٣٥ ، والظاهر أن المذكور هنا منقول بالمعنى. نعم في المنتهى ص ٤٢٣ : مسألة ولا يجب القضاء أكثر من مرة ( إلى أن قال ) ولقوله عليه‌السلام : من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها لم يزد على ذلك ( انتهى ).

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب قضاء الصلوات.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب قضاء الصلوات.

٢٠٧

............................................................................

______________________________________________________

وممّا استدلّوا (١) به قوله تعالى : واقم الصلاة لذكرى (٢) والمراد الفائتة.

يدّل على ذلك وعلى المدّعى ، ما رواه عبيد بن زرارة ، عن ابيه ، عن ابي جعفر عليه‌السلام ، قال : اذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اخرى ، فان كنت تعلم أنّك إذا صليت التي فاتتك ، كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فإن الله تعالى يقول : أقم الصلاة لذكري (٣).

وأما المعقول ، فقالوا : الفوائت مضيقة ، والحاضرة موسعة ، فيلزم الابتداء بالفوائت ، إما الأول فلاقتضاء مطلق الأمر الفور ، وقد بين ( قرر خ ) في الأصول ، وأما الثاني فمتفق عليه ، وأما الثالث فظاهر.

وأما القائلون بإسقاط الترتيب ، فهو ابن بابويه ، والحسين بن سعيد ، وبعض المتأخرين ، واستدلوا بالنص ، و ( الأثر خ ) والمعقول.

أما الأول فقوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل (٤) وقوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل (٥) ووجه الاستدلال ، أن المراد بالصلاة ، هي الحاضرة ، والمخاطب في الآية هو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمته ، فالحاضرة مأمور بها على الإطلاق ، وكذا الفوائت مأمور بها ، والوقت مشترك بينهما ، ولا ترجيح ، فيقتضي إجزائهما.

وأما الثاني ، فما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة والنضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن نام رجل ، أو نسي أن يصلي المغرب

__________________

(١) ( وربما استدلوا بقوله الخ خ ).

(٢) طه ـ ١٤.

(٣) الوسائل باب ٦٢ حديث ٣ من أبواب المواقيت.

(٤) الإسراء ـ ٧٨.

(٥) هود ـ ١١٤.

٢٠٨

............................................................................

______________________________________________________

والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما ، وإن خاف أن تفوته إحديهما ، فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر ، فليصل الصبح ، ثم المغرب ، ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس (١) ومثله رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

وأما المعقول ، فلأن مقتضى الأصل عدم الترتيب ، ترك العمل به في صلاة اليوم والليلة ، للإجماع ، فبقي معمولا به فيما عداه.

وربما يستدلون بأن القول بالمضايقة ، يلزم منه حرج وعسر ، وهما منفيان ، فالمضايقة منفية ، وللفريقين تمسكات لا يحتمل كتابنا أزيد من هذا.

فإذا تقرر هذا ، فالمختار هو الأول ، أما أولا فلأن القائلين به أكثر ، والكثرة أمارة الترجيح.

وأما ثانيا فلضعف ما تمسك به أصحاب المواسعة ، أما الآيتان فلأن المراد بهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة ، ولو سلمنا دخول الأمة فيهما ، تخصص بمن لم تجب عليه الفوائت ، بقرينة مشاركة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولأن الأصل عدم الفوائت.

وأما الخبر فلأنه معارض بروايتنا ( برواياتنا خ ) (٣) وهي أكثر ، ولأنه يتضمن امتداد وقت العشاء إلى الفجر ، وهو قول متروك عندنا ، وهو دليل الضعف وهجره ، وإلا يلزم تجزية الخبر.

ونجيب عن المعقول ، بأنه كما يجوز مخالفة الأصل للإجماع ، كذا يجوز للأدلة المذكورة.

__________________

(١) الوسائل باب ٦٢ مثل حديث ٤ من أبواب المواقيت.

(٢) الوسائل باب ٦٢ حديث ٣ من أبواب المواقيت.

(٣) وهي الروايات الدالة على لزوم الترتيب.

٢٠٩

ولا يجمع في نافلة عدا ما استثني.

______________________________________________________

وعن لزوم الحرج والعسر ، بأنا نمنع ذلك ، بل هو تكليف فيه زيادة مشفقة ( شقة خ ) مشقة خ ) (١) ومثله في التيمم مسلم اتفاقا.

فأقول : لو لم يكن في تقديم الفوائت ، إلا التخلص من الخلاف ، للزم الذهاب إليه ، مع اتفاقهم على أنه أفضل ، تحصيلا لليقين ببراءة الذمة ، ولقوله عليه‌السلام : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٢) وقوله : اتركوا ما لا بأس به حذرا عما ( مما خ ) به البأس (٣).

وأما ما ذهب إليه شيخنا دام ظله ، من وجوب ترتيب الفائتة على الحاضرة ، أي فرض وقت واحد ، فهو عمل برواية زرارة (٤) والحسن بن سعيد (٥) ، جميعا ( جمعا بينهما خ ) ، لكونها أصح الروايات في هذه المعنى ، وهو حسن ، اذهب إليه جزما.

وعلى التقديرات ، لا يجوز لصاحب الفوائت الإخلال بأدائها ، إلا لضرورة ، وعند أصحاب المضايقة إلا لأكل أو شرب ما يسد به الرمق ، أو تحصيل ما يتقوت به عياله ، ومع الإخلال بها ، يستحق العقوبة في كل جزء من الوقف ، والله أعلم.

في صلاة الجماعة

« قال دام ظله » : ولا تجمع في نافلة عدا ما استثنى.

__________________

(١) هكذا في النسخ الثلاث ويحتمل كونها ( منفعة ).

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٤١ و ٥٤ من أبواب آداب القاضي من كتاب القضاء وزاد في الثاني : فإنك لن تجد فقد شئ تركته لله.

(٣) لم نقف عليه إلى الآن.

(٤) يعني عبيد بن زرارة ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٥) يعني الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، راجع الوسائل باب ٦٢ حديث ٢ و ١ من أبواب المواقيت وباب ٦٣ حديث ١ منها.

٢١٠

ويدرك المأموم الركعة بإدراك الركوع ، وبإدراكه راكعا أيضا على تردد.

وأقل ما تنعقد ، بالإمام ومؤتم ، ولا تصح وبين الإمام والمأموم ما يمنع المشاهدة ، وكذا بين الصفوف ، ويجوز في المرأة.

ولا يأتم بمن هو أعلى منه ، بما يعتد به كالأبنية على رواية عمار ، ويجوز لو كانا على أرض منحدرة ، ولو لم يكن المأموم أعلى منه صح ، ولا يتباعد المأموم بما يخرج عن العادة إلا مع اتصال الصفوف.

وتكره القراءة خلف الإمام في الإخفاتية على الأشهر ، وفي الجهرية لو سمع ولو همهمة ، ولو لم يسمع قرأ.

______________________________________________________

المستثنى هو صلاة الاستسقاء وصلاة العيد مندوبة.

« قال دام ظله » : ويدرك المأموم الركعة بإدراك الركوع ، وبإدراكه راكعا أيضا على تردد.

قد ذكرنا هذا البحث في الجمعة فلا يعاد.

« قال دام ظله » : ولا يأتم بمن هو أعلى منه بما يعتد به كالأبنية على رواية عمار.

هذه رواها الكليني ، والشيخ في التهذيب ، وابن بابويه مرفوعا إلى عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

وفي عمار ضعف ، لكن ليس في الأصحاب لها مخالف فيلزم ( لزم خ ) المصير إليها.

« قال دام ظله » : وتكره القراءة خلف الإمام ، في الإخفاتية ، على الأشهر.

اختلفت الروايات ، في القراءة خلف الإمام ، روى ابن أبي عمير ، عن حماد بن

__________________

(١) الوسائل باب ٦٣ حديث ١ أبواب المواقيت.

٢١١

ويجب متابعة الإمام فلو رفع ( رأسه خ ) قبله ناسيا أعاد ، ولو كان عامدا استمر ، ولا يقف قدامه ، ولا بد من نية الإتمام.

ولو صلى اثنان وقال كل واحد منهما : كنت مأموما ، أعادا ، ولو قال : كنت إماما ، لم يعيدا.

ولا يشترط تساوي الفرضين.

______________________________________________________

عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا صليت خلف إمام تأتم به ، فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو ( أم خ ) لم تسمع ، إلا أن تكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ، ولم تسمع ، فاقرأ (١).

وفي معناه رواية عبد الله بن المغيرة ، عن قتيبة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

وهو اختيار الشيخ في المبسوط والنهاية ، وعلم الهدى وأبي الصلاح.

وروى يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الصلاة خلف من أرتضي به ، اقرأ خلفه؟ قال : من رضيت به فلا تقرأ خلفه (٣).

وفي الطريق ابن فضال.

في معناها ، رواية عبد الله بن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ، أيقرأ الرجل في الأولى والعصر ، خلف الإمام وهو لا يعلم أنه يقرأ؟ فقال : لا ينبغي له أن يقرأ ، يكله إلى الإمام (٤).

وهو مذهب ابن أبي عقيل ، والمتأخر ، وسلار.

وفي رواية الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسن ، عن أبيه علي بن

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب صلاة الجماعة

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٧ من أبواب صلاة الجماعة.

(٣) الوسائل باب ٣١ حديث ١٤ من أبواب صلاة الجماعة.

(٤) الوسائل باب ٣١ حديث ٨ من أبواب صلاة الجماعة.

٢١٢

ويقتدي المفترض بمثله ، وبالمتنفل ، والمتنفل بمثله ، وبالمفترض.

ويستحب أن يقف الواحد عن يمين الإمام والجماعة خلفه ، ولا يتقدم العاري أمام العراة ، بل يجلس وسطهم بارزا بركبتيه ، ولو أمت المرأة النساء وقفن معها صفا ، ولو أمهن الرجل وقفن خلفه ولو كانت واحدة.

ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته إذا وجد جماعة ، إماما كان أو مأموما ، وأن يخص بالصف الأول الفضلاء ، وأن يسبح المأموم حتى يركع الإمام إن سبقه بالقراءة ، وأن يكون القيام إذا قيل : قد قامت الصلاة.

ويكره أن يقف المأموم وحده إلا مع العذر ، وأن يصلي نافلة بعد الإقامة.

______________________________________________________

يقطين ، قال : سألت أبا الحسن الأول عليه‌السلام عن الرجل يصلي خلف إمام يقتدي به في صلاة تجهر فيها بالقراءة ، ولا يسمع القراءة؟ قال : لا بأس أن صمت ، وإن قرأ (١).

وفي رواية حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام : إذا كنت خلف إمام تأتم به ، فأنصت ، وسبح في نفسك (٢).

والأصح في الروايات والأظهر في الأقوال ، هو الأول.

« قال دام ظله » : ويقتدي المفترض بمثله ، وبالمتنفل ، والمتنفل بمثله وبالمفترض.

قلت : اقتداء المفترض بالمتنفل ، والمتنفل بالمفترض ، يجوز في أماكن ، فالأولى

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ١١ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٦ من أبواب صلاة الجماعة.

٢١٣

( الطرف الثاني ) يعتبر في الإمام : العقل ، والإيمان ، والعدالة ، وطهارة المولد ، والبلوغ على الأظهر ، ولا يؤم القاعد القائم ، ولا الأمي القارئ ، ولا المئوف اللسان بالسليم ، ولا المرأة ذكرا ولا خنثى ، وصاحب المسجد والإمارة والمنزل أولى من غيره ، وكذا الهاشمي.

وإذا تشاح الأئمة قدم من يختاره المأموم ، ولو اختلفوا قدم الأقرأ ، فالأفقه ، فالأقدم هجرة ، فالألسن ، فالأصبح وجها.

______________________________________________________

التقييد بها ، اقتصاراً على مورد النقل.

( فمنها ) امامة من صلّى منفرداً ، وايتمامه بمن لم يصلّ ، وفي صلاة الخوف ، على ما ثبت ببطن النخل (١).

وإمامة غير البالغ عند من لم يشترط البلوغ والشيخ قائل بإطلاق في الخلاف (٢) والمبسوط.

وفي إمامة من صلى بقوم آخرين ( لآخرين خ ) تردد ، فجوزه الشيخ ومنعه شيخنا دام ظله اقتصارا على محل الوفاق ، وبما قاله الشيخ ، يشهد مضمون رواية (٣).

« قال دام ظله » : يعتبر ( يشترط خ ) في الإمامة العقل ( إلى أن قال ) والبلوغ ، على الأظهر.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٢ من أبواب صلاة الخوف.

(٢) قال في الخلاف في مسألة ١٧ من كتاب الجماعة : يجوز للمراهق المميز العاقل ، أن يكون إماما في الفرائض والنوافل التي يجوز فيها صلاة الجماعة ، مثل الاستسقاء ( إلى أن قال ) دليلنا إجماع الفرقة ، انتهى موضع الحاجة.

(٣) روى الصدوق ره قال : قال رجل للصادق عليه‌السلام : أصلي في أهلي ، ثم أخرج إلى المسجد ، فيقدموني ، فقال : تقدم ، لا عليك ، وصل بهم ـ الوسائل باب ٥٤ حديث ١ من أبواب صلاة الجماعة ولاحظ بقية أحاديث الباب.

٢١٤

ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين ، ولو أحدث قدم من ينوبه ، ولو مات أو أغمي عليه قدموا من يتم بهم.

ويكره أن يأتم الحاضر بالمسافر ، والمتطهر بالمتيمم ، وأن يستناب المسبوق ، وأن يوم الأجذم ، والأبرص والمحدود بعد توبته ، والأغلف. ومن يكرهه المأمونون ، والأعرابي بالمهاجرين.

( الطرف الثالث ) في الأحكام.

ومسائله تسع : ( الأولى ) لو علم فسق الإمام أو كفره أو حدثه بعد الصلاة لم يعد ، ولو كان عالما أعاد.

( الثانية ) إذا خاف فوت الركوع عند دخوله فركع جاز أن يمشي راكعا ليلتحق.

( الثالثة ) إذا كان الإمام في محراب داخل لم تصح صلاة من إلى جانبيه في الصف الأول.

______________________________________________________

قال الشيخ في النهاية : ولا يجوز أن يأم ( إمامة خ ) الصبي قبل البلوغ ، وهو في رواية إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا عليه‌السلام ، كان يقول : لا بأس أن يؤذن الغلام ، قبل أن يحتلم ، ولا يؤم ، فإن أم جازت صلاته ، وفسدت صلاة من خلفه (١).

وقال في المبسوط والخلاف : يجوز ذلك للمراهق المميز ، واستدل بالإجماع ، وعليه حمل ما رواه طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام ، قال : لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم وأن يأم (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٧ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٨ من أبواب صلاة الجماعة.

٢١٥

( الرابعة ) إذا شرع في نافلة فأحرم الإمام ، قطعها إن خشي الفوات ، ولو كان في فريضة ، نقل إلى النفل وأتم ركعتين استحبابا ، ولو كان إمام الأصل قطعها واستأنف معه ، ولو كان ممن لا يقتدى به ، استمر على حاله.

( الخامسة ) ما يدركه المأموم يكون أول صلاته ، فإذا سلم الإمام أتم هو ما بقي.

( السادسة ) إذا أدركه بعد انقضاء الركوع كبر وسجد معه ، فإذا سلم الإمام استقبل هو ، وكذا لو أدركه بعد انقضاء السجود.

( السابعة ) يجوز أن يسلم قبل الإمام مع العذر أو نية الانفراد.

( الثامنة ) النساء يقفن من وراء الرجال ، فلو جاء رجال آخرون

______________________________________________________

والذي يظهر ، أنه لا تنافي بين القولين ، لأن ما قاله في النهاية ، محمول على غير المميز.

وأما إمامة العبد ، قال في النهاية والمبسوط : يأم لمولاه ، والمستند رواية النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : لا يأم العبد إلا أهله (١).

وقال في الخلاف والتهذيب والاستبصار : يجوز مع الشرائط ، وهو أشبه.

ويدل عليه رواية فضالة ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، أنه سئل عن العبد ، يأم القوم إذا رضوا به ، أو كان أكثرهم قرآنا؟ قال : لا بأس (٢) ومثله في رواية محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣) لفظا بلفظ.

ووجه الجمع أن تحمل الأولى على الفصل ، وشدة الاستحباب.

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب صلاة الجماعة ، بالسندين.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب صلاة الجماعة ، بالسندين.

٢١٦

تأخرن وجوبا إذا لم يكن لهم موقف أمامهن.

( التاسعة ) إذا استنيب المسبوق فانتهت صلاة المأمومين أومأ إليهم ليسلموا ، ثم يتم ما بقي.

خاتمة

يستحب أن تكون المساجد مكشوفة ، والميضات على أبوابها والمنارة مع حائطها ، وأن يقدم الداخل يمينه ويخرج بيساره ، ويتعاهد نعليه ، ويدعو داخلا وخارجا ، وكنسها ، والاسراج فيها ، وإعادة ما استهدم ، ويجوز نقض المستهدم خاصة ، واستعمال آلتها في غيرها من المساجد.

ويحرم زخرفتها ، ونقشها بالصور ، وأن يؤخذ منها إلى غيرها من طريق أو ملك ، ويعاد لو أخذ ، وإدخال النجاسة إليها ، وغسلها فيها ، وإخراج الحصى منها ، وتعاد لو أخرج.

ويكره تعليتها ، وإن تشرف ، ويجعل محاريبها داخلة ، أو يجعل طريقا.

ويكره فيها البيع والشراء ، وتمكين المجانين ، وإنفاذ الأحكام ، وتعريف الضوال ، وإقامة الحدود ، وإنشاد الشعر ، وعمل الصنائع ، والنوم ، ودخولها وفي الفم رائحة الثوم والبصل ، وقتل القمل ، وكشف العورة ، والبصاق فإن فعله ستره بالتراب.

( الرابع ) في صلاة الخوف : وهي مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفرادى ، وإذا صليت جماعة والعدو في خلاف جهة القبلة ولا يؤمن هجومه وأمكن أن يقاومه بعض ، ويصلي مع الإمام الباقون ، جاز أن يصلوا صلاة ذات الرقاع.

٢١٧

وفي كيفيتها : روايتان ، أشهرهما رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يصلي الإمام بالأولى ركعة ويقوم في الثانية حتى يتم ثم تأتي الأخرى فيصلي بهم ركعة ثم يجلس ، ويطيل التشهد حتى يتم من خلفه ثم يسلم بهم ، وفي المغرب يصلي بالأولى ركعة ، ويقف في الثانية حتى يتموا ، ثم يأتي الأخرى فيصلي بهم ركعتين ، ويجلس عقيب الثالثة حتى يتم من خلفه ، ثم يسلم بهم.

______________________________________________________

صلاة الخوف

« قال دام ظله » : وفي كيفيتها روايتان ، أشهرهما رواية الحلبي.

هذه رواها علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١) والخلاف بين الروايتين في صلاة المغرب ففي رواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه قال : إذا كانت صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين ، فيصلي بفرقة ركعتين ثم جلس بهم ، ثم أشار إليهم بيده ، فقام كل إنسان منهم ، فيصلي ركعة ، ثم سلموا فقاموا مقام أصحابهم ، وجاءت الطائفة الأخرى ، فكبروا ، ودخلوا في الصلاة ، وقام الإمام فصلى بهم ركعة ، ثم سلم ، ثم قام كل رجل منهم فليتم الحديث (٢).

فعلى هذا يكون للأولى ركعتان من الإمام ، وللآخرين ركعة.

والأولى مشهورة ، وعليها فتوى الشيخين ، والمرتضى ، وابن أبي عقيل ، وسلار ، ووجه الجمع التخيير ، وهذه الكيفية إنما تكون ، إذا كان العدو في خلاف القبلة ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٤ من أبواب صلاة الخوف ، واعلم أن ما نقله الماتن رحمه‌الله نقل بالمعنى فلاحظ الوسائل.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٣ من أبواب صلاة الخوف.

٢١٨

وهل يجب أخذ السلاح ، فيه تردد ، أشبهه الوجوب ما لم يمنع إحدى واجبات الفرض.

______________________________________________________

وهذه صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذات الرقاع (١).

وقيل يجوز مع هذه الشرايط أن يصلي بالأولى ( الأولين خ ) ويسلم معهم ، ثم يستأنف للأخرى ( الآخرين خ ) نفلا له وفرضا لهم كما فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ببطن النخل ، على رواية أبي بكيرة (٢).

وإذا كان في جبهة القبلة يصلي كما صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعسفان ـ (٣) يقوم الإمام ، ويقوم المسلمون ، على صفين ، فيأتمون به ، ويركعون معه جميعا ، فإذا سجد سجد معه الصف الأول ، والثاني يحرسهم ، فإذا رفعوا من السجود سجد الآخرون ، فإذا رفعوا ، بدلوا الصفين ، وفعلوا كالأول.

فرع

يجوز أن تجمع في صلاة الخوف ، والخطبة تكون للفرقة الأولى مضافة إلى الركعة.

« قال دام ظله » : وهل يجب أخذ السلاح ، فيه تردد ، أشبهه الوجوب الخ.

قوله : أشبهه الوجوب ، إشارة إلى قوله تعالى : وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم (٤) لأن مطلق الأمر ، يقتضي الوجوب ، والتردد ضعيف.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب صلاة الخوف.

(٢) سنن أبي داود ج ٢ ص ١٧ ( باب من قال يصلي بكل طائفة ركعتين ) عن أبي بكرة ، قال : صلى النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم في خوف ، الظهر فصف بعضهم خلفه ، وبعضهم بإزاء العدو ، فصلى ( بهم خ ) ركعتين ، ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا معه ، فوقفوا موقف أصحابهم ، ثم جاء أولئك ، فصلوا خلفه ، فصلى بهم ركعتين ، ثم سلم ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه ( وآله ) أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين.

(٣) راجع سنن أبي داود ج ٢ ص ١١ باب صلاة الخوف ، والحديث طويل.

(٤) النساء ـ ١٠٢.

٢١٩

وهنا مسائل

( الأولى ) إذا انتهى الحال إلى المسايفة ، فالصلاة بحسب الإمكان واقفا أو ماشيا أو راكبا ، ويسجد على قربوس سرجه ، وإلا موميا ، ويستقبل القبلة ما أمكن ، وإلا بتكبيرة الإحرام ، ولو لم يتمكن من الإيماء اقتصر على تكبيرتين عن الثنائية وثلاثة عن الثلاثية ، تقول في كل واحدة : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإنه يجزي عن الركوع والسجود.

( الثانية ) كل أسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الإيماء مع الضيق ، والاقتصار على التسبيح إن خشي مع الإيماء ولو كان الخوف من لص أو سبع أو سيل.

( الثالثة ) المتوحل والغريق يصليان بحسب الإمكان إيماء ولا يقصر أحدهما عدد صلاته إلا في سفر أو خوف.

( الخامس ) في صلاة المسافر : والنظر في الشروط والقصر.

أما الشروط فخمسة :

( الأول ) المسافة ، وهي أربعة وعشرون ميلا ، والميل أربعة آلاف ذراع تعويلا على المشهور بين الناس ، أو قدر مد البصر من الأرض تعويلا على الوضع ، ولو كانت أربع فراسخ وأراد الرجوع ليومه قصر.

ولا بد من كون المسافة مقصودة ، فلو قصد ما دونها ثم قصد مثل ذلك أو لم يكن له قصد فلا قصر ولو تمادى في السفر ، ولو قصد مسافة فتجاوز سماع الأذان ، ثم توقع قصر ما بينه وبين شهر ، ما لم ينو الإقامة ولو كان دون ذلك أتم.

٢٢٠