كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

ومن المكروه ، الأجرة على تعليم القرآن ونسخه ، وكسب القابلة مع الشرط ولا بأس به لو تجرد ، ولا بأس بأجرة تعليم الحكم والآداب.

وقد يكره الاكتساب بأشياء أخر تأتي إن شاء الله تعالى.

______________________________________________________

والمتأخر في السرائر ، وهو أشبه ، نظراً الى الأصل.

وقال الشيخ في المبسوط : واما الظاهر فعلى ضربين ، ضرب ينقفع به والآخر لا ينتفع به ، فما ينتفع به فعلى ضربين احدهما يؤكل لحمه والآخر لا يؤكل لحمه الى ان قال : وما لا يؤكل لحمه مثل الفهد والنمر والفيل وجوارح الطير مثل البزاة والصقور والشواهين والعقبان والأرانب والثعالب وما أشبه ذلك ، وقد ذكرناه في النهاية فهذا كله يجوز بيعه ، وإن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الأسد والذئب وساير الحشرات من الحيات والعقارب والفار والخنافس والجعلان والحدأة والنسر والرخمة وبغاث الطير وكذلك الغربان سواء كان أبقع أو أسود ( انتهى ) (١).

والوجه أن الذئب والدب والأسد ، وأمثال ذلك ، قد ينتفع بجلدها فتدخل في القسم الأول فأما ( وأما خ ) بيع الغربان فتابع للتحليل ، وسنذكر ذلك فيما بعد ، إن شاء الله.

« قال دام ظله » : ومن المكروه ، الأجرة على تعليم القرآن ونسخه.

أقول : أجرة التعليم لغير القرآن لا خلاف في حله ، وللقرآن لا يخلو إما أن تكون على سبيل الهدية ، أو لا.

فالأول لا خلاف في جواز أخذه عملا بما رواه جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : المعلم لا يعلم بالأجر ويقبل الهدية إذا أهدى (٢).

__________________

(١) وليعلم أن النسخ الست التي كانت عندنا من الكتاب كانت في غاية الاختلاف في كيفية نقل عبارة المبسوط ونحن نقلنا عبارة الكتاب من المبسوط نفسه فتنبه.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ من أبواب ما يكتسب به.

٤٤١

مسائل ست

( الأولى ) لا يؤخذ ما ينثر في الأعراس إلا ما يعرف معه الإباحة.

( الثانية ) لا بأس ببيع عظام الفيل واتخاذ الأمشاط منها.

( الثالثة ) يجوز أن يشترى من السلطان ما يأخذه باسم المقاسمة واسم الزكاة من ثمرة وحبوب ونعم. وإن لم يكن مستحقا له.

______________________________________________________

والثاني إما أن يكون مع الشرط ، أو مجردا عنه ، فالأول ، ذهب الشيخ في الاستبصار إلى تحريم ذلك ، حاملا عليه ما رواه عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ، عليهم‌السلام ، أنه أتاه رجل ، فقال يا أمير المؤمنين : والله إني أحبك لله ، فقال : ولكني أبغضك لله ، فقال الرجل : ولم؟ فقال : لأنك تبغى في الأذان أجرا ، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ( الحديث ) (١).

فجمع بينها الشيخ ، وبين ما رواه الفضل بن أبي قرة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن هؤلاء يقولون : إن كسب المعلم سحت ، فقال : كذبوا ( كذب خ ) أعداء الله ، أرادوا أن لا يعلموا أولادهم القرآن ، ولو أن المعلم أعطاه رجل دية ولده لكان ( كان خ ) للمعلم مباحا (٢).

فقال : الشيخ : هذه محمولة على من لم يشترط ، والأولى على من شرط ، وإن كان فتواه في نهايته على كراهية ذلك.

وادعى المتأخر عليه الإجماع ، والثاني لا بأس به ، ويكره للمعلم أن يعلمه للأجرة ، بل ينبغي أن يعلمه لله تعالى.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من أبواب ما يكتسب به ، وتمام الحديث : وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيمة. ولا يخفى أن لفظة أجرا بعد قوله : ( في الأذان ) في بعض نسخ الكتاب وليست بموجودة في كتب الحديث فلاحظ.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب ما يكتسب به.

٤٤٢

( الرابعة ) لو دفع إليه مالا ليصرفه في المحاويج وكان منهم فلا يأخذ منه إلا بإذنه على الأصح ، ولو أعطى عياله جاز إذا كانوا بالصفة ، ولو عين له لم يتجاوز.

( الخامسة ) جوائز الظالم محرمة إن علمت بعينها ، وإلا فهي حلال.

( السادسة ) الولاية عن العادل جائزة ، وربما وجبت ، ومن الجائر محرمة إلا مع الخوف ، نعم لو تيقن التخلص عن المآثم والتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحب ، ولو أكره لا مع ذلك أجاب دفعا للضرر ، وينفذ أمره ولو كان محرما ، إلا في قتل المسلم.

الفصل الثاني

في البيع وآدابه

( أما البيع ) وهو الإيجاب والقبول اللذان تنقل بهما العين المملوكة من مالك إلى غيره بعوض مقدر.

وله شروط :

( الأول ) يشترط في المتعاقدين كمال العقل والاختيار ، وأن يكون البائع مالكا أو وليا كالأب والجد للأب والحاكم وأمينه والوصي أو وكيلا.

______________________________________________________

والذي أذهب إليه ، أن الأجرة على ما يحتاج إليه في الصلاة حرام ، على أي وجه كان ، لأن تعليمه واجب ، وعلى الزائد يكره مع الشرط ، كراهية مغلظة ، ومع تجرده يكون أخف.

« قال دام ظله » : لو دفع إليه مالا ليصرفه في المحاويج ، وكان منهم ، فلا يأخذ منه إلا بإذنه على الأصح ، إلى آخره.

٤٤٣

ولو باع الفضولي فقولان : أشبههما وقوفه على الإجازة.

ولو باع مالا يملكه مالك كالحر ، وفضلات الإنسان ، والخنافس والديدان لم ينعقد.

______________________________________________________

اختلف قولا ( قول خ ) شيخنا في هذه المسألة ، فذهب هنا إلى المنع ، وفي الشرايع إلى أن للمدفوع إليه أن يأخذ مثل نصيب أحدهم ، وهو اختيار الشيخ أبي جعفر والمتأخر.

والأول أشبه ، وهو المختار ( لنا ) أن المخاطب لا يدخل تحت خطاب متوجه إلى قوم ، وثبت بيان ذلك في أصول الفقه ، وأن الأخذ بالاحتياط ، اجتناب ذلك ، وأنه تصرف مال الغير ، وذلك غير جائز إلا بإذن متيقن ولا يقين هنا ، وأقل ما في الباب الاحتمال وهو مضاد لليقين.

ثم التمسك بما رواه ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو مساكين وهو محتاج ، أيأخذ منه لنفسه ، ولا يعلمه؟ قال : لا يأخذ منه شيئا ، حتى يأذن له صاحبه (١).

( فإن قيل ) : الرواية من المراسيل (٢) ( قلنا ) : حق ولكنها مؤيدة بالنظر.

وحمل الشيخ الرواية إما على الكراهية ، أو على أن لا يأخذ أكثر من نصيب غيره ، أو على تعيين المحتاجين والجواب ، أن التأويلات كلها على خلاف الظاهر ، فلا يحوز التزامها ، ولا ضرورة ( من غير ضرورة خ ل ).

« قال دام ظله » : ولو باع الفضولي ، فقولان ، أشبههما وقوفه على الإجازة.

أقول : معنى قول الفقهاء : ( يقف عل الإجازة ) إن المالك متى أجاز ذلك البيع انعقد ، ولا يحتاج إلى استيناف عقد آخر ، ومن قال لا يقف على الإجازة ، يريد أن

__________________

(١) الوسائل باب ٨٤ حديث ٣ من أبواب ما يكتسب به.

(٢) الظاهر إرادة أنها من المضمرات لا من المراسيل الاصطلاحية ، فإنها ليست مرسلة بذلك المعنى.

٤٤٤

ولو جمع بين ما يملك وما لا يملك في عقد واحد كعبده وعبد غيره صح في عبده ووقعت في الآخر على الإجازة.

______________________________________________________

البيع باطل ، ومتى رضي المالك يحتاج في الانعقاد إلى عقد آخر.

وذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط مستدلا بالإجماع إلى أن البيع باطل.

وربما يتمسك بأن الفضولي ممنوع التصرف والبيع نوع من التصرف.

وبما رواه حكيم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن بيع ما لا يملك (١).

وبما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : لا طلاق إلا فيما تملك ، ولا عتق إلا فيما تملك ، ولا بيع إلا فيما تملك (٢).

وهو اختيار المتأخر ، ويلوح ذلك من كلام أبي الصلاح الحلبي وأبي يعلا سلار.

وذهب الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة إلى أن البيع موقوف على الإجازة ، وبه يقول شيخنا تمسكا بحصول الإيجاب والقبول لمن له أهلية ذلك ، فيما يصح فيه ، وإجازة المالك منضمة إليه ، فلا مانع من الانعقاد.

والذي نراه ( أراه خ ل ) أن البحث مبني على أن النهي هل يدل (٣) في المعاملات على فساد المنهي عنه أم لا؟ فمن قال بالأول ، يلزمه القول بالبطلان ، لأن الفاسد باطل ، اللهم إلا أن يقول : إن عقد البيع لا يستلزم لفظا مخصوصا أعني ( بعت ) بل كل ما يدل على الانتقال فهو عقد فلو (٤) يلتزم هذا القول يكون إجازة

__________________

(١) الذي رأيناه في كتب أحاديث العامة ، النهي عن بيع ما ليس عنده ، وأما النهي عن بيع ما لا يملك فقد نقله العلامة قده في التذكرة.

(٢) سنن أبي داود ( باب في الطلاق قبل النكاح ) ج ٢ ص ٢٥٨ رقم ٢١٩٠ وقال : زاد ابن الصباح ( ولا وفاء نذر إلا فيما تملك ).

(٣) هل يقتضي في المعاملات فساد الخ ( خ ).

(٤) فمن ( ظ ).

٤٤٥

أما لو باع العبد والحر ، أو الشاة والخنزير صح فيما يملك وبطل في الآخر ، ويقومان ثم يقوم أحدهما ويسقط من الثمن ما قابل الفاسد.

( الثاني ) الكيل أو الوزن أو العدد ، فلو بيع ما يكال ويوزن أو يعد لا كذلك بطل ، ولو تعذر الوزن أو العدد اعتبر المكيال وأخذ بحسابه ، ولا يكفي مشاهدة الصبرة ولا المكيال المجهول ، ويجوز ابتياع جزء مشاع بالنسبة من معلوم وإن اختلفت أجزاؤه.

( الثالث ) لا يباع العين الحاضرة إلا مع المشاهدة أو الوصف ، ولو كان المراد طعمها أو ريحها فلا بد من اختبارها إذا لم يفسد به.

______________________________________________________

المالك عنده بمثابة ( بمنزلة خ ل ) عقد ثان ، ومن قال بالثاني فله أن يقول : العقد الأول لا يوصف بالصحة ولا الفساد ، بل يقف على إذن المالك ، فإن أذن فهو صحيح ، وإلا ففاسد.

وإذا تقرر هذا فلا إشكال على شيخنا دام ظله ، لأن النهي عنده في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ولا للبيع لفظ مخصوص ، بل يشكل على الشيخين لأنهما يخالفانه في المسألتين ، والمختار عندنا اختيار شيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : أما لو باع العبد والحر أو الشاة والخنزير ، صح فيما يملك ، وبطل في الآخر ، ويقومان ثم يقوم أحدهما ، يسقط من الثمن ما قابل الفاسد.

يريد بالثمن ما وقع عليه العقد ، وبالفاسد الحر والخنزير.

بيان المسألة ، إن البايع باع العبد والحر في صفقة واحدة ، مثلا بأربعين ، ثم علم المشتري أن أحدهما حر وبيعه فاسد ، فكيف يسترد ( يسقط خ ) ما قابل قيمته.

تخليصه أن يقوما معا مرة أخرى ، فقوما مثلا بثلاثين ، ثم قوم كل واحد منهما على الانفراد ، فقوم العبد بعشرين والحر بعشرة ، ونسبة العشرة إلى الثلاثين بالثلث ، يعلم أن ثلث المال الذي وقع عليه البيع في مقابله الحر فيسقط من أربعين ، ثلاثة

٤٤٦

ولو بيع ، ولما يختبر فقولان ، أشبههما الجواز.

وله الخيار لو خرج معيبا ، ويتعين الأرش بعد الإحداث فيه ، ولو أدى اختباره إلى إفساده كالجوز والبطيخ جاز شراؤه ، ويثبت الأرش لو خرج معيبا لا الرد ، ويرجع بالثمن إن لم يكن لمكسوره قيمة.

وكذا يجوز بيع المسك في فأره وإن لم يفتق.

______________________________________________________

عشر وثلثاً ، لانه في مقابل الفاسد.

وانما قلنا : يقومان مرة اخرى ، لانه لو بنى على التقويم الاول ربما قوم العبد على الانفراد بمثل ذلك التقويم الاول ، او ازيد ، فيلزم ان لا يسقط من مقابلة الحرّ شيء ، او لا يبقى للبايع على المشتري شيء ، بتقدير ان يكون قيمة العبد أزيد مما وقع عليه البيع ، وفي المسألة غموض ما ، فعليك بإمعان النظر ، فكثير من الفقهاء الكيسين يشتبه عليه فقه هذه المسألة.

« قال دام ظله » : ولو بيع ولما يختبر ، فقولان ، أشبههما الجواز.

قال الشيخان وسلار : البيع باطل ، وتردد فيه المتأخر ، قال : تحمل الرواية الواردة بالبطلان على من لم يشهد طعمه ولا وصف البايع ، فمع عدم الوصف والطعم ، فالبيع باطل ، فأما مع الوصف يصح البيع ( فالبيع خ ل ) ولكن يعتبر فيه ما يعتبر في بيع خيار الرؤية

ثم قال : ويمكن أن يقال : إن البيع بالوصف ، لا يكون في الأعيان المشاهدة المرئية فلا بد فيها من الشم أو الذوق (١).

ثم أقول : مقتضى الأصل انعقاد البيع وصحته ، ويؤيده أيضا قوله تعالى : أوفوا

__________________

(١) من قوله : تحمل الرواية إلى قوله : أو الذوق ، منقول بالمعنى ، فراجع السرائر باب بيع الغرر والمجازفة.

٤٤٧

ولا يجوز بيع سمك الآجام لجهالته وإن ضم إليه القصب على الأصح.

وكذا اللبن في الضرع ، ولو ضم إليه ما يحتلب منه ، وكذا أصواف الغنم مع ما في بطونها.

______________________________________________________

بالعقود (١) وأحل الله البيع (٢) فإن وردت رواية بالبطلان ، فليقل به ( بالبطلان خ ).

وقد اعتبرت كتب الأخبار فما ظفرت بها ، إلا بما رواه الشيخ في التهذيب في باب الزيادات مرفوعا إلى محمد بن أبي العيص ( الفيض خ ل ) ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى ( يشتري خ ئل ) ما يذاق ، أيذوقه قبل أن يشتريه قال : نعم فليذقه ، ولا يذوقن ما لا يشتري (٣).

وفي الاستدلال بها ضعف لأن محل النزاع أن البيع هل يبطل مع عدم الذوق أم لا ، فليس ( وليس خ ل ) في الرواية ما يدل عليه.

ونحن بعد من وراء الاعتبار (٤) وشيخنا جزم بالجواز ، نظرا إلى ما ذكرنا ، وثمرة الخلاف ظاهرة ، والله أعلم.

« قال دام ظله » : ولا يجوز بيع سمك الآجام ، لجهالته ، وإن ضم إليه

__________________

(١) المائدة ـ ١.

(٢) البقرة ـ ٢٧٥.

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب عقد البيع ، وقوله قده مرفوعا ليس المراد هو الرفع المصطلح في علم الدراية كما نبهنا عليه مرارا بل المراد أنه وصل السند إليه ، فإن سنده كما في الوسائل هكذا : محمد بن الحسن بإسناده ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن داود بن إسحاق الحذاء ، عن محمد بن العيص.

(٤) يعني في مقام الفحص.

٤٤٨

وكذا كل واحد منهما ( منها خ ) منفردا.

وكذا ما يلقح الفحل.

وكذا ما يضرب الصياد بشبكته.

( الرابع ) تقدير الثمن وجنسه.

______________________________________________________

القصب ، على الأصح ، إلى آخره.

أقول : لا خلاف أن بيع المجهول غير صحيح ، إلا أن عند الشيخ رحمه‌الله ، أن المعلوم إذا انضم إلى مجهول يصيره بمثابة المعلوم.

وهذه قضية ممنوعة ، فالشيخ ذهب إلى الجواز ، في هذه المسألة ، نظرا إلى ذلك ، وتمسكا بروايات ضعيفة.

أما في السمك مع القصب ، فبما رواه في التهذيب ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا كانت أجمة ليس فيها قصب ، أخرج شئ من السمك ، فيباع وما في الأجمة (١).

فيدل باللزوم على أن مع القصب أيضا يجوز ، ومثلها رواه ابن سماعة ، عن بعض أصحابنا عن زكريا (٢) ، عن رجل ، ورواه أيضا سهل بن زياد (٣).

وما رواه الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا بأس أن يشتري الآجام ، إذا كان فيها قصب (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب عقد البيع.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٦ من أبواب عقد البيع ، إلا أن فيه عن رجل ، عن أبي بصير كما في التهذيب أيضا.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب عقد البيع بالسند الثاني.

(٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب عقد البيع.

٤٤٩

............................................................................

______________________________________________________

والحق أن في الاستدلال بهذه الروايات ضعفا جدا لكونها منافية للأصل ، ولضعف سندها ، فإن ابني سماعة واقفيان ( فإن أبناء سماعة واقفيون خ ل ) ، وكذا محمد بن زياد ، وفي سهل طعن ، وروايته مرسلة.

وأما في اللبن فما رواه زرعة عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن اللبن يشترى ، وهو في الضرع؟ قال : لا ، إلا أن يحلب لك منه سكرجة ، فتقول : اشترى منك ، هذا اللبن الذي في السكرجة ، وما في ضروعها ( ضرعها خ ل ) ، بثمن مسمى ، فإن لم يكن في الضرع شئ ، كان ما في السكرجة (١).

وزرعة وسماعة واقفيان.

وأما في الصوف مع ما في بطن الغنم ، فما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي إبراهيم الكرخي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة ، وما في بطونها من حمل ، بكذا وكذا درهما؟ قال : لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل ، كان رأس ماله في الصوف (٢).

ذكرها في التهذيب ، وابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ، والكليني في الكافي على أن الكرخي مجهول الحال.

فأما بيع الصوف بدون الضميمة منفردا ، قال الشيخ في النهاية : لا يجوز إلا مع الضميمة المعلومة ، بناء على أصله وقال المفيد : يجوز إذا كان معاينا ، ولا يجوز مع عدم المعاينة.

فكأنه لا يعتبر الوزن مع المعاينة ، وكذا الصوف على الغنم ، ويكتفى بالمشاهدة ،

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب عقد البيع ، والسكرجة ، بضم السين والكاف والراء والتشديد ، إناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الأدم ( إلى أن قال ) : قيل : والصواب فيها فتح الراء ( مجمع البحرين ).

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب عقد البيع.

٤٥٠

فلو اشتراه بحكم أحدهما فالبيع باطل ويضمن المشتري تلف المبيع مع قبضه ونقصانه.

وكذا في كل ابتياع فاسد ، ويرد عليه ما زاد بفعله كتعليم الصنعة والصبغ على الأشبه.

وإذا أطلق النقد انصرف إلى نقد البلد ، وإن عين نقدا لزم.

______________________________________________________

وهو حسن لو قيل به ، والوجه اعتبار الوزن ، ورأيت المتأخر اختار في باب الغرر والمجازفة مقالة المفيد ، وأسقط اعتبار الوزن ، وذهب في باب السلم إلى المنع من بيع الصوف على الغنم ، ولو كان معاينا.

وهو الوجه ، لأن الصوف من الموزونات ، فلا يباع جزافا.

« قال دام ظله » : فلو اشتراه بحكم أحدهما فالبيع باطل ، ويضمن المشتري تلف المبيع مع قبضه ونقصانه ، وكذا في كل ابتياع فاسد ، ويرد عليه ما زاد بفعله ، كتعليم الصنعة والصبغ ، على الأشبه.

أقول : معنى الاشتراء بحكم أحدهما أن يبيعه ، ويفوض تقدير الثمن إلى البايع أو إلى المشتري ، ويجعله حاكما فيه ، فمتى كان كذلك كان البيع باطلا ، لجهالة الثمن وقت البيع ، ويكون المشتري ضامنا لقيمة المبيع إن قبضه وتلف ، وكذا يضمن نقصانه.

وهل يضمن قيمته يوم القبض؟ قال الشيخان وسلار : نعم وعليه العمل ( أعمل خ ل ) ، وقال المتأخر : يضمن القيمة الأعلى من يوم القبض والتلف ، والأول أظهر.

وهل يرد ما زاد بفعله؟ قال الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار في الرسالة : نعم ، وحكى شيخنا عن الشيخ في المبسوط ، أنه قال : لا يرد.

وفصل المتأخر فقال : إن كانت الزيادة آثار الأفعال ، لا يرد شئ ، وإن

٤٥١

ولو اختلفا في قدر الثمن فالقول قول البايع مع يمينه إن كان المبيع قائما ، وقول المشتري مع يمينه إن كان تالفا.

ويوضع لظروف السمن والتمر ما هو معتاد لا ما يزيد.

( الخامس ) القدرة على تسليمه.

______________________________________________________

كانت آثار أعيان الأموال يردّ عليه.

والوجه هو الاول ، لأنه نماء ملك البايع ، فيملكه هو دون غيره.

« قال دام ظله » : ولو اختلفا في قدر الثمن ، فالقول قول البايع مع يمينه ان كان المبيع قائما ، وقول المشترى مع يمينه ان كان تالفا.

اقول : اختلف في هذه المسألة ، فما ذكره شيخنا في المتن هو قول الشيخ رحمه الله ، وهو في رواية احمد بن محمد بن ابي نصر ، عن بعض أصحابه ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام (١).

وهي وان كانت مرسلة ، فالاصحاب عاملون بمراسيل احمد بن محمد بن ابي نصر.

وذهب ابن الجنيد وابوالصلاح الى أن المبيع ان كان في يد البايع ، فالقول قوله ، لان المشترى يريد انتزاعه من يده فالبايع مدعى عليه ، وان كان في يد المشترى ، فالقول قوله ، لان البايع يدعى زيادة الثمن ، واختاره المتأخر.

وفي التعليل ضعف ، إذ الدعوى ليست على انتزاع المبيع ، بل البيعان متفقان على أن المبيع حق المشتري ( للمشتري خ ) وإنما الخلاف في تقدير الثمن ، والبايع يدعي الزيادة.

ورأيت المتأخر ادعى الإجماع ـ في آخر باب الشروط في العقود ـ على ما قاله

__________________

(١) في الرجل يبيع الشئ فيقول المشتري : هو بكذا وكذا ، بأقل مما قال البايع؟ فقال : القول قول البايع مع يمينه ، إذا كان الشئ قائما بعينه ( الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب أحكام العقود ).

٤٥٢

فلو باع منفردا لم يصح ، ويصح لو ضم إليه شيئا.

وأما الآداب :

فالمستحب : التفقه فيه ، والتسوية بين المتبايعين ، والإقالة لمن استقال ، والشهادتان ، والتكبير عند الابتياع ، وأن يأخذ ناقصا ويعطي زائدا.

والمكروه : مدح البائع ، وذم المشتري ، والحلف ، والبيع في موضع يستتر فيه العيب ، والربح على المؤمن إلا مع الضرورة ، وعلى من بعده بالإحسان ، والسوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ودخول السوق أولا ، ومبايعة الأدنين ، وذوي العاهات ، والأكراد ، والتعرض للكيل والوزن إذا لم يحسن ، والاستحطاط بعد الصفقة ، والزيادة وقت النداء.

______________________________________________________

الشيخ ونسي ما اختاره أولا ، والمناقضة منه ليس يندفع ( ببديع خ ل ).

والمختار هو الأول ( لنا ) أن مقتضى النظر أن القول قول المشتري في الحالين ، لأن المدعي هو البايع ، تركنا العمل به إذا كان المبيع قائما ، للرواية وعمل الأصحاب ، وبقي في المشتري على الأصل.

فأما إذا كان الخلاف بين ورثتهما ، فالقول قول ورثة المشتري ، بناء على الأصل.

« قال دام ظله » : فلو باع الآبق منفردا لم يصح الخ.

أقول : العبد الآبق إما أن يكون بحيث يقدر عليه صاحبه أم لا ، فالثاني لا يجوز بيعه منفردا بلا خلاف ، والأول قد أجازه المرتضى ، نظرا إلى أنه لا يسمى آبقا عرفا ، وهو حسن.

فأما لو ضم إليه شئ يصح البيع على التقديرين إجماعا.

٤٥٣

ودخوله في سوم أخيه.

وأن يتوكل الحاضر للبادي.

وقيل : يحرم ، وتلقي الركبان ، وحده أربع ( أربعة خ ل ) فراسخ فما دون ، ويثبت الخيار إن ثبت الغبن.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ودخوله في سوم أخيه.

أقول : السوم في البيع ، هو المزايدة في ثمن السلعة ، والسوم المنهي عنه أن يزاد بعد انتهاء المزايدة ، واستقرار البيعين ( البيعان خ ل ) على البيع ، فأما إذا كان المبيع في المزايدة فلا كراهية ولا تحريم.

والمستند قوله عليه‌السلام : لا يسوم الرجل على سوم أخيه (١).

« قال دام ظله » : وأن يتوكل الحاضر للبادي.

معناه : لا يكون الحاضر سمسارا أي دلالا للبادي ، لقول النبي صلى الله عليه وآله ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض (٢) ولقوله عليه‌السلام : لا يبيعن حاضر لباد (٣).

وهل هو مكروه أم محظور؟ قال في النهاية : بالأول ، واختاره شيخنا تمسكا بالأصل ، وذهب في المبسوط والخلاف إلى الثاني ، مستدلا ( استدلالا خ ل ) بظاهر الخبر.

__________________

(١) لم نعثر على حديث بهذا اللفظ ، نعم قد ورد ما هو بمعناه فراجع الوسائل باب ٤٩ حديث ٣ من أبواب آداب التجارة ، وفيه عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام في حديث المناهي ، قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم.

(٢) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٦٩ باب في النهي أن يبيع حاضر لباد تحت رقم ٣٤٤٢ وفيه : وذروا الناس الخ.

(٣) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ و ٣ من أبواب آداب التجارة ، وفيه ( لا يبيع ) بدل ( لا يبيعن ).

٤٥٤

والزيادة في السلعة مواطاة للبايع ، وهو النجش.

والاحتكار ـ وهو حبس الأقوات ـ.

وقيل : يحرم.

وإنما يكون في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن.

وقيل : في الملح.

ويتحقق الكراهية إذا استبقاه لزيادة الثمن ، ولم يوجد بايع.

وقيل : وأن يستبقيه في الرخص أربعين ، وفي الغلاء ثلاثة.

ويجبر المحتكر على البيع ، وهل يسعر عليه؟ الأصح : لا.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : والزيادة في السلعة ، مواطاة للبايع ، وهو النجش.

تقديره ( في ثمن السلعة ) حذف ، للعلم به وقد يكون النجش لمواطاة ( بمواطاة خ ل ) البايع وغيره ، وعده الشيخ في الخلاف والمبسوط في المحظور ، وكذلك المتأخر.

فأما شيخنا حمل المنع على الكراهية ، تمسكا بالأصل ، والشراء صحيح على القولين.

وهل يثبت للمشتري الخيار؟ فيه قولان ، والوجه ارتفاعه ، لأن البيع لا ينفسخ ( لا يفسخ خ ) بفعل ( لفعل خ ) الغير ولأن المغالطة ساقطة بالتراضي.

« قال دام ظله » : والاحتكار ، وهو حبس الأقوات ، وقيل : يحرم.

ذهب الشيخان في النهاية والمقنعة وسلار وأتباعهم إلى الكراهية ، وقال أبو الصلاح والشيخ في الاستبصار بالتحريم ، ومثله يظهر من كلام ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، وقال المتأخر : هو منهي عنه في الشرع.

والأربعة الأجناس من الغلة والتمر والسمن متفق عليه ، وزاد ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه الزيت عملا برواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد

٤٥٥

............................................................................

______________________________________________________

عليهما‌السلام (١) والشيخ في المبسوط ، الملح ، وما أعرف من أين قاله!

وأما وقت تحقق ( تحقيق خ ) الاحتكار حال احتياج الناس إلى الطعام ، وعدم البايعين إلا المحتكر ، فهذا هو المحقق.

وأما القول بالاستبقاء ـ أربعين يوما في الرخص ، وثلاثة في الغلاء ـ فهو للشيخ في النهاية ، ومستنده رواية ( رواه خ ) النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) ، وهي ضعيفة.

وإذا ثبت هذا ، فهل يسعر عليه؟ قال الشيخ في كتبه : لا ، وقال المفيد وسلار : نعم ، والأول أشبه ، وأظهر ، وعليه الفتوى.

( لنا ) التمسك بالأصل ، وأن التسعير حكم شرعي ، يحتاج مثبته إلى دليل ، ولا دليل ، وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن رجلا أتاه ( جاء سنن ) فقال : يا رسول الله سعر ( على أصحاب الطعام خ ) فقال بل أدعو ( الله خ ) ثم جاءه رجل آخر ، فقال : يا رسول الله سعر ( على أصحاب الطعام خ ) فقال : بل الله يرفع ويخفض ، وإني لأرجو أن ألقى الله وليست لأحد عندي مظلمة (٣).

وفي رواية أخرى ، أنه غضب ، حتى عرف الغضب في وجهه وقال : أنا أقوم عليهم؟ إنما السعر إلى الله عزوجل ، يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء (٤).

ورأيت المتأخر يدعي الإجماع هنا ، وهو ضعيف إذ لا يتحقق مع الخلاف.

__________________

(١) قال عليه‌السلام : ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزيت والسمن ـ الوسائل باب ٢٧ حديث ٤ من أبواب آداب التجارة ، وفي نقل الصدوق : والزبيب والسمن والزيت.

(٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : الحكرة في الخصب أربعون يوما ، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام ، فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون ، وما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون ، الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من أبواب آداب التجارة.

(٣) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٧٢ ( باب في التسعير تحت رقم ٣٤٥٠ ).

(٤) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من أبواب التجارة ـ ولاحظ أحاديث هذا الباب ـ.

٤٥٦

الفصل الثالث

في الخيار والنظر في أقسامه وأحكامه

وأقسامه سبعة :

( الأول ) خيار المجلس وهو ثابت للمتبايعين في كل مبيع ( ما خ ) لم يشترط ( يشترطا خ ) فيه سقوطه ما لم يتفرقا.

( الثاني ) خيار الحيوان وهو ثلاثة أيام للمشتري خاصة ، على الأصح ، ويسقط لو شرط سقوطه ، أو أسقطه المشتري بعد العقد ، أو تصرف فيه المشتري ، سواء كان تصرفا لازما كالبيع أو غير لازم كالوصية والهبة قبل القبض.

______________________________________________________

الفصل الثالث في الخيار

« قال دام ظله » : خيار الحيوان ، وهو ثلاثة أيام للمشتري خاصة ، على الأصح.

أقول : اختلف في هذه المسألة ، فذهب الشيخان وابنا بابويه وسلار إلى أن هذا الخيار للمشتري خاصة ، وعليه المتأخر ، وقال المرتضى ، هو للمتبايعين.

( لنا ) النظر والنقل ، أما الأول ، فإن الخيار على خلاف الأصل ، إذ مقتضى العقد الوفاء به ، لقوله تعالى : أوفوا بالعقود (١) ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمنون عند شروطهم (٢) خولف الأصل في المشتري للإجماع ( بالإجماع خ ) وترك البايع على أصله.

__________________

(١) المائدة ـ ١.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٦ من أبواب الخيار ـ وفي أخبار الباب ( المسلمون ) بدل ( المؤمنون ) وعوالي اللئالي ج ٢ ص ٢٥٧ تحت رقم ٧. نعم لفظ ( المؤمنون ) موجود في حديث ( منصور بن بزرج ) ٤ من باب ٢٠ من أبواب المهور من كتاب النكاح من الوسائل.

٤٥٧

( الثالث ) خيار الشرط وهو بحسب ما يشترط ، ولا بد أن تكون مدته مضبوطة ، ولو كانت محتملة لم يجز كقدوم الغزاة وإدراك الثمرات.

ويجوز اشتراط مدة يرد فيها البائع الثمن ويرتجع المبيع ، فلو انقضت ولما يرد لزم البيع ، ولو تلف في المدة كان من المشتري ، وكذا لو حصل له نماء كان له.

( الرابع ) خيار الغبن ، ومع ثبوته في وقت العقد بما لا يتغابن فيه غالبا وجهالة المغبون يثبت له الخيار في الفسخ والامضاء.

( الخامس ) من باع شيئا ولم يقبض الثمن ولا قبض المبيع ولا يشترط التأخير فالبيع لازم ثلاثة أيام ، ومع انقضائها يثبت الخيار للبايع.

______________________________________________________

( وأما الثاني ) ، فما رواه ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري الحديث (١).

( وما ) رواه الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري ، اشترط أو لم يشترط ( الحديث ) (٢) وبه روايات أخر.

وأما المرتضى استند إلى الإجماع على المخالف ، لأنه لا يرى الخيار فيهما إلا مع الشرط.

ويمكن أن يستدل على قوله : بما رواه محمد بن أبي عمير ، عن جميل وبكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : البيعان ( البايعان خ ل ) بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان إلى ثلاثة أيام

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب الخيار وتمامه : وهو بالخيار إن اشترط أو لم يشترط.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب الخيار.

٤٥٨

فإن تلف ، قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري ، وبعدها من البايع ، والوجه تلفه من البايع في الحالين لأن التقدير أنه لم يقبض.

______________________________________________________

( الحديث ) (١).

وبما رواه ابو ايوب عن محمد بن مسلم ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام ، قال : المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان ، وفيما سوى ذلك من بيع ( من البيع خ ) حتى يفرتقا (٢) والروايتان صحيحتان.

واختار قول المرتضى صاحب البشرى (٣) قدس الله روحه العزيزة ، وجمع بين الروايتين ، فان الاولى ليس فيها : ان البايع لا خيار له ، وفي الاخرى اثبت الخيار لهما ، فالأولى محمولة على المشتري ، والثانية عليهما.

« قال دام ظله » : فإن تلف ، قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري ، وبعدها من البايع ، والوجه تلفه من البايع في الحالين ، لأن التقدير أنه لم يقبض.

أقول : إذا تلف المبيع لا يخلو إما أن يكون بعد القبض ، أو قبله ، فإن كان الأول ، فإما أن يكون في زمن الخيار أو بعده ، فعلى الثاني يكون من المشتري ، وعلى الأول يكون الخيار باقيا ، فإن نسخ البيع فهو من البايع ، وإلا فمن المشتري وإن تلف قبل القبض ، وبعد زمان الخيار ، فهو من مال البايع اتفاقا.

وفي زمان الخيار ، قولان ، قال المفيد والمرتضى : يكون من المشتري ، مستدلين بأن في الثلاثة ، العقد ثابت بتراضيهما ، وليس كذا بعد الثلاثة ، لأن البايع أحق

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٦ من أبواب الخيار ، وفي الوسائل ابن بكير كما في الكافي ، وفي التهذيب كما في المتن ، وفي الوسائل والتهذيب : وصاحب الحيوان ثلاث ، وفي الكافي ثلاثة

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب الخيار.

(٣) هو أخو السيد ابن طاووس المعروف ، المتوفى ٦٧٣ المدفون بالحلة ، وصاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلى حدود الثمانين التي منها كتاب البشرى في الفقه ست مجلدات ( ملخص ما في الكنى والألقاب للمحدث القمي ج ١ ص ٣٢٩ نقلا عن أستاذه وشيخه في المستدرك ).

٤٥٩

ولو اشترى ما يفسد من يومه ، ففي رواية يلزم البيع إلى الليل ، فإن لم يأت بالثمن فلا بيع له.

( السادس ) خيار الرؤية ، وهو يثبت في بيع الأعيان الحاضرة من غير مشاهدة ، ولا يصح حتى يذكر الجنس والوصف ، فإن كان موافقا لزم ، وإلا كان للمشتري الرد.

وكذا لو لم يره البايع واشترى بالوصف كان الخيار للبائع لو كان بخلاف الصفة ، وسيأتي خيار العيب إن شاء الله تعالى.

______________________________________________________

بالمبيع ( البيع خ ل ) فيها وأملك ، واختاره صاحب الواسطة (١).

ولقائل أن يقول : إن عنيت بثبوت العقد حصوله مع التراضي ، فلم قلت أنه يتلف من المشتري ولم يقبض؟ وإن عنيت لزومه ، فهو ممنوع في زمان الخيار ، وإن عنيت شيئا آخر ، فعليك البيان.

فإذن ، الأشبه ، ما اختاره الشيخ ، وهو أنه من البايع في الحالين لحصول الاتفاق منا أن كل مبيع تلف (٢) قبل قبض المشتري وإقباضه فهو من البايع.

وتفصيل الشيخ في النهاية في هذا الموضع غير وارد ، إذ التقدير أنه لم يقبض.

« قال دام ظله » : ولو اشترى ما يفسد من يومه ، ففي رواية يلزم البيع إلى الليل إلى آخره.

هذه رواية مقطوعة السند رواها الشيخ في التهذيب ، والكليني في الكافي ، مرفوعة (٣) إلى محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أو إلى أبي الحسن عليه‌السلام في الرجل يشتري الشئ الذي يفسد من يومه ، ويتركه

__________________

(١) يعني علي بن حمزة الطوسي صاحب الوسيلة.

(٢) في بعض النسخ كل تلف قبله الخ.

(٣) يعني موصولة إلى محمد بن حمزة ، وليس المراد الرفع المصطلح كما نبهنا عليه مرارا.

٤٦٠