كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

( العاشرة ) المملوكان المأذونان لهما في التجارة إذا ابتاع كل منهما صاحبه من

______________________________________________________

والشيخ في التهذيب ـ مرفوعا (١) إلى علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجال اشتركوا في أمة ، فائتمنوا بعضهم على أن تكون الأمة عنده ، فوطأها ، قال : يدرء عنه من الحد بقدر ما له فيها من النقد ، ويضرب بقدر ما ليس له فيها وتقوم الأمة عليه بقيمة فيلزمها ( ويلزمها خ ) فإن كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به الجارية ، ألزم ثمنها الأول ، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قومت فيه أكثر من ثمنها ألزم ذلك الثمن وهو صاغر ، لأنه استفرشها ، الحديث (٢).

وعلى مضمون هذه فتوى النهاية.

والرواية ضعيفة السند ، قال : إسماعيل بن مرار مقدوح فيه ، وتقويم الأمة بمجرد الوطئ خلاف الأصل ، اللهم إلا أن تكون بكرا فيلزمه ما بين قيمتها بكرا وثيبا وتسقط عنه حصته.

وأما الحد فلا يتوجه لو ادعى الواطئ توهم ( توهمه خ ) الحل ، ويضرب لو علم التحريم.

وإيراد هذه المسألة في كتاب الحدود وباب نكاح الإماء أولى وأنسب ( أشبه خ ) ولعله ذكرها هنا لاشتمالها على التقويم.

« قال دام ظله » : المملوكان المأذونان لهما في التجارة إذا ابتاع كل منهما صاحبه من مولاه حكم للسابق ، فلو اشتبه مسحت الطريق إلى آخره.

__________________

(١) قوله مرفوعا قيد لقوله قده : والشيخ في التهذيب.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب بيع الحيوان ، وتمامه : قلت : فإن أراد بعض الشركاء شراءها دون الرجل؟ قال : ذلك له وليس له أن يشتريها حتى تستبرء وليس على غيره أن يشتريها إلا بالقيمة.

٥٢١

مولاه حكم للسابق ، فلو اشتبه ( السابق ) مسحت الطريق وحكم للأقرب ، فإن اتفقا بطل العقدان. وفي رواية : يقرع بينهما.

______________________________________________________

أقول : يدل على مسح الطريق ، والنظر والأثر ( أما الأول ) فلأن بالمسح يظهر إما القرب وهو يفيد علية ( غلبة خ ) الظن للسابق ، أو التساوي ، وهو يوجب بطلان العقد.

( وأما الأثر ) فهو ما روى الشيخ ـ في التهذيب ـ عن أبي خديجة ( سلمة خ ئل ) عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجلين مملوكين مفوض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما فكان بينهما كلام فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء فاشترى هذا من مولى هذا العبد وذهب هذا فاشترى من مولى هذا العبد الآخر وانصرفا إلى مكانهما وتشبث كل منهما بصاحبه وقال له : أنت عبدي قد اشتريتك من سيدك ، قال : يحكم بينهما من حيث افترقا بذرع الطريق فأيهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد ، وإن كان سواء فهما ردا على مواليها جاءا سواء وافترقا سواء ، إلا أن يكون أحدهما سبق صاحبه فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك وليس له أن يضربه (١).

ثم قال في التهذيب : وفي رواية أخرى ، إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيهما وقعت القرعة به كان عبده (٢).

قلت : هذه مرسلة مخالفة للدليل فلا عمل عليها.

وقال الشيخ في النهاية : فإن اتفق العقدان أقرع بينهما ، وجعل البطلان رواية ، واختار القرع على جهة الاحتياط.

قلت : بل هو ضد الاحتياط فإن القرعة لا تستعمل إلا في محل الاشتباه أو مشكل أمره.

وأيضا فإنه رحمه‌الله ما استند إلى حديث يؤيد قوله ، ولا يصح أن يستدل بما

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب بيع الحيوان.

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ٢ من أبواب بيع الحيوان.

٥٢٢

الفصل الثامن

في السلف

وهو ابتياع مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه.

والنظر في شروطه وأحكامه ولواحقه :

( الأولى ) الشروط

وهي خمسة :

( الأول ) ذكر الجنس والوصف ، فلا يصح فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والخبز والجلود ، ويجوز في الأمتعة والحيوان والحبوب وكل يمكن ضبطه.

( الثاني ) قبض رأس المال قبل التفرق ، فلو قبض بعض الثمن ثم افترقا صح في المقبوض.

ولو كان الثمن دينا على البايع صح على الأشبه لكنه يكره.

______________________________________________________

روي في التهذيب ، فإن تساوى المسافة لا يدل على اتفاق العقدين يقينا حتى يلزم القرعة.

ويمكن أن يقال : أن القرعة أولى بتقدير استواء المسافة ، والبطلان أشبه ، بتقدير اتفاق العقدين يقينا وبه أعمل ، وما اخترناه أولى (١) وهو اختيار شيخنا والمتأخر وصاحب البشرى.

الفصل الثامن في السلف

« قال دام ظله » : ولو كان الثمن دينا على البايع ، صح على الأشبه.

__________________

(١) وفي ثلاث نسخ : ( وما اخترناه أولا هو اختيار شيخنا ).

٥٢٣

( الثالث ) تقدير المبيع بالكيل والوزن ، ولا يكفي العدد ولو كان مما يعد ، ولا يصح في القصب أطنانا ، ولا في الحطب حزما (١) ، ولا في الماء قربا.

وكذا يشترط التقدير في الثمن.

وقيل : يكفي المشاهدة.

( الرابع ) تعيين الأجل بما يرفع احتمال الزيادة والنقصان.

______________________________________________________

أقول : شرط الشيخ رحمه‌الله في كتب الفروع في السلف قبض رأس المال قبل التفرق ، وعليه اتباعه ، وما أعرف فيه مخالفا إلا ( سوى خ ) صاحب البشرى فإنه توقف فيه مطالبا بالدليل ( للدليل خ ) وانعقد العمل على اشتراطه.

فإذا ثبت هذا فهل إذا كان الثمن دينا على البايع ، يكون بمنزلة المقبوض ، ويصح البيع؟ جزم الشيخ بالجواز ، وهو أشبه تمسكا بالأصل ، وبقوله تعالى : وأحل الله البيع (٢).

وإقدام المتأخر على المنع مستندا إلى أنه يستلزم ( يلزم خ ) بيع الدين بالدين واللازم ممنوع فالملزوم مثله.

والجواب ، إنا لا نسلم أنه بيع الدين بالدين ، بل إنه بيع يصير المبيع بعد وقوع البيع دينا على البايع ، وإنما بيع الدين بالدين هو أن يكون لإنسان دين في ذمة زيد مثلا ، ولآخر دين في ذمة عمرو ، فيقول : بعتك مالي على ذمة زيد بمالك على ذمة عمرو ويقبل هو ولعل هذا الإقدام نشأ من عدم التفطن بالفرق بين الصورتين.

« قال دام ظله » : وكذا يشترط التقدير في الثمن ، وقيل : يكفي المشاهدة.

ذهب الشيخ إلى أن الثمن لو كان مما يكال أو يوزن أو يذرع ، لا بد من اعتباره ،

__________________

(١) بالحاء المهملة والزاء المعجمة.

(٢) البقرة ـ ٢٧٥.

٥٢٤

( الخامس ) أن يكون وجوده غالبا وقت حلوله ، ولو كان معدوما وقت العقد.

( الثاني ) في أحكامه :

وهي مسائل ( خمس خ ) :

( الأولى ) لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ، ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه وعلى غيره.

وكذا يجوز بيع بعضه ( وتوليته خ ) وتولية بعضه.

وكذا بيع الدين ، فإن باعه بما هو حاضر صح.

وكذا بمضمون حال.

______________________________________________________

ولا يجوز جزافا ، ولو كان مثل اللؤلؤة والجواهر تكفي المشاهدة.

والقول بالاكتفاء بالمشاهدة مطلقا يحكى عن المرتضى ، وأنا من وراء الاعتبار ، والذي يعمل عليه هو الأول.

« قال دام ظله » : لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه ، وعلى غيره.

أقول : تقدير الكلام : لا يجوز بيع المسلم ( السلم خ ) وهو الشئ الذي بيع سلفا قبل حلول الأجل ، وهذا مجمع عليه هنا ( منا خ ) ويجوز بعد الأجل والقبض بلا خلاف.

وهل يجوز بعد الأجل وقبل القبض؟ قال الشيخ : يجوز على من هو عليه وعلى غيره وعليه أتباعه.

وقال المتأخر في باب قضاء الدين عن الحي والميت : لا يجوز على غيره ، لأنه ليس بحاضر فيكفي المشاهدة ، ولا يصح وصفه فيباع كالأشياء الغائبة بالوصف ، لأن البايع لا يعلم عينه ، حتى يصفه للمشتري قال : ليس كذلك بيعه على من هو

٥٢٥

ولو شرط تأجيل الثمن.

قيل : يحرم ، لأنه بيع دين بدين.

وقيل : يكره ، وهو الأشبه.

أما لو باع دينا في ذمة زيد ، بدين المشتري في ذمة عمرو لم يجز لأنه بيع دين بدين.

( الثانية ) إذا دفع دون الصفة ورضى المسلم صح.

ولو دفع بالصفة وجب القبول.

وكذا لو دفع فوق الصفة ، ولا كذا لو دفع أكثر.

______________________________________________________

عليه ، لأن علمه بصفته قام مقام وصف البايع له.

قلت : هذا الكلام شعري لا طائل فيه ، فإن بيع السلم لا يصح إلا مع ذكر الجنس ووصف المبيع فالمشتري يبيع على الغير بالصفة التي وقع العقد عليها أولا ، فهو والذي عليه فيه سواء ، وقوله : ( على من هو عليه لأن علمه بالصفة قام مقام الوصف ) فيه ما فيه فإن التلفظ بالوصف شرط في صحة هذا العقد (١) فكيف يقوم العلم مقامه فليت شعري من أين علم الذي عليه‌السلام الوصف والتقدير أن المبيع غير حاضر ، بل هو في الذمة ، وبتقدير أن يكون حاضرا فالذي عليه والغير ( وغيره خ ) فيه سواء.

« قال دام ظله » : ولو شرط تأجيل الثمن ، قيل : يحرم ، لأنه بيع دين بدين ، وقيل : يكره ، وهو الأشبه.

القول بالتحريم للمتأخر ، وبالكراهية للشيخ في النهاية ، في باب بيع الديون ، وتعليل المتأخر : ـ فإنه ( بأنه خ ) بيع دين بدين ـ ضعيف ، وقد أجبنا على ذلك فيما تقدم.

__________________

(١) في النسخة الواحدة من النسخ الست التي عندنا : شرط لا في صحة العقد.

٥٢٦

( الثالثة ) إذا تعذر عند الحلول أو انقطع فطالب ، كان مخيرا بين الفسخ والصبر.

( الرابعة ) إذا دفع من غير الجنس ورضى الغريم ولم يساعره ، احتسب بقيمته يوم الإقباض.

( الخامسة ) عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم ، فلا يبطل باشتراط بيع أو هبة أو عمل محلل أو صنعة.

______________________________________________________

ومنشأ الكراهية من حيث إن المال في الذمة ليس بنقد ( بنقل خ ) صريح فيشبه النسية ، والثمن مؤجل ، فهو بمنزلة بيع الدين بالدين وهذا وجه إقناعي.

« قال دام ظله » : عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم ، فلا يبطل باشتراط بيع أو هبة أو عمل محلل أو صنعة.

أقول : توارد على هذه المسألة ألفاظ للأصحاب من الثلاثة (١) وسلار وكثير من متابعيهم ، وربما صرحوا بعبارة أبين من هذا.

وصورتها : لا بأس أن يبتاع الإنسان من غيره متاعا أو حيوانا أو غير ذلك بالنقد أو النسية ، ويشرط ( يشترط خ ) أن يسلفه البايع شيئا في مبيع ، أو يستسلف منه في شئ ، ويقرضه شيئا معلوما إلى أجل ، أو يستقرض منه والبيع صحيح ، والوفاء به لازم ، وربما يدعي على هذه المسألة الإجماع.

وإذا ثبت هذا فهل يجوز لمن يقرض غيره مالا ( حالا خ ) أن يبتاع منه شيئا بأقل من ثمنه لا على وجه التبرع بل بسبب الإقراض لا غير؟ فيه روايتان.

وللأصحاب فيه قولان ( أحدهما ) الجواز ( والآخر ) التحريم.

ومتمسك المبيح وجوه ( الأول ) دعوى الإجماع بطريق ما ذكرناه ، من عبارة

__________________

(١) وهم علم الهدى والمفيد والشيخ الطوسي قدس الله أسرارهم.

٥٢٧

............................................................................

______________________________________________________

الأصحاب ( وبأنه ) لا يعرف له مخالف مشهور.

( والثاني ) عمومات ( عموم خ ) الكتاب مثل قوله تعالى : وأحل الله البيع (١) وقوله : إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم (٢).

( الثالث ) الأصل ومقتضاه الحل.

( الرابع ) الأحاديث المروية عن الأئمة عليهم‌السلام ( فمنها ) ما رواه محمد بن مسلم عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، أنه قال ( في حديث ) أوليس خير القرض ما جر نفعا ( منفعة ئل ) (٣).

وما رواه الصفار عن محمد بن عيسى ، عن علي بن محمد ، وقد سمعه ( سمعته خ ئل ) من علي عليه‌السلام قال : كتبت إليه : القرض يجر المنفعة ( منفعة خ ئل ) هل يجوز ذلك أم لا؟ فكتب : يجوز ذلك الحديث (٤).

وما رواه عبد الملك بن عتبة قال : سألته عن الرجل يريد أن أعينه المال ، أو يكون له عليه مال قبل ذلك يطلب مني مالا أزيده على مالي الذي لي عليه ، أيستقيم أن أزيده مالا ، وأبيعه لؤلؤة تساوي مائة درهم ، بألف درهم؟ فأقول ( له خ ) : أبيعك هذه اللؤلؤة بألف درهم على أن أؤخرك بتمها وبما لي عليك كذا وكذا شهرا؟ قال : لا بأس (٥) وغير ذلك من الأخبار ( و خ ) لا يحتمل كتابنا ذكرها.

وقد اعترض على دعوى الإجماع ( بأنه ) ممنوع ، فإن اتفاق الخمسة أو الستة لا يكون إجماعا ، إذا لم يكن المعصوم عليه‌السلام داخلا فيه ( بينهم خ ) ولو بلغوا ألفا.

__________________

(١) البقرة ـ ٢٧٥.

(٢) البقرة ـ ٢٨٢.

(٣) الوسائل باب ١٩ من أبواب الدين والقرض حديث ٤.

(٤) الوسائل باب ١٩ من أبواب الدين والقرض حديث ١٦.

(٥) الوسائل باب ٩ حديث ٥ من أبواب أحكام العقود.

٥٢٨

............................................................................

______________________________________________________

و ( بأن ) الظاهر من كلامهم جواز اشتراط القرض في البيع ، لا اشتراط البيع في القرض.

و ( عن ) الآيتين بمنع العموم ( وبأن ) الجواز في الآية الأخيره مشروط بعدم كونه باطلا ، فلا يثبت الحل ما لم يثبت عدم الباطل.

ومتمسك المانع وجوه ( الاول ) انه نفع حاصل من القرض ، وكل نفع كذلك حرام ( اما المقام ) الاول فظاهر ( واما الثاني ) فلقوله صلى الله عليه وآله اذا جر القرض نفعاً فهو ربا (١) والربا حرام اجماعا.

( الثاني ) رواية يعقوب بن شعيب عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يسلم في بيع او تمر عشرين دينارا ويقرض صاحب السلم عشرة دنانير او عشرين دينارا؟ قال : لا يصح ( لا يصلح خ ئل ) اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح الحديث (٢).

وما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام ( في حديث ) ولا يأخذ أحدكم ركوب دابة أو عارية متاع يشترط من أجل قرض ورقه (٣).

وما رواه يعقوب بن شعيب أيضا ، قال : سألته عن رجل يأتي حريفه وخليطه فيستقرض منه الدنانير فيقرضه ، ولولا أن يخالطه ويحارفه ويصيب عليه لم يقرضه؟ فقال : إن كان معروفا بينهما فلا بأس وإن كان إنما يقرضه من أجل أنه يصيب عليه فلا يصلح (٤).

__________________

(١) لم نجد هذا الحديث في كتب الخاصة نعم في كنز العمال ج ٦ ص ٢٣٨ ( فصل في لواحق كتاب الدين ) كل قرض جر نفعا فهو ربا رقم ١٥٥١٦.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٩ من أبواب الدين والقرض.

(٣) الوسائل باب ١٩ ذيل حديث ١١ من أبواب الدين والقرض وصدره : من اقرض رجلا ورقا فلا يشترط إلا مثلها فإن جوزي أجود منها فليقبل ولا يأخذ الخ.

(٤) الوسائل باب ١٩ ذيل حديث ٩ من أبواب الدين والقرض.

٥٢٩

ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها.

______________________________________________________

( الثالث ) طريقة الاحتياط دفعا للضرر المظنون.

وقد اعترض ( على الأول ) بأن المقدمة الثانية ممنوعة فلا يصح الاستدلال عليها بالخبر فإن راويه أبو الجارود ، وهو ضعيف وأيضا فإنه معارض بما ذكرناه من خبر محمد بن مسلم.

( وعلى الثاني ) بأنها معارضة برواية محمد بن مسلم أيضا ( وعلى رواية ) محمد بن قيس بأنه مجهول الشخص ، فمن أصحابنا من يسمى بهذا الاسم ، وهو ضعيف.

( وعلى الثالث ) بأنه ضد الاحتياط لأنه (١) إقدام على ما لا يعلم تحريمه وذلك حرام ولأن احتمال الصحة والفساد قائم ، فالحكم بالبطلان يكون تهجما على (٢) منع المسلم من مال يحتمل أن يكون ملكه.

( إن قيل ) : احتمال الصحة غير قائم ( قلنا ) : فلا معنى للاحتياط (٣).

وإذا تقرر هذا فنقول : الاعتراض في الدليلين ثابت وإن كان أدلة المبيح أشبه بالأصل وأسلم من القدح ، فلنوفق بين الروايات جمعا بينها.

فنقول : تنزل ( فينزل خ ل ) رواية يعقوب بن شعيب وما في معناها على الكراهية ورواية محمد بن مسلم على الجواز.

أو نقول : لو كان البيع جارا للقرض فالعقد صحيح ، كما أفتى عليها الأصحاب ، وبه أفتي وأجزم القول ، ولو كان القرض جارا للبيع لا يصح على تردد مني فيه.

« قال دام ظله » : ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها ، قيل : يصح ، والأشبه المنع.

__________________

(١) لأن الإقدام على اعتقاد تحريم ما لم يعلم تحريمه حرام ( خ ).

(٢) في بعض النسخ تهجما على هذا بتقدير أن يكون البيع قد حصل ثم سعى ( كذا ) منع المسلم الخ.

(٣) في ثلاث نسخ : فلا يثبت الاحتياط.

٥٣٠

قيل : يصح ، والأشبه المنع ، للجهالة.

ولو شرط ثوبا من غزل امرأة معينة أو غلة من قراح بعينه لم يضمن.

( النظر الثالث ) في لواحقه :

وهي قسمان :

( الأول ) في دين المملوك ، وليس له ذلك إلا مع الإذن ، فلو بادر لزم في ذمته ويتبع إذا عتق ، ولا يلزم المولى ولو أذن له المولى لزمه دون المملوك إن استبقاه أو باعه ، ولو أعتقه فروايتان ( إحداهما ) يسعى في الدين ( والأخرى ) لا يسقط عن ذمة المولى ، وهي الأشهر ، ولو مات المولى كان الدين في تركته ، ولو كان له غرماء كان غريم المملوك كأحدهم ، لو كان مأذونا في التجارة فاستدان لم يلزم المولى ، وهل يسعى العبد فيه؟

______________________________________________________

القول بالصحة للشيخ في النهاية وبالمنع للمتأخر ، قال : إن جعل الصوف في جملة السلف ، فلا يجوز في المعين ، ثم قال : وبيع الصوف على ظهر ( ظهور خ ) الغنم أيضا لا يجوز سواء كان سلفا أو بيوع الأعيان ، واختار في باب بيع الغرر والمجازفة جواز البيع إذا كان معاينا كما هو مذهب المفيد.

وقد بينا هذا الاختلاف في مسألة بيع الصوف مع ما في البطن.

وإنما قال شيخنا : الأشبه المنع ، لأن بيع الصوف على الظهر ، لا يجوز سلفا ، لأن السلف لا يجوز إلا في الذمة ، ولا يجوز عينا لأن الصوف مجهول الوزن.

النظر الثالث في اللواحق

« قال دام ظله » : الأول في دين المملوك ، إلى آخره.

أقول : إذا استدان المملوك لا يخلو إما أن يكون مأذونا له في الاستدانة أم لا

٥٣١

قيل : نعم.

وقيل : يتبع بها إذا أعتق وهو أشبه.

______________________________________________________

( فعلى الأول ) يكون في ذمة المولى إن استبقاه أو باعه ولو أعتقه ففيه روايتان ، روى عجلان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أعتق عبدا له وعليه دين ، قال : دينه عليه ، لم يزده العتق إلا خيرا (١).

وعلى هذه فتوى النهاية وفي معناها رواية الأكفاني ـ وهو مجهول الحال ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) أنه قال : إن بعته لزمك الدين ( يعني ما استدان ) وإن أعتقته لم يلزمك الدين ، الحديث (٢).

وقال المتأخر : يبقى في ذمة المولى ، وحكي أن الشيخ رجع عن مقالته في النهاية وفي الجزء الثالث من الاستبصار.

وليس كما حكى ، بل جمع الشيخ بين رواية عجلان والأكفاني وبين ما رواه الأشعث ، عن شريح عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، في عبد بيع وعليه دين ، قال : دينه على من أذن له في التجارة وأكل ثمنه (٣) ، قال الشيخ : يحمل هذه على من أذن في التجارة ولم يأذن في الاستدانة ، ورواية عجلان على من أذن له في الاستدانة.

والجمع حسن ، وبه كان يفتي شيخنا في الدرس والمذاكرة.

( والثاني ) وهو إن لم يكن مأذونا له في الاستدانة فلو يخلو إما أن يكون مأذونا

__________________

(١) الوسائل باب ٥٤ حديث ١ من كتاب العتق.

(٢) الوسائل باب ٣١ قطعة من حديث ٣ من كتاب الدين وصدره : قال : كان إذن لغلام في الشراء والبيع فأفلس ولزمه دين فأخذ بذلك الدين الذي عليه وليس يساوي ثمنه ما عليه من الدين فسأل أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال : إن بعته الخ وفي آخره : فأعتقه ولم يلزمه شئ.

(٣) الوسائل باب ٥٥ حديث ٢ من كتاب العتق.

٥٣٢

............................................................................

______________________________________________________

في التجارة أم لا ( فعلى الأول ) قال في النهاية يستسعى فيه العبد ، وفي الاستبصار : يتعلق بذمته بعد العتق ، وهو اختيار المتأخر وشيخنا دام ظله.

وقال في المبسوط : وإن كان ( أي العبد ) مأذونا له في التجارة نظر فإن أقر بما يوجب حقا على بدنه ، قبل عندهم ، وعندنا لا يقبل ، وإن أقر بما يوجب مالا ، نظر ، فإن كان لا يتعلق بما أذن له فيه من التجارة مثل أن يقول أتلفت مال فلان أو غصبت منه مالا أو استقرضت منه مالا ـ فإن الاستقراض لا يدخل في الإذن في التجارة ـ فإنه لا يقبل على ما بيناه ويكون في ذمته يتبع به إذا أعتق ، وإن كان يتعلق بالتجارة مثل ثمن المبيع وأرش المعيب وما أشبه ذلك فإنه يقبل إقراره ، لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به ، إلا أنه ينظر فيه ، فإن كان الإقرار بقدر ما في يده من مال التجارة قبل وقضى منه وإن كان أكثر كان الفاضل في يده ( ذمته خ ل ) تتبع به إذا أعتق ( انتهى ) (١).

ففي محل النزاع وافق قول النهاية.

وفي المسألتين المختار تفصيل الاستبصار ، فأما إن لم يكن مأذونا في التجارة بتبع به بعد العتق ، وهو معنى قوله : (٢) ( ولو بادر لزم ذمته ).

وما قاله الشيخ في النهاية : ـ أنه يكون ضايعا ـ يحمل على أن مراده يكون ضايعا

__________________

(١) لا يخفى أن النسخ التي كانت عندنا ( في نقل كلام الشيخ قده ) مختلفة ومضطربة فلذا نقلنا كلامه عن المبسوط من كتاب الإقرار ولكن في النسخ التي عندنا هكذا : وقال في المبسوط : إقرار العبد المأذون في التجارة لم يقبل ( لا يفيد خ ) بما يوجب حقا على بدنه وإن كان يوجب مالا غير متعلق بما أذن له مثل التلف أو الغصب أو الاستقراض يكون في ذمته يتبع به بعد العتق وإن كان يتعلق بذلك ( به خ ) مثل ثمن المعيب وأرش العيب يقبل إقراره بقدر ما في يده ويتبع به بعد العتق وإن كان يتعلق في الزائد.

(٢) يعني قول المصنف.

٥٣٣

( القسم الثاني ) في القرض ، وفيه أجر عظيم ينشأ من معونة المحتاج تطوعا ويجب الاقتصار على العوض ، ولو شرط النفع ولو بزيادة حرم ، نعم لو تبرع المقترض بالزيادة في العين أو الوصف لم يحرم.

ويقترض الذهب والفضة وزنا والحبوب كالحنطة والشعير كيلا ووزنا ، والخبز وزنا وعددا.

ويملك الشئ المقترض ( المستقرض خ ) بالقبض ، ولا يلزم اشتراط الأجل فيه ، ولا يؤجل الدين الحال مهرا كان أو غيره.

ولو غاب صاحب الدين غيبة منقطعة نوى المستدين قضاءه وعزله عند وفاته موصيا ، ولو لم يعرفه اجتهد في طلبه.

ومع اليأس ، قيل : يتصدق به عنه.

ولا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض.

ولو باع الذمي ما لا يملكه المسلم وقبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقه.

______________________________________________________

ما دام مملوكا ، وإلا فلا وجه له ، وأورد هذه المسألة ( المسائل خ ) في لواحق السلف ، لأن في الدين معنى السلف ، من حيث أنه مضمون.

في القرض

« قال دام ظله » : ومع اليأس قيل : يتصدق به عنه.

القائل بهذا هو الشيخ في النهاية ، وقال المتأخر : مع عدم المالك أو الوارث يكون لإمام المسلمين ، لأنه ميراث من لا وارث له.

٥٣٤

ولو أسلم الذمي قبل بيعه ، قيل : يتولاه غيره وهو ضعيف.

ولو كان لاثنين ديون فاقتسماها ، فما حصل لهما ، وما توى منهما.

ولو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع ، على تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو اسلم الذمى قبل بيعه ، قيل يتولاه غيره.

اقول : ذهب الشيخ في النهاية الى أنه اذامات الذمى وعليه دين وفي ملكه شيء من الخمر او الخنزير جاز ان يتولى بيع ذلك من ليس بمسلم ويقضى بذلك دينه فخصص الجواز لمن ( بمن خ ) ( عمن خ ) عليه دين ومنع مع عدمه وحكى شيخنا مطلقا.

والاصل تحريم ذلك مطلقا ، سواء كان عليه دين او لم يكن ، وبالتحريم يفتى المتأخر ، وهو أشبه ، لأنه اذا اسلم خرج الخمر عن ملكه والاجماع ثابت على أن ثمن الخمر حرام على المسلم ، والرواية الواردة على ما ( بما خ ) قاله في النهاية غير مسندة الى امام ، ( وهي خ ) ضعيفة السند مقيدة بمن مات بعد اسلامه.

وهي ما رواه في التهذيب ، عن علي بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن اسمعيل بن مرار ، عن يونس ( في حديث ) قال : ان اسلم رجل وله خمر وخنازير ثم مات وهي في ملكه ، وعليه دين ، قال : يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خمره وخنازيره ، ويقضي دينه وليس له أن يبيعه وهو حي ولا يمسكه (١).

فإطراح ( أمثال خ ) هذه الروايات أولى من إثباتها لئلا يضل بها مقلد و الكتب.

« قال دام ظله » : ولو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع على تردد.

__________________

(١) الوسائل باب ٥٧ حديث ٢ من أبواب ما يكتسب به ، وصدره : في مجوسي باع خمرا أو خنازير إلى أجل مسمى ، ثم أسلم قبل أن يحل المال؟ قال : له دراهمه ، وقال : أسلم رجل الخ.

٥٣٥

خاتمة

أجرة الكيال ووزان المتاع على البايع.

وكذا أجرة بايع الأمتعة ، وأجرة الناقد ووزان الثمن على المشتري.

وكذا أجرة مشتري الأمتعة ، ولو تبرع الواسطة لم يستحق أجرة.

فإذا ( وإذا خ ) جمع بين الابتياع والبيع فأجرة كل عمل على الآمر به ، ولا يجمع بينهما لواحد.

ولا يضمن الدلال ما يتلف في يده ما لم يفرط ، ولو اختلفا في التفريط ولا بينة ، فالقول قول الدلال مع يمينه.

وكذا لو اختلفا في القيمة.

______________________________________________________

أقول : الفتوى للشيخ في النهاية ، والتردد لشيخنا.

والأصل يقتضي بطلان البيع لأن المبيع ـ وهو الدين ـ إن كان ربويا من جنس الثمن فيشترط فيه التساوي ، فمع عدمه يبطل البيع إجماعا ، وإن كان من غير جنسه فإن كان ( كانا خ ) من الأثمان ، بأن يكون أحدهما ذهبا ، والآخر فضة ، فيشترط التقابض في المجلس لأنه صرف ، وإن لم يكونا ( من الأثمان خ ) أو يكون أحدهما ثمنا غير الآخر ، فلا يتقدر الأقلية والأكثرية.

ولقائل أن يقول : يقوم ذلك الجنس ليحصل الأقلية والأكثرية ، ويفتي بهذا التقدير ، لئلا تطرح الرواية الواردة بذلك.

وهي ما رواه محمد بن الفضيل ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : رجل اشترى دينا على رجل ، ثم ذهب إلى صاحب الدين ، فقال له : ادفع إلي ما لفلان عليك فقد اشتريته منه ، فقال : يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين ، وبرء الذي

٥٣٦

............................................................................

______________________________________________________

عليه المال من جميع ما بقي عليه (١).

وقال المتأخر : إن كان البيع صحيحا يلزم تسليم ما عليه أجمع لأنه صار مالا من أمواله.

قلت : لو تطرح الرواية ثبت ( ثبتت خ ) صحة قولك بغير خلاف.

( فإن قيل ) : على فتوى النهاية لم يكن ( لمن يكون خ ) المال الباقي على المدين ( قلنا ) : مدلول الرواية أنه يسقط.

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب الدين والقرض.

٥٣٧

٥٣٨

كتاب الرّهن

٥٣٩

كتاب الرهن

وأركانه أربعة :

( الأول ) في الرهن : وهو وثيقة لدين المرتهن ، ولا بد فيه من الإيجاب والقبول.

وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر نعم.

ومن شرطه أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه ، ويصح بيعه ، منفردا كان أو مشاعا ، ولو رهن مالا يملك وقف على إجازة المالك ، ولو كان يملك بعضه مضى في ملكه ، وهو لازم من جهة الراهن.

ولو شرطه مبيعا عند الأجل لم يصح.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر نعم.

اختلف قول الأصحاب في هذا ، قال المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط والنهاية وسلار في الرسالة وأبو الصلاح في الكافي : يشترط ، و ( قال الشيخ خ ) في مسائل الخلاف ، لا يشترط ، وهو مذهب المتأخر وصاحب البشرى ، متمسكا بقوله تعالى : أوفوا بالعقود (١).

__________________

(١) المائدة ـ ١.

٥٤٠