كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

( الرابعة ) لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحيض ، فله الرد ، لأن ذلك لا يكون إلا لعارض.

( الخامسة ) لا يرد البذر ولا الزيت بما يوجد فيه من الثفل المعتاد ، نعم لو خرج عن العادة جاز رده إذا لم يعلم.

______________________________________________________

بكر ، فلم يجدها على ذلك ، قال : لا ترد ولا يجب ( يوجب خ ل ) عليه ( على ذلك خ ل ) شئ أنه يكون يذهب في مرض أو أمر يصيبها (١) فمحمول على عدم ثبوت البكارة عند البايع ، والتعليل يدل عليه ، وهذا التأويل أقوى من تأويل آخر (٢).

ولا حاجة بنا إلى الطعن في سندها ، فإنها يدل عليها الأصل.

ثم يحمل ـ ما رواه إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، في رجل اشترى جارية ، على أنها عذراء فلم يجدها عذراء ، قال : يرد عليها فضل القيمة ، إذا علم أنه صادق (٣) على ثبوت فواتها عند البايع.

وقوله عليه‌السلام : ( إذا علم أنه صادق ) أي صادق في دعواه أن ذهاب البكارة عند البايع ، ورد فضل القيمة أحد طرفي التخيير ، فلا تنافي الأصل الذي ذكرناه ، ولنا أن نطعن فيها بأن راويها يونس وهي مرسلة (٤).

« قال دام ظله » : لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا إلى آخره.

أقول : مستند هذه المسألة ، ما رواه الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب أحكام العيوب.

(٢) قال في الوسائل عقيب الرواية : أقول : هذا محمول على عدم اشتراط البكارة في عقد البيع وأن ظنهما كلاهما أو على عدم تحقق سبق الثيوبة على العقد ، انتهى.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب أحكام العيوب.

(٤) ليس المراد الإرسال المصطلح عند أهل الرجال بل المراد أنها مقطوعة إذ لم ينسبها يونس إلى المعصوم عليه‌السلام.

٤٨١

( السادسة ) لو تنازعا في التبري عن العيب ولا بينة ، فالقول قول المنكر مع يمينه.

( السابعة ) لو ادعى المشتري تقدم العيب ولا بينة ، فالقول قول البايع مع يمينه ما لم يكن هناك قرينة حال تشهد لأحدهما.

( الثامنة ) يقوم المبيع صحيحا ومعيبا ، ويرجع المشتري على البايع بنسبة ذلك من الثمن ، ولو اختلف أهل الخبرة يرجع إلى القيمة الوسطى.

______________________________________________________

داود بن فرقد ، قال : سألت ابا عبدالله عليه‌السلام ، عن رجل اشترى جارية مدركة ، فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة اشهر ، وليس بها حمل فقال : ان كان مثلها تحيض ، ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه (١).

والرواية حسنة الطريق ، ويؤيدها النظر ، واصحاب الطب معترفون بأن ذلك لا يكون إلا لمرض ، بل يعدونه مرضا صعبا.

والأصحاب بين مفت بذلك أو ساكت إلا المتأخر ، فإنه أقدم على منع الرواية ، فقال : إنها من أخبار الآحاد ، وذكر أن الشيخ أوردها إيرادا لا اعتقادا.

وكثيرا ما أتعجب من مقالة ( هذا خ ) المتأخر ، كيف وقف على اعتقادات الشيخ ، وما اجتمع به مشافهة ، ولا صرح الشيخ بمعتقداته فيوقفه ( فتوافقه خ ) عليها.

وأما الطعن بأنها من أخبار الآحاد فغير صحيح منه ولا مقبول عنه ، فإنه في العمل مفت وفي المقال منكر ، فهو في ذلك على المثل السائر : الشعير ( الشهير خ ) يؤكل ويذم ، ومن لم يقبل صحة دعوانا هذه فلينظر في كتاب الحج ، والحدود ، والديات ، والايقاعات ، هل وردت بجميع ذلك أخبار متواترة ، أو عليه إجماع ثابت؟

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب أحكام العيوب

٤٨٢

( التاسعة ) لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض ، كان للمشتري الرد ، وفي الأرش قولان ، أشبههما الثبوت.

وكذا لو قبض المشتري بعضا وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

الفصل الخامس

في الربا

وتحريمه معلوم من الشرع ، حتى أن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية.

ويثبت الربا في كل مكيل أو موزون مع الجنسية ، وضابط الجنس ما يتناوله اسم خاص كالحنطة بالحنطة ، والأرز بالأرز.

ويشترط في بيع المثلين التساوي في القدر ، فلو بيع بزيادة حرم نقدا ونسيئة ، ويصح متساويا يدا بيد ، ويحرم نسيئة.

ويجب إعادة الربا مع العلم بالتحريم ، فإن جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به ، وإن عرفه وجهل الربا صالح عليه ، وإن مزجه بالحلال وجهل المالك والقدر تصدق بخمسة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض ، كان للمشتري الرد ، وفي الأرش قولان ، أشبههما الثبوت.

أقول : حدوث العيب بعد العقد ، وقبل القبض مقتض للرد إجماعا منا.

وهل يقتضي الأرش أيضا على وجه يكون المشتري مخيرا بين الرد والأرش؟ فيه قولان ، قال الشيخ في النهاية : وأبو الصلاح في الكافي : نعم واختاره شيخنا في هذا الكتاب ، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : لا يجبر البايع على الأرش ،

٤٨٣

ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.

______________________________________________________

وللمشتري الرد أو الإمساك ، وهو اختيار المتأخر وحكى (١) هو عن المفيد ، وهو المختار عندي.

( لنا ) أن تسليط المشتري طلبا للأرش مناف للأصل ، فلا يثبت إلا بدليل قاطع ، فمع عدمه يحكم بانتفائه.

وأيضا أن البيع وقع والمبيع سليم وإنما حدث العيب في ملك المشتري ، فلا يلزم له على البايع شئ.

( فإن قيل ) مثل ذلك يلزم في الرد ، وهو ممنوع (٢) ، فالدليل منتقض ( قلنا ) : سلمنا ذلك ، وإنما خولف في الرد للإجماع وإلا طردنا ( اطردنا خ ) العلة ، وهو مذهب شيخنا في نكت النهاية ، قال : والأقوى عندي أنه لا أرش.

في الربا

« قال دام ظله » : ولو جهل التحريم ، كفاه الانتهاء.

يريد بالانتهاء الاستغفار والتوبة من الربا ، قال الله تعالى : فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف (٣).

وقال الشيخ في النهاية : فمن ارتكب الربا لجهالة ( بجهالة خ ل ) ولم يعلم أن ذلك حرام ، فليستغفر الله ، وليس عليه فيما مضى شئ.

وفسر المتأخر (٤) قوله : ( وليس عليه فيما مضى شئ ) أن المراد شئ من

__________________

(١) كذا في النسخ كلها والصواب : وحكاه هو الخ.

(٢) في بعض النسخ : هكذا : مقتضى دليلكم المنع من الرد أيضا وهو ممنوع الخ.

(٣) البقرة ـ ٢٧٥.

(٤) في بعض الحواشى من النسخ الأربع التي عندنا هكذا : وتفسير المتأخر جيد ، لأصالة بقاء الملك

٤٨٤

............................................................................

______________________________________________________

لعقوبة بعد الاستغفار والتوبة ورد المال ، وقال صاحب الرايع : (١) أن ذلك مخصوص بأول الإسلام.

والوجهان على خلاف الظاهر ، والنص ورد عاما ، روى حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه سأل عن الرجل يأكل الربا ، وهو يرى أنه له حلال؟ قال : لا يضر حتى يصيبه متعمدا ، فإذا أصابه متعمدا فهو بمنزلة الذي قال الله عزوجل (٢).

وروى عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كل ربا أكله الناس بجهالة ، ثم تابوا فإنه يقبل منهم إذا عرف ( عرفت خ ل ) منهم التوبة (٣).

والوجه إبقائه على العموم ، نعم قد نقل في تأويل الآية (٤) أن المراد بذلك ما كان في الجاهلية قبل الإسلام.

ويمكن أن يقال : إن من ادعى اليوم في الإسلام جهالة تحريم الربا لا يسمع منه ، فيحمل الفتوى والنص ، على أول الإسلام ، ولا شك أن الاحتياط في هذا

__________________

على صاحبه وعدم الانتقال إلا بسبب مبيح وغرض صحيح ، والمراد من الآية سقوط الإثم بالتوبة ، أي فله ما سلف من الإثم ( انتهى ).

(١) وهو القطب الراوندي المتوفى ٥٧٣.

(٢) الوسائل باب ٥ من أبواب الربا حديث ٦.

(٣) لم نعثر على نقل عبيد بن زرارة هذا المضمون ، والذي عثرنا عليه بهذا المضمون ما رواه في الكافي ( في باب الربا حديث ٤ ) عن أحمد بن محمد عن الوشا عن أبي المعزا عن الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله الخ ( كما نقله في الوسائل أيضا ) وما رواه في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام الخ ( باب فضل التجارة حديث ٦٩ ) ورواه الصدوق مرسلا بقوله : قال عليه‌السلام : كل ربا الخ ، وحيث كان نقل الصدوق قده له بعد رواية عن عبيد بن زرارة فتوهم نقله عن عبيد بن زرارة أيضا ( راجع باب الربا من الفقيه حديث ٧ ).

(٤) البقرة ـ ٢٧٥.

٤٨٥

وإذا اختلف أجناس العروض ، جاز التفاضل نقدا ، وفي النسيئة قولان ، أشبههما الكراهية.

والحنطة والشعير ، جنس واحد في الربا.

وكذا ما يكون منهما كالسويق والدقيق والخبز.

وثمرة النخل وما يعمل منها جنس واحد.

وكذا وثمرة الكرم وما يكون منه ، واللحوم تابعة للحيوان في الاختلاف.

وما يستخرج من اللبن جنس واحد.

وكذا الأدهان تتبع ما يستخرج منه.

______________________________________________________

الطرف ( الطريق خ ).

« قال دام ظله » : وإذا اختلف أجناس العروض ، جاز التفاضل نقدا ، وفي النسيئة قولان أشبههما الكراهية ، والحنطة والشعير جنس واحد في الربا.

أقول : اختلاف الأجناس نقدا يجوز التفاضل إجماعا ، وهل يجوز ذلك في النسية؟ فيه قولان ( أقوال خ ) قال الشيخ في النهاية وأبو الصلاح في الكافي ، والسيد الشريف صاحب البشرى (١) بالجواز إلا في الدرهم والدينار والحنطة والشعير ، فإنهما بمنزلة الجنس الواحد في الربا ، وجنسان في الزكاة ، عند الشيخ وأتباعه.

وقال المتأخر : يجوز التفاضل في النسية إلا في الدرهم والدينار حسب متمسكا فيهما بالإجماع.

ويجوز التفاضل في الحنطة والشعير ، لأنهما عنده جنسان مختلفان ، وهذا مذهب ابن الجنيد هنا وابن أبي عقيل في كتابه المتمسك بحبل آل الرسول صلى الله

__________________

(١) هو أخو السيد ابن طاووس رحمهما‌الله كما قدمناه.

٤٨٦

............................................................................

______________________________________________________

عليه وآله ، فإنه ذكر فيه أن الجنسين إذا اختلفا فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه وقد قيل : لا يجوز الحنطة بالشعير متفاضلا لأنهما من جنس ، ثم قال ، وبذلك وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام (١) والقول والعمل على الأول ، هذه حكاية كلامه.

قلت : هنا أما ورود الروايات فمسلم ، وأما أن العمل على الأول فممنوع.

وقد نقل المتأخر ذلك عن كثير من مشايخنا الكبار ، وما ظفرت إلا بما ذكرت ، بعد تتبع تصانيفهم ومقالاتهم.

وقال المفيد في مقنعته وسلار في رسالته : إن التفاضل في النسية في الكل ، ولكل فريق ، متمسك.

والمختار هو مذهب الشيخ وأتباعه ( لنا ) أن مقتضى الآية ومقتضى الأصل الجواز ، وإنما خولف في الدرهم والدينار والحنطة والشعير لدليل مخصص ، وهو الإجماع في الدرهم والدينار ، والأخبار في الحنطة والشعير ( منها ) ما رواه أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ فقال : لا يجوز إلا مثلا بمثل ، ثم قال : إن الشعير من الحنطة (٢).

وما رواه الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سئل عن الرجل يبيع الرجل طعاما أكرارا ( الطعام الأكرار ) فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له : خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير ، حتى تستوفي ما نقص من الكيل ، قال : لا يصلح لأن أصل الشعير من الحنطة ، ولكن يرد عليه من الدراهم بحساب ما نقص عن الكيل (٣).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٣ من أبواب الربا.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٢ و ١ من أبواب الربا.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٢ و ١ من أبواب الربا.

٤٨٧

............................................................................

______________________________________________________

وما رواه محمد بن قيس ، عن ابي جعفر عليه‌السلام ، قال : قا اميرالمؤمنين عليه‌السلام : لا تبع الحنطة بالشعير الا يدا بيد ، ولا تبع قفيزا من حنطة بقفيز من شعير ( الحديث ) (١).

وغير ذلك من الروايات فمن شاء الزيادة على ما ذكرنا فليطلب في مظانها (٢).

واستدل المتأخر بالاجماع من المسلمين ، على أنهما جنسان مختلفان صورة وشكلا ولونا وطعما وجنسا ونطقا ، وبقوله عليه‌السلام : اذا اختلف الجنسان ، فبيعوا كيف شئتم (٣) قال : واذا لم يكن في المسألة اجماع ، ولا كتاب الله ولا سنة رسوله ولا دليل العقل ، فلا يجوز تقليد المصنف ( مع كلام مشنع ) (٤).

والجواب عن الأول ، لا نسلم أنهم أجمعوا على أنهما جنسان في الربا ـ وهو محل النزاع ـ بل أجمعوا على أنهما مختلفان صورة وشكلا واسما (٥) كما ذكر ، لكن ليس لهذا الاختلاف تأثير في الربويات ، وإلا كان مؤثرا في النقدين ، سلمنا التأثير ، لكن لا نسلم أن الحكم يتعلق به ، ولا يلزم القياس.

وعن الثاني (٦) أنه خبر واحد ، وهذا المستدل لا يرضى به دليلا ( سلمنا ) أنه

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٨ من أبواب الربا.

(٢) وليراجع باقي أحاديث باب ٨ من أبواب الربا.

(٣) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٤٨ باب في الصرف تحت رقم ٣٣٥٠ ولفظ الحديث : قال : فإذا اختلف هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ، إذا كان يدا بيد. ولاحظ باب ١٣ من أبواب الربا من الوسائل أيضا.

(٤) الظاهر أن غرض الشارح قده أن المتأخر عقب هذا الكلام بكلام مشتمل على التشنيع على المشايخ الكبار.

(٥) حاصله أن الإجماع وقع على اختلاف الصورة والشكل والاسم لا على اتحاد الجنس فيهما.

(٦) وهو قوله عليه‌السلام إذا اختلف الجنسان الخ.

٤٨٨

............................................................................

______________________________________________________

متواتر تسليم بحث ، لكنه عام مخصوص ، فلا يصح الاستدلال له به ( سلمنا ) صحة الاستدلال به ، لكنه معارض ( يعارض ما ذكرنا خ ) بما ذكرنا من الأخبار ، فإذا تعارض العام والخاص يعمل بالخاص توفيقا بينهما.

وقوله : ليس في المسألة إجماع ولا كتاب وغير ذلك ، قلنا : الدليل هو الأخبار المذكورة السليمة عن الطعن المؤيدة بعمل بعض الأصحاب.

قوله : فلا يجوز تقليد المصنف ، قلنا : إذا استند إلى دليل لا يكون تقليدا.

وأما التشنيع على المشايخ الكبار المجمع على فضلهم ، فليس من شأن العالم المنصف.

وأما المفيد (١) فنحن موافقوه في النقدين ، والحنطة والشعير وغير ذلك ، فلعله تمسك بعموم قوله عليه‌السلام : إنما الربا في النسية (٢).

وبما رواه أبان ، عن محمد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شئ من الأشياء بتفاضل ( يتفاضل خ ل ) ، فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد ، فأما نظرة فلا يصح (٣).

وما رواه ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله لفظا بلفظ ، إلا قوله ( فأما نظرة ) فإن ابن مسكان روى ( فأما نسية ) (٤) والمعنى واحد.

__________________

(١) القائل بالتفاضل في النسية غير جايز.

(٢) كنز العمال ـ ونقل أيضا لا ربا إلا في النسية وأيضا ليس الربا إلا في النسية أو النظرة ـ ص ١١٥ ج ٤ ( في أحكام الربا ).

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب الربا ، بثلاث طرق عن الحلبي ، وقد صرح في بعضها ب ( محمد الحلبي ).

(٤) الذي في الوسائل عن ابن مسكان عن الحلبي ( فأما نظرة ) أيضا ـ الوسائل باب ١٣ مثل حديث ٢ من أبواب الربا.

٤٨٩

وما لا كيل ولا وزن فيه فليس بربوي كالثوب بالثوبين والعبد بالعبدين ، وفي النسيئة خلاف والأشبه : الكراهية.

______________________________________________________

وفي هذا المعنى ، رواية ثابت بن شريح ، عن زياد بن أبي غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

وهذه كلها معارضة بروايات كثيرة ، فتحمل على الكراهية حذرا من الإلغاء.

والذي اخترناه هو مذهب شيخنا دام ظله.

ولم يتعرض هنا لذكر الدرهم والدينار ، لأنه ذكره في باب الصرف ، حيث اشترط التقابض في المجلس.

« قال دام ظله » : وما لا كيل ولا وزن فيه فليس بربوي ، كالثوب بالثوبين ، والعبد بالعبدين ، وفي النسيئة خلاف ، والأشبه الكراهية.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، وسلار في الرسالة إلى أنه لا يجوز ، وأما الشيخ ، ففسر شيخنا في النكت والمتأخر وصاحب الرايع (٢) قوله بالكراهية.

وأما المفيد فتمسك بما ذكرناه من الروايات ، وهي محمولة على الكراهية.

وذهب الشيخ في المبسوط ، وشيخنا دام ظله والمتأخر إلى الجواز على كراهية ، وهو مقتضى الأصل والآية (٣).

ويدل عليه ما رواه زرارة وعبيد ابنه عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن (٤) وهذا يتلقى بالقبول.

__________________

(١) قال : سمعته يقول : ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شئ من الأشياء متفاضلا ، فلا بأس به مثلين بمثل يدا بيد ، فأما نسية فلا يصلح ـ الوسائل باب ١٧ حديث ١٤ من أبواب الربا.

(٢) هو قطب الراوندي المتوفى ٥٣٧.

(٣) يعني عموم قوله تعالى : ( أحل الله البيع ) و ( أوفوا بالعقود ) و ( تجارة عن تراض ).

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ١ و ٣ من أبواب الربا ، وفي بعض النسخ وعبيد الله بدل عبيد ابنه.

٤٩٠

وفي ثبوت الربا في المعدود تردد ، أشبهه الانتفاء.

ولو بيع شئ كيلا أو وزنا في بلد وفي بلد آخر جزافا ، فلكل بلد حكمه.

وقيل : يغلب تحريم التفاضل.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي ثبوت الربا في المعدود تردد ، أشبهه الانتفاء.

أقول : منشأ التردد ، من النظر إلى قول الشيخ في النهاية ، فإنه قال : لا بأس بالتفاضل فيه يدا بيد ، والجنس واحد ، ولا يجوز نسية مثل البيضة بالبيضتين.

ولعل مستند هذا القول رواية ابن مسكان وابن ( أبي خ ل ) غياث المذكورتان (١) قبل ( قيل خ ل ) وهذا مذهب المفيد وسلار بناء على تلك الروايات.

( وصرح في الخلاف والمبسوط بالجواز على كراهية ، ومنشأ الكراهية الروايات خ ).

وأما الجواز فهو الأصل وتدل عليه الآية (٢) ورواية زرارة (٣) وما رواه منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قال : كل شئ يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد وإذا ( فإذا خ ) كان لا يكال ولا يوزن فليس بأس به اثنين بواحد (٤).

وإنما قال دام ظله : ( أشبهه الانتفاء ) لما ذكرنا من الأصل والآية ، وهو اختيار المتأخر.

« قال دام ظله » : ولو بيع شئ كيلا أو وزنا ( في بلد خ ) وفي بلد آخر جزافا ،

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ وباب ١٧ حديث ١٤ من أبواب الربا.

(٢) قد أشرنا إليها آنفا.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب الربا.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من أبواب الربا.

٤٩١

وفي بيع الرطب بالتمر روايتان ، أشهرهما المنع ، وهل تسري العلة في

______________________________________________________

فلكل بلد حكمه (١) ، وقيل يغلب تحريم التفاضل.

القول الأول للشيخ في المبسوط ، قال : فلكل بلد حكمه ، والقول الثاني للشيخين وسلار.

وما وجدت في هذه المسألة حديثا مرويا ، ولعل تمسك القول الأول ، أنه إذا أطلق عليه في ذلك البلد أنه مكيل أو غير مكيل تعلق الحكم عليه جريا على تسميتهم (٢) واعتبارا لعادتهم.

وأما القول الثاني فما أعرف له وجها إلا طريقة الاحتياط.

واحتج شيخنا دام ظله في النكت لهذا القول ، قال : إذا صدق عليه أنه مكيل أو موزون في بلد ، صح أن يطلق عليه اسم الكيل والوزن ، فيتناوله الحكم لتعليقه على التسمية المطلقة التي تصدق ولو بالجزء.

قلت : ولقائل أن يعكس هذه القضية ، فيقول : يصدق عليه أنه غير مكيل أو موزون في بلد ، فيصح عليه إطلاق هذا الاسم فيتناوله الحكم تعليقا على التسمية المطلقة التي تصدق بالجزء.

وليس يخفى هذا الانعكاس على شيخنا العلامة دام ظله ، لكن ذكر ذلك على سبيل الاعتذار للشيخ ، والتزام الاحتياط في هذا الموضع حسن.

وقال المتأخر مع تساوي البلدين ( البلدان خ ) في ذلك يغلب التحريم ، ومع الاختلاف يحكم للأغلب ويطرح النادر ، وهو أيضا وجه.

« قال دام ظله » : وفي بيع الرطب بالتمر روايتان ، أشهرهما المنع ، إلى آخره.

__________________

(١) وفي بعض النسخ الأربعة التي عندنا زاد ( بعد قوله ره : فلكل بلد حكمه ) : وقيل إن عرفت عادته في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يبني عليه كيلا أو جزافا وإن لم تعرف يغلب الخ.

(٢) في بعض النسخ : جزافا على مسألتهم.

٤٩٢

غيره كالزبيب بالعنب ، والبسر بالرطب؟ الأشبه : لا.

______________________________________________________

اقول : رواية المنع رواها ابن ابي عمير ، عن حماد ، عن الحلبى ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام ، قال : لا يصلح التمر اليابس بالرطب ، من اجل ان اليابس ( التمر خ ل ) يابس والرطب رطب ، فاذا يبس نقص (١) ، ومثلها لفظا بلفظ رواها داود بن سرحان عن ابي عبدالله عليه‌السلام (٢).

وعليها فتوى الشيخ في كتب الفتاوى وأتباعه ، وهو مذهب ابن ابي عقيل.

وقال المتأخر يجوز ذلك لان مذهبنا ترك التعليل والقياس ، وقال : يلزم عليه منع بيع رطل من العنب برطل من الزبيب ، وهو جايز بغير خلاف.

اقول : توهم هذا المتأخر أن التعليل استنباط الشيخ ولم يفطن أنه مروى ، فحرك لسان التشنيع ، وقوله : ( يلزم منع بيع رطل من العنب برطل من الزبيب ) ليس بشيء ، اذ ثبوت المنع في موضع الوفاق لدلالة النص المتضمن للعلية ( للعلّة ) لا يستلزم ثبوته في موضع آخر لوجود تلك العلة لأنه عين ( غير خ ل ) القياس.

واما رواية الجواز ، رواها الحسن بن محبوب ، عن ابي ايوب ، عن سماعة ، قال : سئل ابو عبدالله عليه‌السلام عن العنب بالزبيب؟ قال : لا يصلح الا مثلا بمثل ، وقال : والتمر والرطب مثلا بمثل (٣).

لكن سماعة واقفي ، والسائل مجهول ، فلا يصح التمسك بها ، ولهذا قال شيخنا : أشهرهما المنع.

وذهب الشيخ في الاستبصار إلى الكراهية ، توفيقا بين الروايتين ودفع الرواية الضعيفة ( أولى خ ).

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب الربا.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٦ من أبواب الربا.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب الربا.

٤٩٣

ولا يثبت الربا بين الوالد والولد ، ولا بين الزوج والزوجة ، ولا بين المملوك والمالك ، ولا بين المسلم والحربي.

______________________________________________________

ولا تسري هذه العلة المروية أعني قوله : ( إذا يبس نقص ) في غيرهما ، نحو الزبيب بالعنب ، والبسر بالرطب ، لعدم الدلالة ، والأصل يقتضي الجواز.

« قال دام ظله » : ولا يثبت الربا بين الوالد والولد ، ولا بين الزوج والزوجة ، ولا بين المملوك والمالك ، ولا بين المسلم والحربي.

أقول : لا خلاف في انتفاء الربا بين المالك والمملوك ، لأن ماله لمولاه ، ولا بين (١) الوالد والولد ، والزوجين.

وأما المسلم والحربي فقد اختلف فيه ، فمذهب المرتضى في الانتصار ، وباقي الأصحاب ( إلى خ ) الانتفاء مستدلين بالإجماع ، وبالأخبار المقبولة ( المنقولة خ ل ) ( منها ) ما رواه الشيخ مسندا إلى عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ليس بين الرجل وولده ربا ولا ( ليس خ ) بين السيد وعبده ربا (٢).

وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ونأخذ منهم ولا نعطيهم (٣).

ويمكن أن يستدل بأن مقتضى الأصل جواز الربا على العموم ، لأنه إيصال النفع إلى الغير والإحسان إليه وإنما خولف فيما عدا ما ذكرناه للآية (٤) والاجماع.

( إن قيل ) : الآية تقتضي عموم التحريم في الربا ( قلنا ) : عام مخصص أولا بالآيات المتضمنة للأمر ( للأمة خ ) بالإحسان ، نحو قوله تعالى : وأحسن كما أحسن

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب الربا.

(٢) وفي نسخة وأما بين الوالد والولد والزوجين والمسلم والحربي فقد اختلف الخ.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب الربا.

(٤) يعني قوله تعالى : وحرم الربا.

٤٩٤

وهل يثبت بينه وبين الذمي؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه يثبت.

ويباع الثوب بالغزل ولو تفاضلا.

______________________________________________________

الله إليك (١) وقوله : إن الله يأمر بالعدل والاحسان (٢).

( فإن قيل ) : كما يحتمل تخصيص آية الربا بآية الإحسان ، يحتمل تخصيص الإحسان بآية الربا ( قلنا ) : مسلم لكن لا يصح مع الاحتمال الاستدلال بآية الربا على تحريم محل النزاع.

وهذه طريقة المرتضى في الاستدلال أولا ، وثانيا لإجماع الإمامية الذي يثبت في أصول الفقه أنه ( كونه خ ) حجة.

وللمرتضى في المسائل الموصلية قول بثبوت الربا فيما ذكرنا وتحريمه ، وقال : الأخبار الواردة بنفي الربا مؤولة بأن المراد منها النهي عن الربا ، وإن أتى بلفظ الخبر ، كقوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج (٣) فكان معنى الخبر يجب أن لا يقع بين هؤلاء الربا.

وفي هذا التأويل بعد ، فكيف ( وكيف خ ل ) والجواز صريح مفسر ( منشر خ ل ) في الحديث النبوي ، وقد اعتذر المرتضى في الانتصار ، وقال : إنما اعتمدت في هذا التأويل ونصرة التحريم ، لعموم آية الربا ، فلما وقفت على إجماع الطائفة الذي هو حجة ، رجعت عن ذلك القول.

« قال دام ظله » : وهل يثبت بينه وبين الذمي؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنه يثبت.

( أقول ) : في هذه المسألة قولان ، ذهب الشيخ وأتباعه إلى أنه يثبت وعليه المتأخر ، وحمل الشيخ في الاستبصار ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر

__________________

(١) القصص ـ ٧٧.

(٢) النحل ـ ٩٠.

(٣) البقرة ـ ٢٧٥.

٤٩٥

ويكره بيع الحيوان باللحم ولو تماثلا.

وقد يتخلص من الربا بأن يجعل مع الناقص متاع من غير جنسه مثل درهم ومد من تمر بمدين أو درهمين ، أو ببيع أحدهما سلعته لصاحبه ويشتري الأخرى بذلك الثمن.

ومن هذا الباب الكلام في الصرف :

وهو بيع الأثمان بالأثمان ، ويشترط فيه التقابض في المجلس.

______________________________________________________

عليه‌السلام ( في حديث ) قال : قلت : فالمشركون بيني وبينهم ربا؟ قال : نعم الحديث (١).

فقال الشيخ : يراد ( المراد خ ) بالمشركين أهل الذمة ، جمعا بين الروايات ( الروايتين خ ل ).

وذهب المفيد والمرتضى وابن بابويه في رسالته إلى أنه لا يثبت ، وروى ابنه في من لا يحضره الفقيه عن الصادق عليه‌السلام (٢) ذلك والأول أشهر وأظهر بين الروايات ، ويدل عليه عموم الآية ، والروايات بالتحريم.

« قال دام ظله » : ويكره بيع الحيوان باللحم وإن ( لو خ ل ) تماثلا.

في المسألة أقوال ، ذهب الشيخ في النهاية إلى المنع من بيع اللحم بالغنم.

وفي الخلاف والمبسوط إلى الجواز في المختلف ، والمنع في المتفق ، وهو اختيار شيخنا في الشرايع.

ونص أيضا في المبسوط أن أحد المبيعين إذا كان ربويا والآخر غير ربوي فبيع هذا بذاك جائز ، وهو ( هذا خ ) أيضا اختيار شيخنا في النافع ، وهو أشبه ، أما

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ حديث ٤ من أبواب الربا.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٥ من أبواب الربا قال الصدوق : قال الصادق عليه‌السلام : ليس بين المسلم وبين الذمي ربا ، ولا بين المرأة وبين زوجها ربا.

٤٩٦

ويبطل لو افترقا قبله على الأشهر ، ولو قبض البعض صح فيما قبض ، ولو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل ، ولو وكل أحدهما في القبض فافترقا قبله بطل ، ولو اشترى منه دراهم ثم اشترى بها دنانير قبل القبض لم يصح الثاني.

______________________________________________________

( أولا ) فلأن الحيوان غير مكيل ولا موزون ، فينتفي فيه الربا إجماعا ( وثانيا ) لقوله تعالى : أحل الله البيع (١) ( وثالثا ) للأصل.

وأما السلم فيهما فلو أسلف في اللحم ، ويكون الحيوان ثمنا ، فلا يجوز ذلك ، لأن اللحم لا ينضبط بالوصف ويجوز منعكسا.

ومن هذا الباب الكلام في الصرف

« قال دام ظله » : ويبطل لو افترقا قبله على الأشهر.

اتفق الأصحاب على البطلان ، إلا ابن بابويه ، فإنه لا يشترط فيه التقابض في المجلس ، فلا يفتى بالبطلان ومستنده رواية عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يبيع الدراهم بالدنانير نسية ، قال : لا بأس (٢).

وعمار فطحى ، وهي قليلة الورود ، غير معمول عليها ، وبه روايات أخرى ، طريقها عمار (٣) وواحدة في طريقها علي بن حديد (٤) وهو ضعيف جدا.

وأما الروايات بالبطلان فكثيرة ، ولا يحتملها كتابنا ، وبعمل الأصحاب استغنينا عن ذكرها ، فمن أرادها فليطلبها في كتابي التهذيب والاستبصار (٥).

__________________

(١) البقرة ـ ٢٧٥.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١١ من أبواب الربا.

(٣) راجع الوسائل باب ٢ حديث ١٠ ـ ١٢ ـ ١٤ من أبواب الصرف.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ١٣ من أبواب الصرف.

(٥) لاحظ الوسائل باب ٢ من أبواب الصرف.

٤٩٧

ولو كان له عليه دنانير فأمره أن يحولها إلى الدراهم وساعره فقيل : صح وإن لم يقبض ، لأن النقدين من واحد.

ولا يجوز التفاضل في الجنس الواحد منهما ، ويجوز في المختلف.

ويستوي في اعتبار التماثل : الصحيح ، والمكسور ، والمصوغ ، وإذا كان في أحدهما غش لم يبع بجنسه إلا أن يعلم مقدار ما فيه ، فيزاد الثمن عن قدر الجوهر بما يقابل الغش.

ولا يباع تراب الذهب بالذهب ، ولا تراب الفضة بالفضة ، ويباع بغيره ، ولو جمعا جاز بيعه بهما ، ويباع جوهر الرصاص والنحاس بالذهب أو الفضة وإن كان فيه يسير من ذلك ، ويجوز إخراج الدراهم المغشوشة إذا كانت معلومة الصرف ، وإن لم تكن كذلك لم يجز إلا بعد بيانها.

مسائل

( الأولى ) إذا دفع زيادة عما للبايع صح ، ويكون الزيادة أمانة.

وكذا لو بان فيه زيادة لا تكون إلا غلطا أو تعمدا ، ولو كانت الزيادة مما يتفاوت به الموازين لم تجب إعادته.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو كان له عليه دنانير ، فأمره أن يحولها إلى الدراهم ، وساعره فقيل ( فقبل خ ) صح ، وإن لم يقبض ، لأن النقدين من واحد.

القائل هذا هو الشيخ في النهاية مستندا إلى ما رواه في التهذيب ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يكون للرجل عندي الدراهم فيلقاني ، فيقول : كيف سعر الوضح (١) اليوم؟ فأقول له كذا ( وكذا خ ) فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضحا؟ فأقول : بلى ،

__________________

(١) الوضح من الدرهم : الصحيح وكذا الدراهم الوضح ( مجمع البحرين ).

٤٩٨

( الثانية ) يجوز أن يبدل له درهما بدرهم ، ويشترط ( عليه خ ) صياغة خاتم ولا يتعدى الحكم ، ويجوز أن يقرضه الدراهم ويشترط أن ينقدها بأرض أخرى.

( الثالثة ) الأواني المصوغة من الذهب والفضة إن أمكن تخليصها لم تبع بأحدهما ، وإن تعذر وكان الغالب أحدهما بيعت بالأقل ، وإن تساويا بيعت بهما.

( الرابعة ) المراكب والسيوف المحلاة ، إن علم مقدار الحلية بيعت بالجنس مع زيادة تقابل المراكب أو النصل نقدا ، ولو بيعت نسيئة نقد من الثمن ما قابل الحلية ، وإن جهل بيعت بغير الجنس.

______________________________________________________

فيقول لي : حولها إلى الدينار ( الدنانير خ ) بهذا السعر وأثبتها لي عندك ، فما ترى في هذا؟ فقال لي : إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك ، فقلت : إني لم أوازنه ولم أناقده إنما كان كلام مني ومنه ، فقال : أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟ قلت : بلى ، قال : فلا بأس بذلك (١).

وهذه مشهورة بين الأصحاب ، ويؤيدها الأصل ، وما أعرف مخالفا إلا المتأخر ، فإنه قال : إن افترقا قبل التقابض في المجلس فلا يصح ذلك.

وليس بشئ ( أولا ) للرواية ( وثانيا ) لأن النقدين في الذمة ، فالتخلية مع البقاء ( التناول خ ) (٢) تكون بمنزلة التقابض ( القبض خ ).

« قال دام ظله » : يجوز أن يبدل له درهما بدرهم ، ويشترط صياغة خاتم ، ولا يتعدى الحكم.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب الصرف.

(٢) وفي بعض النسخ : مع التقاول.

٤٩٩

وقيل : إن أراد بيعها بالجنس ضم إليها شيئا.

______________________________________________________

أقول : الربا ثابت في المسألة ، لكن اعتمد الشيخ ( المشايخ خ ل ) في ذلك على ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يقول للصايغ : صغ لي هذا الخاتم ، وأبدل لك درهما طازجا بدرهم غلة قال : لا بأس (١).

وهذه وإن كانت مخالفة للآية ( للأصل خ ) وعموم الروايات ، لكن ، مقبولة ، غير مطعون فيها.

والمتأخر متردد فيها ، فما أقدم على منعها ، وذهب صاحب الوسيلة (٢) إلى المنع ، والأول أظهر بين الأصحاب.

ولا يتعدى الحكم ، يعني لو كان الشرط صياغة غير الخاتم أو صنعة ( صفة خ ) أخرى يجوز اقتصارا على مورد النص والتزاما للأصل المسلم.

وقال الشيخ : يجوز اشتراط غير ذلك من الأشياء. ونحن نطالبه ( مطالبوه خ ل ) بالمستند.

وقد احتج المتأخر للشيخ على أصل المسألة بما يلزم منه اشتراط كل شئ (٣).

وفيه ضعف ظاهر وبالإعراض عن ذكره جدير.

« قال دام ظله » : وقيل : إن أراد بيعها بالجنس ، ضم إليها شيئا.

القائل هو الشيخ ، ومستنده رواية عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألته عن السيوف المحلاة فيها الفضة تباع بالذهب إلى أجل مسمى؟ فقال : إن الناس لم يختلفوا في النساء ( النسئ خ ) إنه الربا ، وإنما اختلفوا في اليد باليد فقلت له : فيبيعه

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب الصرف.

(٢) هو علي بن حمزة الطوسي أحد تلامذة الشيخ الطوسي على المشهور.

(٣) يعني عمومات أدلة وجوب الوفاء بالشروط والعهود.

٥٠٠