كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

وفي الحقنة قولان ، أشهرهما التحريم بالمايع.

______________________________________________________

إبراهيم عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : لا بأس بالكحل للصائم ، وكره السعوط (١).

وعليها فتوى الشيخ وأتباعه والمتأخر.

وقال ابن بابويه في المقنع : يتسعط إذا شكى ( اشتكى خ ) ويصب الدواء في أذنه.

وذهب سلار إلى أن عليه القضاء والكفارة ، وما أعرف به ( فيه خ ) دليلا ، وحكى المرتضى ذلك عن بعض الأصحاب ، واختار أنه ينقض الصوم ، ولا يبطله ، وعده أبو الصلاح (٢) فيما لا يكون المكلف معه صائما ، وحكم بأن عليه القضاء لو تعمد.

والذي يظهر أن ذلك لا يجوز ، عملا برواية البزنطي ، ويجوز مع ماس الحاجة إليه ، دفعا للضرر.

وأما مضغ العلك ، فقد تردد فيه الشيخ في المبسوط ، قال : وردت روايات بأنه يوجب القضاء والكفارة ، وهو أحوط ، وقال في النهاية : لا يجوز ذلك.

وما عده فيما يوجب القضاء والكفارة وكذا المتأخر.

وقال ابن بابويه في المقنع : ولا بأس بمضغ العلك ، وقال أبو الصلاح : يجتنب ذلك ، وذهب شيخنا إلى الكراهية ، تفصيا من الخلاف.

« قال دام ظله » : وفي الحقنة ، قولان ، أشبههما التحريم بالمايع.

أقول : الحقنة بالجامد ، لا خلاف في جوازه على كراهية ، وإنما اختلف في الحقنة بالمايع ، قال في الجمل والمبسوط ، وأبو الصلاح : يوجب القضاء ، وقال المرتضى : لا

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٢) تقدم آنفا نقل كلام أبي الصلاح من الكافي.

٢٨١

والذي يبطل الصوم إنما يبطله عمدا اختيارا.

فلا يفسد بمص الخاتم ، ومضغ الطعام للصبي ، وزق الطائر ، وضابطه ما لا يتعدى إلى الحلق ، ولا باستنقاع الرجل في الماء.

والسواك في الصوم مستحب ولو بالرطب.

ويكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة ، والاكتحال بالسواد بما فيه مسك أو صبر ، وإخراج الدم المضعف ، ودخول الحمام كذلك ، وشم الرياحين.

ويتأكد في النرجس ، والاحتقان بالجامد ، وبل الثوب على الجسد ، وجلوس المرأة في الماء.

______________________________________________________

يوجب القضاء ، وهو المختار ، وقال في النهاية ، والمفيد في المقنعة والمتأخر : لا يجوز ذلك.

ولعله اعتمادا على رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان؟ فقال : الصائم لا يجوز له أن يحتقن (١).

وهو محمول على المايع ، للاتفاق على جواز الجامد ( لنا ) أن صحة الصوم قبل الحقنة معلومة ، وما يثبت فساده بها فاستصحاب الأول لازم.

أما التحريم ، فمستنده الرواية ، وليس مستلزم القضاء ، إذ هو فرض ثان ، يستدعي دليلا ثانيا ، ولا دليل ، فلا قضاء.

« قال دام ظله » : ويتأكد في النرجس.

أقول : إنما تأكدت الكراهية في النرجس ، لورود الخبر بخصوصيته ، دون ما

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٨٢

المقصد الثاني في القضاء والكفارة :

وفيه مسائل : ( الأولى ) تجب الكفارة والقضاء بتعمد الأكل والشرب والجماع قبلا ودبرا على الأظهر ، والإمناء بالملاعبة ، والملامسة ، وإيصال الغبار إلى الحلق متعديا.

______________________________________________________

يتضمن النّهى من الرّياحين اجمع ، روى ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه ، عن علي بن رئاب ، قال : سمعت ابا عبدالله عليه‌السلام ، ينهى عن النرجس ، فقلت : ولم؟ قال : لانه ريحان ( ريحانة خ ) الاعاجم (١).

وروى الشيخ هذه عن داود بن اسحاق الخزاعى ( الحذا ـ ئل ) عن محمد بن الفيض ( العيص خ ) عن أبي عبد الله عليه (٢) السلام.

وحكى المفيد في المقنعة أن لملوك الأعاجم ، كان يوم يصومونه ، ويكثرون شم النرجس فيه ، فنهوا عليهم‌السلام ، خلافا لهم ، ولا يفسد الصوم.

المقصد الثاني

« قال دام ظله » : وفيه مسائل :

أقول : هذا المقصد مشتمل على بيان ما يوجب القضاء ، وما يوجب القضاء والكفارة ، فينبغي أن يعرف أن ما يوجب القضاء والكفارة متفق عليه ، ومختلف فيه.

( أما الأول ) فأربعة ، الأكل والشرب والجماع وما في حكمه من الأمناء والبقاء على الجنابة ، حتى طلوع الفجر ، ويشترط العمد في الكل.

وأما الثاني ، فقد قدمنا بيان الخلاف في البعض ، وسيتم ( وسنتم خ ) هنا.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ٤ ( بالسند الثاني ) من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ٤ ( بالسند الأول ) من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٨٣

وفي الكذب على الله والرسول والأئمة ، وفي الارتماس قولان ، أشبههما أنه لا كفارة.

وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر روايتان ، أشهرهما الوجوب.

وكذا لو نام غير ناو للغسل حتى يطلع الفجر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي الكذب على الله والرسول ( وعلى رسوله خ ) و ( على خ ) الأئمة عليهم‌السلام ، وفي الارتماس ، قولان ، أشبههما ، أنه لا كفارة.

والارتماس هنا ، والاغتماس بمعنى واحد ، إلا أن الارتماس أعم ، يستعمل في التراب ، وهو كثير ، ويستعمل في الماء أيضا ، والاغتماس لا يستعمل إلا في الماء ، وقد مضى البحث فيه.

وأما الكذب على الله والرسول والأئمة عليهم‌السلام فمذهب الشيخ في الجمل والنهاية ، أنه يوجب القضاء والكفارة ، وعده ابنا بابويه وأبو الصلاح ، فيما يفطر الصوم ، وما ذكروا الحكم.

قال في المبسوط بعد ذكر مذهب النهاية : وفي أصحابنا من قال : أن ذلك لا يفطر ، وإنما ينقض.

وقال شيخنا : الأشبه ، أنه لا كفارة ، تمسكا بالأصل ، ولعدم وقوفه على دليل ، ولنا فيه توقف ، رجاء ( وجاز خ ) الظفر على دليل ناهض ، بدعوى الشيخ وأتباعه.

« قال دام ظله » : وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر ، روايتان ، أشهرهما الوجوب.

أي وجوب القضاء والكفارة ، وهو متفق عليه ، إنما الاختلاف في الروايات ، فإن صفوان بن يحيى روى ، عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل أجنب في شهر رمضان ، في أول الليل ، فأخر الغسل حتى

٢٨٤

( الثانية ) الكفارة عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، وقيل : هي مرتبة.

وفي رواية ، تجب على الإفطار بالمحرم كفارة الجمع.

______________________________________________________

طلع الفجر؟ فقال : يتم صومه ولا قضاء عليه (١).

وبه عدة روايات أخر ، كلها ضعاف ، وحملها الشيخ على التقية ، وهي محمولة على وقوع التأخير سهوا ، أو لكونه نائما ( قائما خ ).

وإنما العمل على ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح؟ قال : يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا (٢).

وبه غير هذه ، وهي أوضحها ( أصحها خ ) طريقا.

وفي رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان ، أو أصابته جنابة ، ثم ينام ( الرجل خ ) حتى يصبح متعمدا؟ قال : يتم ذلك اليوم ، وعليه قضاؤه (٣).

وحملها الشيخ على من يتنبه بعد نومه ، فيتوانى عن الغسل ، فحمله ( فغلبه خ ) النوم (٤) حتى يصبح ، فإنه يلزمه قضاء ذلك اليوم ، لتفريطه.

« قال دام ظله » : الكفارة عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا ، وقيل هي مرتبة ، وفي رواية تجب على الإفطار بالمحرم ، كفارة الجمع.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ولاحظ ساير روايات الباب.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، وتمامه : وقال : إنه لخليق ( حقيق خ ) أن لا أراه يدركه أبدا.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٤ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٤) أي فغلب عليه النوم حتى أصبح جنبا.

٢٨٥

( الثالثة ) لا تجب الكفارة في شئ من الصيام عدا شهر رمضان والنذر المعين وقضاء شهر رمضان بعد الزوال.

______________________________________________________

اختلف في كفارة صوم رمضان ، قال الشيخان وسلار وابنا بابويه ، وأبو الصلاح وأتباعهم : بالتخيير ، وينطق بذلك روايات.

( منها ) ما رواه الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل أفطر من ( في خ ) شهر رمضان متعمدا يوما واحدا ، من غير عذر ، قال : يعتق نسمة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا ، فإن لم يقدر ( على ذلك يب ) تصدق بما يطيق (١).

( ومنها ) ما رواه أبو بصير ، وقد ذكرت (٢).

وذهب علم الهدى ، وابن أبي عقيل في المتمسك إلى أنها مرتبة ، وهو استناد إلى ما رواه عبد المؤمن بن الهيثم ( القاسم خ ) الأنصاري ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : هلكت وأهلكت ( يا رسول الله خ ) قال : وما أهلكك؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان ، وأنا صائم ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : لا أطيق ، قال : تصدق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد ، قال فأتى النبي صلى الله عليه وآله بعذق في مكتل ، فيه خمسة عشر صاعا من تمر ( وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام عشرون صاعا ) فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذ هذا فتصدق بها ، فقال له : والذي بعثك بالحق نبيا ، ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا ، فقال : خذه فكله ( وكله خ ) أنت وأهلك فإنه كفارة لك (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ورواية جميل المشار إليها في خبر ٢ من ذلك الباب فلاحظها.

٢٨٦

............................................................................

______________________________________________________

وجه الاستدلال ، التمسك بما بدأ به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولا فأولا.

وفيه ضعف ، فإنه كما يحتمل الترتيب ، يحتمل أن يكون لبيان خصال الكفارة من غير وجوب الترتيب ، ومع الاحتمال ، لا يصلح دليلا.

على أنها لو نزلت على الترتيب لأطرحت روايتنا (١) ولو حملناها على التخيير ، لا تسقط هذه ، فارتكاب ما لا تسقط معه رواية ، أولى من ارتكاب ما يلزم فيه سقوطها.

وفي رواية الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا؟ فقال : عليه عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم ، ومن أين له بمثل ذلك اليوم (٢) وهي غير مسندة (٣) ، وفي سماعة ضعف.

ونزلها الشيخ إما على أن الواو ، بمعنى ( أو ) التي للتخيير ، كما في قوله تعالى : مثنى وثلاث ورباع (٤) أو تكون مختصة بمن أفطر على شئ محرم ، ذكره في الاستبصار.

وقال ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه : أنا أفتي بهذه الرواية ، فيمن أفطر بحرام ، حسبما رواه أبو جعفر بن محمد بن عثمان العمري ، وما رواه حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، قد روي عن آبائك عليهم‌السلام ، فيمن جامع في شهر رمضان ، أو

__________________

(١) يعني الروايات الدالة على التخيير.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) الظاهر أن مراده قده أنها مضمرة ، وإلا فهي مسندة إلى سماعة ، وسندها كما في التهذيب ، هكذا : الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة.

(٤) النساء ـ ٣.

٢٨٧

والاعتكاف على وجه.

( الرابعة ) من أجنب ونام ناويا للغسل حتى طلع الفجر فلا قضاء ولا كفارة.

ولو انتبه ثم نام ثانيا فعليه القضاء ، ولو انتبه ثم نام ثالثة قال الشيخان : عليه القضاء والكفارة.

( الخامسة ) تجب القضاء دون الكفارة في الصوم الواجب المتعين بسبعة أشياء فعل المفطر والفجر طالع ظانا بقاء الليل مع القدرة على مراعاته.

وكذا مع الإخلاد إلى المخبر ببقاء الليل مع القدرة على المراعاة والفجر طالع.

______________________________________________________

افطر، فيه ثلاث كفارات ، وروي عنهم أيضاً ، كفارة واحدة ، فبايّ الخبرين ( الحديثين خ ) نأخذ؟ قال : بهما جميعاً ، فمتى جامع الرّجل حراماً ، او افطر على حرام ، في شهر رمضان ، فعليه ثلاث كفارات ، عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان قد نكح حلالا ، أو أفطر على حلال ، فعليه كفارة واحدة ، وإن كان ناسيا ، فلا شئ عليه (١).

« قال دام ظله » : والاعتكاف على وجه.

يعني كون الاعتكاف منذورا ، أو عهدا ، أو يكون الإفطار ، يوم الثالث ، على خلاف ، وسيذكر في باب الاعتكاف.

« قال دام ظله » : ولو انتبه ثم نام ثالثة ، قال الشيخان عليه القضاء والكفارة.

أقول : أضاف القول إلى الشيخين ، لسبقهما إليه وتجرده عن دليل وهو اختيار

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٨٨

وكذا لو ترك قول المخبر بالفجر كذبه ويكون صادقا.

وكذا لو أخلد إليه في دخول الليل فأفطر وبان كذبه مع القدرة على المراعاة.

والافطار للظلمة الموهمة دخول الليل ، ولو غلب على ظنه دخول الليل لم يقض.

وتعمد القئ ولو ذرعا لم يقض ، وإيصال الماء إلى الحلق متعديا لا للصلاة.

وفي إيجاب القضاء بالحقنة قولان ، أشبههما أنه لا قضاء.

وكذا فيمن نظر إلى امرأة فأمنى.

______________________________________________________

( مذهب خ ) سلار وأتباعهم ، والمتأخر ، ولعله تخرج منهما رحمهما‌الله ، نظرا إلى أنه إذا انتبه مرتين ، يلزم القضاء ، كما يتضمن رواية منصور بن حازم ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لو استيقظ ثم نام ، حتى يصبح ، يقضي يوما بدله ، ولو لم يستيقظ. فالصوم صحيح (١).

ففي الثالثة لا بد من مزيد حكم ، ولا حكم في الصوم إلا الكفارة ، وفيه ضعف (٢) وسمعنا ذلك عن شيخنا دام ظله ، مذاكرة.

« قال دام ظله » : وفي إيجاب القضاء بالحقنة ، قولان ، أشبههما أنه لا قضاء ، وكذا

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، والحديث منقول بالمعنى ، ومتنه هكذا : ابن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يجنب في شهر رمضان ، ثم ينام ، ثم يستيقظ ، ثم ينام حتى يصبح؟ قال : يتم صومه ( يومه خ ) ويقضي يوما آخر ، وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه ( يومه خ ) وجاز له.

(٢) يعني وفي الاستدلال ضعف ، لا في السند ، وإلا فالسند صحيح ، فإنه هكذا : الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن منصور الخ.

٢٨٩

( السادسة ) تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام.

وهل تتكرر بتكرير الوطئ في اليوم الواحد؟ قيل : نعم ، والأشبه أنها لا تتكرر. ويعزر من أفطر لا مستحلا ، مرة وثانيا ( ثانية خ ) فإن عاد ثالثة قتل.

( السابعة ) من وطأ زوجته مكرها لها لزمه كفارتان ، ويعزر دونها.

ولو طاوعته كان على كل منهما كفارة ويعزران.

( الثالث ) من يصح منه ، ويعتبر في الرجل العقل والإسلام.

وكذا في المرأة مع اعتبار الخلو من الحيض والنفاس ، فلا يصح من الكافر وإن وجب عليه ، ولا من المجنون.

______________________________________________________

فيمن ( من خ ) نظر إلى امرأة ، فأمنى.

البحث في الحقنة قد تقدم ، أما الإمناء بالنظر ، فاختلف فيه الشيخان ، فذهب الشيخ في المبسوط والمفيد ، إلى أن عليه القضاء وتبعه سلار ، وقال في النهاية : لا شئ عليه ، وعليه أتباعه ، وهو أشبه.

وحكم السماع ( الاستمتاع خ ) حكم النظر في الأمناء ، والبحث واحد.

فأما لو كان الإمناء بالملاعبة ، أو الملامسة أو القبلة ، فحكمه حكم الجماع ، يدل على ذلك ما رواه صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يعبث بأهله ، في شهر رمضان ، حتى يمني ، قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع (١).

« قال دام ظله » : تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام ، وهل تتكرر بتكرير الوطئ في اليوم واحد؟ قيل : نعم ، والأشبه أنها لا تتكرر.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٩٠

والمغمى عليه ، ولو سبقت منه النية على الأشبه.

ولا يصح من الحائض والنفساء ، ولو صادف ذلك أول جزء من النهار أو آخر جزء منه ، ويصح من الصبي المميز ، ( ولا يصح من الصبي الغير المميز خ ) ، ومن المستحاضة مع فعل ما يجب عليها من الأغسال.

______________________________________________________

أقول : لا خلاف أن تغاير الأيام مع الإفطار فيها ، موجب لتكرر الكفارة ، على حسب الأيام.

وكذا لا خلاف أنها لا تتكرر في اليوم الواحد ، إذا كان الإفطار بغير الوطئ ، فأما بالوطئ ، فعند المرتضى تتكرر ، وكأنه نظر إلى إطلاق الروايات ، بأن الجماع يوجب الكفارة.

وفيه ضعف ، لأنها مقيدة بالصوم ، وإذا جامع مرة لا يكون صائما.

وقال الشيخ في المبسوط والخلاف : لا تتكرر ، مستدلا بأن الأصل براءة الذمة ، وهو حسن.

وحكى في المبسوط عن بعض الأصحاب تفصيلا ، أن تكرر الوطئ لو حصل بعد التكفير من الأول ، فعليه كفارة أخرى ، وإلا فتكفي واحدة ، واختاره بعض تابعيه ( متابعيه خ ) من الأعاجم ، ولست أعرف منشأ التفصيل ، وفيه إشكال.

« قال دام ظله » : والمغمى عليه ، ولو سبقت منه النية ، على الأشبه.

ذهب علم الهدى والمفيد وسلار إلى أن المغمى عليه ، يجب عليه القضاء ، لأن الإغماء مرض ، والمريض يقضي.

والجواب ، لا نسلم أن الإغماء مرض ، فإن المرض هيئة غير طبيعية في البدن ، موجبة بالذات ، آفة في العقل وليس الإغماء كذلك.

ولو سلمنا أنه فرض ، نمنع أن كل مرض يوجب القضاء ، وذلك ظاهر ، لأن مع زوال العقل ، التكليف ساقط ، فلا يدخل تحت الخطاب.

٢٩١

ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور ، وفي ثلاثة أيام لدم المتعة وفي بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا.

______________________________________________________

وقال الشيخ في النهاية وموضع من المبسوط : إنه متى كان مفيقا في أول الشهر ، ونوى الصوم ، ثم أغمي عليه واستمر ، لم يلزمه قضاء شئ ( انتهى ).

فكلامه هذا مشعر بأن مع ترك النية ، يقضي من حيث دليل الخطاب.

والوجه عدم وجوب القضاء ، سبقت منه النية ، أو لم تسبق ، لأن عقله زائل ، فهو خارج عن التكليف ، وهو اختيار الشيخ في موضع من المبسوط ، وشيخنا دام ظله.

« قال دام ظله » : ويصح من المسافر ، في النذر المعين ، المشترط سفرا وحضرا ، على قول مشهور.

هذا القول للشيخين ، والمستند غير معلوم ، بل تأول الشيخ ما رواه إبراهيم بن الحميد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل ( الرجل خ ) يجعل لله عليه صيام يوم مسمى؟ قال : يصوم أبدا في السفر والحضر (١).

وفي الطريق ابن فضال ، وفي التأويل عدول عن ظاهر الرواية ، فلا يصلح مستندا ، ولهذا قال : ( على قول مشهور ) ، وشهرته أن أتباعهما قائلون به من غير مخالف ، وكذا نحن نتبعهم تقليدا ( لهم خ ).

وهل يصح صوم يوم نذره من غير شرط ، واتفق في السفر؟ فتوى المشايخ على المنع.

وهل يقضي ذلك اليوم؟ قال في النهاية : نعم ، وهو أحوط ، وقال في المبسوط : لا ، وهو أشبه ، لأن النذر غير منعقد ، وهو اختيار المتأخر.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٩٢

ولا يصح في واجب غير ذلك على الأظهر إلا أن يكون سفره أكثر من حضوره أو يعزم الإقامة عشرة.

ويؤخذ الصبي المميز بالواجب لسبع سنة استحبابا مع الطاقة ، ويلزم به عند البلوغ ، ولا يصح من المريض من التضرر به ، ويصح لو لم يتضرر ويرجع في ذلك إلى نفسه.

( الرابع ) في أقسامه ، وهي أربعة : واجب ، وندب ، ومكروه ، ومحظور.

فالواجب ستة : شهر رمضان ، والكفارات ، ودم المتعة ، والنذر وما في معناه ، والاعتكاف على وجه ، وقضاء الواجب المعين.

أما شهر رمضان فالنظر في علامته وشروطه وأحكامه : ( الأول ) علامته ، وهي رؤية الهلال ، فمن رآه وجب عليه صومه ، ولو انفرد بالرؤية.

ولو رأي شايعا أو مضى من شعبان ثلاثون يوما وجب الصوم عاما ، ولو لم يتفق ذلك قيل : يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولا يصح في واجب غير ذلك ، على الأظهر.

الاقتصار على ما عده مذهبه مذهب الشيخ وإنما قال : ( على الأظهر ) لأن المفيد وابن بابويه ، زاد فيه صوم الثلاثة الأيام للحاجة عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، وجعلها الشيخ رواية (١).

وابن بابويه صوم الاعتكاف وكذا المتأخر.

« قال دام ظله » : ولو رأي شايعا ، أو مضى من شعبان ثلاثون يوما ، وجب الصوم عاما ، ولو لم يتفق ذلك ، قيل : يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة ، إلى آخره.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب من يصح عنه الصوم.

٢٩٣

وقيل : لا يقبل مع الصحو إلا خمسون نفسا أو اثنان من خارج ، وقيل : يقبل شاهدان كيف كان وهو أظهر.

______________________________________________________

اختلفت الاقوال في هذه المسألة ، والقائل هذا ابويعلى سلار ، ولست اعرف منشأه.

نعم روى ـ في الفطر ، الاكتفاء بواحد ـ ، محمد بن قيس ، عن ابي جعفر عليه‌السلام ، قال : قال علي عليه‌السلام : اذا رأيتم الهلال فافطروا ، او شهد عليه عدل من المسلمين ( الحديث ) (١).

ومحمد بن قيس مجهول الشخص ، فهي متروكة ، ولا فتوى عليها ، وقال شارح لرسالته : (٢) اخذ سلار فتواه من رواية خرجت على التقيّة ، وهو اعلم به ، وفي المثل المولّد ( الموكول خ ) ثبّت العرش ثم انقش.

ثم يلزم على مذهب سلار جواز الافطار بقول واحد ، وهو غير مذهبه ، ولا مذهب احد منّا.

وانّما قلنا يلزم ذلك لأنّ ابتدء الصوم ، اذا كان بشهادة واحد ، وغيمت ( غمّت خ ) السماء آخر الشهر ، فنعدل الى عدلين (٣) للفطر ضرورة ، وهو مبنيّ على شهادة واحد ، والفطر مبنيّ عليه ، والمبنيّ على المبنيّ على الشيء ، مبني على ذلك الشئ ، وإذا ثبت هذا. فلنرجع إلى بيان الأقوال.

فصل الشيخ في الخلاف ، وابن بابويه في المقنع ، قالا : لا يقبل مع الصحو ، إلا

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان ، هكذا في موضع من التهذيب ، وهو ( باب علامة أول شهر رمضان ) حديث ١٢ ، وفي موضع آخر منه حديث ٥ منه : فأشهدوا عليه عدولا من المسلمين بدل قوله عليه‌السلام ( أو شهد عليه عدل من المسلمين ) وعن الاستبصار : أو يشهد عليه بينة عدول من المسلمين.

(٢) يعني رسالة أبي يعلى سلار.

(٣) في بعض النسخ : فتعدد إلى عد ثلاثين للفطرة.

٢٩٤

............................................................................

______________________________________________________

خمسون قسامة ، أو اثنان من خارج البلد ، ومع العلة اثنان.

وقال في النهاية والمبسوط : مع وجود العلة وعدم الرؤية العامة ، يحتاج إلى القسامة خمسين رجلا من البلد ، أو اثنين من الخارج ، ومع عدم العلة وعدم رؤية أهل البلد ، يحتاج إلى خمسين من الخارج ، ولو لم ير في الخارج أيضا يعد ثلاثون من الماضي.

والمستند ما رواه في التهذيب ، عن يونس بن عبد الرحمن ، رفعه (١) إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قال : ولا يجزي في رؤية الهلال ، إذا لم يكن في السماء علة ، أقل من شهادة خمسين ، وإذا كانت في السماء علة ، قبلت شهادة رجلين ، يدخلان ويخرجان من مصر (٢).

وفي معناها أخرى ، عن يونس عن حبيب الخزاعي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٣).

وقال أبو الصلاح : يقوم مقام الرؤية ، شهادة عدلين في الغيم ، وغير ذلك من العوارض وفي الصحو إخبار خمسين.

وما فصل بين أهل البلد وخارجه.

وقال في الجمل : علامة دخول رمضان ، الرؤية ، أو قيام البينة.

والمراد بالبينة ، إذا أطلقت شاهدا عدل ، وقد صرح الشيخ بذلك في موضع من الخلاف ، قال : علامة رمضان ، إما الرؤية ، أو شهادة عدلين ، وهو مذهب المفيد

__________________

(١) قوله ، رفعه ، ليس هو الرفع المصطلح في علم الدراية ، فإن السند كما في التهذيب هكذا : سعد عن العباس بن موسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي أيوب ، إبراهيم بن عثمان بن الخزاز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، والحديث منقول بالمعنى فراجع.

٢٩٥

ولا اعتبار بالجدول ، ولا بالعدد ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق ، ولا بالتطوق ، ولا بعد خمسة أيام من هلال السنة الماضية.

وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد ، ومن كان بحيث لا يعلم الأهلة توخى صيام شهر ، فإن استمر الاشتباه أجزأه.

وكذا لو صادف أو كان بعده ، ولو كان قبله استأنف.

ووقت الإمساك طلوع الفجر الثاني ، فيحل الأكل والشرب حتى يتبين خيطه ، والجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال.

ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية.

______________________________________________________

والمرتضى في جمله والمتأخر وشيخنا ، وعليه أعتمد.

( لنا ) أن الأحكام الشرعية جميعها ثبتت بشهادة شاهدين عدلين ، إلا ما استثنى لدليل ، ولا دليل هنا.

ورواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أن عليا عليه‌السلام ، كان يقول : لا أجيز في رؤية الهلال ، إلا شهادة رجلين عدلين (١).

وغيرها من الروايات في معناها ، ورواية يونس (٢) لا تصلح معارضة لهذه ، فإن بعض رجالها مجهول ، وفي يونس طعن.

« قال دام ظله » : ولا اعتبار بالجدول ، ولا بالعدد ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق ، ولا بالتطوق ، ولا بعد خمسة أيام من هلال ( السنة خ ) الماضية.

أقول : الجدول مستفاد من حساب المنجمين ، وتعرف كيفيته من الزيج ، وصحته ظني ، فلهذا لا يعتبر به.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) الدالة على عدم الإجزاء بأقل من خمسين قسامة ، إذا لم تكن في السماء علة ـ الوسائل باب ١١ حديث ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٢٩٦

ويستحب تقديم الصلاة على الإفطار إلا أن تنازع نفسه أو يكون من يتوقع إفطاره.

أما شروطه فقسمان :

( الأول ) شرائط الوجوب ، وهي ستة : البلوغ ، وكمال العقل فلو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه لم يجب على أحدهم الصوم إلا ما أدرك فجره كاملا.

والصحة من المرض ، والإقامة أو حكمها.

______________________________________________________

وأما العدد ، فهو القول ، بأن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين ، وشوال لا يتم ، فعلى هذا يعتبر كل الشهور إلى رمضان ، فيبنى على الماضي مع الاشتباه ، وتحسب شهرا تاما وشهرا ناقصا.

واختلفت فيه الروايات ، والفتوى ، فذهب الشيخ في المبسوط ، والتهذيب ، والاستبصار ، والمفيد في المقنعة ، والرسالة الغرية إلى المنع من اعتباره.

وهو فيما رواه أبان ، عن عبد الله بن جبل عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما ، يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام ، قال : شهر رمضان ، يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان (١).

وفيما رواه عن بن مهزيار ، عن عمرو بن عثمان ، عن الفضل ، عن زيد الشحام جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه سئل عن الأهلة؟ فقال : هي أهلة الشهور ، فإذا رأيت الهلال فصم ، وإذا رأيته فأفطر ، قلت : أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ قال : لا إلا أن يشهد لك بينة عدول ، فإن

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب أحكام شهر رمضان ، وتمامه : فإذا صمت تسعة وعشرين يوما ، ثم تغيمت السماء فأتم العدة ثلاثين.

٢٩٧

............................................................................

______________________________________________________

شهدوا ، أنهم رأوا الهلال قبل ذلك ، فاقض ذلك اليوم (١).

ومثله في رواية رفاعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما ، ويكون ثلاثين ، ويصيبه ما يصيب الشهور ، من التمام والنقص (٢).

وبه روايات كثيرة (٣) اقتصرنا على هذا ، وعليه أتباع الشيخ ، وهو المعتقد ( المنعقد خ ) عليه اليوم العمل ويصدقه الاعتبار.

وذهب المفيد في مختصر له إلى اعتباره وعليه أصحاب الحديث ، وكذا محمد بن علي بن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه وتمسكهم بعدة روايات إما محتملة (٤) وإما مطعون فيها.

وقد بين ذلك الشيخ في الاستبصار ، فمن أراده وقف عليه.

ولنذكر بعضها ، روى حذيفة بن منصور ، عن معاذ بن كثير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن الناس يقولون : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صام تسعة وعشرين ، أكثر مما صام ثلاثين ، فقال ، كذبوا ، ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ بعثه إلى أن قبض ، أقل من ثلاثين يوما ، ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوما وليلة (٥).

وروى أيضا حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : شهر رمضان ثلاثون يوما ، لا ينقص أبدا (٦).

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٤ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٦ بالسند الثاني من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٣) راجع الوسائل باب ٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٤) يعني محتملة للحمل على ما لا ينافي ما اختاره المشهور.

(٥) الوسائل باب ٥ حديث ٢٤ و ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٦) الوسائل باب ٥ حديث ٢٤ و ٢٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٢٩٨

............................................................................

______________________________________________________

وروى سهل بن زياد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن الله عزوجل ، خلق الدنيا في ستة أيام ، ثم اختزلها من ( عن خ ) أيام السنة ، والسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما ، شعبان لا يتم أبدا ، وشهر رمضان لا ينقص والله أبدا ( الحديث ) (١) روى الأولين ابن بابويه ، والأخير الكليني.

وطعن الشيخ فيها ، بأن حديثي حذيفة ما وجدناه ( ما وجد خ ) في كتابه ، وهو كتاب مشهور.

وأيضا روى هو ( تارة ) بواسطة ( وتارة ) بلا واسطة و ( تارة ) يفتي به من عند نفسه ، وهو أمارة الضعف.

وأيضا سهل بن زياد (٢) مقدوح فيه ، وهي مرسلة.

على أن قوله : لا ينقص أبدا ، لا يفيد إلا أنه لا يكون أبدا ناقصا ، وهو لا ينافي أن يكون حينا ناقصا وحينا تاما.

وأما اعتبار الغيبوبة بعد الشفق ، والتطوق ، فهو في رواية حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن الحسن ( البحر خ ) ( الحر خ ) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا غاب الهلال قبل الشفق ، فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق ، فهو لليلتين (٣).

ورواية محمد بن مرازم ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا تطوق الهلال ، فهو لليلتين ، وإذا رأيت ظل رأسك فيه ، فهو لثلاث (٤) وعليها فتوى ابن بابويه.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٣٤ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) الواقع في طريق الكليني وأما إرسالها فإنه قال : محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٢٩٩

ولو زال السبب قبل الزوال ولم يتناول أمسك واجبا وأجزأه ، ولو كان بعد الزوال أو قبله وقد تناول أمسك ندبا وعليه القضاء.

والخلو من الحيض والنفاس.

______________________________________________________

وقال الشيخ في الاستبصار : انما يعتبر لو كانت في السماء علة ليلته الماضية ، وقال في المسبسوط : ولا اعتبار به مطلقا وعليه الاكثرون.

وأمّا اعتبار عدّ خمسة ايام ، فيه روايتان ، احداهما عن ابراهيم بن محمد المزنى ( المدنى خ ل ) عن عمران الزعفراني ، قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : ان السماء تطبق علينا بالفرات ( بالعراق خ ) اليوم واليومين والثلاثة فأي يوم نصوم؟ قال : انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية ، فعد منها خمسة أيام ، وصم يوم الخامس ( منه خ ) (١).

ومثله رواية سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس ، عن إبراهيم بن الأحول ، عن عمران الزعفراني ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ، إلى آخره (٢).

وفيهما ضعف ، فإن الأولى مرسلة ، رواها محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن بعض الأصحاب ، ورجالها ضعاف ، وكذا الثانية ، فإن في سهل طعنا ، على أن الزعفراني مجهول الحال.

والشيخ عمل بهما في المبسوط ، إذا كانت شهور السنة الماضية مغيمة كلها.

والأولى الإعراض ، وبتقدير التسليم ، خرجه شيخنا وجها مبينا على اعتبار العدد ، وقد بينا ضعفه.

« قال دام ظله » : ولو زال السبب قبل الزوال ، ولم يتناول أمسك واجبا وأجزأه.

يريد بالسبب السفر والمرض ، ويدل عليه قوله : والصحة من المرض ، ويدل عليه قوله : والصحة من المرض ، والإقامة

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ( بالسند الثاني ).

٣٠٠