كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

وفي عدد الضربات أقوال ، أجودها للوضوء ضربة ، وللغسل اثنتان.

______________________________________________________

وفيهما ضعف ، الأولى لسماعة ، والثانية لأن في طريقها محمد بن سنان ، وهو مطعون فيه.

وحملهما الشيخ على التقية ، لكون أكثرهم قائلين به ، والمرتضى على إرادة الحكم لا الفعل.

وشيخنا دام ظله جمع بين الروايات فحمل الأولى على الوجوب ، والأخرى على الجواز ، وهو قريب ، وهو اختيار ابن أبي عقيل في المتمسك.

فإن قيل : خبر عمار والكاهلي (١) يشتملان ( مشتملان خ ) على مسح الوجه وإطلاقه يقتضي الاستيعاب.

قلنا : لا نسلم ، لجواز كون البعض مرادا ، فإن الحكم على المطلق كما يصدق بالكل يصدق بالبعض ، على أن حمل هذا على الاستيعاب يستلزم قولا خارجا (٢) ، وهو استيعاب الوجه ، والاقتصار على الكفين.

فعلى القول الأول يمسح الجبهة من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى مما يليه ، وهو المراد من قول أبي جعفر محمد بن بابويه في المقنع : وامسح بهما بين عينيك إلى أسفل حاجبيك ، وعلى القول الثاني يمسح موضع الغسل.

« قال دام ظله » : وفي عدد الضربات ، أقوال.

في المسألة أقوال مضطربة وروايات مختلفة ، قال المرتضى في شرح الرسالة : بالضربة الواحدة في الغسل والوضوء ، وهو اختيار ابن أبي عقيل.

والاستناد ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي بكير عن زرارة ، قال :

__________________

تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك.

(١) فإن في الأولى منهما : فمسح بهما وجهه ، وفي الثانية : ثم مسح وجهه وكفيه. لاحظ الوسائل باب ١١ حديث ١ ـ ٥ من أبواب التيمم.

(٢) يعني خارجا عن القولين فيلزم إحداث قول ثالث.

١٠١

والواجب فيه النية ، واستدامة حكمها ، والترتيب يبدأ بمسح الجبهة ، ثم بظاهر اليمنى ، ثم بظاهر اليسرى.

( الرابع ) في أحكامه وهي ثمانية :

( الأول ) لا يعيد ما صلى بتيممه.

ولو تعمد الجنابة لم يجز التيمم ما لم يخف التلف.

______________________________________________________

سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التيمم؟ فضرب بيده ( يديه خ ) على الأرض ، ثم رفعهما ( رفعها خ ) ، فنفضهما ( فنفضها خ ) ، ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة واحدة (١).

وما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه وصف التيمم فضرب بيديه على الأرض ، ثم رفعهما ، فنفضهما ، ثم مسح على جبهته ( جبينيه خ ) وكفيه مرة واحدة (٢).

وقال علي بن بابويه : بالضربتين لهما ، وهو في رواية إسماعيل بن همام الكندي ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين (٣).

ويقرن من ذلك ، رواية ابن مسكان ، عن ليث المرادي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في التيمم ، قال : تضرب بكفيك الأرض مرتين ، ثم تنفضهما ، وتمسح بهما وجهك وذراعيك (٤).

وقال الشيخان وعلم الهدى في المصباح وأبو الصلاح وسلار وأتباعهم : ضربة للوضوء وضربتان للغسل ، وهو جمع بين الروايات وعمل بما رواه حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : كيف التيمم؟ قال : هو ضرب واحد

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب التيمم.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من أبواب التيمم.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٣ من أبواب التيمم.

(٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب التيمم.

١٠٢

فإن خشي فتيمم وصلى ففي الإعادة تردد ، أشبهه أنه لا يعيد.

وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام يوم الجمعة ، تيمم وصلى ، وفي الإعادة قولان.

( الثاني ) يجب على من فقد الماء الطلب في الحزنة غلوة سهم ، وفي السهلة غلوة سهمين ، فإن أخل فتيمم وصلى ، ثم تبين وجود الماء ، تطهر وأعاد.

______________________________________________________

للوضوء ، وللغسل من الجنابة ضربتين (١).

وهو المختار إما لأنه جمع بين الروايتين ( الروايات خ ) فاختير توفيقا بينهما ، وإما عملا بالروايات الواردة بالتفصيل ، إذ التفصيل قاطع للشركة ، فالترجيح لها.

ويمكن الجمع من وجه آخر ، وهو أن تحمل الرواية بالمرة على الوجوب ، والزائدة على الاستحباب ، فيكون عملا بجميع الروايات ، وهو اختيار للمرتضى قدس الله روحه وربما يراه ( رآه خ ) شيخنا دام ظله.

( فأما ) ما تضمنه رواية ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن ابن مسلم ، من الضربات الثلاث للوجه ضربة ، ولليدين ضربتان (٢) ( فهو متروك ) وإن ذهب إليه ذاهب منا ، على أنه يمكن العمل بها على ما ذكره علم الهدى.

« قال دام ظله » : فإن خشي وتيمم ( فتيمم خ ) وصلى ، ففي الإعادة تردد ، أشبهه أنه لا يعيد.

وجه التردد النظر إلى قول الشيخ في النهاية بالإعادة ، وهو في رواية جعفر بن

__________________

(١) هذا الحديث منقول بالمعنى ، ومتن الحديث هكذا : زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : كيف التيمم؟ فقال : هو ضرب واحد للوضوء ، والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين ، ومتى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنبا والوضوء إن لم تكن جنبا ـ الوسائل باب ١٢ حديث ٤ من أبواب التيمم.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب التيمم ـ والحديث منقول بالمعنى فلاحظ.

١٠٣

( الثالث ) لو وجد الماء قبل شروعه تطهر إجماعا ، ولو كان بعد فراغه فلا إعادة.

______________________________________________________

بشير ، عن عبد الله بن سنان أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أصابته جنابة ، في ليلة باردة ، يخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ قال : تيمم ، ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة (١).

وقد طعن الشيخ في الاستبصار في هذه الرواية ، من حيث إن جعفر بن بشير رواها عن عبد الله بن سنان (٢) وهو شاك تارة رواها عن ابن سنان وتارة رواها مرسلة (٣).

ثم قال ولو صح الخبر ، يحمل على من أجنب نفسه مختارا ، لأن فرضه الغسل على كل حال.

وفي هذا الحمل ضعف اللهم إلا أن يثبت ذلك بدليل آخر.

والوجه إلا ( أنه خ ) يعيد ، لأن التيمم مبيح للصلاة ، فالصلاة معه تكون مأمورا بها فلا إعادة ، وإن قيل : التيمم غير مبيح ، قلنا : فالأداء ساقط والفرض خلافه.

فأما من منعه الزحام يوم الجمعة ، قال في النهاية والمبسوط وابن الجنيد منا : يتيمم ، ويصلي ، ثم يعيد حال الإمكان. وهو في رواية السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٦ من أبواب التيمم ، وفيه جعفر بن بشير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) في الاستبصار ج ١ ص ١٦١ بعد نقل الرواية المذكورة عن جعفر بن بشير عمن رواه قال : ورواه أيضا سعد عن محمد بن الحسين بن أبي خطاب ، عن جعفر بن بشير عن عبد الله بن سنان أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثل ذلك.

(٣) حيث قال : عن جعفر بن بشير عمن رواه.

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب التيمم ، ومتن الحديث هكذا : عن علي عليه‌السلام أنه

١٠٤

ولو كان في أثناء الصلاة فقولان ، أصحهما البناء ولو كان على تكبيرة الإحرام.

( الرابع ) لو تيمم المجنب ثم أحدث ما يوجب الوضوء أعاد بدلا من الغسل.

( الخامس ) لا ينقض التيمم إلا ما ينقض الطهارة المائية ، ووجود الماء مع التمكن من استعماله.

( السادس ) يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء ندبا.

( السابع ) إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب وهناك ماء يكفي أحدهم تيمم المحدث.

______________________________________________________

والسكوني ضعيف فلا تعارض ما رواه الأصل المسلّم.

« قال دام ظله » : ولو كان في اثناء الصلاة ، فقولان ، أصحهما البناء ولو على تكبيرة الاحرام.

للشيخ في المسألة قولان ، وكذا ( لعلم خ ) علم الهدى ، قال في النهاية : يرجع ما لم يركع ، وبه قال المرتضى في المصباح ، وقال في المبسوط والخلاف : لا يرجع ، ولو تلبس بتكبيرة الاحرام.

وهو حسن معمول عليه ، لأنه شرع في الصلاة شروعا مأمورا به ، فلا يحل الرجوع ، حذرا من إبطال العمل ، وهو مذهب المرتضى في خلافه وشرح الرسالة والمفيد في المقنعة ، وابن الجنيد والمتأخر ، وقال سلار : يرجع ما لم يدخل في صلاة وقراءة.

__________________

سأل عن رجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة لا يستطيع الخروج عن المسجد من كثرةالناس؟ قال : يتيمم ويصلي معهم ويعيد إذا انصرف.

١٠٥

وهل يختص به الميت أو الجنب؟ فيه روايتان أشهرهما أن يختص به الجنب دون الميت.

( الثامن ) روي فيمن صلى بتيمم فأحدث في الصلاة ووجد الماء قطع وتطهر وأتم.

ونزلها الشيخان على النسيان.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يختص ( يخص خ ) به الميت ، أو الجنب؟ فيه روايتان.

في رواية التفليسي عن أبي الحسن عليه‌السلام يغتسل الجنب (١) وفي رواية محمد بن علي عن بعض أصحابنا يتيمم الجنب ويغسل الميت بالماء (٢).

وهذه مقطوعة مرسلة فالأولى أصح ، وعليها فتوى الشيخ في النهاية.

وقال في المبسوط : إن لم يكن لأحدهم بدل تخيروا في التخصيص.

وقال المتأخر : إن كان مباحا فلمن حازه وإن تعين عليهما تغسيل الميت.

وقال شيخنا في المعتبر : البحث هنا في الأولوية والتخيير غير منازع فيه ويرجح الجنب عملا برواية التفليسي.

« قال دام ظله » : ( في الثامن ) (٣) ونزلها الشيخان على النسيان.

قلت : من صلى بتيمم ، فأحدث في أثناء الصلاة ، ووجد الماء ، روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام ، أنه يخرج ، ثم يتوضأ ، ويبنى على ما مضى من صلاته التي صلاها بالتيمم (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ٣ من أبواب التيمم ومتن الحديث هكذا : التفليسي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما ماء يكفي أحدهما أيهما يغتسل؟ قال : إذا اجتمعت سنة وفريضة بدء بالفرض ـ ومنه يعلم أن الشارع نقله بالمعنى.

(٢) الوسائل باب ١٨ حديث ٥ من أبواب التيمم. وهو أيضا منقول بالمعنى.

(٣) يعني من أحكام التيمم التي عنونها الماتن رحمه‌الله.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب قواطع الصلاة ، قال في الخبر : وهذه الرواية متكررة في

١٠٦

الركن الرابع : في النجاسات

والنظر في أعدادها وأحكامها ، وهي عشرة :

البول ، والغائط مما لا يؤكل لحمه ويندرج تحته الجلال ، والمني ، والميتة مما له نفس سائلة ، وكذا الدم ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، وكل مسكر ، والفقاع.

وفي نجاسة عرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلالة ، ولعاب المسوخ ، وذرق الدجاج ، والثعلب ، والأرنب ، والفأرة ، والوزغة ، اختلاف ، والكراهية أظهر.

وأما أحكامها فعشرة :

( الأول ) كل النجاسات يجب إزالتها قليلها وكثيرها ، عن الثوب والبدن عدا الدم فقد عفي عما دون الدرهم سعة في الصلاة ، ولم يعف عما زاد عنه.

______________________________________________________

والرواية من المشاهير مذكورة في كتب الأخبار ( الأحاديث خ ) بأسانيد مختلفة ، وأصلها محمد بن مسلم.

وفيها مع صحة السند إشكال ، منشأه حصول الإجماع ، على أن الحدث عمدا يبطل الصلاة ، فلهذا نزلها الشيخان على النسيان فالتنزيل حسن ، مؤيد بالنظر.

الركن الرابع في النجاسات

« قال دام ظله » : وفي نجاسة عرق الجنب إلى آخره.

__________________

الكتب بأسانيد مختلفة ، وأصلها محمد بن مسلم ( انتهى ).

١٠٧

وفيما بلغ قدر الدرهم مجتمعا روايتان ، أشهرهما وجوب الإزالة.

ولو كان متفرقا لم تجب إزالته ، وقيل : تجب مطلقا ، وقيل : بشرط التفاحش.

( الثاني ) دم الحيض تجب إزالته وإن قل.

______________________________________________________

عرق الجنب من الحرام والإبل الجلالة ، قال الشيخان بنجاسته ، وقال سلار : يستحب غسله.

ولعاب المسوخ نجس عند الشيخ ، بناء على مذهبه.

وفي ذرق الدجاج ، رواية عن فارس بن حاتم ، مشتملة على الكتابة (١) وهو غال ملعون ، وفي رواية وهب بن وهب ، أنه طاهر (٢) وهو أيضا ضعيف ، متهم بالكذب ، فنطرح الروايتين ونلتزم بالأصل ، وهو الطهارة.

وأما الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة ، فقد نص الشيخ في التهذيب على نجاسة كل ما لا يؤكل لحمه.

واستثنى في المبسوط ، كل ما لا يمكن التحرز منه ، وقال في النهاية : لا يجوز استعمال ما وقع فيه الوزغ ( العقرب خ ).

ومذهب شيخنا أن الطهارة أشبه ، لعدم الدلالة على التنجيس.

« قال دام ظله » : وفيما بلغ قدر الدرهم ( درهم خ ) مجتمعا ( من الدم خ ) روايتان.

روى حماد عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألته عن الدم الذي يكون في الثوب وأنا في الصلاة؟ قال : لا إعادة عليك ، ما لم يزد على مقدار الدرهم الخبر (٣)

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٦ من أبواب النجاسات ـ منقول بالمعنى ومتنه هكذا قال : قلت له : الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة قال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه ، وصل في غيره ، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم الخبر.

١٠٨

وألحق الشيخان به دم الاستحاضة والنفاس.

______________________________________________________

وهو مذهب سلار ،

وفي رواية عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) لا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة (١).

وكذا في رواية جميل بن دراج عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، إنهما قالا : لا بأس بأن يصلي الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا ، شبه النضح ، وإن كان قد رآه صاحبه قبل ذلك ، فلا بأس به ، ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم (٢).

وعليه فتوى الشيخين وعلم الهدى وأتباعهم وقال المتأخر : الإجماع منعقد على سعة الدرهم ، وهو وهم مع الخلاف.

فأما لو كان متفرقا ، قال في النهاية : يجب إزالته لو تفاحش ، وفي المبسوط قولان ، فأوجب الإزالة احتياطا.

وقال المتأخر : الأظهر في المذهب ، الإزالة وجوبا ، والأحوط للعبادة ، الإزالة.

وقال سلار : يجب الإزالة على الإطلاق ، واختار شيخنا اللا وجوب ، تمسكا برواية ابن أبي يعفور وجميل بن دراج (٣).

وأما التفاحش الذي ذكره الشيخ ، فما له تقدير شرعي ولا لغوي ، فالمرجع فيه إلى العادة.

« قال دام ظله » : وألحق الشيخ وألحق الشيخ ( الشيخان خ ) به دم الاستحاضة والنفاس.

قلت : نسب الإلحاق إليه لانفراده به (٤) فأما دم الحيض فقد ذكره الثلاثة ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ و ٤ من أبواب النجاسات.

(٤) يعني نسب المصنف إلحاق دم الاستحاضة والنفاس إلى الشيخ فقط لا انفراده به.

١٠٩

وعفي عن دم القروح والجروح التي لا يرقى ، فإذا رقى اعتبر فيه سعة الدرهم.

( الثالث ) تجوز الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه الصلاة منفردا مع نجاسته كالتكة والجورب والقلنسوة.

( الرابع ) تغسل الثياب والبدن من البول مرتين ، إلا من بول الرضيع ، فإنه يكفي صب الماء عليه ، وتكفي إزالة عين النجاسة وإن بقي اللون والرائحة.

( الخامس ) إذا علم موضع النجاسة غسل ، وإن جهل غسل كل ما يحصل فيه الاشتباه ، ولو نجس أحد الثوبين ولم يعلم عينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحد مرة.

______________________________________________________

وابنا بابويه.

ومستنده رواية أبي بصير ، قال : لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره إلا ( غير خ ل ) دم الحيض ، فإن قليله وكثيره في الثوب ، إن رآه وإن لم يره ، سواء (١).

وهذه مع ضعفها ـ من حيث هي غير مستندة ، وأن في الطريق أبا سعيد ـ مشهورة بين الأصحاب مؤيدة بعمل الجماعة.

وأما الدمان الآخران فلا دليل على وجوب إزالتهما قليلا على حسب دم الحيض ، بل هو مذهب الشيخ ومن تابعه ، وربما يكون الوجه تغليظ نجاستهما وقربهما من دم الحيض.

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب النجاسات ، وفيه أبي بصير عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما‌السلام.

(٢) وهما دم الاستحاضة والنفاس.

١١٠

وقيل : يطرحهما ويصلي عريانا.

( السادس ) إذا لاقى الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوبا أو جسدا وهو رطب غسل موضع الملاقاة وجوبا ، وإن كان يابسا رش الثوب بالماء استحبابا.

( السابع ) من علم النجاسة في ثوبه أو بدنه وصلى عامدا أعاد في الوقت وبعده.

______________________________________________________

وأجرى الشيخ السعيد الراوندي ، دم الكلب والخنزير مجراهما ( ها خ ) في الحكم وما نعرف من أين قاله ، والقياس على جسدهما لا يجوز على ( مع خ ) أن الجامع منفي (١).

« قال دام ظله » : وقيل يطرحهما ، ويصلي عريانا.

هذا قول ( مذهب خ ل ) الشيخ في المبسوط ، ذكره على رواية ، وحكى ذلك في الخلاف عن بعض الأصحاب ، واختار في النهاية والخلاف والمبسوط على الاحتياط ، أن يصلي في كل واحد ، وهو المختار ، وأشبه بالمذهب ، وقال المتأخر : يصلي عريانا.

لنا في المسألة النقل والاعتبار أما الأول روى صفوان بن يحيى ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام في رجل معه ثوبان أصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يصلي فيهما جميعا (٢).

لا يقال : هي من المكاتبات ، فلا يعمل بها ( فلا يعتمد عليها خ ) لأنا نقول أنها

__________________

(١) الظاهر أن المراد أن الجامع المشترك ـ بين دم الاستحاضة والنفاس وبين الكلب والخنزير بحيث يقتضي الاشتراك في الحكم ـ منفي.

(٢) الوسائل باب ٦٤ حديث ١ من أبواب النجاسات.

١١١

............................................................................

______________________________________________________

خالية عن المعارضة.

وأمّا الاعتبار فانّ صحة الصلاة مشروطة بستر العورة مع الامكان ، وهنا الامكان حاصل ، فلا صلاة مع عدمه ، والمقدمتان مسلّمتان.

واستدل المتأخر بطريقة الاحتياط ، وبأنّ المؤثر في الافعال يكون مقارناً لها ، لا متأخراً عنها ، وكون الصلاة واجبة وجه تقع الصلاة عليه ، فلا يقف على ما يأتى بعده ، وبأنّ هذا المصلّى مجوّز ( يجوّز خ ) عند افتتاح كل صلاة ، نجاسة الثوب والقطع بحصول ( طهارة الثوب خ ) الطهارة للثوب واجب عنده ، فلا يجوز دخوله في الصلاة إلا كذلك (١).

والجواب ( عن الأول ) أنه ضد الاحتياط ، بل الاحتياط بالإتيان ( في الإتيان خ ) فيها ، وهو ظاهر.

وعن ( الثاني ) إنا لا نسلم اطراد وجوب المقارنة في الشرعيات ، فإن الزكاة يجوز تقديمها فرضا على حول الحول ، وتمام النصاب ، وصوم بدل الهدي يجوز تقديمه من أول ذي الحجة ، ووقت الهدي يوم النحر وكذا نية صوم رمضان يجوز تقديمها ، والمؤثر فيها هو الصوم ، وهو متأخر عنها ، ومثل ذلك كثير.

على ( مع خ ) أنه غير وارد على مسألتنا ، لأن المؤثر مقارن لكل واحدة من الصلاتين ، وهو تحصيل اليقين ببراءة الذمة ، وهو واجب.

( وعن الثالث ) إنا لا نسلم وجوب القطع بطهارة الثوب لجواز كون عدم العلم بالنجاسة كافيا في الصلاة ، فإن قال : يلزم الاكتفاء بواحد ، قلنا : الاشتباه منعه ومع اليقين (٢) ببراءة الذمة ، ماذا صلى فيهما ارتفعت الشبهة وحصل اليقين.

__________________

(١) في بعض النسخ ( بعد قوله : نجاسة الثوب ) : فلا يجوز دخوله في الصلاة والقطع بحصول طهارة الثوب واجب عنده والجواب الخ.

(٢) يعني أن الاشتباه مانع للاكتفاء بواحد ومانع لحصول اليقين ببراءة الذمة.

١١٢

ولو نسي في حال الصلاة فروايتان ، أشهرهما أن عليه الإعادة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو نسي في حال الصلاة ، فروايتان ، أشهرهما أن عليه الإعادة.

في رواية حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، يعيد الصلاة (١) ومثله في رواية وهب بن حفص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة؟ فقال : علم به أو لم يعلم فعليه الإعادة ( إعادة الصلاة خ ) إذا علم (٢).

وحملهما الشيخ على ما إذا كان في الوقت ، لا في خارجه ، وهو مذهبه في الاستبصار ومذهبه في ساير كتبه.

ومذهب المفيد وعلم الهدى وأتباعهم ، الإعادة في الوقت وخارجه.

يدل على ذلك أيضا ، ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم ، فلا إعادة عليه وإن علم قبل أن يصلي ، فنسي وصلى ، فعليه الإعادة (٣).

فأما ما رواه الحسن بن محبوب عن العلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشئ ينجسه ، فينسى أن يغسله فيصلي فيه ، ثم يذكر أنه لم يكن غسله ، أيعيد الصلاة؟ فقال ( قال خ ) لا يعيد ( الصلاة خ ) فقد مضت صلاته ( الصلاة خ ) وكتبت له (٤).

حمله الشيخ في الاستبصار على ما إذا ذكر النجاسة بعد خروج الوقت ، وخصصه في التهذيب بنجاسة معفو عنها ، والرواية حسنة الرجال.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٢ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٤٠ حديث ٩ من أبواب النجاسات ، وفيه : وهيب بن حفص ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٣) الوسائل باب ٤٠ حديث ٧ من أبواب النجاسات

(٤) الوسائل باب ٤٢ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

١١٣

ولو لم يعلم وخرج الوقت فلا قضاء وهل يعيد مع بقاء الوقت؟ فيه قولان ، أشبههما أنه لا إعادة.

ولو رأى النجاسة في أثناء الصلاة أزالها وأتم ، أو طرح عنه ما هي فيه ، إلا أن يفتقر ذلك إلى ما ينافي الصلاة فيبطلها.

______________________________________________________

وقال شيخنا في المعتبر : تطابقها الأصول ، نظرا إلى أنه صلى صلاة مأمورا بها ، فيسقط بها الفرض ، والفتوى على الأول.

وما ذكره الشيخ في الاستبصار في الموضعين ، جمع بين الروايتين ، وتعويل على رواية علي بن مهزيار ، قال : كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره أنه بال في ظلمة الليل ، وأنه أصاب كفه برد نقطة من البول ، فنسي غسله وصلى فيه ـ فأجاب عليه‌السلام بما مضمونه ـ بأنه يعيد الصلاة في وقتها ، وما فات وقتها فلا إعادة (١).

وهذه الرواية في قوة الضعف لكونها من المكاتبات ، والمكتوب إليه غير معلوم.

« قال دام ظله » : ولو لم يعلم وخرج الوقت ، فلا قضاء وهل يعيد مع بقاء الوقت؟ فيه قولان أشبههما أنه لا إعادة.

قلت : بتقدير خروج الوقت ، لا خلاف فيما ذكره ، وأما مع بقاء الوقت فمذهب المرتضى ، والمفيد ، والشيخ ـ في باب تطهير الثياب من النهاية ـ أنه لا يعيد وعليه المتأخر.

وقال الشيخ ـ في باب المياه من كتاب النهاية : يعيد والأول أظهر وأشبه ، من حيث أنه صلى صلاته مأمورا بها والأمر ، امتثاله يقتضي الإجزاء.

ويدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل يصلي وفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم؟ قال : مضت صلاته ولا شئ عليه (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٤٢ حديث ١ من أبواب النجاسات ، والحديث منقول بالمعنى فلاحظ.

(٢) الوسائل باب ٤٠ ذيل حديث ٢ من أبواب النجاسات.

١١٤

( الثامن ) المربية للصبي إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد اجتزأت بغسله في اليوم والليلة مرة.

( التاسع ) من لم يتمكن من تطهير ثوبه ألقاه عريانا ، ولو منعه مانع صلى فيه ، وفي الإعادة قولان ، أشبههما أنه لا إعادة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : المربية للصبي ، إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد اجتزأت بغسله في اليوم والليلة مرة.

تقدير المسألة ، إذا أصاب المربية قميصها بول المولود ، تجتزئ بغسله مرة ، في كل يوم وليلة ، إذا لم يكن لها غير ذلك.

والوجه أن تكرار ( تكرر خ ) البول متعذر إزالته فعفى عنه ، لئلا يلزم الحرج المنفي.

وقوله : ( في اليوم ) اقتصارا على منطوق الرواية ، وهي رواية سيف بن عميرة ، عن أبي حفص عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأل عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها ، كيف تصنع؟ قال : تغسل القميص في اليوم مرة (١).

ولأن ذكر اليوم (٢) يغنى عن ذكر الليلة ، والعرف بذلك شاهد.

و ( سيف ) وإن كان مطعونا فيه ، لكن مضمون الرواية يقويه النظر ، وأفتى عليها الشيخ في النهاية والمبسوط واتباعه.

« قال دام ظله » : ( التاسع ) من لم يتمكن من تطهير ثوبه ألقاه ، وصلى عريانا ولو منعه مانع صلى فيه ، وفي الإعادة قولان أشبههما أنه لا إعادة.

الإعادة مذهب الشيخ في كتب الفتاوى ، وهو في رواية عمار الساباطي ، عن

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٢) يعني في الرواية.

١١٥

( العاشر ) الشمس إذا جففت البول أو غيره عن الأرض والبواري والحصر جازت الصلاة عليه.

______________________________________________________

أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل ليس معه ( عليه خ ) إلا ثوب ، ولا تحل الصلاة فيه ، وليس يجد ماء يغسله ، كيف يصنع؟ قال : يتيمم ويصلي ، فإذا أصاب ماء غسله ، وأعاد الصلاة (١).

والرواية فطحية الرجال ، مخالفة للأصل فالأشبه أن لا إعادة ، لأنه صلى صلاة مأمورا بها ، وعليه المتأخر هذا مع وجود المانع من النزع.

فأما مع ارتفاعه ففيه روايتان ، إحديهما ينزع ويصلي عريانا ، روى ذلك سماعه ومحمد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة ، وليس عليه إلا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني؟ قال : يتيمم ويطرح ثوبه فيجلس مجتمعا فيصلي ويومئ إيماء (٢).

وعليها فتوى الشيخ وأتباعه.

وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يجنب في ثوبه ( ثوب خ ) وليس معه غيره ، ولا يقدر على غسله؟ قال : يصلي فيه (٣).

ومثله رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه‌السلام (٤).

وحملهما الشيخ على من يخاف من النزع بردا أو غيره ، وهو عدول ، فالأولى القول بالتخيير ، لأن ستر العورة وخلو النجاسة شرطان متساويان في صحة الصلاة.

« قال دام ظله » : الشمس إذا جففت البول أو غيره عن الأرض والبواري والحصر ، جازت الصلاة عليه ، إلى آخره.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٥ حديث ٨ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٤٦ حديث ١ ـ ٤ من أبواب النجاسات واللفظ مطابق لحديث محمد الحلبي فلاحظ.

(٣) الوسائل باب ٤٥ حديث ٦ و ٥ من أبواب النجاسات.

١١٦

وهل تطهر النار ما أحالته؟ الأشبه نعم.

وتطهر الأرض باطن الخف والقدم مع زوال النجاسة.

وقيل في الذنوب إذا يلقى على الأرض النجسة بالبول : أنها تطهرها مع بقاء ذلك الماء على طهارته.

______________________________________________________

قال الشيخان والمتأخر : نعم ، وقال ( الشيخ خ ) الفقيه السعيد قطب الدين الراوندي وعماد الدين الطوسي صاحب الوسيلة : لا.

ولكن يجوز الصلاة عليه ، عملا بما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : سألته عن البواري يصيبها البول ، هل تصح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل؟ قال : نعم لا بأس (١).

وبما رواه عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قال : إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ، ثم يبس الموضع ، فالصلاة على الموضع جائزة (٢).

وشيخنا دام ظله ، متردد بين أمرين ، إما حمل الرواية على جواز الصلاة عليه دون السجدة وإما على جواز السجدة أيضا لأنها من توابع الصلاة عرفا ، من غير أن يحكم بالطهارة ، وهو حسن.

ويمكن أن يستدل على الطهارة ، بما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر (٣).

وبتقدير الطهارة ، هل تطهر بغير الشمس؟ قال الشيخ في موضع من الخلاف :

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٤ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

١١٧

ويلحق بذلك النظر في الأواني.

ويحرم منها استعمال أواني الذهب والفضة ، في الأكل والشرب وغيره ، وفي المفضض قولان ، أشبههما الكراهية.

وأواني المشركين طاهرة ما لم تعلم نجاستها بمباشرتهم أو بملاقاة نجاسة.

ولا يستعمل من الجلود إلا ما كان طاهرا في حال حياته مذكى.

______________________________________________________

تطهر بهبوب الرياح أيضا ، وفي موضع منه وفي المبسوط لا تطهر بغير الشمس.

والقول بأن إلقاء الذنوب على الأرض النجسة ، يطهر مع بقاء الماء على الطهارة ، هو للشيخ رحمه‌الله في الخلاف ، مستدلا برواية أبي هريرة ، في قصة الأعرابي (١) وهي مشهورة ووجه الاستدلال بها ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأمر بزيادة التجنيس ، ولا ببقائها.

والرواية ضعيفة جدا لشهرة فسق الراوي وكذبه ، ومنافية للأصل ، فوجه طهارتها ، بإجراء ( إجراء خ ) الماء الكثير ، حتى تستهلك النجاسة ، أو إزالة التراب.

« قال دام ظله » : ويلحق بذلك النظر في الأواني ، إلى آخره.

قلت : لا خلاف في تحريم استعمال أواني الذهب والفضة.

ويدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ، والشيخ في تهذيبه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في

__________________

(١) سنن أبي داود ج ١ ص ١٠٣ ( باب الأرض يصيبها البول ) حديث ١ ومتن الحديث هكذا : عن أبي هريرة أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم جالس فصلى قال ابن عبدة ركعتين. ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : لقد تحجرت واسعا ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد فأسرع الناس إليه فنهاهم النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم وقال : إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ، صبوا عليه سجلا من ماء أو قال : ذنوبا من ماء.

١١٨

............................................................................

______________________________________________________

صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (١).

وعنه عليه الصلاة والسلام ، الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم (٢).

وروى ابن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تأكل في آنية الذهب والفضة (٣).

وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه نهى عن آنية الذهب والفضة (٤).

فإن قيل : قد ذكر الشيخ في الخلاف ، أنه يكره استعمالها فكيف ادعيتم عدم الخلاف ، قلنا : مراده بالكراهية التحريم فإنه قد يستعمل الكراهية بمعنى التحريم ، وقد صرح الشيخ بذلك في موضع آخر.

وهل حكم التحريم في غير الآنية من الملاعق وغير ذلك ثابت؟ فيه تردد ، والأحوط نعم.

وفي اتخاذها لغير الاستعمال خلاف ، والأشبه المنع ، لأنه تضييع المال ، وهو منهى عنه ، وقيل يجوز ، لأن التحريم يتعلق بالاستعمال.

وأما المفضض فيه للشيخ قولان ، قال في الخلاف : بمثل قوله في الذهب والفضة ، وقال في المبسوط : بالجواز ، والكراهية أشبه.

__________________

(١) صحيح البخاري باب آنية الذهب والفضة حديث من كتاب الأشربة ص ٢٠٢ آخر ج ٣ ، ولفظ الحديث هكذا : عن ابن أبي ليلى قال : خرجنا مع حذيفة وذكر النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تلبسوا الحرير والديباج فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة.

(٢) صحيح البخاري أواخر ج ٢ آنية الفضة حديث ٢ من كتاب الأشربة.

(٣) الوسائل باب ٦٥ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٤) الوسائل باب ٦٥ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

١١٩

ويكره مما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ على الأشبه ، وكذا يكره من أواني الخمر ما كان خشبا أو قرعا.

ويغسل الإناء من الولوغ ثلاثا ، أولاهن بالتراب على الأظهر.

______________________________________________________

يدل على ذلك ما رواه عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض ، واعزل فمك عن موضع الفضة (١).

يبينه ما رواه بريد عنه عليه‌السلام أنه كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض الحديث (٢).

وهل عزل الفم واجب؟ قال الشيخ في المبسوط : نعم ، وحمله شيخنا على الاستحباب ، والأول أحوط.

« قال دام ظله » : ويكره مما لا يؤكل لحمه ، حتى يدبغ على الأشبه.

قلت : لا خلاف أن مع الدباغة يجوز الاستعمال ، وهل يجوز مع عدم الدباغة؟ قال الشيخ والمرتضى : لا ، وقال شيخنا والمتأخر : يجوز على كراهية.

والدليل وقوع الذكاة عليه وإلا لكان في حكم الميتة فلا يطهر بالدباغ أيضا.

ولقائل أن يقول : لا نسلم أن مجرد الذكاة هنا مؤثر في جواز الاستعمال ، لم لا يجوز أن تكون الذكاة مع الدباغة؟.

« قال دام ظله » : ويغسل الإناء من الولوغ ثلاثا ، أولاهن بالتراب ، على الأظهر.

اختلف الشيخان في أن الأولى تغسل بالتراب أم ( أو خ ) الوسطى؟ قال الشيخ وأتباعه بالأول ، وقال المفيد بالثاني ، وبالأول وردت رواية ، ذكرها مسلم في كتابه ، عن النبي صلى الله عليه ( وآله ) إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ، فليغسل

__________________

(١) الوسائل باب ٦٦ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٦٦ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

١٢٠