كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

ومن الخمر والفأرة ثلاثا ، والسبع أفضل ، ومن غير ذلك مرة. والثلاث أحوط.

______________________________________________________

سبعا أولاهن بالتراب (١).

( فإن قيل ) : الرواية مشتملة على السبع وأنتم غير قائلين به ( قلنا ) : نحملها على الاستحباب.

ورواية من طريق الأصحاب ، رواها أبو العباس الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) قال : سألته عن الكلب؟ فقال : رجس نجس ، لا يتوضأ بفضله ، واصبب ذلك الماء ، واغسله بالتراب أول مرة ، ثم بالماء (٢).

« قال دام ظله » : ومن الخمر والفأرة ثلاثا ، والسبع أفضل.

قال الشيخ في النهاية والتهذيب : يغسل ثلاثا ، وفي الجمل والمبسوط : بالسبع ، وعلى حسب القولين روايتان.

روى عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ( في حديث ) في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر ، قال : تغسله ثلاث مرات ، وسأل : أيجزيه أن يصب فيه الماء؟ قال : لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات (٣).

وروى هو أيضا عنه عليه‌السلام ، أنه سأله عن الإناء يشرب فيه النبيذ؟ قال : تغسله سبع مرات وكذلك الكلب (٤) ووجه الجمع أن تحمل الأخيرة ـ حذرا من الاطراح ـ على الاستحباب والأولى على الإجزاء.

__________________

(١) صحيح مسلم ج ١ ص ١٦١ طبع مصر باب حكم ونوع الكلب حديث ٣ من كتاب الطهارة ، ولفظ الحديث هكذا ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل ٥١ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٤) الوسائل باب ٣٠ حديث ٢ من أبواب الأشربة المحرمة من كتاب الأطعمة والأشربة.

١٢١

١٢٢

كتاب الصّلاة

١٢٣

كتاب الصلاة

والنظر في المقدمات والمقاصد.

والمقدمات سبع

( الأولى ) في الأعداد :

والواجب تسع : الصلوات الخمس ، وصلاة الجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، والزلزلة ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهة ، وما سواه مسنون.

فالصلوات الخمس سبع عشرة ركعة في الحضر ، وإحدى عشرة ركعة في السفر.

ونوافلها أربع وثلاثون ركعة على الأشهر في الحضر.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ونوافلها أربع وثلاثون ركعة ، على الأشهر.

قلت : وإن اختلفت روايات أصحابنا في نوافل اليوم والليلة ، ولكن الذي عليه عملهم ، واشتهر بينهم ما حدثه إسماعيل بن سعد الأحوص الأشعري القمي ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : كم الصلاة من ركعة؟ قال : إحدى وخمسون ركعة (١) يعني

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ١١ من أبواب أعداد الفرائض.

١٢٤

ثمان للظهر قبلها ، وكذا العصر ، وأربع للمغرب بعدها ، وبعد العشاء ركعتان من جلوس تعدان بواحدة ، وثمان لليل ، وركعتان للشفع ، وركعة الوتر ، وركعتان للغداة.

وتسقط في السفر نوافل الظهرين.

______________________________________________________

الفريضة والنافلة.

يدل على ذلك (١) ما رواه ابن ابي عمير عن ابن اذينة ، عن الفضيل بن يسار عن ابي عبدالله عليه‌السلام ( في حديث طويل ) قال : والفريضة والنافلة احدى وخمسون ركعة (٢).

فأما ما روي من الأخبار الدالة على أقل من هذا ، وهو ما رواه عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : لا تصل أقل من أربع وأربعين ركعة (٣).

وما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن يحيى بن حبيب ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عزوجل من الصلاة؟ قال : ستة وأربعون ركعة ، فرائضه ونوافله ، قال : قلت : هذه رواية زرارة؟ قال : أو ترى أحدا اصدع بالحق منه؟ (٤).

فلا منافاة بينهما لأنه ليس في هذه الأخبار ، ومثلها النهي عن الزائد على الأولى ، فتحمل الأولى على الأفضلية ، وهذه على الجواز.

والروايات في هذا الباب كثيرة ، وهي مستوفاة في كتب الأخبار ، فليطلب

__________________

(١) يعني يدل على أن المعنى ما ذكره من كونها في الفريضة والنافلة الخ.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٣ من أبواب أعداد الفرائض.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٤ من أبواب أعداد الفرائض.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ٥ من أبواب أعداد الفرائض.

١٢٥

وفي سقوط الوتيرة قولان ، والسقوط أظهر ، ولكل ركعتين من هذه النوافل تشهد وتسليم وللوتر بانفراده.

( الثانية ) في المواقيت : والنظر في تقديرها ولواحقها :

أما الأول : فالروايات فيه مختلفة ، ومحصلها اختصاص الظهر عند الزوال بمقدار أدائها ، ثم يشترك الفرضان في الوقت ، والظهر مقدمة حتى يبقى للغروب مقدار أداء العصر فيختص به ثم يدخل وقت المغرب ، فإذا مضى مقدار أدائها اشترك الفرضان في الوقت ، والمغرب مقدمة حتى يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء العشاء فيختص به.

وإذا طلع الفجر الثاني دخل وقت صلاته ممتدا حتى تطلع الشمس.

______________________________________________________

هناك من أرادها.

« قال دام ظله » : وفي سقوط الوتيرة قولان ، ( والسقوط أظهر خ ).

قال الشيخ في الجمل والمبسوط ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى في المصباح : تسقط ، وقال في النهاية : بالتخيير ، فكأنه جمع بين الروايتين لأن رواية الجواز أيضا مروية عن الرضا عليه‌السلام (١) ذكره الشيخ في التهذيب ، وادعى المتأخر على الأول الإجماع وهو ممنوع ، فالأظهر السقوط.

« قال دام ظله » : الثانية في المواقيت ، إلى آخرها.

قلت : لما كانت الروايات في المواقيت مع كثرتها مختلفة وشرطت في الأول الاختصار ، فأخللت بها مخافة التطويل ، ومحققها ما ذكره دام ظله ، وعليه عمل أكثر الأصحاب ، والخلاف فيها مشهور.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب أعداد الفرائض.

١٢٦

ووقت نافلة الظهر من حين الزوال حتى يصير الفئ على قدمين.

ونافلة العصر إلى أربعة أقدام.

ونافلة المغرب بعدها حتى تذهب حمرة المغربية ، وركعتا الوتيرة تمتدان بامتداد العشاء. وصلاة الليل بعد انتصافه ، كلما قرب من الفجر كان أفضل.

وركعتا الفجر بعد الفراغ من الوتر ، وتأخيرها حتى يطلع الفجر الأول أفضل ، ويمتد حتى تطلع الحمرة المشرقية.

وأما اللواحق فمسائل

( الأولى ) يعلم الزوال بزيادة الظل بعد انتقاصه ، وبميل الشمس إلى الحاجب الأيمن ممن يستقبل القبلة ، ويعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقية.

( الثانية ) قيل : لا يدخل وقت العشاء حتى تذهب الحمرة المغربية ، ولا يصلي قبله إلا مع العذر ، والأظهر الكراهية.

( الثالثة ) لا تقدم صلاة الليل على الانتصاف إلا لشاب تمنعه رطوبة رأسه أو لمسافر ، وقضاؤها أفضل.

( الرابعة ) إذا تلبس بنافلة الظهر ولو بركعة ثم خرج وقتها أتمها مقدمة على الفريضة ، وكذا العصر وأما نوافل المغرب فمتى ذهبت الحمرة ولم يكملها بدأ بالعشاء.

( الخامسة ) إذ طلع الفجر الثاني فقد فاتت النافلة عدا ركعتي الفجر ، ولو تلبس من صلاة الليل بأربع ركعات زاحم بها ( وأتمها خ ) الصبح ما لم يخش فوات الفرض ولو كان تلبس بما دون الأربع ثم طلع الفجر ، بدأ

١٢٧

بالفريضة وقضى نافلة الليل.

( السادسة ) تصلى الفرائض أداء وقضاء ، ما لم تتضيق الحاضرة ، والنوافل ما لم يدخل وقت الفريضة.

( السابعة ) يكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وقيامها ، وبعد الصبح ، والعصر ، عدا النوافل المرتبة ، وما له سبب (١).

______________________________________________________

« قال دام ظله » : يكره ابتداء النوافل ، عند طلوع الشمس ، إلى آخره.

هذه الأوقات لا تكره فيها الفرائض ، وإنما البحث في النوافل ، قال في الخلاف : يكره ما يبتدأ دون ما له سبب كتحية المسجد ، وصلاة الزيارة ، والطواف ، والاحرام ، والنذر ، ومثلها.

وفي الجمل يكره (٢) لابتداء النوافل ومعناه لا يجاد النوافل ابتداء.

وقال المفيد تكره (٣) النوافل كلها ، إلا بعد الصبح والعصر ويجوز قضاء النوافل فيها.

ومستند الكراهية لعله ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان ، وتغرب بين قرني الشيطان ، وقال : لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب (٤).

__________________

(١) كصلاة الزيارة ، والاستخارة ، والحاجة ، وقضاء الفرائض ، والنذر ، وصلاة الكسوف وتحية المسجد.

(٢) عبارة الجمل ص ٢١ هكذا : الأوقات المكروهة لابتداء النوافل فيها خمسة.

(٣) عبارة المفيد في المقنعة ص ٣٢ هكذا : ولا بأس أن يقضي الإنسان نوافله بعد صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس ، وبعد صلاة العصر إلى يتغير لونها بالاصفرار ، ولا يجوز ابتداء النوافل ولا قضاء شئ منها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها. انتهى.

(٤) الوسائل باب ٣٨ حديث ١ من أبواب المواقيت.

١٢٨

( الثامنة ) الأفضل في كل صلاة تقديمها في أول أوقاتها ، عدا ما نستثنيه في مواضعه ، إن شاء الله.

( التاسعة ) إذا صلى ظانا دخول الوقت ، ثم تبين الوهم ، أعاد ، إلا أن يدخل الوقت ولم يتم ، وفيه قول آخر.

______________________________________________________

وعن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب ، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس (١).

والتحريم منفي بالاتفاق ، فتحمل على الكراهية ، حذرا من الإطراح ( من الإطراد خ ).

« قال دام ظله » : الأفضل في كل صلاة ، تقديمها في أول وقتها ، عدا ما نستثنيه في مواضعه ، إن شاء الله.

قلت : أراد بالمستثنى ، صلاة المستحاضة ، والمغرب لمن أفاض من عرفات ، والعشاء الآخرة إلى سقوط الشفق.

« قال دام ظله » : ( التاسعة ) ، إذا صلى ظانا دخول الوقت ، إلى آخرها.

قلت : الدخول في الصلاة قبل وقتها محرم مع العلم أما لو دخل ظانا دخوله ، ثم ظهر خلاف ظنه ، قال في المبسوط : يعيد ، إلا أن يدخل الوقت ، ولما يتم ، وهو اختيار شيخنا دام ظله.

قال في النهاية : لو دخل عامدا أو ناسيا ، ثم دخل الوقت ولم يفرغ منها ، فقد أجزأته ( انتهى ).

وفيه ضعف ، المستند غير معلوم ، فلا عمل عليه.

وقال علم الهدى وابن الجنيد من أصحابنا : يعيد الصلاة ، وهو أشبه بالأصل ، لأنه مع العمل منهي عن الشروع ، فيكون به فاسدا ، ومع الظن والنسيان أدى ما لم

__________________

(١) الوسائل باب ٣٨ حديث ٢ من أبواب المواقيت.

١٢٩

( الثالثة ) في القبلة :

وهي الكعبة مع الإمكان ، وإلا فجهتها وإن بعد ، وقيل : هي قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة من صلى في الحرم ، والحرم قبلة أهل الدنيا ، وفيه ضعف.

ولو صلى في وسطها استقبل أي جدرانها شاء ، ولو صلى على سطحها أبرز بين يديه شيئا منها ولو قليلا.

______________________________________________________

يؤمر به ، فلا يكون مجزيا.

ويؤيده ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، من صلى في غير وقت فلا صلاة له (١).

وما ذكره في المبسوط أظهر بين الأصحاب ، لرواية إسماعيل بن رباح ( رياح خ ) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ، ولم يدخل الوقت فدخل الوقت ، وأنت في الصلاة ، فقد أجزأت عنك (٢) ومعنى ( ترى ) تظن.

« قال دام ظله » : الثالثة ، في القبلة وهي الكعبة ، إلى آخرها.

ذهب الشيخ في كتبه إلى أن الكعبة قبلة أهل المسجد ، والمسجد قبلة أهل الحرم ، والحرم قبلة من نأى عنه.

واستدل بعد الإجماع ، بأنه لو لم يكن الحرم يخرج ( لخرج خ ) أكثر المصلين في صف واحد عن جهة الكعبة ، وهو باطل ، فالأول باطل.

وبرواية مكحول عن عبد الله بن عبد الرحمن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الكعبة قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٧ و ١٠ من أبواب المواقيت.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب المواقيت.

١٣٠

............................................................................

______________________________________________________

الآفاق (١).

وبما روى أبو الوليد عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام مثل الأول سواء (٢) وهو مذهب المفيد وسلار وأتباعهم ، واختيار شيخنا في الشرايع من غير فتوى به.

وذهب علم الهدى إلى أن القبلة هي جهة الكعبة لمن نأى عنها ، متمسكا بقوله تعالى : جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس (٣) وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره (٤) وهو اختيار شيخنا دام ظله والمتأخر ، وهو أشبه.

والجواب ( عن الأول ) أن ( دعوى خ ) الإجماع ممنوعة ( ممنوع خ ) و ( عن الثاني ) لا نسلم خروجهم عن القبلة إذ الجهة هي سمت الكعبة و ( عن الثالث ) الطعن في سند الأحاديث ، فكلها ضعيفة الرجال.

والحق أن الخلاف غير مثمر مع الاتفاق على العلائم ، اللهم إلا في التياسر ، فإنه مستحب على مذهب الشيخ.

ويظهر من كلامه الوجوب ، وهو تعويل على ما روى المفضل بن عمر ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام ، لماذا صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ قال : لأن للكعبة ستة حدود ، أربعة منها على يسارك ، واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار (٥).

__________________

(١) الخلاف مبحث مسائل القبلة ـ مسألة ١٤.

(٢) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب القبلة مع الاختلاف في السند وبعض الألفاظ.

(٣) المائدة ـ ٩٧.

(٤) البقرة ـ ١٤٤.

(٥) الوسائل باب ٤ حديث ٢ من أبواب القبلة ، والحديث منقول بالمعنى ، ومتنه هكذا : عن المفضل بن عمر ، أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه؟ فقال : إن الحجر الأسود لما نزل من الجنة ووضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه

١٣١

وقيل : يستلقي ويصلي موميا إلى البيت المعمور.

ويتوجه أهل كل إقليم إلى سمت الركن الذي يليهم.

فأهل العراق يجعلون المشرق على المنكب الأيسر ، والمغرب على اليمين ( الأيمن خ ) ، والجدي خلف المنكب الأيمن ، والشمس عند الزوال محاذية لطرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف.

وقيل : يستحب التياسر لأهل العراق عن سمتهم قليلا وهو بناء على توجههم إلى الحرم.

وإذا فقد العلم بالجهة والظن ، صلى الفريضة إلى أربع جهات ، ومع الضرورة أو ضيق الوقت يصلي إلى أي جهة شاء.

______________________________________________________

والمفضل مطعون فيه ، وذكر النجاشيّ أنه كان فاسد العقيدة.

« قال دام ظله » : وقيل يستلقي ـ أي المصلى على سطح الكعبة ـ ، ويصلى مومياً الى البيت المعمور.

وهذا قول الشيخ في النهاية والخلاف ، مستدلا بالاجماع ، وبرواية اسحاق بن محمد عن عبد السلام بن صالح عن الرضا عليه‌السلام في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة ، قال : إن قام لم يكن له قبلة ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ، ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور ، ويقرأ ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه ، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه والسجود على نحو ذلك (١).

__________________

النور ، الحجر الأسود ، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال ، وعن يسارها ثمانية أميال كله اثني عشر ميلا فإذا انحرف الإنسان ذات اليمين خرج عن القبلة لقلة أنصاب الحرم ، وإذا انحرف الإنسان ذات اليسار لم يكن خارجا من حد القبلة.

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب القبلة.

١٣٢

ومن ترك الاستقبال عمدا أعاد مطلقا ، ولو كان ظانا أو ناسيا وتبين الخطأ لم يعد ما كان بين المشرق والمغرب.

ويعيد الظان ما صلاه إلى المشرق والمغرب في وقته لا ما خرج وقته ، وكذا لو استدبر القبلة ، وقيل : يعيد ولو خرج الوقت.

ولا تصلى الفريضة على الراحلة اختيارا ، وقد رخص في النافلة سفرا حيث توجهت الراحلة.

( الرابعة ) في لباس المصلي :

لا يجوز الصلاة في جلد الميتة ولو دبغ ، وكذا ما لا يؤكل لحمه ولو ذكي ودبغ ، ولا في صوفه وشعره ووبره ولو كان قلنسوة أو تكة. ويجوز استعماله لا في الصلاة ، ولو كان مما يؤكل لحمه جاز في الصلاة وغيرها ، وإن أخذ من الميتة جزا أو قلعا مع غسل موضع الاتصال.

ويجوز في الخز الخالص لا المغشوش بوبر الأرانب والثعالب.

______________________________________________________

وقال في المبسوط : إن صلى كما يصلي ( في خ ) جوفها كانت صلاة ماضية ، وهو أشبه ، لأن الأول مخالف الأصل في أركان كثيرة.

وفي طريق الرواية إسحاق بن محمد البصري ، وهو ضعيف (١) ، على أنها لا تعارض الأصل المقطوع به ، والاجماع غير متحقق ، وينقضه قول المبسوط.

« قال دام ظله » : ومن ترك الاستقبال عمدا ، إلى آخره.

قلت : لا نزاع إن ترك الاستقبال مع العمد موجب للإعادة ، فأما من صلى ظانا ، ثم تبين خطأه ، لا يخلو حاله إما بأن يكون بين المشرق والمغرب ، أو بأن يكون

__________________

(١) فإنه مرمى بالغلو كما عن الشيخ والخلاصة وابن داود عن الكشي راجع تنقيح المقال ج ١ ، ص ١٢١.

١٣٣

............................................................................

______________________________________________________

ـ صلى إلى الشرق والغرب أو بأن يكون مستدبرا.

فالأول لا يعيد صلاته ، لقوله عليه‌السلام : ما بين المشرق والمغرب قبلة (١).

فأما لو تبين الخطأ ، وهو في الصلاة يجب عليه أن يحول وجهه إلى القبلة ، لأنه فرضه مع العلم.

وأما الثاني : فيعيد في الوقت ، ولا يعيد لو خرج الوقت ، يدل عليه ما رواه سليمان بن خالد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ، ثم يضحي فيعلم أنه صلى لغير القبلة ، كيف يصنع؟ قال : إن كان في وقت فليعد صلاته ، وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده (٢).

وروى مثل ذلك عبد الرحمن بن الحجاج (٣) ورواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (٤).

ومقتضى الأصل عدم الإعادة ، لأنها فرض ثان ، يحتاج إلى دليل ثان ، لكن الروايات من المشاهير فيجب اعتبارها ، ولطريقة الاحتياط.

وأما المستدبر فمذهب الشيخان وسلار وأتباعهم إلى أنه يعيد ، سواء كان في الوقت أو خارجه.

والمستند ، ما رواه عمار الساباطي ، وعن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل صلى إلى ( على ـ كا ـ يب ) غير القبلة ، فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته ، قال :

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب القبلة.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من أبواب القبلة.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١ و ٥ و ٨ من أبواب القبلة. ـ وفيه عبد الرحمن بن أبي عبد الله مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه.

(٤) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب القبلة.

١٣٤

............................................................................

______________________________________________________

إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين ( ساعة خ ئل ) يعلم وإن كان مستدبرا فليقطع الصلاة (١) ، ثم يحول إلى القبلة الحديث (٢).

وهذه ضعيفة السند ، لفساد عقيدة عمار.

وقال المرتضى : يعيد في الوقت ولا يعيد لو خرج الوقت ، واختار المتأخر وشيخنا ، وهو أشبه ( لنا ) أن القضاء فرض مستأنف ، يحتاج إلى دليل مستأنف.

ويدل عليه أيضا عموم رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه ، السلام قال : إذا صليت وأنت على غير القبلة ، واستبان لك أنك على غير القبلة ، وأنت في وقت فأعد ، وإن فاتك فلا تعد (٣).

وعموم رواية سليمان بن خالد (٤) وقد ذكرناها ، هذا حكم الظان.

فأما الناسي ، فالشيخ ألحقه بالظان ، والأشبه أن عليه الإعادة على التقديرات ( على التقديرين ) لأن صلاته غير مأمور بها ، فلا تكون مجزية.

وإنما قلنا ذلك ، لأن الاستقبال شرط في صحة الصلاة ، فمع الإخلال به لا تصح.

وقولهم عليهم‌السلام : ما بين المشرق والمغرب قبلة (٥) فمحمول على المضطر ، والذي لا يعرف جهة القبلة يقينا بالإجماع ، وأيضا طريقة الاحتياط توجب ذلك.

__________________

(١) في الوسائل : وإن كان متوجها إلى دبر القبلة.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب القبلة.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٥ من أبواب القبلة.

(٤) الوسائل باب ١١ حديث ٦ من أبواب القبلة.

(٥) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب القبلة ، وصدر الخبر هكذا : عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : لا صلاة إلا إلى القبلة ، قال : قلت : أين حد القبلة؟ قال : ما بين الخ.

١٣٥

وفي فرو السنجاب قولان ، أظهرهما الجواز.

وفي الثعالب والأرانب قولان ، أشهرهما المنع.

ولا يجوز الصلاة في الحرير المحض للرجال إلا مع الضرورة أو في الحرب.

______________________________________________________

في لباس المصلي

« قال دام ظله » : وفي فرو السنجاب قولان ، أظهرهما الجواز.

قال في النهاية والمبسوط والاستبصار : لا بأس بالصلاة في السنجاب والحواصل (١).

وقال في النهاية في باب ما لا يحل من الميتة من النهاية : لا يجوز ، وقد رويت ( وردت خ ) رخصة.

والأول هو الأصل ، وإليه ذهب في الخلاف ، وجعل الجواز رواية ، وهو مذهب ابن بابويه والمتأخر.

ومستنده روايات ( منها ) ما رواه داود الصرمي عن بشير بن بشار ، قال : سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن أصلي فيه لغير تقية؟ ( قال ئل ) فقال : صل في السنجاب والحواصل الخوارزمية ولا تصل في الثعالب ولا السمور (٢).

وما رواه علي بن مهزيار عن أبي علي بن راشد ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما تقول في الفراء أي شئ يصلى فيه؟ قال : أي الفراء؟ قلت :

__________________

(١) الحواصل جمع حوصل ، وهو طير كبير له حوصلة عظيمة يتخذ منها الفرو ، قيل : وهذا الطائر يكون بمصر كثيرا ( مجمع البحرين ).

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب لباس المصلي.

١٣٦

............................................................................

______________________________________________________

الفنك والسنجاب والسمور ، قال : فصل في الفنك والسنجاب ، فأما السمور فلا تصل فيه ، قلت : فالثعالب يصلى فيها؟ قال : لا ، ولكن تلبس بعد الصلاة ، قلت أصلي في الثوب الذي يليه؟ قال : لا (١).

ومنها ما رواه مقاتل بن مقاتل ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب ( الثعلب خ ) ، فقال : لا خير في ذلك ( ذا خ ) كله ما عدا السنجاب (٢).

وقال سلار : قد وردت رخصة في جواز الصلاة فيه.

وأما مستند المنع فروايات تتضمن أن كل ما لا يؤكل لحمه لا يجوز الصلاة في جلده.

وهي ما رواه ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، قال : سأل زرارة أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر ، فأخرج كتابا وزعم أنه إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله ، فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسدة ، لا تقبل تلك الصلاة حتى تصلي في غيره مما أحل الله أكله وغير ذلك من الروايات.

وذهب السعيد قطب الدين الراوندي إلى أنه لا يؤكل لحمه (٤) وتجوز الصلاة فيه.

__________________

(١) أورد صدره في الوسائل في باب ٤ حديث ٥ وذيله في باب ٧ حديث ٣ من أبواب لباس المصلي.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب لباس المصلي ، وتمامه : دابة لا تأكل اللحم.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب لباس المصلي.

(٤) إلى أنه يؤكل لحمه ( خ ).

١٣٧

وهل يجوز للنساء من غير ضرورة؟ فيه قولان ، أظهرهما الجواز.

______________________________________________________

فالأظهر بين الطائفة ، الجواز ، والذي أراه الاجتناب احتياطاً ، اذا لخلاف موجود.

وأمّا الثعالب والارانب ، فالأصحاب مطبقون على المنع ، وادّعى علم الهدى والشيخ عليه الاجماع.

وأمّا بيان الروايتين فيهما وقد مضى بعضها ـ ما روى حمّاد ، عن حريز عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن جلود الثعالب ، أيصلى فيها؟ فقال : ما أحب أن أصلي فيها (١).

وما روى عن جعفر بن محمد بن أبي زيد ، قال : سئل الرضا عليه‌السلام ، عن جلود الثعالب الذكية ( المذكاة خ ) ، قال : لا تصل فيها (٢) ، هذه المعمول عليها.

فأما ما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصلاة في جلود الثعالب ، فقال : إذا كانت ذكية فلا بأس (٣).

وما رواه صفوان ، عن جميل ، عن الحسن بن شهاب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن جلود الثعالب ، إذا كانت ذكية أيصلى فيها؟ قال : نعم (٤).

فالشيخ حملها على التقية ، وعلى الجملة فالأصحاب غير عاملين بها.

« قال دام ظله » : وهل يجوز للنساء ، من غير ضرورة؟ إلى آخره.

الصلاة في الحرير للرجال لا تجوز بلا خلاف ، واختلف في النساء ، قال الثلاثة وسلار وأتباعهم : تجوز على كراهية ، وعليه المتأخر ، وأطلق ابن بابويه وأبو الصلاح المنع ، والأول أظهر في العمل.

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب لباس المصلي.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٦ من أبواب لباس المصلي.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ٩ من أبواب لباس المصلي.

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ١٠ من أبواب لباس المصلي.

١٣٨

وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد ، أظهره الجواز مع الكراهية.

وهل يجوز الوقوف عليه والافتراش له؟ فيه تردد ، المروي نعم.

ولا بأس بثوب مكفوف به.

ولا يجوز في ثوب مغصوب مع العلم ، ولا فيما يستر ظهر القدم ما لم يكن له ساق كالخف.

ويستحب في النعل العربية.

وتكره في الثياب السود ما عدا العمامة والخف.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد ، أظهره الجواز مع الكراهية.

منشأ التردد (١) ( أن خ ) الصلاة لما كانت لا تجوز معهما على الانفراد ، فوجودهما كعدمهما ، فلا يتفاوت الحرير وغيره ( ومن ) (٢) حيث إن الصلاة في الحرير على الإطلاق منهي عنها ، يلزم عدم الجواز ، وبه تشهد رواية رواها في التهذيب ، عن الكليني ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، قال : كتبت إلى أبي محمد عليه‌السلام ، أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب : لا تحل الصلاة في حرير محض (٣).

والأول أقوى ، لأن النهي يتناول اللباس المعتبر في الصلاة ، والرواية مشتملة على المكاتبة ، فلا حجة فيها ، وهو مذهب الشيخ وأتباعه والمتأخر.

وأما الركوب عليه والتكأة ( الاتكاء خ ) عليه والافتراش ، فمستند الجواز فيها الإباحة الأصلية ، وما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر

__________________

(١) هذا وجه الجواز.

(٢) هذا وجه عدم الجواز.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب لباس المصلي.

١٣٩

وفي الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب والثعالب أو فوقه ، وفي ثوب واحد للرجال ـ ولو حكى ما تحته ـ لم يجز.

وأن يتزر ( يأتزر خ ) فوق القميص ، وأن يشتمل الصماء ، وفي عمامة لا حنك لها.

وأن يؤم بغير رداء ، وأن يصحب معه حديدا ظاهرا ، وفي ثوب يتهم صاحبه ، وفي قباء فيه تماثيل ، أو خاتم فيه صورة.

ويكره للمرأة أن تصلي في خلخال له صوت ، أو متنقبة.

ويكره للرجال اللثام.

______________________________________________________

عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الفراش ( الحرير خ ) ومثله من الديباج والمصلى الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة؟ قال : يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه (١).

( قال دام ظله ) : و ( تكره ) في الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب والثعالب أو فوقه.

قال الشيخ في النهاية وابن بابويه في المقنع : لا تجوز الصلاة فيه.

والمستند ما ذكره في الاستبصار ، إن أبا الحسن الرضا عليه‌السلام ، سئل عن الصلاة في جلود الثعالب والأرانب؟ فقال : لا تصل في الذي فوقه ، ولا في الذي تحته (٢).

وقال في المبسوط : تحمل هذه الرواية على الكراهية ، أو على أنه إذا كان أحدهما رطبا.

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب لباس المصلي.

(٢) الوسائل باب ٦ ذيل حديث ٨ من أبواب لباس المصلي ، وفيه هكذا : وذكر أبو الحسن يعني علي بن مهزيار أنه سأله عن هذه المسألة فقال : لا تصل في الذي الخ.

١٤٠