كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

( الخامسة ) أقل ما يعطي الفقير ما يجب في النصاب الأول ، وقيل : ما يجب في الثاني ، والأول أظهر ، ولا حد للأكثر ، فخير الصدقة ما أبقت غنيا.

( السادسة ) يكره أن يملك ما أخرجه في الصدقة اختيارا ، ولا بأس بعوده إليه بميراث وشبهه.

______________________________________________________

عليه‌السلام ، لانه وارث من لا وارث له (١) ، وهو قويّ ، والاوّل أظهر.

ووجه الأجودية في الاوّل ، أنّه مال ارباب الزكاة ، وعدمهم لا يدلّ على عدم استحقاقهم منه ، اذا وجدوا ، فالمملوك عبدلهم ، ميراثه لهم ، ولقائل يقول : أنّه لا نسلّم أنّه مالهم.

« قال دام ظله » : اقلّ ما يعطى الفقير ، ما يجب في النصاب الاوّل ، وقيل : ما يجب في الثاني ، والاوّل أظهر.

القول الاوّل للشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى في الانتصار ، وسلار في الرسالة ، وبه روايات ( منها ) ما رواه ابو ولاد الحنّاط ، عن ابي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : لا يعطى أحد من الزكاة ، أقل من خمسة دراهم ، وهو أقل ما فرض الله عزوجل في الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا (٢).

وروى مثل ذلك معاوية بن عمار عنه عليه‌السلام (٣).

__________________

(١) وفي أكثر النسخ ، لأنه ميراث من لا وارث له والصواب ما أثبتناه.

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة ، عن معاوية بن عمار وعبد الله بن بكير جميعا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال : لا يجوز أن يدفع من الزكاة أقل من خمسة دراهم ، فإنها أقل الزكاة.

٢٦١

( السابعة ) إذا قبض الإمام أو الفقيه الصدقة دعا لصاحبها استحبابا على الأظهر.

( الثامنة ) يسقط مع غيبة الإمام سهم السعاة والمؤلفة ، وقيل : يسقط معهما سهم السبيل ، وعلى ما قلناه لا يسقط.

( التاسعة ) ينبغي أن يعطى زكاة الذهب والفضة وأهل المسكنة ، وزكاة النعم أهل التجمل ، والوصل إلى المواصلة بها من يستحي من قبولها.

______________________________________________________

وقال في المبسوط والجمل : أقل ذلك ما في النصاب الأول ، و ( أو خ ) ما في الثاني ، وهو اختياره أيضا في الاستبصار جمعا بين الروايتين ، ورواية أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي الصهبان ، قال : كتبت إلى الصادق عليه‌السلام ، هل يجوز لي يا سيدي إن أعطي الرجل من إخواني ، الدرهمين والثلاثة الدراهم ، فقد اشتبه ذلك علي؟ فكتب : ذلك جايز (١).

وقال علم الهدى في جمل العلم والعمل : يجوز أن يعطي الواحد القليل والكثير ، من غير تحديد ، واختاره المتأخر ، وهو أشبه ، وفتوى النهاية أظهر بين الأصحاب ، والتحديد في الدرهم والدينار خاصة.

« قال دام ظله » : إذا قبض الإمام أو الفقيه الصدقة ، دعا لصاحبها استحبابا ، على الأظهر.

الاستحباب مذهب الشيخ في المبسوط ، وقال في الخلاف : بالوجوب تمسكا بقوله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم (٢).

« قال دام ظله » : يسقط مع غيبة الإمام عليه‌السلام ، سهم السعاة والمؤلفة ، وقيل يسقط معهم ( معهما خ ) سهم السبيل ، وعلى ما قلناه لا يسقط.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) التوبة ـ ١٠٣.

٢٦٢

القسم الثاني في زكاة الفطرة

وأركانها أربعة :

( الأول ) فيمن تجب عليه :

إنما تجب على البالغ العاقل الحر الغني ، يخرجها عن نفسه وعياله ، من مسلم وكافر وحر وعبد وصغير وكبير ، ولو عال تبرعا.

ويعتبر النية في أدائها ، وتسقط عن الكافر لو أسلم.

وهذه الشروط تعتبر عند هلال شوال ، فلو أسلم الكافر أو بلغ الصبي ( أو أفاق المجنون خ ) أو ملك الفقير القدر المعتبر قبل الهلال وجبت الزكاة.

ولو كان بعده لم تجب ، وكذا لو ولد له أو ملك عبدا.

ويستحب لو كان ذلك ما بين الهلال وصلاة العيد ، والفقير مندوب إلى إخراجها عن نفسه وعن عياله وإن قبلها ، ومع الحاجة يدير على عياله صاعا ثم يتصدق به على غيرهم.

( الثاني ) في جنسها وقدرها :

والضابط إخراج ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط واللبن ، وأفضل ما يخرج التمر ، ثم الزبيب ، ويليه ما يغلب على قوت بلده ، وهي في جميع الأجناس صاعا ، وهي تسعة أرطال بالعراقي.

______________________________________________________

هذا البحث مبني على تفسير السبيل ، فإن فسر بأنه هو الجهاد لا غير ، لزم السقوط في كل موضع يسقط الجهاد ، وإن فسر بكل ما كان قربة ، فلا يسقط ، لإمكان ذلك مع غيبته عليه‌السلام.

٢٦٣

ومن اللبن أربعة أرطال ، وفسره قوم بالمدني ، ولا تقدير في عوض الواجب ، بل يرجع إلى القيمة السوقية.

( الثالث ) في وقتها :

تجب بهلال شوال ، وتتضيق عند صلاة العيد ، ويجوز تقديمها في شهر رمضان ولو من أوله ، ولا يجوز تأخيرها عن الصلاة إلا لعذر ، أو لانتظار المستحق.

وهي قبل صلاة العيد فطرة ، وبعدها صدقة.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ومن اللبن أربعة أرطال وفسره قوم بالمدني.

القوم إشارة إلى الشيخ وأتباعه والمتأخر ، والمستند ، ما رواه في التهذيب والاستبصار ، رفعه إلى القاسم بن الحسن ( محمد خ ) رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سئل عن الرجل من ( في خ ) البادية ، لا يمكنه الفطرة ، قال : يتصدق بأربعة أرطال من لبن (١).

وما رواه محمد بن الريان ، قال : كتبت إلى الرجل ، أسأله عن الفطرة وزكاتها كم تؤدى؟ فكتب : أربعة أرطال بالمدني (٢).

فقال الشيخ : المراد به اللبن ، لأن من كان قوته اللبن يجب عليه أربعة أرطال من اللبن.

والذي أرى أن الروايتين فيهما ضعف جدا ، وهو ( هذا خ ) بين.

« قال دام ظله » : وهي قبل صلاة العيد فطرة ، وبعدها صدقة ، وقيل : يجب

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة ـ بسند الشيخ قده. ولا يخفى أن المراد من الرفع غير الرفع المصطلح فإن التعبير في السند القاسم بن الحسن عمن حدثه الخ.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٤

وقيل : يجب القضاء وهو أحوط.

وإذا عزلها وأخر التسليم لعذر لم يضمن لو تلفت ، ويضمن لو أخر ( أخرها خ ) مع إمكان التسليم ، ولا يجوز نقلها مع وجود المستحق ، ولو نقلها ضمن ، ويجوز مع عدمه ، ولا يضمن.

( الرابع ) في مصرفها :

وهو مصرف زكاة المال ، ويجوز أن يتولى المالك إخراجها ، وصرفها إلى الإمام أو من نصبه أفضل ، ومع التعذر إلى فقهاء الإمامية.

ولا يعطي الفقير أقل من صاع ، إلا أن يجتمع من لا يتسع لهم ، ويستحب أن يخص بها القرابة ، ثم الجيران مع الاستحقاق.

______________________________________________________

القصاء ، وهو أحوط.

أقول : اختلفت الأقوال في هذه المسألة ، فذهب الشيخ في النهاية والجمل والمبسوط ، أن وقتها يوم الفطر قبل الصلاة واقتصر على هذا.

وقال المفيد وأبو الصلاح : لو أخرها عن صلاة العيد ، يسقط الفرض ، وخلص للتطوع ، وقال سلار : لو أخرها عن صلاة العيد ، كان قاضيا.

وللشيخ قول في الخلاف ، بأنها بعد الصلاة صدقة ، ولو أخرج بعد ذلك أثم ، ويكون قضاء.

ولي في معنى هذا القول نظر. وذهب المتأخر إلى أنه يبقى أداء دائما.

والذي يخطر أن البحث يبني على أنه هل هو مؤقت أم لا؟ فمن قال بالأول  ـ وهو الأشبه ، لقوله تعالى : قد أفلح من تزكى ، وذكر اسم ربه فصلى (١) ـ فلا

__________________

(١) الأعلى ـ ١٤.

٢٦٥

............................................................................

______________________________________________________

تكون بعد الصلاة أداء.

ووجه الاستدلال أن المراد من قوله تعالى : ( تزكى ) أي أخرج الفطرة في ذلك الوقت ، نقلا عن أهل التفسير ، فعلى هذا يكون موقتا ، فاستمراره في ساير الأوقات أداء ( إذا خ ) يحتاج إلى دليل.

ومن قال بالثاني ـ وعلى مدعيه البرهان ـ يبقى أداء دائما وف بعض الروايات ، أنه قبل الصلاة أداء وبعدها صدقة (١).

__________________

(١) مثل خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل وبعد الصلاة صدقة ( الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة ).

٢٦٦

كتاب الخمس

٢٦٧

كتاب الخمس

وهو يجب في غنائم دار الحرب ، والكنائز ، والمعادن ، والغوص ، وأرباح التجارات ، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ، وفي الحرام إذا اختلط بالحلال ولم يتميز.

ولا يجب في الكنز حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا.

وكذا يعتبر في المعدن على رواية البزنطي.

ولا في الغوص حتى يبلغ قيمته دينارا.

ولا في أرباح التجارات إلا فيما فضل منها عن مؤونة السنة له ولعياله ، ولا يعتبر في الباقية مقدار.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وكذا يعتبر في المعدن على رواية البزنطي (١).

من فضلاء الأصحاب ومصنفيهم ، وعلى روايته فتوى الشيخ في النهاية.

وقال في الخلاف والجمل : لا يعتبر المقدار إلا في الكنوز ، واختاره المتأخر ، تمسكا بالإجماع ولم يثبت ، وفي اعتبار المقدار في غير الكنوز تردد ، والأظهر فتوى الأصحاب.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٢٦٨

ويقسم الخمس ستة أقسام على الأشهر : ثلاثة للإمام عليه‌السلام ، وثلاثة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل ممن ينسب إلى عبد المطلب بالأب ، وفي استحقاق من ينسب إليه بالأم قولان ، أشبههما أنه لا يستحق.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ويقسم الخمس ستة أقسام ، على الأشهر.

قال : ( على الأشهر ) لاختلاف الروايتين ، روى حماد بن عيسى عن بعض أصحابه ، ذكره ، عن العبد الصالح ، أبي الحسن الأول عليه‌السلام ، قال : الخمس من خمسة أشياء ، ويقسم الخمس على ستة أقسام (١).

وذكر تفصيل ذلك وهو معلوم.

وهذه وإن كانت مرسلة لكنها مؤيدة بعمل الأصحاب.

والأخرى رواها ربعي بن عبد الله بن الجارود ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أتاه المغنم ، أخذ صفوه ، وكان ذلك له ، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ثم ( و خ ) يأخذ خمسه ، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس الله عزوجل لنفسه ، ثم يقسم أربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ( وأبناء السبيل خ ) وذكر الحديث إلى آخره (٢).

فقال ( فقول خ ) الشيخ : لا تنافي بين الروايتين ، لأنه لا يبعد أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قنع بذلك المقدار تبرعا ، إشارة إلى أن السهم الساقط ، هو سهمه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٨ ( في حديث طويل ) من أبواب قسمة الخمس ، ولفظه هكذا : ويقسم الخمس على ستة أسهم الخ.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب قسمة الخمس.

٢٦٩

وهل يجوز أن يخص به طائفة حتى الواحد؟ فيه تردد ، والأحوط بسطه عليهم ولو متفاوتا.

ولا يحمل الخمس إلى غير بلده ، إلا مع عدم المستحق فيه.

ويعتبر الفقر في اليتيم ، ولا يعتبر في ابن السبيل ، ولا يعتبر العدالة.

وفي اعتبار الإيمان تردد ، واعتباره أحوط.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وهل يجوز ان يخصّ به طائفة ، حتّى الواحد؟ فيه تردّد ، والاحوط بسطه عليهم ، ولو متفاوتاً.

منشأ التردّد ، النظر الى ظاهر الآية (١) ، فانّ الّلام تفيد الملك ( التمليك خ ) ، فهم متساوون فيه ، ومع التّساوى لا يختص ( يخص خ ) به قوم دون قوم ، واشار الى فتوى الشيخ واتباعه بالجواز.

وقال المتأخّر : متى حضر الثلاثة الاصناف ينبغى ان لا يخصّ به قوم دون قوم ، بل الأفضل تفريقه في جميعهم ، وان لم يحضر عند المعطى إلاّ فرقة منهم جاز أن يفرّق فيهم ولا ينتظر غيرهم ( انتهى ).

وما اعرف من اين نشأ التفصيل ، والاحوط التفريق ، تحصيلاً لليقين ببراءة الذمة.

« قال دام ظله » : وفي اعتبار الايمان تردّد ، واعتباره احوط.

منشأ التردّد النظر الى اطلاق الآية (٢) ، وفتوى الشيخ واتباعه ، انّه لا يجوز ، ولا يجوز أن يعطى الفسّاق ، كذا ذكره في المبسوط وهو أشبه ، لقوله تعالى : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا (٣) وأيضا فهو مساعدة ، ومساعدة الكفار والظلمة منهي عنها.

__________________

(١) الأنفال ـ ٤٣.

(٢) الأنفال ـ ٤٣.

(٣) هود ـ ١١٣.

٢٧٠

ويلحق بهذا الباب مسائل

( الأولى ) ما يخص به الإمام عليه‌السلام من الأنفال وهو ما يملك من الأرض بغير قتال ، سلمها أهلها ، أو انجلوا عنها.

والأرض الموات التي باد أهلها ، أو لم يكن لها أهل ، ورؤوس الجبال ، وبطون الأودية ، والآجام وما يختص ملوك أهل الحرب من الصوافي ، والقطائع غير المغصوبة ، وميراث من لا وارث له.

وفي اختصاصه بالمعادن تردد ، أشبهه أن الناس فيها شرع.

وقيل : إذا غزا قوم بغير إذنه ، فغنيمتهم له ، والرواية مقطوعة.

( الثانية ) لا يجوز التصرف فيما يختص به الإمام مع وجوده إلا بإذنه ، وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح ، وألحق الشيخ المساكن والمتاجر.

( الثالثة ) يصرف الخمس إليه عليه‌السلام مع وجوده ، وله ما يفضل

______________________________________________________

« قال دام ظله » : وفي اختصاصه بالمعادن تردد ، أشبهه أن الناس فيه شرع (١).

وجه التردد اختلاف الأصحاب ، ذهب المفيد في المقنعة إلى أن ذلك للإمام عليه‌السلام ، وبه قال الشيخ في كتاب إحياء الأرضين من المبسوط والخلاف.

وفي كتاب الخمس من المبسوط ما يدل على أنه مباح للمسلمين قاطبة ، وهو أشبه لأن التخصيص محتاج إلى دليل.

( قال دام ظله ) : وقيل : إذا غزا قوم بغير إذنه ، فغنيمتهم له ، والرواية مطبوعة.

هذه رواها العباس الوراق ، عن رجل سماه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، إذا غزا قوم بغير إذن الإمام عليه‌السلام ، فغنموا ، كانت الغنيمة كلها للإمام ،

__________________

(١) بفتح الشين وسكون الراء وفتحها ، قال في القاموس : والناس في هذا شرع ويحرك ، أي سواء ( انتهى )

٢٧١

عن كفاية الأصناف من نصيبهم ، وعليه الإتمام لو أعوز ، ومع غيبته عليه‌السلام يصرف إلى الأصناف الثلاثة مستحقهم.

وفي مستحقه عليه‌السلام أقوال ، أشبهها جواز دفعه إلى من يعجز حاصلهم من الخمس عن كفايتهم على وجه التتمة لا غير.

______________________________________________________

وإذا غزوا بأمر الإمام عليه‌السلام ، فغنموا كان للإمام الخمس (١).

وعليها فتوى كثير من الأصحاب ، وما وقفت على مخالف.

( قال دام ظله ) : وفي مستحقه (٢) عليه‌السلام ، أقوال ، إلى آخره.

أقول : موجب الخلاف هنا ، عدم نص دال على محل النزاع ، وكل واحد قال بمقتضى النظر.

فأباحه قوم من المتقدمين ، مثل المناكح ، وهو متروك لا فتوى عليه.

وذهب قوم إلى أن يحفظ مدة الحياة ، ثم يوصى به إلى ثقة ، أو يدفن ، ومنهم ابن أبي عقيل ، والشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة ، والمرتضى ، والمتأخر.

وحكى القول بسقوط إخراج الخمس في زمان الغيبة ، وفي قول ، يدفع إلى فقراء الشيعة وهما متروكان ، ولا أعرف الذاهب إليهما ، إلا في حكاية المصنفين (٣).

وأقرب الأقوال ما ذهب إليه المفيد في الرسالة الغرية أن نصيبه عليه‌السلام ، يدفع إلى مستحقي الخمس ، ممن يعجز حاصلهم عن مؤونة السنة ، وهو اختيار شيخنا وصاحب الواسطة (٤) ، وكثير من المتأخرين.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١٦ من أبواب الأنفال.

(٢) أي ما يستحقه الإمام عليه‌السلام ، من السهام الثلاثة.

(٣) ولكن في المقنعة عند تعداد الأقوال في المسألة قال ما هذا لفظه : وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب ولست أدفع قرب هذا القول من الصواب ، ولا يخفى أن هذا فتوى المفيد قده لا مجرد حكاية.

(٤) هو علي بن حمزة الطوسي ره صاحب الوسيلة أحد تلامذة الشيخ الطوسي ره على المشهور.

٢٧٢

كتاب الصّوم

٢٧٣

كتاب الصوم

وهو يستدعي بيان أمور :

( الأول ) الصوم وهو الكف عن المفطرات مع النية ، ويكفي في شهر رمضان نية القربة ، وغيره يفتقر إلى التعيين.

وفي النذر المعين تردد.

______________________________________________________

« قال دام ظله » وفي النذر المعين ، تردد.

أقول : لما كان النذر المعين يشابه صوم شهر رمضان ، في عدم إجزاء ساير الصيام في أوقاته ، ذهب المرتضى إلى أن نية القربة كافية فيه ، لعدم احتياجه إلى التعيين ، إذ هو معين في نفس الأمر ، وتبعه المتأخر.

وقال الشيخ : النذر المعين لما كان جايزا أن لا يكون معينا ، فليس حكمه حكم ما كان معينا في أصل الشرع فلا يكفي فيه القربة.

( فإن قيل ) : كذا شهر رمضان كان جايزا ، ألا يكون معينا ولا واجبا ( قلنا ) : فرق بين ما هو واجب بأصل الشرع ، وبين ما أوجبه المكلف على نفسه ، فدعوانا ، أن الواجب المعين في أصل الشرع ، لا جايز أن لا يكون معينا ، فلا يقوم غيره مقامه ، وليس كذا النذر فإنه كان جايزا في الأصل أن لا يكون واجبا ويقوم غير مقامه.

٢٧٤

ووقتها ليلا ويجوز تجديدها في شهر رمضان إلى الزوال.

وكذا في القضاء ، ثم يفوت وقتها.

وفي وقتها للمندوب روايتان ، أصحهما مساواة الواجب.

______________________________________________________

وللشيخ أن يستدل بطريق آخر ، وهو أن الأصل في العبادات تعيين النية ، لقوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين (١) ، والإخلاص لا يكون إلا مع التعيين ، فترك العمل به في صوم شهر رمضان للإجماع ، وعمل به في الباقي.

ومنشأ تردد شيخنا من النظر إلى الوجهين (٢) ، فإن في كل واحد احتمالا ، والأكثرون على مذهب الشيخ ، ويقويه طريقة الاحتياط.

وكيفية نية القربة ، أن ينوي أنه يصوم غدا متقربا إلى الله ، ولا يحتاج فيها إلى ذكر لفظة الوجوب ، وإن ذكر لا يصير معينا ( متعينا خ ) ، لأنه لا يقع ( يرتفع خ ) معه احتمال صوم آخر من الواجبات.

ونية التعيين (٣) ، أن يرتفع ( معها خ ) الاحتمالات ، مثل أن يقول شهر رمضان ، أو القضاء منه أو الكفارة ( عنه خ ) ، أو النذر ، أو يذكر الاستحباب ، ويذكر وجهه.

« قال دام ظله » : وفي وقتها للمندوب ، روايتان ، أصحهما مساواة الواجب.

ذهب الشيخ في المبسوط ، إلى أن له التجديد ، حتى يبقى جزء من النهار ، قال : وفي بعض الروايات : يجوز التجديد ، إلى بعد الزوال.

وبما اختاره يشهد ، ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، ( في حديث ) قال : وإن مكث حتى العصر ، ثم بدا له أن يصوم ، وإن لم يكن نوى ذلك ، فله أن

__________________

(١) البينة ـ ٥.

(٢) أي الوجهين المذكورين بقوله : وقال الشيخ ، وقوله : وللشيخ أن يستدل الخ.

(٣) يعني كيفية نية التعيين.

٢٧٥

وقيل : يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ويجزي فيه نية واحدة ، ويصام يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب ، ولو اتفق من رمضان أجزأ ، ولو صام بنية الواجب لم يجز.

وكذا لو ردد نيته ، وللشيخ قول آخر.

ولو أصبح بنية الإفطار فبان من شهر رمضان جدد نية الوجوب ما لم تزل الشمس وأجزأه ، ولو كان بعد الزوال أمسك واجبا ، وقضاه.

( الثاني ) فيما يمسك عنه الصائم وفيه مقصدان :

الأول يجب الإمساك عن تسعة : الأكل ، والشرب المعتاد وغيره.

______________________________________________________

يصوم ذلك اليوم إن شاء (١).

وذهب علم الهدى إلى أن له التجديد إلى بعد الزوال لا غير ، وعليه يدل عموم روايات ، واختاره المتأخر ، وربما يرجحه شيخنا دام ظله ، نظرا إلى الاحتياط.

« قال دام ظله » : وقيل يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال.

القائل هو الشيخ في الخلاف ، قال : وأجاز أصحابنا تقديم نية شهر رمضان على الهلال ، بيوم أو يومين.

« قال دام ظله » : وكذا لو ردد نيته ، وللشيخ قول آخر.

أقول : ترديد النية ، أن ينوي أنه إن كان رمضان ففرض ، وإن كان شعبان فهو نافلة.

وللشيخ فيه قولان ، قال في النهاية : لا يصوم وهو شاك ، وعليه أتباعه والمتأخر ، وبه روايات ( منها ) ما رواه قتيبة الأعشى (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : نهى

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب وجوب الصوم. وصدرها : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة؟ قال : هو بالخيار ما بينه وبين العصر ، وإن مكث الخ.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٧ من أبواب الصوم المحرم والمكروه.

٢٧٦

............................................................................

______________________________________________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن صوم ستة أيام ، العيدين ، وأيام التشريق ، واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان ( ومنها ) ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وغيره ، عن عبد الكريم بن عمرو ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني جعلت على نفسي أصوم ، حتى يقوم القائم ، فقال : صم ، ولا تصم في السفر ، ولا العيدين ، ولا أيام التشريق ، ولا اليوم الذي تشك فيه من شهر رمضان (١).

وحملها في الاستبصار على أنه لا يصوم بنية رمضان وإن كان جايزا صومه على أنه من شعبان.

وذهب في الخلاف والمبسوط إلى الجواز ، وبه عدة روايات. وهو أشبه.

أما الروايات ( منها ) ما رواه عيسى بن هاشم ، عن الخضر بن عبد الملك ، عن محمد بن حكيم ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن اليوم الذي يشك فيه ، فإن الناس يزعمون ، أنه من صامه ، بمنزلة من أفطر في شهر رمضان ، فقال : كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفقوا ( وفق خ ) له ، وإن كان من غيره ، فهو بمنزلة ما مضى من الأيام (٢).

( ومنها ) ما رواه الكليني مرفوعا (٣) إلى زكريا بن آدم ، عن الكاهلي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان؟ قال : لأن أصوم يوما من شعبان ، أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان (٤).

( ومنها ) ما رواه علي بن الحسين ( الحسن خ ) بن رباط ، عن سعيد الأعرج ،

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٨ من أبواب الصوم المحرم والمكروه ، بالسند الثاني.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٧ من أبواب وجوب الصوم ونيته.

(٣) لا يخفى أن قوله قده : ( مرفوعا ) ليس هو الرفع المصطلح في علم الدراية ، بل المراد أن الكليني أوصل السند إلى زكريا بن آدم.

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب وجوب الصوم ونيته.

٢٧٧

والجماع قبلا ودبرا على الأشهر ، وفي فساد الصوم بوطئ الغلام تردد وإن حرم ، وكذا ( في خ ) الموطوء ، والاستمناء ، وإيصال الغبار إلى الحلق متعديا ، والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ، ومعاودة النوم جنبا ، والكذب على الله تعالى ورسوله والأئمة عليهم‌السلام.

______________________________________________________

قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام ، انى صمت اليوم الذي يشك فيه ، فكان من شهر رمضان ، أفأقضيه؟ قال : لا ، هو يوم وفّقت له (١).

وامّا وجه الاشبهيّة ، أنّ الاتفاق قائم على أنّ نية القربة كافية في صوم شهر رمضان ، وصوم الشك مشتمل على نية القربة ، هذا لوصامه بنيّة الشك.

فأما لو صامه على أنه من شعبان ، فهو يجزي عن رمضان ، إن كان من رمضان ، لعدم وقوع غيره فيه.

وقال ابنا بابويه : يوم الشك أمرنا أن نصومه ونهينا عنه ، أمرنا أن نصومه من شعبان ، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه.

« قال دام ظله » : والجماع قبلا ودبرا ، على الأشهر.

اختلفت الروايات في الجماع ، ففي عدة منها ، أنه مفسد للصوم ، ( منها ) ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام ، يقول : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال ، الطعام ، والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء (٢) ، وغير ذلك من الروايات.

وفي رواية مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى الساباطي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الرجل ينسى ، وهو صائم ، فيجامع ( في مع ـ خ ) أهله؟

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب وجوب الصوم.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٧٨

والارتماس في الماء ، وقيل : يكره.

______________________________________________________

فقال : يغتسل ، ولا شئ عليه (١).

وهذه ضعيفة ، فإن في الطريق ، ابن فضال ، وهو فطحي ، وفي عمار كلام.

وحملها الشيخ على حالة الشهوة والنسيان ، أو جامع وهو جاهل ، فإنه لا يجوز ، قلت : ومنعها أولى.

ثم أقول : الجماع في القبل ، يفسد الصوم اتفاقا ، وفي الدبر فيه خلاف ، قال الشيخ في كتاب الصوم من المبسوط : يفسد ويوجب القضاء والكفارة ، ثم قال : وقد روي ، أنه لا ينقض ، وتردد في باب الغسل من الجنابة ، وجزم المرتضى بوجوب الغسل والقضاء والكفارة ، وكذا قالا ( قال خ ) في وطئ الغلام.

ولشيخنا فيه تردد ، نظرا إلى أنه غير موضع الوطئ ، فهو بمنزلة سائر الأعضاء.

والفساد هو المختار ( لنا ) أن ذلك يسمى ( سمي خ ) جماعا في العرف والروايات مطلقة بأن الجماع يفسد الصوم ، وكل من قال بالفساد قال بوجوب القضاء والكفارة.

« قال دام ظله » : والارتماس في الماء ، وقيل يكره.

ذهب الشيخان في المقنعة ، والنهاية ، والجمل ، والمبسوط والخلاف ، إلى أن الارتماس ، يوجب القضاء والكفارة.

وما أعرف من أين أخذا ، مع أن الروايات خالية عنه ، ولهذا قال الشيخ في الاستبصار : ولست أعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة ، أو أحدهما على المرتمس ، وقال : لا يمتنع أن يكون الفعل محظور ، ولا يوجب القضاء والكفارة ، نظرا إلى الروايات الواردة بالمنع.

ونعم ما قال ، فإن القضاء والكفارة ، حكم شرعي يحتاج إلى دليل مستأنف ،

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٧٩

وفي السعوط ومضغ العلك تردد ، أشبهه الكراهية.

______________________________________________________

وهو اختيار المتأخر ، وعده ابنا بابويه فيما يفطر الصوم وما ذكر الحكم.

والقائل بالكراهية هو المرتضى وابن أبي عقيل في المتمسك ، وهو في رواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : يكره للصائم أن يرتمس في الماء (١) وفي الطريق ابن فضال.

وفي أخرى عن إسحاق بن عمار ، قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا ، عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال : ليس عليه قضاء ذلك اليوم ولا يعودن (٢).

وهذه مؤيدة مقالة الاستبصار ، وقال أبو الصلاح في الكافي (٣) على المرتمس القضاء بصوم يوم ، وكذا على المرأة لو جلست في الماء إلى وسطها.

واختاره ابن البراج ، وهو متروك.

« قال دام ظله » : وفي السعوط ومضغ العلك ، تردد.

أما السعوط ، فما وقفت على رواية ، أنه يوجب القضاء والكفارة ، بل وردت واحدة عن البزنطي عن الرضا عليه‌السلام أنه لا يجوز للصائم أن يستعط ( يتسعط خ ) (٤).

وعليها فتوى ابن بابويه في الرسالة ، وتبعه المفيد ، وأخرى عن غياث بن

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٩ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) عبارة الكافي هكذا : وإن تعمد القئ أو السعوط ( إلى قوله ) أو ارتمس في الماء ، أو جلست المرأة إلى وسطها ( إلى قوله ) فعليه القضاء بصيام يوم مكان يوم ( انتهى ) الكافي ص ١٨٣ طبعة مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٤) لم نعثر عليها بهذا اللفظ ، عن الرضا عليه آلاف التحية والثناء ، فراجع الوسائل باب ٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

٢٨٠