كشف الرّموز - ج ١

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]

كشف الرّموز - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن أبي طالب اليوسفي [ الفاضل الآبي ]


المحقق: الشيخ علي پناه الاشتهاردي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

وأما الأحكام فمسائل :

( الأولى ) خيار المجلس ، يختص بالبيع دون غيره.

( الثانية ) التصرف يسقط خيار الشرط.

( الثالثة ) الخيار يورث ، مشروطا كان أو لازما بالأصل.

( الرابعة ) المبيع يملك بالعقد ، وقيل : به وبانقضاء الخيار.

وإن كان الخيار للمشتري ، جاز له التصرف ، وإن لم يوجب البيع على نفسه.

( الخامسة ) إذا تلف المبيع قبل قبضه ، فهو من مال بايعه.

وكذا بعد قبضه وقبل انقضاء خيار المشتري ، ما لم يفرط ، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري.

( السادسة ) لو اشترى ضيعة رأى بعضها ووصف له سائرها كان له الخيار فيها أجمع ، إذا لم يكن على الوصف.

______________________________________________________

حتى يأتيه بالثمن ، قال : إن جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن ، وإلا فلا بيع له (١).

وعليها فتوى الشيخ وأتباعه ، ويؤيدها النظر ، وما أعرف لها مخالفا.

« قال دام ظله » : المبيع يملك بالعقد ، وقيل به وبانقضاء الخيار.

القولان للشيخ ، الأول في المبسوط ، والثاني في الخلاف ، والأول أشبه ، وأظهر بين الأصحاب للاتفاق على جواز التصرف ، المستلزم للملكية ، إلا في مواضع معدودة ( و خ ) ليس هذا منها ، وعليه فتوى شيخنا ، وبه أعمل.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب الخيار.

٤٦١

الفصل الرابع

في لواحق البيع

وهي خمسة :

( الأول ) النقد والنسيئة :

من ابتاع مطلقا فالثمن حال ، كما لو شرط تعجيله ، ولو شرط التأجيل مع تعيين المدة صح ، ولو لم يعين بطل.

وكذا لو عين أجلا محتملا كقدوم الغزاة.

وكذا لو قال : بكذا نقدا ، وبكذا نسيئة.

وفي رواية ، له أقل الثمنين نسيئة ، ولو كان إلى أجلين بطل.

ويصح أن يبتاع ما باعه نسيئة قبل الأجل بزيادة ونقصان بجنس الثمن وغيره ، حالا ومؤجلا إذا لم يشترط ذلك.

______________________________________________________

الفصل الرابع في لواحق البيع

« قال دام ظله » : وفي رواية : له أقل الثمنين نسيئة الخ.

أقول : إذا اشترط التأجيل في الثمن ، ولم يعين زمانا ، لا يجهل ( لا يحتمل خ ) الزيادة ولا النقصان ، لم يصح البيع ، وكذا لو جعل زمانا معينا ظرفا للأداء كأن يقول : تؤدي الثمن في الشهر الفلاني ، أو في هذا الشهر ، أو في هذه السنة ، لم يصح البيع.

أما لو جعل له زمانين على تقدير أحدهما ، كأن يقول : حالا بدرهم وإلى شهرين بدرهمين ، ففيه خلاف ، قال الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة : لا يلزم إلا أقل النقدين بعد مضي الشهر.

وهو استناد إلى رواية البرقي ، عن النوفلي عن السكوني ، عن جعفر عن أبيه عن

٤٦٢

............................................................................

______________________________________________________

آبائه عليهم‌السلام ، أن عليا قضى في رجل باع بيعا واشترط شرطين ، بالنقد كذا ، وبالنسية كذا وأخذ ( فأخذ خ ) المتاع على ذلك الشرط ، فقال : هو بأقل الثمنين وأبعد الأجلين ( الحديث ) (١).

وذهب في المبسوط إلى بطلان البيع ، مستدلا بأن الثمن غير معين ، فالبيع باطل ، وهو اختيار شيخنا والمتأخر ، وادعى هو إجماع الأمة على أن كل ثمن مجهول مبطل للبيع ( يبطل البيع خ ل ).

أما لو اشترط أجلين ، وكلاهما نسية ، مثل أن يقول : إلى شهر بكذا ، وإلى شهرين بكذا ، فقال : حكمه حكم المسألة الأولى ، وجزم سلار بالبطلان ، وما ذكر المسألة الأولى.

وتوهم المتأخر أن هذه مثل الأولى ، فقال عقيب الأولى : إن سلارا يقول بالبطلان فيهما ( فيها خ ).

والنقل غير صحيح ، لأن سلارا ما ذكرها ، والأشبه القول بالفساد فيهما ( فيها خ ) لأن الثمن غير معين فيهما ( فيها خ ).

وقال السيد الشريف صاحب البشرى : (٢) ولو عملنا برواية البرقي ، كان قريبا.

كأنه يحمل على النقل ، ويعمل بالأصل في الأخيرة.

واختار الشيخ السعيد الراوندي قولا ثالثا ، وهو أن على المشتري الثمن الأقل في الأجل الأقل ، قال : لأنه إذا قال إلى شهر بدينار وإلى شهرين بدينار ونصف ، فقد رضي البايع بدينار عند انقضاء الشهر ، فإن لم يرد المشتري ، فليس في ذمته ، إلا

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب أحكام العقود.

(٢) نقل آنفا أنه أخو السيد بن طاووس.

٤٦٣

ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان صح ، ولو زاد عن الثمن أو نقص ففيه روايتان ، أشبههما الجواز.

ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب ، ولو تبرع بالدفع لم يجب القبض ، ولو حل فدفع وجب القبض ، ولو امتنع البايع فهلك من غير تفريط من الباذل تلف من البايع.

وكذا في طرف البايع لو باع سلما.

______________________________________________________

ذلك الدينار ، سواء أداه عاجلا أو آجلا.

وهو في غاية الضعف ، ونحن لا نسلم أن البايع متى رضي يلزم البيع حتى يصير الدينار حقا له فكيف ورضا المتبايعين ( ورضاهما خ ) ليس ملزوما لصحة البيع ، وما البحث إلا في الصحة ( في صحته خ ل ) ، والمعتمد ما ذكرناه.

( قال دام ظله ) : ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن ، أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان صح ، ولو زاد عن الثمن أو نقص ، ففيه روايتان ، أشبههما الجواز.

أقول : متى حل الأجل ، ولم يكن عند المشتري الثمن ، فيجوز للبايع ، أن يبتاعه بغير جنس الثمن ، لا بما شاء ( كما شاء خ ل ) ( بما شاء خ ل ) اتفاقا وكذا إن ابتاعه بالجنس مساويا.

وهل يجوز مع الزيادة أو النقصان؟ قال في النهاية : لا يجوز ، عملا بما رواه في التهذيب مرفوعا (١) إلى ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن رجل اشترى ثوبا ، ثم رده على صاحبه ، ولم يشترط على صاحبه شيئا ، فكرهه ثم رده على صاحبه ، فأبى أن يقبله ( يقيله خ ) إلا بوضيعة؟

__________________

(١) يعني موصولا سنده إليه لا الرفع الاصطلاحي.

٤٦٤

ومن ابتاع بأجل وباع مرابحة فليخبر المشتري بالأجل ، ولو لم يخبره ، كان للمشتري الرد أو الإمساك بالثمن حالا.

وفي رواية : للمشتري من الأجل مثله.

______________________________________________________

قال : لا يصلح له ان يأخذه بوضيعة ، فان جهل فاخذه باكثر من ثمنه رد على صاحبه الأول مازاد (١).

وقال المفيد في المقنعة : يجوز ذلك ، واختاره شيخنا والمتأخر.

( لنا ) ان المبيع ملك المشترى فله ان يتصرف كيف شاء ، ولا مانع منه ، ويؤيده قولهم : الناس مسلطون على أموالهم (٢).

وما رواه الشيخ في الاستبصار ، عن ابان بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة ، قال : سألت ابا عبدالله عليه‌السلام ، عن رجل باع طعاماً بدراهم الى اجل ، فلما بلغ الاجل ، تقاضاه ، فقال : ليس عندى دراهم ، خذمنى طعاماً؟ قال : لا بأس به انما له دراهمه يأخذ بها ما شاء (٣).

« قال دام ظله » : ومن ابتاع بأجل ، وباع مرابحة ، فليخبر المشترى بالأجل ، ولو لم يخبره كان للمشترى الرد ، او الامساك بالثمن حالا ، وفي رواية للمشترى من الأجل مثله.

أقول : من باع شيئا مرابحة يجب عليه أن يعلم المشتري بجميع ما يختلف به الثمن إذا كان شراؤه واقعا عليه ، والأجل قد يختلف به الثمن ، فمتى لم يخبر المشتري فالأشبه أن المشتري يكون مسلطا على الفسخ ، إن شاء أو إمضاء البيع لحصول الغرر ، ولأنه

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب أحكام العقود.

(٢) عوالي اللئالي ج ١ ص ٤٥٧ تحت رقم ١٩٨ طبع مطبعة سيد الشهداء ( عليه‌السلام ) بقم.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ١٠ من أبواب السلف من كتاب التجارة ، بطريق الكليني ، عن يعقوب بن شعيب وعبيد بن زرارة.

٤٦٥

مسألتان

( الأولى ) إذا باع مرابحة فلينسب إلى السلعة ، ولو نسبه إلى المال فقولان ، أصحهما الكراهية.

( الثانية ) من اشترى أمتعة صفقة ، لم يجز بيع بعضها مرابحة ، سواء قومها أو بسط الثمن عليها وباع خيارها ، ولو أخبر بذلك جاز ، لكن يخرج عن وضع المرابحة ، ولو قوم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد أو شاركه فيه أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد ، لم يجز ذلك مرابحة ، ويجوز لو أخبر بالصورة كما قلناه في الأول.

______________________________________________________

تدليس ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف ، وشيخنا والمتأخر.

وأما الرواية فهي ما رواها الشيخ في التهذيب مرفوعا (١) إلى ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يشتري المتاع ( الطعام خ ) إلى أجل فقال ( قال خ ) ليس له أن يبيعه مرابحة ، إلا إلى الأجل الذي اشتراه إليه ، وإن باعه مرابحة ولم يخبره كان للذي اشتراه من الأجل مثل ذلك (٢).

والرواية صحيحة السند ، وعليها فتواه ( فتوى الشيخ خ ) في النهاية ، ولنا فيه تردد ، التفاتا إلى الرواية.

« قال دام ظله » : إذا باع مرابحة ، فلينسب الربح إلى السلعة ، ولو نسبه إلى المال فقولان ، أصحهما الكراهية.

مثال نسبة الربح إلى السلعة ، أن يقول : اشتريته بمائة ، وبعتك بمائة وعشرة ، وهو جائز ، بلا خلاف.

__________________

(١) يعني متصلا سنده إلى ابن أبي عمير.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب أحكام العقود.

٤٦٦

وتكون للدلال الأجرة ، والفائدة للتاجر ، سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه.

______________________________________________________

وأما نسبة الربح إلى المال ، وهو أن يقول : بعتك ورأس مالي كذا ، وربح درهم على كل عشرة ، ففيه خلاف ، قال الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة وسلار وأبو الصلاح : أنه لا يجوز ، ولعله تمسكا ( تمسك خ ل ) بما ( بظاهر ما رواه خ ل ) رواه الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قدم لأبي متاع من مصر ، فصنع طعاما ، فدعا له بالتجار ، فقالوا ، أنا نأخذ منك بده ، دوازده ، قال لهم أبي : وكم يكون ذلك؟ فقالوا : في كل عشرة آلاف الفين ( الفان خ ل ) ، فقال لهم أبي : فإني أبيعكم هذا المتاع ، بإثني عشر ألفا ، فباعهم مساومة (١).

وعندي أنها محمولة على الكراهية ، يدل عليه ما رواه فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إني أكره بيع عشرة بأحد ( بإحدى خ ل ) عشر ، وعشرة باثنا ( بإثني خ ل ) عشر ونحو ذلك من البيع ( الحديث ) (٢).

وما حكي عن ابن عباس ، أنه قال : أكره أن أبيع ده ، يازده ده ، دوازده ، لأنه بيع الأعاجم (٣).

وهو مذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وشيخنا ، وهو أشبه ، ( ولأن خ ) الأصل الجواز ، ولقوله تعالى : أحل الله البيع (٤) والروايات محمولة على الكراهية.

« قال دام ظله » : وتكون للدلال الأجرة ، والفائدة للتاجر ( للمالك خ ) سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه ، ومن الأصحاب من فرق.

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب أحكام العقود.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٤ من أبواب أحكام العقود.

(٣) كنز العمال ج ٤ ص ١٧٢ تحت رقم ١٠٠٢٣ ومتن الحديث هكذا : عن ابن عباس أنه كان يكره ده بيازده ، وقال : ذاك بيع الأعاجم.

(٤) البقرة ـ ٢٧٥.

٤٦٧

ومن الأصحاب من فرق.

( الثاني ) فيما يدخل في المبيع :

من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها إلا أن يشترط.

______________________________________________________

أقول : لا بد في هذه المسألة من تفصيل يوضحها ، فالتاجر إذا دفع متاعا إلى الدلال ، فإن واجبه البيع لزم وليس له إلا الثمن.

وإن لم يواجبه ، بل أمره بالبيع ، لم يخل إما أخبره بالقيمة أو لا ، فإن أخبره لا يخلو إما أخبره من غير التماس الدلال ، بل ابتداء ، أو أخبره بالتماس الدلال.

فإن كان الأول لم يجز للدلال مخالفته بالنقص ( بالنقصان خ ل ) ، وللتاجر الخيرة في الإمضاء والفسخ إن خالف.

وكذا في كل مخالفة يتعلق بها غرض ، وإن شرط عليه إن باعه بزيادة عما أخبره ، فهو للدلال ، أو يكون مشتركا بينهما ، فلا يجوز للدلال بيع ذلك مرابحة.

وهل يلزم الشرط؟ قال الشيخ في النهاية ، والمفيد في المقنعة : نعم وعليه أتباعهما.

وقال المتأخر وشيخنا دام ظله : لا يلزم ، وليس للدلال إلا أجرة المثل ، وهو أشبه ، لأن المتاع باق على ملك التاجر ولم ينتقل عنه فقيمته تكون له.

( إن قيل ) يأخذ بحسب الشرط ، والمؤمنون عند شروطهم (١) ( قلنا ) : الشرط فاسد ، لأن الأجرة غير معينة ، فلا يكون له إجارة ولا جعالة ، فلا حكم له.

فأما لو أخبره بالتماس الدلال ، مثل إن قال له الدلال : أخبرني بثمن هذا ، واربح كذا وكذا ، فالزائد ( فالزيادة خ ل ) للتاجر ، وليس للدلال إلا أجرة المثل باتفاق الفريقين.

وفرق الشيخان بين إن أخبره التاجر من نفسه وبين التماس ( إن التمس خ )

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب المهور من كتاب النكاح.

٤٦٨

وفي رواية : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها.

ولو ابتاع دارا ، دخل الأعلى والأسفل ، إلا أن تشهد العادة للأعلى بالانفراد.

______________________________________________________

الدلال ، ولسنا نعرف منشأ الفرق ، وقال صاحب الرايع (١) إنما اختلف أحكام المسألتين ، لأن في المسألة الأولى ابتدأ التاجر بإخبار قيمة المتاع ، وفي الثانية التمس الدلال ذلك.

قلت : ومن هذا يقضي العجب ، فهل السؤال إلا عن سبب الاختلاف ( بسب الاختلاف خ ) ( على سبب الاختلاف خ ).

« قال دام ظله » : وفي رواية : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها ، فله جميع ما فيها.

هذه رواها الشيخ في كتبه ، عن رجاله مسندا إلى محمد بن الحسن الصفار ، أنه كتب إلى أبي محمد العسكري عليه‌السلام ، في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة وفيها زرع ونخل ( الزرع والنخل خ ) وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه وذكر فيه أنه قد اشتراها بجميع حدودها ( حقوقها خ ) الداخلة والخارجة منها ، أيدخل النخل والزرع والأشجار في حقوق الأرض أم لا؟ فوقع عليه‌السلام : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء الله تعالى (٢).

فهذه وإن اشتملت على المكاتبة ، فما أعرف لها مخالفا.

__________________

(١) وهو القطب الراوندي ، المتوفى ٥٧٣.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب أحكام العقود.

٤٦٩

ولو باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبايع ، إلا أن يشترط ، وكذا لو باع شجرة مثمرة أو دابة حاملا على الأظهر.

ولو لم تؤبر النخلة فالطلع للمشتري.

( الثالث ) في القبض :

إطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن.

والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقارات.

______________________________________________________

« قال دام ظله » : ولو باع نخلا مؤبرا ، فالثمرة للبايع ، إلا أن يشترط ، وكذا لو باع شجرة مثمرة ، أو دابة حاملا على الأظهر.

أقول : الدابة ( في اللغة ) اسم لكل ما يدب على الأرض ( وفي العرف ) مخصوص بالخيل ( وفي الشرع ) يطلق على كل ما يحبل ( يحمل خ ل ) ويصح بيعه شرعا ، وهو المراد به هنا.

واختلف ( اختلفت خ ) أقوال الأصحاب في الحمل ، فذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه للمشتري مع إطلاق البيع وتابعه صاحب الوسيلة ، وابن البراج ، ولعله بناء على أن الحمل جزء من الدابة بمنزلة العضو ، وهو مذهب الشافعي.

وقال في النهاية : والحمل للبايع ما لم يشترط المشتري ، وهو أشبه ، اختاره شيخنا دام ظله والمتأخر.

( لنا ) الأصل ، وأن العقد لم يتناوله ، فلا يكون داخلا فيه ، وقولهم : الولد جزء من الدابة ممنوع لا دليل عليه.

في القبض

« قال دام ظله » : والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقارات ( العقار خ ل ) وكذا فيما ينقل ، وقيل في القماش هو الإمساك باليد ، وفي الحيوان هو نقله.

٤٧٠

وكذا فيما ينقل.

وقيل : في القماش هو الإمساك باليد ، وفي الحيوان هو نقله.

ويجب تسليم المبيع مفرغا ، فلو كان فيه متاع فعلى البايع إزالته.

ولا بأس ببيع ما لم يقبض ، ويكره فيما يكال أو يوزن ، وتتأكد الكراهية في الطعام.

______________________________________________________

القبض مصدر يستعمل بمعنى التقبيض ، وهو التخلية ، ويكون من طرف البايع او الواهب ( الراهن خ ل ) بمعنى التمكين ( التمكن خ ل ) من حيث التصرف ، وهو في طرف المشترى او الموهوب بان خلى البايع او الواهب بينهما ، وبين ذلك الشيء ، بحيث لا يكونان ممنوعين من التصرف ، ولا يحتاج إلى التلفظ به.

وقبض المشتري هو تخلية البايع له في العقارات والمساكن وغير ذلك مما لا ينقل ، بغير خلاف.

وفيما ينقل خلاف ، قال الشيخ : في الحيوان هو نقله من مكان إلى مكان ، وفي الأمتعة ، الإمساك باليد ، وعليه أتباعه.

وعند شيخنا القبض هو التخلية في الكل ، حذرا من الاشتراك أو المجاز ، لأنهما على خلاف الأصل.

وهو الأشبه ولأن لفظ القبض في اللغة هو الأخذ باليد ، ونقل في الشرع إلى التخلية في الأرضين وفي العقارات إجماعا ، وفي غيرها ( غيرهما خ ل ) خلاف فتنزيله على الحقيقة الشرعية أرجح ، لأن اللفظ إذا دار بين الحقيقة اللغوية والشرعية فالترجيح لطرف الشرع ويتحقق ذلك في علم الأصول ( الأصل خ ل ).

« قال دام ظله » : ولا بأس ببيع ما لم يقبض ، ويكره فيما يكال أو يوزن ، وتتأكد الكراهية في الطعام ، وقيل : يحرم ، وفي رواية : لا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه ( تبيعه خ ).

٤٧١

وقيل : يحرم.

وفي رواية : لا تبعه حتى تقبضه ، إلا أن توليه.

ولو قبض المكيل فادعى نقصانه ،

______________________________________________________

أقول : مقتضى الأصل جواز بيع المقبوض وغيره مكيلا أو موزونا ، طعاما كان أو غيره ، ويؤيده قوله تعالى : أحل الله البيع (١).

ومنشأ الكراهية في المكيل والموزون ، ما رواه معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه؟ فقال : ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه ، إلا أن توليه الذي قام عليه (٢).

وما رواه صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه ، إلا أن توليه ، فإن لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه (٣).

وهذه هو المشار إليها في المتن وفي معناهما روايات أخر (٤) ظاهرها النهي ولكن لما تعارض الأصل والآية (٥) ( والروايات خ ) ، ولم ينعقد عليها عمل الأصحاب ، حملها الشيخ والمفيد على الكراهية ، وغيره ( غيرهما ظ ) أطلق الحرام ( الجواز ل ).

وأما زيادة الكراهية في الطعام ، فلورود الروايات ( به خ ) تخصيصا ، فضلا عما جرت ( وردت خ ) به إجمالا.

فمنها ما رواه الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال في الرجل يبتاع

__________________

(١) البقرة ـ ٢٧٥.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ١١ من أبواب أحكام العقود.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ١٢ من أبواب أحكام العقود.

(٤) لاحظ الوسائل باب ١٦ من أبواب أحكام العقود.

(٥) يعني أحل الله البيع.

٤٧٢

فإن حضر الاعتبار فالقول قول البايع مع يمينه ، وإن لم يحضره فالقول قوله مع يمينه.

وكذا القول في الموزون والمعدود والمذروع.

( الرابع ) في الشروط :

______________________________________________________

الطعام ثم يبيعه ، قبل أن يكتاله ( يكال خ ل ) قال : لا يصح له ذلك (١).

( ومنها ) ما رواه سماعة ، قال : سألته عن الرجل يبيع الطعام أو الثمرة ، وقد كان اشتراها ، ولم يقبضها؟ قال : لا حتى يقبضها (٢).

وما روي أن علي بن جعفر سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، عن الرجل يشتري الطعام ، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال : إذا ربح لم يصلح حتى يقبض ، وإن كان يوليه ، فلا بأس ( الحديث ) (٣).

فشيخنا دام ظله حملها على شدة الكراهية ، حذرا من إطراحها ، ونظرا إلى أن ضعفها مانع من تخصيصها عموم الآية ومعارضتها الأصل.

فأما الشيخ فحملها على التحريم في الطعام ، وأفتى عليها في المبسوط ، وادعى أنه لا خلاف فيه ، والأول أشبه.

« قال دام ظله » : فإن حضر الاعتبار ، فالقول قوله ( قول البايع خ ) ، مع يمينه الخ.

يريد بالاعتبار الكيل والوزن ، وإنما كان القول قول البايع.

لأن المشتري إذا حضر الوزن أو الكيل ، وادعى النقصان ، يكون مدعيا للغلط ، فأما إذا لم يحضره فالبايع يدعي التوفية ( توفيه خ ) فيكون القول قول المشتري.

__________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب أحكام العقود.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ١٥ من أبواب أحكام العقود ، وتمامه : إلا أن يكون معه قوم يشاركهم فيخرجه بعضهم من نصيبه من شركته بربح أو يوليه بعضهم فلا بأس.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٩ من أبواب أحكام العقود.

٤٧٣

ويصح منها ما كان سائغا داخلا تحت القدرة كقصارة الثوب ، ولا يجوز اشتراط غير المقدور ، كبيع الزرع على أن يصيره سنبلا ، ولا بأس باشتراطه تبقيته ، ومع إطلاق الابتياع يلزم البايع إبقاؤه إلى إدراكه.

وكذا الثمرة ما لم يشترط الإزالة.

ويصح اشتراط العتق والتدبير ، والكتابة.

ولو اشترط أن لا يعتق أو لا يطأ الأمة.

قيل : يبطل الشرط دون البيع.

ولو شرط في الأمة أن لا تباع ولا توهب فالمروي : الجواز.

______________________________________________________

في الشروط

« قال دام ظله » : ولو اشترط أن لا يعتق ، أو لا يطأ الأمة ، قيل : يبطل الشرط دون البيع.

القائل بهذا هو الشيخ في المبسوط ، ووجهه أنه شرط مخالف للكتاب والسنة ، إذ مقتضى البيع نفوذ ( انفاذ خ ) تصرفات المشتري وجواز الوطئ والقول ( فالقول خ ) حسن وعليه العمل.

« قال دام ظله » : ولو شرط في الأمة أن لا تباع ولا توهب ، فالمروي الجواز.

هذا إشارة إلى ما رواه الشيخ في التهذيب ، عن صفوان ، عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الشرط في الإماء أن لا تباع ولا تورث ، ولا نوهب؟ فقال : يجوز ذلك غير الميراث ، فإنها تورث ، لأن كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل (١) ومثل ذلك رواه حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب الخيار.

(٢) لم نعثر عليه بهذا السند.

٤٧٤

ولو باع أرضا جربانا معينة فنقصت فللمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء بالثمن.

وفي رواية : له أن يفسخ أو يمضي البيع بحصتها من الثمن.

وفي الرواية : إن كان للبايع أرض بجنب تلك الأرض لزم البايع أن يوفيه منها ، ويجوز أن يبيع مختلفين صفقة ، وأن يجمع بين سلف وبيع.

( الخامس ) في العيوب :

وضابطها ما كان زائدا عن الخلقة الأصلية أو ناقصا ، وإطلاق العقد يقتضي السلامة ، فلو ظهر عيب سابق تخير المشتري بين الرد والأرش ولا خيرة للبايع.

ويسقط الرد بالبراءة من العيب ولو إجمالا ، وبالعلم به قبل العقد ، وبالرضا به بعده ، وبحدوث عيب عنده ، وبإحداثه في المبيع حدثا كركوب الدابة والتصرف الناقل ولو كان قبل العلم بالعيب.

أما الأرش فيسقط بالثلاثة الأول دون الأخيرتين.

ويجوز بيع المعيب وإن لم يذكر عيبه ، وذكره مفصلا أفضل ، ولو ابتاع شيئين فصاعدا صفقة فظهر العيب في البعض ، فليس له رد المعيب منفردا ، وله رد الجميع أو الأرش.

______________________________________________________

ثم أقول : وما رأيت أحدا من الأصحاب أفتى عليها ، بل ذكر الشيخ في المبسوط : لو شرط أن لا يبيع الجارية ، فالشرط باطل ، والبيع واقع ، كما في المسألة الأولى ، وهو الوجه.

« قال دام ظله » : ولو باع أرضا جربانا معينة ، فنقصت ، إلى آخره.

أقول : تخيير المشتري بين الفسخ والرضا بذلك ، مدلول الأصل ، ويؤيده النظر

٤٧٥

............................................................................

______________________________________________________

لأن البيع وقع على مائة أجربة مثلا وهي تسعون ( سبعون خ ل ) فلو رضي المشتري فلا كلام عليه لأنه بمنزلة الإبراء من الزيادة وهو إسقاطه ( إسقاط حقه خ ) ، ولو فسخ البيع فله لأن المبيع ( البيع خ ) غير حاصل ، وتبعيض الصفقة غير جائز ، وعليه فتوى الشيخ في المبسوط وشيخنا والمتأخر ، وبه أقول.

وأما ما يتضمنه الرواية من التخيير بين الفسخ وإمضاء البيع بحصة ( بحصته خ ) من الثمن ، يعني يتقسط المثمن على مائة أجربة ( أجزاء خ ) ويقسط ما وقع في مقابله عشرة أجربة ، وهو عشر الثمن ، فقد أفتى عليها الشيخ في النهاية ، وشيخنا في الشرايع.

وفيه إشكال ، منشؤه وقوع مجموع الثمن في مقابلة المائة ، وحصول التراضي عليه.

( إن قيل ) : أن الإشكال على الروايات لا يلتفت إليه ( قلنا ) (١) أما الكلام في صحة الرواية أما ( أولا ) فإنها ( فلأنها خ ) خبر واحد فلا تعارض لها ( بها خ ل ) ( به خ ل ) الأصل المؤيد بفتوى الأئمة المشار إليهم.

( وثانيا ) لأن في طريقها ضعفا ، إذ هي رواية داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة ، فاشترى المشتري ذلك منه بحدوده ، ونقد الثمن ووقع صفقة البيع ، وافترقا ، فلما مسح الأرض ، فإذا هي خمسة أجربة ، فقال : إن شاء استرجع فضل ماله ، وأخذ الأرض ، وإن شاء رد البيع وأخذ المال ( ماله خ ل ) كله ، إلا أن يكون إلى جنب تلك الأرض أيضا أرضون ، فليوفه ( فليؤخذ خ ل ) ويكون البيع لازما عليه وعليه الوفاء بتمام البيع ، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع ، فإن شاء المشتري أخذ الأرض ، واسترجع فضل ماله ، وإن شاء رد الأرض وأخذ المال كله (٢).

__________________

(١) في بعض النسخ هكذا : قلنا : حق لكن الكلام في صحة الرواية الخ.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب الخيار.

٤٧٦

ولو اشترى اثنان شيئا صفقة فلهما الرد بالعيب أو الأرش ، وليس لأحدهما الانفراد بالرد على الأظهر.

والوطئ يمنع رد الأمة إلا من عيب الحمل ، ويرد معها نصف عشر قيمتها.

وهنا مسائل

( الأولى ) التصرية ، تدليس يثبت بها خيار الرد.

______________________________________________________

فضعف هذه الرواية من داود بن الحصين ، فانه فيه كلاما ، وفي طريقها ايضا علي بن ابراهيم (١) وهو مجهول الحال.

وقوله دام ظله في المتن ( وفي الرواية ) بالألف واللام إشارة إلى أنه من جملة الرواية الأولى ، وعرفها لأن النكرة إذا أعيدت يجب تعريفها ، وقطعها عن الأولى إما لأن الإشكال هنا أظهر ، وإما لأنها يمكن أن تجعل مسألة أخرى.

ثم قلت : وإيراد هذه المسألة في القسم الثاني من هذا الفصل ، وفي مسائله أولى ، إذ لا تعلق لها بالموضع الذي ذكرها فيه.

في العيوب

« قال دام ظله » : ولو اشترى اثنان شيئا صفقة فلهما الرد بالعيب أو الأرش ، وليس لأحدهما الانفراد بالرد على الأظهر.

أقول : هذا مذهب الشيخ في النهاية والمبسوط ، وشيخنا دام ظله ، ومذهب المفيد وسلار وأبي الصلاح ، وهو أشبه.

وقال الشيخ في الخلاف : لمن ( من خ ) أراد الرد ، فله ذلك ، ولمن ( ومن خ ) أراد الإمساك ، فله الإمساك ( ذلك خ ) واختاره المتأخر وصاحب البشرى (٢).

__________________

(١) لم نعثر في سند هذه الرواية على اشتماله على ( علي بن إبراهيم ) ولا في طريق الشيخ في المشيخة ولا في مشيخة الصدوق ولعل المراد عمر بن حنظلة ووقع السهو من النساخ والله العالم.

(٢) هو أخو السيد بن طاووس كما قدمنا ذكره فلاحظ.

٤٧٧

ويرد معها مثل لبنها أو قيمته ، مع التعذر ، وقيل : صاع من بر.

______________________________________________________

واستدلوا بأن مقتضى الرد ـ وهو العيب ـ موجود ، ولا مانع فيلزم العمل بالمقتضى ، وبأن المنع من الرد يحتاج إلى دليل ولا دليل.

وزاد المتأخر ، قال : العقد وقع للاثنين ( لاثنين خ ل ) فهو بمنزلة العقدين ، لأن البايع يعلم أنه يبيع من اثنين ، فلكل واحد الرد ، كما لو تفرد ( انفراد خ ل ).

والجواب عن الأول أن المانع موجود وهو تبعيض الصفقة المنفي شرعا ، ثم يستفسر عن قولهم : إن العيب يقتضي الرد ، هل يقتضي رد المبيع كله أو بعضه؟ الأول مسلم ، والثاني ممنوع.

وعن الثاني ، الدليل موجود ، وعدم العلم به لا يدل على عدمه

وقول المتأخر : إن العقد بمنزلة العقدين ( عقدين خ ل ) مجرد دعوى ، لا دليل عليه ، وعلم البايع بأنه يبيع من اثنين ، لا يستلزم ذلك.

ولنا في المسألة وجهان ( الأول ) إن الأصل ـ بعد قوله تعالى : أوفوا بالعقود (١) وقوله : المؤمنون عند شروطهم (٢) ـ المنع من الرد ، ترك العمل بذلك في رد الكل ، فالباقي في أصله.

( الثاني ) إن البيع وقع على الكل ، والتراضي حصل عليه صفقة واحدة ، فلا يجوز تبعضها ( تبعيضها خ ) ، وأيضا تبعيض الصفقة منفي شرعا فمن ادعى ثبوتها في هذه الصورة ، فعليه الدليل.

« قال دام ظله » : ويرد معها مثل لبنها أو قيمته مع التعذر وقيل : صاع من بر.

أقول : التصرية ترك حلب الشاة يوما أو أكثر اجتماعا للبن في ضرعها ، والشاة مصراة ، وقال في المبسوط : وكذا الناقة والبقرة ، وهو تدليس يثبت به الخيار

__________________

(١) المائدة ـ ١.

(٢) الوسائل باب ٢٠ خبر ٤ من أبواب المهور من كتاب النكاح.

٤٧٨

............................................................................

______________________________________________________

للمشتري.

ولا خلاف أن مع وجود اللبن لا يفسد ولا يلزم (١) إلا رده معها وإنما الخلاف مع تعذره ، قال في النهاية ، والمفيد في المقنعة : يرد قيمته بعد إسقاط ما أنفق عليها ، وقال في المبسوط يرد عوض اللبن صاع من تمر أو بر.

واستدل بإجماع الفرقة وأخبارهم.

أما الإجماع فلا يثبت مع الخلاف.

وأما الأخبار فقد نقل عن طريقتنا (٢) وطريق الجمهور (٣).

ومع تسليمها تحمل على أن تكون التمر أو البر قيمة اللبن.

وقال المتأخر وشيخنا : يرد اللبن بعينه ، لأنه عين ماله ، فإن لم يكن ، يرد مثل اللبن ، لأنه متماثل الأجزاء ، فإن لم يوجد ، فقيمة اللبن ، وهو قوي ، وبه أعمل ، نظرا إلى الأصل المسلم.

وهنا فرعان ( الأول ) هل تثبت التصرية في البقرة والناقة؟ قال في الخلاف : نعم تمسكا ( متمسكا خ ) بالإجماع ، وهو ممنوع ، وبما روى عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها ومثلي لبنها قمحا (٤) أي برا.

وجه التمسك بأن ( أن خ ) المحفلة (٥) تقع على الشاة والبقرة والناقة التي لا يحلبها

__________________

(١) وفي بعض النسخ ( ولم يفسد لا يلزم ).

(٢) راجع الوسائل باب ١٣ من أبواب الخيار.

(٣) راجع سنن أبي داود باب من اشترى مصراة فكرهها ج ٣ ص ٢٧٠ من كتاب البيوع.

(٤) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٧٠ باب من اشترى مصراة فكرهها تحت رقم ٣٤٤٦.

(٥) وهي أن لا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع ، والشاة محفلة ومصراة ، وإنما سميت محفلة لأن اللبن حفل في ضرعها واجتمع وكل شئ كنزته فقد حفلته ( مجمع البحرين ).

٤٧٩

( الثانية ) الثيوبة ليست عيبا ، نعم لو اشترط البكارة فثبت سبق الثيوبة كان له الرد ، ولو لم يثبت التقدم فلا رد ، لأن ذلك قد يذهب بالنزوة.

( الثالثة ) لا يرد العبد بالإباق الحادث عند المشتري ، ويرد بالسابق.

______________________________________________________

صاحبها أياما اجتماعا للبنها ولشيخنا فيه تردد.

وتقوى متابعة الشيخ ولا يثبت في غيرها إجماعا.

( والثاني ) لو زالت التصرية هل يزول الخيار أم يثبت؟ جزم الشيخ في المبسوط بالأول ، وتردد في الخلاف ( نظرا ) إلى أن ثبوت الرد كان معللا بالتصرية ، فإذا زالت زال الرد ( ونظرا ) إلى أن الخبر ورد مطلقا ولم يفرق بين الزوال والبقاء فيثبت الرد عملا بإطلاق الخبر ، وشيخنا اختار الأول ، وهو قوي ، عملا بالعلة ، وتعليق الحكم عليها يكون بمنزلة التفرقة فلا يكون الخبر مطلقا.

« قال دام ظله » : الثيوبة ليست عيبا ، إلى آخره.

أقول : لا خلاف بين الأصحاب ، أن الثيوبة والبكارة ( الكبارة خ ) ليستا بعيب موجب للرد ( يوجب الرد خ ) ، وإنما اختلفت عبارتهم في اشتراط البكارة ، فذهب الشيخ في النهاية إلى المنع من الرد والأرش معا معللا بأن ذلك قد يذهب بالنزوة ، فالشيخ رحمه‌الله نظر إلى أنه يحتمل حدوثه عند المشتري ، ولم يثبت سبقه عند البايع ، فلا رد ولا أرش لأن الإجماع حاصل على أن كل عيب يكون صفته ما ذكرناه فلا يجوز به الرد ، وأطلق المتأخر ، القول بجواز الرد وهو ممنوع.

وضابط هذه المسألة أنه لو اشترط البكارة ، وثبت فواتها عند البايع ، فالمشتري بالخيار ( مخير خ ) بين الرد والأرش ، وإن لم يثبت فليس للمشتري عليه ذلك.

فأما ما رواه زرعة ـ عن سماعة ، قال : سألته (١) عن رجل باع جارية على أنها

__________________

(١) في نسخة من الوسائل سألت أبا عبد الله عليه‌السلام.

٤٨٠