قائمة الکتاب
فصل في بيان ان الله تعالى قد فصل بين الفراءة والمقروء
١٦٨
إعدادات
العقيدة وعلم الكلام
العقيدة وعلم الكلام
المؤلف :الشيخ محمّد زاهد بن حسن بن علي الكوثري
الموضوع :العقائد والكلام
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :645
تحمیل
فصل
ومما يقوي جميع ذلك من السنة : أن الفعل يضاف إلى الآمر به ، وإن كان لم يفعله بنفسه ، وإنما أمر بفعله ؛ ما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم رجم ماعزا ؛ والنبي صلىاللهعليهوسلم لم يباشر الرجم بنفسه ، لكن لما أمر الصحابة جاز أن يضاف إليه.
وأيضا ما روي عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قطع يد سارق ثوب صفوان ومعلوم أنه صلىاللهعليهوسلم ما باشر القطع ، لكن أمر به ، فأضيف الفعل إليه لما صدر عن أمره. وكذلك روي عنه صلىاللهعليهوسلم أنه جلد شارب الخمر أربعين ، ولم يباشر الجلد بنفسه ، لكن لما كان عن أمره جاز إضافة الفعل إليه. والأخبار في هذا المعنى كثيرة جدا. وأيضا يقال : جبى عمر رضي الله عنه خراج العراق ، ولم يباشر الجباية بنفسه ، لكن لما جبى بأمره جاز إضافة الفعل إليه. وكذلك يقال : افتتح عمر رضي الله عنه الشام والأمصار ، وهو لم يباشر ذلك بنفسه ، لكن الصحابة والجند بأمره ، فصحّ بهذه الجملة أن التلاوة فعل التالي ، لكن هي بأمر الله تعالى وإيجاده ، فصحّ أن يضاف إليه القراءة والتلاوة على هذا الوجه ، فأما المتلو والمقروء فليس بفعل لأحد بل هو كلامه القديم الذي هو صفة من صفات ذاته الذي ليس بمخلوق ولا يتصف بشيء من صفات الخلق.
* * *
فصل
ثم نقول لهؤلاء الجهلة الضّلال : كيف يجوز لكم أن تقولوا إن القراءة هي المقروء ، والتلاوة هي المتلو ، والله تعالى قد فصل بينهما ، وجعل القراءة فعل القارئ ، والمقروء هو القرآن الذي هو كلام الباري ، في غير موضع من كتابه.
أحدها : قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) [النّحل : ٩٨] فأفرد القراءة عن القرآن ، وأن القراءة فعل الرسول ، والمقروء ليس بفعل لأحد ، بل هو كلام الله القديم ، وهذا كقوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ) [آل عمران : ٤١] فأفرد الذكر عن المذكور ، فالذكر فعل الذاكر ، والمذكور هو الله تعالى القديم الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشّورى : ١١] وأيضا قوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزّمّل : ٢٠] وقوله تعالى : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) [العنكبوت : ٤٥] وقوله تعالى : (وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ) [النّمل : ٩٢] وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) [فاطر : ٢٩] وفي القرآن أكثر من ألف موضع يدل على الفرق بين التلاوة والمتلو ، والقراءة والمقروء ، لمن له حس سالم ، وعقل ثابت. ومن القدر الذي قدمناه دليلان :