المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

خاتمة

في حساب الفرائض

مخارج الفروض ستة. ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين. والربع من أربعة. والثمن من ثمانية ، والثلثان والثلث من ثلاثة ، والسدس من ستة.

______________________________________________________

الآخر ورث بهما ، كجدة هي أخته. وتصويره : مجوسي تزوج بنت بنته ، فأولد منها ولدا ، فالبنت الاولى جدته لامّه ، وهي أخته لأبيه.

وان منع أحدهما الآخر ورث بالمانع.

وفيه مسائل :

(أ) بنت هي بنت بنت ، وتصويره ظاهر ، فيكون لها نصيب البنت دون بنت البنت.

(ب) عمة هي أخت من أب ، لها ميراث الأخت دون العمة. وتصويره : مجوسي تزوج بامه ، فأولد منها بنتا وله ولد ، فالبنت أخت هذا الولد لأبيه ، وعمته أيضا لأنها أخت أبيه.

(ج) عمته هي أخت من أم : كما لو تزوج جده بامه فأولد منها بنتا ، فهي عمتها لكونها أخت أبيه ، وأخته لأنها من امه.

(د) عمته هي بنت عمه : وتصويره : مجوسي تزوج ببنته فأولد منها بنتا وله ولد ، فهي أخته وبنت أخته ، فلو كان لهذا الولد ابن لكانت عمته وبنت عمته.

(ه) بنت بنت وهي بنت أخت : وتصويره : مجوسي تزوج بامه فأولدها بنتا ،

٤٤١

والفريضة اما بقدر السهام ، أو أقل أو أكثر.

فما كان بقدرها : فان انقسم من غير كسر ، والا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة ، مثل أبوين وخمس بنات ، تنكسر الأربعة على الخمسة فتضرب خمسة في أصل الفريضة ، فما اجتمع فمنه الفريضة ، لأنه لا وفق بين نصيبهن وعددهن. ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد ، لا من النصيب في أصل الفريضة مثل أبوين وست بنات ، للبنات أربعة. بين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة وفق ، وهو النصف ، فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة ، فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة ، فلا عول ، ويدخل النقص على البنت أو البنات ، أو من يتقرب بالأب والام ، أو الأب ، مثل : أبوين وزوج وبنت ، فللأبوين السدسان وللزوج الربع والباقي للبنت.

وكذا الأبوان أو أحدهما وبنت أو بنات وزوج ، النقص يدخل على البنت أو البنات ، واثنان من ولد الام ، والأختان للأب والام ، أو للأب مع زوج أو زوجة ، يدخل النقص على من يتقرب بالأب والام ، أو الأب خاصة.

______________________________________________________

ثمَّ تزوج البنت فأولدها بنتا ، فالبنت الثانية بنت بنته ، وهي بنت أخته لأن البنت الاولى أخته لامه.

(و) جدة لأب هي أخت لأم ، وتصويره : مجوسي تزوج بأم امه فأولد منها ولدا ، فأم الأب أخت هذا الولد لكونها بنت امه ، وجدته لكونها أم أبيه.

٤٤٢

ثمَّ ان انقسمت الفريضة على صحة ، والا ضربت سهام من انكسر عليهم في أصل الفريضة.

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب. ولا يرد على الزوج والزوجة ، ولا على الام مع وجود من يحجبها ، مثل أبوين وبنت ، فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد أرباعا ، تضرب مخرج سهام الرد في أصل الفريضة ، فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة

في المناسخات

ونعني به ان يموت الإنسان فلا تقسم تركته ، ثمَّ يموت أحد وراثه ، ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث ، أو الاستحقاق ، أو هما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه ، والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى ، ان كان بين الفريضتين وفق. وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الأولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : تتمة في المناسخات الى آخره.

أقول : اشتقاق المناسخات من النسخ ، وهو في اللغة النقل والتحويل (١) تقول : نسخت الكتاب إذا نقلته ، ونسخت الشمس الظل إذا حولته.

__________________

(١) مصباح المنير : ص ٨٢٧ لغة (نسخت).

٤٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وعند الفقهاء : معنى المناسخات ان يموت إنسان فلا تقسم تركته ، ثمَّ يموت بعض وراثه ، ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد ، اي نفرض التركة أصلا واحدا إذا قسم على ورثة الأول كان الحاصل للميت الثاني من ذلك الأصل منقسما على ورثته من غير كسر.

فاما ان يختلف الوارث أو الاستحقاق ، أو هما ، أو يتحدان ، وينهض نصيب الثاني بالقسمة على ورثته أو لا ينهض ، وإذا لم ينهض فاما ان يكون بين نصيب ميت الثاني وفريضته وفق أو لا يكون.

فهنا ثلاثة فصول :

(الأول) ان ينهض النصيب بالقسمة على تقدير الأقسام الأربعة :

(أ) اتحاد الوارث والاستحقاق ، كإخوة ثلاثة ، ثمَّ مات أخ ثمَّ مات آخر وبقي أخ ، فالمال له ، فوارث الثاني بعينه هو الوارث الأول ، والاستحقاق في الصورتين بالاخوة.

(ب) اختلافهما كأخوين مات أحدهما ثمَّ مات الآخر عن ابن ، فالمال له ، فوارث الثاني غير الأول والاستحقاق في الأولى كان بالاخوة وفي الثانية بالبنوة.

(ج) اختلاف الوارث خاصة كإنسان مات عن ولدين ، ثمَّ مات أحدهما عن ابن ، فله ما كان لأبيه ، فوارث الثاني غير وارث الأول ، والاستحقاق في كل من الفريضتين بالبنوة.

(د) اختلاف الاستحقاق خاصة كإنسان مات وترك زوجه وابنا ، ثمَّ تموت الزوجة عن هذا الابن ، فله ثمنها ، فوارث الثاني هو بعينه وارث الأول ، والاستحقاق في الأول كان بالزوجية وفي الثاني بالبنوة.

وفي هذه الصور الأربعة نصيب الثاني من الفريضة الأولى ناهض بالقسمة على ورثته من غير كسر على ما مثلناه.

٤٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

(الفصل الثاني) ان لا ينهض ويكون بين نصيب الثاني وفريضته وفق ، فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى. مثاله : زوج واخوان من أم ومثلهما من أب ، ثمَّ يموت الزوج ويترك ابنا وبنتين ، فالفريضة الاولى من ستة ، للزوج ثلاثة ، ولاخوي الام سهمان ، ولاخوي الأب سهم ، لا ينقسم عليهما ، فينكسر في مخرج النصف ، هو اثنان فتضربه في الفريضة الأولى تبلغ اثنا عشر ، نصيب الزوج منها ستة وفريضته أربعة لا ينقسم على صحة ، لكن توافقها بالنصف ، فتضرب النصف من الفريضة الثانية وهي أربعة في الفريضة الاولى وهي اثنى عشر ، واليه أشار بقوله : (فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى) تبلغ أربعة وعشرين ، فيكون للزوج اثنى عشر وفي فريضته أربعة ، فيأخذ الابن ستة وكل من البنتين ثلاثة.

(الفصل الثالث) ان لا يكون بين فريضة الثاني ونصيبه وفق ، كزوج وأخ للأب وأخوين للأم ، ثمَّ يموت الزوج عن ابنين وبنت ، فالفريضة الاولى من ستة ، نصيب الثاني منها ثلاثة وفريضة خمسة ، ولا توافق بينهما فاضرب الفريضة الثانية أعني خمسة في الفريضة الاولى وهي ستة ، تبلغ ثلاثين ، وكل من كان له شي‌ء أخذه مضروبا في خمسة ، فللزوج خمسة عشر ، ولكل من الابنين ستة ، وللبنت ثلاثة.

وقوله : (ان نهض نصيب الثاني بالقسمة ، والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الاولى ان كان بين الفريضتين وفق) وفيه إغفال ، ولعله سهو القلم ، والصواب ان يقال : ان كان بين نصيب الميت الثاني وفريضته ، لان اعتبار الوفق وعدمه انما هو بين نصيب الميت الثاني وفريضته كما صورناه ، لا بين فريضة الأول والثاني.

خاتمة

في تحقيق فقه المواريث

اعلم : ان مراتب الإنسان ثلاثة.

٤٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لأن الوارث ان تقرب الى الميت بغير واسطة ، فهو المرتبة الاولى ، وهم الإباء والأولاد.

والمراد بالجمع في الآباء هنا ، ما فوق الواحد ، لا الجمع الحقيقي الذي أقله ثلاثة ، لأن غاية الاجتماع حصول الطرفين ، وهما الأب والام ، ولو حصلت الواسطة في الإباء صار جدا وخرج عن الاستحقاق وصار في المرتبة الثانية.

واما تعدد الواسطة في الأولاد بالتسافل ، فلا يخرجهم عن كونهم من المرتبة الأولى ، لكن لو اجتمعوا بطونا متنازلة فالأدنى إلى الميت يمنع الأبعد ، فبنت البنت اولى من ابن ابن الابن ، ويقاسمون الأبوين وان نزلوا ، كما يحجبون الزوج والزوجة من النصيب الأعلى.

وان تقرب الى الميت بواسطة فهو المرتبة الثانية ، وهو الاخوة والأجداد ، لأن كل واحد من هاتين الطبقتين يتقرب الى الميت بواسطة واحدة ، هي الأب أو الأم. ولو تصاعدت هذه الواسطة في الأجداد ، أو تنازلت في الإخوة كان الأقرب من كل طبقة اولى من الأبعد منها ، لا من الطبقة الأخرى ، فالجد البعيد لا يمنعه الأخ القريب ، وكذلك الجد وان قرب يقاسمه أولاد الاخوة وان نزلوا ، وقد بينا ما يتفرع على هذه القواعد في تحقيق الأجداد.

وان تقرب الى الميت بواسطتين ، فهو المرتبة الثالثة ، وهم الأعمام والأخوال ، لأنهم يتقربون الى الميت بواسطة الأب والجد ، لأنهم أولاد الأجداد. وهاتان الطبقتان طبقة واحدة لا يختلف حكمهما ، فالأدنى إلى الميت منهما يمنع الأبعد من الطبقة الأخرى (١) فالخالة تمنع ابن العم وكذا إذا اجتمعوا بطونا نازلة فالأدنى إلى الميت يمنع الأبعد فبنت الخالة تمنع ابن ابن العمّ ، وهكذا إلا في المسألة الإجماعية

__________________

(١) في گل : (من طبقته ومن الطبقة الأخرى).

٤٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد مرّ تحقيقها.

هنا مسائل

(الأولى) إذا اجتمع الاخوة المتفرقون كان للواحد من كلالة الأم السدس ، وللاثنين فصاعدا الثلث ذكرانا كانوا أو إناثا ، للذكر مثل الأنثى ، والباقي لكلالة الأبوين ، وسقط المتقرب بالأب وحده ، ولو عدم المتقرب بالأبوين قام مقامهم كلالة الأب في كل الاحكام الا في اختصاصهم بالرد إذا أبقت الفريضة ، فإن فيه خلافا مرّ تحقيقه. ولو شاركهم زوج أو زوجة : أخذ كلالة الأم نصيبهم موفرا من أصل التركة كما لو لم يكن زوج ، وكان النقص داخلا على كلالة الأب ، كان الزائد لهم.

(الثانية) لو عدم الاخوة قام أولادهم مقامهم كما يقوم جد الأب مقام الجد مع عدمه ، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به ، فلأولاد الواحد من ولد الام السدس وان كانوا جماعة ، ولأولاد الابنين فما زاد الثلث ، ويأخذ كل نصيب من يتقرب به ، فلو كانا أخوين وكان لأحدهما عشرة أولاد ، وللآخر بنتا واحدة ، أخذ العشرة السدس نصيب أبيهم ، والسدس الآخر للبنت نصيب أبيها ، ولأولاد أخوة الأبوين الباقي ، ويأخذ كل نصيب من يمت به. فلو اتحد ولد أحدهما وتعدد الآخر بان كانا أخوين وترك أحدهما جماعة والآخر واحدا ، أخذ الجماعة مثل الواحد ، لأنهم لا يأخذون ذلك تلقيا عن الميت ، بل عن مورثهم ، ويسقط أولاد المتقرب بالأب وحده مع المتقرب بالأبوين ، ويقومون مقامهم عند عدمهم ، وفي الرد الخلاف.

(الثالثة) لو اجتمع الأعمام والأخوال ، كان للأخوال الثلث وان كان واحدا ، وللأعمام الثلاثين وان كان عمة واحدة ، ولو اجتمع الأخوال وتفرقوا ، فلمن تقرب

٤٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بالأم سدس الثلث ان كان واحدا وثلث الثلث ان كانوا أكثر ، والباقي للأخوال من الأبوين ، وسقط المتقرب بالأب وحده الا مع عدم المتقرب بالأبوين ، وقسمة الأخوال بالسوية للام كانوا أم للأب ، وللأعمام ثلثا التركة ، فإن تفرقوا كان لمن تقرب بالأم منهم سدس ما حصل للأعمام ان كان واحدا ، أو ثلثه ان كانوا أكثر ، فالقسمة بالسوية على قول الشيخ ، وأثلاثا على القول الأضعف ، وسقط المتقرب بالأب وحده الا مع عدم المتقرب بالأبوين فيقومون مقامهم.

ولو دخل عليهم زوج أو زوجة ، كان للخال ثلث الأصل ، وللزوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى ، ودخل النقص على الأعمام ، فقد يكون للعم سدس السدس كما في هذه الصورة ، وقد يكون له سدس الأصل كما لو انفرد الأعمام.

(الرابعة) لو عدم العمومة والعمات والخؤلة والخالات قام أولادهم مقامهم وان نزلوا. ولو اجتمعوا بطونا متنازلة فالأقرب إلى الميت اولى من الأبعد ، ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به ، فيرثون الميت تلقيا عمن تقربوا به ، فيأخذون ما كان نصيبه ، فأولاد الواحد من كلالة الأم ، يأخذون السدس ، وان كانوا جماعة للذكر مثل حظ الأنثى ، وأولاد عم الأبوين يأخذون الثلاثين ، ويقوم مقامهم عند عدمهم أولاد الأعمام للأب وحده. وأولاد الأعمام والأخوال للميت وان نزلوا اولى من عمومة الأب وعماته وخئولته وخالاته ، فإن عدم أولاد الأعمام ومشاركوهم وان نزلوا كان الميراث لعمومة الأب وعماته وخئولته وخالاته ، وبعدهم لأولادهم وأولاد أولادهم ، ويأخذ كل نصيب من يتقرب به ، وتجري السياقة فيهم كما تقدم في عمومة الميت. فان عدم الجميع كان الميراث لعمومة الجد وبعدهم لأولادهم وان سفلوا ، ثمَّ ينتقل إلى عمومة جد الجد وهكذا ، ولو تفرقوا جرت السياقة فيهم كما تقدم.

٤٤٨

كتاب القضاء

٤٤٩
٤٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

كتاب القضاء

مقدمات

(الاولى) القضاء ولاية الحكم شرعا لمن له الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية ، على أشخاص معينة بشرية ، متعلقة بإثبات الحقوق ، واستيفائها.

وله مبدأ ، وغاية ، وخاصة. فمبدأه الرئاسة العامة في أمور الدين والدنيا. وغايته قطع المنازعة بين الخصوم. وخواصه عدم نقضه باجتهاد ، وصيرورته أصلا لقضية (١) غيره من القضاة وان خالف اجتهاده ، لا دليلا قطعيا. ويلزم المشهود عليه والشهود ، ومن ثمَّ عزم الشاهد برجوعه.

(الثانية) القضاء من مهمات نظام النوع وأسنى المطالب الدينية.

والأصل فيه : الكتاب ، والسنة ، والإجماع.

اما الكتاب : فقوله تعالى (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢) (يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ) (٣) (إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) (٤) (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (٥) الى غير ذلك من الآيات الدالة على مشروعية القضاء.

وأمّا السنّة : فكقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : إذا جلس القاضي في مجلسه

__________________

(١) في گل : (لنصبه).

(٢) البقرة : ٣٠.

(٣) ص : ٢٦.

(٤) النساء : ١٠٥.

(٥) المائدة : ٤٩.

٤٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

هبط عليه ملكان يسددانه ويرشدانه ويوفّقانه ، فاذا جار عرجا وتركاه (١) ونصب صلّى الله عليه وآله قضاة ، قال علي عليه السلام : بعثني رسول الله صلّى الله عليه وآله الى اليمن قاضيا (٢) وبعث علي عليه السلام عبد الله بن العباس قاضيا إلى البصرة (٣).

أجمعت الأمة على تسويغه.

(الثالثة) القضاء من فروض الكفايات ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، وقد يتعين إذا عينه الإمام ، أو لم يوجد غيره فإنه يجب عليه ان يعرّف نفسه إذا لم يعرفه الامام.

ومع عدم وجوبه : يستحب توليه من قبل العادل الواثق بالقيام.

وهو من أفضل الأعمال.

أما أولا فلأنّه من المناصب الدينية وصناعة الأنبياء.

وأما ثانيا فلتعدى نفعه.

واما ثالثا فلما فيه من تجشّم المشاق العظيمة ، وقال عليه السلام : أجرك على قدر نصبك (٤).

وروى عن ابن مسعود انه قال : لئن أجلس يوما فأقضي بين الناس أحبّ اليّ من عبادة سنة (٥).

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ١ ولاحظ ما علق عليه ولا تغفل ، وفي المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٣ وفيه (فان عدل أقاما).

(٢) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٢ ولاحظ ما علق عليه.

(٣) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٣ ولاحظ ما علق عليه.

(٤) تلخيص التحبير لابن حجر العسقلاني : ج ٢ ص ١٧٧ الحديث ٢٠٦٣ ، ولفظه (قال : اشتهر ان النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم قال لعائشة : أجرك على قدر نصبك).

(٥) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٤ ولاحظ ما علق عليه ورواه الشيخ في المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٢ س ٢.

٤٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله : ان الله لا يقدّس امة ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقه (١).

ولأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قيل : قد روي عنه صلّى الله عليه وآله : من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين (٢) وهذا الحديث يشعر بالترغيب عنه.

ولمّا طلب أبو قلابة للقضاء لحق بالشام ، واقام زمانا ، ثمَّ جاء فلقيه أيوب السجستاني وقال له : لو انك وليت القضاء وعدلت بين الناس رجوت لك في ذلك اجرا ، فقال : يا أيوب ، السابح إذا وقع في البحر كم عسى ان يسيح؟! (٣).

وأجيب عن الأول : بأن الحديث لم يخرج مخرج الذم ، بل المراد به بيان اشتماله على المشقة العظيمة والخطر الجسيم ، كيف لا وهو من مناصب الرسل والأوصياء عليهم السلام.

وعن الثاني : بأنّ أبا قلابة كان من التابعين فلا يقدح خلافه في إجماع الأمة ، وجاز امتناعه لاحساسه بالعجز عن القيام به ، لأنه كان محدّثا لا فقيها ، قاله الشيخ رحمه الله (٤).

(الرابعة) يحرم على غير الواثق من نفسه بالقيام ، توليه وقوله.

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٥ ولاحظ ما علق عليه ورواه الشيخ في المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٢ س ١١.

(٢) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٦ الحديث ٦ ولاحظ ما علق عليه ، ورواه الشيخ في المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٢ س ١٩ وتمام الحديث (قيل : يا رسول الله ، وما الذبح؟ قال : نار جهنم).

(٣) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٦ الحديث ٧ ولاحظ ما علق عليه.

(٤) المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٢ س ٤.

٤٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

روى ابن عباس عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين ، قيل : يا رسول الله وما الذبح؟ قال : نار جهنم (١).

وعنه عليه السلام : يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة ، فمن شدة ما يلقاه من الحساب يود ان لم يكن قضى بين اثنين في تمرة (٢).

وعنه عليه السلام : يا أبا ذر اني أحب لك ما أحب لنفسي ، واني أراك ضعيفا مستضعفا ، فلا تأمر على اثنين ، وعليك بخاصة نفسك (٣).

وروي ان لقمان في ابتداء امره كان نائما نصف النهار ، إذ جاءه نداء يا لقمان : هل لك ان يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت : ان خيرني ربي قبلت العافية ولم اقبل البلاء ، وان عزم عليّ فسمعا وطاعة ، فإني اعلم انه ان فعل بي ذلك أعانني وعصمني ، فقالت الملائكة بصوت لم يرهم : لم يا لقمان؟ قال : لأنّ الحكم أشد المنازل وآكدها ، يغشاه الظلم من كل مكان ، إن وفى فبالحري ان ينجو ، وان أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكون في الدنيا ذليلا وفي الآخرة شريفا ، خير من ان يكون في الدنيا شريفا وفي الآخرة ذليلا ، ومن تخير الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا نصيب له في الآخرة ، فعجبت الملائكة من حسن منطقه ، فنام نومة فاعطي الحكمة ، فانتبه يتكلم بها ، ثمَّ كان يؤازر داود بحكمته ، فقال له داود : طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك النقمة (٤).

__________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٦ الحديث ٩ ولاحظ ما علق عليه ، ورواه في المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٢ س ٢١.

(٣) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٥١٦ الحديث ١٠ ولاحظ ما علق عليه.

(٤) الوافي : ج ٣ باب ٢٢ مواعظ لقمان عليه السلام ص ٨٣ س ٣٤ ورواه القمي في تفسيره : ج ٢ ص ١٦٣ س ١ في تفسيره لسورة لقمان.

٤٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وروى احمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن ابي عبد الله عليه السلام قال : القضاة أربعة ، ثلاثة في النار وواحد في الجنة : رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالجور وهو لا يعلم انه قضى بالجور فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة (١).

(الخامسة) الناس في القضاء على أربعة أضرب :

(أ) من يجب عليه ، وهو جامع الشرائط ، إذا لم يجد الامام غيره ، فعلى الامام ان يوليه ، وعليه ان يقبل ، وان لم يعلم الامام به فعليه ان يعرّفه بنفسه لتولية القضاء ، لكونه من فروض الكفايات.

(ب) من يحرم عليه وهو غير الجامع كالجاهل العدل أو العالم الفاسق.

(ج) من يستحب له وهو جامع الشرائط إذا لم يكن له من ماله كفاية وافتقر في طلب الكفاية إلى الاشتغال بالمباح كالتجارة وغيرها ، فلئن يلي القضاء ويصرف زمانه في طاعة الله ويرتزق من بيت المال خير له من الاشتغال بالمباح.

(د) من كان له كفاية من ماله ، لا تخلو.

اما ان يكون مشهورا بالعلم ، معروفا بالفضل ، يقصده الناس يستفتونه ويتعلمون منه ، فالمستحب له ترك القضاء ، لان التدريس والتعليم طاعة وعبادة مع الأمن والسلامة من ارتكاب الاخطار ، والقضاء وان كان طاعة لكنه مشتمل على الغرر وتطرق الضرر ، لقوله عليه السلام من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين (٢).

__________________

(١) الكافي : ج ٧ باب أصناف القضاة ص ٤٠٧ الحديث ١ وتمامه (وقال عليه السلام : الحكم حكمان ، حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله ، حكم بحكم الجاهلية).

(٢) درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيويه ، باب في ذكر القضاء والقضايا ، وهو السابع عشر ص ١٤٥ س ٨ ولفظه (وبإسناده عن النبي صلّى الله عليه وآله انه قال : من سأل القضاء وكل الى نفسه ،

٤٥٥

كتاب القضاء

والنظر في الصفات والآداب ، وكيفية الحكم ، واحكام الدعوى.

والصفات ست : التكليف ، والايمان ، والعدالة ، وطهارة المولد ، والعلم ، والذكورة.

ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى ، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولا بدّ أن يكون ضابطا ، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه : نعم (١) ، لاضطراره الى ما لا يتيسر لغير النبيّ صلّى الله عليه وآله الا بها ، ولا ينعقد للمرأة.

______________________________________________________

واما ان يكون خاملا لا يعرف علمه ، ولا يعلم فضله ، ولا ينتفع الناس بعلمه ، فالمستحب له ان يليه ليدل على فضله وإظهار علمه ، وانتفاع الناس به ، حتى قال بعضهم : يجوز ان يبذل مالا ليلي القضاء (١).

قال طاب ثراه : وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه : نعم.

أقول : ما اختاره المصنف ، وهو علمه بالكتابة ، مذهب الشيخ في المبسوط (٢) ومختار العلّامة (٣) لاضطراره الى الضبط ، ولا يتم الا بها ، وللاحتياط.

__________________

ومن ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين).

(١) وفي هامش بعض النسخ ما لفظه (والأصح خلاف ذلك ، لان بذل المال على ذلك لا يجوز ، ولا للإمام ان يأخذ على ذلك عوضا ، قاله الشيخ في المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٤ س ١٦ قال : لانّ بذل المال على ذلك لا يجوز إلخ.

(٢) المبسوط : ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ١٢٠ س ٤ قال : والذي يقتضيه مذهبنا : ان الحاكم يجب ان يكون عالما بالكتابة ، والنبي صلّى الله عليه وآله كان يحسن الكتابة بعد النبوة ، وانما لم يحسنها قبل البعثة.

(٣) القواعد : ج ٢ في صفات القاضي ص ٢٠١ س ٢٣ قال : وفي اشتراط علمه بالكتابة إشكال وكذا البصر ، والأقرب اشتراطهما.

٤٥٦

وفي انعقاده للأعمى تردد (١) ، والأقرب : انه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة.

______________________________________________________

وقيل : بعدم الاشتراط (١) للأصل ، ولأن النبيّ صلّى الله عليه وآله كان خاليا من الكتابة في أول أمره مع اختصاصه بالرئاسة العامة ، ومنصبه صلّى الله عليه وآله أكمل المناصب ولم يشترط بها ، فلا يضر خلو غيره منها.

وأجيب بالفرق من وجوه :

(أ) عصمته صلّى الله عليه وآله من الغلط والنسيان وجوازهما على غيره.

(ب) تأييده بالوحي المتواتر.

(ج) قوة حافظته ، فلا يحتاج إليها.

(د) خلوه عليه السلام منها زيادة في كماله ، وفي حقّ غيره نقص. مع ان في الآية (٢) الإيماء إلى سبب الخلو ، وهي ريبة أهل الجحود.

وانما قلنا في أول أمره؟ لأن الشيخ رحمه الله قال في المبسوط : انما كان خاليا من الكتابة قبل البعثة لا بعدها (٣) واختاره ابن إدريس (٤).

قال طاب ثراه : وفي انعقاده للأعمى تردد.

أقول : اشتراط البصر مذهب الشيخ (٥) والقاضي (٦) وابن الجنيد (٧) ويحيى

__________________

(١) بداية المجتهد : ج ٢ في معرفة من يجوز قضائه ص ٥٠٠ س ١٣ قال : واما فضائل القضاء الى قوله : واختلفوا في الأمي ، والأبين جوازه.

(٢) قال تعالى (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت : ٤٨.

(٣) تقدم آنفا.

(٤) السرائر : في آداب القضاء ص ١٩٤ س ١٥ قال : والذي يقتضيه مذهبنا : ان الحاكم يجب ان يكون عالما بالكتابة : والنبيّ صلّى الله عليه وآله كان يحسن الكتابة بعد النبوة ، وانما لم يحسنها قبل البعثة.

(٥) المبسوط : ج ٨ شرائط القضاء ص ١٠١ س ٥ قال : واما كمال الخلقة فان يكون بصيرا ، فان كان أعمى لم ينعقد له القضاء إلخ.

(٦) المهذب : ج ٢ كتاب القضاء ص ٥٩٨ س ٢١ قال : اما كامل الخلقة ، ان يكون بصيرا ، إلخ.

(٧) لم أعثر على قوله.

٤٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بن سعيد (١) واختاره المصنف (٢) والعلّامة (٣) لافتقاره الى التميز بين الخصوم ، واحتياجه إلى الكتابة ، وهي معتبرة في القاضي ، ولأن الأعمى لا ينفذ شهادته في بعض الأشياء ، والقاضي ينفذ شهادته في كل الأشياء ، واختاره المصنف (٤) والعلّامة (٥).

وقيل : بعدم الاشتراط (٦) للأصل ، ولأن شعيبا كان أعمى (٧).

__________________

(١) الجامع للشرائع : كتاب القضاء ص ٥٢٢ س ٣ قال : إذا كان الرجل عاقلا بصيرا كاملا كاتبا الى قوله : فهو أهل لولاية القضاء.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) القواعد : ج ٢ في صفات القاضي ص ٢٠١ س ٢٣ قال : وفي اشتراط علمه بالكتابة إشكال وكذا البصر والأقرب اشتراطهما.

(٤) الشرائع : كتاب القضاء ، في الآداب ، قال : وهنا مسائل ، الأولى : الإمام يقضي بعلمه مطلقا ، وغيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس الى قوله : ويجوز ان يحكم في ذلك كله من غير حضور شاهد يشهد الحكم.

(٥) القواعد : ج ٢ ، الفصل الثالث ، في مستند القضاء ص ٢٠٥ س ١١ قال : وغيره (اي غير الإمام) يقضي به في حقوق الناس وكذا في حقه تعالى على الأصح ولا يشترط في حكمه حضور شاهدين.

(٦) بداية المجتهد : ج ٢ في معرفة من يجوز قضائه ص ٥٠٠ س ٤ قال : ولا خلاف في مذهب مالك ان السمع والبصر والكلام مشترطة في استمرار ولايته ، وليس شرطا في جواز ولايته إلخ.

(٧) قال الطبرسي : إلى قوله : ضعيفا اي ضعيف البدن ، أو ضعيف البصر ، أو مهينا ، وقيل : كان عليه السلام أعمى. واختلف في ان النبي هل يجوز ان يكون أعمى؟ فقيل : لا يجوز لان ذلك ينفّر ، وقيل : يجوز ان لا يكون فيه تنفير ويكون بمنزلة سائر العلل والأمراض (بحار الأنوار : ج ١٢ كتاب النبوة باب ١١ قصص شعيب ، ص ٣٧٩). أقول : كونه عليه السلام أعمى ، مع انه لم يثبت ، ولذا نقله تحت عنوان (قيل) : مخالف لما أورده في علل الشرائع : ج ١ باب ٥١ العلة التي من أجلها جعل الله عز وجل موسى خادما لشعيب عليهما السلام ولفظ الحديث (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : بكى شعيب عليه السلام من حب الله عز وجل حتى عمى ، فرد الله عليه بصره ، ثمَّ بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره ، فلما كانت الرابعة : أوحى الله اليه يا شعيب الى متى يكون هذا ابدا منك ، ان يكن هذا خوفا من النار فقد أجرتك

٤٥٨

وفي اشتراط الحرية تردد ، الأشبه : انه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ، ولا ينعقد بنصب العوام له ، نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم. ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت عليهم السلام الجامع للصفات. وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه ، وربما وجب.

(النظر الثاني) في الآداب

وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب : اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره ، والجلوس في قضائه مستدبر القبلة ، وان يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم ، والسؤال عن أهل السجون وإثبات أسمائهم ، والبحث عن موجب اعتقالهم ، ليطلق من يجب إطلاقه ، وتفريق الشهود عند الإقامة ، فإنه أوثق ، خصوصا في موضع الريبة عدا ذوي البصائر لما يتضمن من

______________________________________________________

وأجيب : باختصاص النبيّ صلّى الله عليه وآله بالعصمة المانعة من الغلط والنسيان ، ومزيد القوة الحافظة ، الموجبة لبقاء التذكر ، بخلاف غيره ، ونمنع كونه أعمى بالكلية ، ولانجباره بالوحي وقلة المؤمنين في زمانه.

قال طاب ثراه : وفي اشتراط الحرية تردد ، الأشبه : انه لا يشترط.

٤٥٩

الغضاضة ، وان يستحضر من أهل العلم من يخاوضه في المسائل المشتبهة.

والمكروهات : الاحتجاب وقت القضاء ، وان يقضي مع ما يشغل النفس كالغضب ، والجوع ، والعطش ، والغم ، والفرح ، والمرض ، وغلبة النعاس ، وان يرتب قوما للشهادة ، وان يشغل للغريم في إسقاط أو إبطال.

______________________________________________________

أقول : الاشتراط مذهب الشيخ (١) والقاضي (٢) والكيدري (٣) ويحيى بن سعيد (٤) وهو ظاهر ابن حمزة (٥) لأنه ولاية ، والعبد مولّى عليه ، ولأنه من المناصب الجليلة فلا يليق بالرقيق.

وعدمه مذهب المصنف (٦) للأصل ، ولان المناط العلم مع الزهد ، والاجتهاد مع العدالة فيكفي.

لعموم قول الصادق عليه السلام : إياكم ان يحاكم بعضكم بعضا الى قضاة الجور ، ولكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا ، فاجعلوه بينكم ، فإني قد جعلته قاضيا (٧).

__________________

(١) المبسوط : ج ٨ شرائط القضاء ص ١٠١ س ٩ قال : واما كمال الاحكام فان يكون بالغا عاقلا حرا ذكرا.

(٢) المهذب : ج ٢ كتاب القضاء ص ٥٩٩ س ٢ قال : واما كمال الاحكام بان يكون بالغا حرا ذكرا.

(٣) مستند الشيعة : ج ٢ كتاب القضاء والشهادات ص ٥٢٠ س ١ قال : ومنها الحرية ذهب الى الاشتراط : الشيخ ، والقاضي وابن سعيد والكيدري إلى آخر.

(٤) مستند الشيعة : ج ٢ كتاب القضاء والشهادات ص ٥٢٠ س ١ قال : ومنها الحرية ذهب الى الاشتراط : الشيخ ، والقاضي وابن سعيد والكيدري إلى آخر.

(٥) الوسيلة : كتاب القضاء والاحكام ص ٢٠٩ س ١ قال : والكمال يثبت بثلاثة أشياء : بالتمام في الخلقة ، وفي الحكم والاضطلاع بالأمر إلخ ، وقال في مفتاح الكرامة ، كتاب القضاء ج ١٠ س ١١ في شرح قول المصنف (واشتراط الحرية) : وهو ظاهر محمد بن حمزة في الوسيلة.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) التهذيب : ج ٦ (٨٧) باب من اليه الحكم وأقسام القضاء والمفتين ص ٢١٩ الحديث ٨.

٤٦٠