المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الاقتصار على موضع الإجماع.

أقول : للأصحاب في تعيين محل الشفعة أربعة أقوال.

(الأول) انه غير المنقول كالبساتين والرباع والعراص (١) وهو قول الشيخ في المبسوط (٢) وابن حمزة (٣) والطبرسي (٤) واختاره المصنف (٥) والعلّامة (٦).

(الثاني) انه كل مبيع وهو قول السيد (٧) وأبي علي (٨) والقاضي (٩) وابن إدريس (١٠).

__________________

(١) العرصة بالفتح كل بقعة بين الدار واسعة ليس فيها بناء والجمع العراص والعرصات (مجمع البحرين لغة عرص).

(٢) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٦٠ س ١١ قال : فاما ما يجب فيه مقصورا متبوعا فالعراص والأراضي البراح إلخ.

(٣) الوسيلة : باب الشفعة ص ٢٥٨ س ٤ قال : الخلطة في نفس المبيع وفي حقوقه من الطريق والنهر والساقية إلخ.

(٤) المختلف : ج ٢ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٤ س ٢٢ فإنه بعد نقل قول ابن حمزة قال : وهو قول الطبرسي.

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) المختلف : ج ٢ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٤ س ٢٢ قال : والمعتمد انها انما يثبت فيما يصح قسمته خاصة إلّا المملوك.

(٧) الانتصار : ص ٢١٥ مسائل الشفعة س ٦ قال : مسألة وممّا انفردت به الإمامية إثباتهم حق الشفعة في كل شي‌ء من المبيعات إلخ.

(٨) المختلف : ج ٣ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٤ س ٢٠ فإنه بعد نقل قول السيد قال : وكذا مذهب ابن الجنيد.

(٩) المهذب : ج ١ كتاب الشفعة ص ٤٥٨ س ١١ قال : وجميع ما هو من ضياع أو متاع أو عقار أو حيوان فإن الشفعة تصح فيه وهو الأظهر.

(١٠) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥١ س ٨ قال : وإذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة استحقت في كل مبيع من الأرضين والحيوان إلخ.

٢٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثالث) انه كلّ مبيع بشرط إمكان القسمة ، فيخرج الطريق ، والنهر ، والحمام ، والعضائد الضيقة وهو قول الشيخ في النهاية (١).

(الرابع) انه غير المنقول ، والعبد خاصة من المنقولات ، نقله المصنف عن بعض الأصحاب (٢) واختاره العلّامة في المختلف (٣) وظاهر الحسن ثبوتها في المقسوم أيضا (٤).

احتج الأولون : بأن الشفعة على خلاف الأصل ، لأن الأصل عدم التسلط على مال المسلم ، فيقتصر فيه على موضع الإجماع ويبقى الباقي على الأصل.

وبما روي عن الصادق عليه السّلام : انما جعل رسول الله صلّى الله عليه وآله : الشفعة فيما لا يقسم ، فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة (٥) وانما للحصر ، والحدود انما يكون في الاملاك.

وروى جابر عن النبي صلّى الله عليه وآله : لا شفعة إلا في ربع أو حائط (٦)

__________________

(١) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٤ س ١٠ قال : ولا شفعة فيما لا يصح قسمته مثل الحمام والأرحية وما أشبههما.

(٢) الشرائع : كتاب الشفعة (ما تثبت فيه الشفعة) قال : ومن الأصحاب من أوجب الشفعة في العبد دون غيره من الحيوان.

(٣) تقدم آنفا تحت رقم (٦).

(٤) المختلف : ج ٢ الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٥ س ١٠ قال : وقال ابن أبي عقيل : الشفعة في الأموال المشاعة والمقسومة جميعا.

(٥) سنن أبي ماجه : ج ٢ كتاب الشفعة (٣) باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة ص ٨٣٤ الحديث ٢٤٩٩ والحديث عن جابر ولاحظ عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٤٧٥ باب الشفعة الحديث ٣ وما علق عليه.

(٦) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٤٧٦ باب الشفعة الحديث ٤ وفي المبسوط : كتاب الشفعة ص ١١٨ س ١٦ قال : الشفعة في كل شركة ربع أو حائط.

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي للحصر أيضا.

وبرواية سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق (١).

احتج المعممون : برواية يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شي‌ء هي؟ ولمن تصلح؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ فقال : الشفعة جائزة في كل شي‌ء من حيوان أو أرض أو متاع (٢) وهي مرسلة.

فإن قيل : الرواية تدل على الجواز ، والكلام في الوجوب.

قلنا : جواز المطالبة بها للشفيع يستلزم لزومها للمشتري ، وهذا هو بعينه القول بوجوبه ، فإن أحدا لم يوجبها على الشريك ، بل هي حق له وله إسقاطه إجماعا.

احتج المثبتون لها في العبد بصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال في المملوك بين شركاء ، يبيع أحدهم نصيبه ، فيقول الأخر : أنا أحق ، أله ذلك؟ قال : نعم إذا كان واحدا ، فقيل له : في الحيوان شفعة؟ فقال : لا (٣).

احتج الشيخ على مطلوب النهاية : برواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السّلام قال : لا شفعة إلا لشريك مقاسم (٤).

ولا تتحقق القسمة في البئر والطريق والحمام الضيقة.

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٦ الحديث ١٥ وفيه السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام ، ورواه في المختلف : ج ٢ ص ١٢٤ س ٢٣ عن سليمان بن خالد ولم أظفر بهذا الحديث عنه.

(٢) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٤ الحديث ٧.

(٣) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٦ الحديث ١٢.

(٤) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٧ الحديث ١٨ وفيه الا لشريك غير مقاسم.

٢٦٣

وفي ثبوتها في الحيوان قولان : المروي انها لا تثبت. ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره (١) ولا تثبت فيما لا ينقسم كالعضائد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الأشبه.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي ثبوتها في الحيوان قولان : المروي انها لا تثبت ، ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره.

أقول : البحث في هذه يعرف من البحث السابق.

قال طاب ثراه : ولا تثبت فيما لا يقسم كالعضائد والحمامات ، والنهر والطريق الضيق على الأشبه.

أقول : هذا أيضا يعرف من البحث السابق. ونزيده إيضاحا.

فنقول : اختيار المصنف هنا هو اختيار الشيخ في النهاية (١) وهو اختياره في الكتابين (٢) (٣) وبه قال الفقيه (٤) وسلار (٥).

ومذهب المرتضى وابن إدريس ثبوتها (٦) (٧) عملا بالدليل المقتضي لثبوتها في

__________________

(١) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٤ س ٥ قال : ولا تثبت الشفعة بالاشتراك في الطريق والنهر والساقية إلخ.

(٢) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١١٩ س ١٢ قال : إذا باع شقصا من مشاع لا يجوز قسمته شرعا كالحمام الى قوله : فلا شفعة فيها.

(٣) كتاب الخلاف : كتاب الشفعة ، مسألة ١٦ قال : إذا باع شقصا من مشاع لا يجوز قسمته شرعا كالحمام والأرحية إلى قوله فلا شفعة فيها.

(٤) المختلف : ج ٢ ، الفصل العشرون في الشفعة ص ١٢٥ س ٢٣ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط : وبه قال على بن بابويه.

(٥) المراسم : ذكر أحكام الشفعة ص ١٨٣ س ١١ قال : فما لا تصح قسمته لا شفعة فيه أيضا.

(٦) الانتصار : مسائل الشفعة ص ٢١٥ س ٦ قال : إثباتهم حق الشفعة في كل شي‌ء إلى قوله : كان ذلك ممّا يحتمل القسمة أو لا يحتملها.

(٧) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥١ س ٩ قال : في كل مبيع الى قوله : سواء كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لم يكن على الأظهر.

٢٦٤

ويشترط انتقاله بالبيع ، فلا تثبت لو انتقل بهبة ، أو صلح ، أو صداق ، أو صدقة ، أو إقرار.

______________________________________________________

المبيعات من غير استثناء ، ولأن الشفعة إنما شرعت لازالة الضرر ، وهو حاصل في غير المقسوم ، ولا فرق بين دوامه وجواز انفكاكه.

وأجيب : بأن التضرر انما هو من تكلف القسمة لما يلحق من المؤنة ، وهذا المعنى غير متحقق في صورة النزاع ، لان ما لا يمكن لا يطلب ، إذ التقدير انه لا يمكن قسمته ، فقد ظهر الفرق بين الصورتين.

ولما رواه جابر ان رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : انما جعلت الشفعة فيما لا يقسم فاذا وقعت الحدود وصرفت الطريق فلا شفعة (١).

ووجه الدلالة : انه أتى بالألف واللام وهما هنا للجنس ، فكان تقدير الكلام : جنس الشفعة فيما لا تقسم ولم يقيد نفي الماضي. وفي معناها (لما) و (لا) لنفي الأبد ، ولهذا صح دخولها على ما لا يصح قسمته شرعا ، فيقال : السيف لا يقسم ، ولا يقال : لم يقسم ، لأنه لا يصح اتصافه بالقسمة شرعا. واما (لم) فلا تدخل الّا على ما يمكن قسمته شرعا ، ويصح اتصافه بالقسمة في وقت ما من الأوقات ، ويؤيد قوله عليه السّلام في تمام الحديث (فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق) فلا قسمة فيما لا يتحقق فيه تمايز الحدود. وصرف الطرق ليس مرادا في الخبر ، وقد تصدّر فيه ب (انما) وهي للحصر ، فيقيد انتفاء الشفعة في صورة النزاع. ويعلم من هذا انتفائها عن المنقولات على اختلاف ضروبها ، لان الحدود انما تكون في الاملاك.

__________________

(١) سنن ابن ماجه : ج ٢ كتاب الشفعة (٣) باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة ص ٨٣٤ الحديث ٢٤٩٩.

٢٦٥

ولو كان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف عليه ، وقال المرتضى : تثبت (١) وهو أشبه.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو كان الوقف مشاعا مع طلق ، فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف عليه شفعة ، وقال المرتضى : يثبت.

أقول : مختار السيد (١) هو مذهب التقي (٢) وعدم الثبوت مذهب الشيخ في المبسوط (٣) وقال ابن إدريس : ان كان الموقوف عليه واحد ثبتت الشفعة (٤) واختاره العلّامة في المختلف (٥).

والحاصل : ان هنا ثلاثة أقوال.

(أ) ثبوتها للموقوف عليه وان كان متعددا ، كالمساكين ، والأخذ للناظر ، وهو قول السيد.

(ب) عدم الثبوت مطلقا ، وهو قول المبسوط.

(ج) ثبوتها مع وحدة الموقوف عليه ، وهو مذهب العلّامة وابن إدريس.

احتج السيد بعموم ثبوت الشفعة للشريك ، وهو أعم من الواحد وما زاد.

واحتج الشيخ : بعدم انحصار الحق في الموقوف عليه ، وبعدم الانتقال اليه.

واحتج ابن إدريس : بأنه شريك واحد ، فكان له الشفعة كالطلق.

__________________

(١) الانتصار : في مسائل الشفعة ص ٢٢٠ س ٢٣ قال : (مسألة) وممّا انفردت به الإمامية القول : بأن لإمام المسلمين وخلفائه المطالبة بشفعة الوقوف التي ينظرون فيها على المساكين أو على المساجد ومصالح المسلمين.

(٢) لم أعثر عليه في الكافي ولا في غيره من مظانه.

(٣) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٤٥ س ١٦ قال : إذا كان نصف الدار وقفا ونصفها طلقا فبيع الطلق لم يستحق أهل الوقف الشفعة بلا خلاف.

(٤) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥٣ س ١٥ قال : فان كان الوقف على واحد صح ذلك.

(٥) المختلف : ج ٢ في أحكام الشفعة ص ١٢٩ س ٣١ قال : بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقوى.

٢٦٦

(الثاني) في الشفيع ، وهو كل شريك بحصته مشاعة قادر على الثمن. فلا تثبت للذمي على مسلم ، ولا بالجوار ، ولا لعاجز عن الثمن ، ولا فيما قسّم وميّز إلا بالشركة في الطريق أو النهر إذا بيع أحدهما أو هما مع الشقص. وتثبت بين شريكين. ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وتثبت بين شريكين ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين.

أقول : المشهور انّ الشفعة لا تثبت مع كثرة الشفعاء وهو اختيار الشيخ (١) وبه قال السيد (٢) وابن إدريس (٣) وسلار (٤) والتقي (٥) والقاضي (٦) وابن زهرة (٧).

وبالثبوت قال الصدوق (٨) وأبو علي (٩).

وهل هي على قدر السهام ، أو على عدد الرؤوس؟ على الأول أبو علي (١٠) وعلى

__________________

(١) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٤ س ٢ قال : وإذا زاد الشركاء على اثنين بطلت الشفعة.

(٢) الانتصار : مسائل الشفعة ص ٢١٦ س ١٧ قال : (مسألة) وممّا انفردت به الإمامية إلى قوله : وإذا زاد العدد على اثنين فلا شفعة.

(٣) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٣٥٠ س ١٥ قال : فشروط استحقاقها ستة إلى قوله : وان يكون الشريك واحدا على الصحيح من المذهب.

(٤) المراسم : ذكر أحكام الشفعة ص ١٨٣ س ٤ قال : فما كان مالكه زائدا على اثنين فلا شفعة فيه.

(٥) الكافي : فصل في الشفعة ص ٣٦١ س ٤ قال : منها كون المبيع سهما من اثنين إلخ.

(٦) المهذب : ج ١ كتاب الشفعة ص ٤٥٣ س ٩ قال : وإذا كان اثنان شريكين في دار وليس فيها شريك غيرهما الى قوله : كان لشريكه الشفعة.

(٧) الغنية : في الجوامع الفقهية ، فصل في الشفعة ص ٥٩٠ س ١٥ قال : وشروطها ستة إلى قوله : وان يكون واحدا.

(٨) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (٣٦) باب الشفعة ص ٤٦ قال بعد نقل حديث ١٠ من قوله عليه السّلام : (فان زاد على اثنين فلا شفعة) ما لفظه : يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده ، فاما في غير الحيوان فالشفعة واجبة وان كانوا أكثر من اثنين.

(٩) المختلف : ج ١ في أحكام الشفعة ص ١٢٦ س ١٣ قال : وقال ابن الجنيد : الشفعة على قدر السهام من الشركة ، ولو حكم بها على عدد الشفعاء جاز.

(١٠) المختلف : ج ١ في أحكام الشفعة ص ١٢٦ س ١٣ قال : وقال ابن الجنيد : الشفعة على قدر السهام من الشركة ، ولو حكم بها على عدد الشفعاء جاز.

٢٦٧

ولو ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام ، فان لم يحضره بطلت ، ولو قال : انه في بلد أخر أجّل بقدر وصوله وثلاثة أيام ما لم يتضرر المشتري. وتثبت للغائب والسفيه والمجنون والصبي ويأخذ لهم الولي مع الغبطة ، ولو ترك الولي فبلغ الصبي ، أو أفاق المجنون فله الأخذ.

(الثالث) في كيفية الأخذ : ويأخذ بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد. ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجواهر أخذه بقيمته. وقيل : تسقط الشفعة استنادا إلى رواية فيها احتمال.

______________________________________________________

الثاني الصدوق (١).

ويحتج للأول : بأن المقتضي للشفعة ، الشركة ، والمعلول يتزايد بتزايد علته ، وينتقص بنقصها إذا كانت قابلة للضعف.

ويحتج للثاني : بالرواية المنقولة عن علي عليه السّلام : ان الشفعة تثبت على عدد الرجال (٢).

ولأنّ سبب الاستحقاق الشركة في الجملة ، ولو بأقل جزء ، فيستوي فيه القليل والكثير.

وهو امتن من الأول.

قال طاب ثراه : ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجوهر أخذه بقيمته ، وقيل : تسقط الشفعة استنادا إلى رواية فيها احتمال.

أقول : إذا كان الثمن المدفوع عوض الشقص المشفوع قيميا كالثوب والرقيق ، هل تبطل الشفعة؟ لعدم إمكان أداء مثل الثمن ، أو تثبت الشفعة ويدفع قيمة

__________________

(١) المختلف : ج ١ في أحكام الشفعة ص ١٢٥ س ٢٦ قال : وقال الصدوق الى قوله : وروي ان الشفعة على عدد الرجال.

(٢) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٦ الحديث ١٣.

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

العرض وقت العقد؟ الشيخ في الخلاف على الأول (١) وبه قال ابن حمزة (٢) والطبرسي (٣) والعلّامة في المختلف (٤).

والمفيد (٥) والشيخ في المبسوط على الثاني (٦) وبه قال التقي (٧) وابن إدريس (٨) واختاره المصنف (٩) وهو أحد قولي العلّامة (١٠).

احتج الأولون : بأصالة عدم التسلط إلّا في موضع الإجماع ، فيقتصر عليه. ولأنها معاوضة بغير رضاء ، فيبطل لقوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) (١١).

فان قلت : التراضي غير شرط في الشفعة إجماعا ، فيبطل الاستدلال.

أجيب : بأنه في المثل لا اثر لتسخط المأخوذ منه ، لاسترجاعه ما يساويه في المصلحة ، بخلاف القيمة ، فإن المشتري إنما خرج عن سلعته بإزاء العين المطلوبة ،

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب الشفعة مسألة ٧ قال : وان كان بثمن لا مثل له كالثياب والحيوان ونحو ذلك فلا شفعة له.

(٢) الوسيلة : باب الشفعة ص ٢٥٨ س ٤ قال : والثاني ان يباع بذوات الأمثال من الثمن.

(٣) المختلف : ج ٢ ص ١٢٦ س ٢١ قال : بالأول (أي بطلان الشفعة) قال الطبرسي إلى قوله : والمعتمد الأول.

(٤) المختلف : ج ٢ ص ١٢٦ س ٢١ قال : بالأول (أي بطلان الشفعة) قال الطبرسي إلى قوله : والمعتمد الأول.

(٥) المقنعة : باب الشفعة ص ٩٦ س ٢٦ قال : وإذا باع الإنسان شقصا لعبد أو امة كان لشريكه الشفعة على المبتاع بقيمة العبد والأمة وكذلك الحكم في جميع العروض.

(٦) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٠٨ س ٦ قال : وان لم يكن له مثل أخذه بقيمته.

(٧) الكافي : فصل في الشفعة ص ٣٦٢ س ١٣ والشفعة مستحقة في جميع المبيعات من العروض والحيوان.

(٨) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٣٥٠ س ١٣ قال : تسليم المبيع بمثل ما بذل فيه أو قيمته على الصحيح من أقوال أصحابنا.

(٩) لاحظ عبارة النافع.

(١٠) القواعد : ج ١ في الشفعة ص ٢١٣ س ٢٠ قال : وان كان من ذوات القيم فعليه قيمته يوم العقد.

(١١) سورة النساء / ٢٩.

٢٦٩

وللشفيع المطالبة في الحال ، ولو أخّر لا لعذر بطلت شفعته ، وفيه قول أخر ، ولو كان لعذر لم تبطل (١). وكذا لو توهم زيادة ثمن ، أو جنسا من الثمن فبان غيره ، ويأخذ الشفيع من المشتري ودركه عليه. ولو انهدم المسكن أو عاب بغير فعل المشتري أخذ الشفيع بالثمن أو ترك ، وان كان بفعل المشتري أخذ بحصته من الثمن.

______________________________________________________

فاذا تعذر وجب ردّ عينه اليه.

ولرواية علي بن رئاب عن الصادق عليه السّلام في رجل اشترى دارا برقيق ومتاعا وبز (١) وجوهر ، قال : ليس لأحد فيها شفعة (٢).

ويقرب منها رواية هارون بن حمزة عنه عليه السّلام إلى أن قال : فهو أحق بها من غيره بالثمن (٣). وإنما بتحقق ذلك في المثلي.

قال المصنف : وفيها احتمال إشارة إلى الرواية الأولى ، لأنها مقصورة على من اشترى دارا برقيق ومتاع ، فلا تعدي الى غيرها. ورواية هارون أيضا ليست بصريحة ، لأن القيمة مماثله أيضا غالبا ، وابن الجنيد نفى الشفعة الا ان يأتي الشفيع بعين الثمن ، جمعا بين حقه وحق المشتري (٤).

قال طاب ثراه : ولو أخّر لا لعذر بطلت شفعته ، وفيه قول أخر ، ولو كان لعذر لم تبطل.

__________________

(١) في الخبر : كان النبي صلّى الله عليه وآله بزازا ، البزاز بالفتح وتشديد الزاء الاولى صاحب البز ، والبز من الثياب أمتعة التاجر ، ومنه قدم بزّ من اليمن ، ومنه اشتروا بزا فاشتركوا (مجمع البحرين لغة بزّ).

(٢) التهذيب : ج ٧ (١٤) (باب الشفعة) ص ١٦٧ الحديث ١٧.

(٣) الكافي : ج ٥ (باب الشفعة) ص ٢٨١ قطعة من حديث ٥.

(٤) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في الشفعة) ص ١٢٦ س ٢١ قال : وقال ابن الجنيد : إذا انتقل عنه بعروض لم يجعل عوضا من ثمن مقرر لم يكن للشفيع شفعة الا ان يرد على المشتري تلك العين بذاتها لا بثمنها.

٢٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : طلب الشفعة هل هو على الفور؟ بمعنى ان الشريك إذا ترك الطلب مع القدرة بطلت شفعته ، أو ليس هو على الفور ، بل هو حق له لا يسقط الا بصريح الاسقاط ، فيه مذهبان.

الفور : وهو اختيار الشيخ (١) وتبعه القاضي (٢) وابن حمزة (٣) واختاره المصنّف والعلّامة في المختلف (٤).

والتراخي : مذهب السيد (٥) وأبي علي (٦) والصدوق (٧) وابن إدريس (٨) وهو ظاهر التقي (٩).

احتج الأولون بوجوه.

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب الشفعة مسألة ٤ قال : مطالبة الشفيع على الفور إلخ وفي النهاية باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٤ س ١٦ قال : وإذا علم الشريك بالبيع ولم يطالبه بالشفعة إلى قوله : لم يكن له بعد ذلك المطالبة بالشفعة.

(٢) المهذب : ج ١ كتاب الشفعة ص ٤٥٨ س ١٩ قال : ومن وجبت له الشفعة فطولب بإحضار المال فمطل به الى قوله : بطلت شفعته.

(٣) الوسيلة : (باب الشفعة) ص ٢٥٨ س ١٠ قال : والسابع : المطالبة بها على الفور.

(٤) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في الشفعة) ص ١٢٧ س ١١ قال : والمعتمد الأول ، أي الفور.

(٥) الانتصار مسائل الشفعة ص ٢١٩ س ١ قال : (مسألة) وما ظن انفراد الإمامية به ان حق الشفعة لا يسقط الإبان يصرح الشفيع إلخ.

(٦) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في الشفعة) ص ١٢٧ س ١٠ فبعد نقل قول السيد قال : وبه قال ابن الجنيد.

(٧) لم أظفر عليه في المقنع والهداية وفي المختلف : (في الشفعة) ص ١٢٧ س ١٠ قال بعد نقل قول السيد : وبه قال ابن الجنيد وعلي بن بابويه.

(٨) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٣٥٠ س ٣٥ قال : وبعضهم يذهب إلى انه لا يسقط مع القدرة والعلم وتأخير الطلب وهذا هو الأظهر بين الطائفة إلخ.

(٩) الكافي : الشفعة ص ٣٦١ ـ ٣٦٢.

٢٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) انها حق بني على التضييق بدليل ثبوتها في بعض دون بعض ، وعلى وجه دون وجه ، فلا تناسب التوسعة.

(ب) عدم القول بكونها على الفور يؤدي الى ضرر المشتري ، إذ لا يرغب في عمارة ملكه لتزلزله ، وهو منفي بقوله عليه السّلام : (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) (١).

(ج) رواية علي بن مهزيار قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السّلام عن رجل طلب شفعة ، فذهب على ان يحضر المال فلم ينضّ ، فكيف يصنع صاحب الأرض ان أراد بيعها؟ أيبيعها أو ينتظر مجي‌ء صاحب الشفعة؟ قال عليه السّلام : ان كان معه في المصر فلينتظره إلى ثلاثة أيام ، فإن أتاه بالمال ، والّا فليبع وبطلت شفعته في الأرض (٢).

حكم عليه السّلام ببطلان الشفعة بعد مضى ثلاثة أيام ، فلو كانت على التراخي لم تبطل كما إذا لم يطالب إذ ليس للمطالبة أثر في بطلانها ، لأنه سبب في وجودها ، فلا يؤثر في عدمها.

(د) الأصل عدم انتزاع مال الغير قهرا إلّا في موضع الإجماع.

وروى العامة عن النبي صلّى الله عليه وآله : الشفعة لمن يأتيها (٣).

احتج الآخرون بوجهين :

(أ) وجود سبب الثبوت وهو البيع ، والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه.

(ب) أنّ سائر الحقوق كالوديعة وأمثالها لا تسقط إلا بالإسقاط ، فكذلك الشفعة.

__________________

(١) لاحظ عوالي اللئالي : ج ١ ص ٣٨٣ الحديث ١١ وج ٢ ص ٧٤ الحديث ١٩٥ وج ٣ ص ٢١٠ الحديث ٥٤ وأيضا ج ١ ص ٢٢٠ الحديث ٩٣ وفيه (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) ولاحظ ما علق عليها.

(٢) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٧ الحديث ١٦.

(٣) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٤٧٨ الحديث ١٣.

٢٧٢

ولو اشترى بثمن مؤجّل ، قيل : هو بالخيار بين الأخذ عاجلا والتأخير وأخذه بالثمن في محله. وفي النهاية : يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجّلا ، ويلزم كفيلا إن لم يكن مليّا وهو أشبه. (١) ولو دفع الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم البائع أخذه. ولو ترك الشفيع قبل البيع لم تبطل.

______________________________________________________

وأجيب : بالمنع من سببية البيع نفسه ، بل هو حدوث علة ، والحدوث يبطل في زمان البقاء. والاستصحاب ضعيف ، ولا نسلم ان مطلق الحقوق لا تبطل بالترك ، بل هو مختص بما عدى الفوري ، على ان الفرق حاصل بين الإيداع والشفعة ، وهو التضرر في الثاني دون الأوّل.

قال طاب ثراه : ولو اشترى بثمن مؤجل ، قيل : هو بالخيار بين الأخذ عاجلا ، والتأخير وأخذه بالثمن في محله. وقال في النهاية : يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجلا ، ويلزم كفيلا ان لم يكن مليّا ، وهو أشبه.

أقول : بالأول قال الشيخ في الكتابين (١) (٢) وبالثاني قال في النهاية (٣) وبه قال المفيد في المقنعة (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦) والعلّامة (٧).

__________________

(١) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١١٢ س ٤ قال : ان الشفيع بالخيار بين ان يأخذ بالثمن حالا وبين ان يؤخر إلخ.

(٢) كتاب الخلاف : كتاب الشفعة مسألة ٩ قال : إذا اشترى شقصا بمائة إلى سنة كان للشفيع المطالبة بالشفعة ، وهو مخير إلخ.

(٣) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٥ س ٦ قال : وان بيع الشي‌ء نسيئة كان عليه الثمن كذلك إذا كان مليا إلخ.

(٤) المقنعة : باب الشفعة س ٢٩ قال : وإذا باع إنسان شقصا إلى أجل كان الشفيع أحق به الى الأجل ان كان مليا إلخ.

(٥) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٣٥١ س ٣ قال : والذي يقوى في نفسي ما ذكره في نهايته.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) المختلف : ج ٢ (الفصل العشرون في الشفعة) ص ١٢٨ س ٧ فإنه بعد نقل قول الشيخ في النهاية أولا قال : والمعتمد الأول.

٢٧٣

أما لو شهد على البائع ، أو بارك للمشتري ، أو للبائع ، أو اذن في البيع ففيه التردد. والسقوط أشبه.

______________________________________________________

لوجوبها على الفور ، ويحصل الوثوق للمشتري بالكفيل ، وان لم يقم كفيلا تخير بين النزول عن الشفعة ، ووزن الثمن حالا ان لم يكن مليا ، ومع الملاءة لا يجب الكفيل.

تفريع

لو طرأ على الشفيع الإعسار قبل حلول الثمن وحجر عليه كان حق المشتري مقدما لوجود عين ماله ، ولو لم يدفع اليه الثمن رجع في العين.

ولو مات المشتري أو الشفيع قبل الأجل ، حلّ ، ولا يحل لو مات البائع.

ولا يسترد النماء لو استرد العين للعجز على الظاهر ، ويحتمله لظهور بطلان الأخذ ، والأول أقوى كالمفلس في غير الشفعة ، ولا نسلّم بطلان الأخذ ، بل تجدد استحقاق الرجوع بالإفلاس.

قال طاب ثراه : أما لو شهد على البائع ، أو بارك للمشتري ، أو للبائع ، أو اذن في البيع ففيه التردد والسقوط أشبه.

أقول : وجه التردد : ظهور امارة الرضا بالبيع في كل هذه الصور ، وهو الجامع بينها ، فتبطل الشفعة.

ومن وجود السبب المقتضي لثبوتها شرعا ، وهو البيع ، والأصل عدم بطلانه الّا بمتفق عليه ، ولم يحصل ، فبقي على أصله. ولاحتمال ذلك غير الرضا.

هذا هو تقرير التردد في الجميع على سبيل الاجمال.

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

واما على سبيل التفصيل فيتضح بوصفه في مسائل.

(الأولى) نزول الشفيع عن الشفعة قبل البيع ، هل يبطل به؟ قال المصنف : لا (١) وهو مذهب أبي علي (٢) وابن إدريس (٣) واختيار العلّامة في القواعد (٤) والمختلف (٥) لأنه نزول عما لم يجب ، فجرى مجرى إسقاط المرأة صداقها قبل العقد ، وإبراء الجاني قبل الجناية ، والمديون قبل الاستدانة ، فلا يتعلق به حكم.

وقال العلّامة في الإرشاد : تبطل (٦) وهو مذهب الشيخين (٧) (٨) وابن حمزة (٩) لوجهين.

__________________

(١) الشرائع : فيما تبطل به الشفعة قال : ولو نزل عن الشفعة قبل البيع لم تبطل مع البيع إلخ.

(٢) المختلف : ج ٢ (الفصل العشرون في الشفعة) ص ١٢٩ س ٤ قال : وقال أبو علي : لا يكون ترك الشفيع إياها قبل البيع مبطلا ما وجب له منها بعد البيع ، وهو المختار.

(٣) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥٢ س ٩ قال : والاولى ان يقال : ان في جميع الأحوال للشفيع المطالبة بها ، لأنه انما يستحقها بعد البيع ولا حق له قبل البيع ، فاذا عفى قبله فما عفى عن شي‌ء يستحقه إلخ.

(٤) القواعد : ج ١ (الفصل الرابع في مسقطات الشفعة) ص ٢١٦ س ٧ قال : ولو أسقط حقه من الشفعة قبل البيع أو نزل عنها إلى قوله : فالأقرب عدم السقوط.

(٥) المختلف : ج ٢ (الفصل العشرون في الشفعة) ص ١٢٩ س ٤ قال : وقال أبو علي : لا يكون ترك الشفيع إياها قبل البيع مبطلا ما وجب له منها بعد البيع ، وهو المختار.

(٦) الإرشاد : ج ١ في الشفعة ص ٣٨٧ س ١٣ قال : وتبطل الشفعة بالترك مع علم البيع الى قوله : وبالنزول قبل البيع على رأي.

(٧) المقنعة : باب الشفعة ص ٩٦ س ١٩ قال : ومتى باع إنسان شيئا الى قوله : والشريك حاضر فأمضى البيع وبارك للمبتاع بطلت شفعته.

(٨) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٥ س ٩ قال : ومتى عرض البائع الشي‌ء على صاحب الشفعة بثمن معلوم فلم يرده الى قوله : لم يكن لصاحب الشفعة المطالبة بها.

(٩) الوسيلة : باب الشفعة ص ٢٥٨ س ١١ قال : وتسقط بثلاثة عشر شيئا الى قوله : وبتبريك الشفيع على المبتاعين أو على أحدهما. وبان يشهد على البيع وان يسكت عن طلب الشفعة مختارا وبإبائه عن الابتياع إلخ.

٢٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) ان الشفعة إنما شرعت لازالة الضرر ، ونزوله عنها قبل البيع يؤذن بانتفاءه ، فتنتفي الشفعة لانتفاء موجبها.

(ب) ما روي عن النبي صلّى الله عليه وآله انه قال : لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه ، فان باع ولم يأذن فهو أحق به (١) علق الاستحقاق على عدم الاستيذان ، والنزول أبلغ من الاذن ، وهي لا تثبت معه ، والا لم يبق للاستيذان معنى. ولا نسلّم انه من باب الاسقاط حتى يتوقف على تحقق الاستحقاق ، بل هو من باب الإرفاق وقد شرع لمعنى ، فيزول بزوال ذلك المعنى.

(الثانية) لو شهد على البائع هل يبطل به؟ قال في النهاية : نعم (٢) وبه قال ابن حمزة (٣) واختاره المصنف (٤) ونجيب الدين يحيى بن سعيد (٥) وقال ابن إدريس : لا تبطل (٦)

(الثالثة) إذا بارك لهما ، أو لأحدهما قال في النهاية تبطل (٧) وبه قال يحيى بن سعيد (٨) ومنع في المبسوط (٩) واختاره المصنف (١٠) وابن إدريس (١١).

__________________

(١) سنن أبي داود : ج ٣ باب في الشفعة ص ٢٨٥ الحديث ٣٥١٣ وفيه (لا يصلح ان يبيع).

(٢) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٤ س ١٦ قال : أو شهد على البيع الى قوله : لم يكن له بعد ذلك المطالبة بالشفعة.

(٣) الوسيلة : باب الشفعة ص ٢٥٩ س ١١ قال : وتسقط بثلاثة عشر الى قوله : وبان يشهد على البيع.

(٤) الشرائع : (فيما تبطل به الشفعة) قال : وكذا لو شهد على البيع ، ولاحظ عبارة النافع.

(٥) الجامع للشرائع : باب الشفعة ص ٢٧٨ س ٧ قال : أو شهد البيع الى قوله : فلا شفعة له.

(٦) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥٢ س ٧ قال : ومتى شهد الشفيع حق البيع لم تبطل شفعته.

(٧) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٤ س ١٧ قال : أو بارك للبائع فيما باع أو للمشتري فيما ابتاع لم يكن له بعد ذلك المطالبة بالشفعة.

(٨) الجامع للشرائع : باب الشفعة ص ٢٧٨ س ٧ قال : أو بارك لشريكه في البيع أو للمشتري فلا شفعة له.

(٩) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٤١ س ٢٤ قال : فلما لقي المشتري قال له : سلام عليك بارك الله لك الى قوله : لم تسقط شفعته.

(١٠) لاحظ عبارة النافع.

(١١) لم نعثر عليه في السرائر.

٢٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(الرابعة) لو اذن قبل البيع ، أبطلها في النهاية (١) وبه قال يحيى (٢) وأثبتها ابن إدريس (٣) واختاره المصنف (٤).

(الخامسة) التوكيل في البيع والشراء : ذهب في المبسوط (٥) والخلاف (٦) الى عدم البطلان به ، وبه قال ابن إدريس (٧) لأن اتحاد سبب الشفعة لا توجب نفيها ، وقال العلّامة في المختلف : تبطل (٨) لان رضاء المتعاقدين ثابت الى تمام العقد ، فقارن رضاه بالبيع القبول ، والأصل بقاؤه ، فبطلت واختاره فخر المحققين (٩).

__________________

(١) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٥ س ٩ قال : ومتى عرض البائع الشي‌ء على صاحب الشفعة بثمن معلوم فلم يرده الى قوله : لم يكن لصاحب الشفعة المطالبة بها.

(٢) الجامع للشرائع : باب الشفعة ص ٢٧٨ س ٧ قال : فان عرف البيع ولم يطالب الى قوله : فلا شفعة له.

(٣) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥٢ س ٩ قال : والاولى ان يقال : ان جميع الأحوال للشفيع المطالبة بها إلخ.

(٤) الشرائع : فيما تبطل به الشفعة ، قال : أو اذن للمشتري في الابتياع فيه تردد ، ولاحظ عبارة النافع حيث قال : والسقوط أشبه.

(٥) المبسوط : ج ٣ كتاب الشفعة ص ١٢٥ س ١٤ قال : إذا كان الشفيع وكيلا في بيع الشقص الى قوله : لم يسقط بذلك شفعته.

(٦) كتاب الخلاف : كتاب الشفعة مسألة ٢٧ قال : إذا كان الشفيع وكيلا في بيع الشقص الى قوله : لم يسقط بذلك شفعته.

(٧) السرائر : باب الشفعة وأحكامها ص ٢٥٢ س ٢٣ قال : إذا كان الشفيع وكيلا الى قوله : فإنه يستحق الشفعة ولا تسقط بوكالته.

(٨) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في أحكام الشفعة) ص ١٢٩ س ١٩ قال بعد نقل قول المبسوط : والوجه عندي بطلان الشفعة.

(٩) الإيضاح : ج ٢ كتاب الشفعة ص ٢١٨ س ٢٠ قال : والأقوى عندي اختيار والدي في المختلف.

٢٧٧

ومن اللواحق مسألتان.

(الأولى) قال الشيخ : الشفعة لا تورث. وقال المفيد وعلم الهدى : تورث ، وهو أشبه. (١) ولو عفا أحد الورثة عن نصيبه ، أخذه الباقون ولم تسقط.

(الثانية) لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن ، فالقول قول المشتري مع يمينه ، لأنه ينتزع الشي‌ء من يده.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : قال الشيخ : الشفعة لا تورث ، وقال المفيد وعلم الهدى : تورث ، وهو الأشبه.

أقول : قال الشيخ في النهاية : وموضع من الخلاف لا تورث (١) (٢) وتبعه القاضي (٣) وابن حمزة (٤) والطبرسي (٥) لقول علي عليه السّلام : لا تورث الشفعة.

وهي رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام قال : لا تورث الشفعة (٦) وهو بتري ، وقال في موضع من الخلاف تورث (٧) وهو

__________________

(١) النهاية : باب الشفعة وأحكامها ص ٤٢٥ س ٢٠ قال : ولا يصح ان تورث الشفعة كما تورث الأموال.

(٢) كتاب الخلاف : كتاب الشفعة ، مسألة ١٢ قال : المنصوص لأصحابنا ان الشفعة لا تورث.

(٣) المهذب : ج ١ كتاب الشفعة ص ٤٥٩ س ٥ قال : والشفعة لا تكون موروثة كما تورث الأموال.

(٤) الوسيلة : باب الشفعة ص ٢٥٩ س ٨ قال : والشفعة لا تورث كالأموال.

(٥) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في أحكام الشفعة) ص ١٢٨ س ٢٦ قال بعد نقل قول النهاية : وبه قال الطبرسي.

(٦) التهذيب : ج ٧ (١٤) باب الشفعة ص ١٦٧ قطعة من حديث ١٨.

(٧) كتاب الخلاف : كتاب البيوع ، مسألة ٣٦ قال : وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة قام وارثه مقامه.

٢٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

مذهب أبي علي (١) والمفيد (٢) والسيد (٣) لعموم آية الإرث (٤).

واختاره المصنف (٥) والعلّامة (٦).

فرع

وهي تورث كالمال ، فيأخذ كل من الورثة قدر نصيبه ، فتأخذ الزوجة الثمن ، والزوج الربع اللهم الّا ان تخلو الزوجة من الولد ، فلا ترث من شفعة الأرض ، نعم لو بيعت مع شجر أو نخل أخذت حصتها منه.

ولو عفا أحد الورثة كان للباقي أخذ الجميع ، ولو أراد الاقتصار على أخذ حقه منع ، بل اما ان يأخذ الجميع أو يترك ، لأنها في الأصل انما شرّعت لازالة الضرر بالشركة ، ولو أجزنا له ذلك تطرق الضرر إلى المشتري ببقائها وتبعيض الصفقة عليه ، وهو منفي.

__________________

(١) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في أحكام الشفعة) ص ١٢٨ س ٢٥ قال بعد نقل قول المفيد والمرتضى : وهو قول ابن الجنيد.

(٢) المقنعة : باب الشفعة ص ٩٦ س ٢١ قال : وإذا مات صاحب الشفعة كان لورثته القيام مقامه فيها.

(٣) الانتصار : مسائل الشفعة ص ٢١٧ س ١٧ قال : فإن الشفعة عندنا تورث إلخ.

(٤) سورة النساء / ١٢ قال تعالى (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ) الى أخر الآية وكذلك استشهد العلّامة في المختلف.

(٥) الشرائع : (المقصد الرابع) في لواحق الأخذ بالشفعة قال : الثالثة : وهي تورث كالمال إلخ ولاحظ عبارة النافع.

(٦) المختلف : ج ١ (الفصل العشرون في أحكام الشفعة) ص ١٢٨ س ٢٨ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو المختار ، لنا ، عموم قوله تعالى (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ).

٢٧٩
٢٨٠