المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

كتاب الأطعمة

١٨١
١٨٢

كتاب الأطعمة والأشربة

والنظر فيه يستدعي أقساما.

(الأول) في حيوان البحر ، ولا يؤكل منه الا سمك له فلس ، ولو زال عنه كالكنعت. ويؤكل الربيثا ، والإربيان ، والطمر ، والطبراني ، والايلامي. ولا يؤكل السلحفاة ، ولا الضفادع ، ولا السرطان ،

______________________________________________________

«كتاب الأطعمة والأشربة»

مقدمة

الأصل في معرفة ما يحل أكله : إن المأكول لا يخلو اما ان يكون من الحيوان أو من غيره ، وكلاهما يرجع فيه الى الشرع ، فما اباحه فهو حلال وما حرمه فهو حرام ، وما لم يكن له في الشرع ذكر وهو من الحيوان حي ، فهو حرام ، لان ذبح الحيوان محظور إلا بالشرع.

وان لم يكن حيا ، أو كان من غير الحيوان ، فان علم اشتماله على مضرة الجسد كان حراما ، وان لم يعلم أو علم النفع كان مباحا ، لأن الأصل في الأشياء كونها قبل ورود الشرع على الإباحة على المذهب المحقق عند

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الأصوليين (١).

ولقول الصادق عليه السّلام : كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي (٢).

ومن قال : بأن الأصل فيها الحظر ، أو قال بالوقف يلزم التحريم (٣).

تذنيب ويلحق بالمحلل في الجملة ما كان مستطابا. ويحرم ما كان خبيثا ، لقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) (٤) وقال تعالى (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ) ـ إلى قوله ـ (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (٥).

ومن هذا تحريم الأبوال ، لاستخباثها وان كانت طاهرة ، وكذا المشيمة والفرج ، فالطيب اذن ما استطابته النفس وكان خاليا عن الضرر كالسمومات ، والخبيث ما نفرت منه واستقذرته كالدم والفرث.

والحاصل : ان اسم الطيب تقع على أربعة أنحاء.

__________________

(١) الحظر أو الإباحة في الأفعال من المسائل الأصولية المتنازع فيه بين الأصوليين من العامة والخاصة ، فلاحظ المستصفى للغزالي : ج ١ ص ٦٣ قال : مسألة ذهب جماعة من المعتزلة الى ان الأفعال قبل ورود الشرع على الإباحة ، وقال بعضهم على الحظر إلخ.

وفي الفصول في الأصول ، فصل ينقسم الفعل عند القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين الى ما يستقل العقل بإدراك حسنة أو قبحه والى ما لا يستقل قال : واما ما لا يستقل العقل بإدراك حسنه ولا قبحه ، فقد اختلف القائلون إلى قوله : في حكمه قبل ورود الشرع فذهب الأكثرون إلى الإباحة وآخرون الى الحظر إلخ.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ١ (٤٥) باب وصف الصلاة من فاتحتها الى خاتمتها ص ٢٠٨ الحديث ٢٢.

(٣) الحظر أو الإباحة في الأفعال من المسائل الأصولية المتنازع فيه بين الأصوليين من العامة والخاصة ، فلاحظ المستصفى للغزالي : ج ١ ص ٦٣ قال : مسألة ذهب جماعة من المعتزلة الى ان الأفعال قبل ورود الشرع على الإباحة ، وقال بعضهم على الحظر إلخ.

وفي الفصول في الأصول ، فصل ينقسم الفعل عند القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين الى ما يستقل العقل بإدراك حسنة أو قبحه والى ما لا يستقل قال : واما ما لا يستقل العقل بإدراك حسنه ولا قبحه ، فقد اختلف القائلون إلى قوله : في حكمه قبل ورود الشرع فذهب الأكثرون إلى الإباحة وآخرون الى الحظر إلخ.

(٤) سورة المائدة / ٤.

(٥) سورة الأعراف / ١٥٧.

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) الحلال : قال تعالى (كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (١) أي من الحلال.

(ب) الطاهر : قال تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (٢) أي طاهرا.

(ج) ما لا أذى فيه ، كالزمان الذي لا حرّ فيه ولا برد ، يقال : هذا زمان طيب ومكان طيب.

(د) ما تستطيبه النفس ولا تنفر منه ، كقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) (٣) وليس المراد منه الحلال لعدم الفائدة في الجواب حينئذ لأنهم سألوه أن يبين لهم الحلال ، فلا تقول في الجواب : الحلال هو الحلال ، ولا الطاهر لأن الطاهر انما يعرف شرعا وتوقيفا ، ولا ما لا أذى فيه ، لأن المأكول لا يوصف به.

فتعين ان يكون المراد ردهم الى ما يستطيبونه ولا يستخبثونه ، فردهم الى عادتهم وما هو مقرر في نفوسهم وطباعهم.

قال الشيخ رحمه الله : وهذا قريب غير انه لا يمتنع ان يقال : المراد ما لا أذى فيه من المباح الذي ليس بمحرّم ، فكأنهم لمّا سألوه عن الحلال ، قال : هو ما لا يستحق بتناوله العقاب ، وذلك عام في جميع المباحات ، سواء علمنا ذلك عقلا أو شرعا ، قال : ومن اعتبر العرف والعادة ردهم الى عرف أهل الريف والمكنة وحالة الاختيار ، دون أهل البوادي وذوي الاضطرار من جفاة العرب ، كما سئل بعضهم عمّا يأكلون؟ قال : كلما دبّ ودرج إلا أم حبين (٤) وقال بعضهم : لتهن أم حبين

__________________

(١) سورة المؤمنون / ٥١.

(٢) سورة النساء / ٤٣.

(٣) سورة المائدة / ٤.

(٤) أم حبين بحاء مهملة مضمومة وباء موحدة مفتوحة مخففة دويبة مثل ابن عرس وسام أبرص.

وانما سميت بذلك من الحبن ، تقول : فلان به حبن أي مستسقي فشبّهت بذلك لكبر بطنها ، وقال ابن السكيت : هي أعرض من العظاءة (ذكرها الدميري في مواضع من كتابه حياة الحيوان لاحظ ج ١ باب الحاء المهملة ص ٢٤١ في أم حبين وج ٢ باب العين المهملة ص ٩٨ في العظاءة وغيرهما.

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

العافية تأمن أن تطلب وتذبح وتؤكل (١).

تنبيه :

هذا في حالة الاختيار ، واما في حالة الضرورة فيباح جميع المحرّمات ، لقوله تعالى (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) (٢) وقوله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (٣).

ولا يختص التحريم نوعا من المحرّمات ، بل يباح الميتة والخمر لدفع العطش المؤدي إلى التلف ، ويقتصر على سد الرمق. وكذا يجوز لإساعة اللقمة إذا لم يجد سوى الخمر.

أمّا التداوي بالخمر ، أو بشي‌ء من المسكرات ، أو المحرمات فلا يجوز ، فيحل تناول الخمر لطلب السلامة في صورة دفع الهلاك ، ولا يجوز لطلب الصحة في دفع الأمراض.

لحسنة عمر بن أذينة قال : كتبت الى الصادق عليه السّلام أسأله عن رجل يبعث له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر أسكرجة من نبيذ صلب ليس يريد به اللّذة وانما يريد به الدواء ، فقال : لا ، ولا جرعة ، ثمَّ قال : ان الله عزّ وجلّ لم يجعل في شي‌ء ممّا حرم شفاء ولا دواء (٤).

__________________

(١) المبسوط : ج ٦ كتاب الأطعمة ص ٢٧٩ س ٧ أقول : بل جلّ المطالب من أول كتاب الأطعمة مأخوذ من المبسوط فلاحظ.

(٢) سورة الانعام / ١١٩.

(٣) سورة البقرة / ١٧٣.

(٤) الكافي : ج ٦ كتاب الأشربة باب من اضطر الى الخمر للدواء ، أو للعطش ، أو للتقية ص ٤١٣ الحديث ٢.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وهل يجوز التداوي به للعين؟ منع منه ابن إدريس (١) والشيخ في أحد قوليه (٢) واجازه في الآخر (٣) واختاره المصنف (٤) والعلّامة (٥).

احتج الأولون برواية معاوية بن عمار قال : سأل رجل الصادق عليه السّلام عن دواء عجن بالخمر نكتحل منها ، فقال أبو عبد الله عليه السّلام : ما جعل الله عزّ وجلّ في حرام شفاء (٦).

وعنه عليه السّلام : من اكتحل بميل من مسكر كحله الله بميل من نار (٧).

احتج الآخرون برواية هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق عليه السّلام في رجل اشتكى عينه ، فنعت له كحل يعجن بالخمر فقال : هو خبيث بمنزلة الميتة ، فإن كان مضطرا فليكتحل به (٨).

__________________

(١) السرائر : كتاب الأطعمة والأشربة ، ص ٣٧٢ س ٣ قال : فان اضطر إليه للتداوي أو الجوع فلا يجوز له تناوله بحال لا للتداوي للعين ولا لغيرها.

(٢) المبسوط : ج ٦ كتاب الأطعمة ص ٢٨٨ س ٨ قال : فان لم يجد إلا خمرا الى قوله : سواء كان مضطرا إلى الأكل والشرب أو التداوي وفي كتاب الخلاف ، كتاب الأطعمة ، مسألة ٢٧ قال : إذا اضطر الى شرب الخمر الى قوله : أو التداوي فالظاهر انه لا يستبيحها أصلا إلخ.

(٣) النهاية باب الأشربة المحظورة والمباحة ص ٥٩٢ س ٢ قال : فان اضطر الى ذلك جاز ان يتداوى به للعين.

(٤) الشرائع : ومن اللواحق النظر الى حال الاضطرار ، قال : ويجوز عند الضرورة ان يتداوى بها للعين.

(٥) القواعد : في الأطعمة والأشربة ص ١٦٠ س ١ قال : ويجوز عند الضرورة ان يتداوى به للعين.

(٦) الكافي : ج ٦ كتاب الأشربة ، باب من اضطر الى الخمر للدواء أو للعطش ، أو للتقية ص ٤١٤ الحديث ٦.

(٧) الكافي : ج ٦ كتاب الأشربة ، باب من اضطر الى الخمر للدواء ص ٤١٤ الحديث ٧.

(٨) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ١١٤ الحديث ٢٢٨.

١٨٧

وفي الجرّي روايتان : أشهر هما التحريم. وفي الزمار ، والمارماهي ، والزهو روايتان. أشهرهما : الكراهية.

______________________________________________________

وكذا نقول : في المريض إذا تيقن التلف لو لا التداوي بها جاز إذا كان لدفع التلف ، لا لطلب الصحة ، قاله القاضي (١) واختاره العلّامة (٢) ومنع الشيخ (٣) وابن إدريس (٤) قال القاضي : والأحوط تركه (٥).

ولو اضطر الى بول وخمر يتناول البول ، لان الخمر أفحش ، لإسكاره ، ووجوب الحدّ به.

اما التداوي ببول الإبل فجائز إجماعا ، وفي غيرها من الطاهرة على الأصح.

قال طاب ثراه : وفي الجري روايتان ، أشهرهما التحريم ، وفي الزمار والمارماهي والزهو روايتان : أشهرهما الكراهية.

أقول : ذهب الشيخ في موضع من النهاية الى ان المارماهي والزمار والزهو مكروه شديد الكراهية ، وان لم يكن محظورا (٦) وتبعه القاضي (٧).

__________________

(١) المهذب : ج ٢ باب الأشربة ص ٤٣٣ س ١٦ قال : ومن خاف على نفسه من العطش جاز له ان يشرب من الخمر مقدار ما يمسك رمقه وإذا كان في الدواء الى قوله : والأحوط له تركه.

(٢) المختلف : ج ٢ في الأطعمة والأشربة ص ١٣٥ س ٢٥ قال : والمعتمد جواز شربه عند خوف التلف من العطش والمرض إلخ.

(٣) النهاية : باب الأشربة المحظورة ص ٥٩٢ س ٣ قال : ولا يجوز له ان يشربه على حال.

(٤) السرائر : باب الأطعمة والأشربة ص ٣٧٢ س ٤ قال : فتحريمها معلوم من دين الرسول صلّى الله عليه وآله وتحليلها يحتاج الى دليل.

(٥) قد مر نقله آنفا.

(٦) النهاية : باب ما يستباح اكله من سائر أجناس الحيوان وما لا يستباح ص ٥٧٦ س ٧ قال : واما المارماهي إلى قوله : وان لم يكن محظورا.

(٧) المهذب : ج ٢ باب الصيد والذبائح ص ٤٣٨ س ١٩ قال : واما المكروه الى قوله : والمارماهي والزهو والزمار.

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وذهب في الخلاف ، وباب الحدّ من النهاية إلى تحريمها ووجوب القتل على مستحلها (١) (٢) وبالتحريم قال المفيد (٣) وتلميذه (٤) والسيد (٥) وابن إدريس (٦) والصدوق (٧) والقديمان (٨) (٩) قال أبو علي : ولا يؤكل من السمك الجري والمارماهي والزمار ، وما لا قشر له ، وما ليس ذنبه مستويا (١٠) واختار المصنف الكراهة فيما عدى الجري والتحريم فيه (١١) واختار العلّامة التحريم في الكل (١٢).

احتج الأولون بصحيحة زرارة عن الباقر عليه السّلام قال : سألته عن الجريث.

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب الصيد والذبائح مسألة ٣١ قال : فاما غيره مثل المارماهي والزمير الى قوله : فان جميع ذلك لا يحل اكله بحال.

(٢) النهاية : باب الحد في شرب المسكر والمأكل المحظورة ص ٧١٣ س ١٧ قال : ويغرر آكل الجري والمارماهي إلى قوله : فان استحل شيئا من ذلك وجب عليه القتل.

(٣) المقنعة : باب الصيد والرماية ص ٨٩ س ٣ قال : ويجتنب الجري والزمار والمارماهي.

(٤) المراسم : ذكر الصيد والذبائح ص ٢٠٧ س ٣ قال : والسمك على ضربين الجري والزمير والمارماهي إلى قوله : فالأول كله حرام.

(٥) الانتصار : (مسائل الصيد) ص ١٨٦ قال : مسألة وممّا انفردت به الإمامية تحريم الى قوله : الجري والمارماهي والزمار.

(٦) السرائر : باب ما يستباح اكله ص ٣٦٦ س ١٧ قال : وكذلك لا يجوز أكل المارماهي ولا الزمار ولا الزهو بالزاء المعجمة لأنّه لا قشر له.

(٧) المقنع : باب الصيد والذبائح ص ١٤٢ س ٧ قال : ولا تأكل الجري ولا المارماهي ولا الزمير.

(٨) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثاني فيما يباح اكله ص ١٢٥ س ٢٣ و ٢٤ قال : وقال ابن أبي عقيل : وحرام بيع شي‌ء من الجري والمارماهي والزمار ، وقال ابن الجنيد : ولا يؤكل من السمك الجري ولا المارماهي والزمار وما لا قشر له وما ليس ذنبه مستويا.

(٩) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثاني فيما يباح اكله ص ١٢٥ س ٢٣ و ٢٤ قال : وقال ابن أبي عقيل : وحرام بيع شي‌ء من الجري والمارماهي والزمار ، وقال ابن الجنيد : ولا يؤكل من السمك الجري ولا المارماهي والزمار وما لا قشر له وما ليس ذنبه مستويا.

(١٠) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثاني فيما يباح اكله ص ١٢٥ س ٢٣ و ٢٤ قال : وقال ابن أبي عقيل : وحرام بيع شي‌ء من الجري والمارماهي والزمار ، وقال ابن الجنيد : ولا يؤكل من السمك الجري ولا المارماهي والزمار وما لا قشر له وما ليس ذنبه مستويا.

(١١) لاحظ عبارة النافع.

(١٢) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثاني فيما يباح اكله ص ١٢٥ س ٣٩ قال : والحق تحريمه (أي الجري) الى ان قال : والاولى في الزمار والمارماهي والزهو التحريم إلخ.

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال : وما الجريث؟ فنعته له ، فقال (لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) ، الى أخر الآية (١) ثمَّ قال : لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه ، ويكره كل شي‌ء من البحر ليس له قشر مثل الورق ، وليس بحرام انما هو مكروه (٢).

ومثلها صحيحة محمّد بن مسلم (٣). وبأصالة الصحة.

احتجّ المانعون برواية سمرة بن أبي سعيد قال : خرج أمير المؤمنين على بغلّة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فخرجنا معه نمشي حتى انتهينا الى موضع أصحاب السمك ، فجمعهم ، فقال : أتدرون لأيّ شي‌ء جمعتكم؟ قالوا : لا ، قال : لا تشتروا الجريث ولا المارماهي ولا الطافي على الماء ، ولا تبيعوه (٤).

وروى ابن فضال عن غير واحد من أصحابنا عن الصادق عليه السّلام قال : الجري والمارماهي والطافي حرام في كتاب علي عليه السّلام (٥). وبالاحتياط ، وبأنه قول أكثر علمائنا.

والجواب عن روايات الإباحة ، حملها على التقية.

تفسير :

(الجري) : بكسر الجيم والراء المهملة المشددة المكسورة ، ويقال : (الجريث) : بكسر الجيم والراء المشددة ، والياء المثناة من تحت والثاء المثلثة ، (والزمار) : بكسر

__________________

(١) سورة الانعام / ١٤٥.

(٢) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥ الحديث ١٥.

(٣) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٦ الحديث ١٦.

(٤) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥ الحديث ١١.

(٥) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥ الحديث ١٢.

١٩٠

ولو وجد في جوف سمكة سمكة أخرى ، حلت ان كانت ممّا يؤكل ، ولو قذفت الحية سمكة تضطرب ، فهي حلال ان لم يتسلّخ فلوسها. ولا يؤكل الطافي وهو الذي يموت في الماء وان كان في شبكة أو حظيرة (١).

______________________________________________________

الزاء المعجمة ، والميم المشددة ، والراء المهملة بعد الالف. (والكنعت) : بالكاف والنون قبل العين المهملة والتاء المثناة من فوق ، ويقال : (الكنعد) بالدال المهملة ، ضرب من السمك له فلس ضعيف ، ويحك بالرمل لحرارته فيذهب منه. (والربيثا) بالراء المهملة والباء المكسورة المنقطة بواحدة ، والياء المثناة من تحت ، والثاء المثلثة المفتوحة ، والألف المقصورة ، ضرب من السمك له فلس لطيف. (والإربيان) بكسر الهمزة وكسر الباء الموحدة ، والتاء المثناة من تحت قبل الالف والنون أخيرا ضرب من السمك بيض كالدود يكون بالبصرة (والطمر) بكسر الطاء المهملة والميم الساكنة والراء المهملة ، (والطبراني) بالطاء المهملة المفتوحة ، والباء المفتوحة الموحدة ، والراء المهملة المفتوحة والنون المكسورة بعد الالف ، (والإبلامي) بكسر الهمزة ، وسكون الباء الموحدة واللام المفتوحة والميم المسكورة بعد الالف ، (والسلحفاة) بضم السين المهملة واللام والحاء المهملة الساكنة والفاء المفتوحة والهاء بعد الالف.

قال طاب ثراه : ولو وجد في جوف سمكة ، سمكة أخرى ، حلّت ان كانت مما يؤكل. ولو قذفت الحية سمكة تضطرب ، فهي حلال ان لم يتسلخ فلوسها.

أقول : هنا مسئلتان.

(الأولى) إذا شق جوف سمكة فوجد فيها اخرى ، قال في النهاية : حلّت إذا كانت من جنس ما يحل أكلها ولم تتسلّخ ، ولا يحل لو تسلخت (١) وقال الفقيه :

__________________

(١) النهاية : باب ما يستباح اكله من سائر أجناس الحيوان وما لا يستباح ص ٥٧٦ س ١٣ قال : جاز أكلها إلى قوله : وان كانت قد تسلخت لم يجز أكلها على حال.

١٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

والمفيد حلّت ان كانت ذات فلوس وان لم يكن لها فلوس لم يؤكل (١) (٢) ولم يشترطا عدم التسلخ. ومنع ابن إدريس من أكلها إلّا إذا خرجت حية (٣).

احتجّ الشيخ بما رواه السكوني بالموثق عن الصادق عليه السّلام : ان عليا سئل عن سمكة شق بطنها فوجد فيها سمكة أخرى قال : كلهما جميعا (٤).

ومثلها رواية أبان عن بعض أصحابه عن الصادق عليه السّلام قال : تؤكلان جميعا (٥).

وبالاستصحاب الدال على بقاء الحياة واستمرارها الى حين إخراجها ، قال المصنف في الشرائع : وبهذا روايتان طريق أحدهما السكوني ، والأخرى مرسلة ، ومن المتأخرين من منع ، استنادا الى عدم اليقين بخروجها من الماء حية وربما كانت الرواية أرجح ، استصحابا لحال الحياة (٦).

وكذا العلّامة في المختلف مال الى ترجيح الرواية ، قال : وقول الشيخ ليس بعيدا من الصواب لعموم قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ) (٧) ثمَّ أورد

__________________

(١) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٦ س ٦ قال : وقال الشيخ علي بن بابويه : الى قوله : وان لم يكن لها فلوس لم يؤكل.

(٢) المقنعة : باب الصيد والرماية ص ٨٩ س ٤ قال : وان صيدت سمكة إلى قوله : وان لم تكن ذات فلوس لم تؤكل.

(٣) السرائر : باب ما يستباح اكله ص ٣٦٦ س ٢٦ قال : والذي يقتضيه المذهب انه ان كانت الموجودة حية فإنها يؤكل.

(٤) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذبائح ص ٨ الحديث ٢٥.

(٥) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذبائح ص ٨ الحديث ٢٦.

(٦) الشرائع : كتاب الأطعمة والأشربة ، في حيوان البحر قال : وبهذا روايتان إلخ.

(٧) سورة المائدة / ٩٦.

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الروايتين واختار ما اختاره ابن إدريس أخيرا ، قال : لعدم تيقن الإخراج من الماء حية مع انه مناط التحليل (١).

احتج ابن إدريس بأن الشرط في إباحته ذكاته بإخراجه من الماء حيا ، وهذا الشرط غير معلوم ، فلا يباح أكلها (٢) واختاره فخر المحققين لأن وجود المشروط بدون الشرط محال والا لم يكن الشرط شرطا هذا خلف (٣).

والحاصل : أنّ منشأ الخلاف أنّ شرط حلّ السمك أخذه حيا ، ولا شك أنّ هذه السمكة أحلتها الحياة وقتا ما ، والأصل البقاء إلى الأخذ ، فيكون شرط التذكية موجود ، لانتفاء العلم بالمانع.

ومن حيث أنّ الشرط هو حياتها حالة الأخذ ، وهو مجهول ، ومع الجهل بالشرط يستحيل الجزم بالمشروط.

(الثاني) لو قذفت الحية سمكة : قال في النهاية : حلت ان لم تتسلّخ (٤) وحرمها ابن إدريس (٥) الّا ان تقذفها والسمكة تضطرب ، قال المصنف في الشرائع :

__________________

(١) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٦ س ٨ قال : وقول الشيخ ليس بعيدا من الصواب الى قوله : مع انه مناط التحليل.

(٢) السرائر : باب ما يستباح اكله ص ٣٦٦ س ٢٩ قال : والأولى ان يقال : ان كانت السمكة الموجودة في جوف الحية حية فإنها تؤكل إلخ وقال في المختلف ص ١٢٦ س ٧ : ومنع ابن إدريس أكل المخرجة من جوف السمكة أو الحية إلّا إذا خرجت حية إلخ ومن هنا يظهر ان فتواه خروج السمكة حية سواء كان من جوف السمكة أو الحية.

(٣) الإيضاح : ج ٤ في الأطعمة والأشربة ص ١٤٤ س ١٨ قال : والأقوى عندي قول ابن إدريس ، لأن وجود الشرط إلخ.

(٤) النهاية : باب ما يستباح اكله من سائر أجناس الحيوان وما لا يستباح ص ٥٧٦ س ١٤ قال : فان كانت على هيئتها لم تتسلخ لم يكن بأس بأكلها.

(٥) تقدم تحت رقم (٣).

١٩٣

ولو اختلط الحي منهما بالميت حلّ والاجتناب أحوط (١). ولا يؤكل جلّال السمك حتى يطعم علفا طاهرا يوما وليلة.

وبيض السمك المحرم مثله ، ولو اشتبه أكل منه الخشن ، لا الأملس.

______________________________________________________

وينبغي اعتبار أخذها باليد لتحقق الذكاة (١) واختاره العلّامة (٢) وفخر المحققين (٣).

احتج الشيخ بما رواه صالح بن أعين عن الصادق عليه السّلام قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثمَّ طرحتها وهي حية تضطرب ، آكلها؟ فقال : ان كان فلوسها قد تسلخت فلا تأكلها وان لم يكن تسلخت فكلها (٤).

وأجيب بالقول بموجبها ، وليس فيها دلالة على مطلوب الشيخ ، فإنها نطقت بكونها ألقتها وهي حية ولم يذكر فيها إخراجها ميتة ، ولا الأعم الشامل للقسمين ، كالاخراج في الجملة ، بل قيدت إخراجها حية تضطرب.

وهل يشترط إمساكها بعد ذلك باليد ، أو الآلة ، أو موته خارج الماء في الجملة؟ وقد تقدم البحث فيه.

قال طاب ثراه : ولو اختلط الحي منهما بالميت حلّ والاجتناب أحوط.

أقول : إذا نصب في الحظيرة ، وهو الماء المحصور بمسناة أو ما أشبهها ، أو البركة شبكة وخرج فيها سمك فان كان حيا حلّ قطعا ، وان كان ميتا حرم ، لأنه مات فيما فيه حياته.

__________________

(١) الشرائع : في حيوان البحر قال : ولو اعتبر مع ذلك أخذها حية ليتحقق الذكاة كان حسنا.

(٢) القواعد : ج ٢ (الأول) ص ١٥٦ س ٣ قال : والوجه التحريم الّا ان يأخذها حيا.

(٣) الإيضاح : ج ٤ ص ١٤٥ س ٨ قال : والأصح اختيار المصنف هنا وهو التحريم.

(٤) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٨ الحديث ٢٧ والحديث عن صالح بن أعين عن الوشاء.

١٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وان اختلط الحي فيها بالميت ، هل يجب اجتناب الجميع ، أو يحل الجميع؟ قيل فيه قولان :

(الحلّ) لخمسة أوجه.

(ا) الأصل ، فإن مقتضاه الإباحة.

(ب) عموم قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ) (١).

(ج) قوله عليه السّلام : لا يحرم الحرام الحلال (٢).

(د) رواية حماد بن عثمان عن الحلبي قال : سألته عن الحظيرة من القصب تجعل في الماء للحيتان تدخل فيها الحيتان ، فيموت فيها بعضها قال : لا بأس به ، ان تلك الحظيرة إنما جعلت ليصطاد فيها (٣).

ومثله رواية مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : سمعت أبي يقول : إذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة فما أصاب فيها من حي أو ميت فهو حلال (٤).

__________________

(١) سورة المائدة / ٩٦.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٢٥) باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الإسلام ص ٢٨٣ الحديث ٣٤ وج ٧ ، أيضا (٢٨) باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في نكاحها. وفيه نقل الحديث بعبارات شتى ، لاحظ ص ٣٢٨ الحديث ٨ وفيه : (ان الحرام لا يفسد الحلال) وحديث ٩ وفيه : (ان الحرام لا يحرم الحلال) وص ٣٢٩ الحديث ١٢ وفيه : (ان الحرام لا يفسد الحلال) وحديث ١٣ وفيه (ما حرم حرام حلالا قط) وص ٣٣٠ الحديث ١٦ وفيه (لا يحرم الحلال الحرام) وحديث ١٧ وفيه ما حرم حرام قط حلالا) الى غير ذلك ممّا يعثر عليه المتتبع. ومن طريق العامة. سنن ابن ماجه ج ١ كتاب النكاح ص ٦٤٩ (٦٣) باب لا يحرم الحرام الحلال ، الحديث ٢٠١٥. ولاحظ عوالي اللئالي ج ٢ ص ٢٧٢ الحديث ٣١ وج ٣ ص ٣٣٠ الحديث ٢٠٩ وأيضا ص ٤٦٥ الحديث ١٣.

(٣) الكافي : ج ٦ باب صيد السمك ص ٢١٧ قطعة من حديث ٩.

(٤) الكافي : ج ٦ باب صيد السمك ص ٢١٨ قطعة من حديث ١٥.

١٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(ه) رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : كل شي‌ء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه ، فتدعه (١).

وهو اختيار الشيخ في النهاية (٢).

والآخر التحريم ، لوجوه.

(ا) الأصل تحريم الحيوان حتى يعلم ذكاته ، والعلم مفقود هنا.

(ب) الاحتياط.

(ج) قوله عليه السّلام : ما اجتمع الحلال والحرام الّا وغلب الحرام الحلال (٣).

وهو اختيار ابن إدريس (٤) وظاهر المصنف هنا (٥) وفي الشرائع (٦).

فروع

(الأول) لو صيد فأعيد في الماء فمات فيه ، كان طافيا وحرم اكله ، وان كان في الآلة كما يجعل في الزناق (٧) لأنه مات فيما فيه حياته.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (٩٦) باب الصيد والذبائح ص ٢١٦ الحديث ٩٢ وفي التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ٧٩ الحديث ٧٢.

(٢) النهاية : باب الصيد وأحكامه ص ٥٧٨ س ١٣ قال : وإذا نصب الإنسان شبكة في الماء الى قوله : جاز أكل جميعه وان كان يغلب على ظنه ان بعضه مات في الماء.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٧ باب الزنا لا يحرم الحلال ص ١٦٩ س ١٧ والحديث عن ابن مسعود ، ولاحظ أيضا عوالي اللئالي : ج ٢ ص ١٣٢ الحديث ٣٥٨ وج ٣ ص ٤٦٦ الحديث ١٧.

(٤) السرائر : كتاب الصيد والذبائح ص ٣٦٤ س ٢٣ قال : وتحرير ذلك ان الإنسان متى نصب شبكة ووقع فيها السمك وأخذ منها ما هو حي فإنه حلاله ، وان أخذه وهو ميت فلا يجوز أكله بحال.

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) الشرائع : في حيوان البحر ، قال : ولا يؤكل الطافي إلى قوله : وكذا ما يموت في شبكة الصائد في الماء أو في حظيرته.

(٧) الزنقة : السكة الضيقة ، والزناق من الحلي المنخنقة (الصحاح لغة زنق).

١٩٦

(الثاني) : في البهائم : ويؤكل من الإنسية : النعم ، ويكره الخيل والحمر ، وكراهية البغل أشد. ويحرم الجلّال منها على الأصح (١) ، وهو ما يأكل عذرة الإنسان محضا. ويحلّ مع الاستبراء ، بان يربط ويطعم العلف ، وفي كمية اختلاف محصله : استبراء الناقة بأربعين يوما ، والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة.

______________________________________________________

(الثاني) لو ضرب السمكة وهي في الماء بآلة كالفالة (١) ، أو صيّرها غير مستقرة الحياة في الماء ، لم يحلّ ، وكذا لو اخرج منها على الآلة قطعة ، كانت حراما.

(الثالث) لو أخرج السمكة حية وألقاها في قدر مملوة من الماء وهي تغلي على النار فماتت فيها حرمت ، لأنها ماتت في الماء.

(الرابع) لو ألقاها وهي حية في حب من الخلّ أو غيره من المائعات غير الماء كالزيت حتى ماتت فيه ، لم يحرم ، لأنه ليس بماء ولا يعيش فيه ، فلم تمت فيما فيه حياتها.

(الخامس) لو قطع منها قطعة بعد خروجها ثمَّ وقعت في الماء وهي مستقرة الحياة ، كان ما قطعه منها حلالا ، لأنه أخذ منها بعد الحكم بتذكيتها.

(السادس) هل يجوز اكله حيا؟ الأقرب ذلك ، لكنه يحرم من حيث الضرر لأنه يسرع السل.

قال طاب ثراه : ويحرم الجلّال منها على الأصح الى آخره.

أقول : البحث هنا يقع في ثلاث مقامات.

(الأول) في تحريم الجلّال ، وهو المشهور بين الأصحاب قاله

__________________

(١) آلة على شكل الرمح لها رأس محدّد ، تستعمل في صيد السمك.

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الخمسة (١) (٢) (٣) (٤) (٥) والتقي (٦) وابن حمزة (٧) والقاضي (٨) وابن إدريس (٩) والمصنف (١٠) والعلّامة (١١).

وقال أبو علي : انه مكروه اكله وشرب لبنه والركوب عليه (١٢).

(الثاني) ما به يحصل الجلل ، وهو ان تغتذي عذرة الإنسان محضا دون غيرها

__________________

(١) النهاية : باب ما يستباح اكله من سائر أجناس الحيوان وما لا يستباح ص ٥٧٤ س ٨ قال : فاما حيوان الحضر الى قوله : إلا ما كان منه جلّالا.

(٢) المقنعة : باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ص ١٠ س ١٦ قال : ويغسل الثوب أيضا من عرق الإبل الجلالة إذا اصابه كما يغسل من سائر النجاسات.

(٣) المقنع : باب الصيد والذبائح ص ١٤١ س ١٦ قال في نقل حديث : وقال : لا تشرب من لبن الإبل الجلالة وان أصابك شي‌ء من عرقها فاغسله.

(٤) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثاني فيما يباح اكله من الحيوان ص ١٢٤ س ٣٢ قال : وقال الصدوق في المقنع تربط البقرة إلخ ولا يوجد ما نقله في المقنع ، ولاحظ ما علّق على المقنع ص ١٤١ تحت رقم ٦.

(٥) لم أظفر على فتوى علي بن بابويه رحمه الله.

(٦) الكافي : في بيان ما يحرم اكله ص ٢٧٧ س ١٨ قال : أو جلالة الغائط إلخ.

(٧) الوسيلة : في بيان أحكام حيوان الحضر ص ٣٥٩ س ١٤ قال : أحدهما عرض له شي‌ء يحرم لحمه الى ان قال : فما يمكن إزالته ان يكون جميع غذائه عذرة الإنسان إلخ.

(٨) المهذب : ج ٢ كتاب الأطعمة والأشربة ، باب أقسام الأطعمة والأشربة ص ٤٢٧ س ١١ قال : ومن ذلك ما كان جلّالا الى ولاحظ ما علّق عليه.

(٩) السرائر : باب ما يستباح اكله ص ٣٦٥ س ٣٧ قال : واما حيوان الحضر الى قوله : إلا ما كان منها جلّالا.

(١٠) لاحظ عبارة النافع.

(١١) القواعد : ج ٢ ص ١٥٦ س ٢٥ قال : (فائدة) المحلل من الحيوان قد يعرض له التحريم ، الأول الجلل إلى أخره.

(١٢) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثاني فيما يباح اكله من الحيوان وما يحرم ص ١٢٤ س ٣٥ قال : وقال ابن الجنيد : والجلال من سائر الحيوان مكروه اكله إلخ.

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

من المحرمات. وقال التقي : ما أدمن شرب النجاسات حرم ، حتى يستبرء عشرا وجلالة الغائط حتى يحبس الإبل والبقر أربعين يوما ، والشاه سبعة أيام ، والبط والدجاج خمسة ، وجلالة ما عدى العذرة من النجاسات حتى يحبس الانعام سبعا والطير يوما وليلة (١).

فحاصل هذا القول يعطي : أن الجلل عنده ثلاثة أقسام.

جلال الغائط ، واستبراؤه على نحو ما ذكره الأصحاب.

وجلال غير الغائط ، فإن كان شربا ـ بشرط الإدمان ، ويرجع فيه الى العرف ـ فاستبراؤه بعشر ، ولم يفصّل بين أصناف الحيوان كما فصّل في الناقة والبقرة والشاة.

وان كان غير شرب بل أكلا ، فيكون بحبس الانعام سبعا من غير تفاوت بين أنواعها ، وان كان طيرا فيوم وليلة من غير تفصيل بين أنواعه.

والمشهور اختصاص الجلل بعذرة الإنسان.

نعم لو شرب الحيوان بولا ثمَّ ذبح على الأثر غسل ما في جوفه.

ولو كان خمرا حرم ما في جوفها وأكل اللحم بعد غسله ، وقال ابن إدريس : لا يحرم ذلك بل يكره ، لأصالة الإباحة (٢) والباقون على التحريم (٣).

والمستند موثقة زيد الشحام عن الصادق عليه السّلام انه قال : في شاة شربت خمرا

__________________

(١) الكافي : فصل في بيان ما يحرم اكله ص ٢٧٧ س ١٧ قال : وما أدمن شرب النجاسات إلخ.

(٢) السرائر : باب ما يستباح اكله ، ص ٣٦٦ س ٣ قال : وقد روى انه إذا شرب خمرا ، الى قوله : والأصل الإباحة.

(٣) لاحظ النهاية : باب ما يستباح اكله ص ٥٧٥ س ١ قال : وإذا شرب خمرا ثمَّ ذبح جاز أكل لحمه بعد ان يغسل بالماء ولا يجوز أكل شي‌ء ممّا في بطنه. وفي القواعد : ج ٢ ص ١٥٧ س ٧ قال : ولو شرب خمرا لم يحرم لحمه ، بل يغسل ويؤكل ولا يؤكل ما في خوفه. وفي الشرائع : (في البهائم) قال : ولو شرب خمرا لم يحرم لحمه ، بل يغسل ويؤكل ولا يؤكل ما في جوفه.

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

حتى سكرت ثمَّ ذبحت على تلك الحال : لا يؤكل ما في بطنها (١).

تنبيه

قد نبّهنا ان الجلال هو الذي يتغذى العذرة محضا ، ولكن كم القدر الذي يصير به الحيوان جلالا؟ هل هو أيام متعددة ، أو يوم واحد ، أو أكله واحدة؟

فنقول : نصوص الروايات خالية من هذا التحديد ، وكذلك كتب الأصحاب.

نعم ذكر الشيخ في كتابي الفروع : ان الجلالة هي التي تكون أكثر علفها العذرة (٢) (٣).

وهذا يشمل ما لو أعتدت في اليوم الواحد مرات متعددة ، وهي تخلط من هذا ومن هذا وتكون العذرة أكثر ، وهذا انما يتمشى على القول بكراهية الجلال ، اما على القول بالتحريم ، فلا يتحقق إلا إذا كان علفها العذرة محضا ، نص عليه الأصحاب (٤).

وروي عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال : سألته عن أكل لحوم الدجاج في الدساكر (٥) وهم لا يمنعونها عن شي‌ء ، تمر على

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٤٣ الحديث ١٨١.

(٢) المبسوط : ج ٦ كتاب الأطعمة ص ٢٨٢ س ٣ قال : الجلالة ، البهيمة التي تأكل العذرة إلى قوله : فان كان هذا أكثر علفها إلخ.

(٣) كتاب الخلاف : كتاب الأطعمة ، مسألة ١٦ قال : الجلالة عبارة عن البهيمة التي تأكل العذرة ، إلى قوله : فان كان هذا أكثر علفها إلخ.

(٤) لاحظ السرائر : باب ما يستباح اكله ص ٣٦٦ س ١ قال : الجلال هو ان يكون غذاؤه أجمع عذرة الإنسان لا يخلطها بغيرها ، وفي المختلف : ج ٢ ص ١٢٧ س ١٧ قال : المشهور عند علمائنا الجلال من الدواب هو الذي يأكل عذرة الإنسان ، فان لم يخلطها بغيرها حرم إلخ.

(٥) الدسكرة بناء على هيئة القصر ، فيه منازل وبيوت الخدم والحشم ، وليست بقرية محضة (مجمع البحرين لغة دسكر).

٢٠٠