المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

(الثاني) لا بأس بجعل الابق ، فان عيّنه لزم بالرد ، وان لم يعينه ففي رد العبد من المصر دينار ، ومن خارج البلد أربعة دنانير على رواية ضعيفة يؤيدها الشهرة ، والحق الشيخان : البعير ، (١) وفي ما عداهما اجرة المثل.

(الثالث) لا يضمن الملتقط في الحول لقطة ولا لقيطا ولا ضالة ما لم يفرط.

______________________________________________________

ويشاركه في الخاصية الاولى المضاربة ، لكن الأجرة فيها مجهولة ، وهنا معلومة ، فاختصاص هذا العقد بجواز بدل معلوم في مقابلة مجهول.

وهذا العقد جائز من الطرفين قبل الشروع في العمل ، وبعده كذلك في طرف العامل ، لأن الحق له ، فجاز له إسقاطه ، ولا يجوز للجاعل الا بعد بذل مقابل ما صدر من العمل.

قال طاب ثراه : لا بأس يجعل الابق ، فان عيّنه لزم بالردّ ، وان لم يعين ففي رد العبد من المصر دينار ، ومن خارج البلد أربعة دنانير على رواية ضعيفة يعضدها (يؤيدها خ ـ ل) الشهرة والحق الشيخان البعير.

أقول : الذي ورد به النص رواية ابن أبي سيّار المتقدمة (١) ، وهي خاصة بالابق ، ونسبت الإلحاق إلى الشيخين (٢) (٣) لسبقهما الى القول به ، وتبعهما على ذلك كثير

__________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) المقنعة : باب جعل الابق ص ٩٩ س ٢٤ قال : وإذا وجد الإنسان عبدا آبقا ، أو بعيرا شاردا فرده على صاحبه كان له على ذلك جعل ان كان وجده في المصر فدينار الى قوله : بذلك ثبتت السنة عن النبي صلّى الله عليه وآله.

(٣) النهاية : باب اللقطة والضالة ص ٣٢٣ س ١٧ قال : ولا بأس للإنسان أن يأخذ الجعل الى قوله : وكان قد وجد عبدا أو بعيرا إلخ.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

ممن تأخر عن عصرهما (١) وفي طريق الرواية المذكورة سهل بن زياد (٢) وهو ضعيف ، لكن تأيدت بشهرتها في عمل الأصحاب بمضمونها.

__________________

(١) لاحظ المختلف : ج ٢ (الفصل الرابع في الجعالة) ص ١٧٦ فيمن وافق الشيخ في الإلحاق كابن إدريس وابن البراج وغيرهما.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (محمّد بن يعقوب (*) عن محمّد بن علي بن أبي سعيد عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن مسمع بن عبد الملك كرد بن أبي سيّار عن أبي عبد الله عليه السّلام).

__________________

(*) قال في هامش التهذيب ما لفظه (قال في الوافي : هذا الحديث لم نجده في الكافي. وقد فحصنا عنه نحن فلم نظفر به أيضا).

٣٢٢

كتاب المواريث

٣٢٣
٣٢٤

كتاب المواريث

والنظر في المقدمات ، والمقاصد ، واللواحق.

والمقدمات ثلاث

الاولى : في موجبات الإرث ، وهي نسب وسبب ، فالنسب ثلاث مراتب :

______________________________________________________

(مقدمة) الإرث لغة : البقاء قال صلّى الله عليه وآله : انكم على ارث من أبيكم إبراهيم (١) اي على بقية ، من بقايا شريعته. والوارث الباقي ، ومنه الوارث في أسمائه تعالى : أي الباقي بعد فناء خلقه (٢) ، وسمي الوارث وارثا لبقائه بعد موت المورث.

__________________

(١) سنن النسائي : ج ٥ باب رفع اليدين في الدعاء بعرفة ص ٢٥٥ ولفظ الحديث (يزيد بن شيبان قال : كنّا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال : إني رسول رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم إليكم يقول : كونوا على مشاعركم فإنكم على ارث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام).

(٢) الوارث صفة من صفات الله عز وجل ، وهو الباقي الدائم الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم (لسان العرب ج ٢ ص ١٩٩).

٣٢٥

١ ـ الأبوان والولد وان نزل.

٢ ـ والأجداد وان علوا ، والاخوة وأولادهم وان نزلوا.

٣ ـ والأعمام والأخوال.

والسبب قسمان : زوجية وولاء. والولاء ثلاث مراتب : ولاء العتق ، ثمَّ ولاء تضمن الجريرة ، ثمَّ ولاء الإمامة.

______________________________________________________

وشرعا : انتقال حق الغير بعد الموت على سبيل الخلافة ، والوارث : من انتقل اليه حق الميت خلافه ، وترادفه الميراث ، والجمع المواريث.

فالحق أعم من ان يكون مالا أو غيره كحق الشفعة والقصاص والحد.

ويعبر عنه بالفرائض ، وهي جمع فريضة ، واشتقاقها من الفرض.

وهي في اللغة : التقدير والقطع والبيان (١).

وفي الاصطلاح : ما ثبت ذلك بدليل مقطوع به كالكتاب والسنة والإجماع.

وسمي هذا النوع من النفقة فرائض ، لأنها سهام مقدرة مقطوعة مبينة ، ثبتت بدليل مقطوع به فقد اشتمل على المعنى اللغوي والشرعي.

وانما اختص بهذا الاسم ، لأنّ الله تعالى سمّاه به ، فقال بعد القسمة (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) (٢) والنبيّ صلّى الله عليه وآله أيضا سماه به حيث قال : تعلموا الفرائض (٣) ولان الله سبحانه ذكر الصلاة والزكاة وغيرهما من العبادات مجملة ولم

__________________

(١) قال ابن عرفة : الفرض التوقيت. وأصل الفرض القطع ، وقوله تعالى (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) ، أي موقتا وفي الصحاح : اي مقتطعا محدودا (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٥ لغة فرض).

(٢) النساء : ١١.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٦ ص ٢٠٨ باب الحث على تعليم الفرائض. وسنن الدارقطني : ج ٤ كتاب الفرائض والسير وغير ذلك الحديث ٤٥ وعوالي اللئالي : ج ٣ باب المواريث ص ٤٩١ قطعة من حديث ٢.

٣٢٦

الثانية : في موانع الإرث وهي ثلاثة : الكفر ، والرق ، والقتل.

اما الكفر فإنه يمنع في طرف الوارث ، فلا يرث الكافر مسلما ، حربيا كان الكافر أو ذميا أو مرتدا. ويرث الكافر أصليا ومرتدا ، فميراث المسلم لوارثه المسلم انفرد بالنسب أو شاركه الكافر ، أو كان أقرب حتى لو كان ضامن جريرة مع ولد كافر فالميراث للضامن. ولو لم يكن وارث مسلم فميراثه للإمام. والكافر يرثه المسلم ان اتفق ولا يرثه الكافر إلا إذا لم يكن وارث مسلم. ولو كان وارث مسلم كان أحق بالإرث وان بعد وقرب الكافر. وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك ان كان مساويا في النسب ، وحاز الميراث ان كان اولى ، سواء كان المورث مسلما أو كافرا. ولو كان الوارث المسلم واحدا لم يزاحمه الكافر وان أسلم ، لأنه لا تتحقق هنا قسمة.

______________________________________________________

يبين مقاديرها وتفاصيلها وذكر هذا النوع وبين مقاديره بقدر لا يحتمل الزيادة والنقصان.

والأصل فيه : الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) (١) وقوله (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (٢) وقوله تعالى (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) (٣) وقوله (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) (٤) الى غير ذلك من الآيات الدالة على تفصيل الإرث.

__________________

(١) النمل : ١٦.

(٢) مريم : ١٩.

(٣) النساء : ١٧٦.

(٤) النساء : ١٢.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وكان التوارث في الجاهلية بالحلف ، وبالمعاهدة والنصرة. وأقروا عليه في صدر الإسلام ، قال تعالى (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) (١) ثمَّ نسخ ذلك وصار التوارث بالهجرة ، فروى ان النبيّ صلّى الله عليه وآله آخى بين المهاجرين والأنصار لما قدم المدينة ، فكان يرث المهاجري من الأنصاري والأنصاري من المهاجري ولا يرث وارثه الذي كان بمكة وان كان مسلما (٢) ، لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ حَتّى يُهاجِرُوا) (٣).

ثمَّ نسخت هذه الآية بالرحم والقرابة بقوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) الآية (٤) فبين أن اولى الأرحام أولى من المهاجرين إلّا أن تكون وصية. هذا تفصيله في الكتاب.

وأما السنة فمتواترة

وأجمعت الأمة عليه وان اختلفوا في آحاد مسائله.

تذنيب

يتأكد استحباب التفقه في المواريث ، روى عبد الله بن مسعود ان النبيّ صلّى

__________________

(١) النساء : ٣٣.

(٢) عوالي اللئالي : ج ٣ باب المواريث ص ٤٩٢ الحديث ٤ وقريب منه ما في سنن البيهقي : ج ٦ باب نسخ التوارث بالتحالف وغيره ص ٢٦٢ س ٢٨ فلاحظ. ونقله بتمامه في المبسوط : ج ٤ كتاب الفرائض والمواريث ص ٦٧ س ٩ قال : فروى ان النبي صلّى الله عليه وآله إلخ.

(٣) الأنفال : ٧٢.

(٤) الأنفال : ٧٥.

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الله عليه وآله قال : تعلموا القرآن وعلّموه الناس ، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس ، فإني امرء مقبوض ، وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة ولا يجدان من يفصل بينهما (١).

وعنه صلّى الله عليه وآله : تعلموا الفرائض وعلموها الناس ، فإنها نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شي‌ء ينتزع من أمتي (٢).

وهذا حض عظيم على تعلم هذا العلم ، وذلك من وجوه :

(أ) انه عليه السلام أمر بتعلّمه وتعليمه ، والأمر من الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى دليل اشتمال الفعل المأمور به على المصلحة الراجحة.

(ب) إعلامه عليه السلام : بأنّه ينسى ، وفيه تخويف بإهمال التعلم عند إمكان الفرصة منه ، لجواز ارتفاعه عند ارادته ، فلا تجد السبيل الى معرفته. فاقتضى الجزم والاشتغال ، المبادرة اليه على الفور.

(ج) انه عليه السلام جعله نصف العلم ، وهو قليل الحجم ، يسير التناول.

وذلك دليل شرفه ، لان ما عظمت قيمته وصغر مقداره كان أشرف في الشاهد كالجواهر بالنسبة إلى الحديد.

فان قلت : ما معنى التصنيف المذكور في هذا الحديث؟

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ باب المواريث ص ٤٩١ الحديث ٢ وقريب منه ما في سنن البيهقي : ج ٦ باب الحث على تعليم الفرائض ص ٢٠٨ س ٢١.

(٢) أورده الشيخ في المبسوط : ج ٤ كتاب الفرائض والمواريث ص ٦٧ س ٢ وأورده البيهقي في سننه : ج ٦ ص ٢٠٩ س ٣ ثمَّ قال : تفرد به حفص بن عمرو ليس بالقوى ، وفي الهامش بعد نقل (تفرد به حفص بن عمر) ما لفظه ، قلت : لم أر أحدا وافقه على هذه العبارة اللينة في حق هذا الرجل ، بل أساؤا القول فيه ، قال البخاري منكر الحديث رماه يحيى بن يحيى بالكذب ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال ابن حيان : لا يجوز الاحتجاج به بحال إلخ.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قلت : معناه ان الناس لهم حالتان ، حالة حيات وحالة وفاة ، وعلم الفرائض لمّا كان مختصا بحالة الوفاة كان نصف العلم.

فان قلت : فعلى هذا لو كان علم الفرائض نصف العلم كما ذكرتم ، لثبت ذلك في الوصايا ، لتعلق أحكامها لما بعد الموت ، وكذلك الغسل والتكفين والدفن.

فالجواب من وجوه :

(أ) ان الوصايا ليست لازمة لكل متوف ، فكم ذي مال مات ولم يوص.

(ب) انها متعلقة بفعل العبد ، وقد يوصي وقد يترك ، وليس كذلك الميراث فإنه لا صنع للعبد فيه ، فكان ألزم بالوفاة وأخصّ بها من الوصية.

(ج) ان احكام الوصية لا يختص بما بعد الموت ، فان إيجاب الوصية ، والرجوع عنها ، وحكم زيادة الموصى به وهلاكه ، واعتبار أهلية الوصي الى غير ذلك من الاحكام انما يعتبر قبل الموت ، بخلاف الميراث.

(د) ان الوصية مذكورة في علم الفرائض أيضا ، حيث يجب البدءة بها قبل الميراث ويؤخر عن الدين ، فلم يخل علم الفرائض عن ذكرها جملة ، وان خلا عن ذكرها تفصيلا ، حتى ان بعض الفرضيين جعل بابا للوصايا في كتاب الميراث.

ومن هذا الجواب الأخير يعلم الجواب عن فصل الغسل والتكفين والتجهيز إذا كان علم الفرائض مفتتحا بذكره ، وهو الحق الذي يبدأ به من تركة الميت قبل قسمة الميراث ، فكان من مقدمة المواريث ، فيندرج تحت علم الفرائض. وانما انفصلت عنها في البحث؟ لأنها احكام يجب على الاحياء مباشرتها ، وهم المخاطبون بها ، والميت محل اثر الفعل المأمور به ، فكان لاحقا بقسم احكام الاحياء ، ولهذا المعنى ذكرها الفقهاء في كتاب الطهارة.

ووجه آخر : وهو ان التنصيف باعتبار انقسام مؤون الإنسان في حالتي حياته وموته الى قسمين ، واحكام المواريث بعد الموت ، فكانت احد القسمين ، فكان

٣٣٠

(مسائل):

(الأولى) الزوج المسلم أحق بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفار ، كافرة كانت أو مسلمة ، له النصف بالزوجية والباقي بالرد. وللزوجة المسلمة الربع مع الورثة الكفار ، والباقي للإمام. ولو أسلموا أو أسلم أحدهم قال الشيخ : يرد عليهم ما فضل عن سهم الزوجية وفيه تردد.

______________________________________________________

نصف العلم.

وقيل : وجه التنصيف : ان دخول المال في ملك الإنسان بطريقين : مكتسب كالبيع ونحوه مما للإنسان فيه صنع واختيار ، وغير مكتسب ، وهو الميراث ، وهذا العلم لبيان احد الطريقين ، فكان نصفا بهذا الاعتبار.

قال طاب ثراه : ولو أسلموا أو أحدهم قال الشيخ : ترد عليهم ما فضل عن نصيب الزوجية ، وفيه تردد.

أقول : إذا كان احد الزوجين مسلما وباقي الورثة كفار ، فان كان زوجا فالمال له ، النصف بالتسمية والباقي بالرد. وان كان زوجة كان لها الربع والباقي للإمام ، فإن أسلم الورثة أو أحدهم لم يكن لم أسلم مزاحمة الزوج ، لاستقرار ملكه على كل التركة بالموت. وكذا في مسألة الزوجة بعد القسمة مع الإمام ولو كان إسلامه قبل القسمة ، أخذ ما فضل عن نصيب الزوجة ، وحجب الامام.

هذا هو مقتضى الأصل ، وهو مذهب ابن إدريس (١) واختاره المصنف (٢)

__________________

(١) السرائر : كتاب المواريث ص ٤٠٤ س ٦ قال بعد قول النهاية : قال محمد بن إدريس : إلى قوله : فإن أسلم الوارث الكافر قبل قسمة المال بينها وبين الإمام أخذ ما كان يأخذه الامام ، وان أسلم بعد القسمة فلا شي‌ء له بحال.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

والعلامة (١). وقال الشيخ في النهاية : يزاحم الزوج من أسلم منهم (٢) وليس بمعتمد.

ولو قلنا بالرد على الزوجة مطلقا كانت كالزوج لا يقاسمها من أسلم بعد الموت ، لعدم تصور القسمة.

وتحقيق البحث هنا ان نقول : لا شك ان مسمّى الزوج النصف والزوجة الربع مع عدم الولد ، ومعه نصف التقديرين. ولو لم يكن وارث سوى الزوج أو الزوجة ، فهل يرد الفاضل على أحدهما أم لا؟ فهنا قسمان.

(الأول) الزوج : والمشهور الذي عليه الجمهور من الأصحاب رد النصف الباقي عليه دون الامام ، حتى ادعى الثلاثة عليه الإجماع (٣) (٤) (٥).

ورواه الشيخ (في الصحيح) عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا بالجامعة فنظر فيها فإذا امرأة ماتت وتركت زوجها ، لا وارث لها غيره ، المال كله له (٦).

__________________

(١) التحرير : ج ٢ كتاب المواريث (المقصد الرابع في موانع الإرث) ص ١٧١ س ٢٦ قال : ولو كان الوارث زوجا أو زوجة الى قوله : ويحتمل المشاركة مع الزوجة دون الزوج إلخ.

(٢) النهاية : باب توارث أهل الملتين ص ٦٦٤ س ١٤ قال : فإن أسلموا ردّ عليهم ما يفضل من سهم الزوج.

(٣) الانتصار (المسائل المشتركة في الإرث) ص ٣٠٠ س ١٦ قال : ومما انفردت به الإمامية ان الزوج يرث المال كله الى قوله : والحجة لنا في ذلك إجماع الطائفة عليه.

(٤) المبسوط : ج ٤ (فصل في ذكر سهام المواريث) ص ٧٤ س ١١ قال : ان الزوج وحده يرد عليه الباقي ، لإجماع الفرقة عليه.

(٥) عدة رسائل (ط إيران مكتبة المفيد) رسالة الاعلام فيما اتفقت عليه الإمامية من الاحكام (ميراث الأزواج) ص ٣٣٦ س ٨ قال : واتفقت الإمامية في المرأة إذا توفيت الى قوله : ان المال كله للزوج ، النصف بالتسمية ، والنصف الآخر مردود عليه بالسنة.

(٦) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٤ الحديث ١٣.

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الصحيح عن أبي بصير أيضا قال : قرأ عليّ أبو عبد الله عليه السلام فرائض علي عليه السلام فاذا فيها : الزوج يحوز الإرث إذا لم يكن غيره (١) وغيرهما من الأحاديث في معناهما (٢).

وقال الشيخ في الإيجاز : فذوو الأسباب الزوج والزوجة ، فإذا انفردوا كان لهم نصيبهم المسمى ، ان كان زوجا النصف ، والربع ان كانت زوجة ، والباقي لبيت المال. وقال أصحابنا : ان الزوج وحده يرد عليه الباقي بإجماع الفرقة (٣) وهو ظاهر سلار (٤).

(الثاني) الزوجة : وفيها ثلاثة أقوال :

(أ) الرد عليها مطلقا ، اي مع ظهور الامام وسيرته ، وهو ظاهر المفيد في آخر باب ميراث الاخوة من المقنعة ، حيث قال : إذا لم يوحد مع الأزواج قريب ولا نسيب رد باقي التركة على الأزواج (٥).

(ب) عدم الرد مطلقا ، وهو اختيار القاضي (٦) وابن إدريس (٧) والصدوقين

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٤ الحديث ١٢.

(٢) لاحظ المصدر ، الحديث ١٤ و ١٥.

(٣) الرسائل العشر (ط مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم ـ إيران) (الإيجاز في الفرائض والمواريث) ص ٢٧٠ فصل في ذكر ذوي السهام عند الانفراد وعند الاجتماع س ٢٤. قال : فذوو الأسباب هم الزوج أو الزوجة ، إلى قوله : وقال أصحابنا : ان الزوج وحده يرد عليه الباقي بإجماع الفرقة.

(٤) المراسم : ذكر ميراث الأزواج ص ٢٢٢ س ٥ قال : وفي أصحابنا من قال : إذا ماتت امرأة ولم تخلف غير زوجها فالمال كله له بالنسبة والرد.

(٥) المقنعة : باب ميراث الاخوة والأخوات ص ١٠٥ س ١٤ قال : وإذا لم يوجد مع الأزواج قريب الى قوله : رد باقي التركة على الأزواج.

(٦) المهذب : ج ٢ باب ميراث الأزواج والزوجات ص ١٤١ س ٨ قال : فان مات رجل وخلف زوجته الى قوله : كان لها الربع والباقي للإمام.

(٧) السرائر : (فصل واما ترتيب الوارث) ص ٣٩٧ س ٢٥ قال : فاما مع الزوجة فإنه يستحق (أي

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

في الرسالة (١) والمقنع (٢).

(ج) التفصيل : وهو الرد مع غيبة الامام وعدمه مع ظهوره ، وهو قول الصدوق في كتابه (٣) واستقر به الشيخ في النهاية (٤) واختاره العلامة في التحرير (٥) ويحيى بن سعيد (٦).

احتج الأولون : برواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : رجل مات وترك امرأته قال : المال لها ، قال : قلت : امرأة ماتت وتركت زوجها قال : المال له (٧).

وحملها الشيخ على كونها قريبة منه (٨) فيأخذ الباقي بالقرابة.

__________________

الإمام) ما بقي بعد سهمها وفرضها بغير خلاف.

(١) المختلف : ج ٢ كتاب الفرائض واحكامه ص ١٨٥ س ٦ قال بعد نقل قول الصدوق : وكذلك قال أبوه في رسالته اليه.

(٢) المقنع : باب المواريث ص ١٧٠ س ١٦ قال : وإذا ترك الرجل امرأة فللمرأة الربع الى قوله : جعل ما بقي لإمام المسلمين ، وان تركت المرأة زوجها فللزوج النصف الى قوله : فالنصف يرد الى الزوج.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ (١٣٣) باب ميراث الزوج والزوجة ص ١٩٢ قال بعد نقل الحديث الأول : قال مصنف هذا الكتاب : هذا في حال ظهور الامام عليه السلام فاما في حال غيبته الى قوله : فالمال لها.

(٤) النهاية : باب ميراث الأزواج ص ٦٤٢ س ١٧ قال بعد نقل التفصيل : وهذا وجه قريب من الصواب.

(٥) التحرير : ج ٢ (في ميراث الأزواج) ص ١٦٨ س ١٠ قال : اما لو كانت زوجة الى قوله : يرد عليها حال غيبة الامام وهو الأقوى عندي.

(٦) الجامع للشرائع : كتاب الميراث ص ٥٠٢ س ٢ قال : وان لم يخلف غيرها الى قوله : وإذ لم يتمكن من سلطان العدل رد عليها.

(٧) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٥ الحديث ١٦ ثمَّ قال بعد نقل الخبر : هذا الخبر يحتمل شيئين إلى قوله : والآخر ، وهو الأولى عندي ، وهو انه إذا كانت المرأة قريبة ولا قريب له أقرب منها ، فتأخذ الربع بسبب الزوجية والباقي من جهة القرابة.

(٨) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٥ الحديث ١٦ ثمَّ قال بعد نقل الخبر : هذا الخبر يحتمل شيئين إلى قوله : والآخر ، وهو الأولى عندي ، وهو انه إذا كانت المرأة قريبة ولا قريب له أقرب منها ، فتأخذ الربع بسبب الزوجية والباقي من جهة القرابة.

٣٣٤

(الثانية) روى مالك بن أعين (١) عن أبي جعفر عليه السلام في نصراني مات وله ابن أخ وابن أخت مسلمان ، وأولاد صغار : لابن الأخ الثلثان ، ولابن الأخت الثلث ، وينفقان على الأولاد بالنسبة ، فإن أسلم الصغار دفع المال الى الامام ، فإن بلغوا على الإسلام دفعه الإمام إليهم ، فان لم يبقوا دفع الى ابن الأخ الثلاثين والى ابن الأخت الثلث.

______________________________________________________

واحتج ابن إدريس : بموثقة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا يكون الردّ على زوج ولا زوجة (١).

وهي معارضة بكثير من الصحاح. وبرواية أبي بصير عن الباقر عليه السلام قال : سألته عن امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره ، قال : إذا لم يكن غيره فله المال ، والمرأة لها الربع ، وما بقي فللإمام (٢) وترك الاستفصال دليل العموم.

قال ابن إدريس : ولأن أموال بني آدم ومستحقاتهم لا تحل بغيبتهم ، لان التصرف في مال الغير بغير اذنه قبيح سمعا وعقلا (٣).

احتجت الفرقة الثالثة : بان ما قالوه هو وجه الجمع بين الاخبار.

قال طاب ثراه : روى مالك بن أعين الى آخره.

أقول : ما حكاه في الكتاب مختار الشيخين في النهاية (٤) والمقنعة (٥) وهو اختيار

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٦ الحديث ٢١.

(٢) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٤ الحديث ١٥.

(٣) السرائر : (فصل. واما ترتيب الوارث) ص ٣٩٧ س ٣١ قال : لأن أموال بني آدم إلخ.

(٤) النهاية : باب توارث أهل الملتين ص ٦٦٥ س ٧ قال : وإذا خلف الكافر أولادا صغارا الى آخره.

(٥) المقنعة : باب توارث أهل الملل المختلفة ص ١٠٧ س ١٣ قال : وإذا ترك الذمي أولادا أصاغر واخوة لأبيه واخوة لأمه مسلمين إلخ.

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

القاضي (١) وابن زهرة عمم الحكم فقال : إذا كان للكافر أولاد صغار وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتى يسلموا ، فإن أسلموا فالميراث لهم ، وان لم يسلموا كان لقرابته المسلم (٢) وبه قال التقي (٣) وقال ابن إدريس : لا شي‌ء للأولاد لكونهم بحكم آبائهم ، ولا يرث الكافر المسلم ، ولا مسلم هنا الا ابن الأخ وابن الأخت ، فيختصون بملك التركة ، ولو لا ذلك لما جاز لهم قسمة التركة ، ولا يجب عليهم الإنفاق (٤) وهو مذهب المصنف (٥) والعلامة (٦).

احتج الشيخ بما رواه (في الصحيح) عن مالك بن أعين عن الباقر عليه السلام قال : سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم وابن أخت مسلم ، وللنصراني أولاد وزوجة نصارى قال : فقال : ارى ان يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك ويعطى ابن أخته ثلث ما ترك ان لم يكن له ولد صغار ، فان كان له ولد صغار ، كان على

__________________

(١) المهذب : ج ٢ باب توارث أهل ملتين ص ١٥٩ س ٤ قال : إذا مات كافر وترك أولادا واخوة وأخوات إلخ.

(٢) الغنية (في الجوامع الفقهية) ص ٦٠٨ س ٩ قال : وإذا كان للكافر أولاد صغار وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتى يبلغوا ، فإن أسلموا فالميراث لهم إلخ.

(٣) الكافي : (الباب الخامس) ص ٣٧٥ س ٦ قال : وان كان للكافر أولاد أصاغر وقرابة مسلم أنفق عليهم من التركة حتى يبلغوا فإن أسلموا فلهم الميراث إلخ.

(٤) السرائر : كتاب المواريث (فصل قد بينا فيما مضى ان الكافر لا يرث المسلم) ص ٤٠٤ س ١٦ قال بعد قول النهاية : والذي يقتضيه أصل مذهبنا : ان الميراث بين الاخوة من الأب والاخوة من الأم إلى قوله : فعلى هذا التحرير : إذا بلغوا الأولاد واختاروا الإسلام لا يجب على الاخوة رد شي‌ء من الميراث إليهم.

(٥) الشرائع : المقدمة الثانية في موانع الإرث (أما الكفر) قال : ولو مات كافر وله ورثة كفار ووارث مسلم كان ميراثه للمسلم دون الكافر وان قرب.

(٦) المختلف : ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٩ س ٣ قال بعد نقل قول ابن إدريس في السرائر : والوجه ما قاله ابن إدريس.

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الوارثين ان ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا ، قيل له : كيف ينفقان؟ قال : فقال : يخرج وارث الثلاثين ثلثي النفقة ، ويخرج وارث الثلث ثلث النفقة ، فإذا أدركوا قطعا النفقة عنهم قيل له : فإن أسلم الأولاد وهم صغار قال : فقال : يدفع ما ترك أبوهم الى الامام حتى يدركوا ، فان بقوا على الإسلام دفع الامام ميراثهم إليهم ، وان لم يتموا على الإسلام إذا أدركوا دفع الامام ميراثة الى ابن أخيه وابن أخته المسلمين ، يدفع الى ابن أخيه ثلثي ما ترك ، والى ابن أخته ثلث ما ترك (١) وحملها العلامة على الاستحباب (٢).

فالحاصل انّ في المسألة ثلاثة أقوال :

(الأول) عدم استحقاق الصغار واستقرار الملك لغيرهم من الطبقات ، لاجرائهم مجرى المعدوم ، وهو اختيار ابن إدريس.

(الثاني) التربص لإسلام الأولاد بعد بلوغهم مع كل وارث ، وهو قول الشريف ابن زهرة والتقي.

(الثالث) التربص لبلوغ الأولاد مع ابن الأخ وابن الأخت خاصة ، اقتصارا على مورد النص ، وهو قول الشيخين والصدوق والقاضي.

(تحقيق) الرواية من الصحاح وبمضمونها عمل كثير من الأصحاب. واختلفوا في تنزيلها على أربعة أنحاء :

(أ) البناء على انّ المانع من الإرث هو الكفر ، وهو مفقود في الأولاد الصغار حقيقة.

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٣٨) باب ميراث أهل الملل المختلفة والاعتقادات المتباينة ص ٣٦٨ الحديث ١٤.

(٢) المختلف : ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٨٩ س ٣ فإنه بعد اختياره ما اختاره ابن إدريس في السرائر قال : وحمل هذه الرواية على الاستحباب دون الوجوب.

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وردّ بمنع حصر المانع في الكفر ، بل عدم الإسلام أيضا مانع ، وهو موجود في حق الأطفال.

أما أولا : فلأنهم بحكم آبائهم.

وأما ثانيا : فلعدم اعتبار إسلام الصغير ، لرفع القلم عنه. وبتقدير انحصار المانع في الكفر نقول : الكفر هنا صادق ، إذ حكم الطفل حكم أبويه.

(ب) تنزيلها على ان إسلام الصغير معدّ للإسلام الحقيقي ، فإن حقيقة الكفر والإسلام لما انتفت عن الصغير ، وكان من شأن الكافر استحقاقه بإسلامه قبل القسمة ، وجهل الصغير إسلامه حيث يمكنه ، فاذا كانت الحالة حالة الصغر كان إسلامه حينئذ قائما مقام إسلام الكبير ، إذ المقدور للصغير هو ذلك ، وليس القيام في استحقاق الإرث في الحال ، بل المراعاة والمنع من القسمة إلى البلوغ ، لينكشف الأمر ، ويضعف بأن الإسلام المجازي ، أعني إسلام الطفل لا يعارض الإسلام الحقيقي ، أعني إسلام الكبير ، وهو هنا موجود وسابق فيستقر الإرث به.

(ج) التنزيل على ان المال لم يقسم حتى بلغوا ، سواء سبق منهم الإسلام حال الطفولية ، أو لا.

وقوله في الرواية (يعطي ابن أخيه وابن أخته) لا يدل على حصول القسمة ، بل هو اخبار عن قدر المستحق والنفقة من المال ، وذلك لا يستلزم القسمة.

وهذا تنزيل حسن ، لكن يبقى الإشكال في شي‌ء آخر ، وهو قوله : (فإن أسلموا وهم صغار دفع ما ترك أبوهم الى الامام حتى يدركوا) والأصل بقاء استحقاق الوارث المسلم حتى يحصل المزاحم ، ولا يصلح الإسلام المجازي معارضا للإسلام الحقيقي ، خصوصا مع سبق الحقيقي ، لأصالة البقاء وقوة الاستصحاب واستغناء الباقي عن المؤثر واحتياج الحادث اليه ، اللهم الا ان يقول : إسلامه حال الطفولية معدّ لاستحقاقه ، فيحجر الحاكم على التركة رعاية لمصلحته ، لوجود ما يصلح ان يكون

٣٣٨

(الثالثة) إذا كان أحد أبوي الصغير مسلما ، الحق به ، فلو بلغ اجبر على الإسلام ، ولو أبى كان كالمرتد.

(الرابعة) المسلمون يتوارثون وان اختلفت آرائهم ، وكذا الكفار وان اختلفت مللهم.

(الخامسة) المرتد عن فطرة يقتل ولا يستتاب ، وتعتد امرأته عدة الوفاة ، وتقسم أمواله (١) ، ومن ليس عن فطرة يستتاب ، فان تاب والا يقتل وتعتد زوجته عدة الطلاق مع الحياة ، وعدة الوفاة لا معها. والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب ولو كانت عن فطرة.

______________________________________________________

سببا لاستحقاقه.

(د) التنزيل على الاستحباب.

قال طاب ثراه : المرتد عن فطرة يقتل ولا يستتاب ، وتعتد امرأته عدة الوفاة ، وتقسم أمواله الى آخره.

أقول : المرتد اما عن فطرة ، ويعني به من علق به بعد إسلام أحد أبويه. أو عن ملة ، ونعني به من كان إسلامه بعد كفر ، وان كان بالتبعية ، كما لو أسلم أحد أبويه وهو حمل.

فهنا قسمان :

(الأول) المرتد عن ملة ، وفيه مسائل :

(أ) لا يجب قتل هذا المرتد ، بل يجب استتابته ، ومعنى الاستتابة المعاقبة بالحبس والضرب حتى يتوب ، فان آيس من توبته قتل ، فلا بد حينئذ من مدة التربص من قدر مضبوط يعرفه الحداد كيلا يتجاوزه ، والمكلف بحيث يعرف عدم الفسحة له والصبر عليه بعدها. فقيل ذلك منوط بنظر الحاكم ، فيستتيبه مدة يرجوا رجوعه فيها ،

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط (١) واختاره فخر المحققين (٢) وقيل : ثلاثة أيام ، (٣) واستحوطه الشيخ في المبسوط (٤) واستحسنه المصنف في الشرائع (٥) لما فيه من التأني لإزالة عذره.

ومستنده ما رواه الشيخ عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : المرتد تعزل عنه امرأته ، ولا تؤكل ذبيحته ، ويستتاب ثلاثة أيام ، فإن تاب ، والا قتل يوم الرابع (٦).

(ب) لا تزول أملاك هذا المرتد ، بل تكون باقية على ملكه ، فيلزمه جريان الحول للزكاة ووجوب الفطرة والحج.

(ج) يحجر الحاكم على أمواله لئلا يتصرف فيها بالإتلاف ، إرفاقا به ، لتكون محفوظة عليه ينتفع بها إذا تاب.

(د) هذا الحجر غير مانع من وجوب الزكاة عليه ، وان منع من التصرف في أمواله ، لتمكنه من ازالته فهو كالسفيه.

(ه) تزول ولايته عن أطفاله وأمواله ، فلا يملك تزويج الصغير ولا الرقيق مطلقا.

__________________

(١) المبسوط : ج ٧ كتاب المرتد ص ٢٨٣ س ١ قال : وقال آخرون : يستتاب القدر الذي يمكنه فيه الرجوع وهو الأقوى.

(٢) الإيضاح : ج ٤ (في أحكام المرتد) ص ٥٥٠ س ١٧ قال : والأقوى عندي أنه يستتاب القدر الذي يمكنه منه ان يرجع فيه الى الإسلام.

(٣) الخلاف : كتاب المرتد مسألة ٦ قال : يستتاب ثلاثا. وفي المبسوط : ج ٧ كتاب المرتد ص ٢٨٢ س ٢٣ قال : قال قوم : يستتاب ثلاثا الى قوله : والأول (أي الثلاث) أحوط لأنه ربما دخلت عليه شبهة فيتأملها وينبه عليها.

(٤) الخلاف : كتاب المرتد مسألة ٦ قال : يستتاب ثلاثا. وفي المبسوط : ج ٧ كتاب المرتد ص ٢٨٢ س ٢٣ قال : قال قوم : يستتاب ثلاثا الى قوله : والأول (أي الثلاث) أحوط لأنه ربما دخلت عليه شبهة فيتأملها وينبه عليها.

(٥) الشرائع (الباب الأول في المرتد) قال : وكم يستتاب؟ قيل : ثلاثة أيام إلى قوله : والأول مروي ، وهو حسن لما فيه من التأني لإزالة عذره.

(٦) الكافي : ج ٧ باب حدّ المرتد ص ٢٥٨ الحديث ١٧.

٣٤٠