المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

ولو عجز عن صومه أصلا ، قيل : يسقط ، وفي رواية يتصدق عنه بمد.

(الثانية) ما لم يعيّن بوقت يلزم الذمة مطلقا ، وما قيّد بوقت يلزمه فيه ، ولو أخل لزمته كفارة

______________________________________________________

المحققين (١) لان شرط صحة النذر قبول الزمان للصوم ، وكلما لا يصح صومه شرعا لا يدخل تحت النذر. وبأصالة البراءة.

احتج الشيخ بالاحتياط. وبرواية علي بن مهزيار قال : كتبت الى أبي الحسن عليه السّلام رجل نذر ان يصوم يوم الجمعة دائما فوافى ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى ، هل عليه صوم ذلك اليوم ، أو قضاءه؟ أم كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب اليه قد وضع الله الصيام في هذه الأيام كلها ويصوم يوما بدل يوم ان شاء الله (٢).

وحمل على الاستحباب لأنه لو كان واجبا لم يعلّقه على المشية بلفظه (إن) المحتملة ، لا المحققة ، قيل : بل للتبرك.

وأجيب : بأنّ الأصل في الإطلاق الحقيقة ، وفيه دخل : لان المندوب شاءه الله أيضا ، لكونه مطلوبا للشارع (٣).

قال طاب ثراه : ولو عجز عن صومه أصلا ، قيل : يسقط ، وفي رواية يتصدق عنه بمد.

أقول : يريد لو عجز عن يوم نذر صومه هل يسقط لا الى بدل ، أم لا؟ قيل فيه ثلاثة أقوال :

__________________

(١) الإيضاح : ج ٤ كتاب النذر ص ٥٧ س ٢٢ قال : إذا نذر صوم يوم معيّن فاتفق يوم عيد وجب ترك صومه ثمَّ قال بعد نقل قول العلّامة في القواعد : وهذا هو الأقوى عندي.

(٢) التهذيب : ج ٨ (٥) باب النذور ص ٣٠٥ قطعة من حديث ١٢.

(٣) الإيضاح : ج ٤ ص ٥٨ س ٩ قال : والجواب الحمل على الاستحباب لأنه لو كان واجبا لم يعلّقه بالمشية إلخ.

١٤١

وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان فقولان : أحدهما : يتضيق فعله عند الشرط ، والأخر لا يتضيق ، وهو أشبه.

(الثالثة) من نذر الصدقة في مكان معيّن ، أو الصوم والصلاة في وقت معيّن لزمه ، فان فعل ذلك في غيره أعاد.

(الرابعة) لو نذر ان برأ من مرضه ، أو قدم مسافرة ، فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم ، ولو كان بعده لزم.

______________________________________________________

(أ) الصدقة عنه بمدّين قاله الشيخ في النهاية (١).

(ب) القضاء خاصة ولا كفارة قاله المفيد (٢).

(ج) التفصيل : وهو انّ العجز ان كان لعذر لا يمكن زواله بمجرى العادة كالكبر والعطاش الذي لا يرجى زواله ، لم يكن عليه شي‌ء ، وان كان لمرض يرجى برؤه ، أفطر وقضى ولا كفارة (٣).

والرواية إشارة الى ما رواه محمّد بن منصور عن الرضا عليه السّلام قال : كان أبي يقول : من عجز عن صوم نذر فمكان كل يوم بمد (٤).

قال طاب ثراه : وما علّقه بشرط ولم يقرنه بزمان فقولان : أحدهما : يتضيق فعله عند الشرط ، والآخر لا يتضيق ، وهو أشبه.

__________________

(١) النهاية : باب الكفارات ص ٥٧١ س ١ قال : ومن كان عليه صيام يوم قد نذر صومه فعجز عن صيامه اطعم مسكينا مدين من طعام كفارة لذلك اليوم.

(٢) المقنعة : باب النذور والعهود ص ٨٧ س ٢٧ قال : فان عرض له في ذلك اليوم مرض فليفطره ثمَّ ليقضه ولا كفارة عليه ان شاء الله.

(٣) السرائر : كتاب الصوم ، باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٩١ س ٢٣ قال : وكذلك الشاب إذا كان به العطاش الى قوله : فاذا برء وجب عليه القضاء إلخ.

(٤) الكافي : ج ٤ باب كفارة الصوم وفديته ص ١٤٣ الحديث ٢.

١٤٢

(الخامسة) من نذر ان رزق ولدا حج به ، أو حج عنه ثمَّ مات حجّ به ، أو عنه من أصل التركة.

(السادسة) من جعل دابته أو جاريته هديا لبيت الله ، بيع ذلك وصرف ثمنه في معونة الحاج والزائرين.

(السابعة) روى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام (٢) في رجل كانت عليه حجة الإسلام ، فأراد أن يحج ، فقيل له : تزوج ثمَّ حج ، قال : ان تزوجت قبل ان أحج فغلامي حرّ ، فبدأ بالنكاح ، فقال : تحرر الغلام.

وفيه إشكال الّا ان يكون نذرا.

______________________________________________________

أقول : القول بالتضييق لابن حمزة (١) والأكثرون على خلافه ، وهو المذهب.

قال طاب ثراه : روى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام الى أخره.

أقول : هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام : قال : قلت له : رجل كانت عليه حجة الإسلام ، فأراد أن يحج فقيل له : تزوج ثمَّ حج فقال : ان تزوجت قبل ان أحج فغلامي حر ، فتزوج قبل ان يحج فقال : أعتق غلامه ، فقلت : لم يرد بعتقه وجه الله ، فقال : انه نذر في طاعة الله ، والحج أحق من التزويج ، وأوجب عليه من التزويج ، قلت : فان الحج تطوع ، قال : وان كان تطوعا ففي طاعة لله عزّ وجلّ قد أعتق غلامه (٢).

وفيها اشكال من موضعين.

(أ) انه عتق معلّق على شرط ، وهو لا يقع عندنا.

__________________

(١) الوسيلة : في بيان النذر ص ٣٥٠ س ٢ قال : وان لم يعيّن بوقت وحصل الشرط لزمه ما نذر على الفور.

(٢) التهذيب : ج ٨ (٥) باب النذور ص ٣٠٤ الحديث ٩.

١٤٣

(الثامنة) روى رفاعة عن أبي عبد الله عليه السّلام (١) في رجل نذر الحج ، ولم يكن له مال ، فحج عن غيره أيجزى عن نذره؟ قال : نعم.

وفيه إشكال الّا ان يقصد ذلك بالنذر.

______________________________________________________

(ب) انه ان لم يكن عتقا ، بل نذرا كما قيده المصنف بقوله : (الا ان يكون نذرا) فإنه لم تحصل صيغة النذر فيه ، لأنه لا ينعقد ما لم يقل (لله) وان قصده ، لعدم استقلال النية بعقد النذر.

نعم يمشي هذا على قول ابن حمزة حيث قال : إذا قال الإنسان : عليّ كذا ان كان كذا ، ولم يقل (لله) لزمه الوفاء ، ولم تلزمه الكفارة بفواته. ولو قال : عليّ كذا ، فحسب ، ان شاء وفي وان شاء لم يف (١).

والأكثرون على عدم الوجوب في الصورتين ، بل لا بد من التلفظ بقوله (لله) كما تقدم في أول النذر ، وقوله : (الا ان يكون نذرا) أي الا ان يقصد النذر ، والاولى انه لا ينعقد أيضا ، لأنه لم يأت بصيغة النذر.

قال طاب ثراه : وروى رفاعة عن أبي عبد الله عليه السّلام إلى آخره.

أقول : هذه رواها الشيخ (في الصحيح) عن رفاعة عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل حج عن غيره ولم يكن له مال وعليه نذر ان يحج ماشيا ، أيجزي عنه عن نذره؟ قال : نعم (٢) وبمضمونها افتى الشيخ في النهاية (٣) وحملها العلّامة على ما إذا عجز عن نذره واستمر عجزه (٤) والمصنف على ما إذا قصد ذلك

__________________

(١) الوسيلة : في بيان النذر ص ٣٥٠ س ٤ قال : وان قال : على كذا ان كان كذا ولم يقل (لله) لزمه الوفاء الى قوله : وان شاء لم يف ، والوفاء أفضل.

(٢) التهذيب : ج ٨ (٥) باب النذور ص ٣١٥ الحديث ٥.

(٣) النهاية : باب أقسام النذور والعهود ص ٥٦٧ س ١١ قال : ومن نذر ان يحج ولم يكن له مال فحج عن غيره أجزأه عمن حج عنه وعما نذر فيه.

(٤) المختلف : ج ٢ ص ١١١ س ٢٣ قال : وقال ابن البراج : ونعم ما قال : الى قوله : كانت حجة

١٤٤

(التاسعة) قيل : من نذر الّا يبيع خادما أبدا لزمه الوفاء ، وان احتاج إلى ثمنه ، وهو استنادا إلى رواية مرسلة.

(العاشرة) العهد كاليمين يلزم حيث تلزم ، ولو تعلق بما الأعود مخالفته دينا أو دنيا خالف ان شاء ، ولا اثم ولا كفارة.

______________________________________________________

في نذره (١).

قال طاب ثراه : من نذر ان لا يبيع خادما ابدا لزمه الوفاء ، وان احتاج الى ثمنها ، وهو استناد إلى رواية مرسلة.

أقول : قال الشيخ في النهاية : من نذر ان لا يبيع مملوكا له ابدا فلا يجوز بيعه وان احتاج الى ثمنه (٢) وتبعه القاضي (٣) ومنعه ابن إدريس للإجماع على ان الصلاح إذا تعلق بمخالفة النذر دينا أو دنيا فليفعل ما هو الأصلح ، ولا كفارة عليه (٤) ، واختاره المصنف (٥) والعلّامة (٦).

احتج الشيخ بما رواه (في الصحيح) عن الحسن بن علي عن أبي الحسن عليه السّلام قال : قلت له : ان لي جارية ليس لها مني مكان ولا ناحية ، وهي تحتمل

__________________

مجزية عن ذلك الغير وعليه الحج إذا تمكن منه الى قوله : وهو المعتمد عندي.

(١) لاحظ عبارة النافع.

(٢) النهاية : باب أقسام النذور والعهود ص ٥٦٧ س ٤ قال : ومن نذر ان لا يبيع مملوكا له ابدا إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ باب النذور والعهود ص ٤١٢ س ١٣ قال : وإذا كان له عبد فنذر ان لا يبيعه ابدا لم يجز له بيعه ، احتاج الى ذلك أو لم يحتج إليه.

(٤) السرائر : باب النذور والعهود ص ٣٥٨ س ١٣ فإنه بعد نقل قول الشيخ في النهاية قال : وهذا غير واضح ولا مستقيم على أصول المذهب ، لأنه لا خلاف بين أصحابنا إلخ.

(٥) لاحظ عبارة النافع ، وفي الشرائع : كتاب النذر (مسائل العتق) قال : ومن نذر ان لا يبيع مملوكا لزمه النذر ، وان اضطر الى بيعه قيل لم يجز ، والوجه الجواز مع الضرورة.

(٦) المختلف : ج ٢ في النذر واحكامه ص ١٠٨ س ٥ قال : والمعتمد ان نقول : ان كان الأصلح له بيعها جاز له البيع سواء احتاج الى ثمنها أو لا إلخ.

١٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الثمن ، الّا اني كنت حلفت فيها بيمين ، فقلت : لله عليّ أن لا أبيعها أبدا ، ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤنة فقال : ف لله بقولك له (١).

وأجاب المسوّغون بحملها على عدم التضرر بترك البيع ، ويدل عليه قوله : (مع خفّة الحاجة).

قال المصنف : (وهي مرسلة) وليست مرسلة ، بل هي متصلة لكنها ضعيفة الرجال (٢) فقد شاركت المرسل في ضعف التمسك ، بل الضعيف ، أو هي من المرسل ، لأنه لا شك في رده ، وقد يتمسك بكثير من المراسيل بل يطلق عليها الصحيح.

__________________

(١) التهذيب : ج ٨ (٥) باب النذور ص ٣١٠ الحديث ٢٦.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب : (محمد بن احمد عن محمّد بن أحمد الكوكبي عن أبي عبد الله الرازي عن احمد بن محمّد بن أبي نصر عن الحسن بن علي عن أبي الحسن عليه السّلام).

١٤٦

كتاب الصيد والذبائح

١٤٧
١٤٨

كتاب الصيد والذبائح

يؤكل من الصيد ما قتله السيف والرمح والسهم والمعراض (١) إذا خرق. ولو أصاب السهم معترضا حلّ ان كان فيه حديدة (٢) ، ولو خلا منها لم يؤكل الّا ان يكون حادا فيخترق. وكذا ما يقتله الكلب المعلم

______________________________________________________

كتاب الصيد والذبائح

(مقدمة) فها ثلاث مباحث :

(الأول) انما ترجم الكتاب بالصيد والذبائح ، لان الوسيلة إلى تذكية الحيوان طريقان الذبح أو النحر ، والعقر المزهق في أي عضو اتفق ، لأن الحيوان اما مقدور عليه أو لا ، والأول يحل بالأول والثاني بالثاني ، والا غلب في الحيوان الوحشي هو القسم الثاني ، ويلحق به الانسي المتردي والمستعصي.

روى جابر عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : أية إنسية توحشت ، فذكاتها ذكاة الوحشية (٣).

__________________

(١) المعراض كمفتاح ، وهو السهم الذي لا ريش له (مجمع البحرين لغة عرض).

(٢) وكانت الإصابة في الحديدة ـ ع ل ـ هكذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

(٣) سنن البيهقي : ج ٩ باب ما جاء في ذكاة ما لا يقدر على ذبحه إلا برمي أو سلاح ص ٢٤٦ س ٢٣

١٤٩

دون غيره من الجوارح. ولا يؤكل ما قتله الفهد وغيره من جوارح البهائم. ولا ما قتله العقاب وغيره من جوارح الطير الّا ان يذكى. وادراك ذكاته بان يجده ورجله تركض ، أو عينه تطرف ، وضابطه حركة الحيوان ويشترط في الكلب ان يكون معلّما يسترسل إذا أغرى وينزجر إذا زجر ، والّا يعتاد أكل صيده ، ولا عبرة بالندرة. ويعتبر في المرسل ان يكون مسلما أو بحكمه ، قاصدا بإرساله الصيد ، مسمّيا عند الإرسال ، فلو ترك التسمية عامدا لم يؤكل صيده الّا ان يذكيه ، ويعتبر ان لا ينيب عنه ، فلو غاب وحياته مستقرة ثمَّ وجد مقتولا أو ميتا لم يؤكل. وكذا السهم ما لم يعلم انه القاتل. ويجوز الاصطياد بالشرك والحبالة (١) وغيرهما من الإله ، وبالجوارح ، لكن لا يحل منه الا ما ذكّي. والصيد ما كان ممتنعا ، ولو قتل بالسهم فرخا ، أو قتل الكلب طفلا غير ممتنع لم يحل. ولو رمى طائرا فقتله وفرخا لم يطر حل الطائر دون فرخه.

______________________________________________________

وقال عليه السّلام : حين سئل عن بعير تردّى في بئر : لو طعنت في خاصرته لحل لك (٢).

(الثاني) اسم الاصطياد يقال بالاشتراك اللفظي في عرف الشرع على ثلاثة معان.

(أ) عقر الحيوان الوحشي المحلل عقرا أبطل امتناعه ، بآلة الاصطياد.

(ب) العقر المزهق للوحشي بالأصالة ، المباح بآلة الاصطياد.

__________________

ولفظ الحديث (فقال صلّى الله عليه وآله : إذا استوحشت الإنسية وتمنعت فإنه يحلها ما يحل الوحشية).

(١) الشرك حبائل الصائد ، وكذلك ما ينصب للطير ، واحدته شركة وجمعها شرك ، وشرك الصائد حبالته يرتبك فيها الصيد (لسان العرب ج ١٠ لغة شرك).

(٢) سنن البيهقي : ج ٩ باب ما جاء في ذكاة ما لا يقدر على ذبحه إلا برمي أو سلاح ص ٢٤٦ س ٥ ولفظه (وتردى بعير في بئر فلم يستطيعوا ان ينحروه الا من قبل شاكلته) ورواهما في الإيضاح (ج ٤ ص ١١٤ كتاب الصيد والذبائح) كما في المتن.

١٥٠

مسائل : من احكام الصيد.

(الأولى) إذا تقاطعته الكلاب قبل إدراكه حلّ.

(الثانية) لو رماه بسهم فتردّى من جبل ، أو وقع في ماء فمات لم يحلّ ، وينبغي هنا اشتراط استقرار الحياة.

______________________________________________________

(ج) إثبات اليد على الحيوان الوحشي القابل للملك ، وابطال امتناعه.

(الثالث) الأصل في إباحة الصيد ، الكتاب والسنة والإجماع.

اما الكتاب فقوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (١) فأباح صيد البحر مطلقا وصيد البر ، الا حالة الإحرام. وقال تعالى (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) (٢) (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (٣).

وبهيمة الأنعام هو الوحشي عن أبي صالح لأنها أبهمت عن الفهم والتمييز ، أو لأنها أبهمت عن الأمر والنهي (٤).

وسميت أنعاما لكثرة الانتفاع بها ، فإنه تنتفع بلحومها وألبانها وجلودها وأصوافها وأرواثها للوقود.

والأنعام الثلاثة مختص بالإبل والبقر والغنم.

وقال تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) (٥) وقد دلت هذه الاية على أمور.

(أ) اشتراط التعليم بقوله (تُعَلِّمُونَهُنَّ).

__________________

(١) سورة المائدة / ٩٦.

(٢) سورة المائدة / ٢.

(٣) سورة المائدة / ١.

(٤) من قوله : (اسم الاصطياد الى هنا منقول من إيضاح الفوائد مع تغيير يسير في بعض الكلمات).

(٥) سورة المائدة / ٤.

١٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) ذكر التسمية.

(ج) كون الإله كلبا.

(د) وجوب الاستمرار على التعليم ، فلو خرج عن قانون التعليم لم يحل مقتوله ، دلّ عليه قوله (مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) فلو اعتاد أكل ما يصيده كان إمساكه لنفسه.

وشرطنا الاعتياد لان الندرة لا تقدح. وكذا شرب الدم وان دام.

واما السنة فكثير ، منه ما روي عن النبي صلّى الله عليه وآله : من اقتنى كلبا ، إلّا كلب ماشية أو صيد أو زرع ، انتقص من اجره كل يوم قيراط (١) فلما حرّم اقتناء الكلب الا ما كان للصيد ، دلّ على جواز الصيد.

وفي الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يسرّح كلبه المعلّم ، ويسمي إذا سرّحه ، فقال : يأكل ممّا أمسك عليه ، فاذا أدركه قبل قتله ذكّاه الى قوله : قلت : فالفهد ، قال : والفهد إذا أدركت ذكاته ، فكل والا فلا قلت : أليس الفهد بمنزلة الكلب؟ فقال : ليس شي‌ء مكلّب الّا الكلب (٢).

وعن أبي ثعلبة قال : قلت يا رسول الله صلّى الله عليه وآله اني أصيد بكلبي المعلّم وبكلبي الذي ليس بمعلّم ، فقال : ما أخذت بكلبك المعلّم فاذكر اسم الله عليه وكله ، وما أخذت بكلبك الذي ليس بمعلّم فأدركت ذكاته فكل (٣).

فقد استفيد من هذا الخبر أشياء.

__________________

(١) سنن ابن ماجه : ج ٢ كتاب الصيد (٢) باب النهى عن اقتناء الكلب الا كلب صيد أو حرث أو ماشية ، الحديث ٣٢٠٤ وفي عوالي اللئالي : ج ٣ باب الصيد والذبائح ص ٤٥٢ الحديث ١.

(٢) الكافي : ج ٦ كتاب الصيد ، باب صيد الكلب والفهد ص ٢٠٣ الحديث ٤ وفي عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٤٥٢ الحديث ٢.

(٣) سنن ابن ماجه : ج ٢ كتاب الصيد (٣) باب صيد الكلب قطعة من حديث ٣٢٠٧.

١٥٢

(الثالثة) لو قطعه السيف اثنين فلم يتحرّكا ، حلّا ، ولو تحرك أحدهما فهو الحلال ان كانت حياته مستقرة لكن بعد التذكية. ولو لم تكن مستقرة حلّا. وفي رواية يؤكل الأكبر دون الأصغر ، وهي شاذة ، (١) ولو أخذت الحبالة منه قطعة فهي ميتة.

______________________________________________________

(أ) كون الكلب معلّما.

(ب) حل مقتوله ، لإطلاق اباحة الأكل منه ، ولم يقيده بالتذكية كما قيدها في غيره.

(ج) اشتراط التسمية فيه.

(د) جواز الاصطياد بغيره واشتراط التذكية فيه.

واما الإجماع : فلا خلاف بين الأمة في جواز الاصطياد ، وان اختلفوا في فروعه.

قال طاب ثراه : وفي رواية يؤكل الأكبر دون الأصغر ، وهي شاذة.

أقول : إذا قطع الصيد باثنين فلم يتحركا حلّا ، وان تحركا أو أحدهما ، فإن كان لا مع استقرار الحياة فكالأول لعدم اعتبار مثل هذه الحركة ، إذ هي كحركة المذبوح فوجودها في الصيد كعدمها وان كان مع الاستقرار حلّ مع التذكية المحل القابل للتذكية ، وهو ما فيه الرأس ، وكان الأخر ميتة كما لو أبان يد الصيد ، أو أخذت الحبالة أو السيف منه قطعة.

هذا هو مقتضى الأصول المقررة والقواعد الممهّدة.

ويؤيده عموم صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام ، قال : سألته عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه برمح ، أو يرميه بسهم فيقتله ، وقد سمى حين فعل ذلك ، قال : لا بأس (١).

__________________

(١) الكافي : ج ٦ باب الصيد بالسلاح ص ٢١٠ الحديث ٦.

١٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو عام فيما أبين بعضه أو لا ، وهو اختيار ابن إدريس (١) والمصنف (٢) والعلّامة (٣).

وقال الشيخ في النهاية : إذا قده بنصفين ولم يتحرك واحد منهما جاز له أكلهما إذا خرج منهما الدم ، وان تحرك احد النصفين ولم يتحرك الأخر ، أكل الذي تحرك ، ورمى بما لا يتحرك (٤).

فقد خالف ما قلناه بشيئين.

(أ) اشتراط خروج الدم.

(ب) أكل المتحرك مطلقا ، ولم يشترط استقرار الحياة وعدمها.

وقال القاضي : الحلال ان يتحرك كل واحد منهما ، ويخرج منه الدم ، وان تحرك أحدهما وخرج منه الدم دون الأخر ، فالمتحرك هو الحلال دون الذي لم يتحرك لم يخرج منه دم (٥).

فقد اشترط كلا الأمرين من الحركة وخروج الدم.

وقال ابن حمزة : إذا كانا سواء وخرج الدم حلّا ، وان لم يخرج حرم ، وان كان احد الشقين أكبر ومعه الرأس حلّ ذلك الشق ، وان تحرك أحدهما حلّ المتحرك ،

__________________

(١) السرائر : كتاب الصيد والذبائح ص ٣٦٣ س ١٧ فإنه بعد نقل قول الشيخ قال : والذي ينبغي تحصيله في ذلك : ان الجميع يحل ، سواء كان الذي مع الرأس أكثر أو أقل إلخ.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٠ س ٣٦ قال : والمعتمد ان نقول : ان مات الصيد بهذا الفعل حل اكله سواء خرج الدم أو لا ، وسواء كان الأكثر مع الرأس أم لا وسواء تحركا أو لا.

(٤) النهاية : كتاب الصيد والذبائح ص ٥٨١ س ١٥ قال : فان قدّه بنصفين ولم يتحرك واحد منهما إلخ.

(٥) المهذب : ج ٢ باب الصيد والذبائح ص ٤٣٦ س ١٢ قال : وكذلك (أي حلال) إن ضربه أو طعنة فقطعه بنصفين وتحرك كل واحد منهما وخرج منه دم إلخ.

١٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وان أبان بعضه حرم ذلك البعض (١).

وظاهر هذا القول يعطي اشتراط خروج الدم في حلّهما مع التساوي دون الحركة ، ومع تفاوتهما حل الأكبر إذا كان فيه الرأس ، وتحريمه مع العكس ، وحل المتحرك خاصة.

وفيه خلل من ثلاثة أوجه.

(أ) لا نسلّم اشتراط خروج الدم ، لأنه مقتول بالسهم فكان حلالا كما لو لم يبن منه بعضه عملا بعموم الرواية المتقدمة.

(ب) قوله : (وان كان أحدهما أكبر حلّ إذا كان معه الرأس) ينبغي ان تقيد بكونه مستقر الحياة ، ليكون المقطوع منه ميتة ، وحينئذ ينبغي تقييد ما حكم بحله بتذكيته ، لا مطلقا.

(ج) حكمه بحل المتحرك خاصة ، وينبغي تقييده بكونه مستقرة الحياة ، قابلا للتذكية ، فيحل معها ويحرم الأخر ، فان لم يكن قابلا للتذكية كما لو كان الطرف الذي فيه الرجلان حلّا معا ، لأنه لا عبرة بهذه الحركة.

وقال في الخلاف : إذا قطع الصيد نصفين حلّ أكل الكل بلا خلاف ، وان كان الذي مع الرأس أكبر حل الذي مع الرأس دون الباقي للاحتياط. قال : فإنّ أكل الذي مع الرأس مجمع على اباحته ، وما قالوه ليس عليه دليل (٢).

وفي المبسوط : إذا قطعه نصفين حلّ أكل الكل بلا خلاف ، وان كان الذي مع الرأس أكبر حل أكل الكل عند قوم ، وقال قوم : حلّ ما مع الرأس دون ما عداه ،

__________________

(١) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الصيد ص ٣٥٧ س ١٣ قال : فان قطعه نصفين وكانا سواء وخرج منهما الدم ، حلّ.

(٢) كتاب الخلاف : كتاب الصيد والذبائح ، مسألة ١٧ قال : إذا قطع الصيد بنصفين الى قوله : دليلنا الاحتياط ، فإن أكل ما مع الرأس مجمع على اباحته ، وما قالوه ليس عليه دليل إلخ.

١٥٥

(الرابعة) إذا أدرك الصيد وفيه حياة مستقرة ، ولا آلة ليذكيه ، لم يحل حتى يذكى. وفي رواية جميل : يدع الكلب حتى يقتله.

(الخامسة) لو أرسل كلبه ، فأرسل كافر كلبه ، فقتلا صيدا ، أو مسلم لم يسم ، أو لم يقصد الصيد ، لم يحلّ.

(السادسة) لو رمى صيدا فأصاب غيره حلّ ، ولو رمى لا للصيد ، فقتل صيدا ، لم يحل.

______________________________________________________

وهو مذهبنا (١).

وظاهر هذا القول يعطي كون المراد بالنصفين في الأول تساويهما ، كما قاله ابن حمزة ، وقوله : (حل ما فيه الرأس) قد بينا ضعفه ، بل الاولى حل الجميع عملا بالعموم.

فالحاصل ان في المسألة أربعة أقوال.

(الأول) حلهما بشرطين : خروج الدم وحركتهما. ومع انفراد أحدهما بالحركة يؤكل المتحرك ، وهو قول الشيخ في النهاية.

(الثاني) حلهما مع تساويهما ، ومع تفاوتهما يؤكل ما فيه الرأس إذا كان أكبر ، ولم يشترط الحركة ولا خروج الدم ، وهو قوله في الكتابين.

(الثالث) اشتراط الحركة وخروج الدم في كل واحد من النصفين ، ومتى انفرد أحدهما بالشرطين ، أكل وترك ما لا يجمعهما ، وهو قول القاضي.

(الرابع) حلهما مع خروج الدم في الجملة مع تساويهما ، ومع تفاوتهما يؤكل ما فيه الرأس مع حركتهما معا ومع انفراد أحدهما بها يؤكل المتحرك ، وهو قول ابن حمزة.

قال طاب ثراه : وفي رواية جميل يدع الكلب حتى يقتله.

__________________

(١) المبسوط : ج ٦ كتاب الصيد والذبائح ص ٢٦١ س ١٦ قال : ان قطعه بنصفين حلّ أكل الكل بلا خلاف الى قوله : وهو مذهبنا.

١٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : إذا أدرك الصيد وحياته مستقرة ، لم يحل إلا بالتذكية ، وان لم يكن معه ما يذكيه لم تحل ، قاله ابن إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلّامة في أحد قوليه (٣) وقال الشيخ في النهاية : فليترك الكلب حتى يقتله ثمَّ ليأكل ان شاء (٤) وبه قال الصدوق (٥) وأبو علي (٦) واختاره العلّامة في المختلف (٧).

احتج الأولون : بأنه مستقر الحياة غير ممتنع ، فلا يحل بدون التذكية كالشاة إذا لم يكن مع الإنسان ما يذكيها ، فإنها لا تحل بقتل الكلب المعلّم إجماعا ، وللاحتياط.

احتج الشيخ بعموم قوله تعالى (فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (٨) وهو عام يشمل صورة النزاع.

وما رواه جميل بن دراج (في الصحيح) عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين فيذكيه بها ، أفيدعه حتى يقتله ويأكل منه؟ قال : لا بأس ، قال الله عزّ وجلّ (فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ولا ينبغي أن يأكل ما قتله الفهد (٩).

__________________

(١) السرائر : كتاب الصيد والذبائح ص ٣٦٥ س ٥ قال : والأولى عندي انه يجب عليه ان يذكيه فان لم يكن معه ما يذكيه فلا يحل له أكله إذا قتله الكلب.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) التحرير : ج ٢ كتاب الصيد والذبائح ص ١٥٦ س ٨ قال : (ح) إذا أرسل الكلب أو الآلة فجرحه وأدركه المرسل حيا الى قوله : والوجه عندي انه لا يحل.

(٤) النهاية : باب الصيد وأحكامه ص ٥٨١ س ١ قال : فان لم يكن معه ما يذكيه فليتركه حتى يقتله ثمَّ ليأكل ان شاء.

(٥) المقنع : باب الصيد والذبائح ص ١٣٨ س ١٧ قال : وإذا لم يكن معك حديدة تذبحه بها فدع الكلب يقتله ثمَّ كل منه.

(٦) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٢ س ١٣ فإنه بعد نقل قول الشيخ في النهاية قال : ونحوه قال ابن الجنيد الى قوله : والوجه ما قاله الشيخ.

(٧) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٢ س ١٣ فإنه بعد نقل قول الشيخ في النهاية قال : ونحوه قال ابن الجنيد الى قوله : والوجه ما قاله الشيخ.

(٨) سورة المائدة / ٤.

(٩) الكافي : ج ٦ باب صيد الكلب والفهد ص ٢٠٤ الحديث ٨.

١٥٧

(السابعة) إذا كان الطير مالكا جناحه فهو لصائده الّا ان يعرف مالكه فيرده اليه. ولو كان مقوصا لم يؤخذ لأن له مالكا. ويكره ان يرمي الصيد بما هو أكبر منه ، ولو اتفق قيل : يحرم ، والأشبه الكراهية. وكذا يكره أخذ الفراخ من أعشاشها. والصيد بكلب علّمه مجوسي. وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصلاة وصيد الوحش ، والطير بالليل.

والذبائح تستدعي بيان فصول.

______________________________________________________

وبأنه إذا جاز الذبح بغير الحديد مع العجز عن الإله وخوف الفوت ، فليجز بالكلب ، لعدم المخصص.

وأجيب بمنع دلالة الآية على العموم ، والا لجاز مع وجود آلة الذبح. والرواية لا تقتضي الدلالة ، لأن قوله : (فيأخذه) لا يدل على انه أبطل امتناعه ، بل جاز ان يبقى امتناعه ، والكلب ممسك له ، فاذا قتله حينئذ يكون قد قتل صيدا ممتنعا ، فيحل بالقتل ، والفرق النهي عن التذكية بالسن ، والمخصص الإجماع.

قال طاب ثراه : ويكره ان يرمي الصيد بما هو أكبر منه ، ولو اتفق قيل : يحرم ، والأشبه الكراهية.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية : إلى تحريم رمي الصيد بما هو أكبر منه ، وتحريم الصيد لو اتفق (١) واختار المصنف الكراهية فيهما (٢) وهو مذهب العلّامة (٣).

__________________

(١) النهاية : باب الصيد وأحكامه ص ٥٨٠ س ٣ قال : ولا يجوز ان يرمي الصيد بما هو أكبر منه الى قوله : لم يجز اكله.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) التحرير : ج ٢ كتاب الصيد والذبائح ص ١٥٤ س ٢٣ قال : (ج) كلما مات بالمثقلات حرام الى ان قال : وهل يحرم أن يرمى الصيد بما هو أكبر منه؟ قال الشيخ رحمه الله : نعم ، وقيل : مكروه.

١٥٨

(الأول) الذابح : ويشترط فيه الإسلام أو حكمه ولو كان أنثى. وفي الكتابي روايتان ، أشهرهما المنع. وفي رواية ثالثة : إذا سمعت تسميته فكل ، والأفضل ان يليه المؤمن ، نعم لا تحل ذبيحة المعادي لأهل البيت عليهم السّلام.

______________________________________________________

ذكر الذبائح

قال طاب ثراه : الذابح : ويشترط فيه الإسلام أو حكمه ، ولو كان أنثى. وفي الكتابي روايتان : أشهرهما المنع. وفي رواية ثالثة : إذا سمعت تسميته فكل.

أقول : البحث هنا يقع في مقامين.

(الأول) اشتراط الإسلام في الذابح ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) تحريم ذبائح غير المسلمين ، أهل حرب كانوا أو أهل ذمة قاله الثلاثة (١) (٢) (٣) والقاضي (٤) وسلار (٥) والتقي (٦) وابن حمزة (٧) وابن

__________________

(١) الانتصار : مسائل الصيد ص ١٨٨ س ١٩ قال : (مسألة) ومما انفردت به الإمامية أنّ ذبائح أهل الكتاب محرمة لا يحلّ أكلها إلخ.

(٢) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب التسمية ص ٥٨٢ س ١١ قال : الذباحة لا يجوز أن يتولاها غير المسلمين ، فمتى تولاها كافر من أي أجناس الكفار كان يهوديا أو نصرانيا الى قوله : سمى على ذبيحته أو لم يسم ، فلا يجوز أكل ذبيحته.

(٣) المقنعة : باب الذبائح والأطعمة ص ٨٩ س ٢٢ قال : وأصناف الكفار من المشركين واليهود والنصارى الى قوله : فذبائحهم محرمة بمفهوم التنزيل إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب أقسام الأطعمة والأشربة ص ٤٢٨ س ٤ قال : واما المحرم الى قوله : وكل ما ذكاه كافر.

(٥) المراسم : ذكر الذبائح ص ٢٠٩ س ٦ قال : وان يكون المتولي لذلك مسلما.

(٦) الكافي : في بيان ما يحرم اكله ص ٢٧٧ س ١٣ قال : أو بفعل كافر كاليهودي والنصراني.

(٧) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الذباحة ص ٣٦١ س ١٥ قال : وذبيحة الكافر والناصب حرام.

١٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلّامة (٣).

(ب) إباحة ذبائح أهل الكتاب قاله الحسن (٤) وهو ظاهر أبي علي (٥).

(ج) اباحة ذبائحهم مع سماع التسمية منهم قاله الصدوق في المقنع (٦).

احتج الأولون بقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) (٧) والكافر لا يعرف الله فلا يذكره على ذبيحته ، ولا يرى التسمية على الذبيحة فرضا ولا سنة.

وبموثقة سماعة عن الكاظم عليه السّلام قال : سألته عن ذبيحة اليهودي والنصراني؟ قال : لا تقربها (٨).

وعن قتيبة قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه السّلام وانا عنده فقال : الغنم نرسل فيها اليهودي والنصراني فيعرض فيها العارضة فيذبح ، أنأكل ذبيحته؟ فقال

__________________

(١) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٣٦٨ س ٢ قال : الذباحة لا يجوز أن يتولاها غير معتقدي الحق إلى قوله : فلا يجوز أكل ذبيحته.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) المختلف : ج ٢ ، في الذبح وكيفيته ص ١٢٧ س ٢٧ قال : والأصل ان لا يؤكل ذبائحهم كيف كانت إلخ.

(٤) المختلف : ج ٢ ، في الذبح وكيفيته ، ص ١٢٧ س ٢٩ قال : وقال ابن عقيل : ولا بأس بصيد اليهود والنصارى وذبائحهم إلخ.

(٥) المختلف : ج ٢ في الذبح وكيفيته ، ص ١٢٧ س ٣٠ قال : وقال ابن الجنيد : ولو تجنب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم إلى قوله : كان أحوط.

(٦) المقنع : باب الصيد والذبائح ص ١٤٠ س ١ قال : ولا تأكل ذبيحة اليهودي والنصراني أو المجوسي إلا إذا سمعتهم يذكرون اسم الله عليها إلخ.

(٧) سورة الانعام / ١٢١.

(٨) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ٦٣ الحديث ١.

١٦٠