المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

أبو عبد الله عليه السّلام : لا تدخل ثمنها مالك ولا تأكلها ، فإنما هو الاسم ولا يؤمن عليها إلّا مسلم ، فقال له الرجل (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (١) فقال : كان أبي يقول : انما هي الحبوب وأشباهها (٢).

وفي هذا المعنى من الصحاح والموثقات كثير (٣) ولأنه نوع استئمان وليس الكافر أهلا للأمانة ، ولأنّ لها شرائط فلا يوثق بقوله في حصولها.

احتج المسوغون مطلقا بقوله تعالى (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) (٤).

وبصحيحة محمّد الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم ، فقال : لا بأس به (٥).

ومثلها رواية عبد الملك بن عمرو عنه عليه السّلام (٦).

وبأصالة الإباحة.

احتج الصدوق بصحيحة حمران قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر الله ، قلت : المجوسي ، فقال : نعم إذا سمعته يذكر اسم الله ، اما سمعت قول الله عزّ وجلّ

__________________

(١) سورة المائدة / ٥.

(٢) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحلّ من ذلك وما يحرم منه ص ٦٤ الحديث ٥.

(٣) لاحظ التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ، بقية أحاديث الباب.

(٤) سورة المائدة / ٥.

(٥) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ٦٨ الحديث ٢٥.

(٦) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ٦٨ قطعة من حديث ٢٦.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (١) (٢) وفي معناها غيرها من الصحاح (٣).

والجواب : حمل الطعام على الحبوب للحديث (٤) ولأنه المتعارف ، وجاز حمله على ما ذكاه المسلم وهو ملك اليهودي ، فيصدق عليه انه طعامه ، لأن (طعام) ليس للعموم ، فيصدق على فرد من افراد الطعام ، فيحمل على ما ذكرناه ، لان الحكم معلّق على الطعام ، وليس الذبح جزءا من مسماه ، والأحاديث معارضة بأمثالها ومحموله على الضرورة.

ولرواية زكريا بن آدم قال : قال أبو الحسن عليه السّلام : اني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك إلّا في وقت الضرورة (٥) اليه.

أو على التقية. والأصل معارض بالاحتياط.

(الثاني) في اشتراط الايمان : وفيه قولان.

(أ) اعتباره ، وهو مذهب القاضي (٦) والتقي (٧) وابن حمزة (٨) وابن إدريس (٩) ويجزي عنده المستضعف ، وعنى به الذي ليس منا ولا من مخالفينا.

__________________

(١) سورة الانعام / ١٢١.

(٢) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ٦٨ الحديث ٢٢.

(٣) لاحظ التهذيب باب الذبائح والأطعمة.

(٤) تقدم آنفا.

(٥) التهذيب : ج ٩ (٢) باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ص ٧٠ الحديث ٣٣.

(٦) المهذب : ج ٢ باب ما يحل من الذبائح وما يحرم منها ص ٤٣٩ س ٥ قال : لا يجوز ان يتولى الذي إلى قوله : من أهل الحق.

(٧) الكافي : في بيان ما يحرم أكله ص ٢٧٧ س ١٣ قال : أو جاحد النص.

(٨) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الذباحة ص ٣٦١ س ١١ قال : والذابح يجب أن يكون مؤمنا.

(٩) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٢٦٨ س ٢ قال : لا يجوز ان يتولاها غير معتقدي الحق إلى قوله : ولا بأس بأكل ذبيحة المستضعف إلخ.

١٦٢

(الثاني) الإله : ولا تصح الّا بالحديد مع القدرة ، ويجوز بغيره مما يفري الأوداج عند الضرورة ، ولو مروة أو ليطة أو زجاجة ، وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

______________________________________________________

(ب) الاكتفاء بالإسلام : وهو مذهب الشيخ (١) واختاره المصنف (٢) والعلّامة (٣).

واجمع الكل على تحريم ذبيحة الناصب.

احتج الأولون برواية زكريا بن آدم (٤) وقد تقدم. ويحمل على الاستحباب.

احتج الآخرون بالروايات المتقدمة. وبأصالة الحل ، وبعموم قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (٥).

قال طاب ثراه : وفي الظفر والسن مع الضرورة تردد.

أقول : يتعين التذكية بالحديد مع القدرة ، ولا يجوز بغيره سواء كان من المعادن كالصفر والذهب أو لا كالعود والقصب.

ويجوز مع الضرورة. أما باضطراره إلى الأكل ، أو الخوف من فوت الذبيحة بكل ما يفري الأوداج كالمروة (٦) والزجاج وما أشبهه.

__________________

(١) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب التسمية ص ٥٨٢ س ١٤ قال : فان تولاها غير أهل الحق إلى قوله : لم يكن بأس بأكل ذبيحته.

(٢) لاحظ عبارة النافع. وفي الشرائع : كتاب الذباحة ، أما الذابح قال : ولا يشترط الايمان.

(٣) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٨ س ١٨ قال : والمعتمد جواز أكل ذبيحتهم إذا اعتقدوا وجوب التسمية.

(٤) تقدم آنفا.

(٥) سورة الانعام / ١١٨.

(٦) المرو حجارة بيضاء براقة يقدح منها النار الواحد منها مروة (مجمع البحرين لغة مرا).

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهل يجوز بالسّن والظفر؟ فيه مذهبان.

المنع : ذكره الشيخ في الكتابين (١) (٢) واختاره الشهيد (٣).

والأخر الجواز : ذهب إليه في التهذيب (٤) واختاره ابن إدريس (٥) والعلّامة في المختلف (٦) وتردد المصنف (٧).

احتج الأولون بحسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن ذبيحة العود والحجر والقصبة ، فقال : قال عليّ عليه السّلام : لا يصلح الا الحديد (٨).

وبحسنة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : سألته عن الذبيحة بالليطة فقال : لا ذكاة إلا بحديدة (٩).

والنهي عام فيشمل صورة النزاع.

__________________

(١) المبسوط : فصل فيما يجوز الذكاة به وما لا يجوز ج ٦ ص ٢٦٣ س ٤ قال : إلا ما كان من سن أو ظفر ، فإنه لا يحل الذكاة بواحد منهما.

(٢) كتاب الخلاف : كتاب الصيد والذبائح ، مسألة ٢٢ قال : لا تحل التذكية بالسن والظفر إلخ.

(٣) المسالك : ج ١ في إله الذابح ص ٢٢٦ س ١٩ قال : والشهيد في الشرح استقرب المنع من التذكية بالسن والظفر مطلقا إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٩ باب الصيد والذكاة ص ٥١ قال بعد نقل حديث ١٢ : واما حال الضرورة فقد روى جواز ذلك فيها ، ثمَّ أورد حديث المروي عن زيد الشحام وفيه : (اذبح بالحجر والعظم والقصبة والعود) إلخ.

(٥) السرائر : كتاب الصيد والذبائح ص ٣٦٣ س ٢٣ قال : يجوز الذباحة في حال الاضطرار عند تعذر الحديد بكل شي‌ء يفري الأوداج سواء كان ذلك عظما أو حجرا وعودا أو غير ذلك إلخ.

(٦) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢١ س ٦ فإنه بعد نقل قول ابن إدريس بالتفصيل قال : وانما أطلق (أي الشيخ) في الكتابين المنع بناء على الغالب وهو الاختيار إلخ.

(٧) لاحظ عبارة النافع.

(٨) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥١ الحديث ٢١٢.

(٩) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥١ الحديث ٢١١.

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو ممنوع لجواز حمله على حالة الاختيار ، إذ هي الغالب.

احتجّ الآخرون بصحيحة زيد الشحام عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل لم يكن بحضرته سكن ، أيذبح بقصبة؟ فقال : اذبح بالحجر والعظم والقصبة والعود إذا لم تصب الحديد ، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (١).

وبحسنة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن المروة والقصبة والعود يذبح بهنّ إذا لم يجدوا سكينا قال : إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك (٢).

وروى محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليه السّلام : الذبيحة بغير حديدة إذا اضطررت إليها ، فان لم تجد حديدة فاذبحها بحجر (٣).

فاعتبر قطع الحلقوم وفري الأوداج ، ولم يعيّن خصوصية القاطع ، وهذا المعنى موجود في السّن والظفر. فهذه روايات الأصحاب وهي خالية من ذكر السن والظفر تخصيصا ، وإطباق الأصحاب في كتبهم على اعتبار الحديد مع القدرة واجزاء السن والظفر مع الضرورة ، ويترددون فيهما مع عدم النص عليهما في رواياتهم.

نعم ورد النهي عنهما عينا في روايات العامة.

روى رافع بن خديج (بالخاء المعجمة والدال المهملة والجيم بعد الياء المثناة من تحت) قال : يا رسول الله صلّى الله عليه وآله انا لنرجوا أن نلقى العدو غدا ، وليس معنا مدي ، أو نذبح بالقصب؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم ما انهمر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا إلا ما كان من سنّ أو ظفر ، وسأحدثكم عن ذلك ، اما السنّ

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥١ الحديث ٢١٣.

(٢) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٢ الحديث ٢١٤.

(٣) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٢ الحديث ٢١٥.

١٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فعظم من الإنسان ، واما الظفر فمدي الحبشة (١).

فاستثنى السّن والظفر من المأكول ، فلا يكون مأكولا ، والسؤال وقع عن حال الاضطرار ، ولم يفرّق الأصحاب بين المتصل والمنفصل ، وفرق بينهما أبو حنيفة فأجاز مع الانفصال ومنع مع الاتصال (٢) لكون ذلك أشبه بالأكل والتقطيع والمقتضي للتذكية هو الذبح ، ووافقنا الشافعي في عدم الفرق (٣) وقال الشهيد : وجوازه بالعظم لا يلزم منه الجواز بالظفر (٤) ولعله نظر الى تعليل الخبر بكون السن من الإنسان والظفر مدي الحبشة ، ولعلهما علة النهي. ولمّا كانت روايات الأصحاب خالية من ذلك ، وفتاويهم لا تختلف في جواز الذبح بما عدى الحديد من الحجر والعود مع الضرورة ـ أنكر ابن إدريس منع الجواز بالسن والظفر مع الضرورة وعبارته :

__________________

(١) رواه أكثر أصحاب الصحاح والسنن في كتبهم في فصول عديدة وأبواب متفرقة.

وإليك شطر منهم : لاحظ البخاري ، كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد ، باب ما ندّ؟؟؟ من البهائم فهو بمنزلة الوحش. وأيضا باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابهم لم تؤكل. وسنن ابن ماجه ج ٢ كتاب الذبائح (٥) باب ما يذكى به ص ١٠٦١ الحديث ٣١٧٨. وسنن أبي داود ج ٣ كتاب الأضاحي ، باب في الذبيحة بالمروة ، قطعة من حديث (٢٨٢١). ومسند أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٤٦٣ حديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه. وأيضا في ج ٤ ص ١٤٠ حديث رافع بن خديج س ١٩ وس ٣٠ وص ١٤٢ س ٢٢ الى غير ذلك الذي يعثر عليه المتتبع.

(٢) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الأندلسي : ج ١ ، الباب الثالث فيما تكون به الذكاة ، ص ٤٦٢ س ١٩ قال : رأى بعضهم ان يكونا منفصلين ، إذ كان انهار الدم منهما إذا كانا بهذه الصفة أمكن ، وهو مذهب أبي حنيفة إلخ.

(٣) المجموع : النووي ج ٩ باب الصيد والذبائح ص ٨١ س ١٥ قال : واما الظفر والسن وسائر العظام فلا تحل بها الذكاة ولا الصيد بلا خلاف سواء كان الظفر والسن من آدمي أو غيره ، وسواء كان المتصل والمنفصل الى قوله : وقال الشافعي : اكره بالعظم الذكاة إلخ.

(٤) المسالك : في آلة الذابح ص ٢٢٦ س ١٩ قال : والشهيد في الشرح استقرب المنع من التذكية بالسن والظفر وجوزها بالعظم غيرهما إلخ.

١٦٦

(الثالث) الكيفية : وهي قطع الأعضاء الأربعة : المري ، والودجان ، والحلقوم. وفي الرواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (١). ويكفي في النحر الطعن في الثغرة. ويشترط استقبال القبلة بالذبيحة مع الإمكان والتسمية ، فلو أخل بأحدهما عمدا لم يحلّ. ولو كان نسيانا حلّ. ويشترط نحر الإبل وذبح ما عداها ، فلو نحر المذبوح ، أو ذبح المنحور لم يحلّ.

______________________________________________________

والذي ينبغي تحصيله جواز ذلك في حال الاضطرار وعند تعذر الحديد بكل شي‌ء يفري الأوداج سواء كان ذلك عظما أو حجرا وعودا أو غير ذلك ، وانما بعض المخالفين يذهب إلى انه لا يجوز الذبح بالسن والظفر في حال الاضطرار والاختيار ، واستدل بخبر رواه المخالف من طرقهم ، وما رواه أحد من أصحابنا ، فليلحظ ذلك ولا تظن أنه قولنا (١).

قوله : (واستدل بخبر رواه المخالف ، إشارة إلى استدلال الشيخ في الخلاف على عدم الجواز بهما ردا على أبي حنيفة (٢) والخبر إشارة الى ما رواه رافع بن خديج وقد ذكرناه.

قال طاب ثراه : وفي الرواية إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس.

أقول : لا بد في إباحة المذبوح من قطع الأعضاء الأربعة ، أعني المري ، وهو مجرى الطعام ، والحلقوم ، وهو مجرى النفس ، والودجين ، وهما عرقان محيطان بالحلقوم ، فلا يجزي قطع بعضها مع الإمكان ، فلو اقتصر منها على ثلاث لم يحل مع القدرة ،

__________________

(١) السرائر : كتاب الصيد والذبائح ص ٣٦٢ س ٢٢ قال : والذي ينبغي تحصيله الى قوله : فليلحظ ذلك ولا يظن انه قولنا.

(٢) كتاب الخلاف : كتاب الصيد والذبائح ، مسألة ٢٢ قال : وقال : أبو حنيفة : ان كان الظفر والسن متصلين كما قلناه وان كانا منفصلين حل أكله إلخ.

١٦٧

ولا يحل حتى يتحرك بعد التذكية حركة الحي ، (١) وأدناه أن يتحرك

______________________________________________________

احترازا عن المتردي.

أمّا لو قطع بعض الحلقوم ، أو بعض الودج ولم يبنه ، فالظاهر عدم الاجزاء ، ويحتمله لحصول القطع في الجملة وإزهاق الحيوان بذلك.

هذا في المذبوح

اما المنحور فيكفي طعنه في ثغرة النحر وهي وهدة اللّبة والثغرة بالثاء المثلثة المضمومة ، والغين المعجمة الساكنة ، والراء المهملة نقرة النحر التي بين الترقوتين واللبة : المنحر والجمع اللباب ، وكذلك اللبب ، وهو موضع القلادة من الصدر من كل شي‌ء.

والوهدة : المكان المطمئن ، أي المنخفض ، والجمع وهاد.

هذا هو المشهور في عبارات الأصحاب.

قال المصنف : وفي الرواية : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس.

إشارة إلى صحيحة زيد الشحام وقد تقدمت (١).

وفي حسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال : إذا فرى الأوداج فلا بأس (٢).

ولم يشترط البواقي ، والاخبار خالية من ذكر الأربعة ، بل هو شي‌ء ذكره الشيخ في كتابي الفروع (٣) (٤) وانعقد عليه الإجماع.

قال طاب ثراه : ولا يحلّ حتى يتحرك بعد التذكية حركة الحي ، وأدناه أن

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥١ الحديث ٢١٣.

(٢) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٢ الحديث ٢١٤.

(٣) كتاب الخلاف : كتاب الضحايا مسألة ٧ قال : الذكاة لا تقع مجزية إلا بقطع أشياء أربعة إلخ.

(٤) المبسوط : ج ١ كتاب الضحايا والعقيقة ص ٣٨٩ س ١٨ قال : وعندنا ان قطع الأربعة من شرط الاجزاء إلخ.

١٦٨

الذنب ، أو تطرف العين ، ويخرج الدم المعتدل. وقيل : يكفي الحركة ،

______________________________________________________

يتحرك الذنب ، أو تطرف العين ويخرج الدم المعتدل. وقيل : يكفي الحركة ، وقيل : يكفي أحدهما ، وهو أشبه.

أقول : للأصحاب هنا ثلاثة أقوال.

(الأول) اعتبارهما وهو قول المفيد (١) وتلميذه (٢) والقاضي (٣) وظاهر أبي علي (٤) حيث قال : ولو لحق البهيمة ما بمثله تموت لو تركت فلحق ذكاتها وخرج الدم مستويا وتحركت ، أو بعض أعضائها بعد خروج الدم ، حل أكلها ، وكذلك لو عضّها السبع.

(الثاني) الاكتفاء بأحدهما : اعني خروج الدم ونعني به ذا الدفع القوي ، لا ما يكون متثاقلا ، أو الحركة القوية ، ويكفي فيها ان تطرف عينيها ، أو تركض رجلها ، أو يتحرك ذنبها ، أو شي‌ء من أعضائها ، لا الاختلاج والتقلص الذي يحصل في اللحم ، فإنه قد يتفق في اللحم المسلوخ ، فمتى حصل أحدهما كفى في حل الذبيحة ، ومع فقدهما تحرم ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (٥) وبه قال ابن

__________________

(١) المقنعة : باب الذبائح والأطعمة ص ٨٩ س ٢٥ قال : وإذا ذبح الحيوان فتحرك عند الذبح وخرج منه الدم فهو ذكي.

(٢) المراسم : ذكر الذابح ص ٢٠٩ س ٧ قال : فان تحرك وخرج منه الدم يؤكل لحمه.

(٣) المهذب : ج ٢ باب الصيد والذبائح ص ٤٣٦ س ٣ قال : فاما الحلال الى قوله : وكذلك ان ضربه أو طعنة فقطعه بنصفين وتحرك كل واحد منهما وخرج منه دم إلخ وقال في ص ٤٣٧ س ١٦ في ذكر المحرمات : وكل صيد ضرب بسيف فانقطع بنصفين ولم يتحرك واحد منهما ولا خرج الدم.

(٤) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٩ س ١٩ قال : وقال ابن الجنيد : ولو لحق البهيمة ما بمثله تموت إلخ.

(٥) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب التسمية ، ص ٥٨٤ س ١٧ قال : وإذا ذبحت الذبيحة فلم يخرج الدم ، أو لم يتحرك شي‌ء من أعضائها لم يجز أكله فإن خرج الدم أو تحرك شي‌ء من أعضائها يدها ورجلها أو غير ذلك جاز أكلها لا يخفى ان في عبارة النهاية المطبوعة سقط وأصلحناها من الجوامع الفقهية

١٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس (١) وهو ظاهر التقي (٢) واختاره المصنف (٣) والعلّامة في القواعد (٤).

(الثالث) اعتبارهما معا ، أو الحركة وحدها ، لا الدم وحده ، وهو قول الصدوق (٥) والعلّامة في المختلف (٦).

احتجّ الأولون : بالاحتياط. وبان الأصل تحريم الحيوان حتى تعلم ذكاته ، ومع اعتبار الأمرين يحصل اليقين بحله ، لوقوع الإجماع عليه.

احتج الشيخ برواية الحسن بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال : ان كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتدلا فكلوا وأطعموا ، وان كان خرج خروجا متثاقلا فلا تقربوه (٧).

وبصحيحة محمّد الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن الذبيحة؟ فقال : إذا تحرك الذنب أو الطرف أو الاذن فهو ذكي (٨).

__________________

(١) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٣٦٩ س ٥ قال : وإذا ذبحت الذبيحة إلى قوله : فالمعتبر على الصحيح من المذهب أحد الشيئين.

(٢) الكافي : فصل في بيان ما يحرم اكله ص ٢٧٧ س ٩ قال : أو غير متحركة بعد الذبح ، أو لم يسل منها دم.

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) القواعد : ج ٢ ، المطلب الرابع الكيفية ص ١٥٤ س ٢٤ قال : السادس : الحركة بعد الذبح ، أو خروج الدم المعتدل.

(٥) المقنع : باب الصيد والذبائح ص ١٣٩ س ٩ قال : والشاة إذا طرفت عينها الى قوله : فهي ذكية ، وان ذبحت ولم تتحرك وخرج منها دم كثير فلا تأكل.

(٦) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٩ س ٢٩ قال : والمعتمد اعتبار الحركة.

(٧) الكافي : ج ٦ باب إدراك الذكاة ص ٢٣٢ قطعة من حديث ٢.

(٨) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٦ الحديث ٢٣٥.

١٧٠

وقيل : يكفي أحدهما ، وهو أشبه. وفي ابانة الرأس بالذبح قولان ، المروي : انها تحرم ، (١) ولو سبقت السكين فابانته لم تحرم الذبيحة.

______________________________________________________

ومثلها عن رفاعة عنه عليه السّلام في الشاة إذا طرفت عينها أو حرّكت ذنبها ، فهي ذكية (١).

فالرواية الاولى دلت على حلّه مع خروج الدم. والأخيرتان دلّتا على حلّه مع الحركة. وبهما تمسك الصدوق ومن تبعه على مطلوبه.

قال طاب ثراه : وفي ابانة الرأس بالذبح قولان : المروي انها تحرم.

أقول : هنا أربعة أقوال.

(الأول) تحريم الفعل والأكل وهو ظاهر النهاية (٢) وتبعه ابن زهرة في تحريم الأكل (٣) وبه قال ابن حمزة مع التعمد ومع عدم خروج الدم مطلقا (٤).

(الثاني) كراهتهما ، قاله ابن إدريس (٥).

(الثالث) كراهة الفعل وتحريم الأكل ، قاله الشيخ في الخلاف (٦).

(الرابع) تحريم الفعل وكراهة الأكل قاله العلّامة في المختلف (٧) واختاره فخر

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٦ الحديث ٢٣٤.

(٢) النهاية : باب الذبح وكيفية ووجوب التسمية ص ٥٨٤ س ٤ قال : ومتى تعمد ذلك (أبان الرأس) لم يجز أكله.

(٣) الغنية (في جوامع الفقهية) : فصل في الصيد والذبائح ص ٦١٨ س ٢٠ قال : ولا يحل أكل ذبيحة إلى قوله : أو فصل الرأس منها أو سلخ جلدها قبل ان يبرد.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الذباحة ص ٣٦٠ س ١٥ قال : فان نخع عمدا أو سهوا ولم يخرج الدم حرم إلخ.

(٥) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٣٦٨ س ٢٠ قال : ويكره ان ينخع الذبيحة إلا بعد ان يبرد بالموت إلخ.

(٦) كتاب الخلاف : كتاب الضحايا ، مسألة ١٣ قال : يكره إبانة الرأس من الجسد الى قوله : فان خالف وابان لم يحرم اكله.

(٧) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثالث في الذبح ص ١٢٨ س ٣٦ قال : والمعتمد تحريم الفعل ، لا المذبوح.

١٧١

ويستحب في الغنم ربط يدي المذبوح وإحدى رجليه ، وإمساك صوفه أو شعره حتى يبرد. وفي البقر عقد يديه ورجليه وإطلاق ذنبه. وفي الإبل ربط أخفافه إلى إبطيه. وفي الطير إرساله.

ويكره الذباحة ليلا ، ونخع الذبيحة ، وقلب السكين في الذبح ، وان يذبح حيوانا وأخر ينظر اليه ، وان يذبح بيده ما ربّاه من النعم.

ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها. وقيل : يكره وهو أشبه.

______________________________________________________

المحققين (١).

أما الأول : فلحسنة الحلي عن الصادق عليه السّلام قال : ولا ينخع ولا تكسر الرقبة حتى تبرد الذبيحة (٢).

ولصحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : لا ينخع ولا تقطع الرقبة بعد ما تذبح (٣).

والنهي للتحريم.

واما الثاني : فلصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام انه سئل عن رجل ذبح طيرا ، فقطع رأسه أيوكل منه؟ قال : نعم ولكن لا يتعمد قطع رأسه (٤).

ونخع الذبيحة قطع نخاعها. والنخاع بضم النون وفتحها وكسرها ، وهو الخيط الأبيض الذي الخرز منظومة فيه ، وهو من الرقبة ممدود الى عجب الذنب. وعجب الذنب بحركة الجيم أصل الذنب.

قال طاب ثراه : ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها ، وقيل : يكره وهو أشبه.

__________________

(١) الإيضاح : ج ٤ ، المطلب الرابع في الكيفية ص ١٣٧ س ١٥ قال : والصحيح عندي ما اختاره والدي في المختلف ، وهو تحريم الفعل واباحة الأكل.

(٢) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٩ قطعة من حديث ٢٥١.

(٣) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٦٠ قطعة من حديث ٢٥٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (٩٦) باب الصيد والذبائح ص ٢٠٩ الحديث ٥٣.

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : بالتحريم قال الشيخ في النهاية : ولو سلخت قبل بردها لم يحل أكلها (١) وتبعه القاضي (٢) وابن حمزة (٣).

وبالكراهة قال ابن إدريس (٤) واختاره المصنف (٥) والعلّامة (٦).

والشيخ عوّل على رواية مرسلة عن احمد بن محمّد بن يحيى قال : قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام : الشاة إذا ذبحت وسلخت ، أو سلخ شي‌ء منها قبل أن تموت فليس يحل أكلها (٧).

والباقون على عموم القرآن (٨) ، والأخبار (٩) وأصالة الحل.

في مسائل اختلف فيها

(الأول) قلب السكين بان يذبح الى فوق ، ومعناه ان يدخل السكين في وسط اللحم فيقطع الى الجلد ، بل ينبغي ان يبتدئ من فوق الجلد فيقطع منه الى الحلقوم.

__________________

(١) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب التسمية ص ٥٨٤ س ١٥ قال : ولا يجوز سلخ الذبيحة إلا بعد بردها الى قوله : لم يحل اكله.

(٢) المهذب : ج ٢ باب الصيد والذبائح ص ٤٤٠ س ٢٠ قال : ومن ذبح بهيمة لم يجز ان يسلخها الا بعد ان تبرد الى قوله : لم يجز أكلها.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الذباحة ص ٣٦٠ س ١٦ قال : وان سلخ قبل ان تبرد حرم.

(٤) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٣٦٩ س ١ فبعد ما نقل قول الشيخ في عدم جواز سلخ الذبيحة قبل البرد : قال : لا دليل على حظر ذلك إلخ.

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٩ س ١٤ فإنه بعد نقل قول ابن إدريس قال : وقول ابن إدريس قوي.

(٧) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٦ الحديث ٢٣٣.

(٨) سورة الانعام / ١١٨ قال تعالى (فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ).

(٩) لاحظ التهذيب : ج ٩ باب الصيد والذكاة ، من ص ٥٧.

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وبحرمته قال الشيخ (١) والقاضي (٢).

وبكراهته قال ابن إدريس (٣) والمصنف (٤) والعلّامة (٥) للأصل.

والشيخ عوّل على رواية حمران بن أعين عن الصادق عليه السّلام قال : ولا تقلب السكين تدخلها تحت الحلقوم وتقطع الى فوق (٦).

(الثاني) نخع الذبيحة ، وهو قطع نخاعها متصلا بالذبح ، بان لا يتخللهما سكون ، وقد تقدم البحث فيه.

(الثالث) ان يذبح وحيوان آخر ينظر إليه ، حرّمه الشيخ في النهاية (٧) وفسّره بالصبر ، قال : ولا يجوز ذبح شي‌ء من الحيوان صبرا ، وهو ان يذبح شيئا وحيوان آخر ينظر اليه.

ومستنده رواية غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال : ان أمير المؤمنين عليه السّلام كان لا يذبح الشاة عند الشاة والجزور عند الجزور وهو ينظر إليه (٨).

__________________

(١) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب التسمية ص ٥٨٤ س ٤ قال : ولا يجوز أن يقلب السكين فيذبح الى فوق.

(٢) المهذب : ج ٢ باب ما يحل من الذبائح وما يحرم منها ص ٤٤٠ س ٨ قال : ومن أراد الذباحة فلا يجوز ان يقلب السكين إلخ.

(٣) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٣٦٨ س ٣٠ قال : ويكره ان يقلب السكين فيذبح الى فوق ، بل ينبغي أن يبتدئ من فوق إلخ.

(٤) لاحظ عبارة النافع.

(٥) المختلف : ج ٢ ، الفصل الثالث في الذبح ص ١٢٩ س ٥ قال : وقول ابن إدريس قوي.

(٦) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ، ص ٥٥ قطعة من حديث ٢٢٧.

(٧) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب القسمية ص ٥٨٤ س ١٤ قال : ولا يجوز ذبح شي‌ء من الحيوان صبرا ، وهو ان يذبح إلخ.

(٨) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٦ الحديث ٢٣٢.

١٧٤

ويلحق به أحكام.

(الأول) ما يباع في أسواق المسلمين يجوز ابتياعه من غير تفحص.

(الثاني) ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان كالمستعصي والمتردي في بئر يجوز عقره بالسيف وغيره مما يجرح إذا خشي تلفه. (الثالث) ذكاة السمك إخراجه من الماء حيا ، ولا يعتبر في المخرج الإسلام ولا التسمية. ولو وثب أو نضب عنه الماء فأخذ حيا حلّ. وقيل : يكفي إدراكه يضطرب (١) ، ولو صيد وأعيد في الماء فمات لم يحل وان كان في الإله. وكذا الجراد ذكاته أخذ حيا ، ولا يشترط إسلام الأخذ ، ولا التسمية ، ولا يحلّ ما يموت قبل أخذه ، وكذا لو أحرقه قبل أخذه ، ولا يحلّ منه ما لم يستقل بالطيران.

______________________________________________________

ولا يدل على التحريم صريحا ، والأصل الإباحة.

(الرابع) قطع شي‌ء من أعضائها قبل البرد ، عدّه التقي في المحرمات قبل الذكاة وبعدها قبل ان يجب جنوبها ويبرد بالموت ، وجعله ميتة (١) والمشهور الكراهة.

قال طاب ثراه : ذكاة السمك إخراجه من الماء حيا الى قوله : وقيل : يكفي إدراكه يضطرب.

أقول : القائل هو الشيخ في النهاية (٢).

ومستنده رواية سلمة أبي حفص عن أبي عبد الله عليه السّلام انّ عليا عليه السّلام كان يقول : في الصيد والسمك إذا أدركتها وهي تضطرب وتضرب بيديها وتحرك ذنبها وتطرف بعينها فهي ذكاتها (٣).

__________________

(١) الكافي : فصل في بيان ما يحرم اكله ص ٢٧٧ س ١٤ قال : وما قطع من الحيوان الى قوله : وكل هذه المذكورات ميتة.

(٢) النهاية : باب ما يستباح اكله من سائر أجناس الحيوان وما لا يستباح ص ٥٧٦ س ١٧ قال : وإذا وثبت سمكة من الماء ، فماتت ، فإن أدركها الإنسان وهي تضطرب جاز له أكلها ، وان لم يدركها كذلك تركها ولم يجز له أكلها.

(٣) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٧ الحديث ٢٤.

١٧٥

(الرابع) ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته ، وقيل : يشترط مع إشعاره ان لا تلجه الروح ، وفيه بعد ولو خرج حيا لم يحل إلّا بالتذكية.

______________________________________________________

وقال العلّامة : لا يكفي النظر بل لا بد من إمساكه باليد (١) وهو مذهب المصنف في الشرائع (٢) عملا بالمتيقن وأخذا بالاحتياط.

ولحسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : انما صيد الحيتان أخذه (٣).

و (انما) للحصر ، فالمعتبر اصابتها باليد والآلة وإخراجها من الماء وموتها خارجه. واكتفى بعضهم بخروجها حية وموتها خارجه ، والمحرم عنده انما هو موتها في الماء ، وهو الذي ذهب اليه المصنف في النكت (٤) كمذهب النهاية (٥).

قال طاب ثراه : ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمّت خلقته ، وقيل : يشترط مع إشعاره ان لا تلجه الروح وفيه بعد. ولو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية.

أقول : أصل المسألة مستفاد من السنة المتواترة.

أمّا من طريق العامة : فما رواه أبو سعيد الخدري قال : سألنا النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فقلنا : يا رسول الله انا نذبح الناقة ، ونذبح البقرة ، أو الشاة وفي بطنها الجنين ، أنلقيه؟ أم نأكله؟ قال : كلوه إن شئتم فإن ذكاة الجنين ذكاة أمه (٦).

__________________

(١) القواعد : ج ٢ (في اللواحق) ص ١٥٥ س ١٥ قال : ولو أدركه بنظره فالأقرب التحريم. وفي التحرير ج ٢ (في الذباحة) ص ١٥٩ س ٢١ قال : وكذا ان وجده على الجدد فأخذه بيده أو آلته ، ولا يكفي مشاهدته.

(٢) الشرائع : كتاب الذباحة (السابعة) قال : ولو أدركه بنظره فيه خلاف ، أشبهه انه لا يحلّ.

(٣) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ، ص ١٠ قطعة من حديث ٣٤ ويؤيده أيضا الحديث ٢٩ و ٣٦.

(٤) النهاية ونكتها : ج ٣ ص ٨٠ ، قال : لأن المحرّم انما هو ما يموت في الماء.

(٥) تقدم ما عن النهاية فراجع.

(٦) رواه أصحاب الصحاح والسنن بطرق عديدة. وإليك شطر منها.

سنن ابن ماجه ، ج ٢ كتاب الذبائح (١٥) باب ذكاة الجنين ذكاة أمه ص ١٠٦٧ الحديث

١٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن طريق الخاصة كثير من الصحاح والحسان.

فمنه ما رواه محمّد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السّلام انه قال في الذبيحة تذبح وفي بطنها ولد : ان كان تاما فكله ، فانّ ذكاته ذكاة امه ، وان لم يكن تاما فلا تأكله (١).

فروي ذكاة الثاني بالنصب (٢) وانتصابه بنزع الخافض ، وهو الكاف (٣) فيكون تقدير الكلام : انّ ذكاة الجنين مثل ذكاة امه. فعلى هذا يفتقر إلى تذكية له بانفراده ، ولا ينتجه ذكاة الأم ، فلو خرج ميتا ، أو حيا لا يتّسع الزمان لذبحه ، أو يتعذر ذبحه لتعذر إله وغيرها ، حرم كغيره من الذبائح.

وروي ذكاة الثاني بالرفع (٤) ، وهو المشهور بين الأصحاب ، وعليه عمل المصنف (٥) والعلّامة (٦) وفخر المحققين (٧) ومعناه : أنّ ذكاة الجنين هي ذكاة امه ، فهي مبيحة ونائبة عن تذكيته ، وكافية في حله ، فلا تحتاج إلى تذكية له بانفراده ، لكن بشرطين.

__________________

٣١٩٩ وسنن الدارمي ، ج ٢ ، كتاب الأضاحي ص ٨٤ باب في ذكاة الجنين ذكاة امه. ومسند احمد بن حنبل ج ٢ ص ٣٩ س ٩ وص ٤٥ س ٢٥. وسنن أبي داود ، ج ٣ كتاب الأضاحي ، باب ما جاء في ذكاة الجنين الحديث ٢٨٢٧ و ٢٨٢٨ الى غير ذلك ممّا يظهر للمتتبع.

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (٩٦) باب الصيد والذبائح ص ٢٠٩ الحديث ٥٥.

(٢) لم أعثر عليهما بلفظ الرواية ، وفي كلمات الفقهاء هكذا ، قال في اللمعة : ج ٧ كتاب الصيد والذباحة ص ٢٤٨ ما لفظه (والصحيح رواية وفتوى : أن ذكاة الثانية مرفوعة خبرا عن الاولى) وفي العوالي : ج ٢ ص ٣٢٣ قال : فروي ذكاة الثاني بالرفع وروي بالنصب إلخ.

(٣) في النسختين المخطوطتين (وهو مثل) بدل (وهو الكاف).

(٤) لم أعثر عليهما بلفظ الرواية ، وفي كلمات الفقهاء هكذا ، قال في اللمعة : ج ٧ كتاب الصيد والذباحة ص ٢٤٨ ما لفظه (والصحيح رواية وفتوى : أن ذكاة الثانية مرفوعة خبرا عن الاولى) وفي العوالي : ج ٢ ص ٣٢٣ قال : فروي ذكاة الثاني بالرفع وروي بالنصب إلخ.

(٥) لاحظ عبارة النافع.

(٦) القواعد : ج ٢ كتاب الصيد والذباحة ص ١٥٤ س ٧ قال : وذكاة الجنين ذكاة امه ان تمت خلقته إلخ.

(٧) الإيضاح : ج ٤ ص ١٣٣ س ١٨ قال : والأقوى عندي اختيار المصنف.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

(الأول) أن تتم خلقته ، وحدّه ان تشعر أو تؤبر. وإن لم تتم خلقته وخرج ميتا فهو حرام باتفاق الكل مؤالفا ومخالفها :

(الثاني) قيل فيه أربعة أقوال.

(أ) خروجه ميتا ، قاله الشيخ في الخلاف (١) ، فلو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية ، وهو مذهب السيد (٢) وأبو علي (٣).

(ب) خروجه ميتا ، أو حيا لا يتسع الزمان لفعل التذكية نفسها ، لا باعتبار عارض من فقدان آلة ، أو تعذر مذك ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط ، في كتاب الأطعمة فإن عاش ما يتسع الزمان لذبحه ثمَّ مات قبل الذبح فهو حرام وان كان لعذر (٤).

(ج) الإقناع بتمام الخلقة. قال المفيد : جنين الحيوان حلال إذا أشعر وأوبر وذكاته ذكاة امه ولا يجوز اكله قبل ان يشعر أو يؤبر مع الاختيار (٥) وقال الحسن : ذكاته ذكاة امه ان كان تاما وإلا كان حراما (٦) فلم يشترطا سوى تمامية الخلقة.

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب الأطعمة مسألة ١٨ قال : فان كان تماما وحدّه ان يكون أشعر أو أوبر ، نظر فيه ، فان خرج ميتا حل اكله ، وان خرج حيا ثمَّ مات لم يحل أكله إلخ.

(٢) الانتصار : مسائل الصيد ص ١٩٥ س ٨ قال : مسألة. وممّا انفردت به الإمامية القول : بأن الجنين الى قوله : ان كان كاملا إلخ.

(٣) المختلف : ج ٢ ، كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٩ س ٣٨ قال : وقال ابن الجنيد : الى قوله : وكمال خلقته ان يؤبر أو يشعر إلخ.

(٤) المبسوط : ج ٦ كتاب الأطعمة ص ٢٨٢ س ١٦ قال : فان خرج ميتا فهو حلال الى قوله : وان عاش ما يتسع الزمان لذبحه إلخ.

(٥) المقنعة : باب الذبائح والأطعمة ص ٩٠ س ١١ قال : وجنين الحيوان إذا أشعر وأوبر ذكاته ذكاة امه الى قوله : مع الاختيار.

(٦) المختلف : ج ٢ كتاب الصيد وتوابعه ص ١٢٩ س ٢٧ قال : وقال ابن عقيل : إذا ذبح ذبيحة فوجد

١٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال الصدوق في المقنع : ان كان تاما فكله ، فانّ ذكاته ذكاة امه ، وان لم يكن تاما فلا تأكله ، وروى انه إذا أشعر أو أوبر فذكاته ذكاة أمه (١) هذا آخر كلام الصدوق.

وظاهره ان التمامية تحصل قبل الاشعار والايبار ، وما قدمناه من تفسير التمامية بهما ذكره الشيخ في الخلاف (٢).

وهو في صحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن الحوار (٣) تذكى أمه ، أيوكل بذكاتها؟ فقال : إذا كان تاما ونبت عليه الشعر فكل (٤).

وفي حسنة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن قول الله عز وجلّ (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) (٥) قال : الجنين في بطن امه إذا أشعر أو أوبر فذكاته ذكاة أمه ، فذلك الذي عنى الله عزّ وجلّ (٦).

(د) شرط الشيخ في النهاية (٧) وابن حمزة (٨) وابن إدريس (٩) وسلار (١٠)

__________________

في بطنها ولدا تاما إلخ.

(١) المقنع : باب الصيد والذبائح ص ١٣٩ س ١٤ قال : فان كان تاما الى قوله : فذكاته ذكاة أمه.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) الحوار ولد الناقة من حين يوضع إلى ان يفطم ويفصل فاذا فصل عن امه فهو فصيل (لسان العرب ، ج ٤ حرف الراء ص ٢٢١).

(٤) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ، ص ٥٩ الحديث ٢٤٦.

(٥) سورة المائدة / ١.

(٦) التهذيب : ج ٩ (١) باب الصيد والذكاة ص ٥٨ الحديث ٢٤٤.

(٧) النهاية : باب الذبح وكيفيته ووجوب التسمية ص ٥٨٤ س ١٩ قال : فان كان قد أشعر أو أوبر ولم تلجه الروح فذكاته ذكاة امه ، وان لم يكن تاما لم يجز اكله على حال.

(٨) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الذباحة ص ٣٦١ س ٦ قال : اما إذا أشعر ولم تلجه الروح الى قوله : تحصل ذكاة بذكاة أمه.

(٩) السرائر : باب الذبائح وكيفيته ص ٣٦٩ س ٨ قال : فان كان قد أشعر وأوبر ولم تلجه الروح فذكاته ذكاة أمه إلخ.

(١٠) المراسم : ذكر الأطعمة ص ٢١٠ س ٧ قال : فاما أجنّته ما يؤكل لحمه الى قوله : فإن أشعر أو أوبر وامه مذكاة ، فذكاته ذكاة

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والقاضي (١) في إباحته بذكاة امه مع إشعاره وايباره ان لا يلجه الروح ، ولا يحل لو اختل أحدهما ، فلو ولجته الروح ولم تتم خلقته ، لم يحلّ ، ولو تمَّ خلقته وقد ولجته الروح في جوفها لم يحل الّا بتذكيته ، سواء خرج حيا ولم يتسع الزمان لذبحه ، أو خرج ميتا فإنه يكون حراما.

قال المصنف : وهو بعيد (٢) أي اشتراط عدم الولوج مع اشتراط الاشعار والايبار بعيد أما أوّلا فلعدم النقل ، فانّ الروايات خالية من ذكر هذا الشرط.

واما ثانيا فلقضاء العادة بخلافه ، فإنّ ولوج الروح هو السابق على الاشعار والايبار ، فكيف يمكن اشتراط عدمه مع وجود أحدهما. والعلّامة (٣) وفخر المحققين (٤) تابعا المصنف في منع شرط النهاية.

__________________

أمه إذا لم تلجه الروح.

(١) المهذب : ج ٢ باب ما يحل من الذبائح وما يحرم منها ومن الميتة والبيض والجلود ص ٤٤٠ س ٢١ قال : ومن ذبح شاة أو غيرها ووجد في بطنها جنينا قد أشعر وأوبر ولم تنشش فيه الروح فذكاته ذكاة أمه.

(٢) لاحظ عبارة النافع.

(٣) القواعد : ج ٢ ، المطلب الثاني. المذبوح ص ١٥٤ س ٧ قال : وذكاة الجنين ذكاة امه ان تمت خلقته بأن أشعر أو أوبر وخرج ميتا.

(٤) الإيضاح : ج ٤ في الذباحة ص ١٣٤ س ١٨ قال بعد نقل قول العلّامة في القواعد : والأقوى عندي اختيار المصنف.

١٨٠