المهذّب البارع - ج ٤

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالثاني قال الشيخ في التهذيب (١) وتبعه القاضي (٢) وابن حمزة (٣) وهو قول الصدوق (٤) واختاره المصنف (٥).

احتج الأولون بعموم صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام : ان المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا ، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك ، ويقوّم النقض والأبواب والجذوع والقصب ، فتعطى حقها منه (٦).

ومثلها صحيحة محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال : النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئا (٧).

فإن قلت : لا يصح الاستدلال بالرواية الاولى ، والا لزم عدم إرثها من السلاح

__________________

الأرض ، ولها نصيبها من قيمة الطوب والخشب والبنيان ص ١٥٤ س ٥ قال : قال محمد بن الحسن : هذه الاخبار التي أوردناه عامة في انه ليس للمرأة إلخ.

(١) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٣٠٠ قال بعد نقل حديث ٣٥ ما لفظه : قال محمد بن الحسن : هذا الخبر محمول على انه إذا كان للمرأة ولد فإنها ترث من كل شي‌ء تركه الميت عقارا كان أو غيره إلخ.

(٢) المهذب : ج ٢ باب ميراث الأزواج والزوجات ص ١٤١ س ٤ قال : فان كان لها منه ولد دفع إليها حقها من نفس ذلك.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان ميراث الأزواج والزوجات ص ٣٩١ س ٥ قال : فان كانت الزوجة ذات ولد من زوجها المتوفى عنها لزم ميراثها من جميع تركاته.

(٤) الفقيه : ج ٤ (١٧٥) باب نوادر المواريث ص ٢٥٢ قال بعد نقل حديث ٨ قال مصنف هذا الكتاب : هذا إذا كان لها منه ولد إلخ.

(٥) الشرائع : في مسائل من أحكام الأزواج ، الخامسة إذا كان للزوجة من الميت ولد ورثت من جميع ما ترك إلخ.

(٦) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٥.

(٧) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٦.

٤٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

والدواب ، وهو خلاف الإجماع.

فاعلم ان فخر المحققين أجاب عنه : بحمل السلاح على ما يحبى به الولد الأكبر ، والدواب يحمل على انه أوقفها أو اوصى بها وخرج من الثلث ، لأن السؤال وقع في صورة خاصة ، واللام في قوله : (المرأة) للعهد ، أي راجع الى المرأة التي وقع السؤال عنها.

فان قيل : تبقى رواية وردت على صورة خاصة ، فلا تتعدى.

أجاب لا نسلّم عدم التعدي إذا لم يدل دليل على اختصاصها (١).

احتج الآخرون : بانّ ذلك جمعا بين ما تقدم وبين رواية الفضل بن عبد الملك أو ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال : سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته ، أو أرضها من التربة شيئا ، أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا ترث من ذلك شيئا؟ فقال : يرثها ، وترثه كل شي‌ء ترك وتركت (٢).

ويشهد بصريح الجمع رواية محمد بن أبي عمير عن ابن أذينة في النساء إذا كان لهنّ ولد أعطين من الرباع (٣).

(الثاني) في كميّة الحرمان وكيفيته ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) وهو المشهور بين الأصحاب والأكثر في الروايات (٤) حرمانها من نفس الأرض والقرى والمزارع والرباع ، وهي الدور والمنازل وعين الأنهار وأبنيتها وأشجارها ، وتعطى مما عدا الأرض من ذلك ، وهو قول الشيخ في النهاية (٥) وتبعه

__________________

(١) الإيضاح : ج ٤ في ميراث الأزواج ص ٢٤١ س ٩.

(٢) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٣٠٠ الحديث ٣٥.

(٣) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٣٠١ الحديث ٣٦.

(٤) لاحظ الكافي : ج ٧ كتاب المواريث ص ١٢٧ باب ان النساء لا يرثن من العقار شيئا.

(٥) النهاية : باب ميراث الأزواج ص ٦٤٢ س ١ قال : والمرأة لا ترث من زوجها من الأرضين

٤٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

القاضي (١) وهو ظاهر التقي (٢) وابن حمزة (٣) واختاره المصنف في الشرائع (٤).

(ب) حرمانها من الرباع دون البساتين والضياع ، وتعطى قيمة الآلات والابنية من الدور والمساكن ، وهو قول المفيد (٥) وابن إدريس (٦) والمصنف في النافع (٧).

(ج) حرمانها من عين الرباع ، فتعطى قيمتها ، وترث من رقبة المزارع والضياع ، وهو قول السيد المرتضى (٨) واستحسنه العلّامة في المختلف لما فيه من الجمع بين عموم القرآن وخصوص الاخبار ، قال : ثمَّ قول شيخنا المفيد جيد أيضا ، يعني حرمانها من الرباع خاصة دون المزارع ، لما فيه من تقليل التخصيص ، قال : ومع هذا كله فالفتوى على ما قاله الشيخ (٩).

__________________

والقرى والرباع إلخ.

(١) المهذب : ج ٢ باب ميراث الأزواج والزوجات ص ١٤٠ س ١٨ قال : والمرأة إذا لم يكن لها ولد من زوجها ومات عنها لم يورث من الأرضين والرباع إلخ.

(٢) الكافي : الإرث ص ٣٧٤ س ١٩ قال : ولا ترث الزوجة من رقاب الرباع والأرضين شيئا.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان ميراث الأزواج والزوجات ص ٣٩١ س ٦ قال : وان لم تكن ذات ولد منه لم يكن لها حق في الأرضين والقرى إلخ.

(٤) الشرائع : في مسائل من أحكام الأزواج (الخامسة) قال : ولو لم يكن (اي ولد) لم ترث من الأرض شيئا إلخ.

(٥) المقنعة : باب ميراث الأزواج ص ١٠٤ س ٢٢ قال : ولا ترث الزوجة شيئا مما يخلفه الزوج من الرباع ، وتعطي قيمة الخشب إلخ.

(٦) السرائر : كتاب الفرائض ص ٤٠١ س ٢٩ قال : والأول (أي عدم الإرث من الرباع) اختيار الشيخ المفيد وهو الذي يقتضيه مذهبنا.

(٧) لاحظ عبارة النافع.

(٨) الانتصار : المسائل المشتركة في الإرث ص ٣٠١ قال : الزوجة لا ترث من رباع المتوفى شيئا بل تعطى بقيمته حقها من البناء والآلات دون قيمة العراس.

(٩) المختلف : في ميراث الزوج والزوجة ص ١٨٤ س ١٧ قال : وقول السيد المرتضى حسن إلخ.

٤٠٣

(مسألتان)

(الأولى) إذا طلق واحدة من اربع وتزوج اخرى ، فاشتبهت ، كان للأخيرة ربع الثمن مع الولد ، أو ربع الربع مع عدمه ، والباقي بين الأربعة بالسوية.

(الثانية) نكاح المريض مشروط بالدخول ، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث : في الولاء ، واقسامه ثلاثة :

(القسم الأول) ولاء العتق : ويشترط التبرع بالعتق ، وان لا يتبرع من ضمان جريرته ، فلو كان واجبا كان المعتق سائبة. وكذا لو تبرأ بالعتق وتبرء من الجريرة. ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وان بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

______________________________________________________

احتج الأولون بما تقدم من الروايات.

احتج المفيد برواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ترث المرأة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا ، قلت : كيف ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا؟ فقال : ليس لها بينهم حسب ترث به ، وانما هي دخل عليهم ترث من الفرع ولا ترث من الأصل ولا يدخل عليهم داخل بسببها (١).

دلت على نفي التوريث من الرباع لا غير ، فبقي الباقي على أصله لعموم القرآن.

ولرواية مثنى عن يزيد الصائغ قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ان

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٨ الحديث ٢٧.

٤٠٤

وإذا اجتمعت الشروط : ورثه المنعم ان كان واحدا ، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم ، فللأصحاب فيه أقوال : أظهرها : انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور دون الإناث ، فان لم يكن الذكور ، فالولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فالى عصبتها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

______________________________________________________

النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا ولكن لهن قيمة الطوب والخشب ، قال : قلت : ان الناس لا يأخذون بهذا ، فقال : إذا ولينا ضربناهم بالسوط ، فان انتهوا ، والا ضربناهم بالسيف (١).

احتج السيد : بالجمع بين عموم القرآن وخصوص الروايات.

قال طاب ثراه : ولو عدم المنعم فللأصحاب فيه أقوال : أظهرها انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور دون الإناث فان لم يكن الذكور فالولاء لعصبة المنعم. ولو كان المعتق امرأة فإلى عصبتها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

أقول : المنعم المعتق سمي منعما ، ومولى النعمة. والأصل في هذا السبب قول النبيّ صلّى الله عليه وآله : الولاء لحمة كلحمة النسب (٢). ووجه المشابهة : أن الرقيق كالمعقود لنفسه الموجود لسيده ، لأنه لا يستقل بالعقود ، ولا يملك ولا يتصرف لنفسه ، وانما يتصرف لسيده ، فإذا أعتقه صار لنفسه ، وملك كل ذلك لنفسه ، فالمعتق صار سببا لوجوده الحكمي كما أن الأب سببا لوجوده الحقيقي ، وكلما يصدر عنه من صدقة أو عتق وغيره فالمولى سبب السبب فيه ، فله إنعام على المعتق. وكذا كل من أنعم العتيق عليه بهبة وغيرها ، فالمولى سبب السبب فيها.

والولاء بفتح الواو وبالكسر ، التوالي ، فالمنعم يرث العتيق إجماعا ذكرا كان أو

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٢٧) باب ميراث الأزواج ص ٢٩٩ الحديث ٢٩.

(٢) التهذيب : ج ٨ (١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٥ الحديث ١٥٩ وتمامه (لا تباع ولا توهب).

٤٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أنثى لقوله عليه السلام (الولاء لمن أعتق) (١).

فان مات المنعم فإلى من ينتقل الولاء بعده؟ قيل فيه خمسة أقوال :

(الأوّل) إلى عاقلته الذين يكون عليهم الدية لو جنى خطأ وهو قول الحسن (٢).

(الثاني) إلى أولاده الذكور ان كان رجلا ، وان كان امرأتا فالى عصبتها ، دون أولادها وان كانوا ذكورا وهو قول الشيخ في النهاية (٣) وبه قال القاضي (٤) وابن حمزة (٥).

فهنا حكمان :

(أ) ثبوته لأولاد الرجل الذكور خاصة.

ويدل عليه رواية بريد بن معاوية قال : سألت الصادق عليه السلام عن رجل ـ الى قوله ـ ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال الحديث (٦) وكان السؤال عن رجل.

(ب) اختصاصه بعصبة المرأة.

ويدل عليه صحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السلام قال : سألته

__________________

(١) التهذيب : ج ٨ (١) باب العتق واحكامه ص ٢٢٤ قطعة من حديث ٤٠.

(٢) المختلف : ج ٢ كتاب العتق ، الفصل الثاني في الولاء ص ٨٠ س ٣٩ قال : وقال ابن عقيل : الى قوله : فاذا مات مولاه فلعاقلته الذين يكون عليهم الدية إذا جنى جناية الخطإ.

(٣) النهاية : باب الولاء ص ٥٤٧ س ١٧ قال : وإذا مات المعتق ورث ولاء مواليه أولاده الذكور منهم إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب الولاء ص ٣٦٤ س ١١ قال : وإذا مات المعتق ورث ولاء مواليه أولاده الذكور دون الإناث.

(٥) الوسيلة : فصل في بيان الميراث بالولاء ص ٣٩٧ س ١٦ قال : فان مات مولاه كان ميراثه لولده الذكور دون الإناث.

(٦) التهذيب : ج ٨ (١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٤ قطعة من حديث ١٥٨.

٤٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

عن امرأة أعتقت مملوكا ثمَّ ماتت قال : يرجع الولاء إلى بني أبيها (١).

(الثالث) انتقاله إلى أولاده ذكورا وإناثا ان كان رجلا ، وان كان امرأة فلعصبتها دون أولادها ، وهو قول الشيخ في الخلاف (٢) وبعض أصحابنا.

(الرابع) انتقاله إلى الأولاد الذكور خاصة رجلا كان المنعم أو امرأتا وهو قول المفيد (٣).

(الخامس) انتقاله إلى أولاد المعتق ذكورا كانوا أو إناثا ، رجلا كان أو امرأتا ، وهو قول الصدوق (٤) محتجا بعموم قوله عليه السلام (الولاء لحمة كلحمة النسب) (٥). وقال أبو علي : النساء لا يرثن من الولاء شيئا (٦).

تذنيبان

العتيق لا يرث المنعم لو فقد الوارث ، بل يكون ميراثه للإمام ، وقال الصدوق في كتابه : يرثه المنعم عليه (٧) وبه قال أبو علي (٨).

__________________

(١) التهذيب : ج ٨ (١) باب العتق واحكامه ص ٢٥٤ الحديث ١٥٥.

(٢) كتاب الخلاف : كتاب الفرائض مسألة ٨٦ قال : المعتق إذا كان امرأتا فولاء مولاها لعصبتها دون أولادها.

(٣) المقنعة : باب ميراث الموالي وذوي الأرحام ص ١٠٦ س ٣ قال : وان مات المعتق قبل المعتق ثمَّ مات المعتق بعده ولم يترك ولدا ولا ذا قرابة كان ميراثه لولد مولاه الذي أعتقه.

(٤) الفقيه : ج ٤ (١٥١) باب ميراث الموالي ص ٢٢٤ س ١٣ قال : فان ترك بنى وبنات مولاه المنعم الى قوله : فالمال لبني وبنات مولاه.

(٥) تقدم.

(٦) المختلف : ج ٢ في أحكام الولاء ص ٨٠ س ٣٩ قال : وقال ابن الجنيد : النساء لا يرثن من الولاء شيئا.

(٧) الفقيه : ج ٤ (١٥١) باب ميراث الموالي ص ٢٢٤ س ١١ قال : إذا ترك الرجل مولى منعما أو منعما عليه الى قوله : فالمال له.

(٨) المختلف : ج ٢ في أحكام الولاء ص ٨٢ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد : والمولى الأسفل يرث الذي عتقه إلخ.

٤٠٧

ولا يصح بيعه ولا هبته. ويصح جره من مولى الأم إلى مولى الأب إذا كان الأولاد مولودين على الحرية.

______________________________________________________

الولاء يورث به إجماعا ، وهل يورث؟ قال أبو علي : لا (١) ، ومثله قول الشيخ في الإيجاز (٢) واختاره العلّامة (٣) لقوله عليه السلام : الولاء لحمة كلحمة النسب ، والنسب لا يورث ، بل يورث به ، ولأنه يفيد العصوبة كالنسب فلا يكون موروثا ، لقوله عليه السلام : انما الولاء لمن أعتق ، وهي للحصر ولم يعتق الوارث ، ولأن سببه إنعام السيد على العبد وهذا الانعام لا ينتقل ، فيستحيل انتقال الولاء ، لعدم انتقال الانعام عليه.

وقال بعض أصحابنا : نعم لأنه من الحقوق المتروكة ، فكان داخلا تحت عموم آية الإرث.

ورد بمنع كلية الكبرى ، لأنا نمنع كون كل حق قابلا للنقل ، والا لصح بيعه.

وتظهر الفائدة في مسائل :

(أ) لو مات المنعم عن ذكرين ، ثمَّ مات أحدهما عن ولد ، ثمَّ مات العبد ، فعلى الأول يرثه ابن المنعم وحده دون ابن أخيه لأنا نعتبر أقرب الورثة إلى المنعم عند موت المعتق ، وعلى الثاني يرثه ابن الميت وعمه ، حتى لو كان ابن ابن ابن شارك عم أبيه وأخذ كل منهما النصف ، لأنه حق ورث عن المنعم ، فلما كان له ابنان انقسم الولاء بينهما ويصير مال كل منهما الى ورثته ويورث عنه وهكذا وان تنازلوا.

(ب) لو مات المنعم عن ابن وابن ابن آخر ، ثمَّ مات الابن وترك ابنا ، ثمَّ مات العبد ، فعلى الأول هو بينهما لتساويهما في الدرجة ، وعلى الثاني تركة العبد لابن

__________________

(١) المختلف : ج ٢ في أحكام الولاء ص ٨٢ س ٣٣ قال : مسألة في عبارات بعض أصحابنا ان الولاء موروث كالمال ونص ابن الجنيد على خلافه.

(٢) الإيجاز : في ضمن رسائل العشر ، فصل في ذكر الولاء ص ٢٧٨ س ٤ قال : والولاء لا يورث إلخ.

(٣) المختلف : ج ٢ في أحكام الولاء ص ٨٢ س ٣٧ قال : والأقرب عندي ان الولاء غير موروث إلخ.

٤٠٨

(القسم الثاني) ولاء تضمن الجريرة : ومن توالى إنسانا يضمن حدثه ويكون ولائه له ، ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن ، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات ، أو من لا وارث له ، ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق ، ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الا على وما بقي له ، وهو اولى من بيت مال الامام.

(القسم الثالث) ولاء الإمامة : ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة ، فإنها تشاركه على الأصح (١). ومع وجوده عليه السلام فالمال له يصنع به ما شاء. وكان علي عليه السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا. ومع غيبته يقسم في الفقراء ، ولا يعطى الجائر إلا مع الخوف.

______________________________________________________

الابن الذي كان حيا عند موت المنعم لانتقاله إلى أبيه ثمَّ اليه بعده.

(ج) لو مات المنعم عن ابنين ، ثمَّ ماتا وترك أحدهما عشر بنين والآخر ابنا واحدا ثمَّ مات العبد ، فعلى الثاني للعشرة النصف ، وللآخر وحده النصف الباقي ، لأن أب العشرة ورث نصف الولاء فانتقل بموته إليهم ، وأب الواحد ورث نصفه وانتقل الى ابنه بعده ، وعلى الأول قيل فيه قولان : أصحهما مساواة الأول ، لأن كل واحد من أولاد الأولاد يرث نصيب من يتقرب به على ما تقدم ، ويحتمل التساوي ، لتساويهم في الدرجة ، أو لأن أولاد الأولاد كالأولاد للصلب ، فهذا الاحتمال مبني على هذا القول.

قال طاب ثراه : ولا يرث الا مع فقد كل وارث عدا الزوجة ، فإنها تشاركه على الأصح.

أقول : تقدم البحث في هذه المسألة.

قال طاب ثراه : وكان علي عليه السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا (١) ، ومع غيبته

__________________

(١) أورده في المقنعة ص ١٠٨ س ٧ قال : وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يعطي تركة

٤٠٩

واما اللواحق فأربعة

الأول : في ميراث ابن الملاعنة : ميراثه لامه وولده ، للام السدس والباقي للولد ، ولو انفردت ، كان لها الثلث والباقي بالردّ. ولو انفردت الأولاد ، فللواحد النصف ، وللاثنين فصاعدا الثلثان ، وللذكران المال بالسوية ، وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللأنثى سهم. ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الا على مع عدم الولد وان نزل ، والأدنى معهم. ولو عدم الولد يرثه من تقرب بامه الأقرب فالأقرب الذكر والأنثى سواء. ومع عدم الوارث يرثه الامام. ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الأظهر ، (١) ولا يرث أباه ، ولا من يتقرب به ولا يرثونه. ولو اعترف به الأب لحق به ،

______________________________________________________

يقسم في الفقراء ، ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

أقول : ميراث من لا وارث له لإمام المسلمين ، كما عليه عقله فشابه اولي الأرحام ، والمعتق ، فمع وجوده (ع) يختص به ، ولا حق لأرباب الخمس فيه ، ولا لبيت مال المسلمين ، ومع غيبته تصرف في الفقراء من المؤمنين ، وليس على حدّ مال الامام الواجب له من الخمس ، ولو كان ذلك من الأراضي كان كالأنفال وللحاكم دفعه الى الفقراء فتختص به من دفع اليه.

قال طاب ثراه : ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الأظهر.

أقول : ذهب الشيخ في الاستبصار الى ان ولد الملاعنة لا يرث أخواله ، بل يرثونه

__________________

من لا وارث له من قريب ولا نسيب ولا مولى ، فقراء أهل بلده وضعفاء جيرانه وخلطائه تبرعا عليهم بما يستحقه من ذلك ، واستصلاحا لرعيته حسب ما كان يراه في الحال من صواب الرأي لأنه من الأنفال كما قدمناه في ذكر ما يستحقه الامام من الأموال ، وله إنفاقه فيما شاء ووضعه حيث شاء ، ولا اعتراض للأمة عليه في ذلك بحال.

٤١٠

وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ، ولا عبرة بنسب الأب. فلو ترك إخوة لأب وأم مع أخ أو أخت لأم كانوا سواء في المال. وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

______________________________________________________

الا ان يعترف به الأب ، لأن ذلك يبعد التهمة عن المرأة ، ويقوّي صحة نسبه (١).

ولما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام ، في حديث طويل ، الى ان قال : واما الولد فإني أرده إليه إذا ادعاه ولا ادع ولده ، وليس له ميراث ، ويرث الابن الأب ، ولا يرث الأب الابن يكون ميراثه لأخواله ، فان لم يدعه أبوه فإنّ أخواله يرثونه ولا يرثهم (٢) وذهب في التهذيب إلى أنه يرثهم (٣) ، وهو اختيار الأكثر (٤) وبه قال ابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧) لان نسبه من الام ثابت فيهم (٨)

ولما رواه زيد الشحام عن الصادق عليه السلام قال : وهو يرث أخواله (٩).

__________________

(١) الاستبصار : ج ٤ (١٠٤) باب ان ولد الملاعنة يرث أخواله ويرثونه ص ١٨١ ذيل حديث ٨ قال : لان عند ذلك تبعد التهمة عن المرأة إلخ.

(٢) الاستبصار : ج ٤ (١٠٤) باب ان ولد الملاعنة يرث أخواله ويرثونه ص ١٨١ الحديث ٨.

(٣) التهذيب : ج ٩ (٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤١ س ١٠ قال : غير ان العمل على ثبوت الموارثة بينهم أحوط واولى.

(٤) قال في الإيضاح : ج ٤ ص ٢٤٦ الأصح عند المصنف ان ولد الملاعنة يرث امه ومن يتقرب بها وهو المشهور عند علمائنا إلخ.

(٥) السرائر : كتاب المواريث ص ٤٠٦ س ٧ في الهامش قال : والصحيح انه يرث أخواله وترثه أخواله.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) المختلف : ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩٢ س ٣٠ قال : والوجه ما قاله الشيخ في التهذيب وهو اختيار الأكثر.

(٨) في گل : (ثابت فهم كالاخوة).

(٩) التهذيب : ج ٩ (٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٠ الحديث ٩.

٤١١

.................................................................................................

______________________________________________________

تذنيب

المشهور ان ميراث ولد الملاعنة لأمه الثلث بالتسمية ، والباقي بالرد ، وهو اختيار الشيخ في النهاية (١) وبه قال المفيد (٢) والقاضي (٣) والتقي (٤) والحسن (٥) والصدوقان في الرسالة (٦) والمقنع (٧) وابن إدريس (٨) والمصنف (٩) والعلّامة (١٠).

وقال أبو علي : لامه الثلث والباقي لبيت مال المسلمين (١١) وقال الصدوق في المقنع (١٢) : لبيت مال الإمام لأن جنايته عليه إذا كان ظاهرا ، وان كان مستورا

__________________

(١) النهاية : باب ميراثه ولد الملاعنة ص ٦٧٩ س ٩ قال : فميراثه لامه إذا كانت حية.

(٢) المقنعة : باب ميراث ابن الملاعنة ص ١٠٦ س ٢٠ قال : وكان جميع تركته لأمه.

(٣) المهذب : ج ٢ باب ميراث ولد الملاعنة ص ١٦٤ س ٦ قال : وترثه امه. وقال أيضا في كتاب اللعان والارتداد ص ٣٠٨ س ٦ ويكون ميراث الابن لامه.

(٤) الكافي : الإرث ص ٣٧٥ س ١٥ قال : ولا يرثه الأب وترثه امه.

(٥) المختلف : ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩١ س ٣٢ قال : فجعل الشيخ ميراث ابن الملاعنة لأمه خاصة وهو قول ابن أبي عقيل والصدوق في المقنع وأبوه في الرسالة.

(٦) المختلف : ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩١ س ٣٢ قال : فجعل الشيخ ميراث ابن الملاعنة لأمه خاصة وهو قول ابن أبي عقيل والصدوق في المقنع وأبوه في الرسالة.

(٧) المقنع : باب المواريث ص ١٧٧ س ١١ قال : وإذا ترك ابن الملاعنة امه وأخواله فميراثه كله لامه.

(٨) السرائر : باب اللعان والارتداد ص ٣٣١ س ٨ قال : ويكون ميراث الولد لامه ، وقال أيضا في كتاب المواريث ص ٤٠٥ س ٣٣ وميراث ولد الملاعنة لأمه.

(٩) لاحظ عبارة النافع.

(١٠) المختلف : ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ١٩٢ س ٢ قال : والمعتمد ما قاله الشيخ.

(١١) المختلف : ج ٢ في ميراث ولد الملاعنة ص ٢٩١ س ٣٤ قال : قال ابن الجنيد : الى قوله : والباقي لبيت مال المسلمين.

(١٢) هكذا في النسخ المخطوطة التي عندنا ، والظاهر انه سهو من النساخ إذ لم نظفر عليه في المقنع ، نعم انه موجود في الفقيه نصا كما يأتي.

٤١٢

(خاتمة)

تشتمل على مسائل :

(الأولى) ولد الزنا لا ترثه امه ولا غيرها من الأنساب ، ويرثه ولده وان نزل ، والزوج أو الزوجة ، ولو لم يكن أحدهم فميراثه للإمام. وقيل : ترثه امه كابن الملاعنة.

______________________________________________________

فلأمه الكل (١).

تنبيه

وإذا أقر الأب به بعد اللعان ورث أباه ، وهل يرث أقارب أبيه؟ قال الأكثر : لا ، وهو اختيار الشيخ (٢) لاختصاص حكم الإقرار بالمقر ، فلا يتعدى المقر إلا شهادة ، وهي لا تسمع هنا من واحد ، وقال ابنه مفيد الدين : وقواه ابن إدريس ، نعم (٣) (٤) لأن الإقرار كالبينة الموجبة لثبوت النسب ، فيرثهم ، وتوقف العلّامة (٥)

قال طاب ثراه : وقيل : ترثه امه كابن الملاعنة.

__________________

(١) الفقيه : ج ٤ (١٦٤) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٢٣٦ س ٤ قال : قال مصنف هذا الكتاب : الى قوله : والباقي لإمام المسلمين.

(٢) الإيجاز : في ضمن الرسائل العشر ص ٢٧٥ في ذكر ميراث ولد الملاعنة س ٥ قال : ولا يرث الولد من يتقرب بالأب على حال.

(٣) لم أظفر على قول مفيد الدين.

(٤) السرائر : كتاب المواريث ص ٤٠٥ س ٣٦ قال : وهذا هو الأقوى عندي إلى قوله : لأن الإقرار بمنزلة البينة بل أقوى.

(٥) القواعد : ج ٢ (المقصد الثالث في اللواحق) ص ١٨١ س ١ قال : وهل يرث أقارب الأب مع اعترافه؟ إشكال.

٤١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : ولد الزنا لا يرثه أبوه إجماعا ، وهل ترثه امه كابن الملاعنة أو لا؟ بالأول قال التقي (١) وأبو علي (٢).

وبالثاني قال الشيخ في النهاية (٣) والقاضي (٤) وابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلّامة (٨).

احتج الأولون : بما رواه يونس قال : ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل امه على نحو ميراث ابن الملاعنة (٩).

وهي مقطوعة.

وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عن الباقر عليهما السلام ان عليّا عليه السلام كان يقول : ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه امه وإخوته لأمه ، أو عصبتها (١٠).

__________________

(١) الكافي : الإرث ص ٣٧٧ س ٢٠ قال : وولد الزنا يرث امه ومن يتعلق بنسبها ويرثونه.

(٢) المختلف : ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٩٢ س ٣٩ قال : وقال ابن الجنيد : الى قوله : وميراثه لامه كولد الملاعنة.

(٣) النهاية : باب ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا ص ٦٨١ س ٢ قال : واما ولد الزنا فإنه لا يرثه أحد إلا ولده أو زوجه إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب ميراث ولد الزنا ص ١٦٥ س ٥ قال : والأقوى عندي هو الأول : وهو ان ولد الزنا لا يرث أباه ولا امه ولا يرثه أبوه ولا امه.

(٥) الوسيلة : فصل في بيان ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى ص ٤٠٣ س ٣ قال : واما ولد الزنى لا يرث أحدا ولا يرثه أحد ، إلا.

(٦) السرائر : كتاب الفرائض ص ٤٠٦ س ١١ قال : وولد الزنا لا يرث ، لا بمن خلق من نطفته ولا من ولدته ، ولا يرثونه على حال.

(٧) لاحظ عبارة النافع.

(٨) المختلف : ج ٢ كتاب الفرائض ص ١٩٣ س ٥ قال : والمعتمد ما قاله الشيخ.

(٩) التهذيب : ج ٩ (٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٤ الحديث ٢٢.

(١٠) التهذيب : ج ٩ (٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٥ الحديث ٢٣.

٤١٤

(الثانية) الحمل يرث ان سقط حيا ، وتعتبر حركة الأحياء كالاستهلال والحركات الارادية ، دون التقلص.

(الثالثة) قال الشيخ : يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا ، ولو كان ذو فرض أعطوه النصيب الأدنى.

(الرابعة) يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما ، أو بالأب.

______________________________________________________

وتأوله الشيخ : بأنه يجوز ان يكون قد سمع الراوي هذا الحكم في ولد الملاعنة ، فظن ان حكم ولد الزنا حكمه (١) وهي متروكة.

احتج الآخرون : بان النسب الشرعي منتف ، فليس بولد حقيقة ، فلا يدخل في العموم.

ولصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السّلام قلت : فإنّه مات (يشير الى ولد الزنا) وله مال من يرثه؟ قال : الامام (٢).

فرع

وإذ قد عرفت : ان نسبه منقطع بالنسبة إلى أبويه فلا يرثهما ولا يرثانه ، فاعلم ان الوارث له ولده وزوجه وزوجته ، فلا يتكرر الزنا ، فولد ولد الزنا ، ولد رشدة إجماعا لا يلحقه حكم ولد الزنا ، فيقبل شهادته ، ويصح إمامته في الصلاة ، وحكمه ، ويسرى إرثه إلى أبويه وينعكس منهما اليه.

قال طاب ثراه : قال الشيخ يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا ، ولو كان ذو فرض أعطوه النصيب الأدنى.

أقول : هذا هو المشهور بين الأصحاب ولا أعلم فيه خلافا ، وأضاف القول الى

__________________

(١) لاحظ ذيل حديث ٢٣ الذي قدمناه آنفا.

(٢) التهذيب : ج ٩ (٣٣) باب ميراث ابن الملاعنة ص ٣٤٣ قطعة من حديث ١٨.

٤١٥

(الخامسة) إذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة) المفقود يتربص بماله. وفي قدر التربص روايات (١) : اربع سنين ، وفي سندها ضعف ، وعشر سنين ، وهي في حكم خاص ، وفي ثالثة يقتسمه الورثة إذا كانوا ملأ ، وفيها ضعف أيضا ، وقال في الخلاف : حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها ، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهونة.

______________________________________________________

الشيخ لخلوه عن خبر ناطق به (١).

قال طاب ثراه : المفقود يتربص بماله ، وفي قدر التربص روايات إلخ.

أقول : المستحق للإرث قد يعرض له الحرمان بعروض الشك في نسبه كابن الملاعنة ، أو سببه كالغرقى والمهدوم عليهم ، أو في حياته وموته. والمقصود بالبحث هنا القسم الأخير كالغائب غيبة منقطعة ، أي لا يعرف له فيها خبر موت ولا حياة ، ويسمى المفقود ، وكذا يقع الشك في توريث الغير منه.

فالبحث هنا يقع في مقامين :

(المقام الأول) في توريث الغير منه.

وفيه أربعة أقوال :

(أ) يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين وتقسم بعدها بين ورثته.

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب الفرائض مسألة ١٢٥ قال : إذا مات ميت وخلف ورثة وامرأة حاملا ، فإنه يوقف ميراث ابنين ويقسم الباقي. وفي المبسوط : ج ٤ فصل في ميراث الحمل والأسير والمفقود ص ١٢٤ س ٢٣ قال : وقال محمد بن الحسن : يدفع الى هذا الابن (اي فما كان للميت ابن حاضر) ثلث المال ، لأن أكثر ما جرت به العادة ان تلد المرأة توأمين ، فيكون ثلثه ، وهذا الذي يقوى في نفسي إلخ.

٤١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو مذهب الصدوق (١) والسيد (٢).

لرواية إسحاق بن عمار قال : قال أبو الحسن عليه السلام : في المفقود يتربص بماله اربع سنين ثمَّ يقسم (٣).

(ب) النظرة في ميراث من فقد في عسكر وقد شهدت هزيمته ، وقيل : من كان فيه ، أو أكثرهم أربع سنين. وفيمن لا يعرف مكانه في غيبته ولا خبر له عشر سنين. والمأسور في يد العدو يوقف حاله ما جاء خبره ، ثمَّ الى عشر سنين ، وهو قول أبي علي (٤).

(ج) إذا كان الورثة ملأ اقتسموه وهم ضامنون له ان عرف خبره بعد ذلك ، ولا بأس ان يبتاع الإنسان عقار المفقود بعد عشر سنين ، وهو قول المفيد : وعبارته : إذا مات إنسان وله ولد مفقود لا يعرف له موت من حياة عزل ميراثه حتى يعرف خبره. وان تطاولت المدة في ذلك وكان للميت ورثة سوى الولد ملأ بحقه لم يكن بأس باقتسامه ، وهم ضامنون له ان عرف للولد خبر بعد ذلك. ولا بأس ان يبتاع الإنسان عقار المفقود بعد عشر سنين من غيبته وانقطاع خبره ويكون البائع ضامنا للحي (٥).

فقد اشتمل هذا الكلام على حكمين :

__________________

(١) الفقيه : ج ٤ (١٦٨) باب ميراث المفقود ص ٢٤٠ قال بعد نقل حديث ١ : قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله يعني بعد ان لا يعرف حياته من موته إلخ.

(٢) الانتصار : المسائل المشتركة في الإرث ص ٣٠٧ قال : مسألة ، المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين إلخ.

(٣) الفقيه : ج ٤ (١٦٨) باب ميراث المفقود ص ٢٤٠ الحديث ١.

(٤) المختلف : ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٨ قال : وقال ابن الجنيد : والنظر في ميراث من فقد في عسكر إلخ.

(٥) المقنعة : باب ميراث من لا وارث له من العصبة ص ١٠٨ س ١٠ قال : إذا مات إنسان إلخ.

٤١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) جواز قسمة ما حصل له من الميراث من غير تربص مع الملاء.

(ب) جواز ابتياع العقار بعد العشر ، ومفهومه عدم الجواز قبل ذلك.

(ج) لا يقسم حتى يعلم موته ، اما بقيام البينة ، أو بمضي مدة لا يمكن ان يعيش مثله إليها علما عاديا وهو قول الشيخ في الكتابين (١) (٢) واختاره القاضي (٣) وابن حمزة (٤) وابن إدريس (٥) والمصنف (٦) والعلّامة (٧) وفخر المحققين (٨).

احتج السيد ومن تابعه : بأن الزوجة تعتد للوفاة بعد مضي اربع سنين ، وعصمة الفروج أشد في نظر الشرع من عصمة الأموال ، وانما تصح العدة مع حكم الشرع بموته (٩).

ولرواية إسحاق المتقدمة (١٠).

__________________

(١) كتاب الخلاف : كتاب الفرائض مسألة ١٣٦.

(٢) المبسوط : ج ٤ فصل في ميراث الحمل والأسير والمفقود ص ١٢٥ س ١٥ قال : والمفقود لا يقسم ماله إلخ.

(٣) المهذب : ج ٢ باب ميراث الحميل والأسير والمفقود ص ١٦٦ س ١٧ قال : واما المفقود فإنه لا يقسم ماله إلخ.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان ميراث الأسير والحميل والمفقود ص ٤٠٠ س ١٣ قال : واما المفقود : فهو من غاب عن وطنه إلخ.

(٥) السرائر : كتاب المواريث ص ٤١١ س ٣٦ قال : وقال قوم : لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته أو يمضي مدة لا يعيش مثله إليها إلى قوله : وهذا الأخير هو الذي يقوى في نفسي واعمل عليه وافتى به.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

(٧) المختلف : ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ١٨ فبعد نقل الأقوال قال : والمعتمد ما قاله الشيخ.

(٨) الإيضاح : ج ٤ في فروع موانع الإرث ص ٢٠٧ س ٣ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف : وهو الأصح عندي.

(٩) المختلف : ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٢٢ قال : احتج الآخرون : بأن الزوجة تعتد للوفاة الى آخره ولم يصرح بان هذا الاحتجاج من السيد ، فلاحظ.

(١٠) تقدم آنفا.

٤١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثلها رواية عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، فإن لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة (١) وسماعة واقفي وإليها أشار المصنف بقوله : وفي سندها ضعف (٢) قال العلّامة : وهذا القول لا بأس به مع طلبه في البلاد ، كما في الاعتداد (٣).

احتج أبو علي برواية علي بن مهزيار قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وبنت ، فغاب الابن في البحر وماتت المرأة ، فادعت ابنتها ان أمها كانت صيرت هذه الدار لها ، وباعت أشقاصها منها ، وبقيت في الدار قطعة الى جنب دار لرجل من أصحابنا ، وهو يكره ان يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أن لا يحل له شرائها ، وليس يعرف للابن خبر ، فقال لي : ومنذ كم غابت؟ فقلت : منذ سنين كثيرة ، فقال : ينتظر به غيبته عشر سنين ، ثمَّ يشترى (٤).

وهذه كما تراها واقعة في حكم خاص ، فلا تعدى ، لاحتمال اطلاعه عليه السلام في هذه الواقعة على ما أوجب هذا الحكم فيها ، وإليها أشار المصنف بقوله : وهي في حكم خاص.

وهي حجة المفيد على الحكم الثاني من فتواه.

وحجته على الحكم الأول رواية إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل كان له ولد ، فغاب بعض ولده ولم يدر أين هو ، ومات

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٨٨ الحديث ٣.

(٢) لاحظ ما قاله في النافع.

(٣) المختلف : ج ٢ في ميراث الغائب ص ١٩٧ س ٢٤ قال : وهذا القول لا بأس به إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٩ (٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٩٠ الحديث ٨ وتمام الحديث (فقلت : فان انتظر بها غيبة عشر سنين ، يحل شرائها؟ قال : نعم).

٤١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الرجل ، فأي شي‌ء يصنع بميراث الرجل الغائب من أبيه؟ قال : يعزل حتى يجي‌ء ، قلت : فعلى ماله زكاة؟ قال : لا حتى يجي‌ء ، قلت : فاذا جاء يزكيه؟ قال : لا حتى يحول عليه الحول في يده ، قلت : فقد الرجل فلم يجئ؟ قال : ان كان ورثة الرجل ملاءا بماله اقتسموه بينهم ، فاذا جاء ردوه عليه (١).

وفي طريقها سماعة ، وهو واقفي ، وفي إسحاق قول (٢) فمن ثمَّ قال المصنف : وفيها ضعف (٣).

احتج الآخرون بوجوه :

(أ) أصالة بقاء الحياة ، فيستصحب الى ان يعلم المزيل.

(ب) الأصل عصمة مال المسلم حتى يثبت السبب الموجب لنقله.

(ج) رواية معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام في رجل كان له على رجل حق ففقده ، ولا يدري اين يطلبه ، ولا يدري أحي هو أم ميت ، ولا يعرف له وارثا ، ولا نسبا له ولا بلدا؟ قال : اطلب ، قال : ان ذلك قد طال ، فأتصدق به؟

قال : اطلبه (٤).

وفي معناها رواية الهيثم (٥).

قال المصنف : وهو أولى في الاحتياط (٦) لأن في التصرف تغرير بالمال ، لجواز

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ (٤٥) باب ميراث المفقود ص ٣٨٨ الحديث ٢.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (الحسن بن محمد بن سماعة ، عن علي بن رباط وعبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار).

(٣) لاحظ عبارة النافع.

(٤) التهذيب : ج ٩ (٤٥) باب ميراث المفقود ص (٣٨٩) الحديث ٥.

(٥) التهذيب : ج ٩ (٤٥) باب ميراث المفقود ص (٣٨٩) الحديث ٧.

(٦) لاحظ عبارة النافع.

٤٢٠