غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ١

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ١

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: عباس تبريزيان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-182-7
الصفحات: ٥٨٤

الأشهر (١) الأقوى. وأوجبه الصدوق إذا كان من البول (٢) ، لرواية سليمان بن خالد وغيرها (٣). وهي معارضة بأخبار كثيرة صحيحة وغيرها (٤) ، فيحمل على الاستحباب.

ومنها : الرعاف والقي‌ء والتخليل المُخرج للدم إذا كرهها الطبع ، والخارج من الذَّكَر بعد الاستبراء من المذي والودي والوذي ، والزيادة على أربعة أبيات شعر باطل ، والقهقهة في الصلاة عمداً ، والتقبيل بشهوة ، ومسّ الفرج ، ومصافحة المجوس ، كما وردت في الروايات (٥) ، لكن يظهر من الأخبار في بعضها أنّه مذهب مغيرة بن سعيد لعنه الله ، وفي بعضها أنّه من باب التقيّة.

نعم لا يبعد القول بالاستحباب في المذي إذا كان من شهوة ، بل احتماله أيضاً يكفي في الباقي.

ومنها : الوضوء عند الدخول بالزوجة لهما معاً ، ولم نقف على نصّ فيه. وصحيحة أبي بصير ظاهرها استحباب الوضوء لصلاة الزفاف (٦). وتكفي الشهرة ، بل الأقلّ.

وفي نزهة الناظر : الوضوء إذا قدم من سفر قبل الدخول على أهله ، لما رواه الصدوق في المقنع (٧).

ومنها : كتابة القرآن ، وقد مرّت الإشارة إلى دليله.

__________________

(١) في «ز» زيادة : على.

(٢) المقنع : ٤.

(٣) التهذيب ١ : ٤٩ ح ١٤٢ ، الاستبصار ١ : ٥٤ ح ١٥٨ ، الوسائل ١ : ٢٠٩ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٩. وفيها : في الرجل يتوضّأ فينسى غسل ذكره قال : يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء.

(٤) الوسائل ١ : ٢٠٨ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨.

(٥) انظر الوسائل ١ : ١٨٤ أبواب الوضوء ب ٦ ٩.

(٦) الكافي ٥ : ٥٠٠ ح ١ ، الوسائل ١٤ : ٨١ أبواب مقدّمات النكاح ب ٥٥ ح ١.

(٧) نزهة الناظر : ١٠.

١٠١

ومنها : وضوء الحاكم إذا جلس للقضاء كما سيجي‌ء.

وقد ذكروا أكثر من ذلك أيضاً ، وبعد ما عرفت المسامحة في أدلّة السنن ، فتكفي فتوى الفقيه في ذلك ، والله الموفق.

١٠٢

المقصد الثاني

في أحكام التخلّي وآدابه

وفيه مباحث :

الأوّل : يجب أن يَجلس بحيث لا يَرى عورته من يَحرُم عليه النظر إليها كما يجب أصل السترِ عنه مطلقاً ، للإجماع ، والأخبار الدالّة على وجوب الإزار على من دخل الحمّام (١) ، والمفسّرة لآية (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (٢) بذلك ؛ الحاصرة معناه فيه ، والدالّة على حُرمة النظر إلى عورة المؤمن ؛ الدالّة على ما نحنُ فيه من جهة كونه إعانة على الحرام (٣).

وما ورد فيها من أنّ المراد : إن رآه وعيّبه وكشف قبائحه (٤) ، فلا ينافي ما ذكرنا ، سيّما ما ورد فيه ذكر لزوم الإزار معلّلاً بأنّ عورة المؤمن على المؤمن حرام.

والعورة : هو القُبُل والدبُر والأُنثيان على الأشهر الأظهر ، اقتصاراً على موضعِ

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٦٧ أبواب آداب الحمام ب ٩.

(٢) النور : ٣١.

(٣) الوسائل ١ : ٢١١ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ٣ ٥.

(٤) الوسائل ١ : ٣٦٦ أبواب آداب الحمام ب ٨.

١٠٣

الوفاق ، والأصل عدم الزائد ، والنصوص أيضاً دالّة عليه ، منها : «أنّ العورة عورتان : القُبُل والدبُر ، والدبُر مستور بالأليين ، فإذا سترتَ القضيب والبيضتين فقد سترت العورة» (١).

وقيل : من السرّة إلى الركبة (٢) ، لرواية بشير النبّال (٣) ، وهي ضعيفة محمولة على الاستحباب.

وقيل : إلى نصف الساق (٤) ، ولا يحضرني دليله.

والمشهور حُرمة استقبال القبلة واستدبارها بالبدن ، فلا يجدي انحراف العورة عن القبلة في نفي ذلك كما ظنّ ، لأنّ الأوّل هو الظاهر من الأخبار.

والحكم مطّرد حال الاستنجاء ، لعموم الأخبار (٥) ، وخصوص رواية عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام : «الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال : كما يقعد للغائط» (٦) ويستفاد منها مساواته في سائر الأحكام أيضاً.

والدليل على أصل الحكم : الأخبار المستفيضة ، وضعفها منجبر بالشهرة ، مع أنّ مرسلة ابن أبي عمير كالصحيحة (٧) ، لأنّه لا يروي إلّا عن ثقة ، وأجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، فلا يضرّ احتمال كون الإرسال عن المروي عنه.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠١ ح ٢٦ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ ح ١١٥١ ، الوسائل ١ : ٣٦٥ أبواب آداب الحمام ب ٤ ح ٢.

(٢) المهذب ١ : ٨٣.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠١ ح ٢٢ ، الوسائل ١ : ٣٦٥ أبواب آداب الحمام ب ٥ ح ١. وهي ضعيفة لاشتمال سندها على عدّة من الضعفاء والمجاهيل ، كسهل بن زياد ، وعثمان بن عفان السدوسي ، وإسماعيل بن يسار ، بالإضافة إلى عدم توثيق راويها.

(٤) الكافي في الفقه : ١٣٩.

(٥) الوسائل ١ : ٢١٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢. وفي بعضها : إذا دخلت الغائط أو المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها.

(٦) الكافي ٣ : ١٨ ح ١١ ، التهذيب ١ : ٣٥٥ ح ١٠٦١ ، الوسائل ١ : ٢٥٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٧ ح ٢.

(٧) الفقيه ١ : ١٨ ح ٤٧ ، التهذيب ١ : ٣٣ ح ٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٧ ح ١٣١ ، الوسائل ١ : ٢١٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٢ ح ٦.

١٠٤

ولا يضرّ اشتمال بعضها على ذكر المستحبات أيضاً ، لأنّ الأصل إنّما يخرج عنه بالدليل.

وقيل بتخصيص التحريم بالصّحاري (١) ، وقيل باستحباب تركه في الصحاري فقط (٢) ، ولا دليل لهما يعتدّ به.

وذهب بعض متأخّري المتأخّرين إلى الكراهة مطلقاً ، تضعيفاً لأخبار المنع (٣). وقد عرفت ، وفي بعضها الأمر بالتّشريق أو التغريب ، ولعلّه للإرشاد أو للاستحباب.

الثاني : يجب غسل مخرَج البول بالماء بالإجماع ، والصحاح المستفيضة الدالة على وجوب غسل الذَّكَر (٤) ؛ الظاهر في الماء ، والمصرّحة بعدم إجزاء غير الماء (٥).

وذهب الفاضلان إلى لزوم استعمال الحجر ونحوه (٦) لو لم يتمكن من استعمال الماء ، لأنّ المكلّف به هو إزالة العين والأثر ، فإذا (٧) تعذّرت إزالتهما لم تسقط إزالة العين (٨).

وفيه منع ، لأنّ التكليف إنّما هو بالماء ، وإجراء مثل قولهم عليهم‌السلام : «ما لا يُدرك كلّه لا يُترك كلّه» (٩) و «الميسور لا يسقط بالمعسور» (١٠) والاستصحاب في الأجزاء العقليّة غير واضح المأخذ.

__________________

(١) المراسم : ٣٢.

(٢) المقنعة : ٤١.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ١٥٨.

(٤) الوسائل ١ : ٢٢٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ، ٣١.

(٥) التهذيب ١ : ٥٠ ح ١٤٧ ، الاستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٦ ، الوسائل ١ : ٢٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ٦.

(٦) في «ز» : الحجر وغيره.

(٧) في «ز» : إذا.

(٨) المحقّق في المعتبر ١ : ١٢٦ ، والفاضل في المنتهي ١ : ٢٦٣.

(٩) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨.

(١٠) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨.

١٠٥

والأظهر الاكتفاء بما يصدق عليه الغسل مع إزالة العين ، وفاقاً لجماعة من أصحابنا (١) ، لإطلاق الصحاح المستفيضة وغيرها ، حيث أمَرَ فيها بالغسل والصبّ.

والأكثر على أنّ أقلّ ما يجزئ : هو مِثلاً ما على الحشفة ، لرواية نشيط بن صالح ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته كم يجزئ من الماء في الاستنجاء من البول؟ فقال : «بمثلَي ما على الحشفة من البَلل» (٢) ويمكن تنزيله على المختار ، فإنّ مثلَي البلل أقلّ ما يمكن استيلاؤه على المخرَج ، ولا يمكن بدونه عادة ، مع أنّ نشيطاً روى أيضاً أنّه يجزئ من البول أن يغسله بمثله (٣).

ثمّ إنّهم اختلفوا في تفسير المثلين ، فقيل : المراد مِثلا البلل ، لكن مع التعدّد (٤).

ويَرِد عليه : أنّ كُلا من البللين لا يصدق معه الغسل المعتبر المدلول عليه بالصحاح ، لعدم حصول الاستيلاء ، مع منع الدلالة على التعدّد.

وقيل : مِثلا القطرة المتخلّفة على الحشفة بعد خروج البول مع اعتبار التعدّد (٥).

وفيه : مع مخالفته لظاهر الرواية ، ومنع دلالته على التعدّد ، أنّه لا يقاوم الإطلاقات ، فيكفي الأقلّ ، إلّا أن يقال بانجبار سندها بالشهرة. مع أنّه في نفسه لا يخلو عن قوّة.

وقيل : إنّ المراد الغَسلة الواحدة ، لاشتراط الغلبَة في المطهر ، وهي لا تحصل بالمِثل (٦).

__________________

(١) كالسيد المرتضى في الانتصار : ١٦ ، والجمل : ٥٠ ، وأبي الصلاح في الكافي في الفقه : ١٢٧ ، والشيخ في الجمل والعقود : ١٥٧.

(٢) التهذيب ١ : ٣٥ ح ٩٣ ، وفي الاستبصار ١ : ٤٩ ح ١٣٩ ، والوسائل ١ : ٢٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٥ ، مثلا بدل بمثلي.

(٣) التهذيب ١ : ٣٥ ح ٩٤ ، الاستبصار ١ : ٤٩ ح ١٤٠ ، الوسائل ١ : ٢٤٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٧.

(٤) جامع المقاصد ١ : ٩٣.

(٥) جامع المقاصد ١ : ٩٤.

(٦) قد يستفاد من المعتبر ١ : ١٢٧ ، حيث قال : ولأنّ غسل النجاسة بمثلها لا يحصل معه اليقين بغلبة المطهّر على

١٠٦

ولعلّ الباعث لهم على حمل الرواية على التعدّد هو ما ورد في اعتبار الغسلتين في البول إذا أصاب الجسد ، كما ورد في حسنة ابن أبي العلاء بل صحيحته (١) (٢) ، وحسنة أبي إسحاق النحوي (٣) (٤) ، وغيرهما ، وعمل عليها الأصحاب ، ونسبه في المعتبر إلى علمائنا (٥).

والإنصاف أنّ ظاهرها غير صورة الاستنجاء ، ولا مانع من الفرق بين الاستنجاء وغيره ، وظاهر المحقّق أيضاً أنّ النسبة إلى العلماء في غير الاستنجاء ، لأنّه لم يذكر ذلك في مبحث الاستنجاء ، وذكره في تطهير البول عن الثوب والبدن. ولكن الاحتياط في المرّتين ، والأفضل الثلاث ، لصحيحة زرارة (٦).

وأمّا الدلك ، فالظاهر عدم الوجوب ، للأصل ، والإطلاقات ، وقال الكليني : وروى أنّه ليس بوسخ ليحتاج أن يدلك (٧) ، انتهى.

نعم إذا جفّ أو اختلطَ به مذي أو ودي فالظاهر عدم الاكتفاء مطلقاً ، بل لا بد إما من الدلك أو تكاثر الماء وتوارده حتّى يحصل العلم بالزوال.

وأمّا مَخرج الغائط ؛ فيتخيّر فيه بين الماء ، واستعمال جسم طاهر مُزيل للعين إذا

__________________

النجاسة ، ولا كذا لو غسل بمثليها.

(١) الكافي ٣ : ٢٠ ح ٧ ، التهذيب ١ : ٢٤٩ ح ٧١٤ وص ٢٦٩ ح ٧٩٠ ، الوسائل ١ : ٢٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ١ ، والترديد في كونها حسنة أو صحيحة ناشئ من عدم توثيق راويها صريحاً في كتب الرجال. انظر معجم رجال الحديث ٥ : ١٨٤ / ٣٢٦٧.

(٢) نقل عن ابن طاوس تزكية الحسين ومن يروي عنه صفوان وابن أبي عمير وهو أيضاً في معنى التوثيق (منه رحمه‌الله).

(٣) التهذيب ١ : ٢٤٩ ح ٧١٦ ، الوسائل ١ : ٢٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٢.

(٤) هو ثعلبة بن ميمون وله مدح عظيم (منه رحمه‌الله تعالى).

(٥) المعتبر ١ : ٤٣٥.

(٦) التهذيب ١ : ٢٠٩ ح ٦٠٦ ، الوسائل ١ : ٢٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٦ ، قال : كان يستنجي من البول ثلاث مرات.

(٧) الكافي ٣ : ٢٠ ح ٧ ، الوسائل ١ : ٢٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٣.

١٠٧

لم يتعدّ المخرج.

أمّا كفاية ذلك فإجماعيّة مدلولة عليها بالأخبار المعتبرة المستفيضة ، منها صحاح زرارة الأربعة (١) ، ورواية بريد بن معاوية (٢).

وأمّا موثّقة عمار (٣) ورواية عيسى بن عبد الله (٤) وما في معناهما الدالّة على عدم كفاية الأحجار ، فمحمولة على الاستحباب ، لعدم المقاومة.

وفي كفاية مطلق الإنقاء ، أو لزوم ثلاث مسحات وإن نقي بدونها قولان ، كاشتراط تعدّد الإله في المسحات الثلاث. والأقوى فيهما العدم ، فتكفي مسحة واحدة إذا نقي ، والجهات الثلاث لجسم واحد.

لنا : حسنة ابن المغيرة ، عن الكاظم عليه‌السلام قال ، قلت له : للاستنجاء حدّ؟ قال : «لا حتّى ينقى ما ثمّة» (٥) وموثّقة يونس بن يعقوب قال : «يغسل ذكره ويذهب الغائط» (٦).

ولهم : الأخبار المتضمّنة لذكر ثلاثة أحجار ، والاستصحاب ، وبعض الأخبار العاميّة الدالّة على عدم كفاية أقلّ منها.

ودلالة الأخبار على الوجوب ممنوعة ، فإنّ في بعضها : «جَرَت السنّة بذلك» ، وفي بعضها نقل فعل الإمام (٧) ، ولا يدلّ أحدهما على الوجوب.

مع أنّ مثل هذا اللفظ كثيراً ما يستعمل ويُراد تعدّد الفعل لا الآلة ، كما يقال

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٦ ح ١٢٩ ، وص ٢٠٩ ح ٦٠٤ ، وص ٤٩ : ١٤٤ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ١ ، ٣ ، وص ٢٢٢ ب ٩ ح ١.

(٢) التهذيب ١ : ٥٠ ح ١٤٧ ، الاستبصار ١ : ٥٧ ح ١٦٦ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٢.

(٣) التهذيب ١ : ٤٥ ح ١٢٧ ، الاستبصار ١ : ٥٢ ح ١٤٩ ، الوسائل ١ : ٢٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ١.

(٤) التهذيب ١ : ٤٥ ح ١٢٦ ، الاستبصار ١ : ٥٢ ح ١٤٨ ، الوسائل ١ : ٢٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ٤.

(٥) الكافي ٣ : ١٧ ح ٩ ، التهذيب ١ : ٢٨ ح ٧٥ ، الوسائل ١ : ٢٢٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٣ ح ١.

(٦) التهذيب ١ : ٤٧ ح ١٣٤ ، الاستبصار ١ : ٥٢ ح ١٥١ ، الوسائل ١ : ٢٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ٥.

(٧) انظر الوسائل ١ : ٢٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠.

١٠٨

اضربه ثلاثة أسواط ، فالمراد : ثلاث مسحات بالحجر ، كما صرّح به في الرواية النبويّة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا جلس أحدكم فليمسح ثلاث مسحات» (١) مع أنّ القيد وارد مورد الغالب ، فلا حجّة فيه. والاستصحاب لا يعارض الدليل.

وبالجملة اعتبار العدد ضعيف ، سيّما مع الانفصال ، وإلّا فيلزم أن لا يجوز التطهير بخرقة طولها عشرون ذراعاً ، وجاز بثلاث قطعات صغار ، وهو كما ترى.

والأشهر الأظهر المدّعى عليه الإجماع من العلامة والشيخ : كفاية مطلق الجسم (٢) ، لإطلاق الحسنة والموثّقة (٣) وصحيحتي زرارة الدالّتين على جواز الخرق والمَدَر والكُرسف (٤).

وقيل بلزوم الحجر ، لظاهر الروايات (٥).

وهو مدفوع بمنع الدلالة إلّا على الاستحباب أوّلاً ، وبالحمل على الغالب ثانياً ، وبتلك الأخبار ثالثاً.

ووجوب إزالة العين إجماعيّ ، ومنها الرطوبة.

ولا تجب إزالة الأثر ، لعدم انفكاكه عن ذلك ، فيلزم عدم جواز الاستنجاء بغير الماء ، وهو خلاف الإجماع.

والمراد به : هي اللزوجة المتخلّفة في الموضع (٦) ، لا الريح واللون ، فلا يضرّ بقاؤهما ، لصريح الحسنة المتقدّمة في الأُولى ، ولإطلاق الموثّقة وغيرها فيها

__________________

(١) ورد مضمونه في مسند أحمد ٣ : ٣٣٦ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ١ : ٢١١.

(٢) المنتهي ١ : ٢٧٥ ، الخلاف ١ : ١٠٦ مسألة ٥١.

(٣) المتقدّمتان في ص ٩٠.

(٤) التهذيب ١ : ٣٥٤ ح ١٠٥٤ ، ١٠٥٥ ، الوسائل ١ : ٢٥٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٥ ح ٢ ، ٣.

(٥) المهذّب ١ : ٤٠ ، قال بلزوم الحجر مع التّمكن ، وفي المراسم : ٣٢ قال بعدم إجزاء إلّا ما كان أصله الأرض.

(٦) هذه اللزوجة يمكن أن تكون أجزاءً صغاراً لطيفة لاصقت الجلد وتخلّلت في مساماته ، ويمكن أن تكون تأثيراً في الجلدة وانفعالاً حصل من فعل النجاسة يؤثّر الماء في الجلد فتحصل العين من بعد الغسل (منه رحمه‌الله تعالى).

١٠٩

وفي اللّون.

وكذلك الكلام في الغسل. والتشكيك بتغيّر الماء بالريح يدفعه احتمال كون الريح من المحلّ وإن كان حصل من تلك النجاسة لأمن النجاسة.

وكذلك التشكيك بعدم جواز انتقال الأعراض مع سلامته لا يليق بالفقه وأهله ، لبنائه على متفاهم العامّة.

ولا تجب إحاطة الموضع بكلّ حجر ، فيكفي التوزيع ، للإطلاق ، خلافاً للشرائع (١)

وأمّا طهارة الجسم ، فادّعى عليه الإجماع في المنتهي (٢).

وأمّا إذا تعدّى المخرج على خلاف المعتاد ، فلا يجزئ إلّا الماء إجماعاً ؛ نقله الفاضلان (٣) ، ولعدم صدق الاستنجاء في بعض الأحيان. وليس هذا التقييد إلّا في بعض الأخبار العاميّة (٤).

وفي وجوب غسل الجميع ، أو ما تعدّى المخرج إشكال ، والاكتفاء بالقدر المتعدّي قويّ لو لم يثبت الإجماع.

قالوا : وحينئذٍ تجب إزالة العين والأثر ، ولعلّ نظرهم إلى أنّ النقاء والإذهاب الواردين في الأخبار لا يحصل إلّا بذلك ، وحينئذٍ فيجب القول بالعفو والتخصيص في الاستجمار. ويتمّ الكلام مع الشكّ في النقاء بدون زوال الأثر أيضاً.

ولا تجب تنقية الباطن ولا إدخال الأنمُلة والقطنة ، للأصل والإجماع والأخبار (٥).

__________________

(١) الشرائع ١ : ١١.

(٢) المنتهي ١ : ٢٧٦.

(٣) المحقّق في المعتبر ١ : ١٢٨ ، والعلامة في التذكرة ١ : ١٢٥.

(٤) انظر المعتبر ١ : ١٢٨ ، وسنن البيهقي ١ : ١٠٦.

(٥) الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٩.

١١٠

ويحرم الاستنجاء بالعظم والروث والمطعوم وكلّ محترم على المعروف من مذهب الأصحاب ، المدّعى على الأوّلين الإجماع من المعتبر (١) ، وعلى الثلاثة من ظاهر المنتهي (٢). وفي بعض الأخبار تعليل المنع في الأوّلين : بأنّهما طعام الجنّ ، وذلك ما شرطوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

وأمّا الأخير مثل ورق المصحف والأدعية والتربة الحسينيّة ونحوها فلا ريب في حُرمتها ، بل قد يؤول إلى الكفر.

ثمّ هل يطهر الموضع أم لا؟ فيه قولان (٤) ، أقربهما نعم ، للعمومات ، ولعدم دلالة النهي على الفساد. واستدلّ المانع بوجوه ضعيفة ، منها خبر عامّي ضعيف (٥).

الثالث : يستحبّ ستر البدن ولو بالتباعد للتأسّي بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦). بل يمكن القول باستحباب نفس التّباعد ، لقول لقمان لابنه : «إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض» حكى عنه الصادق عليه‌السلام (٧). ويمكن حمله على الصحراء كما هو ظاهر الخبر.

وتهيئة الأحجار ، للخبر ، ولما في جمعها بعد الحدث من خوفِ نَشرِ النجاسة.

وتغطية الرأس ، ونُقل عليه الإجماع (٨). وفي المقنعة : أنّ تغطية الرأس المنكشف

__________________

(١) المعتبر ١ : ١٣٢.

(٢) المنتهي ١ : ٢٧٨.

(٣) انظر الوسائل ١ : ٢٥١ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٥.

(٤) المانع الشيخ في الخلاف ١ : ١٠٦ ، والمحقّق في المعتبر ١ : ١٣٣ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٢٧٩ وروى فيه عن النبيّ (ص) أنّهما لا يطهران.

(٥) المعتبر ١ : ١٣٣.

(٦) شرح النفليّة : ١٧ ، الوسائل ١ : ٢١٥ أبواب أحكام الخلوة ب ٤ ح ٣.

(٧) الفقيه ١ : ١٩٤ ح ٨٨٤ ، الوسائل ١ : ٢١٥ أبواب أحكام الخلوة ب ٤ ح ١.

(٨) المعتبر ١ : ١٣٣.

١١١

من سنن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١). وفي الفقيه : أنّه للإقرار بأنّه غير مبرّئ نفسه من العيوب (٢). وكأنّه إشارة إلى ما قاله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر : «أستحي من الله ، فإنّي والذي نفسي بيده لأظلّ حين أذهب إلى الغائط متقنّعاً بثوبي استحياءً من الملكين اللذين معي» (٣) ولكن التقنّع مستحبّ آخر كما في رواية أُخرى ، ولا منافاة.

وربّما علّل بعدم وصول الرائحة الخبيثة إلى الدماغ (٤).

وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول ، عكس الخروج ، عكس المكان الشريف ، وتكفي الشهرة في ذلك ، مع أنّ الاستقراء يورث الظنّ القوي بل القطع باحترام اليمين ، سيّما في اليد ، بخلاف اليسار.

والتسمية ، للصّحيح (٥).

والدعاء بالمأثور عند الدخول ، والكشف ، والقعود ، والحدث ، والنظر إليه ، والفراغ ، والخروج.

وأن يَمسح بطنَه عند الخروج داعياً بالمأثور.

وأن يقدّم الاستنجاء من الغائط ، للتنظيف ، ولموثّقة عمار (٦).

واختيار الماء حيث يجزئ الاستجمار ، للأخبار المستفيضة ، منها الصحيح ، بل الصحاح (٧) ، والجمع أفضل ، للخبر. وإطلاقه ككلام الأصحاب يشمل ما لو كان فرضه الماء فقط أيضاً ، مع أنّه أبلغ في التنظيف. وتقديم الحجر حينئذٍ ، لذلك ،

__________________

(١) المقنعة : ٣٩.

(٢) الفقيه ١ : ١٧.

(٣) أمالي الطوسي ٢ : ١٤٧ ، الوسائل ١ : ٢١٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٣ ح ٣.

(٤) كما في المقنعة : ٣٩.

(٥) التهذيب ١ : ٢٥ ح ٦٣ ، الوسائل ١ : ٢١٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ١.

(٦) الكافي ٣ : ١٧ ح ٤ ، الوسائل ١ : ٢٢٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٤ ح ١.

(٧) الوسائل ١ : ٢٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٤.

١١٢

وللتصريح به في الخبر قال : «جَرَت السنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ، ويتبع بالماء» (١).

ويستحبّ إيثار الأحجار ، للخبر (٢).

ويستحبّ الاستبراء على المشهور ، للأخبار المعتبرة (٣). خلافاً للإستبصار فأوجبه (٤) ، وهو ضعيف ، للأصل ، وعدم وضوح دلالة الأخبار على الوجوب ، وصحيحة جميل عن الصادق عليه‌السلام : «إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء» (٥) وموثّقة روح بن عبد الرحيم (٦) ، ورواية داود الصرمي عن الهادي عليه‌السلام قال : «رأيته غير مرّة يبول ويتناول كوزاً صغيراً ويصبّ الماء عليه من ساعته» (٧).

وفائدته : عدم انتقاض الوضوء والتنجّس بالبلل المشتبه.

واختلف كلامهم في كيفيته ، كظاهر الأخبار ، وسيجي‌ء تمام الكلام.

الرابع : يُكره الجلوس مستقبلاً للريح ومستدبراً لها ولا وجه لتخصيص بعض الأصحاب ذلك بالبول (٨) مع ورود الرواية مطلقة (٩). واستنباط العلّة غير واضح. وفي الخصال عن عليّ عليه‌السلام : «وإذا بال أحدكم فلا يطمحنّ ببوله ، ولا يستقبل الريح» (١٠) وهو لا يقتضي الاختصاص أيضاً.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٦ ح ١٣٠ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٤.

(٢) التهذيب ١ : ٤٥ ح ١٢٦ ، الاستبصار ١ : ٥٢ ح ١٤٨ ، الوسائل ١ : ٢٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ٤.

(٣) الوسائل ١ : ٢٢٥ أبواب أحكام الوضوء ب ١١.

(٤) الاستبصار ١ : ٤٨.

(٥) التهذيب ١ : ٣٥٦ ح ١٠٦٥ ، الوسائل ١ : ٢٤٧ أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ١.

(٦) التهذيب ١ : ٣٥٥ ح ١٠٦٢ ، الوسائل ١ : ٢٤٧ أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٤.

(٧) التهذيب ١ : ٣٥ ح ٩٥. الوسائل ١ : ٢٤٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٨.

(٨) الشرائع ١ : ١١.

(٩) الوسائل ١ : ٢١٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢.

(١٠) الخصال : ٦١٣ ، ٦١٤ ، الوسائل ١ : ٢٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٣ ح ٦.

١١٣

ومستقبلاً بفرجه النيّرين قرصهما لا جهتهما للبول ، لحسنة الكاهلي وغيرها (١) ، بل الأولى عدم الاستقبال بمطلق الفرج. بل الغائط أيضاً ، حملاً للبول في الروايات على الأعمّ ، لشيوع استعماله في ذلك استهجاناً للغائط ، مع أنّ الغالب في الظهور لجرم النيّرين هو مخرج البول كما لا يخفى ، لعدم اعتبار البدن هنا في الاستقبال والاستدبار.

مع أنّه قال في الفقيه : وفي خبر آخر : «لا تستقبل الهلال ولا تستدبره» (٢).

ولم نقف على من صرّح بكراهة الاستدبار هنا ، مع دلالة الرواية عليه ، بل على اعتبار البدن أيضاً.

والبول في الصلبة ، للتوقّي ، وللأخبار المعلّلة بعضها بذلك أيضاً (٣).

وفي الماء ، سيّما الراكد منه ، فإنّ للماء أهلاً كما في الخبر (٤). والأخبار النافية للبأس في الجاري محمولة على تخفيف الكراهة ، لرواية مسمع المصرّحة بالنهي عنه إلّا لضرورة (٥) ، وبعضهم عمّم الحكم في الغائط ، للأولويّة (٦).

وفي الطرق النافذة ، وهي أعمّ من الشوارع ، لرواية عاصم بن حميد (٧).

وموارد المياه ، كشطوط الأنهار المذكورة في الرواية (٨) ، ورؤس الابار المذكورة في رواية السكوني (٩).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٤ ح ٩٢ ، الوسائل ١ : ٢٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ٢.

(٢) الفقيه ١ : ١٨ ح ٤٨.

(٣) الوسائل ١ : ٢٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢.

(٤) التهذيب ١ : ٣٤ ح ٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ ح ٢٥ ، الوسائل ١ : ٢٤٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٣.

(٥) التهذيب ١ : ٣٤ ح ٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ ح ٢٥ ، الوسائل ١ : ٢٤٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٣.

(٦) الذكرى : ٢٠ ، وممّن قال بكراهة التغوّط في المياه الشيخ المفيد في المقنعة : ٤١ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٠.

(٧) الكافي ٣ : ١٥ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٠ ح ٧٨ ، وفي الفقيه ١ : ١٨ ح ٤٤ مرسلاً ، وفي معاني الأخبار ٣٦٨ ح ١ عن أبي خالد الكابلي ، الوسائل ١ : ٢٢٨ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ١.

(٨) يعني رواية عاصم بن حميد السابقة.

(٩) التهذيب ١ : ٣٥٣ ح ١٠٤٨ ، الخصال : ٩٧ ح ٤٣ ، الوسائل ١ : ٢٢٨ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٣.

١١٤

ويدخل سائر أفرادها في اللعن (١) ، فإنّه أيضاً مكروه بعمومه ، وإن فسّر في رواية عاصم بأبواب الدور ، فإنّ الظاهر أنّه من باب التمثيل.

وأفنية المساجد ، لمرفوعة عليّ بن إبراهيم (٢).

ومنازل النزّال ، لتلك الرواية (٣).

وتحت الشجرة المثمرة ، للأخبار الكثيرة المطلق بعضها ، والمصرّح بعضها بما فيها ثمرتها ، والمعلّل بعضها بمكان الملائكة الموكلين بها ، ولذلك يكون الشجر والنخل أُنساً إذا كان فيه حمله ، لأنّ الملائكة تحضره ، وفي بعضها «مساقط الثمار» المشيرة بأنّ ذلك لأجل الإضرار (٤).

والحقّ الكراهة مطلقاً ، لعدم المنافاة ، وتأكيدها فيما وجدت فيها.

وذلك الإطلاق لا ينافي ما اخترناه في الأُصول من اشتراط التلبّس بالمبدإ في صدق المشتق ، لأنّ المبدأ هنا ليس نفس الثمر ، بل الإثمار ، وهو قد يراد منه الملكة شبيه الملكة الإنسانيّة ، وقد يراد به الحال ، والأظهر الأوّل. وأمّا الثمر بمعنى ذا ثمر ، كأغدّ البعير (٥) ، فهو خلاف المتبادر من مطلق اللفظ. وقد تجعل الأخبار المفصّلة قرينة لإرادة التقييد من المطلق منها ، ولا حاجة إليه.

وفي الجُحر (٦) ، لرواية عاميّة (٧).

__________________

(١) أي مواطن اللعن ، وقد ورد لفظه والنهي عن القبول فيه في رواية عاصم بن حميد.

(٢) الكافي ٣ : ١٦ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠ ح ٧٩ ، الوسائل ١ : ٢٢٨ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٢.

(٣) يعني مرفوعة عليّ بن إبراهيم.

(٤) الوسائل ١ : ٢٢٨ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥.

(٥) يعني صار ذا غدّة. المنجد : ٥٤٥.

(٦) الجُحر كلّ شي‌ء تحفره الهوامّ والسباع لأنفسها ، جمعها جحرة. القاموس المحيط ١ : ٤٠٠. أقول : وبعبارة اخرى هو ثقب الحيوان.

(٧) سنن أبي داود ١ : ٥٤ ح ٢٩ ، سنن النسائي ١ : ٣٣ ، مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٨٢ ، وحكي أنّ سعد بن عبادة بال في جحر في الشام فاستلقى ميّتاً فسمعت الجن تنوح عليه في المدينة وتقول :

نحن قتلنا سيّد الخزرج سعد بن عبادة

ورميناه بسهمين فلم نخط فؤاده

١١٥

وعلى القبر وبين القبور للأخبار (١).

وقائماً ، للأخبار ، معلّلاً بمخافة تخبيل الشيطان (٢).

ومُطمحاً بوله إلى الهواء ، رافعاً به ، توقّياً عن الردّ ، وللرواية المتقدّمة عن الخصال (٣). وفي روايات أُخر كراهة تطمحة البول من السطح في الهواء (٤). والجمع بينها وبين ظاهر أهل اللّغة (٥) : أن يرفع بوله ويهويه من السطح ، وإلّا فينافي ما دلّ على ارتياد الموضع المناسب والمكان المرتفع (٦) ، إلّا أن يخصص الارتفاع بما يحصل معه الأمن من التلوّث.

وطول الجلوس ، للأخبار ، معلّلاً بإيراث الباسور (٧).

والسواك ، للخبر ، معلّلاً بإيراث البَخَر (٨).

والكلام إلّا بذكر الله ، وآية الكرسي ، وحكاية الأذان ، كلّ ذلك للروايات (٩).

والأكل والشرب.

والاستنجاء باليمين ، لأنّه من الجفاء ، كما في الأخبار (١٠) ، إلّا إذا اعتلّت اليسار

__________________

انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ : ٦١٧.

(١) الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب أحكام الخلوة ب ١٦.

(٢) الوسائل ١ : ٢٢٨ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ، ١٦.

(٣) المتقدّمة في ص ٩٥. وهي في الخصال : ٦١٣ ، الوسائل ١ : ٢٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٣ ح ٦. وفيها : إذا بال أحدكم فلا يطمحنّ ببوله.

(٤) الوسائل ١ : ٢٤٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٣.

(٥) قالوا : طمح ببوله ، إذا رماه في الهواء. الصحاح ١ : ٨٣٩ ، القاموس المحيط ١ : ٢٤٧.

(٦) الوسائل ١ : ٢٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢.

(٧) الوسائل ١ : ٢٣٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٠ ، وفي «م» وبعض الروايات : البواسير بدل الباسور.

(٨) الفقيه ١ : ٣٢ ح ١١٠ ، التهذيب ١ : ٣٢ ح ٨٥ ، الوسائل ١ : ٢٣٧ أبواب أحكام الخلوة ب ٢١ ح ١ ، عن محمَّد بن أحمد بن يحيى. والبخر نتن ريح الفم. المصباح المنير ١ : ٤٨.

(٩) الوسائل ١ : ٢١٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٦ ٨.

(١٠) الوسائل ١ : ٢٢٦ أبواب أحكام الخلوة ب ١٢.

١١٦

كما في الخبر ، قال في الفقيه : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «إذا بال الرجل فلا يمسّ ذكره بيمينه» (١) ومنه تظهر كراهة الاستبراء باليمين أيضاً (٢).

والاستنجاء باليسار وفيها خاتم عليه اسم الله ، ودخول الخلاء وهو عليه ، لموثّقة عمّار (٣).

وألحق الأصحاب : أسماء الأنبياء والأئمّة وفاطمة عليهم‌السلام (٤) ، ولا بأس به. وذلك إذا قصد بها هؤلاء ، فلا عبرة بالاشتراك.

هذا إذا لم يعلم وصول النجاسة ، وإلّا فيحرم ، وقد يكفر إذا استهان بذلك.

وفي بعض الروايات الكراهة إذا كان فصّه حجر زمزم (٥) ، وعمل بها بعض الأصحاب (٦).

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٩ ح ٥٢ ، وفيه : وقد روي أنّه لا بأس إذا كانت اليسار معتلّة ، الوسائل ١ : ٢٢٦ أبواب أحكام الخلوة ب ١٢ ح ٥.

(٢) الفقيه ١ : ١٩ ح ٢٠.

(٣) التهذيب ١ : ٣١ ح ٨٢ ، الاستبصار ١ : ٤٨ ح ١٣٣ ، الوسائل ١ : ٢٣٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٥.

(٤) كالعلامة والمحقّق الكركي. جامع المقاصد ١ : ١٠٥.

(٥) الوسائل ١ : ٢٥٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٦.

(٦) كالعلامة في القواعد ١ : ١٨١.

١١٧

المقصد الثالث

في كيفيّة الوضوء

وفيه مباحث :

الأوّل : أجمع أصحابنا على أنّ الوضوء غَسلتان ومسحتان غَسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومَسح الرأس والرجلين إلى الكعبين.

أمّا الوجه ، فحدّه طولاً من قصاص الشعر إلى طرف الذقن ، وعرضاً : ما اشتملت عليه الإبهام والوسطى ، بلا خلافٍ بين أصحابنا. وادّعى الإجماع على ذلك بعضهم صريحاً ، وجماعة منهم ظاهراً (١).

وتدلّ عليه : صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال ، قلت له : أخبرني عن حدّ الوجه الذي ينبغي أن يوضّأ ، الذي قال الله عزوجل؟ فقال : «الوجه الذي أمر الله تعالى عزوجل بغسله ، الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه ، إن زاد عليه لم يؤجر ، وإن نقص منه أثم : ما دارت عليه الوسطى والإبهام ، من

__________________

(١) كالمحقّق في المعتبر ١ : ١٤١ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٢١ ، وصاحب المدارك ١ : ١٩٧ ، وصاحب رياض المسائل ١ : ٢٢٣.

١١٨

قصاص شعر الرأس إلى الذقن ، وما حَوَت عليه الإصبعان مستديراً فهو من الوجه ، وما سوى ذلك فليس من الوجه» فقلت له : الصدغ من الوجه؟ فقال : «لا» (١) الحديث.

ولا نعرف خلافاً في عدم وجوب غسل الصدغ ، إلّا عن (٢) ظاهر الراوندي (٣). وذلك (٤) إما من جهة هذه الرواية بتخصيص بعض أجزائها لبعض ، أو لأنّه خارج عن التحديد غالباً ، هذا إذا أردنا من الصدغ مجموعة ، أو المراد ما لم تبلغه الإصبعان من جملته وإن وجب جزأه الذي شملاه.

وهذا التقرير في بيان مذهب الأصحاب مبنيّ على ما فهمه المحقّق البهائي من كلامهم (٥) ، وتبعه على ذلك المحقّق الخونساري رحمه‌الله في شرح الدروس (٦) ، غفلة عن حقيقة الحال ، وزعما أنّ مرادهم من الصدغ هو ما بين آخر العين والأُذن. ولذلك أورد المحقّق البهائي عليهم بأنّ تحديدهم المذكور وتنزيلهم الصحيحة عليه يوجب دخول ما هو خارج عن الحدّ ، وهو الصدغ ، نظراً إلى فتواهم

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٧ ح ١ ، الفقيه ١ : ٢٨ ح ٨٨ ، التهذيب ١ : ٥٤ ح ١٥٤ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب الوضوء ب ١٧ ح ١ ، بتفاوت يسير.

(٢) في «م» : من.

(٣) فقه القرآن ١ : ١٣.

(٤) يعني أنّ قولهم : «بعدم وجوب غسل الصدغ مع عدم دخول شي‌ء منه في التحديد المجمع عليه فيه منافاة» يندفع لمنع المنافاة مستنداً بأنّ مرادهم بعدم وجوب غسل الصدغ عدم وجوب غسل ما لم تبلغه الإصبعان وهو ما نذكره بقولنا «أو المراد ما لم تبلغه الإصبعان» أو بأحد الوجهين الذي ذكرناه بقولنا «أما من جهة هذه الرواية إلى آخره» يحمل كلامهم على ظاهره من إرادة مجموع الصدغ ، فإما نستدل بالرواية حيث قال في جواب سؤال الراوي أنّ الصدغ من الوجه «لا» يظهر منه عدم وجوب غسل الصدغ رأساً ، إلّا أنّه مخصص بما ذكر في أوّل الرواية من التحديد بما دارت عليه الإبهام والوسطى ، أو نقول : إنّ مجموع الصدغ خارج عن التحديد غالباً ، فظهر أنّ التنافي إنّما يلزم لو أرادوا عدم وجوب غسل أجزاء الصدغ ، وهو خارج عن مرادهم ، فينزل قول الراوي على إرادة وجوب غسل جميع الصدغ بقرينة المقابلة ، فتأمل (منه رحمه‌الله).

(٥) الحبل المتين : ١٤.

(٦) مشارق الشموس : ١٠١.

١١٩

في عدم وجوب غسله ، ودلالة الصحيحة عليه أيضاً.

وأنت خبير بأنّ وجوب غسل ما تشمله الإصبعان إجماعيّ ، مقطوع به في كلامهم ، ولم نقف على أحدٍ منهم صرّح بعدم وجوب غسل ما تشمله الإصبعان من الصدغ بهذا المعنى ، بل إما حكموا بعدم وجوب ما زاد على التحديد المذكور منه ، أو أرادوا من الصدغ معنى آخر مذكور في كتب اللغة ، قال في الصحاح : الصدغ ما بين العين والإذن ، ويُسمّى أيضاً الشعر المتدلّي عليه صدغاً ، يقال صدغ معقرب ، قال الشاعر :

عاضها الله غلاماً بعد ما

شابت الأصداغ والضرس نَقد(١)

انتهى. ومراد أصحابنا في نفي وجوب غسله هو بهذا المعنى ، فلاحظ كلماتهم مصرّحة بذلك. والمراد منه هو الشعر المتدلّي من فوق الاذن ، المتّصل بالعِذار ، وهو الشعر المحاذي للأُذن ، بينه وبين الاذن بياض ، وينتهي إلى العارض ، ولا ريب أنّه ممتدّ مع العِذار بامتداد واحد ، ولا تبلغه الإصبعان قطعاً إلّا في فرد نادرٍ إن وجد ، فلاحظ المنتهي والذكرى وشرح القواعد والمدارك (٢) وسائر الكتب تجد ما ذكرنا ، فإن شئت أذكر لك بعضها :

قال في المنتهي في تحديد الوجه : مذهب أهل البيت عليهم‌السلام أنّه من قصاص الشعر إلى الذقن طولاً ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضاً إلى أن قال وقال بعض الحنابلة : الصدغان من الوجه إلى أن قال لا يجب غسل ما خرج عمّا حدّدناه ولا يستحبّ كالعذار إلى أن قال ولا الصدغ ، وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار ، المحاذي لرأس الأذن ، وينزل عن رأسها قليلاً (٣).

ثم إنّهم رحمهم‌الله نزّلوا الصدغ المذكور في الصحيحة أيضاً على ذلك ،

__________________

(١) الصحاح ٤ : ١٣٢٣.

(٢) منتهى المطلب ٢ : ٢١ ، الذكرى : ٨٣ ، جامع المقاصد ١ : ٢١٣ ، مدارك الأحكام ١ : ١٩٨.

(٣) المنتهي ٢ : ٢١.

١٢٠