المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

الخامس في اللواحق

وهي مسائل :

(الأولى) المريض يلزمه الإفطار مع ظن به الضرر ، ولو تكلّفه لم يجزه.

(الثانية) المسافر يلزمه الإفطار ، ولو صام عالما بوجوبه قضاه ، ولو كان جاهلا لم يقض.

(الثالثة) الشروط المعتبرة في قصر الصلاة معتبرة في قصر الصوم ويشترط في قصر الصوم تبييت النيّة وقيل : الشرط خروجه قبل الزوال ، وقيل : يقصر ولو خرج قبل الغروب.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ويشترط في قصر الصوم تبييت النيّة ، وقيل : الشرط خروجه قبل الزوال ، وقيل : يقصر ولو خرج قبل الغروب.

أقول : اختلف الأصحاب في الشرط المسوّغ للقصر في الصوم على أقوال :

(أ) الشرط تبييت النية ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (١) وحاصله أنّ المسافر إن خرج قبل طلوع الفجر قصّر قطعا ، وإن خرج بعده فان كان قد بيّت النية قصّر أيّ وقت خرج من النهار ، وإن لم يكن بيّت أتمّ وأجزأه ، واختاره القاضي (٢) واحتج بقوله تعالى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٣) وهو على إطلاقه ، وبالروايات

__________________

(١) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المسافر في شهر رمضان ص ١٦١ س ١٦ قال : وإذا خرج الرجل إلخ.

(٢) المهذب : ج ١ كتاب الصيام باب حكم المسافر في الصوم ص ١٩٤ س ٧ قال : وإذا نوى السفر من الليل إلخ.

(٣) البقرة : ١٨٧ والاستدلال بالآية عن الشيخ في الخلاف.

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

عن أهل البيت عليهم السّلام (١).

(ب) خروجه قبل الزوال وان خرج بعده لم يقصر بيّت أو لم يبيّت ، وهو مذهب الصدوق في المقنع (٢) والمفيد (٣) وأبي علي (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦) لصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار عليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به من شهر رمضان (٧).

(ج) قال الفقيه : إذا خرجت الى سفرك وعليك بقية يوم فأفطر ، وبه قال السيد المرتضى (٨) وقال ابن إدريس عند ما حكى قول المفيد : والى هذا أذهب وبه افتي ، ثمَّ حكى قول الفقيه في رسالته ، وقال : هذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدمه (٩).

(د) اشتراط التبييت والخروج قبل الزوال معا ، وهو مذهب الشيخ في

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٥٧) باب حكم المسافر والمريض في الصيام الحديث ٤٢ و ٤٣ و ٤٤ و ٤٥.

(٢) المقنع : ج ١ ، أبواب الصوم (٩) باب تقصير المسافر في الصوم ص ٦٢ قال : وان سافر قبل الزوال فليفطر ، وان خرج بعد الزوال فليتم.

(٣) المقنعة : كتاب الصيام ص ٥٦ باب حكم المريض يفطر ثمَّ يصح س ٢١ قال : ومن خرج من منزله إلى سفر يجب فيه التقصير قبل الزوال إلى أن قال : فان خرج بعد الزوال فعليه التمام.

(٤) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٠ س ٢٤ قال : مسألة اختلف علماؤنا في الوقت الموجب للقصر في حق المسافر فقال المفيد : إن خرج من منزله إلى أن قال : وهو اختيار ابن الجنيد ثمَّ قال : والمعتمد عندي قول المفيد رحمه الله.

(٥) الشرائع : قال في المسألة الثالثة من النظر الثالث من كتاب الصيام : ويزيد على ذلك تبييت النية وقيل : لا يعتبر بل يكفى خروجه قبل الزوال ، وقيل : لا يعتبر أيضا بل يجب التقصير ولو خرج قبل الغروب ، والأوّل أشبه.

(٦) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٨ قال : مسألة صيام أيام التشريق حرام لمن كان بمنى ذكره الشيخان وابن الجنيد وجماعة من علمائنا.

(٧) التهذيب : ج ٤ (٥٧) باب حكم المسافر والمريض في الصيام ص ٢٢٩ الحديث ٤٧.

(٨) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٠ س ٣١ قال : وقال علي بن بابويه : إذا خرجت في سفر إلخ.

(٩) السرائر : كتاب الصيام ، باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٨٩ س ١٨

٨٢

وعلى التقديرات لا يفطر الّا حيث يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه ، أو يخفى أذانه.

______________________________________________________

المبسوط ، جمعا بين الروايتين (١).

قال طاب ثراه : وعلى التقديرات لا يفطر حتى يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه ويخفى أذانه.

أقول : هذا مذهب المصنف (٢) والعلامة (٣) وهو المشهور. وابن إدريس اعتبر الأذان دون الجدران (٤) وكذا المفيد اعتبر الأذان (٥).

فإن أفطر قبل ذلك ، قيل : وجبت الكفارة ، وهو فتوى العلامة في الإرشاد (٦) ومنع في المختلف لسقوط الكفارة بالفطر في اليوم الذي يسقط فيه الصوم بعده (٧).

__________________

قال : وذهب شيخنا المفيد ، إلى أن قال : والى هذا القول أذهب وبه أفتي إلى أن قال : وهذا القول عندي أوضح من جميع ما قدمته إلخ.

(١) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل في حكم المريض والمسافر. ص ٢٨٤ س ٨ قال : وكان خروجه قبل الزوال فان كان يبيت نية السفر أفطر إلخ.

(٢) المعتبر : كتاب الصلاة ، صلاة المسافر ص ٢٥٣ س ٧ قال : الخامس شرط التقصير أن يتوارى جدران البلد أو يخفى أذانه.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٢ س ١٦ قال : مسألة لا يجوز للمسافر الإفطار الّا أن يغيب عنه جدران بلده أو يخفى عليه أذان مصره.

(٤) السرائر : كتاب الصيام باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٨٩ س ٢٢ قال : وإذا خرج المكلف بالصيام الى السفر الى أن قال : إلى أن يغيب أذان مصره إلى أن قال : والاعتماد على الأذان المتوسط إلخ.

(٥) المقنعة : كتاب الصيام ، باب حكم المسافرين ص ٥٥ س ٣٠ قال : وإذا وجب على المسافر التقصير الى أن قال : حتى يغيب عنه أذان مصره.

(٦) الإرشاد : مخطوط : كتاب الصوم ، النظر الثالث في اللواحق ، قال : ولا يحل له الإفطار حتى يتوارى الجدران ويخفى الأذان فيكفر لو أفطر قبله.

(٧) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٢ س ١٨ قال : فإن أفطر قبل ذلك وجب عليه القضاء والكفارة

٨٣

(الرابعة) الشيخ والشيخة إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمدّ (وقيل : لا يجب عليهما مع العجز ويتصدقان مع المشقة).

وذو العطاش يفطر ويتصدق عن كل يوم بمدّ ، ثمَّ ان برئ قضى.

والحامل المقرب ، والمرضع القليلة اللبن ، لهما الإفطار ، ويتصدّقان عن كل يوم بمدّ ويقضيان.

(الخامسة) لا يجب صوم النافلة بالشروع فيه ، ويكره إفطاره بعد الزوال.

(السادسة) كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر ، بنى ، وان أفطر لا لعذر استأنف إلّا ثلاثة مواضع : من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ومن الثاني شيئا. ومن وجب عليه شهر بنذر فصام خمسة عشر يوما. وفي الثلاثة الأيام عن هدي التمتع ، إذا صام يومين وكان الثالث العيد ، أفطر وأتمّ الثالث بعد أيام التشريق ان كان بـ (منى) ولا يبنى لو كان الفاصل غيره.

______________________________________________________

والتحقيق ان نقول : يحكم عليه بوجوب الكفارة والتفسيق عند إفطاره ، وإذا خرج واستمرّ الى حيث يسوغ التقصير ويسقط فرض الصوم ، حكم بسقوط الكفارة ، وبقي التفسيق ، فوجب التعزير وردّ الشهادة ، ويتفرّع على ذلك ما لو رجع عن نية السفر قبل الخروج ، أو منع لعارض ضروريّ أو مات ، أو لم يخرج الى بعد الزوال ، استقرّت الكفارة.

قال طاب ثراه : وقيل : لا يجب عليهما مع العجز ، ويتصدّقان مع المشقة.

أقول : هنا مسائل :

__________________

ثمَّ قال. اما القضاء فحق واما الكفارة ففي محل المنع لما سبق من ان الإفطار في اليوم الذي يسقط فيه الصوم بعده لا يوجب كفارة.

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الأولى : الشيخ والشيخة إذا عجزا عن الصيام ، أفطرا وسقط القضاء عنهما ، وهل يجب عليهما فدية؟ قال في النهاية (١) والمبسوط (٢) والاقتصاد (٣) : نعم ، وبه قال القديمان (٤) والصدوقان في الرسالة (٥) والمقنع (٦) واختاره القاضي (٧) والمصنف (٨) والعلامة (٩).

وقال المفيد : لا كفارة عليهما مع العجز ، وإذا أطاقاه بمشقة عظيمة ، وكان يمرضهما ويضرّ بهما ضررا هيّنا كفّرا (١٠) وهو قول

__________________

(١) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٩ س ٥ قال : والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إذا عجزا عن الصيام أفطرا وتصدقا عن كل يوم بمدين من طعام إلخ.

(٢) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل في حكم المريض والمسافر. ص ٢٨٥ س ٢ قال : واما الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إلخ.

(٣) الاقتصاد : كتاب الصوم ، فصل في حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ٢٩٤ س ١٣ قال : عليهم كفارة بلا قضاء.

(٤) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٤ س ٢٨ قال : مسألة الشيخ الكبير والشيخة الكبيرة إلى أن قال : وهو «أي وجوب الكفارة» اختيار ابن أبي عقيل وابن الجنيد وابن بابويه في رسالته إلخ.

(٥) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٤ س ٢٨ قال : مسألة الشيخ الكبير والشيخة الكبيرة إلى أن قال : وهو «أي وجوب الكفارة» اختيار ابن أبي عقيل وابن الجنيد وابن بابويه في رسالته إلخ.

(٦) المقنع : أبواب الصوم (٧) باب من يضعف عن الصيام قال : إذا لم يتهيّأ للشيخ الى أن قال : فعليهم جميعا الإفطار ويتصدق كل واحد عن كل يوم بمد من طعام.

(٧) المهذب : ج ١ كتاب الصيام ، باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٦ س ١٢ قال : والشيخ والمرأة الكبيرة إلخ.

(٨) المعتبر كتاب الصوم ص ٣١٩ س ١٤ قال : الرابعة الشيخ الكبير والشيخة إذا عجزا عن الصوم إلخ.

(٩) القواعد : كتاب الصوم ص ٦٧ قال : الثالث العجز عن الأداء كالشيخ والشيخة وذي العطاش فإنهم يفطرون رمضان ويفدون عن كل يوم إلخ.

(١٠) المقنعة : كتاب الصيام ، باب حكم العاجز عن الصيام ص ٥٥ س ٣٧ قال : والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إذا لم يطيقا إلخ.

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

السيد (١) وسلار (٢) وابن إدريس (٣) وقال التقي : باستحباب الصدقة إذا عجزا (٤) وقال الشيخ في التهذيب ، لما ذكر قول المفيد بالتفصيل المذكور : لم أحد به حديثا مفصّلا ، والأحاديث كلها على انّه متى عجزا كفّرا. ولعلّه نظر الى سقوط التكليف مع تحقق العجز عن الصيام ، وليس بمتوجه ، إذ ليس وجوب الصدقة على حدّ وجوب الصيام ، بل جاز الانتقال من فرض الصوم الى التكليف بالصدقة كما في خصال الكفارة (٥).

واختار العلامة في المختلف قول المفيد (٦) لقوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (٧) دلّ بمفهومه على سقوطه مع العجز.

وهو ضعيف.

واحتج أيضا بأصالة البراءة ، وهو معارض بالاحتياط. وأجاب عن الروايات

__________________

(١) جمل العلم والعمل : كتاب الصوم ، فصل في حكم المسافر والمريض ص ٩٢ س ١٢ قال : ومن بلغ من الهرم الى حدّ إلخ.

(٢) المراسم : كتاب الصوم ، احكام الإفطار في الصوم الواجب ص ٩٧ س ١٠ قال : فالمضطر الى أن قال : وهو الشيخ الهرم الذي يطيق الصوم بمشقة عظيمة إلخ.

(٣) السرائر : كتاب الصوم ، باب حكم المسافر والمريض ص ٩١ س ٢١ قال : والعاجز عن الصيام على ثلاثة أضرب ، الأوّل لا يجب عليه قضاء ولا كفارة وهو الشيخ الهرم والشيخة الى أن قال : والثاني يكفّر ولا قضاء عليه إلخ.

(٤) الكافي : الصوم ، فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨٢ س ١ قال : فان عجز عن الصوم لكبر سقط عنه فرض الصوم وهو مندوب إلى إطعام مسكين عن كل يوم.

(٥) التهذيب : ج ٤ (٥٨) باب العاجز عن الصيام ص ٢٣٧ قال : قال الشيخ رحمه الله : والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ، الى أن قال : هذا الذي فصّل به بين من يطيق الصيام بمشقة وبين من لا يطيقه أصلا فلم أجد به حديثا مفصّلا إلخ ثمَّ نقل المصنف قدّس سرّه كلام الشيخ مع تغيير في بعض العبارات فلاحظ

(٦) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٤ س ٣٨ قال بعد نقل الأقوال : والوجه قول المفيد رحمه الله.

(٧) البقرة : ١٨٤.

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

التي استدلّ بها الشيخ بقبولها التأويل وجوار حملها على التفصيل (١).

الثانية : في تقدير الكفارة ، والمشهور انها مدّ للقادر والعاجز ، وقال الشيخ : مدان مع القدرة ومدّ مع العجز (٢) وهو اختيار القاضي (٣) وبالأوّل قال القديمان (٤) والصدوقان (٥) والسيد (٦) وسلار (٧) وابن إدريس (٨) واختاره المصنف (٩) والعلامة (١٠) لأصالة البراءة ولأنه الغالب في كفاية المسكين ليومه ، ولروايتي الحلبي (١١) ومحمّد بن مسلم (١٢) الصحيحين.

__________________

(١) لاحظ المختلف بعد قوله «والوجه قول المفيد رحمه الله» قال : لنا قوله تعالى. إلخ.

(٢) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٩ س ٦ قال : وتصدقا عن كل يوم بمدين من طعام فان لم يقدرا عليه فبمدّ منه.

(٣) المهذب : ج ١ كتاب الصيام باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٦ س ١٣ قال : أن يتصدقا عن كل يوم بمدين من طعام أو بمد إلخ.

(٤) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٥ س ١٤ قال : وقال المفيد وابن عقيل وابن الجنيد إلى أن قال : مدّ واحد.

(٥) المقنع : أبواب الصوم (٧) باب من يضعف عن الصيام ص ٦١ س ١٥ قال : ويتصدق كل واحد عن كل يوم بمدّ من طعام ، وفي المختلف كتاب الصوم ص ٧٠ س ١٨ قال : وقال ابنا بابويه يتصدّق عن كل يوم بمد ، وهو المعتمد.

(٦) جمل العلم والعمل : فصل في حكم المسافر والمريض ومن تعذر عليه الصوم ص ٩٢ س ١٤ قال : ويكفر عن كل يوم بمدّ عن طعام.

(٧) المراسم : كتاب الصوم ، أحكام الإفطار في صوم الواجب ص ٩٧ س ١٠ قال : يجب عليه عن كل يوم مدّ من الطعام ، وهو الشيخ الهرم.

(٨) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٩١ س ٢٣ قال : فان له أن يفطر ويكفر عن كل يوم بمدّ من طعام.

(٩) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٩ قال : المرابعة الشيخ الكبير والشيخة إذا عجزا عن الصوم تصدّقا عن كل يوم بمدّ من طعام.

(١٠) تقدم نقله عن المختلف.

(١١) التهذيب : ج ٤ (٥٨) باب العاجز عن الصيام ص ٢٣٧ الحديث ١.

(١٢) التهذيب : ج ٤ (٥٨) باب العاجز عن الصيام ص ٢٣٨ الحديث ٤.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الثالثة : ذو العطاش الذي لا يرجى برؤه ويتوقع زواله يفطر ويقضي مع البرء ، وهل تجب الكفارة؟ قال الشيخ : نعم (١) ، وبه قال سلار (٢) والقاضي (٣) وابن حمزة (٤) واختاره المصنف (٥) لرواية محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : الشيخ الكبير ، وذو العطاش لا حرج عليهما ان يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدّ من طعام ، ولا قضاء عليهما ، فان لم يقدرا فلا شي‌ء عليهما (٦).

وبعدمه قال المفيد (٧) والسيد (٨) وابن إدريس (٩) واختاره العلامة في

__________________

(١) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٩ س ٧ قال : وكذلك الحكم فيمن يلحقه العطاش.

(٢) المراسم : كتاب الصوم أحكام الإفطار في الصوم الواجب ص ٩٧ س ١٠ قال : يجب عليه عن كل يوم مدّ من الطعام الى أن قال : والشاب ذو العطاش.

(٣) المهذب : ج ١ كتاب الصيام باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٦ س ١٥ قال : ومن عرض له عطاش إلخ.

(٤) الوسيلة : كتاب الصوم فصل في بيان احكام المريض والعاجز عن الصيام ص ٦٨٥ س ١٩ قال : والعاجز عن الصيام أربعة نفر الى أن قال : ومن به العطاش.

(٥) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٩ قال : مسألة وذو العطاش يتصدق كل يوم بمدّ.

(٦) التهذيب : ج ٤ (٥٨) باب العاجز عن الصيام ص ٢٣٨ الحديث ٤.

(٧) المقنعة : كتاب الصيام باب حكم العاجز عن الصيام ص ٥٦ س ٣ قال : اللهم الّا أن يكون ذلك (أي العطاش) لعارض يتوقع زواله فيفطر ولا كفارة عليه فاذا زال عنه العارض وصحّ وبرأ وجب عليه القضاء.

(٨) جمل العلم والعمل : كتاب الصوم ، فصل في حكم المسافر والمريض ومن تعذّر عليه الصوم ص ٩٣ س ١ قال : فان كان العطش عارضا يتوقع زواله أفطر ولا كفارة تلزمه وإذا برأ وجب عليه القضاء.

(٩) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٩١ س ٢٣ قال : فان كان العطاش عارضا يتوقع زواله ويرجى برؤه أفطر ولا كفارة عليه فاذا برأ وجب عليه القضاء.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المختلف (١). لأنه كالمريض والأصل براءة الذمة.

فرع

ولا يجوز له التملّي من الشراب لرواية عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه قال : يشرب بقدر ما يمسك رمقه ، ولا يشرب حتى يروى (٢).

الرابعة : الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن ، والنظر في فصلين :

(الأول) في وجوب القضاء ، وهو المشهور بين الأصحاب ، وقال الفقيه في الرسالة : بسقوطه عن الشيخ والشيخة ، والشاب الذي لا يتهيّأ له الصوم من العطش أو الجوع ، والمرأة الحامل مع الصدقة بمدّ لكل يوم (٣).

(الثاني) في وجوب الفدية وهو المشهور ، وفي تقديرها قولان :

(أ) مدّان مع القدرة ومدّ مع الضرورة ، وهو اختيار الشيخ (٤) والقاضي في المهذب (٥).

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٥ قال : مسألة ذو العطاش الذي يرجى برؤه الى أن قال : وهو الأقرب ، أي قول المفيد.

(٢) التهذيب : ج ٤ (٥٨) باب العاجز عن الصيام ص ٢٤٠ الحديث ٩.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٥ قال : مسألة قال علي بن بابويه في الرسالة : وإذا لم يتهيّأ للشيخ أو الشاب أو المرأة الحامل أو المرضع إلخ.

(٤) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٩ س ٨ قال : والحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن الى أن قال : وتتصدقا عن كل يوم إلخ.

(٥) المهذب : ج ١ كتاب الصيام باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٦ س ١٨ قال : والمرأة الحامل والمرضعة القليلة اللبن الى أن قال : وعليهما الصدقة عن كل يوم بمثل ما ذكرناه متقدما من المدّين.

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) اجزاء المدّ مطلقا ، وهو مذهب الفقيه (١) والسيد (٢) والمفيد (٣) وتلميذه (٤).

وقيل : باستحباب الفدية عن كل يوم بمدّ وهو قول أبي علي (٥).

__________________

(١) المقنع : ج ١ أبواب الصوم (٧) باب من يضعف عن الصيام ص ٦١ س ١٥ قال : فعليهم جميعا الإفطار ويتصدّق كل واحد عن كل يوم بمدّ من طعام.

(٢) جمل العلم والعمل : كتاب الصوم ، فصل في حكم المسافر والمريض ومن تعذّر عليه الصوم ص ٩٣ س ٣ قال : والحامل والمرضع إذا خافتا ولديهما من الصوم الضرر أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمدّ.

(٣) المقنعة : كتاب الصيام باب حكم العاجز عن الصيام ص ٥٦ س ٣ قال : والمرأتا الحامل والمرضع الى ان قال : أفطرتا وتصدّقتا في كل يوم بمدّ من طعام.

(٤) المراسم : كتاب الصوم ، احكام الإفطار في صوم الواجب قال : أحدها يجب عليه عن كل يوم مدّ الى أن قال : والحامل والمرضع اللتان تخافان على ولدهما.

(٥) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٥ س ٣٨ قال : وابن الجنيد قال : الى أن قال : وان كان فطره لأجل غيره كالمرضعة من أجل صبيّها كان أحوط أن يقضي ويتصدق بمدّ عن كل يوم.

٩٠

كتاب الاعتكاف

٩١
٩٢

كتاب الاعتكاف

والنظر في شروطه ، وأقسامه ، وأحكامه

أما الشروط فخمسة :

النية ، والصوم : فلا يصح الّا في زمان يصح صومه ممّن يصحّ منه ،

______________________________________________________

كتاب الاعتكاف

مقدّمة

الاعتكاف لغة : اللبث الطويل ، قال الله تعالى (ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) (١).

وقال الشاعر :

ومعتكف في ربع غرة لم يكن

له حاجة في الربع الّا اعتمارها (٢)

أي زيارتها.

وشرعا : لبث مخصوص للعبادة ، وأقلّه ثلاثة أيام ، وهي في الحقيقة ثلاثة أيّام بليلتين ، فيجوز الخروج في نهاية الثالث ليلة الرابع ، ولا يجب الحضور أول الثلاثة من

__________________

(١) الأنبياء : ٥٢.

(٢) لم يسم قائله.

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

غرة الليل ، بل قبل الفجر بما يسع النية ، فيكون في الحقيقة ثلاثة أيام وليلتان وجزء ان من المبدأ والمنتهى.

وهو مشروع بالكتاب والسنّة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى (طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ) (١) وقوله تعالى (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) (٢) (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (٣).

وأما السنّة فمواظبته عليه السّلام عليه ، إلى أن قبض. وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعمرتين (٤).

وقال الصادق عليه السّلام : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد ، وضربت له قبة من شعر ، وشمر المئزر (٥) وطوى فراشه ، وقال : كانت وقعة بدر في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله صلّى الله عليه وآله فلمّا أن كان من قابل اعتكف عشرين عشرا لعامه وعشرا قضاء لما فاته (٦).

وربما توهم بعض الناس انه يفهم من هذا الحديث عدم مشروعية الاعتكاف في غير رمضان لأنه عليه السّلام لم يقضه إلّا في رمضان ، ولو كان مشروعا في غيره لشارع اليه قبله للآية والرواية.

والجواب مشروعية الاعتكاف في غير رمضان معلوم من عموم الندب إلى فعل

__________________

(١) البقرة : ١٢٥.

(٢) الحج : ٢٥.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) الفقيه : ج ٢ (٦٠) باب الاعتكاف ص ١٢٢ الحديث ١٦.

(٥) أي تهيّأ للعبادة مهتما لها كما يشمر من يهتم بفعل (روضة المتقين ج ٣ ص ٤٩٦ في الحديث ، يا عيسى شمّر فكلما هو آت قريب ، أي جدّ واجتهد فيما كلفت به) إلى أن قال : وشمّر عن إزاره بالتشديد أي رفعه (مجمع البحرين لغة شمر).

(٦) الفقيه : ج ٢ (٦٠) باب الاعتكاف ص ١٢٠ الحديث ٢.

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الخير والمسارعة إلى البرّ ، قال تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) (١) (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) (٢) (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٣) (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (٤).

وقال الصادق عليه السّلام : كلّ شي‌ء مطلق حتى يرد فيه منع (٥) وهو غير معلوم في صورة النزاع وكذا الاذن من الأئمة عليهم السّلام ، فيه ، من غير تقييد بزمان ، ولو كان مشروطا لبيّنوه كما بيّنوا غيره من الشروط ، كالمكان ، والتروك ، وغير ذلك من أحكام الاعتكاف ، ولم يذكروا الزمان فلو كان واجبا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وقد حذر منه.

ولرواية أبي بصير في المعتكفة إذا طمثت ، قال : ترجع إلى بيتها فاذا طهرت رجعت فقضت ما عليها (٦) وهو عام. ولا يلزم من التأخير إلى رمضان كونه لا يجوز في غيره ، لجواز كون التأخير لعذر ، ولا نسلّم أن المسارعة أفضل مطلقا ، الا ترى استحباب تأخير العشائين إلى المزدلفة ولو تربع الليل ، والعشاء حتى يسقط الشفق. ولما كان الفائت من زمان شريف أحب أن تكون القضاء موازيا له في الشرف ، ولا يتحقق ذلك قبل رمضان ، فلهذا أخّره.

ويؤيده قول الباقر عليه السّلام : من أراد أن يتصدّق قبل الجمعة بيوم ، فليؤخّره إلى الجمعة (٧).

وأما الإجماع : فمن سائر المسلمين ، وان اختلفوا.

__________________

(١) البقرة : ١٤٨.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) آل عمران : ١٣٣

(٤) التغابن : ١٦.

(٥) عوالي اللئالى : ج ٣ باب الاعتكاف ص ١٤٦ الحديث ٤.

(٦) الفروع : ج ٤ كتاب الصيام باب المعتكف يمرض والمعتكفة تطمث ص ١٧٩ الحديث ٢.

(٧) عوالي اللئالي : ج ٣ باب الاعتكاف ص ١٤٧ الحديث ٦.

٩٥

والعدد وهو ثلاثة أيام والمكان ، وهو كل مسجد جامع ، وقيل : لا يصحّ إلّا في أحد المساجد الأربعة ، مكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والبصرة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : والمكان وهو كل مسجد جامع ، وقيل : لا يصح الّا في المساجد الأربعة ، مكة والمدينة وجامع الكوفة والبصرة.

أقول : للأصحاب في اعتبار المكان خمسة أقوال :

(أ) جوازه في مطلق المساجد ، وأفضلها المسجد الحرام ومسجد الرسول صلّى الله عليه وآله ومساجد الجماعات ، وهو قول ابن عقيل (١).

(ب) انه المسجد الجامع ، والمراد به المسجد الأعظم الذي تصلّى فيه الجمعة في بلد المعتكف ، وهو ظاهر المفيد رحمه الله حيث قال : لا يكون الاعتكاف إلّا في المسجد الأعظم ، وقد روي انّه لا يكون إلّا في مسجد جمّع فيه النبي عليه السّلام أو وصي نبيّ الى ان قال : ومسجد المدينة جمّع فيه رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، ومسجد الكوفة والبصرة جمع فيهما أمير المؤمنين عليه السّلام (٢) وهو اختيار المصنف (٣).

(ج) أنه خمسة مساجد بإضافة مسجد المدائن إلى الأربعة وهو قول الصدوق في المقنع (٤).

(د) انه أربعة مساجد وجعل عوض مسجد البصرة مسجد المدائن ، وهو قول

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ، في الاعتكاف ص ٨١ س ١٤ قال : وقال ابن عقيل : الاعتكاف عند آل الرسول عليهم السلام لا يكون إلّا في المساجد.

(٢) المقنعة : كتاب الصيام ص ٥٨ س ٥.

(٣) شرائع الإسلام : كتاب الاعتكاف قال : الرابع المكان فلا يصحّ الّا في مسجد جامع ، وفي المعتبر كتاب الاعتكاف ص ٣٢٣ س ١٣ قال : وما ذهب اليه المفيد واتباعه حسن وهو الأولى ، لأنه أقرب إلى مطابقة القرآن وأبعد من تخصيصه.

(٤) المقنع : (١٦) باب الاعتكاف ص ٦٦ قال : اعلم انه لا يجوز الاعتكاف إلّا في خمسة مساجد الى قوله ومسجد مدائن.

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الفقيه قدّس الله روحه (١).

(ه) انه الأربعة المحكية في الكتاب لا غير وهو مذهب الشيخ (٢) وعلم الهدى (٣) والصدوق في من لا يحضره الفقيه (٤) والقاضي (٥) وابن حمزة (٦) والتقي (٧) وسلار (٨) وابن إدريس (٩) واختاره العلامة (١٠).

واحتج كل فريق على ما ذهب اليه بعموم رواية أو منطوقها.

واحتج الشيخ بأنه أحوط ، للاتفاق عليه ، ولأنه أشهر بين الأصحاب ، ولصحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ قال : لا يعتكف

__________________

(١) المختلف : الفصل السابع في الاعتكاف ص ٨١ س ٤ قال : وقال علي بن بابويه : لا يجوز الاعتكاف إلى قوله ومسجد المدائن.

(٢) النهاية : باب الاعتكاف ص ١٧١ س ١ قال : والمواضع التي يجوز فيها الاعتكاف الى أن قال : وهي أربعة مساجد.

(٣) جمل العلم والعمل : كتاب الاعتكاف ص ٩٩ س ٤ قال : ولا يجوز الاعتكاف الى أن قال : وهي أربعة مساجد.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ باب الاعتكاف ص ١٢٠ الحديث ٤ ففيه المساجد الأربعة.

(٥) المهذب : ج ١ باب الاعتكاف وصيامه ص ٢٠٤ س ٤ قال : ويعتكف في أحد أربعة مساجد.

(٦) الوسيلة : كتاب الاعتكاف ص ٦٨٥ س ٢٨ قال : والرابع كل مسجد قد صلّى الله عليه وآله الى أن قال : وهي أربعة مساجد.

(٧) الكافي : الصوم ، فصل في صوم الاعتكاف ص ١٨٦ س ١١ قال : والمكان مكة ومسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله الى أن قال : دون سائر الأمكنة.

(٨) المراسم : ذكر الاعتكاف ص ٩٩ س ٧ قال : وأما الموضع المخصوص فهو أحد أربعة مواضع إلخ.

(٩) السرائر : كتاب الاعتكاف ص ٩٧ س ٩ قال : وثالثها يرجع الى البقعة الى أن قال : والراجع إلى البقعة هو أن يكون الاعتكاف في مساجد مخصوصة وهي أربعة مساجد

(١٠)) المختلف : في الاعتكاف ، ص ٨١ س ١٦ قال بعد نقل الأقوال : والمعتمد الأول ، أي قول الشيخ والسيّد.

٩٧

والإقامة في موضع الاعتكاف ، فلو خرج أبطله إلّا لضرورة ، أو طاعة ، مثل تشييع جنازة مؤمن أو عيادة مريض أو شهادة ، ولا يجلس لو خرج ، ولا يمشي تحت ظلّ ، ولا يصلّي خارج المسجد إلّا بمكة.

______________________________________________________

إلّا في مسجد صلّى فيه امام عدل جماعة ، ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكّة (١).

واحتج المفيد برواية أبي الصباح الكناني (٢).

واحتج الفقيه برواية عمر بن يزيد عن الصادق عليه السّلام : لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه امام عدل (٣).

وروي ان الحسن عليه السّلام صلّى بمسجد المدائن (٤).

واحتج الصدوق برواية عمر بن يزيد عن الصادق عليه السّلام : لا يعتكف إلّا في مسجد جماعة قد صلّى فيه امام عدل جماعة (٥).

واحتج ابن عقيل بقوله تعالى (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (٦) ولأصالة الجواز.

قال طاب ثراه : ولا يجلس لو خرج ، ولا يمشي تحت ظل ، ولا يصلّي خارج المسجد إلّا بمكّة.

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ باب الاعتكاف ص ١٤٨ الحديث ٨ وفي الفقيه : ج ٢ (٦٠) باب الاعتكاف ص ١٢٠ الحديث ٥ وقد روي في مسجد المدائن.

(٢) الفروع : ج ٤ باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها ص ١٧٦ الحديث ١.

(٣) التهذيب : ج ٤ (٦٦) باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام ص ٢٩١ الحديث ١٧.

(٤) التهذيب : ج ٤ (٦٦) باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام ص ٢٩٠ الحديث ١٤.

(٥) الفقيه : ج ٢ (٦٠) باب الاعتكاف ص ١٢٠ الحديث ٤ ورواه في التهذيب وفيه (لا اعتكاف) وقد تقدم نقله.

(٦) البقرة : ١٨٧.

إعلام إرشاديّ

اعلم ان المصنف قدّس سرّه خلط بين أصحاب الآراء وآرائهم كما لتعرفه عند نقل أقوالهم عن

٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : ذهب الشيخ في أكثر كتبه إلى انه لا يجوز له إذا خرج لحاجة أن يمشي تحت ظل (١) وبه قال الحسن (٢) والتقي (٣) وابن إدريس (٤) والمصنف في النافع (٥) والعلامة في التذكرة (٦).

وقال في المبسوط (٧) والمفيد (٨) : ولا يجلس تحت سقف ، فخصّاه بالجلوس ، وهو مذهب المصنف في المعتبر (٩) والعلامة في المختلف (١٠) لأصالة الإباحة.

__________________

كتبهم والأحسن ما نقله في المختلف ونحن ننقل عبارته برمته لكي يعرف القائل ومقولة ، قال في ص ٨٥ س ٢ : مسألة قال الشيخ في أكثر كتبه : إذا خرج لحاجة لا يمشى تحت الظلال وكذا قال ابن إدريس ونحوه قال السيد المرتضى فإنه قال : لا يستظل تحت سقف ، وقال في المبسوط : لا يجلس تحت الظلال ، وكذا قال ابن عقيل وأبو الصلاح ونحوه قال المفيد فإنه قال : ولا يظلّه سقف يجلس تحته ، وقال سلار ولا يقعدن تحت سقف وهو الأقرب.

والآن ننقل عبائرهم عن كتبهم.

(١) النهاية : باب الاعتكاف ص ١٧٢ س ٧ قال : ولا يمشي تحت الظلال.

(٢) المختلف : ص ٨٥ قال : وكذا قال ابن عقيل (أي لا يجلس تحت الظلال).

(٣)) الكافي : الصوم ، فصل في صوم الاعتكاف ص ١٨٧ س ٢ قال : ولا يجلس تحت سقف اختيارا.

(٤) السرائر : كتاب الاعتكاف ص ٩٨ س ٩ قال : ولا يجوز له أن يخرج من المسجد الى أن قال : ومتى خرج فلا يقعد في موضع ولا يمشى تحت الظلال ولا يقف فيها.

(٥) لاحظ عبارة النافع في صدر الصفحة.

(٦) التذكرة : ج ١ ، الفصل التاسع في الاعتكاف ص ٢٩١ قال : مسألة إذا خرج المعتكف لضرورة حرم عليه المشي تحت الظلال والوقوف فيه. إلخ.

(٧) المبسوط ج ١ كتاب الاعتكاف ، فصل فيما يمنع الاعتكاف منه ص ٢٩٣ س ١ قال : ويجوز له أن يشهد الجنازة ويعود المريض غير انه لا يجلس تحت الظلال. إلخ.

(٨) المقنعة : باب الاعتكاف ص ٥٨ س ٤ قال : وإذا خرج من المسجد فلا يظله سقف يجلس تحته إلخ.

(٩) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٤ س ١ قال : وليس المحرم إلا قعوده تحت ظل وغيره وبه قال في المبسوط.

(١٠) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٥ قال : وقال سلار : ولا يقعدن تحت سقف ، وهو الأقرب.

٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والروايات وردت بعبارتين. إحداهما (لا يقعد) والأخرى (لا يجلس) فيبقى المشي على الإباحة.

روى داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لا تخرج من المسجد إلّا لحاجة لا بدّ منها ، ولا تقعد تحت الظلال حتى تعود الى مجلسك (١).

ويجوز ان يأكل ماشيا في منزله.

واعلم ان الجلوس خارج المسجد محرم سواء كان تحت ظل أو غيره ، لأنه مناف للاعتكاف الذي هو اللبث ، الّا مع الضرورة.

فرع هل يجوز للمعتكف الصعود الى سطح المسجد الذي اعتكف فيه والنوم؟ جزم بالجواز العلامة في التذكرة (٢) وقال الشهيد : ولو صعد سطح المسجد فكا لخروج (٣) وقيل : لا ، والمعتمد الأوّل ، قال العلامة في منتهى المطلب : يجوز للمعتكف الصعود الى السطح في المسجد لأنه من جملته ، وبه قال الفقهاء الأربعة : ويجوز ان يبيت فيه ، وقال فيه أيضا : هل يجوز أن يعتكف على سطح المسجد؟ قال بعض الجمهور : نعم ، لأنّ سطح المسجد من المسجد ، ولهذا يمنع منه الجنب كما يمنع من سفله (٤) وقال في

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٦٦) باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام ص ٢٨٧ الحديث ٢.

(٢) التذكرة : ج ١ في الاعتكاف ص ٢٩١ س ٢٩ قال : ويجوز للمعتكف الصعود على سطح المسجد الى ان قال : وكذا يجوز ان يبيت فيه. إلخ.

(٣) المسالك : ج ١ في الاعتكاف ص ٨٤ س ٩ قال : واختار الشهيد عدم دخول السطح في مسماه.

(٤) منتهى المطلب : ج ٢ كتاب الاعتكاف ص ٦٣٥ قال : الثاني يجوز للمعتكف الصعود الى السطح في المسجد الى أن قال : ويجوز أن يبيت فيه.

١٠٠