المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

الخامس : الأضحية ، وهي مستحبّة ، ووقتها بـ «منى» يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي الأمصار يوم النحر ويومان بعده. ويكره أن يخرج من أضحيته شيئا عن «منى» ولا بأس بالسنام ، وممّا يضحيه غيره. ويجزئ هدي التمتع عن الأضحية ، والجمع أفضل. ومن لم يجد الأضحية تصدق بثمنها. فان اختلف أثمانها جمع الأوّل والثاني والثالث وتصدّق بثلثها. ويكره التضحية بما يربّيه ، وأخذ شي‌ء من جلودها ، وإعطاؤها الجزّار.

وأمّا الحلق : فالحاج مخير بينه وبين التقصير ، ولو كان صرورة أو ملبّدا على الأظهر (١) ، والحلق أفضل. والتقصير متعيّن على المرأة ، ويجزئ ولو قدر الأنملة. والمحل بـ «منى» ولو رحل قبله عاد للحلق أو التقصير. ولو تعذر حلق أو قصر حيث كان وجوبا ، وبعث بشعره إلى «منى» ليدفن بها استحبابا. ومن ليس على رأسه شعر ، يجزيه إمرار الموسى.

______________________________________________________

واجد الثمن كواجد الهدي ، كما في العتق ، ووقته باق وهو ذو الحجة ، والاستدراك فيه ممكن ، ولرواية حريز وغيرها (١).

(ب) التخيير ، وهو قول أبي علي ، وحكايته : لو لم يجد الهدي الى يوم النفر كان مخيّرا بين أن ينظر وسط ما وجد به في سنة هدى ، فيتصدق به بدلا منه ، وبين أن يصوم ، وبين أن يدع الثمن عند بعض أهل مكة يذبح عنه إلى آخر ذي الحجة ، فان لم يجد ذلك أخّره إلى قابل أيّام النحر (٢).

قال طاب ثراه : وأمّا الحلق فان الحاج مخيّر بينه وبين التقصير ، والحلق أفضل ، ولو كان صرورة أو ملبدا على الأظهر.

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ (٤) باب ضروب الحج ص ٣٧ الحديث ٣٨ و ٣٩.

(٢) المختلف : كتاب الحج ص ١٣٤ س ١١ قال : وقال ابن الجنيد : ولو لم يجد الهدي الى يوم النفر إلخ.

٢٠١

والبدء برمي جمرة العقبة ، ثمَّ بالذبح ، ثمَّ بالحلق ، واجب. فلو خالف أثم ولم يعد.

ولا يزور البيت لطواف الحج الّا بعد الحلق أو التقصير. فلو طاف قبل ذلك عامدا لزمه دم شاة ، ولو كان ناسيا لم يلزمه شي‌ء وأعاد طوافه.

ويحلّ من كلّ شي‌ء عند فراغ مناسكه بـ «منى» عدا الطيب والنساء والصيد ، فاذا طاف لحجّة حلّ له الطيب ، وإذا طاف طواف النساء حللن له.

ويكره المخيط حتى يطوف للحج ، والطيب حتى يطوف طواف النساء.

ثمَّ يمضي إلى مكة للطواف والسعي ليومه ، أو من الغد. ويتأكّد في جانب المتمتع ، ولو أخّر أثم وموسّع للمفرد والقارن طول ذي الحجة على كراهية.

ويستحب له إذا دخل مكة الغسل ، وتقليم الأظفار ، وأخذ الشارب ، والدعاء عند باب المسجد.

______________________________________________________

أقول : التخيير مذهب ابن إدريس (١) والمصنف (٢) والعلامة (٣) وأحد قولي

__________________

(١) السرائر : باب الحلق والتقصير ص ١٤١ س ٣٦ قال : وهو مخيّر بين الحلق والتقصير سواء كان صرورة أو لم يكن إلخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٣٧ قال : المطلب الثالث في الحلق ، مسألة الحلق أفضل من التقصير مطلقا.

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الشيخ (١) لقوله تعالى (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) (٢) وليس المراد به الجمع قطعا ، بل امّا التخيير أو التفصيل ، والثاني يلزم منه الاجمال ، وهو مرجوح ، فتعيّن الأوّل ، ولصحيحة حريز (٣).

والتفصيل ـ وهو وجوب الحلق على الملبّد والصرورة ، وإجزاء التقصير لغيرهما ـ أحد قولي الشيخ (٤) وأبي علي (٥).

والمراد بالصرورة من لم يحج حجّة الإسلام. وبالملبّد الذي يجعل في رأسه الصمغ والعسل ليقتل القمّل.

والحق به أبو علي من كان شعره مظفورا أو مقصوصا (٦) من الرجال (٧) وقال الحسن : ومن لبّد شعره أو عقصه فعليه الحلق (٨) ولم يذكر الصرورة ، وعكس المفيد فقال : ولا يجزى الصرورة غير الحلق (٩) ولم يذكر الملبّد.

__________________

(١) الجمل والعقود : ص ٧٦ س ٦ قال : وأمّا الحلق فمستحب للصرورة ، وغير الصرورة يجزيه التقصير والحلق أفضل.

(٢) الفتح : ٢٧.

(٣) التهذيب : ج ٥ (١٧) باب الحلق ص ٢٤٣ الحديث ١٥.

(٤) النهاية : باب الحلق والتقصير ص ٢٦٢ قال : وان كان صرورة لا يجزيه غير الحلق ، وفي المبسوط : ج ١ ص ٣٧٦ س ١٥ قال : فان لبّد شعره لم يجزه غير الحلق إلخ.

(٥) المختلف : كتاب الحج ص ١٣٧ س ٣٧ قال : وقال ابن الجنيد : ولا يجزي الصرورة ومن كان غير صرورة لبّد الشعر أو مظفورا أو معقوصا من الرجال غير الحلق.

(٦) عقص الشعر ، جمعه وجعله في وسط الرأس وشدّه ، ومنه الحديث : رجل صلّى معقوص الشعر ، قال : يعيد (مجمع البحرين لغة عقص).

(٧) تقدم نقله آنفا.

(٨) المختلف : كتاب الحج ، المطلب الثالث في الحلق ص ١٣٧ س ٣٨ قال : وقال ابن أبي عقيل : ويحلق رأسه بعد الذبح الى أن قال : ومن لبّد رأسه واعقصه فعليه الحلق واجب.

(٩) المقنعة : باب الحلق ص ٦٦ س ٦ قال : ولا يجزى الصرورة غير الحلق إلخ.

٢٠٣

القول في الطواف

والنظر في مقدمته وكيفيته وأحكامه :

أمّا المقدّمة : فيشترط تقديم الطهارة ، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن ، والختان في الرجل.

ويستحب مضغ الإذخر قبل دخول مكة ، ودخولها من أعلاها حافيا على سكينة ووقار ، مغتسلا من بئر ميمون ، أو فخ. ولو تعذّر اغتسل بعد الدخول. والدخول من باب بني شيبة. والدعاء عنده.

وأمّا الكيفية : فواجبها النيّة. والبداءة بالحجر. والختم به. والطواف على اليسار. وإدخال الحجر في الطواف ، وأن يطوف سبعا. ويكون بين المقام والبيت. ويصلي ركعتين في المقام ، فان منعه زحام صلّى حياله ، ويصلّي النافلة حيث شاء من المسجد. ولو نسيهما رجع فأتى بهما فيه ، ولو شق صلاهما حيث ذكر. ولو مات قضى عنه الوليّ. والقران مبطل في الفريضة على الأشهر (١). ومكروه في النافلة. ولو زاد سهوا أكملها أسبوعين ، وصلّى ركعتي الواجب منهما قبل السعي ، وركعتي الزيادة بعده. ويعيد من طاف في ثوب نجس ، ولا يعيد لو لم يعلم. ولو علم في أثناء الطواف أزاله وأتمّ. ويصلّي ركعتيه في كل وقت ما لم يتضيق وقت حاضرة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : والقران مبطل في الفريضة على الأشهر.

أقول : معنى القران في الطواف ، أن يقرن بين طوافين ، بان لا يفصل بينهما بصلاة.

٢٠٤

ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتمّ. ولو رجع إلى أهله استناب. ولو كان دون ذلك استأنف. وكذا من قطع الطواف لحدث أو لحاجة ، ولو قطعه لصلاة فريضة حاضرة صلّى ، ثمَّ أتمّ طوافه ، ولو كان دون الأربع ، وكذا للوتر.

ولو دخل في السعي فذكر أنّه لم يطف استأنف الطواف ، ثمَّ استأنف السعي. ولو ذكر أنّه طاف ولم يتم قطع السعي وأتمّ الطواف ثمَّ تمّم السعي.

ومندوبه : الوقوف عند الحجر ، والدعاء ، واستلامه ، وتقبيله. فان لم يقدر أشار بيده. ولو كانت مقطوعة فبموضع القطع. ولو لم يكن له يد أشار. وأن يقتصد في مشيه. ويذكر الله سبحانه في طوافه. ويلزم

______________________________________________________

وهل هذا محرّم في الطواف الواجب ، أو مكروه؟ بالأوّل قال الشيخ (١) والمصنف في كتابيه (٢) وهو أشهر في الروايات (٣) وبالثاني قال ابن إدريس (٤) للأصل ، ولصحيحة زرارة (٥).

__________________

(١) النهاية : باب دخول مكة والطواف بالبيت ، ص ٢٣٨ س ١٠ قال : ولا يجوز أن يقرن بين طوافين في فريضة.

(٢) الشرائع : في كيفية الطواف ، مسائل ستّ ، الأولى ، الزيادة على السبع في الطواف الواجب محظورة على الأظهر. ولا حظ أيضا عبارة المختصر النافع.

(٣) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ، ص ١١٥ الحديث (٤٦ ـ ٤٧ ـ ٤٨).

(٤) السرائر : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ١٣٤ س ٣٤ قال : ولا يجوز أن يقرن بين طوافين في فريضة ولا بأس بذلك في النوافل ، وذلك على جهة تغليظ الكراهة في الفرائض دون الحظر وفساد الطواف وان كان قد ورد لا يجوز القران بين طوافين في الفريضة ، فإن الشي‌ء إذا كان شديد الكراهة قيل لا يجوز ويعرف ذلك بقرائن إلخ.

(٥) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ص ١١٥ الحديث ٤٤.

٢٠٥

المستجار ، وهو بحذاء الباب من وراء الكعبة. ويبسط يديه وخدّه على حائطه. ويلصق بطنه به ، ويذكر ذنوبه. ولو جاوز المستجار رجع والتزم. وكذا يستلم الأركان ، وآكدها ركن الحجر ، واليماني. ويتطوع بثلاثمائة وستين طوافا ، فان لم يتمكّن جعل العدة أشواطا.

ويقرأ في ركعتي الطواف بـ (الحمد) و (الصّمد) في الاولى ، وب (الحمد) و (الجحد) في الثانية ويكره الكلام فيه بغير الدعاء والقراءة.

وأما أحكامه فثمانية :

الأوّل : الطواف ركن ، ولو تركه عامدا بطل حجّه ، ولو كان ناسيا أتى به ، ولو تعذّر العود استناب فيه ، وفي رواية : لو كان على وجه جهالة أعاد وعليه بدنة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : الطواف ركن فلو (١) تركه عامدا بطل حجّه ، ولو كان ناسيا أتى به ، ولو تعذّر العود استناب فيه ، وفي رواية : إن كان على وجه جهالة أعاد وعليه بدنة.

أقول : الفرق بين الركن والفعل في الحج انّه إذا ترك ركنا ناسيا وجب أن يعود له بنفسه ، فان تعذّر استناب ، وفسّر التعذّر هنا بمعنيين : أحدهما المشقة الكثيرة ، والثاني تعذّر الاستطاعة المعهودة.

والفعل إذا ترك نسيانا جاز أن يستنيب فيه وان تمكن من العود.

وترك الركن عمدا يبطل ، وترك الفعل عمدا لا يبطل إذا لم يترتّب عليه غيره من الأركان ، فيبطل الحج حينئذ من حيث ترك الركن ، لأنّ فعل الركن المترتّب

__________________

(١) فان تركه ـ فلو تركه ـ ولو تركه خ ل.

٢٠٦

الثاني : من شك في عدده بعد الانصراف ، فلا إعادة عليه. ولو كان في أثنائه وكان بين السبعة وما زاد قطع ولا إعادة عليه. ولو كان في النقيصة أعاد في الفريضة وبنى على الأقلّ في النافلة. ولو تجاوز الحجر في الثامن وذكر قبل بلوغ الركن ، قطع ولم يعد.

الثالث : لو ذكر انه لم يتطهّر أعاد طواف الفريضة وصلاته. ولا يعيد طواف النافلة ويعيد صلاته استحبابا.

______________________________________________________

على غيره مع ترك ذلك الغير عمدا كلا فعله. وإن لم يترتّب على الفعل المتروك ركن لا يبطل الحج بتركه عمدا كرمي الجمار وطواف النساء ، لكن في هذا يحرم عليه النساء حتى يأتي به بنفسه.

ولو كان الترك نسيانا جاز أن يستنيب اختيارا ، ويحرم عليه النساء حتى يأتي به النائب.

إذا عرفت هذا ، فاذا ترك الطواف عامدا بطل حجّه لما قلناه ، وفي رواية علي بن يقطين الصحيحة : إن كان تركه على وجه الجهالة أعاد الحجّ وعليه بدنة (١) وهي التي أشار إليها المصنف بقوله (وفي رواية) ولعلّ وجه إيجاب البدنة عليه ، عقوبة له ، وان كان ينقدح ضعيفا انّه لا شي‌ء عليه ، لأنّه إذا لم يعرف وجوب الطواف يكون نسكه باطلا من رأس فلا يتعلق به كفارة ، إذ الكفّارة انّما يجب بترك الطواف في نسك صحيح شرعي ، ولهذا الاحتمال لم يجزم المصنف ، بل قال : (وفي رواية)

وعلى القول بوجوب البدنة هنا ، هل يجب على تاركه عمدا مع العلم؟ فيه احتمالان : منشأهما كونه أولى بالعقوبة ، ومن عدم النص.

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ص ١٢٧ الحديث ٩٢.

٢٠٧

ولو نسي طواف الزيارة حتى رجع الى أهله وواقع عاد وأتى به ، ومع التعذّر يستنيب فيه وفي الكفّارة تردّد ، أشبهه : انّها لا تجب الّا مع الذكر (١) ولو نسي طواف النساء استناب. ولو مات قضاه الوليّ.

الرابع : من طاف فالأفضل له تعجيل السّعي ، ولا يجوز تأخيره إلى غده.

الخامس : لا يجوز للمتمتّع تقديم طواف حجّه وسعيه على الوقوف وقضاء المناسك إلّا لامرأة تخاف الحيض أو مريض أو همّ. وفي جواز تقديم طواف النساء مع الضرورة روايتان ، أشهرهما : الجواز (٢) ويجوز للقارن

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو نسي طواف الزيارة حتى رجع الى أهله وواقع عاد وأتى به. ومع التعذّر يستنيب فيه. وفي الكفارة تردّد ، أشبهه انّها لا تجب الّا مع الذكر.

أقول : أمّا وجوب العود لقضائه فلما عرفت من القاعدة التي تقدّمت ، وأمّا وجوب الكفارة فمذهب الشيخ (١) لعموم حسنة معاوية ، وصحيحة العيص (٢) وقال ابن إدريس : لا تجب الكفارة الّا على من واقع بعد الذكر (٣) لأنّه في حكم الناسي ، واختاره المصنف (٤) والعلامة (٥) والشهيد (٦).

قال طاب ثراه : وفي جواز تقديم طواف النساء مع الضرورة روايتان ، أشهرهما الجواز.

__________________

(١) النهاية : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ٢٤٠ س ١٣ قال : ومن نسي طواف الزيارة حتى رجع الى أهله وواقع اهله يجب عليه بدنة والرجوع الى مكة وقضاء طواف الزيارة.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٥) باب الكفارة عن خطأ المحرم. ص ٣٢١ الحديث ١٧ و ١٨ ولا حظ أيضا.

عوالي اللئالي : ج ٣ ص ١٦٥ الحديث ٥٨.

(٣) السرائر : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ١٣٥ س ١٢ قال : ومن نسي طواف الزيارة الى أن قال : والأظهر انه لا شي‌ء عليه.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : كتاب الحج ص ١٢٢ س ١٧ قال : مسألة لو نسي طواف الزيارة الى أن قال :

والأقرب عدم وجوب الكفّارة.

(٦) الدروس : كتاب الحج ص ١١٦ س ٨ قال : درس في أحكامه الى أن قال : والظاهر أنّ الهدي ندب

٢٠٨

والمفرد تقديم الطواف اختيارا ، ولا يجوز تقديم طواف النساء لمتمتّع ولا غيره ، ويجوز مع الضرورة والخوف من الحيض. ولا يقدّم على السعي ، ولو قدّمه عليه ساهيا لم يعد.

السادس : قيل : لا يجوز الطواف وعليه برطلة ، والكراهية أشبه ما لم يكن الستر محرّما.

السابع : كل محرم يلزمه طواف النساء رجلا كان ، أو امرأة ، أو صبيّا ، أو خصيّا ، إلّا في العمرة المتمتع بها.

______________________________________________________

أقول : منع ابن إدريس من تقديم الطوافين مع الضرورة (١) واجازه الباقون ، للأصل ، وللروايات عموما وخصوصا (٢).

قال طاب ثراه : قيل : لا يجوز الطواف وعليه برطلة ، والكراهية أشبه ما لم يكن الستر محرّما.

أقول : بالتحريم قال في النهاية (٣) وبالكراهية قال في التهذيب (٤) وقال ابن إدريس : انّه مكروه في طواف الحج محرّم في طواف العمرة (٥) قال العلامة : وهو

__________________

(١) السرائر : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ١٣٥ س ١٨ قال : والمتمتع إذا أهلّ بالحج لا يجوز له أن يطوف ويسعى الّا بعد أن يأتي منى إلخ.

(٢) الكافي : ج ٤ باب تقديم طواف الحج للمتمتع قبل الخروج إلى منى ص ٤٥٧ الحديث ١ و ٢ و ٣ و ٤ و ٥.

(٣) النهاية : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ٣٤٢ س ٣ قال : ولا يجوز للرجل ان يطوف وعليه برطلة.

(٤) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ص ١٣٤ قال ويكره للرجل أن يطوف وعليه برطلة ، روى ذلك إلخ.

(٥) السرائر : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ١٣٥ س ٢٧ قال : وقد روي انه لا يجوز للرجل ان يطوف وعليه برطلة إلخ.

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجه ، لأنّه في طواف العمرة يكون قد غطّى رأسه وهو محرم ، وفي طواف الحج يجوز له تغطية رأسه ، فلا وجه للتحريم (١).

قلت : وهذا الحكم غير خاص بالبرطلة ، بل هو سار في كل تغطية ، لنصّهم على تحريم تغطية الرأس في العمرة ، وكراهية المخيط للحاج حتى يطوف للحج ، كما يكره الطيب حتى يطوف للنساء فأيّ فائدة في تخصيص البرطلة بالنهي في الخبر (٢) ، واختلاف الأصحاب إذا كانت مندرجة الساتر. وأيضا فإن طوافا لا يكون جزء من حجّ ولا عمرة ، لا يعلم حكمه في البرطلة كالطواف المبتدأ تطوعا ، وذلك أمر مندوب اليه ومرغب فيه ، وتمسّ الحاجة الى معرفة حكمه ، خصوصا مع تأكّد الأمر به حيث كان أفضل من الصلاة للمجاور (٣) وقال عليه السّلام : استكثروا من الطواف فإنه أقلّ شي‌ء يوجد في صحائفكم يوم القيامة (٤).

ويلزم من تخصيص النهى بالنسكين أن يكون مباحا في غيرهما ، لقوله عليه السّلام : كل شي‌ء مطلق (٥) وقال عليه السّلام : اسكتوا عمّا سكت الله (٦).

والأقرب انّ هذا حكم خاص بالبرطلة ، وطواف العمرة خارج عن هذا البحث ، ويبقى الخلاف في طواف الحج ويكون على الكراهية المؤكّدة ، أو في مطلق

__________________

(١) المختلف : كتاب الحج ص ١١٩ س ٦ قال : لنا انه في طواف العمرة إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ص ١٣٤ الحديث ١١٤ و ١١٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ (٦٢) باب فضائل الحج ص ١٣٤ الحديث ١٧ قال : ومن أقام بمكة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة الحديث وفي حديث ١٨ قال : وروي أنّ الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة الحديث.

(٤) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ١٦٥ الحديث ٥٩.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ج ١ (٤٥) باب وصف الصلاة من فاتحتها الى خاتمتها ص ٢٠٨ الحديث ٢٢.

(٦) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ١٦٦ الحديث ٦١.

٢١٠

الثامن : من نذر أن يطوف على أربع ، قيل : يجب عليه طوافان ، وروي ذلك في امرأة نذرت ، وقيل : لا ينعقد ، لأنّه لا يتعبد بصورة النذر.

______________________________________________________

الطواف وان لم يكن في نسك ، وذلك لما في لبسها من التشبه باليهود ، وقد ندب المسلم إلى مباينتهم في كثير من الأحكام ، ولهذا كره لبس السواد لانّه لباس فرعون ، ومثل ذلك كثير ، روى الحسين بن سعيد عن صفوان عن يزيد بن خليفة قال : رآني أبو عبد الله عليه السّلام أطوف حول الكعبة وعليّ برطلة ، فقال لي بعد ذلك : قد رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطلة ، فلا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود (١).

قال طاب ثراه : من نذر أن يطوف على أربع ، قيل : يجب عليه طوافان ، وروي ذلك في امرأة نذرت ، وقيل : لا ينعقد لأنّه لا يتعبّد بصورة النذر.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال :

(أ) وجوب طوافين على هذا الناذر ، طواف ليديه ، وطواف لرجليه ، وهو مذهب الشيخ (٢) محتجا بما رواه السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربعة ، قال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها (٣).

(ب) بطلان النذر من رأس ، لأنّه لم يتعبّد بصورته ، فكأنّه نذر هيئة غير مشروعة ، فكان النذر باطلا ، وهو قول ابن إدريس (٤) واختاره العلامة (٥).

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ص ١٣٤ الحديث ١١٥.

(٢) النهاية : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ٢٤٢ س ٦ قال : ومن نذر أن يطوف على أربع كان عليه طوافان إلخ.

(٣) التهذيب : ج ٥ (٩) باب الطواف ص ١٣٥ الحديث ١١٨.

(٤) السرائر : باب دخول مكة والطواف بالبيت ص ١٣٥ س ٢٩ قال : وقد روي انه من نذر أن يطوف على أربع إلى أن قال : والأول عندي أنّ نذره لا ينعقد إلخ.

(٥) المختلف : الفصل الثاني في الطواف ص ١١٨ ص ٣٢ قال : مسألة قال الشيخ : من نذر أن

٢١١

القول في السعي

والنظر في مقدمته ، وكيفيته وأحكامه.

أمّا المقدمة فمندوبات عشرة : الطّهارة ، واستلام الحجر ، والشرب من زمزم ، والاغتسال من الدلو المقابل للحجر ، والخروج من باب الصفا ، وصعود الصفا ، واستقبال ركن الحجر ، والتكبير ، والتهليل سبعا ، والدعاء بالمأثور.

وأمّا الكيفية ففيها الواجب والندب.

فالواجب أربعة : النية ، والبدأة بالصفا ، والختم بالمروة ، والسعي سبعا. يعدّ ذهابه شوطا وعوده آخر.

والمندوبات أربعة أشياء : المشي طرفيه ، والإسراع ما بين المنارة إلى زقاق العطارين ولو نسي الهرولة رجع القهقرى وتدارك ، والدعاء ، وأن يسعى ماشيا ، ويجوز الجلوس في خلاله للراحة.

وأمّا الأحكام فأربعة :

الأول : السعي ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ، ولا يبطل سهوا ويعود لتداركه ، فان تعذّر العود استناب فيه.

الثاني : يبطل السعي بالزيادة عمدا ، ولا يبطل بالزيادة سهوا. ومن

______________________________________________________

(ج) انعقاد النذر ، ويجب طوافان إن كان الناذر امرأة ، وقوفا على صورة النصّ ، وبطلانه ان كان رجلا.

__________________

يطوف على أربع إلى أن قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو المعتمد.

٢١٢

تيقّن عدد الأشواط وشكّ فيما بدأ به ، فان كان في الفرد على الصفا أعاد ، ولو كان على المروة لم يعد ، وبالعكس لو كان سعيه زوجا ، ولو لم يحصل العدد أعاد ، ولو تيقن النقصان أتى به.

الثالث : لو قطع سعيه لصلاة أو لحاجة ، أو لتدارك ركعتي الطواف ، أو غير ذلك ، أتّم ولو كان شوطا.

الرابع : لو ظنّ إتمام سعيه فأحلّ وواقع أهله ، أو قلّم أظفاره ثمَّ ذكر انّه نسي شوطا أتمّ. وفي الروايات : يلزمه دم بقرة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : لو ظنّ إتمام سعيه فأحلّ وواقع أهله ، أو قلّم أظفاره ، ثمَّ ذكر انه نسي شوطا أتمّ ، وفي الروايات يلزمه دم بقرة.

أقول : روى عبد الله بن مسكان (في الموثق) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط ، وهو يظنّ انّما سبعة ، فيذكر بعد ما أحلّ وواقع انّه إنما طاف ستة أشواط ، فقال : عليه دم بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر (١) وروى سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ، ثمَّ رجع الى منزله وهو يرى انه قد فرغ منه فقلم أظافره وأحلّ ، ثمَّ ذكر انه سعى ستة أشواط ، فقال : ان كان يحفظ انه سعى ستة أشواط ، فليعد وليتم شوطا وليرق دما ، فقلت : دم ما ذا؟ قال : دم بقرة (٢) وهذا مذهب المفيد (٣) وأحد قولي الشيخ (٤) وفتوى العلامة (٥) وفخر المحققين (٦)

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (١٠) باب الخروج الى الصفا ص ١٥٣ الحديث ٣٠.

(٢) التهذيب : ج ٥ (١٠) باب الخروج الى الصفا ص ١٥٣ الحديث ٢٩.

(٣) المقنعة : باب الكفارات ص ٦٨ س ١٦ قال : وإذا سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط الى أن قال : فقصّر وجامع وجب عليه دم بقرة إلخ.

(٤) النهاية : باب السعي بين الصفا والمروة ص ٢٤٥ س ٨ قال : وان واقع أهله قبل إتمامه السعي وجب عليه دم بقرة إلخ.

(٥) قال في القواعد : في أحكام السعي ، ولو ظن المتمتع إكماله في العمرة فأحلّ وواقع ثمَّ

(٦) قال في القواعد : في أحكام السعي ، ولو ظن المتمتع إكماله في العمرة فأحلّ وواقع ثمَّ

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والقول الآخر للشيخ في باب الكفارات من النهاية : لا دم عليه للأصل (١) ولابن إدريس مثل القولين (٢).

واعلم أنّ المراد بالسعي هنا ، سعي عمرة التمتع على ما تضمنه رواية سعيد وصرّح به العلامة في قواعده (٣) فالحج لا يتأتى فيه ذلك ، لحلقه قبل السعي بمنى ، فلا يحرم عليه القلم. والعمرة المفردة لم يرد النصّ فيها بشي‌ء ، فينبغي أن يرجع فيها الى القواعد المقرّرة. ولا شكّ أنّ مواطن التحلل فيها إتيان الحلق أو التقصير بعد السعي ويحلّ به ما عدا النساء ، وطواف النساء بعده ، ويحللن به ، فاذا ذكر نقصا من سعيه بعد جماعه كان عليه بدنة إن لم يعذر الناسي هنا ، وإن كان بعد تقليمه ، فان كان لظفر واحد فمدّ ، وفي الظفرين مدّان ، وفي الثلاثة ثلاثة ، وهكذا الى أظفار يديه أجمع ، ففيها شاة ، وإن كان مع أظفار رجليه واتّحد المجلس ، فكذلك ، والّا فشاتان.

واما عمرة التمتع فاختصت بالنص على وجوب البقرة ، فقد خالفت القواعد الموطدة والأصول الممهّدة من أربعة أوجه :

(أ) عدم اعذار الناسي ، وهو خلاف الحديث المشهور ، وخلاف نصّهم : تسقط

__________________

ذكر النقص أتمه وكفّر ببقرة ، وقال في إيضاح الفوائد بعد نقل رواية ابن مسكان : واعلم أنّ هذا هو الأقوى عندي (إيضاح الفوائد : ج ١ ص ٣٠٣).

(١) النهاية : باب ما يجب على المحرم من الكفارة فيما يفعله عمدا أو خطأ ص ٢٣١ س ٧ قال : وإن كان قد انصرف من السعي ظنا منه انه تمّمه ثمَّ جامع لم يلزمه الكفارة إلخ.

واعلم أني احتملت مشقة شديدة لوجدان هذه الفتوى من الشيخ قدّس سرّه ، وبعد المراجعة بـ (الجوامع الفقهية) : وجدت أنّ حرف (لم) أسقط من كتاب النهاية المطبوعة في بيروت ففيه (ثمَّ جامع يلزمه الكفارة) فتفطن لذلك.

(٢) السرائر : باب ما يلزم المحرم عن جناياته من كفارة ص ١٢٩ س ٢٣ وص ١٣٦ س ٢٧ فلاحظ.

(٣) القواعد : كتاب الحج ، الفصل الثالث في السعي ، المطلب الثاني في أحكامه ، قال : ولو ظنّ المتمتع إكماله في العمرة إلخ.

٢١٤

القول في أحكام منى

بعد العود يجب المبيت بـ «منى» ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، ولو بات بغيرها كان عليه شاتان إلّا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة. ولو

______________________________________________________

الكفارة عن الناسي والجاهل إلّا في الصيد.

(ب) وجوب البقرة في تقليم الأظفار ، والواجب شاة في مجموع الأظفار ، ولو قلّم عامدا قبل السعي رأسا لما وجب عليه سوى الشاة ردّا الى الأصل السالم عن معارضة النصّ على خلافه ، مع ان قوله (فقلّم أظافيره) صادق على ثلاثة أظفار ، وفيها ثلاثة أمداد بالإجماع قبل السعي مع التعمّد ، وفي صورة النزاع يجب فيها البقرة لشمول النصّ. ويحتمل قويا عدم تعلق الحكم الّا بتقليم الأظفار أجمع ، لأن المضاف من ألفاظ العموم ، فيفيد الاستغراق ، نعم يكفي أظفار اليدين عن أظفار الرجلين ، وبالعكس ، لأنّ الشارع أقام أحدهما مقامهما مع اتحاد المجلس.

وقال العلامة في التذكرة : ولو ظنّ إتمامه فجامع أو قلّم فعليه بقرة (١) ولم يحك خلافا ، والقلم يصدق بالظفر الواحد ، ويجوز أن يريد به الجميع.

(ج) انّ مع الجماع تجب بقرة ، مع إنّا إن اعتبرنا حكم النسيان لم يكن عليه شي‌ء ، وان أسقطناه وألحقناه بالعامد كان الواجب بدنة.

(د) مساواة الجماع في الكفارة لتقليم الأظفار.

والحق ترك الاعتراض واتباع النقل عن أهل البيت عليهم السّلام ، لأنّ قوانين الشرع لا يضبطها العقل ، ولا يستقل بعللها (٢).

__________________

(١) التذكرة : ج ١ ، البحث الثالث في الأحكام ص ٣٦٧ س ١١ قال مسألة : لو سعى أقلّ من سبعة أشواط الى أن قال : ولو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصّر أو قلّم كان عليه دم بقرة وإتمام السعي.

(٢) في نسخة (ج) زاد هنا ما لفظه : (عدم تعلّق الحكم اعني وجوب البقرة إلّا بتقليم الجميع).

٢١٥

كان ممّن يجب عليه المبيت الليالي الثلاث لزمه ثلاث شياه. وحدّ المبيت أن يكون بها ليلا حتى يجاوز نصف الليل. وقيل : لا يدخل مكة حتى يطلع الفجر.

ويجب رمي الجمار في الأيام التي يقيم بها ، كلّ جمرة بسبع حصيات مرتبا ، يبدأ بالأولى ثمَّ الوسطى ثمَّ جمرة العقبة. ولو نكس أعاد على الوسطى وجمرة العقبة. ويحصل الترتيب بأربع حصيات على الوسطى وجمرة العقبة. ووقت الرمي ما بين طلوع الشمس الى غروبها. ولو نسي رمي يوم قضاه من الغد مرتّبا. ويستحب أن يكون ما لأمسه غدوة ، وما ليومه بعد الزوال.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وحدّ المبيت أن يكون بها ليلا حتى يجاوز نصف الليل ، وقيل : لا يدخل مكة حتى يطلع الفجر.

أقول : هنا مسائل :

(أ) وجوب المبيت ليالي التشريق بـ «منى» هو المشهور بين الأصحاب. وقال الشيخ في التبيان باستحبابه (١) وهو نادر.

(ب) على تقدير الوجوب ، لو خالف وبات بغيرها ، فان كان متقيا وكان خروجه قيل غروب الشمس وجب عليه شاتان ، وان لم يكن متقيا ، أو كان خروجه منها بعد الغروب ، يلزمه ثلاث شياه. وهذا التفصيل هو المشهور ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢) والمصنف (٣) وأحد قولي

__________________

(١) التبيان : ج ٢ ص ١٥٤ في تفسيره لآية ١٩٦ من سورة البقرة قال : ومناسك الحج تشتمل على مفروض ومسنون الى أن قال : والمسنونات : الجهر بالتلبية واستلام الأركان وأيام منى إلخ.

(٢) المبسوط : ج ١ ، فصل في ذكر نزول منى بعد الإفاضة من المشعر ص ٣٧٨ س ٢ قال : ولا يبيت ليالي التشريق الّا بمنى إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

العلامة (١) وقال في النهاية : يجب ثلاث شياه ولم يفصل (٢) وهو مذهب ابن حمزة (٣) وابن إدريس (٤) والعلامة في المختلف (٥).

وقال المفيد وتلميذه : ولا يبيت ليالي التشريق الّا بـ «منى» فان بات بغيرها فعليه دم شاة (٦) (٧) وكذا قال ابن أبي عقيل (٨) وقال أبو علي : وليس للحاج أن يبيت ليالي منى الّا بـ «منى» فان فعل ذلك عامدا كان عليه عن كل ليلة دم (٩).

تنبيه

وجوب الكفارة عن الليلة الثالثة على القول به مرتب على الإخلال بالليلتين السابقتين ، فلو باتهما بمنى وبات الثالثة بغيرها وكان متقيا لم يجب عليه شي‌ء.

__________________

(١) التذكرة : ص ٣٩٢ س ١٧ البحث الثاني في الرجوع الى منى قال : مسألة لو ترك المبيت بمنى وجب عليه من كل ليلة شاة إلخ.

(٢) النهاية : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ٢٦٦ س ١ قال : ومن بات الثلاث ليال بغير منى متعمدا كان عليه ثلاثة من الغنم.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان نزول منى ص ٦٩٣ س ٢٠ قال : ولم يعد «منى» ليبيت بها لزمه عن كل ليلة من الليلتين الأولتين من ليالي التشريق دم.

(٤) السرائر : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ١٤٢ س ٣٣ قال : فان بات في غيرها كان عليه دم شاة.

(٥) المختلف : الفصل الخامس في الرجوع الى منى ص ١٤٠ س ١٠ قال : وقال ابن إدريس بقول الشيخ في النهاية وهو الأقرب أقول : الظاهر ان هنا اشتباه في المراد من المسنون ، لا حظ كتاب السرائر : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ١٤٣ س ٩.

(٦) المقنعة : باب زيارة البيت ص ٦٦ س ١٦ قال : ولا يبيت ليالي التشريق إلخ.

(٧) المراسم : ذكر : الذبح ص ١١٥ س ١ قال : ولا يبيت ليالي التشريق الّا بمنى إلخ.

(٨) المختلف : في الرجوع الى منى ص ١٤٠ س ٦ قال : وقال ابن ابي عقيل : ولا يبيت أيام التشريق الّا بمنى الى أن قال : وقال ابن الجنيد : وليس للحاج أن يبيت ليالي منى الّا بمنى إلخ.

(٩) المختلف : في الرجوع الى منى ص ١٤٠ س ٦ قال : وقال ابن ابي عقيل : ولا يبيت أيام التشريق الّا بمنى الى أن قال : وقال ابن الجنيد : وليس للحاج أن يبيت ليالي منى الّا بمنى إلخ.

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وتحقيق البحث : انّ المتّقي يجوز له أن ينفر في الأوّل ، لكن هل هو المتّقي للنساء والصيد ، أو كلّ محرم ، فابن إدريس على الثاني (١) والأكثر على الأوّل ، وتارك المبيت في الليلتين غير متّق ، فلهذا وجب عليه الثلاث.

(ج) لو بات بمكة مشتغلا بالعبادة في الليلة الواجبة عليه ، فلا كفارة ، ولا فرق بين كون العبادة واجبة عليه كطواف وسعي ، أو غير ذلك كاشتغاله بالدعاء وقراءة القرآن ، والتطوّع بالطواف ، وهو اختيار الشيخ (٢) والقديمين (٣) وابن حمزة (٤) والمصنف (٥) والعلامة (٦) ومنع ابن إدريس وأوجب الكفارة (٧) لعموم الأمر بالمبيت ولزوم الكفارة ، وحمل على التفصيل ، إذ الروايات ناطقة به (٨).

(د) حدّ المبيت الواجب أن يكون بها الى انتصاف الليل ، ولو خرج بعده

__________________

(١) السرائر : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ١٤٣ س ٣ قال في الجواب عن تخريج الشيخ : وذلك أن من عليه كفارة لا يجوز له أن ينفر في النفر الأول بغير خلاف إلخ.

(٢) النهاية : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ٢٦٥ س ١٦ قال : فان بات بمكة ليالي التشريق الى أن قال : لم يكن عليه شي‌ء.

(٣) المختلف : في الرجوع الى منى ص ١٤٠ س ١٨ قال : مسألة لو بات بمكة مشتغلا بالعبادة والطواف لم يكن عليه شي‌ء قاله الشيخ وابن حمزة وابن أبي عقيل وابن الجنيد الى أن قال بعد نقل خلاف ابن إدريس : والأقرب الأوّل.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان نزول منى ص ٦٩٣ س ١٩ قال : فاذا فرغ من ذلك وأراد أن يبيت بمكة للعبادة والطواف جاز.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) تقدم آنفا.

(٧) السرائر : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ١٤٢ س ٣٣ قال : فان بات في غيرها كان عليه دم شاة الى أن قال بعد نقل من بات بمكة مشتغلا بالعبادة : والأول أظهر.

(٨) التهذيب : ج ٥ باب ١٨ زيارة البيت ص ٢٥٦ الحديث ٢٨ قال عليه السّلام : الّا أن يكون شغلك في نسكك.

٢١٨

ولا يجوز الرمي ليلا الّا لعذر ، كالخائف ، والرعاة ، والعبيد. ويرمى عن المعذور كالمريض. ولو نسي جمرة وجهل موضعها رمى على كلّ جمرة حصاة. ويستحب الوقوف عند كلّ جمرة ورميها عن يسارها مستقبل القبلة. ويقف داعيا عدا جمرة العقبة ، فإنّه يستدبر القبلة ويرميها عن يمينها ولا يقف. ولو نسي الرمي حتى دخل مكة رجع وتدارك ، ولو خرج

______________________________________________________

ـ سقطت الكفارة ، وهل يجب عليه توخّي دخول مكة بعد الفجر؟ قال الشيخ : نعم (١) وأكثر الأصحاب على عدم الوجوب ، وإن خرج بعد نصف الليل فلا يضرّه أن يبيت بغيرها ، وقال ابن حمزة : ولا يخرج ليالي التشريق منها إلّا بعد نصف الليل على كراهية (٢) واختار العلامة في المختلف عدم الكراهية (٣) وهو اختيار الأكثر ، وهو في صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام : وإن خرجت «من منى» بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تبيت في غير منى (٤).

(ه) المبيت بـ «منى» أفضل من المبيت بمكة وإن كان للعبادة ، لأنها دار المضيف والقوم أضياف الله في منى ، وليخرج من الخلاف.

فرع

وإذا جاز مبيته بمكّة للعبادة ، جاز خروجه من منى بعد الغروب للعبادة ولا كفارة.

__________________

(١) النهاية : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ص ٢٦٥ س ١٩ قال : وان خرج من منى بعد نصف الليل الى أن قال : غير انه لا يدخل مكة إلّا بعد طلوع الفجر.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان نزول منى ص ٦٩٣ س ٢٢ قال : ولا يخرج ليالي التشريق منها إلخ.

(٣) المختلف : في الرجوع الى منى والمبيت بها ص ١٤٠ س ٣١ قال بعد نقل رواية معاوية بن عمّار : وهو يدل على الجواز وانتفاء الكراهية.

(٤) التهذيب : ج ٥ ، باب ١٨ زيارة البيت ص ٢٥٦ قطعة من حديث ٢٨.

٢١٩

فلا حرج. ولو حجّ في القابل استحبّ القضاء ، ولو استناب جاز ، وتستحب الإقامة بـ «منى» أيّام التشريق. ويجوز النفر في الأوّل ، وهو الثاني عشر من ذي الحجة لمن اتقى الصيد والنساء ، وإن شاء في الثاني ، وهو الثالث عشر. ولو لم يتّق تعيّن عليه الإقامة إلى النفر الأخير. وكذا لو غربت الشمس ليلة الثالث عشر. ومن نفر في الأوّل ، لا ينفر الّا بعد الزوال ، وفي الأخير يجوز قبله. ويستحب للإمام أن يخطب ويعلمهم ذلك. والتكبير بـ «منى» مستحب ، وقيل : يجب (١) ومن قضى مناسكه فله الخيرة في العود إلى مكة ، والأفضل العود لوداع البيت ، ودخول الكعبة خصوصا للصرورة. ومع عوده تستحب الصلاة في زوايا البيت ، وعلى الرخامة الحمراء ، والطواف بالبيت ، واستلام الأركان ، والمستجار ، والشرب من زمزم ، والخروج من باب الحناطين ، والدعاء ، والسجود مستقبل القبلة ، والدعاء ، والصدقة بتمر يشتريه بدرهم. ومن المستحب التحصيب ، والنزول بالمعرّس على طريق المدينة ، وصلاة ركعتين به ، والعزم على العود.

ومن المكروهات : المجاورة بمكّة ، والحج على الإبل الجلالة ، ومنع دور مكة من السكنى وأن يرفع بناء فوق الكعبة. والطواف للمجاور

______________________________________________________

قال طاب ثراه : والتكبير بـ «منى» مستحب ، وقيل : يجب.

أقول : المشهور عند علمائنا الاستحباب ، قاله ابن إدريس (١) والمصنف (٢)

__________________

(١) السرائر : باب زيارة البيت والرجوع إلى منى ص ١٤٤ س ١٦ قال : وينبغي أن يكبّر الإنسان بـ «منى» إلخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

٢٢٠