المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

وأما أقسامه فهو واجب وندب فالواجب ما وجب بنذر وشبهه ، وهو ما يلزم بالشروع.

والمندوب ما يتبرع به ولا يجب بالشروع ، فاذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان ، المرويّ انه يجب.

وقيل : لو اعتكف ثلاثا فهو بالخيار في الزائد ، فإن اعتكف يومين آخرين وجب الثالث.

______________________________________________________

التحرير : يجوز الصعود الى السطح في المسجد وأن يبيت فيه على إشكال (١).

قال طاب ثراه : ولا يجب بالشروع ، فاذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان :

المروي انه يجب ، وقيل : لو اعتكف ثلاثا فهو بالخيار في اعتكاف الزائد ، فإن اعتكف يومين آخرين وجب الثالث.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال :

(أ) وجوبه بالشروع فيه كالحج وهو قول الشيخ في المبسوط (٢) وأبي الصلاح (٣).

(ب) وجوبه بعد مضيّ يومين وهو قوله في النهاية (٤) ومذهب أبي علي (٥) واحد

__________________

(١) تحرير الاحكام : كتاب الاعتكاف ص ٨٧ س ٣٢ قال (د) يجوز للمعتكف الصعود الى السطح في المسجد وأن يبيت فيه على إشكال.

(٢) المبسوط : ج ١ فصل في أقسام الاعتكاف ص ٢٨٩ س ١٩ قال : فان لم يشرط وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيام.

(٣) الكافي : الصوم ، فصل في صوم الاعتكاف ص ١٨٦ س ١٧ قال : فان كان تطوّعا فهو بالخيار ما لم يعزم على صومه ويدخل المسجد عازما عليه فيلزمه المضي فيه ثلاثة أيّام إلخ.

(٤) النهاية : باب الاعتكاف ص ١٧١ س ١٩ قال : فان مضى عليه يومان وجب عليه أيضا تمام ثلاثة أيام ، وقال في س ١١ من تلك الصفحة : فإن صام بعد الثلاثة أيام يومين آخرين لم يجز له الرجوع.

(٥) المختلف : في الاعتكاف ص ٨١ س ٣٦ قال : وقال ابن الجنيد الى أن قال : فإن أقام يومين بعد

١٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

قولي العلامة (١).

(ج) لا يجب أصلا وله فسخه متى شاء ، ذهب اليه السيد (٢) واختاره المصنف (٣) والعلامة في المختلف (٤) لأنه عبادة مندوبة ، فلا يجب بالشروع فيه كالصلاة وغيرها من المندوبات التي لا يلزم بالشروع.

احتج الشيخ على الأوّل بإطلاق الروايات على وجوب الكفارة على المعتكف بإفساده (٥) فيدل على وجوبه مطلقا.

وأجيب بحملها على الواجب ، مع كونها روايات آحاد وغير خالية من الطعن.

واحتج على الثاني برواية أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السّلام قال : من اعتكف ثلاثة فهو في اليوم الرابع بالخيار إن شاء زاد يوما آخر وان شاء أن يخرج خرج من المسجد ، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج حتى يستكمل ثلاثة (٦).

__________________

ذلك فلا يخرج إلخ.

(١) التحرير : كتاب الاعتكاف ص ٨٨ قال : (يو) يستحب للمعتكف أن يشترط على ربّه الى أن قال : خرج واستأنف ان لم يحصل ثلاثة والّا أتمّ.

(٢) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٢ س ٢ قال : وقال السيد المرتضى : الى أن قال : لان التطوع لا يجب بالدخول فيه الى ان قال : والمعتمد ما ذهب اليه السيد المرتضى.

(٣) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٤ س ٢٠ قال : والثالث لا يجب أصلا وله الرجوع فيه متى شاء وهو اختيار علم الهدى الى أن قال : وهو الأشبه بالمذهب.

(٤) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٢ س ٢ قال : وقال السيد المرتضى : الى أن قال : لان التطوع لا يجب بالدخول فيه الى ان قال : والمعتمد ما ذهب اليه السيد المرتضى.

(٥) قال في التذكرة : ٢٩٠ س ١ : فاذا شرع في الاعتكاف فلعلمائنا في صيرورته واجبا أقوال ثلاثة أحدها قال الشيخ : الى أن قال : لأن الأخبار دلّت على وجوب الكفارة بإفساد الاعتكاف بجماع وغيره على الإطلاق إلخ.

(٦) التهذيب : ج ٤ (٦٦) باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام ص ٢٨٨ قطعة من حديث ٤.

١٠٢

وأما أحكامه فمسائل :

الأولى : يستحب للمعتكف أن يشترط كالمحرم ، فان شرط جاز له الرجوع ولم يجب القضاء ولو لم يشترط ثمَّ مضى يومان وجب الإتمام على الرواية ، ولو عرض عارض خرج فاذا زال وجب القضاء.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ويستحب للمعتكف أن يشترط (على ربّه خ) كالمحرم ، فان شرط جاز له الرجوع ، ولم يجب القضاء ، ولو لم يشترط ثمَّ مضى يومان وجب الإتمام على الرواية ، ولو عرض عارض خرج ، فاذا زال وجب القضاء.

أقول : البحث هنا يقع في ثلاث مقامات :

الأول : يستحب للمعتكف أن يشرط على ربّه إن عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف وعليه إجماع العلماء الّا من مالك فإنه منع منه.

واحتجاجه بأنه مناف للعبادة فهو كشرط الجماع والأكل في الصلاة مندفع بمنع المنافاة ، بل هو بمنزله شرط الاعتكاف في زمان دون زمان ، وهو سائغ ، بخلاف أصله الذي قاس عليه ، فإنه شرط أن يأتي بمنهي عنه في العبادة فلم يجز.

ولنا وجوه : (أ) انه عبادة له الخيار في إنشائها ، فجاز له شرط الرجوع مع العارض كالحج.

(ب) انه عبادة تجب بعقده ، فكان الشرط إليه فيه كالوقف.

(ج) ان الاعتكاف لا يختص بقدر معيّن ، فاذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه.

(د) ان فيه استظهارا للمكلّف ببراءة ذمته من القضاء.

(ه) قول للصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام : واشترط على ربّك في اعتكافك كما تشرط عند إحرامك ، انّ لك في اعتكافك أن تخرج عند عارض إن

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عرض لك من علة ينزل بك من الله (١).

المقام الثاني : في كيفية عقد هذا الشرط ، وفيه بحثان :

(أ) يجوز اشتراط الرجوع عند العارض قطعا ، وهل يجوز اقتراحا ، كان يقول : ولي الرجوع إذا شئت ، عبارة المصنف في المعتبر تعطي المنع الّا مع العارض (٢) وكذا العلّامة في التذكرة حيث قال : يستحب للمعتكف أن يشرط على ربّه في الاعتكاف ، انه إذا عرض له عارض ان يخرج من الاعتكاف (٣) «وكذا ظاهر الخبر يدل على ذلك (٤) وكذا عبارة الشيخ في المبسوط : إذا شرط المعتكف على ربّه ان عرض له عارض رجع فيه (٥)» (٦).

ويؤيّده ان النذر ملزم ، والتخيير ينافيه.

وأيضا فإنهم شبهوا الشرط هنا بالشرط في الإحرام في الحديث المذكور ، وفي عبارات الفقهاء : والاشتراط في الإحرام انما يصح مع العذر.

وعبارة المصنف في الشرائع تعطى الجواز صريحا ، حيث قال : ولو شرط في حال نذره الرجوع إذا شاء كان له ذلك أيّ وقت شاء ولا قضاء (٧) وكذا عبارة العلامة

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٦٦) باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام ص ٢٨٩ قطعة من حديث ١٠.

(٢) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٤ قال : وأما أحكامه فمسائل ، الأولى يستحب ان يشترط في اعتكافه الى أن قال : فله اشتراط الرجوع مع العارض إلخ.

(٣) التذكرة : ج ١ ص ٢٩٣ قال : مسألة يستحب للمعتكف أن يشترط على ربّه في الاعتكاف انّه ان عرض له عارض أن يخرج إلخ.

(٤) تقدم آنفا.

(٥) المبسوط : ج ١ ص ٢٨٩ فصل في أقسام الاعتكاف قال : ومتى شرط المعتكف على. إلخ.

(٦) بين الهلالين غير محرر في نسخة (ب).

(٧) شرائع الإسلام : كتاب الاعتكاف قال : وأما أقسامه فإنه ينقسم الى واجب وندب إلى أن قال : ولو شرط في حال نذره الرجوع إذا شاء إلخ.

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

في قواعده (١) وجزم الشهيد بجوازه ، وعبارته : ولو شرط الرجوع متى شاء اتبع (٢) ولم يتقيد بالعارض.

(ب) في وقت هذا الشرط :

فنقول : الاعتكاف إن كان منذورا وجب أن يكون الشرط في عقد النذر ، ولا يؤثر لو أطلقه وشرط في ابتداء اعتكافه. وإن كان مندوبا كان الشرط في ابتداء اعتكافه ، فإن شرط عند العارض جاز قطعا ، وان كان اقتراحا ، فيه الوجهان.

وعلى تقدير حصول الشرط في المندوب يرجع ما لم يمض يومان ، فإن مضت لم يكن له الرجوع ، قاله الشيخ في المبسوط (٣).

ووجهه : ان الشرط انما يؤثر فيما يوجبه الإنسان ، والثالث وجب بأصل الشرع ، وسببه مضيّ اليومين ، وقيل : يجوز الرجوع مطلقا قضيّة للشرط وهو مذهب الشهيد (٤) ونقله عن النهاية.

وإذا لم يشترط جاز الرجوع ما لم تمض يومان قاله في النهاية (٥) ومنع في المبسوط (٦) بناء منه على وجوبه بالشروع فيه.

__________________

(١) القواعد : المقصد الثالث في الاعتكاف وفيه مطالب الأوّل الى أن قال : ولو شرط في نذره الرجوع إلخ.

(٢) عبارة اللمعة هكذا : ويستحب للمعتكف الاشتراط إلى أن قال : وقيل : يجوز اشتراط الرجوع فيه مطلقا فيرجع متى شاء وان لم يكن لعارض إلى أن قال : والأجود الأوّل أي الرجوع عند العارض.

(٣) المبسوط : ج ١ كتاب الاعتكاف ، فصل في أقسام الاعتكاف ص ٢٨٩ س ١٨ قال : فان مضى به يومان وجب عليه تمام الثالث.

(٤) اللمعة الدمشقية : الاعتكاف قال : ويستحب للمعتكف الاشتراط إلى أن قال : فيرجع عنده وإن مضى يومان.

(٥) النهاية : باب الاعتكاف ص ١٧١ س ١٩ قال : فان مضى عليه يومان وجب عليه أيضا تمام ثلاثة أيام.

(٦) المبسوط : ج ١ كتاب الاعتكاف ، فصل في أقسام الاعتكاف ص ٢٨٩ س ١٩ قال : فان لم

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

المقام الثالث : في حكم الشرط ، وفيه مسائل :

(أ) إذا رجع في المندوب وكان في الأوّلين ، فإن كان اقتراحا جاز مع الشرط على اختيار المبسوط ، ومع عدمه على اختيار النهاية ، وفي الثالث مع الشرط مختارا ومعذورا على اختيار الشهيد والشرائع ، ومع مضيّ اليومين لا يجوز الرجوع في المبسوط اقتراحا ، بل مع العارض المانع من الاعتكاف كالطمث فيرجع (١) ولا قضاء مع الشرط ، ولا معه يقضى ، ففائدة الشرط عدم القضاء (٢).

(ب) ظاهر كلام أبي علي : انّ المعتكف إذا شرط وخرج للضرورة ، يقضي واجبا مع وجوب الاعتكاف (٣).

والحق العدم ان كان معين الزمان ، وأطلق العلامة العدم في المختلف (٤) لأن فائدة الشرط سقوط القضاء ، واختار في التذكرة الوجوب مع عدم تعيين الزمان (٥) وكذا المصنف في المعتبر (٦).

فيكون في المسألة ثلاثة أقوال :

(ا) إطلاق وجوب القضاء (مطلقا خ) مذهب أبي علي.

__________________

يشترط وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيّام إلخ.

(١) المبسوط : ج ١ ، فصل فيما يمنع الاعتكاف منه وما لا يمنع ص ٢٩٣ س ١٣ قال : ومتى عرض للمعتكف. أو حيض. فإنه يخرج من موضعه الى آخره.

(٢) تقدّم تعيين مدارك الأقوال فراجع.

(٣) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٥ س ١٦ قال : مسألة ظاهر كلام ابن الجنيد يعطي أن المعتكف إذا شرط وخرج للضرورة ، الى أن قال وليس بجيّد ، لنا ان فائدة الشرط سقوط القضاء إلخ.

(٤) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٥ س ١٦ قال : مسألة ظاهر كلام ابن الجنيد يعطي أن المعتكف إذا شرط وخرج للضرورة ، الى أن قال وليس بجيّد ، لنا ان فائدة الشرط سقوط القضاء إلخ.

(٥) التذكرة : ج ١ في الاعتكاف ص ٢٩٣ س ٢٣ قال (ز) لم يعين واشترط على ربّه ولم يشترط التتابع ، فإنه يخرج مع العارض ثمَّ يستأنف إلخ.

(٦) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٥ قال : السابع لم يعين واشترط على ربّه ولم يشترط التتابع فاذا عرض خرج واستأنف.

١٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) إطلاق عدمه مذهب المختلف.

(ج) القضاء مع عدم التعيين ، مذهب المعتبر والتذكرة ، وهو المعتمد.

(د) لو شرط الرجوع في عقد النذر وكان معيّنا لم يجب القضاء وسقط الباقي من النذر عملا بالشرط ولو كان غير معيّن الزمان قال في المعتبر : بوجوب قضاء الباقي إن كان الماضي ثلاثة ، وان كان أقلّ استأنفه ، وقيل : بسقوط القضاء قضية للشرط (١) وعلى قول المرتضى : إن كان الاعتكاف متبرّعا به ، كان له أن يرجع متى شاء سواء شرط على ربّه أو لا ، لأنها عبادة مندوبة لا تجب بالشروع فجاز له الرجوع فيها (٢).

وان كان نذرا ففيه تفصيل ، لأنه اما أن يعين بزمان أو لا ، وعلى التقديرين ، إمّا أن يشترط التتابع أو لا ، وعلى التقادير الأربعة فامّا أن يشترط على ربّه الرجوع إن عرض له عارض ، أو لا ، فالأقسام ثمانية :

(أ) عيّن زمانا واشترط التتابع ، واشترط على ربّه ، فله الرجوع عند العارض ، ولا يجب عليه إتمامه عملا بالشرط ، ولا قضاؤه لأصالة البراءة.

(ب) عيّن زمانا ولم يشترط التتابع ، واشترط على ربّه ، فله الرجوع عند العارض عملا بالشرط ، ولا يجب الإتمام ولا القضاء.

(ج) عيّن النذر وشرط التتابع ولم يشرط على ربّه ، فإنه يخرج مع العارض ويقضي مع الزوال متتابعا.

(د) عيّن النذر ولم يشرط التتابع ولا شرط على ربّه ، ثمَّ حصل العارض ، فإنّه

__________________

(١) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٥ قال : الخامس لم يعين زمانا وشرط المتابعة واشترط على ربّه ، فعند العارض يخرج ، ثمَّ إن كان اعتكف ثلاثا أتى بما بقي والّا استأنف.

(٢) المسائل الناصريات : المسألة الخامسة والثلاثون والماءة قال : من شرع في الاعتكاف ثمَّ أفسده الى أن قال : وإن كان تطوّعا لم يلزمه القضاء ، لأنّ التطوع لا يجب عندنا بالدخول فيه إلخ.

١٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

يخرج ويقضي الفائت ، ولو زال العارض وقد بقي منه بقية ، وجب أن يأتي بها إذا (خ) أداء بعد زوال العارض على الفور.

(ه) لم يعين زمانا ، لكن شرط التتابع واشترط على ربّه ، فعند العارض يخرج ثمَّ يأتي بما بقي عليه متتابعا عند زوال العارض إن كان قد اعتكف ثلاثة ، وان كان أقلّ استأنف.

(و) لم يعين واشترط التتابع ولم يشترط على ربّه ، فإنه يخرج مع العارض ، ثمَّ يستأنف اعتكافا متتابعا ، لأنه وجب عليه متتابعا ولم يفعله كذلك وليس شروعه معيّنا له ، لأنه لم يعيّنه في نذره ، فيجب عليه الإتيان به على وصفه الذي شرطه في نذره ، جزم به المصنف في المعتبر (١) واستشكله العلامة في التذكرة (٢) ووجهه وجوبه بالشروع فيه فكأنه صار معينا فيبني على ما مضى منه ، وهو ضعيف.

(ز) لم يعين واشترط على ربّه ، ولم يشترط التتابع ، فإنه يخرج مع العارض ، ثمَّ يستأنف إن كان قد اعتكف أقل من ثلاثة ، والّا بنى إن كان الواجب أزيد وأتى بالباقي ان كان ثلاثة فما زاد ، والّا فثلاثة.

(ح) لم يعين ولم يشترط التتابع ولا شرط على ربّه ، فإنه يخرج مع العارض ، ويستأنف ان لم يحصل ثلاثة ، والّا أتمّ ما بقي إن كان ثلاثة فأزيد ، والّا أتى بثلاثة.

فروع (أ) لو شرط المنافي كالأكل والجماع ، أو التكسّب بالصنائع في المسجد لم يصح

__________________

(١) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٥ قال : السادس لم يعيّن واشترط التتابع ولم يشترط على ربّه إلخ.

(٢) التذكرة : ج ١ ، الاعتكاف ص ٢٩٣ س ٢٢ قال : (و) لم يعين واشترط التتابع إلى أن قال : ثمَّ

١٠٨

الثانية : يحرم على المعتكف الاستمتاع بالنساء ، والبيع والشراء ، وشمّ الطيب.

وقيل : يحرم عليه ما يحرم على المحرم ، ولم يثبت.

______________________________________________________

وبطل النذر.

(ب) يجب الكفارة بإفساد الاعتكاف إن كان بالجماع مطلقا ، أو كان الإفساد في الثالث مطلقا ، أو كان الاعتكاف معيّنا مطلقا. وإن كان الإفساد بغير الجماع كالأكل والشرب في غير المعين لم تجب الكفارة ، ووجب القضاء مع الوجوب. أمّا لو كان سبب بطلان الاعتكاف الخروج من موضع الاعتكاف ، أو فعل ما يوجب القضاء خاصة كتعمّد القي‌ء فإنه يجب عليه كفارة خلف النذر إن كان هو سبب الوجوب ، وكفارة اليمين أو العهد إن كان سببه أحدهما وإن لم يكن معيّن الزمان لوجوبه بالشروع فيه. ويحتمل تقييده بالمعين ، لإمكان الإتيان بالنذر لعدم تعلّقه بوقت يعيّنه ، فلم يتحقق الحنث.

(ج) لو كان الخروج في ثالث المندوب فلا كفارة ، وإن وجب القضاء.

(د) لو نذر اعتكاف زمان معيّن كهذا رجب (١) وأخلّ به من رأس وجب عليه كفارة واحدة لخلف النذر. ولو اعتكفه وأفسده تعدّدت الكفارة بحسب تعدد كل يوم يحصل فيه الإفساد.

(ه) لو شرط الخروج عند عارض معين ، تخصص به فلا يخرج لغيره ، ويخرج له إن عرض ، فان قال : إن عرض قطعت اعتكافي خرج له وبطل اعتكافه ، وان قال : اخرج له خرج وعاد مع قصر الزمان ولا يبطل ذلك اعتكافه.

قال طاب ثراه : وقيل : يحرم عليه ما يحرم على المحرم ، ولم يثبت.

__________________

يستأنف اعتكافا متتابعا لأنه وجب عليه متتابعا إلخ.

(١) هكذا في النسخ التي عندي والظاهر كهذا الرجب بإضافة الألف واللام ، أو كرجب.

١٠٩

الثالثة : يفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم ، ويجب الكفارة بالجماع فيه مثل كفارة شهر رمضان ليلا كان أو نهارا ، ولو كان في نهار شهر رمضان لزمه كفارتان.

______________________________________________________

أقول : هذا إشارة إلى قول الشيخ في الجمل (١) وبه قال القاضي (٢) وابن حمزة (٣) وقال في المبسوط : ويجوز له أن ينكح وينظر في أمور معيشته وضيعته ، ويتحدث بما شاء من الحديث بعد أن يكون مباحا ويأكل الطيّبات ويشمّ الطيب.

وروي انه يجتنب ما يجتنبه المحرم ، وذلك مخصوص بما قلناه ، لأنّ لحم الصيد لا يحرم عليه وعقد النكاح مثله (٤) وقال ابن إدريس : بعدم التعميم (٥) وهو اختيار المصنف (٦) والعلامة (٧).

والأولى أن لا يلحق هذه المسألة بالخلافيات ، بل يكون الاختلاف فيها من حيث التساهل في العبارات ، نعم الخلاف في شمّ الطيب وقد رأيت عبارة المبسوط

__________________

(١) الجمل والعقود : فصل في ذكر الاعتكاف ص ٦٧ س ٨ قال : ويجب عليه تجنب كل ما يجب على المحرم تجنبه.

(٢) المهذب : ج ١ باب الاعتكاف وصيامه ص ٢٠٤ س ٤ قال : ويجتنب ما يجتنبه المحرم.

(٣) الوسيلة : كتاب الاعتكاف ص ٦٨٦ س ٣ قال : والثاني عشر البيع والشراء وجميع ما يحرم على المحرم.

(٤) المبسوط : ج ١ ، فصل فيما يمنع الاعتكاف منه وما لا يمنع ص ٢٩٣ س ٥ قال : ويجوز له أن ينكح الى آخره.

(٥) السرائر : كتاب الاعتكاف ص ٩٨ س ٢٠ قال : ولا يفسد الاعتكاف جدال ولا خصومة ولا سباب إلخ.

(٦) لاحظ عبارة مختصر النافع.

(٧) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٣ س ١٣ قال : مسألة قال الشيخ في الجمل الى أن قال بعد نقل كلام المبسوط ومختار ابن إدريس : وهو الوجه.

١١٠

ولو كان بغير الجماع ممّا يوجب الكفارة في شهر رمضان ، فان وجب بالنذر المعيّن لزمت الكفارة ، وإن لم يكن معيّنا أو كان تبرّعا فقد أطلق الشيخان لزوم الكفارة ، ولو خصّا ذلك بالثالث كان أليق بمذهبهما.

______________________________________________________

مصرحة بجوازه وحرمه في النهاية (١) والخلاف (٢) وكذا ابن الجنيد (٣) وابن إدريس (٤) والمصنف (٥) والعلامة (٦).

قال طاب ثراه : ولو كان بغير الجماع ممّا يوجب الكفارة في شهر رمضان ، فان وجب بالنذر المعيّن لزمت الكفارة ، وان لم يكن معينا ، أو كان تبرّعا فقد أطلق الشيخان لزوم الكفارة ولو خصّا ذلك بالثالث كان أليق بمذهبهما.

أقول : البحث هنا يقع في مقامين :

الأول : الجماع ، وفيه ثلاثة مذاهب :

(الأول) هل يجب الكفارة به مطلقا؟ أو بشرط وجوب الاعتكاف؟ العلامة في القواعد على الثاني (٧) وهو ظاهر الحسن (٨) لأصالة براءة الذمة ، ولأنه لم يفسد

__________________

(١) النهاية : باب الاعتكاف ص ١٧٢ س ١ قال : وعلى المعتكف أن يجتنب الى أن قال : والطيب والرياحين.

(٢) الخلاف : كتاب الاعتكاف مسألة ٢٦ قال : لا يجوز للمعتكف استعمال شي‌ء من الطيب.

(٣) المختلف : الاعتكاف ص ٨٣ س ١٧ قال : مسألة وفي تحريم الطيب قولان الى أن قال : وكذا حرمه في الخلاف وهو مذهب ابن الجنيد. وهو الأقرب.

(٤) السرائر : كتاب الاعتكاف ص ٩٨ س ٦ قال : والاولى بالمعتكف أن يجتنب ما يجتنبه المحرم الّا ما خرج بالدليل من النساء والطيب والرياحين.

(٥) لاحظ مذهب المصنف في مختصر النافع.

(٦) المختلف : الاعتكاف ص ٨٣ س ١٧ قال : مسألة وفي تحريم الطيب قولان الى أن قال : وكذا حرمه في الخلاف وهو مذهب ابن الجنيد. وهو الأقرب.

(٧) القواعد : في الاعتكاف ص ٧١ قال : المطلب الثالث في أحكامه الى أن قال : فإن أفسده مع وجوبه كفر إلخ.

(٨) المختلف : الاعتكاف ص ٨٤ س ١٩ قال : وقال ابن عقيل : ونعم ما قال ومن أفطر في اعتكافه

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

صوما والشيخ في المبسوط على الأول (١) لأنه يوجبه بالشروع فيه لعموم الروايات ولأنه أحوط وهو مذهب العلامة في التحرير (٢) والتذكرة (٣) وإطلاق كثير من الأصحاب. وهو ظاهر المصنف في النافع.

(الثاني) على تقدير وجوبها هل هي واحدة؟ أو متعددة؟ لو وقع الجماع نهارا ، قيل فيه قولان :

(أ) كفارتان ان كان الإفساد في نهار رمضان ، إحداهما للرمضان والأخرى للاعتكاف ولو كان في غير رمضان فواحدة. وهو مختار النهاية (٤) وبه قال أبو علي (٥).

(ب) كفارتان وإن كان في غير رمضان ، وهو قول ابن إدريس حيث قال : فان جامعها ليلا فكفارة واحدة ، وان جامعها نهارا في رمضان أو غيره فكفارتان (٦) ومثله عبارة الشيخ في الاقتصاد ، فإنه قال : فان جامع نهارا فعليه كفارتان مثل

__________________

الى أن قال : إذا كان اعتكافه نذرا. إلخ.

(١) المبسوط : ج ١ كتاب الاعتكاف ص ٢٨٩ س ١٩ قال : فان لم يشترط وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيام وقال في ص ٢٩٤ س ٨ الاعتكاف يفسده الجماع ويجب به القضاء والكفارة إلخ.

(٢) التحرير : كتاب الاعتكاف ، في الأحكام ص ٨٨ قال : (كج) يجب الكفارة بالجماع على المعتكف سواء جامع نهارا أو ليلا.

(٣) التذكرة : في الاعتكاف ص ٢٩٤ قال : المطلب السادس في الكفارة ، مسألة إذا جامع المعتكف الى أن قال : وجبت عليه الكفارة.

(٤) النهاية : باب الاعتكاف ص ١٧٢ س ١٦ قال : ولا يجوز للمعتكف مواقعة النساء ، الى أن قال : وان كانت مواقعته لها بالنهار في شهر رمضان كان عليه كفارتان.

(٥) المختلف : الاعتكاف ص ٨٤ س ١٥ قال : وقال ابن الجنيد : ان جامع متعمّدا ليلا فعليه كفارة. رمضان وإن جامع نهارا فعليه كفارتان.

(٦) السرائر : كتاب الاعتكاف ص ٩٨ س ١٤ قال : ولا يجوز للمعتكف مواقعة النساء الى أن قال : فان كانت مواقعته لها بالنهار في شهر رمضان أو غيره كان عليه كفارتان.

١١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

كفارة رمضان ، إحداهما لأجل الصوم والثانية للاعتكاف (١) واستقر به الشهيد (٢) لأنّ في النهار صوما واعتكافا.

(الثالث) الكفارة في الاعتكاف هل هي مرتبة أو مخيّرة؟ الأوّل ظاهر الصدوق حيث جعلها كفارة الظهار (٣) والثاني مذهب الثلاثة (٤) ونقل في المبسوط خلافا بين أصحابنا في التخيير والترتيب (٥).

المقام الثاني : الإفطار ، فإن كان في معيّن وجبت الكفارة والّا فلا ، وهو اختيار الشيخ في النهاية (٦) والمصنف (٧) والعلامة (٨) وقال في المبسوط : بوجوبها مطلقا بناء

__________________

(١) الاقتصاد : في حكم الاعتكاف ص ٢٩٦ س ٥ قال : ومتى جامع المعتكف نهارا لزمته كفارتان الى أن قال : إحداهما لأجل الصوم والثانية لأجل الاعتكاف.

(٢) اللمعة : ج ١ الاعتكاف قال : ويجب بالجماع نهارا كفارتان إن كان في شهر رمضان الى أن قال : وقيل يجب الكفارتان بالجماع في الواجب مطلقا. إلخ.

(٣) الفقيه : ج ٢ ، في الاعتكاف ص ١٢٢ الحديث ١٧.

(٤) أي السيد المرتضى والمفيد والطوسي ، وإليك نص فتاواهم.

جمل العلم والعمل ، كتاب الاعتكاف ص ٩٩ س ١١ قال : والجماع ليلا أو نهارا يفسد الاعتكاف وعلى المجامع ليلا في اعتكافه ما على المجامع في نهار شهر رمضان. وفي المقنعة باب الاعتكاف ص ٥٨ س ٦ قال : أو جامع وجب عليه ما يجب على فاعل ذلك في شهر رمضان متعمدا بغير علة. وفي النهاية باب الاعتكاف ص ١٧٢ س ١٧ قال : كان عليها على من أفطر يوما من شهر رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا.

(٥) المبسوط : ج ١ كتاب الاعتكاف ص ٢٩٤ س ١٧ قال : على الخلاف بين الطائفة في كونها مرتبة أو مخيّرة.

(٦ و ٧) المعتبر : كتاب الاعتكاف ص ٣٢٦ قال : مسألة لو أفسد اعتكافه بغير الجماع ممّا يوجب الكفارة في شهر رمضان كالأكل والشرب لزمته الكفارة إن كان وجب بنذر متعيّن بزمان إلى أن قال :

وأطلق الشيخان لزوم الكفارة للمعتكف بالجماع وغيره من المفطرات التي يجب بها الكفارة في شهر رمضان كالأكل والشرب إلخ.

(٨) المختلف : في الاعتكاف ص ٨٤ س ٢١ قال : وإن كان في غير رمضان وكان متعينا فكذلك وإن

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

منه على وجوب المندوب بالشروع فيه.

وقوله : «فقد أطلق الشيخان لزوم الكفارة» إشارة إلى إطلاق الشيخ في المبسوط ، والى قول المفيد في المقنعة : ومن أفطر وهو معتكف وجب عليه ما يجب على فاعل ذلك في شهر رمضان متعمدا لغير علّة (١).

قوله : «ولو خصّا ذلك بالثالث كان أليق بمذهبهما» لأنّ الشيخ في النهاية قال :

بوجوب الثالث دون الأوّلين (٢) ، فإذا لم يكونا واجبين ويجوز إبطالهما اختيارا ، فلا كفارة بالإفطار فيها.

__________________

لم يكن متعينا فلا كفارة فيه بالإفطار.

(١) المقنعة : باب الاعتكاف ص ٥٨ س ٦ قال : ومن أفطر وهو معتكف لغير عذر أو جامع وجب عليه إلخ.

(٢) المبسوط : ج ١ كتاب الاعتكاف ص ٢٨٩ س ١٨ قال : كان له الرجوع فيه أيّ وقت شاء ما لم يمض به يومان إلخ.

١١٤

كتاب الحجّ

١١٥
١١٦

كتاب الحجّ

والنظر في المقدّمات والمقاصد

المقدّمة الأولى

الحجّ اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة.

وهو فرض على المستطيع من الرجال والخناثى والنساء.

ويجب بأصل الشرع مرّة وجوبا مضيّقا.

وقد يجب بالنذر وشبهه ، وبالاستيجار والإفساد.

ويستحب لفاقد الشرائط : كالفقير والمملوك مع إذن مولاه.

______________________________________________________

كتاب الحجّ

مقدّمة : وهو لغة القصد ، يقال : رجل محجوج ، أي مقصود ، وحج الناس فلانا ، إذا اختلفوا إليه ، ومنه سمّي الطريق محجّة ، لأنه يوصل الى المقصود.

وقال الخليل بن احمد : الحج كثرة القصد الى من تعظمه.

وسمّي الحج حجّا ، لأنّ الحاج يأتي قبل الوقوف بعرفة الى البيت ثمَّ يعود اليه لطواف الزيارة ، ثمَّ ينصرف إلى منى ثمَّ يعود اليه لطواف الوداع.

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه لغتان فتح الحاء وكسرها.

وشرعا ، قال الشيخ رحمه الله انه كذلك الّا انّه اختص بقصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده متعلقة بزمان مخصوص (١).

والقيد الأخير لإدخال الوقوفين.

وإيراد ابن إدريس (٢) والمصنف في المعتبر (٣) على الشيخ غير متوجه.

وقال المصنف في الشرائع : الحج وإن كان في اللغة القصد ، فقد صار في الشرع اسما لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة (٤).

وهذا الحد وان كان سليما من الشكوك ، الّا انه يلزم منه النقل ، ومن تعريف الشيخ التخصيص ، وهو خير من النقل على ما قرر في موضعه.

وهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع.

أمّا الكتاب فقوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (٥) وقوله تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) (٦) قال الصادق عليه السّلام : يريد الحج (٧).

__________________

(١) المبسوط : ج ١ كتاب الحجّ ص ٢٩٦ س ٣ قال : وفي الشريعة كذلك الّا انه اختص إلخ.

(٢) السرائر : كتاب الحجّ ص ١١٨ س ١٢ قال بعد نقل تعريف الشيخ : والاولى ان يقال : الى أن قال : وإنما قلنا ذلك لأنّ الوقوف بعرفة وقصدها واجب وكذلك المشعر الحرام ومنى فاذا اقتصرنا في الحد على البيت الحرام فحسب خرجت هذه المواضع من القصد ، وهذا لا يجوز.

(٣) المعتبر : كتاب الحج ص ٣٢٦ س ٢٢ قال بعد نقل تعريف الشيخ : وليس تسمية قصد البيت حجا ، يلزم أن يكون هو كل الحج ويلزم على قول الشيخ ان يخرج عرفة عن الحج إلخ.

(٤) شرائع الإسلام : كتاب الحج المقدمة الأولى قال : الحج الى آخره.

(٥) آل عمران : ٩٧.

(٦) الذاريات : ٥٠.

(٧) عوالي اللئالى : ج ٣ ص ١٥٠ باب الحجّ الحديث ٣ ورواه في الكافي : ج ٤ كتاب الحج باب

١١٨

المقدّمة الثانية في شرائط حجة الإسلام ، وهي ستة : البلوغ ، والعقل ، والحريّة ، والزاد ، والراحلة ، والتمكن من المسير ، ويدخل فيه الصحة وإمكان

______________________________________________________

وأمّا السنة فكثير ، مثل قوله صلّى الله عليه وآله : بني الإسلام على خمس ، شهادة أن لا إله إلّا الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحجّ وصيام شهر رمضان (١).

وقال الصادق عليه السّلام : من مات ولم يحج حجّة الإسلام ولم يمنعه عن ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج ، أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا (٢).

قال بعض العلماء : وانما خصّ هاتين الطائفتين من باقي ملل الكفر ، لانكارهما الحج مع اعترافهما بالنبوات والشرائع ، وقد ساواهما في ذلك.

وعن الصادق عليه السّلام : من مات ولم يحج وهو صحيح موسر ، فهو ممّن قال الله تعالى (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (٣) أعماه الله عن طريق الجنة (٤).

والاخبار المتعلقة بالترهيب عن تركه والترغيب في فعله كثيرة جدّا.

وأمّا الإجماع ، فمن سائر المسلمين ، حتى لو استحل تركه إنسان كان مرتدا.

__________________

فضل الحجّ والعمرة وثوابهما ص ٢٥٦ الحديث ٢١ عن أبي جعفر عليه السلام ، وفيه «قال : حجّوا الى الله عزّ وجلّ».

(١) صحيح مسلم : ج ١ كتاب الايمان (٥) باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام الحديث ٢١ وفيه «وان محمّدا عبده ورسوله» ورواه البخاري : ج ١ كتاب الايمان ، باب دعاؤكم ايمانكم. ورواه المحقق في المعتبر : كتاب الحجّ ص ٣٢٦ س ٢٥.

(٢) طه : ١٢٤.

(٣) الوسائل : ج ٨ كتاب الحجّ ، الباب ٦ من أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ص ١٧ الحديث ٢ نقلا عن على بن إبراهيم في تفسيره ، ورواه المحقّق في المعتبر : كتاب الحجّ ص ٣٢٦ فلا حظ.

(٤) الكافي : ج ٤ كتاب الحجّ باب من سوّف الحجّ وهو مستطيع ص ٢٦٨ الحديث ١ و ٥.

١١٩

الركوب وتخلية السرب.

فلا تجب على الصبيّ ولا على المجنون.

ويصحّ الإحرام من الصبيّ المميّز ، وبالصبيّ الغير المميّز ، وكذا يصحّ بالمجنون ، ولو حجّ بهما لم يجزئهما عن الفرض. ويصح الحجّ من العبد مع اذن المولى ، لكن لا يجزئه عن الفرض الّا ان يدرك أحد الموقفين معتقا.

ومن لا راحلة له ولا زاد لو حجّ كان ندبا ، ويعيد لو استطاع. ولو بذل له الزاد والراحلة صار مستطيعا ، ولو حجّ به بعض إخوانه ، أجزأه عن الفرض.

ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة يمون به عياله حتى يرجع.

ولو استطاع فمنعه كبر أو مرض أو عدو ، ففي وجوب الاستنابة قولان : المرويّ أنه يستنيب (١) ولو زال العذر حجّ ثانيا ، ولو مات مع العذر أجزأته النيابة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو استطاع فمنعه كبر أو مرض أو عدوّ ، ففي وجوب الاستنابة قولان : المروي أنه يستنيب.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) والخلاف (٣) الى وجوب

__________________

(١) النهاية : كتاب الحجّ ، باب وجوب الحجّ ص ٢٠٣ س ٨ قال : فان حصلت الاستطاعة ومنعه من الخروج مانع إلى أن قال : كان عليه أن يخرج رجلا يحجّ عنه إلخ.

(٢) المبسوط : ج ١ كتاب الحجّ ، فصل في حقيقة الحجّ والعمرة وشرائط وجوبهما ص ٢٩٩ س ٤ قال : المغصوب الذي لا يقدر إلى أن قال : لزمه أن يحجّ عنه غيره إلخ.

(٣) الخلاف : كتاب الحجّ مسألة ٦ قال : الذي لا يستطيع الحجّ بنفسه وآيس من ذلك الى أن قال : يلزمه فرض الحجّ في ماله بأن يكتري من يحجّ عنه إلخ.

١٢٠