المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

في المختلف الكفارة.

(ب) أن يقصد النظر والامناء ولا يحصل الامناء ، فيبنى على ان نية المنافي هل هي منافية أم لا؟ فيبطل الصوم على الأول دون الثاني.

(ج) أن يقصد النظر خاصة ولا يحصل الامناء ، فلا فساد إجماعا.

(د) أن يقصد الامناء خاصة ولا يحصل ، فهو كالمسألة الثانية ، والأقوى عدم الفساد فيهما.

(ه) أن يقصدها ولا يحصل شي‌ء ، فلا إفساد ولا إثم.

(و) أن لا يقصدهما ويحصل أمناء ، فلا شي‌ء أيضا.

(ز) أن يقصد الامناء خاصة ويحصل ، فالكفارة عند العلامة وظاهر السيد حيث قال :

لو تعمد إنزال المني كفر وإن كان بغير جماع «ان يقصد ـ كذا».

(ح) النظر خاصة ، ويحصل ، فالقضاء عند العلامة ، ولا شي‌ء عند الحسن ، والشيخ في الخلاف والمصنف وابن إدريس ، ولم يفرقوا بين المحللة والمحرمة ، ولم يفصلوا الى قاصد الامناء وعادته.

القسم الثاني : المحرمة ، ومسائلهما ثمان :

(أ) أن يقصد الفطر والامناء ويحصل الامناء ، فالقضاء والكفارة عند الشيخ في المبسوط ، كمذهب العلامة ، حيث قال في المسائل : وعندنا انه إذا نظر الى ما لا يحل النظر إليه فأنزل غير مستدع للإنزال لم يفطر ، وهو يدل بمفهومه على الإفساد مع استدعاء الانزال ، ولا شي‌ء عند ابن إدريس والمصنف والشيخ في الخلاف وقال العلامة في التحرير ، لو نظر الى من يحرم اليه نظرها بشهوة فأمنى كان عليه القضاء ولا كفارة ، وهي عبارة الشيخ في المبسوط.

(ب) أن يقصد النظر والامناء ولا يحصل الامناء فيأثم قطعا ، وبين الحكم على منافاة نيته المنافي.

٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) أن يقصد النظر خاصة ولا يحصل الامناء ، فلا فساد إجماعا ، بل الإثم.

(د) أن يقصد الامناء خاصة ، ولا يحصل ، فهو كالمسألة الثانية ، والأقرب الإثم خاصة.

(ه) أن يقصدهما ولا يحصل شي‌ء ، فلا قطعا.

(و) أن لا يقصدهما ويحصل الامناء ، فلا شي‌ء أيضا.

(ز) أن يقصد الامناء خاصة ويحصل ، فلا شي‌ء ، لأصالة براءة الذمة ، وتعلق الحكم بالنظر عند القائل ، والأقرب الكفارة ، وظاهر السيد.

(ح) أن يقصد النظر خاصة ويحصل الامناء ، فلا قضاء عند العلامة والمبسوط ولا شي‌ء عند الخلاف والمصنف وابن إدريس ، وفخر المحققين يعتبر الناظر فان كان من عادته الامناء عقيب النظر ، كفر والا فلا.

وزاد في نسخة (ج) ما يأتي :

قال بعد جملة (وتبعه القاضي) : وهنا تحقيق يتشعب باعتباره تسعة مسائل :

وتقريره أن نقول : النظر إما أن يكون إلى محللة أو محرمة ، وعلى التقديرين فإما أن تقصد النظر ، أو لا بل يحصل اتفاقا ، وعلى التقادير فاما أن يحصل له أمناء بالفعل ، أو ينويه ولم يحصل ، فالأقسام تسعة :

(أ) أن يكون إلى محللة ، ولا يقصد النظر ولا الامناء ولا يحصل الامناء ، فلا إثم ولا فساد إجماعا.

(ب) أن يكون إلى محللة ويقصد النظر لا الامناء ولا يحصل الامناء ، فلا فساد ولا إثم أيضا.

(ج) أن يكون إلى المحللة ويقصد النظر والامناء ، فيجب الكفارة على قول العلامة ، ولا يجب عند الشيخ وابن إدريس.

(د) أن يكون إلى المحللة ويقصد النظر والامناء ولم يحصل الامناء ، فهل يفسد صومه أم لا؟ يبني على أن نيته المنافي هل هي منافية أم لا؟ فيبطل على الأول دون الثاني.

٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(ه) أن يكون إلى محرمة ولم يقصد النظر ولا الامناء ، فلا فساد إجماعا.

(و) أن تكون إلى محرمة ويقصد النظر لا الامناء ولا يحصل الامناء ، فلا فساد أيضا.

(ز) أن تكون إلى محرمة ويقصد النظر والامناء ، فيفسد ويجب الكفارة.

(ح) أن تكون إلى محرمة ويقصد النظر والامناء ولا يحصل الامناء ، فيبني على منافاة نيته المنافي كما تقدم.

(ط) أن تكون إلى محرمة ويقصد النظر لا الامناء فيحصل الامناء ، فذهب المصنف والحسن وابن إدريس والشيخ في الخلاف لا شي‌ء ، ومذهبه في المبسوط وجوب القضاء ، وهو مذهب العلامة ، وعند فخر المحققين يعتبر الناظر ، فان كان من عادته الامناء عقيب النظر كفر والا فلا.

الفصل الثاني : الملاعبة والملامسة ، فإن كان مع قصد الانزال كفر قطعا ، وان كان لا معه فكذلك على المشهور ، وقال أبو علي : يجب القضاء خاصة (١).

احتج الأولون : بأنه أنزل في نهار رمضان عقيب فعل معد للإنزال فكان عليه الكفارة ، وبما رواه أبو بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده على شي‌ء من جسد امرأته فأدفق ، قال : كفارته أن يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا ، أو يعتق رقبة (٢).

وفي معناها رواية سماعة (٣).

احتج أبو علي ، بأنه أنزل من غير قصد ، فلا يجب عليه الكفارة كالمتمضمض للتبرد.

وأجيب بأنه قصد فعلا يحصل معه الامناء ، فهو كالمجامع.

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٤ س ٣٣ قال : وقال ابن الجنيد : لا بأس ما لم يتولد منه مني أو مذي ، فان تولد ذلك وجب القضاء.

(٢) التهذيب : ج ٤ (٧٢) باب الزيادات ، ص ٣٢٠ الحديث ٤٩.

(٣) التهذيب : ج ٤ (٧٢) باب الزيادات ، ص ٣٢٠ الحديث ٤٨.

٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الفصل الثالث : التسمع ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) لا شي‌ء وهو اختيار الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) وهو مذهب الحسن وابن إدريس (٣) والمصنف (٤).

(ب) القضاء خاصة ، وهو إطلاق المفيد حيث قال : ان تشهي أو أصغى الى حديث وجب عليه القضاء (٥) وقال التقي : لو أصغى الى حديث ، أو ضم ، أو قبل فأمنى فعليه القضاء (٦).

(ج) القضاء والكفارة مع قصد الانزال ، ولا معه القضاء خاصة ، وهو اختيار العلامة في المختلف (٧) وقال في التذكرة : لو نظر أو تسمع لكلام أو حادث فأمنى لم يفسد صومه (٨).

فروع

لو تخيل قاصدا فأمنى كفر بخلاف ما لو خطر له ولم يقصد الانزال.

__________________

(١) النهاية : كتاب الصيام ، باب ما على الصائم اجتنابه ص ١٥٧ س ٢ قال : فإن أمنى من غير ملامسة لسماع كلام أو نظر لم يكن عليه شي‌ء ولا يعود إلى ذلك.

(٢) المبسوط : ج ١ ، كتاب الصوم ، فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٢٧٣ س ١ قال : فإن أصغى أو سمع الى حديث فأمنى لم يكن عليه شي‌ء.

(٣) السرائر : كتاب الصوم ، باب ما يجب على الصائم اجتنابه ص ٨٨ س ٢٩ قال : فإن أمنى من غير ملامسة بل من سماع كلام أو نظر لم يكن عليه شي‌ء ولا يعود إلى ذلك.

(٤) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣٠٥ قال : مسألة ولو نظر أو تسمع لكلام أو حادث فأمنى لم يفسد صومه ولا قضاء عليه

(٥) المقنعة : كتاب الصيام ، باب حكم الساهي والغالط في الصيام ص ٥٧ س ١٤.

(٦) الكافي : الصوم ، فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨٣ س ٤.

(٧) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٣ س ٥ قال : والأقرب عندي انه إن قصد الانزال وجب عليه القضاء والكفارة. إلخ.

(٨) التذكرة : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٥٩ س ٤٢ قال : فروع (١) لو نظر أو تسمع إلخ.

٤٤

السادسة : تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام

وهل تتكرر بتكرر الوطء في اليوم الواحد؟ قيل : نعم ، والأشبه انها لا تتكرر ويعزر من أفطر لا مستحلا مرة وثانية ، فان عاد ثالثة قتل ، (وقيل في الرابعة خ)

______________________________________________________

لو أمذى عقيب الملامسة لم يكن عليه شي‌ء ، وقال أبو علي : يجب القضاء ، وهو نادر.

لو تساحقت امرأتان ، فان لم ينزلا فلا شي‌ء سوى الإثم ، وإن أنزلتا فالقضاء والكفارة عليهما ، ولو أنزلت إحداهما اختصت بالحكم. وكذا المجبوب لو ساحق.

لو طلع الفجر وهو مجامع ، فاستدامه ، أو مكث ، أو نزع في الحال بنية الجماع كفر ، ان نزع لا بنيته لم يكن عليه شي‌ء.

قال طاب ثراه : تتكرر الكفارة مع تغاير الأيام ، وهل تتكرر بتكرر الوطء في اليوم الواحد؟ قيل : نعم ، والأشبه انها لا تتكرر.

أقول : إذا تكرر فعل المفطر من الصائم ، فإن كان في يومين تكررت الكفارة عند علمائنا أجمع ، وإن كان في يوم واحد ، ففيه مسائل :

الجماع وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) التكرار مطلقا ، قاله السيد (١) والشهيد (٢).

لما روي عن الرضا عليه السلام : ان الكفارة تتكرر بتكرر الوطء (٣).

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٧ س ٥ قال : وربما قال المرتضى من أصحابنا انه يجب عليه لكل مرة كفارة.

(٢) اللمعة الدمشقية : كتاب الصوم قال : وتتكرر الكفارة بتكرر الوطء مطلقا ورواه في المعتبر ص ٣٠٨ س ٣٤.

(٣) الوسائل : ج ٧ كتاب الصوم الباب ١١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ٣ نقلا عن العلامة في المختلف.

٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ولأن الإمساك واجب كرمضان والوطء فيه محرم كحرمة رمضان.

(ب) عدمه مطلقا قاله الشيخ (١) وابن حمزة (٢) واختاره المصنف (٣) وهو ظاهر العلامة في التذكرة (٤).

لأصالة براءة الذمة من الزائد عما وقع عليه الإجماع ، ولعدم الهتك ، ولأن الوطء الثاني لم يقع في صوم صحيح ، فكما لا تتكرر به القضاء لا تتكرر به الكفارة.

(ج) التفصيل وهو التكرير مع تخلل التكفير ، وعدمه مع عدمه وهو قول ابي علي (٥)

غير الجماع ولا يتكرر الكفارة بتكرره مع اتفاقه وعدم تخلل التكفير إجماعا.

لو تخلل التكفير مع اتفاق السبب ، تكررت عند العلامة (٦) والشهيد (٧) وأولى بالتكرار مع اختلاف السبب ، وقيل : بعدم التكرار ، لأصالة البراءة.

__________________

(١) المبسوط : كتاب الصوم فصل في ذكر ما يمسك عنه الصائم ص ٢٧٤ س ١٤ قال : فاما إذا تكرر ذلك في يوم واحد الى أن قال : والذي يقتضيه مذهبنا انه لا يتكرر عليه الكفارة.

(٢) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٧ س ١٥ قال : وقال ابن حمزة بعدم التكرير.

(٣) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣٠٨ س ٣٣ قال : ولو تكرر منه الوطء في اليوم الواحد لم تتكرر الكفارة.

(٤) التذكرة : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٦٥ س ١١ قال : ولو كرر في يوم واحد إلخ.

(٥) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٧ س ١١ قال : وقال أبو علي بن الجنيد رحمه الله إلى أن قال : فإن أخرجها وعاود لزمه لكل مرة كفارة.

(٦) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٧ س ١٥ قال : والأقرب عندي انه إن تغاير جنس المفطر تعددت الكفارة ، إلى أن قال : وإن اتحد جنس المفطر في يوم واحد فان كفر عن الأول تعددت الكفارة.

(٧) اللمعة : كتاب الصوم قال : وتتكرر الكفارة إلى أن قال : أو تخلل التكفير.

٤٦

السابعة : من وطأ زوجته مكرها لها ، لزمه كفارتان ، ويعزر دونها ، ولو طاوعته كان على كل منهما كفارة ، ويعزران.

الثالث : من يصح منه

ويعتبر في الرجل العقل والإسلام ، وكذا في المرأة مع اعتبار الخلو من الحيض والنفاس ، فلا يصح من الكافر وإن وجب عليه ، ولا من المجنون والمغمى عليه ولو سبقت منه النية على الأشبه (١) ولا من الحائض والنفساء ولو صادف ذلك أول جزء من النهار أو آخر جزء منه ، ولا يصح من الصبي غير المميز ، ويصح من الصبي المميز ومن المستحاضة مع فعل ما يجب عليها من الأغسال.

______________________________________________________

تغاير السبب ، كالأكل والجماع يوجب التكرير ، لتعلق الكفارة على الأكل والجماع مطلقا ، وهو اختيار العلامة في القواعد (١) والمختلف (٢) سواء كفر عن الأول أولا ، واختاره الشهيد (٣) وقال المصنف : لا يتكرر مطلقا وإن وجب الإمساك ، لأنه ليس بصوم صحيح ، والكفارة تجب بما يحصل به الفطر ، ويفسد به الصوم الصحيح (٤).

قال طاب ثراه : ولا من المجنون والمغمى عليه لو سبقت منه النية على الأشبه.

أقول : البحث هنا يستدعي توطئة مقدمة.

__________________

(١) القواعد : كتاب الصوم ، المطلب الثالث فيما يجب بالإفطار ص ٦٥ قال : ويتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين مطلقا وفي يوم مع التغاير.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) شرح اللمعة : كتاب الصوم قال : وقيل تتكرر مطلقا وهو متجه.

(٤) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣٠٩ س ١ قال : فرع من أكل مرارا أو شرب أو أكل لم تتكرر الكفارة.

٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي أن الجنون مزيل للعقل إجماعا ، والنوم مغط له قطعا ، والاغماء هل هو مزيل أو مغط؟

قيل بالأول ، لعدم الوثوق بحصول التمييز معه ، بخلاف النوم ، فإنه يمكن إيقاظه في الحال ورجوع التصرف والتمييز اليه.

وقيل بالثاني ، لسرعة زواله.

فمن قال بالأول كالمصنف (١) والعلامة (٢) جعل حكمه حكم المجنون ولم يعتبر صومه مع سبق النية.

ومن قال بالثاني : كالشيخين (٣) جعل حكمه حكم النوم ، ويعتبر صومه مع سبق النية.

فالحاصل : أن الفائدة تظهر في وجوه :

(أ) خروجه عن حد المكلفين على الأول ، فيحكم ببطلان صومه وإن سبقت منه النية ولا يعد صائما ، فلا يستحق ما نذر ، أو وقف ، أو أوصى به للصائمين ، ولا يجزي عن القضاء أو النذر والكفارة ، ولو نواه من الليل عن أحدهما.

(ب) لو أفاق في أثناء النهار لم يجب الإمساك مطلقا على الأول ، ويجب

__________________

(١) المعتبر : كتاب الصوم في شرائط صحة الصوم ص ٣٠٩ س ٢٩ قال : وفي المغمى عليه قولان إلى أن قال بعد نقل قوم المفيد : وليس بوجه لأن مع زوال العقل يسقط التكليف.

(٢) المختلف : فيمن يصح منه الصوم ص ٥٨ س ٢٣ قال بعد نقل قول المفيد : وليس بجيد لأن العقل الذي هو شرط التكليف زائل إلخ.

(٣) المقنعة : ص ٥٠ باب حكم المغمى عليه وصاحب المرة والمجنون في الصيام س ٩ قال : فان استهل عليه الشهر وهو يعقل فنوى صيامه وعزم عليه ثمَّ أغمي عليه الى ان قال : فلا قضاء عليه لأنه في حكم الصائم بالنية إلخ. وفي النهاية باب قضاء شهر رمضان ومن أفطر فيه على العمد أو النسيان ص ١٦٥ س ١٥ قال : والمغمى عليه الى ان قال : لم يلزمه قضاء شي‌ء فاته لأنه بحكم الصائم.

٤٨

ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور ، (١) وفي الثلاثة أيام لدم المتعة ، وفي بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا.

______________________________________________________

على الثاني إن كان قبل الزوال ، ويجزي مطلقا ، ولا يجزي لو كان بعد الزوال ، ويجب الإمساك في المتعين خاصة.

(ج) لو استمر الاغماء من أول النهار إلى نهايته ، فان كان مع سبق النية ، صح على الثاني دون الأول ، بل يكون باطلا.

(د) لو أهمل النية من الليل واستمر إغماؤه إلى بعد الزوال ، قضى على الثاني دون الأول.

قال طاب ثراه : ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور.

أقول : قد جرت عادة المصنف رحمه الله ، بالإشارة إلى ما استضعف سنده مع عمل الأصحاب عليه ، بالمشهور.

وهذه المسألة لا خلاف فيها عند علمائنا.

والمستند ما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال :

سألته عن الرجل يجعل لله عليه صوم يوم مسمى قال : يصومه أبدا في السفر والحضر (١).

قال الشيخ : يحمل هذا على من نذر لله يوما معينا ، وشرط صومه سفرا وحضرا ، واستدل على التأويل برواية علي بن مهزيار قال : كتب بندار مولى إدريس ، يا سيدي نذرت أن أصوم كل يوم سبت ، فإن أنا لم أصمه ما الذي

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٥٧) باب حكم المسافر والمريض في الصيام ص ٢٣٥ الحديث ٦٣.

٤٩

ولا يصح في واجب غير ذلك على الأظهر (١) الا أن يكون سفره أكثر من حضره ، أو يعزم إقامة عشرة. والصبي المميز يؤخذ بالواجب لسبع استحبابا مع الطاقة ، ويلزم به عند البلوغ ، ولا يصح من المريض مع التضرر به ويصح لو لم يتضرر به ويرجع في ذلك إلى نفسه.

______________________________________________________

يلزمني من الكفارة؟ فكتب عليه السلام وقرأته ، لا تتركه إلا من علة ، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض ، إلا أن تكون نويت ذلك (١).

قال المصنف : ولمكان ضعف هذه الرواية ، جعلناه قولا مشهورا (٢).

وأقول : وجه ضعفها من اشتمالها على المكاتبة ، وكونها مقطوعة.

قال طاب ثراه : ولا يصح في واجب غير ذلك على الأظهر.

أقول : الأصل هو المنع من الواجب في السفر ، إلا في صور أخرجها النص وعمل الأصحاب ، وهي أربعة :

(أ) ثلاثة أيام لدم المتعة.

(ب) ثمانية عشر في بدل البدنة للمفيض من عرفات قبل الغروب عامدا.

(ج) النذر المشروط سفرا وحضرا.

(د) من كان سفره أكثر من حضره.

وما خرج عن ذلك لا يجوز فيه الصوم على المحصل عند المحققين من غير استثناء.

وبعض الأصحاب يستثني ، وهو في ثلاث صور ، وهي المشار إليها بقوله غير ذلك.

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٥٧) باب حكم المسافر والمريض في الصيام ص ٢٣٥ قطعة من حديث ٦٤ ولا حظ تأويل الشيخ في ذيل حديث ٦٣ في تلك الصفحة.

(٢) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٠ س ٧.

٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) أجاز السيد رحمه الله صوم المعين بالنذر إذا وافق السفر (١) ، ولعله استند إلى رواية إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة (٢).

وهي معارضة بغيرها ، مثل رواية زرارة قال ، قلت لأبي جعفر عليه السلام : ان أمي كانت جعلت عليها نذرا ، ان الله رد عليها بعض ولدها من شي‌ء كانت تخاف عليه ، أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت ، فخرجت معنا مسافرة إلى مكة ، فأشكل علينا لمكان النذر ، أتصوم أو تفطر؟ قال : لا تصوم وضع الله عز وجل عنها حقه ، وتصوم هي ما جعلت على نفسها ، قلت : فما ترى ان رجعت إلى المنزل أتقضيه؟ قال : لا ، قلت : أفتترك ذلك؟ قال : لا ، لأني أخاف أن ترى في الذي نذرت فيه ما تكره (٣).

وفي معناها رواية القاسم بن أبي القاسم الصيقل (٤).

(ب) للمفيد قول بجواز ما عدا رمضان من الواجبات (٥).

__________________

(١) جمل العلم والعمل : كتاب الصوم ، فصل في حكم المسافر والمريض ص ٩٢ س ٥ قال : وصوم النذر إذا علق بسفر وحضر ، ونقله العلامة في المختلف ص ٥٩ س ٢١.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٥٧) باب حكم المسافر والمريض في الصيام ص ٢٣٤ الحديث ٦٢.

(٤) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٥٧) باب حكم المسافر والمريض في الصيام ص ٢٣٤ الحديث ٦١.

(٥) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ص ٥٩ س ٥ قال : وللمفيد قول الى آخره ، هذا ولكن عبارته في المقنعة : كتاب الصيام ، باب حكم المسافرين ص ٥٥ س ٣٤. هكذا : وروي حديث في جواز التطوع في السفر بالصيام ، وجاءت أخبار بكراهية ذلك ، وانه ليس من البر الصوم في السفر وهي أكثر وعليها العمل عند فقهاء العصابة ، فمن أخذ بالحديث لم يأثم إذا كان أخذه من جهة الاتباع ومن عمل على أكثر الروايات واعتمد على المشهور منها في اجتناب الصيام في السفر على كل وجه سوى ما عددناه كان أولى بالحق والله الموفق للصواب.

٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) أجاز الصدوقان صوم جزاء الصيد (١) وابن حمزة صوم الكفارة التي تلزم فيها التتابع ، إذا كان إفطاره يوجب الاستيناف ، وكفارة قتل العمد في الأشهر الحرم وهو يصوم فيها ، فاتفق له سفر وجب عليه أن يصوم في السفر (٢).

والمعتمد على المشهور.

وأما المندوب ، ففيه ثلاثة أقوال :

(أ) المنع وهو مذهب الصدوقين (٣) والمفيد (٤) وتلميذه (٥).

(ب) الجواز وهو مذهب ابن حمزة (٦).

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ص ٥٩ س ٢٤ قال : واستثنى علي بن بابويه في رسالته وابنه محمد في مقنعته الصوم في كفارة صيد المحرم إلخ. وفي المقنع أبواب الصوم ، باب تقصير المسافر في الصوم ص ٦٣ س ٦ قال : فلا تصومن في السفر شيئا إلى أن قال : الا الصوم الذي ذكرته في أول الباب من صوم كفارة صيد المحرم. إلخ

(٢) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ص ٥٩ س ٢٥ قال : وقال ابن حمزة : ان كان نذرا مقيدا بحال السفر أو صوم الكفارة التي. إلخ.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ص ٦٠ س ١٠ قال : وقال ابنا بابويه : لا يصوم في السفر تطوعا ولا فرضا ، واستثنى من التطوع صوم ثلاثة أيام في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وصوم الاعتكاف.

(٤) المقنعة : كتاب الصيام ص ٥٥ باب حكم المسافرين س ٣٥ قال : ومن عمل على أكثر الروايات واعتمد على المشهور منها في اجتناب الصيام في السفر على كل وجه سوى ما عددناه كان أولى بالحق.

(٥) المراسم : كتاب الصوم ، أحكام الإفطار في صوم الواجب ص ٩٧ س ١٧ قال : ولا يصوم المسافر تطوعا ولا فرضا الا صيام ثلاثة أيام لدم المتعة إلخ.

(٦) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ، ص ٦٠ س ١٢ قال : وقال ابن حمزة : صيام النفل في السفر ضربان مستحب إلى أن قال : وجائز وهو ما عدى ذلك ، وروى كراهة صوم النافلة في السفر والأول أثبت.

٥٢

الرابع : في أقسامه

وهي أربعة : واجب ، وندب ، ومكروه ، ومحظور.

فالواجب ستة ، شهر رمضان ، والكفارة ، ودم المتعة ، والنذر وما في معناه ، والاعتكاف على وجه ، وقضاء الواجب المعين.

أما شهر رمضان فالنظر في علامته وشروطه وأحكامه.

الأول : أما علامته فهي رؤية الهلال ، فمن رآه وجب عليه صومه ولو انفرد بالرؤية ولو رؤي شائعا ، أو مضى من شعبان ثلاثون ، وجب الصوم عاما.

______________________________________________________

(ج) الكراهة ، وهو مذهب الشيخ (١) والمصنف (٢) والعلامة (٣) واستند الكل الى الروايات (٤) اما منطوقا أو عموما ، وهو الأقرب.

ومعناه نقص ثوابه عن الحضر ، لا عدم استحقاق الثواب عليه أصلا.

إلا ثلاثة أيام الحاجة بالمدينة ، وألحق المفيد المشاهد (٥) والصدوقان (٦)

__________________

(١) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المسافر في شهر رمضان ص ١٦٢ س ١٢ قال : ويكره صيام النوافل في السفر على كل حال ، إلى أن قال : الا أن الأحوط ما قدمناه.

(٢) المعتبر : كتاب الصوم ، في شرائط صحة الصوم ص ٣٠٩ س ٣٣ قال : وفي صحة الندب منه قولان والكراهية أولى.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ص ٦٠ س ١٣ قال : والكراهية أولى.

(٤) لا حظ الوسائل : ج ٧ كتاب الصوم ، الباب ١٢ من أبواب من يصح منه الصوم.

(٥) المقنعة : كتاب الصيام ص ٥٥ باب حكم المسافرين س ٣٣ قال : وصوم ثلاثة أيام للحاجة الى ان قال : أو في مشهد من مشاهد الأئمة عليهم السلام.

(٦) المختلف : كتاب الصوم ، فيمن يصح الصوم منه ص ٦٠ س ١٠ قال : وقال ابنا بابويه لا يصوم في السفر الى أن قال وصوم الاعتكاف في المساجد الأربعة.

٥٣

ولو لم يتفق ذلك ، قيل : يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة (١) وقيل : لا يقبل مع الصحو الا خمسون نفسا ، أو اثنان من خارج (البلد خ).

وقيل : يقبل شاهدان كيف كان ، وهو أظهر.

______________________________________________________

وابن إدريس الاعتكاف في مواطنه الأربعة (١).

قال طاب ثراه : (وـ خ) قيل يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة.

أقول : هنا خمسة أقوال :

(أ) قبول العدلين من خارج البلد ، وعدد القسامة منه مع العلة ، ولا معها لا بد من القسامة من خارج ، وأولى منه إذا كانوا من البلد ، وهو مذهب القاضي (٢) والشيخ في النهاية (٣).

(ب) قبول العدلين مع العلة من البلد وخارجه ، والقسامة مع عدمها من البلد وخارجه ، وهو مذهب التقي (٤) وقول للشيخ في المبسوط (٥).

(ج) قبول العدلين من خارج أو مع العلة ، والا فلا بد من القسامة ، وهو مذهب الصدوق في المقنع (٦).

(د) قبول العدلين كيف كان ، مع العلة وعدمها من البلد وخارجه ، لأنه

__________________

(١) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٩٠ س ٥ قال : ويجوز صيام الاعتكاف في حال السفر.

(٢) المهذب : ج ١ كتاب الصيام ، باب صوم شهر رمضان وعلامة دخوله ص ١٨٩ س ١٨ قال : وإذا كان في السماء علة إلخ.

(٣) النهاية : كتاب الصيام ، باب علامة شهر رمضان وكيفية العزم عليه ص ١٥٠ س ١٢ قال : فان كان في السماء علة. إلخ.

(٤) الكافي : الصوم ، فصل في صوم شهر رمضان ص ١٨١ س ٩ قال : ويقوم مقامها شهادة رجلين عدلين في الغيم وغيره إلخ.

(٥) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل في ذكر علامة شهر رمضان ص ٢٦٧ س ١.

(٦) المقنع : أبواب الصوم (٢) باب رؤية هلال شهر رمضان ص ٥٨ س ١٣.

٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المعهود من عادة الشرع في كل الأحكام الا ما شذ.

ولصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته ، فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه (١).

وهو اختيار السيد (٢) وأبي علي (٣) وابن إدريس (٤) والمصنف (٥) والعلامة (٦).

(ه) قبول الواحد في هلال شهر رمضان دون غيره من الأهلة ، احتياطا للصوم ، وهو مذهب سلار (٧).

واستند الجميع الى الروايات (٨).

هذا مع عدم الرؤية ، أما معها فيجب الصوم وإن انفرد ، أو رد ، خلافا لأبي حنيفة ، لقول الصادق عليه السلام : صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته ، فإن شهد

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٥٧ الحديث ٨.

(٢) جمل العلم والعمل : كتاب الصوم ، فصل في حقيقة الصوم ص ٨٩ س ١٤ قال : فان شهد عدلان على رؤية الهلال وجب الصوم.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ، في أقسام الصوم ص ٦٤ س ١٠ قال : مسألة يثبت هلال شهر رمضان بشاهدين ذكرين عدلين إلى أن قال : وبه قال ابن الجنيد.

(٤) السرائر : كتاب الصوم ، باب علامة شهر رمضان ص ٨٦ س ٢٥ قال : وكذلك إن شهد برؤيته شاهدان عدلان وجب عليك الصوم.

(٥) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٠ س ٢٤ قال : والثاني لا يقبل الا شاهدان عدلان ، إلى أن قال بعد أسطر : ومع ورود الصريح من الأخبار في اشتراط شاهدين يكون الاحتمال الذي ذكرناه أرجح.

(٦) تقدم آنفا.

(٧) المراسم : كتاب الصوم ، ذكر : أحكام صوم شهر رمضان ص ٩٦ س ١٢ قال : أو شهد بها في أوله واحد عدل.

(٨) لاحظ التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٥٥ وأوردها في المختلف كتاب الصوم ص ٦٤.

٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

عندك عدلان مرضيان أنهما رأياه فصم (١) وهو في رواية منصور المتقدمة.

وكذا لو رؤي شائعا ، لان الاستفاضة تثبت بها الأهلة.

تنبيه

إذا قبلنا الواحد في الهلال كان القبول احتياطا للصوم خاصة ، فلا يثبت بهذه الشهادة غير وجوب الصوم ، كحلول الدين ، ووجوب الزكاة ، والنذر ، وانقضاء العدة ، ومدة التربص في الظهار ، والإيلاء والعنة. ولا يثبت به هلال غير رمضان كشوال وغيره ، لعدم العلة أعني الاحتياط للصوم ، ويفطر لو غم الهلال ليلة الحادي والثلاثين من رؤية الواحد ، لثبوته شرعا ، فالإفطار هاهنا وان كان مستندا إلى شهادة الواحد ، فهو ضمن ، لا أصل.

ويحتمل عدم الإفطار ، لأن القبول في الأول انما كان لمكان الاحتياط والإفطار ينافيه وأيضا المتيقن وجوب الصوم ، فلا يترك المعلوم بقول يفيد الظن.

والأول أقوى ، لأن الحكم الشرعي إذا ثبت مستندا إلى حكم يثبت بمثله شرعا ، اطرد حكمه ونفذ ضمنا فيما لا يثبت بمثله أصل الحكم الثاني كالرضاع فإنه يثبت بشهادة النساء ، ومع تحقق ثبوته بشهادتهن شرعا يفسخ به النكاح ، مع أن فسخ النكاح لا يثبت بشهادة النساء ، وكذا لا يثبت النسب بشهادة النساء ، ويثبت بها الولادة فيثبت النسب بالفراش على وجه التبع للولادة.

__________________

(١) تقدم آنفا.

٥٦

ولا اعتبار بالجدول ، ولا بالعدد ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق ، ولا بالتطوق ولا بعد خمسة أيام من هلال الماضية ، وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد.

ومن كان بحيث لا يعلم الأهلة ، توخى صيام شهر ، فان استمر الاشتباه أجزأه ، وكذا إن صادف ، أو كان بعده ، ولو كان قبله استأنف.

ووقت الإمساك طلوع الفجر الثاني فيحل الأكل والشرب حتى يتبين خيطه ، والجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال.

ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية.

ويستحب تقديم الصلاة على الإفطار الا أن تنازع نفسه ، أو يكون ممن يتوقع إفطاره.

______________________________________________________

وهو مذهب العلامة في التذكرة (١) والمنتهى (٢) وهو مذهب أبي حنيفة ، وقال محمد بن الحسن : لا يفطرون لأن الفطر لا يحل بشهادة الواحد (٣) وللشافعي مثل القولين ، وأما محل المسألة للشافعي طريقان ، أحدهما مع الصحو ولو كانت مغيمة أفطروا ، والآخر الصحو والغيم واحد (٤).

قال طاب ثراه : ولا اعتبار بالجدول ، ولا بالعدد ، ولا بالغيبوبة بعد الشفق ، ولا بالتطوق ، ولا بعد خمسة أيام من هلال الماضية ، وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد.

أقول : هنا مسائل :

__________________

(١) التذكرة : ج ١ ، كتاب الصوم ص ٢٧٠ س ٣٥ قال : (ب) لو صاموا بشهادة الواحد عند من اعتبرها ، فلم ير الهلال بعد الثلاثين ، فالوجه الإفطار.

(٢ و ٣ و ٤) المنتهى : ج ٢ كتاب الصوم ص ٥٨٩ في رؤية الهلال ، قال في الفرع الثالث من فروع الشهادة : إذا قلنا بقبول الواحد فشهد على رؤية رمضان فصاموا ثلاثين ثمَّ غم عليهم الهلال

٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الاولى : لا اعتبار بالجدول ، وهو مأخوذ من الحساب النجومي وضبط سير القمر واجتماعه بالشمس ، ولا يجوز التعويل عليه شرعا لقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ) (١).

ولان قول المنجم لو كان طريقا الى علم الهلال ، لوجب ان يبينه عليه السلام للناس ، لأنهم في محل الحاجة إليه ، ولم يجز له حصر الدلالة في الرؤية.

والشهادة.

وحكي عن قوم من العامة انهم قالوا : يجتهدون في ذلك ويرجعون الى المنجمين (٢).

وهو مردود بما قلناه ، وبروايات كثيرة في معناه (٣).

ولأنه عليه السلام شدد في النهي عن سماع كلام المنجم ، فقال : من صدق كاهنا أو منجما فقد كفر بما انزل على محمد (٤).

الثانية : لا اعتبار بالعدد ، والمراد به نقيصة شعبان وتمامية رمضان. قال

__________________

فالوجه الإفطار ، وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي ، والآخر لا يفطرون وهو قول محمد بن الحسن ، لنا ان الصوم ثبت شرعا بشهادة الواحد فثبت الإفطار باستكمال الثلاثين. وقال في ص ٥٨٨ بعد نقل قول سلار في قبول شهادة الواحد : وهو أحد قولي الشافعي إلى أن قال : وذهب المفيد والسيد المرتضى انه لا يقبل الا بشاهدين عدلين صحوا وغيما وهو القول الآخر للشافعي.

(١) البقرة : ١٨٩.

(٢) التذكرة : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧١ س ١٤ قال : وحكي عن قوم من العامة. إلخ.

(٣) لا حظ الوسائل ج ٧ كتاب الصوم ، الباب ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان. وج ٨ كتاب الحج ، الباب ١٤ من أبواب آداب السفر. وج ١٢ كتاب التجارة ، الباب ٢٤ من أبواب ما يكتسب به.

(٤) الوسائل : ج ٧ كتاب الصوم ، الباب ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٢ نقلا عن المعتبر.

٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

العلامة في التذكرة : ولا اعتبار بالعدد خلافا لقوم من الحشوية ذهبوا الى انه معتبر ، وان شهور السنة قسمان ، تام وناقص ، رمضان تام لا ينقص وشعبان ناقص لا يتم (١) وبمثله قال المصنف في المعتبر (٢).

ولو غمت شهور السنة أجمع؟ قال المصنف في الشرائع : عد كل شهر منها ثلاثين (٣).

وقال العلامة في المعتمد : حكم بالعدد (٤) وفي الإرشاد : فالأولى العمل بالعدد (٥) وفي القواعد : فالأقرب العمل بالعدد (٦).

وليس المراد به العدد الذي أبطلناه ، بل يحتمل أمرين :

أحدهما : مختار المصنف ، وهو اعتبار التمامية في الجميع لأن الأصل أن الشهر جملة من الزمان محفوفة بهلالين ، أو ثلاثون يوما.

__________________

(١) التذكرة : ج ١ ، كتاب الصوم ص ٢٧١ س ٢٠ قال : مسألة ، لا اعتبار بالعدد خلافا القوم من الحشوية. إلخ.

(٢) المعتبر : كتاب الصوم ، فيما يثبت به شهر رمضان ، ص ٣١١ س ٧ قال : ولا بالعدد فان قوما من الحشوية. إلخ.

(٣) شرائع الإسلام : كتاب الصوم ، القول في شهر رمضان والكلام في علامته وشروطه وأحكامه قال : ولو غمت شهور السنة عد. إلخ.

(٤) لم أظفر عليه قال في الذريعة : ج ٢١ ص ٢١٣ تحت رقم (٤٦٦٧) المعتمد في الفقه للعلامة ـ الى أن قال : ـ أقول : لقد أكثر النقل عن كتاب المعتمد في الفقه ، للعلامة ، الشيخ أبو العباس احمد بن فهد الحلي في المهذب البارع.

(٥) مجمع الفائدة : ج ٥ كتاب الصوم ، طريق ثبوت الهلال ص ٢٩٥ نقل عن الإرشاد ما لفظه : ولو غمت الشهور أجمع فالأولى العمل بالعدد.

(٦) القواعد : كتاب الصوم ص ٦٩ المطلب الثاني في شهر رمضان ، قال : ولو غمت الشهور فالأقرب. إلخ.

٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والآخر : اعتبار رواية الخمسة (١) وعليه شرح فخر المحققين في إيضاحه ، لأنه مذهب والده في المختلف (٢) والتذكرة (٣) والتحرير (٤) ثمَّ قال في أخر البحث : والأقوى عندي ما قواه المصنف في الدرس وهو العمل بالعدد ، اعنى كل شهر ثلاثين (٥).

فالحاصل : ان لفظ العدد يطلق على معان :

(أ) اعتبار عدد الشهور ثلاثين ، ثلاثين.

(ب) عد خمسة أيام من هلال الماضية.

(ج) كون رمضان لا ينقص أبدا وشعبان لا يتم أبدا ، وهو قول قوم من الحشوية ، ونقله المرتضى عن شذاذ من أصحابنا (٦) وهذا القول متروك ، لشهادة الحسن بخلافه.

وروى يعقوب الأحمر قال : قلت للصادق عليه السلام : شهر رمضان تام أبدا؟ قال : لا بل شهر رمضان من الشهور (٧).

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ كتاب الصوم ، الباب ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان ، فلا حظ.

(٢) المختلف كتاب الصوم ص ٦٦ س ١٢ قال بعد نقل الأقوال : وقول الشيخ في المبسوط لا بأس به ثمَّ أيده بما رواه الزعفراني عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال عليه السلام : انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية ، وصم يوم الخامس.

(٣) التذكرة : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧١ س ٤١ قال : ولو قيل بذلك إلى أن قال : كان وجها.

(٤) التحرير : كتاب الصوم ، المقصد السادس في شهر رمضان ص ٨٢ س ١٠ قال : والوجه عندي العمل برواية الخمسة.

(٥) إيضاح الفوائد : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٥٠ س ٢٤ قال : والأقوى ما قواه المصنف في الدرس. إلخ.

(٦) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٦ قال : مسألة نقل السيد المرتضى عن قوم شذاذ من أصحابنا ان شهر رمضان تام أبدا ، قال : والصحيح انه قد يكون تسعة وعشرين يوما.

(٧) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٦٥ الحديث ٤٢.

٦٠