المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه ، غير انه ترك المتاع عنده ولم يقبضه قال : آتيك غدا إن شاء الله ، فسرق المتاع ، من مال من يكون؟ قال : من مال صاحب المتاع الّذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يردّ إليه ماله (١) وهو اختيار القاضي (٢) والتقي (٣) وسلار (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦).

(ج) أنه من ضمان البائع ، إلّا أن يكون البائع عرض التسليم على المبتاع ولم يتسلّمه ، فيكون التلف من المبتاع حينئذ ، قاله ابن حمزة (٧).

تنبيه

واعلم أنّ لهذا الخيار الذي ذكرنا أحكامه ، شروطا :

__________________

(١) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧١ الحديث ١٢.

(٢) المهذب : ج ١ في خيار الغبن ص ٣٦١ س ١١ قال : وروى أصحابنا الى أن قال : فان لم يأت به في ذلك بطل البيع.

(٣) الكافي : فصل في عقد البيع ، ص ٣٥٣ س ٩ قال : فان لم يعيّن وقتا إلى أن قال : فان هلك المبيع في مدة الثلاثة الأيام فهو من مال المبتاع وبعدهن من مال البائع إلخ. ولا يخفى ان الظاهر ان هذه العبارة خلاف مقصود المصنف ، فتأمّل.

(٤) المراسم : ذكر البيوع ، ص ١٧٢ س ٤ قال : فإن أخّره الى أن قال : وان هلك في الثلاثة فهو من مال المبتاع إلخ.

(٥) السرائر : باب الشرط في العقود ص ٢٢١ س ١٢ قال : فاذا باع الإنسان الى أن قال بعد أسطر : والذي يقوى في نفسي ما ذهب اليه شيخنا أبو جعفر إلخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) الوسيلة : فصل في بيان بيع الأعيان المرئية ص ٢٣٩ س ١٢ قال : وان لم يتقابضا الى أن قال : الا أن يكون عرض للتسليم ولم يتسلم المبتاع إلخ.

٣٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) أن يكون المبيع معيّنا فلا يطّرد الحكم الى ما يشترى في الذمة.

(ب) ان لا يحصل قبض لأحد العوضين ، فلو قبض أحدهما لم يطّرد الحكم ، ولو ظهر استحقاق المقبوض ، فكلا قبض ، أمّا المردود بالعيب ، فالأقرب عدم الفسخ فيه ، لحصول القبض في الجملة ، وفسخ القبض أمر طارئ.

(ج) أن يكون الثمن حالّا ، فلو كان الثمن مؤجّلا فأخّره بعد الحلول لم يطّرد الحكم.

(د) لو قبض المبيع بطل الخيار ، وللشيخ قول بجواز الفسخ للبائع مع تعذر قبض الثمن (١) وقوّاه الشهيد (٢).

فروع

(أ) لو قبضه المشتري ثمَّ تلف ، كأن تلف منه في الثلاثة وبعدها ، لانتقال الضمان إليه بالقبض ، وللشيخ قول : أنه من مال البائع إذا تلف بعد الثلاثة (٣) ، وهو نادر.

(ب) لم يفرّق الأكثر بين الحيوان وغيره في مدة التربّص ، وقال الصدوق في المقنع : تمتدّ في الأمة إلى شهر ، فان جاء بالثمن ، وإلّا فلا بيع له (٤).

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ فصل في حكم بيع ما لم يقبض ص ١٢٠ س ١٢ قال : فاذا كان الثمن حالّا الى أن قال : وكان للبائع مطالبته بردّ المبيع إلى يده لأنّ له حق الحبس إلخ.

(٢) لم أعثر عليه.

(٣) المختلف : في الخيارات ص ١٧٣ س ١٢ قال : تذنيب ، لو قبضه المشتري ثمَّ تلف الى أن قال : وان هلك بعدها فكلام الشيخ يشعر بأنّه من مال البائع إلخ.

(٤) لم أعثر عليه في المقنع ، وقال في المختلف : في الخيارات ص ١٧٣ س ١٨ قال : وقال الصدوق في المقنع : إذا اشترى رجل من رجل جارية إلخ.

٣٨٢

ولو اشترى ما يفسد ليومه ، ففي رواية يلزم البيع الى الليل ، فان لم يأت بالثمن فلا بيع له.

السادس : خيار الرؤية. وهو يثبت في بيع الأعيان الحاضرة من غير مشاهدة ، ولا يصح حتى بذكر الجنس والوصف ، فإن كان موافقا لزم ، وإلّا كان للمشتري الردّ ، وكذا لو لم يره البائع واشترى بالوصف ، كان الخيار للبائع لو كان بخلاف الصفة.

وسيأتي خيار العيب إن شاء الله تعالى.

______________________________________________________

(ج) لو قبض الثمن أو قبض بعض المبيع كان الخيار للبائع ثابتا في الجميع.

(د) لو قبض المشتري السلعة لم يطّرد الحكم ، بشرط كون القبض بإذن البائع ، ولو قبضها من غير إذنه لم يكن به اعتبار وكان كما لو لم يقبض.

(ه) لو أحضر المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع ، قال العلامة : لم يجز له الفسخ ، لزوال سببه (١) ويحتمل ثبوته لوجود المقتضي.

قال طاب ثراه : لو اشترى ما يفسد في يومه ، ففي رواية يلزمه البيع إلى الليل ، فان لم يأت بالثمن فلا بيع له.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه محمّد بن يعقوب مرفوعا الى محمّد بن أبي حمزة أو غيره عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرجل يشتري الشي‌ء الذي يفسد في يومه ، ويتركه حتى يأتي بالثمن ، فان جاء فيه فيما بينه وبين الليل بالثمن ، والّا فلا بيع له (٢) وعليها عمل الأصحاب ، لكنّها مرسلة ، فلعلّه أشار إليها عن تردّدها ،

__________________

(١) التذكرة : ج ١ في خيار تأخير الثمن ص ٥٢٣ س ٢٩ قال : (ب) لو مضى ثلاثة أيام فما زاد ولم يفسخ البائع البيع واحضر المشتري الثمن ومكّنه منه ، سقط الخيار لزوال المقتضي لثبوته إلخ.

(٢) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧٢ الحديث ١٥.

٣٨٣

وأمّا الأحكام : فمسائل :

الأولى : خيار المجلس يختص البيع دون غيره.

الثانية : التصرّف يسقط خيار الشرط.

الثالثة : الخيار يورث ، مشروطا كان أو لازما بالأصل.

الرابعة : المبيع يملك بالعقد ، وقيل : به وبانقضاء الخيار (١) وإذا كان الخيار للمشتري ، جاز له التصرف ، وإن لم يوجب البيع على نفسه.

الخامسة : إذا تلف المبيع قبل قبضه ، فهو من مال البائع ، وكذا بعد قبضه وقبل انقضاء خيار المشتري ما لم يفرط ، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري.

السادسة : لو اشترى ضيعة رأى بعضها ووصف له سائرها ، كان له الخيار فيها أجمع إن لم يكن على الوصف.

______________________________________________________

لضعفها بسبب الإرسال ، لكنّها مؤيّدة بعمل الأصحاب. واستقرب الشهيد اطراد الحكم في كلّما يتسارع إليها الفساد عند خوف ذلك ولا يتقيّد بالليل ، ويكفي في الفساد نقص الوصف وقلّة الرغبة كما في الخضراوات واللحم والرطب والعنب ، وهل ينزّل خوف فوات السوق منزلة الفساد؟ فيه نظر ، ينشأ من تطرق الضرر بنقص السعر ، ومن اقتضاء العقد اللّزوم والتفريط من البائع ، بترك اشتراط النقد (١).

قال طاب ثراه : المبيع يملك بالعقد ، وقيل : به وبانقضاء الخيار.

أقول : ظاهر الشيخ أنّ المشتري يملك ب انقضاء الخيار ، لا بنفس العقد (٢) وربما

__________________

(١) الى هنا كلام الشهيد في الدروس ، لا حظ كتاب الخيار : ص ٣٦٢ س ١١ قال : وخامسها خيار ما يفسد المبيت إلخ.

(٢) النهاية : باب الشرط في العقود ، ص ٣٨٥ س ١٠ قال : فاذا باع فلا ينعقد البيع الّا بعد أن يفترق البيّعان إلخ.

٣٨٤

الفصل الرابع : في لواحق البيع

وهي خمسة :

الأول : النقد والنسيئة.

من ابتاع مطلقا ، فالثمن حالّ ، كما لو شرط تعجيله. ولو شرط التأجيل مع تعيين المدّة صحّ ، ولو لم يعيّن بطل. وكذا لو عيّن أجلا

______________________________________________________

قطع بملكه بالعقد مع اختصاصه بالخيار (١) وظاهر أبي علي توقف الملك على انقضاء الخيار (٢) والأكثر على انتقاله بنفس العقد انتقالا متزلزلا قابلا للفسخ في مدة الخيار ، وهو مذهب المصنف (٣) والعلامة (٤) وفخر المحققين (٥) وظاهر كلام الشيخ في الخلاف كون انقضاء الخيار كاشفا (٦).

وتظهر فائدة الخلاف في مسائل :

(أ) في الشفعة ، فعلى عدم الانتقال لا يؤخذ إلّا بعد الخيار ، وعلى الانتقال يجوز من حين العقد.

(ب) جريانه في حول الزكاة لو كان زكويّا بعد الخيار على الأوّل ، وبعد العقد على الثاني.

(ج) لو فسخ المشتري وقد حصل للمبيع نماء ، كان للبائع على الأوّل وللمشتري على الثاني.

__________________

(١) الخلاف : في الخيارات ، قال في مسألة ٢٩ : وإن كان الخيار للمشتري وحده زال ملك البائع عن الملك بنفس العقد لكنه لم ينتقل إلى المشتري حتى يقتضي الخيار فاذا انقضى ملك المشتري بالعقد الأول.

(٢) لم أعثر على فتواه.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في الخيار ص ١٧١ س ٣٧ قال : والحق ان الملك ينتقل إلى المشتري بنفس العقد انتقالا متزلزلا إلخ.

(٥) إيضاح الفوائد : ج ١ ، كتاب المتاجر في أحكام الخيار ، ص ٤٨٨.

(٦) تقدّم آنفا.

٣٨٥

محتملا كقدوم الغزاة وكذا لو قال : بكذا نقدا ، وبكذا نسيئة ، وفي رواية ، له أقل الثمنين نسيئة (١) ولو كان إلى أجلين بطل. ويصحّ أن يبتاع ما باعه نسيئة قبل الأجل بزيادة ونقصان بجنس الثمن وغيره حالّا ومؤجّلا إذا لم يشترط ذلك.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وكذا لو قال : بكذا نقدا وبكذا نسيئة ، وفي رواية : له أقلّ الثمنين نسيئة.

أقول : الرواية إشارة إلى ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام إنّ عليّا عليه السّلام قضى في رجل باع بيعا وشرط شرطين ، بالنقد كذا وبالنسيئة كذا ، فأخذ المتاع على ذلك الشرط؟ فقال : هو بأقلّ الثمنين وأبعد الأجلين يقول : ليس له إلّا أقلّ النقدين إلى الأجل الذي أجّله بنسيئة (١) ، وبمضمونها قال المفيد (٢) والسيد (٣).

والتحقيق أنّ للأصحاب هنا ثلاثة أقوال :

(أ) الصحة وله البيع بأقل الثمنين نسيئة ، وهو قول المفيد والسيّد.

(ب) بطلان البيع إلّا أن يمضيه البيّعان بعد العقد ، فيكون للبائع أقلّ الثمنين في آخر الأجلين ، وهو قول القاضي (٤) والشيخ في النهاية (٥).

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٣ الحديث ٣٠.

(٢) المقنعة : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٩٢ س ٤ قال : ولا يجوز بأجلين التخيير الى أن قال : فان ابتاع إنسان شيئا على هذا الشرط كان عليه أقلّ الثمنين في آخر الأجلين.

(٣) الجوامع الفقهية ، الناصرية : المسألة الثانية والسبعون والمائة ، ص ٢١٦ قال : وانما المكروه أن يبيع الشي‌ء بثمنين ، بقليل إن كان الثمن نقدا وبأكثر منه نسيئة.

(٤) المختلف : في النقد والنسيئة ص ١٨٣ س ٢٧ قال : وقال ابن البراج : من باع شيئا بأجلين الى أن قال : كان للبائع أقل الثمنين في أبعد الأجلين.

(٥) النهاية : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٧ س ١٩ قال : فإن ذكر المتاع بأجلين ونقدين ، الى

٣٨٦

ولو حلّ فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن ، أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان ، صحّ.

______________________________________________________

(ج) بطلان العقد من رأس ، ولو قبض المبيع أو الثمن والحال هذه ، لحقه أحكام البيع الفاسد وهو قول الشيخ في المبسوط (١) واختاره التقي (٢) وسلار (٣) وابن حمزة (٤) وابن إدريس (٥) والمصنف (٦) والعلامة (٧).

واستدلّوا بوجوه :

(أ) ما روي عن النبي صلّى الله عليه وآله : أنه نهى عن بيعتين في بيعة (٨).

(ب) انه لم يحصل الجزم ببيع واحد ، فكان باطلا ، كما لو قال : بعتك هذا أو هذا.

(ج) أنّ المثمن مجهول للمتبايعين حالة العقد ، فيكون باطلا.

__________________

أن قال : كان له أقل الثمنين وأبعد الأجلين.

(١) المبسوط : ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٩ س ٥ قال : ونهى النبي صلّى الله عليه وآله الى أن قال : فان هذا لا يجوز لان الثمن غير معين إلخ.

(٢) الكافي : في عقد البيع ص ٣٥٧ س ٩ قال : وتعلق البيع بأجلين إلى مدّة كذا بكذا الى أن قال : يقتضي فساده.

(٣) المراسم : ذكر البيع بالنسيئة ص ١٧٤ س ٨ قال : وما علّق بأجلين الى أن قال : وهو باطل أيضا لا ينعقد.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان البيع بالنسيئة ص ٢٤١ س ٥ قال : وان باع بثمنين متفاوتين إلى أجلين مختلفين لم يصح إلخ.

(٥) السرائر : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٣ س ٢٥ قال : فان ذكر المتاع بأجلين ونقدين الى أن قال : والصحيح من المذهب ان هذا البيع باطل إلخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف : في النقد والنسيئة ص ١٨٣ س ٣٠ قال بعد نقل قول ابن إدريس والمبسوط : وهو المعتمد.

(٨) عوالي اللئالى : ج ٣ باب التجارات ص ٢١٣ الحديث ٦٣ ولا حظ ما علق عليه.

٣٨٧

ولو زاد عن الثمن أو نقص ، ففيه روايتان ، أشبههما : الجواز. (١) ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب ، ولو تبرّع بالدفع لم يجب القبض ، ولو حلّ فدفع وجب القبض ، ولو امتنع البائع فهلك من غير تفريط من الباذل ، تلف من البائع. وكذا في طرف البائع لو باع سلما. ومن ابتاع بأجل وباع مرابحة فليخبر المشتري بالأجل.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو زاد عن الثمن أو نقص ففيه روايتان أشهرهما الجواز.

أقول : منع الشيخ في النهاية من أخذه إلّا مع المساواة (١) وأجازه ابن إدريس (٢) واختاره المصنف (٣) والعلامة وحكاه عن والده أبي المظفر (٤).

احتج الشيخ بما رواه خالد بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل بعته طعاما بتأخير إلى أجل مسمّى فلمّا جاء الأجل أخذته بدراهمي ، فقال : ليس عندي دراهم ، ولكن عندي طعام فاشتره مني ، فقال : لا تشتره ، فإنّه لا خير فيه (٥) وليس فيه دلالة على المطلوب ، لأنّه نهاه عن الشراء مطلقا ، وكما تتناول الأزيد والأنقص ، تتناول المثل.

احتج المجوّزون بالأصل ، وبعموم قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٦) وبرواية عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل باع طعاما بدراهم إلى أجل ،

__________________

(١) النهاية : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٨ س ٤ قال : ومتى باع الشي‌ء بأجل الى أن قال : جاز له أن يأخذ منه من غير نقصان.

(٢) السرائر : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٣ س ٢٩ قال : ومن باع شيئا بأجل الى أن قال : جاز له أن يأخذ منه ما كان باعه إياه بزيادة ممّا كان باعه إياه.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في النقد والنسيئة ص ١٨٤ س ١٣ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو اختيار والدي رحمه الله وهو الأقرب.

(٥) التهذيب : ج ٧ (٣) باب بيع المضمون ص ٣٣ الحديث ٢٥.

(٦) البقرة : ٢٧٥.

٣٨٨

ولو لم يخبره ، كان للمشتري الردّ أو الإمساك بالثمن حالّا ، وفي رواية : للمشتري من الأجل مثله.

______________________________________________________

فلما بلغ الأجل تقاضاه ، فقال : ليس عندي دراهم خذ مني طعاما ، قال : لا بأس به ، إنّما له دراهمه يأخذ بها ما شاء (١).

قال طاب ثراه : ولو لم يخبره كان للمشتري الردّ ، أو الإمساك بالثمن ، وفي رواية للمشتري من الأجل مثله.

أقول : لمّا كان للأجل قسط من الثمن في نظر المعاملة ، وجب على البائع إخبار المشتري بالأجل مع الثمن ، ولو لم يخبره كان مدلّسا ، وثبت للمشتري الخيار للتدليس بين الفسخ أو الرضا بكل الثمن ، وهو قول الشيخ في كتابي الفروع (٢) وبه قال ابن إدريس (٣) والمصنف (٤) والعلامة (٥). وقال في النهاية : له من الأجل مثل ما له (٦) وبه قال القاضي (٧) وابن حمزة (٨) وهو ظاهر أبي علي (٩).

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣) باب بيع المضمون ص ٣٣ الحديث ٢٤.

(٢) المبسوط : ج ٢ فصل في بيع المرابحة ص ١٤٢ س ١٤ قال : إذا اشترى سلعة إلى سنة بألف ثمَّ باعها مرابحة في الحال إلخ. وفي الخلاف : كتاب البيوع مسألة ٢٢٤ قال : إذا اشترى سلعة بمائة إلى سنة ثمَّ باعها مرابحة وأخبر أنّ ثمنها مائة إلخ.

(٣) السرائر : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٢٢٤ س ١٩ قال : ومن اشترى شيئا بنسية فلا يبيعه مرابحة الى أن قال : والأولى عندي أن يكون المشتري بالخيار بين ردّه وإمساكه بالثمن من غير أن يكون له من الأجل مثل ماله إلخ.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٦ قال بعد نقل قول ابن إدريس ، وهو الأقرب.

(٦) النهاية : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٤ قال : ومن اشترى شيئا بنسية الى أن قال : كان للمبتاع من الأجل مثل ماله.

(٧) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢ قال : مسألة إذا اشتراه بالنسية ثمَّ باعه مرابحة الى أن قال : وبه قال ابن البراج وابن حمزة وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد.

(٨) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢ قال : مسألة إذا اشتراه بالنسية ثمَّ باعه مرابحة الى أن قال : وبه قال ابن البراج وابن حمزة وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد.

(٩) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢ قال : مسألة إذا اشتراه بالنسية ثمَّ باعه مرابحة الى أن قال : وبه قال ابن البراج وابن حمزة وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد.

٣٨٩

مسألتان

الأولى : إذا باع مرابحة فلينسب الرّبح إلى السّلعة ، ولو نسبه إلى المال فقولان : أصحهما الكراهية.

______________________________________________________

احتج الأوّلون. بأن العقد وقع على قدر معيّن من الثمن حالّا ، فكان له ما عقد عليه ، وكتمان الأجل تدليس يوجب تخيير المشتري بين الفسخ والإمضاء معجّلا بجميع الثمن.

احتج الشيخ بحسنة هشام بن الحكم عن الصادق عليه السّلام في الرجل يشتري المتاع إلى أجل ، فقال : ليس له أن يبيعه مرابحة إلّا إلى الأجل الّذي اشتراه إليه ، فإنّ باعه مرابحة ولم يخبره كان للذي اشتراه من الأجل مثل ماله (١).

قال طاب ثراه : إذا باع مرابحة فلينسب الربح إلى السّلعة ، ولو نسبه الى المال فقولان : أصحهما الكراهية.

أقول : منع الشيخ في النهاية من نسبة الربح الى المال (٢) وكذا قال المفيد (٣) والتقي (٤) والقاضي (٥) وقال سلار : لا يصح البيع (٦) وكرّهه في المبسوط (٧)

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٤٧ الحديث ٣.

(٢) النهاية : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٥ قال : ولا يجوز ان يبيع الإنسان متاعا مرابحة بالنسبة إلى أصل المال بأن يقول : أبيعك هذا المتاع بربح عشرة واحدا أو اثنين إلخ.

(٣) المقنعة : باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ٩ قال : ولا يجوز أن يبيع الإنسان شيئا مرابحة مذكورة بالنسبة إلى أصل المال إلخ.

(٤) الكافي : فصل في عقد البيع ص ٣٥٩ س ٧ قال : ولا يجوز بيع المرابحة بالنسبة إلى الثمن إلخ.

(٥) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩٠ س ٢٣ قال : وقال ابن البراج : لا يجوز في بيع المرابحة حمل الربح على المال إلخ.

(٦) المراسم : ذكر بيع المرابحة ص ١٧٥ قال : وهو أن يقول : أبيعك هذا بربح العشرة واحدا أو أكثر بالنسيئة : وهو لا يصح.

(٧) المبسوط : ج ٢ ص ١٤١ فصل في بيع المرابحة ، قال : يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال

٣٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والخلاف (١) وبه قال ابن إدريس (٢) والمصنف (٣) والعلامة (٤).

احتج المانعون : بالاحتياط ، وبصحيحتي محمّد وعبيد الحلبيين عن الصادق عليه السّلام قال : قدم لأبي عليه السّلام متاع من مصر فصنع طعاما ودعا له التجار فقالوا : نأخذ منك بـ «ده دوازده» ، فقال لهم أبي عليه السّلام : وكم يكون ذلك؟

فقال : في كل عشرة آلاف ألفين ، فقال : إني أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفا (٥) (٦) ولما فيه من تطرق الجهالة.

والجواب عن الخبر أنه غير مانع من الجواز في صورة النزاع. وعن الثاني بمنع الجهالة مع الاخبار برأس المال أوّلا ، ونحن نتكلّم على تقديره ، نعم لو لم يخبر برأس المال أوّلا بطل البيع قولا واحدا.

واحتج المسوّغون بما رواه العلاء في الصحيح قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام :

__________________

وليس بحرام ، مثل أن يقول : إلخ.

(١) الخلاف : كتاب البيوع ، مسألة ٢٢٣ قال : يكره بيع المرابحة إلخ.

(٢) السرائر : باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٤ س ٢٥ قال : محمّد بن إدريس الذي يقوى عندي أن بيع المرابحة مكروه إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩٠ س ٢٥ قال بعد نقل قول الخلاف والسرائر : وهو المعتمد.

(٥) التهذيب : ج ٧ (٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٤.

(٦) «نكتة لطيفة» في كنز العمال : ج ٤ ص ١٧٢ الحديث ١٠٠٢٣ قال : عن ابن عباس انه كان يكره (ده به يازده) وقال : ذاك بيع الأعاجم. وفي الهامش ما لفظه : لدى رجوعي لمعاجم اللغة العربية لم أحصل على المعنى الواضح ، ولدي الرجوع للمعجم الفارسي تأليف الدكتور محمّد التونجي : ده ده : ذهب وفضة كاملا العيار.

٣٩١

الثانية : من اشترى أمتعة صفقة ، لم يجز بيع بعضها مرابحة ، سواء قوّمها أو بسط الثمن عليها وباع خيارها ، ولو أخبر بذلك جاز لكن يخرج عن وضع المرابحة. ولو قوّم على الدلّال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد ، أو شاركه فيه ، أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلّال الزائد ، لم يجز بيع ذلك مرابحة ، ويجوز لو أخبره بالصورة كما قلناه في الأوّل ، ويكون للدلّال الأجرة والفائدة للتاجر ، سواء كان التاجر دعاه ، أو الدلّال ابتدأه ، ومن الأصحاب من فرّق.

______________________________________________________

الرجل يريد أن يبيع المبيع ، فيقول : أبيعك به ده دوازده ، أو ده يازده ، فقال : لا بأس ، إنما هذه المراوضة ، فإذا جمع البيع جعله جملة واحدة (١) وفي الصحيح عن محمّد قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : انى أكره بيع عشرة بإحدى عشرة وعشر باثني عشرة ونحو ذلك من البيع ، ولكني أبيعك بكذا وكذا مساومة ، قال : وأتاني متاع من مصر فكرهت أن أبيعه كذلك وعظم عليّ ، فبعته مساومة (٢) وعن جراح المدائنى قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : انّي لأكره بيع ده يازده وده دوازده ، ولكن أبيعك بكذا وكذا (٣).

قال طاب ثراه : ولو قوّم على الدلّال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد ، أو شاركه فيه ، أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلّال الزائد ، لم يجز بيع ذلك مرابحة ، ويجوز لو أخبره بالصورة كما قلناه في الأوّل ويكون للدلّال الأجرة ، والفائدة للتاجر ، سواء كان التاجر دعاه أو الدلّال ابتدأه ، ومن الأصحاب من فرّق.

أقول : الفارق من الأصحاب ، الشيخان ، فإنهما أثبتا للدلّال ما زاد على ما شرطه

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٥.

(٢) الفروع : ج ٥ ، كتاب المعيشة ، باب بيع المرابحة ص ١٩٧ الحديث ٤.

(٣) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب بيع المرابحة ص ١٩٧ الحديث ٣.

٣٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه في صورة ابتداء التاجر له ، وان لم يزد لم يكن له شي‌ء ، وجعلا له اجرة المثل إذا كان الواسطة هو الملتمس لذلك من البائع (١) (٢) وتبعهما القاضي (٣) والمستند صحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام انه قال في رجل قال لرجل : بع ثوبي هذا بعشرة دراهم فما فضل فهو لك ، قال : ليس به بأس (٤) وصحيحة زرارة عنه عليه السّلام قال : قلت له : رجل يعطى المتاع فيقول : ما ازددت على كذا وكذا فهو لك ، فقال : لا بأس (٥) ومال إليه العلامة في المختلف (٦) للأحاديث الصحيحة ، وحمل قول الشيخ على الجعالة على التقدير الأوّل ، وهو ما إذا قال التاجر للدلّال بعه بكذا ، فما ازددت فهو لك ، لكن يبقى الإشكال في الجعالة إذا تضمّنت مجهولا ، قال : ويحتمل أن نقول هنا بالصحة ، لأنّا إنما منعنا جهالة مال الجعالة لأدائه إلى التنازع ، فهو منتف هنا ، إذ الواسطة ان زاد في الثمن مهما زاد كانت الزيادة له ، والّا فلا شي‌ء له ، لأنّهما تراضيا على ذلك ، بخلاف الجعالة المجهولة المؤدّية إلى التنازع ، وهذا القول لا بأس به ، عملا بالأحاديث الصحيحة ، أمّا الصورة الثانية فلأنّه لا جعالة هناك ولا بيع ، فلهذا أوجبنا على التاجر اجرة المثل. وهذا آخر كلامه

__________________

(١) المقنعة : باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ١١ قال : وإذا قوّم التاجر على الواسطة المتاع إلخ.

(٢) النهاية : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٨٩ س ١٩ قال : وإذا قوّم التاجر متاعا على الواسطة إلخ.

(٣) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٢٣ قال بعد نقل قول المفيد : ونحوه قال في النهاية وابن البراج.

(٤) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب بيع المتاع وشرائه ص ١٩٥ الحديث ٢.

(٥) التهذيب : ج ٧ (٤) باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٥٤ الحديث ٣٢.

(٦) المختلف : في المرابحة والمواضعة ص ١٩١ س ٣٠ قال : والشيخ عوّل على ما رواه محمّد بن مسلم وفي الصحيح عن زرارة إلخ.

٣٩٣

الثاني : فيما يدخل في المبيع.

من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها الّا أن يشترط. وفي رواية :

إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها ، فله جميع ما فيها. (١) وإذا ابتاع دارا. دخل الأعلى والأسفل ، إلّا أن تشهد العادة للأعلى بالانفراد.

______________________________________________________

طاب ثراه. وقال ابن إدريس : للتاجر الزيادة في الصورتين وأوجب للدلّال اجرة المثل ، سواء باع بزائد أو برأس المال ، ولو باع بناقص كان البيع باطلا (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة في القواعد (٣).

فرع

لو تلف المتاع في يد الدلّال لم يضمنه عند المفيد (٤) وضمنه عند ابن إدريس (٥).

قال طاب ثراه : من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها إلّا أن يشترط. وفي رواية إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها ، فله جميع ما فيها.

__________________

(١) السرائر : باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٥ س ١١ قال : وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته الى آخر ما اعترضه وما اختاره فلا حظ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) القواعد : كتاب المتاجر ، في المرابحة وتوابعها ص ١٣٩ س ١٦ قال : ولا يخبر الدلّال بالشراء عن تقويم التاجر مجرّدا عن البيع سواء ابتدأه أولا.

(٤) المقنعة : باب بيع المرابحة ص ٩٤ س ١٣ قال : ولو هلك المتاع في يد الواسط من غير تفريط منه فيه كان من مال التاجر ولم يكن على الواسطة فيه ضمان.

(٥) السرائر : باب البيع بالنقد والنسيئة والمرابحة ص ٢٢٥ س ١٦ قال : فان تلف المبيع كان الواسطة ضامنا.

٣٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : إذا ابتاع الأرض بحقوقها قال الشيخ في كتابي الخلاف (١) يدخل البناء والشجر ، وإن لم يقل بحقوقها لم يدخل (٢) (٣) وتبعه القاضي (٤) وابن حمزة (٥) وهو ظاهر ابن إدريس (٦) وقال المصنف (٧) والعلامة بعدم الدخول الّا أن يقول : بعتكها وما فيها وما أغلق عليه بابها (٨) لأصالة عدم الدخول وبقاء الملك على البائع.

والرواية إشارة إلى ما كتبه محمّد بن الحسن الصفار إلى أبي محمّد العسكري عليه السّلام في رجل اشترى أرضا بحدودها الأربعة وفيها الزرع والنخل وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه ، وذكر فيه : انه اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها ، أيدخل النخل والأشجار والزرع في حقوق الأرض أم لا؟ فوقّع عليه السّلام إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه

__________________

(١) هكذا في النسخ المخطوطة والمراد كتاب الخلاف والمبسوط كما انه قد يعبّر عنهما بكتابي الفروع ، والمناسبة واضحة.

(٢) المبسوط : ج ٢ في أحكام العقود ص ١٠٥ س ٥ قال : وان قال : بحقوقها دخل البناء والشجر في البيع إلخ.

(٣) الخلاف : كتاب البيوع مسألة ١٣٢ قال : إذا قال بعتك هذه الأرض ولم يقل بحقوقها وفيها بناء وشجر إلخ.

(٤) المختلف : فيما يدخل في المبيع ص ١١٣ س ٣٨ قال بعد نقل قول الشيخ : وتبعه ابن البراج.

(٥) الوسيلة : في بيان بيع الأعيان المرئية ص ٢٤٠ س ١١ قال : وان كان المبيع بستانا أو أرضا فيها بناء أو شجر إلخ.

(٦) السرائر : باب بيع المياه ، ص ٢٤٨ س ٣١ قال بعد نقل حديث الصفّار ، قوله عليه السّلام (وما أغلق عليها بابه) يريد بذلك جميع حقوقها.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف : فيما يدخل في المبيع ص ١١٣ س ٣٩ قال : والمعتمد أن نقول : لا يدخلان الّا أن يقول : بعتك الأرض وما فيها ، أو ما أغلق عليه بابها.

٣٩٥

ولو باع نخلا مؤبّرا ، فالثمرة للبائع ، الّا أن يشترط وكذا لو باع شجرة مثمرة ، أو دابّة حاملا على الأظهر (١) ولو لم تؤبّر النخلة فالطّلع للمشتري.

______________________________________________________

بابها ، فله جميع ما فيها ان شاء الله (١) قال ابن إدريس : قوله عليه السّلام : «وما أغلق عليه بابها» يريد بذلك جميع حقوقها ، فالجواب مطابق للسؤال (٢) قال العلامة : ونحن نمنع هذا التفسير ونقول بموجب الحديث ، فإنه إذا اشتراها بما أغلق عليها بابها ، دخل الجميع بلا خلاف ، ولعلّ الامام عليه السّلام أشار إلى الجواز بطريق المفهوم ، وهو عدم الدخول ، فإنه عليه السّلام علّق الدخول بقوله : «وما أغلق عليه بابها» ويفهم من ذلك عدم الدخول عند عدمه (٣) وما أحسن هذا التأويل.

قال طاب ثراه : وكذا لو باع شجرة مثمرة أو دابّة حاملا على الأظهر.

أقول : أمّا الشجر فلا خلاف في عدم دخول الثمرة فيها ، إلّا أن يكون نخلة بشرطين : انتقالها بعقد البيع قبل التأبير ، فلو أبّرت ، أو انتقلت بصلح أو إجارة أو صداق لم يدخل.

وأما الدابة الحامل والجارية ، فهل يدخل حملها؟ فيه ثلاثة أقوال :

(أ) نعم ، يدخل ، ولو استثنى البائع لم يجز ، لأنه بمنزلة عضو من أعضائها ، وكما لا يجوز استثناء عضو فكذا لا يجوز استثناؤه ، وهو قول الشيخ في المبسوط (٤) وتبعه القاضي في المهذب (٥) والجواهر (٦).

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٩) باب الغرر والمجازفة ص ١٣٨ الحديث ٨٤.

(٢) تقدم آنفا.

(٣) المختلف : فيما يدخل في المبيع ص ١١٤ س ٥ قال : ونحن نمنع هذا التفسير إلخ.

(٤) المبسوط : ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٦ س ١٢ قال : وان باع بهيمة أو جارية حاملا واستثنى حملها لنفسه لم يجز لأنّ الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها.

(٥) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٥ قال بعد نقل قول المبسوط : وتابعه ابن البراج في المهذب.

(٦) الجوامع الفقهية ، جواهر الفقه : ص ٤٨٤ س ٥ قال : مسألة هل يجوز أن يبيع جارية أو بهيمة

٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ونمنع مساواته للجزء ، فإن الحمل يصح الوصية به وله ويرث ، ويصح الإقرار له وبه ، ولا يثبت واحد من هذه للجزء.

(ب) الدخول ويجوز للبائع استثناؤه ، ويكون له ، وهو قول ابن حمزة (١).

(ج) عدم الدخول إلّا أن يشترط المشتري دخوله ، فيدخل ، وهو قول الشيخ في النهاية (٢) وبه قال المفيد (٣) وتلميذه (٤) والتقي (٥) والقاضي في الكامل (٦) وابن إدريس (٧) واختاره المصنف (٨) والعلامة (٩). وقال أبو علي : يجوز أن يستثنى الجنين في بطن أمّه من آدمي وحيوان (١٠) وهو يشعر بدخوله مع عدم الشرط كما هو مذهب ابن حمزة.

__________________

حاملة ثمَّ يستثنى الحمل لنفسه أم لا؟ الجواب لا يجوز ذلك لأنّ الحمل يجري مجرى عضو من أعضائها إلخ.

(١) الوسيلة : فصل في بيع الحيوان ص ٢٤٨ س ٩ قال : والإناث من الآدمي والنعم إذا كانت حوامل وبيعت مطلقا كان الولد للمبتاع إلّا إذا شرط البائع.

(٢) النهاية : باب ابتياع الحيوان ص ٤٠٩ س ٧ قال : كان ما بطنه للبائع.

(٣) المقنعة : باب ابتياع الحيوانات ص ٩٣ س ٢ قال : ومن ابتاع أمة حاملا فولدها للبائع الّا أن يشترط إلخ.

(٤) المراسم : ذكر الشرط الخاص في البيع ص ١٧٦ س ١١ قال : والحامل من الإماء إذا بيع الى أن قال : وان لم يشترط فهو للبائع.

(٥) الكافي : فصل في عقد البيع ص ٣٥٦ س ١٢ قال : ومن ابتاع أمة حاملا أو حيوانا حاملا فحمله خارج عن المبيع.

(٦) لم أظفر عليه.

(٧) السرائر : باب ابتياع الحيوان ص ٢٣٨ س ١٨ قال : وكل من اشترى شيئا من الحيوان وكان حاملا ، الى أن قال : كان ما في بطنه للبائع إلخ.

(٨) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٩) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٧ قال : لنا أنّ البيع تعلق بالأمّ فلا يتناول الحمل وقال أيضا قبل ذلك بسطرين : وقال ابن الجنيد : يجوز أن يستثنى الجنين في بطن امّه إلخ.

(١٠) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٢٧ قال : لنا أنّ البيع تعلق بالأمّ فلا يتناول الحمل وقال أيضا قبل ذلك بسطرين : وقال ابن الجنيد : يجوز أن يستثنى الجنين في بطن امّه إلخ.

٣٩٧

الثالث : في القبض.

إطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن. والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار ، وكذا فيما ينقل ، وقيل : في القماش هو الإمساك باليد ، وفي الحيوان هو نقله (١).

______________________________________________________

قال طاب ثراه : والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار ، وكذا فيما ينقل ، وقيل : في القماش الإمساك باليد ، وفي الحيوان هو نقله.

أقول : التفصيل هو المشهور بين الأصحاب ، وذكره الشيخ في المبسوط (١) وتبعه القاضي (٢) وابن حمزة (٣) وهو مذهب العلامة في كتبه (٤). وقيل : هو التخلية مطلقا ، واختاره المصنف (٥) والأوّل هو الوجه ، لاشتهاره بين الأصحاب ، ولأنّه المتعارف بين الناس ، وعادة الشرع ردّ الناس إلى ما يتعارفونه فيما لا ينصّ على مقصوده باللفظ ، كالأحياء فلهذا ردّه الفقهاء إلى العرف.

ويؤيد ذلك صحيحة معاوية بن وهب قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه ، فقال : ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبع حتى تكيله

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ ، فصل في حكم بيع ما لم يقبض ، ص ١٢٠ س ٢ قال : وكيفية القبض ، ينظر في المبيع إلخ.

(٢) المهذب : ج ١ ص ٣٨٥ باب بيع ما لم يقبض س ١٩ قال : واما بيان كيفية القبض ، فهو ان كان إلخ.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان بيع ما لم يقبض وبيان حكم القبض ص ٢٥٢ س ١١ قال : والقبض يختلف إلخ.

(٤) المختلف : في القبض ص ١١٥ س ٢ قال : والأقرب أنّ المبيع إن كان منقولا ، فالقبض فيه هو النقل ، وان كان إلخ. وفي القواعد ، في التسليم وفيه مطلبان ، الأوّل في حقيقته ، وهو التخلية مطلقا على رأي ، وفيما لا ينقل ولا يحول إلخ. وفي التذكرة : ج ١ ، في القبض ص ٤٧٢ س ٢٣ قال : الأوّل ماهية القبض ، قال الشيخ : القبض إلخ.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

٣٩٨

ويجب تسليم المبيع مفرغا ، فلو كان فيه متاع فعلى البائع إزالته ، ولا بأس ببيع ما لم يقبض ، ويكره فيما يكال أو يوزن وتتأكّد الكراهية في الطعام وقيل : يحرم وفي رواية : لا تبيعه حتى تقبضه إلّا أن توليه (١) ولو قبض المكيل وادّعى نقصانه ، فان حضر الاعتبار فالقول قول البائع مع يمينه ، وان لم يحضره فالقول قوله مع يمينه ، وكذا القول في الموزون والمعدود والمذروع.

______________________________________________________

أو تزنه إلّا أن يولّيه الذي قام عليه (١) فجعل عليه السّلام الكيل والوزن هو القبض ، للإجماع على تسويغ بيع الطعام بعد قبضه. ومثلها رواية عقبة بن خالد عن الصادق عليه السّلام في رجل اشترى متاعا من آخر وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه وقال : آتيك غدا ان شاء الله تعالى ، فسرق المتاع ، من مال من هو؟ قال : يكون من صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يردّ ماله اليه (٢) فجعل عليه السّلام النقل هو القبض ، لتعليله زوال الضمان به ، ولا خلاف انه معلّل بالقبض.

قال طاب ثراه : وتتأكّد الكراهية في الطعام ، وفي رواية : لا تبعه حتى تقبضه الّا أن توليه.

أقول : هنا ثلاثة أقوال :

(أ) لا يجوز بيع ما لم يقبض إذا كان طعاما ويجوز غيره ، قاله في المبسوط : وادعى عليه الإجماع (٣) ، وبه قال الصدوق (٤) والقاضي في المهذب (٥).

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٣) باب بيع المضمون ص ٣٥ الحديث ٣٤.

(٢) الفروع : ج ٥ ، كتاب المعيشة ، باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧١ الحديث ١٢.

(٣) المبسوط : ج ٢ ، فصل في حكم بيع ما لم يقبض ص ١١٩ س ٢٣ قال : فان كان طعاما لم يجز بيعه حتى يقبضه إجماعا.

(٤) المقنع : باب المكاسب والتجارات ص ١٢٣ س ٧ قال : ولا يجوز أن تشتري الطعام ثمَّ تبيعه قبل أن تكتاله.

(٥) المهذب : ج ١ باب بيع ما لم يقبض ص ٣٨٥ س ١٧ قال : من اشترى طعاما وأراد بيعه قبل

٣٩٩

الرابع : في الشروط

ويصح منها ما كان سائغا داخلا تحت القدرة ، كقصارة الثوب. ولا يجوز اشتراط غير المقدور كبيع الزرع على أن يصيره سنبلا ، ولا بأس

______________________________________________________

(ب) لا يجوز إذا كان مكيلا أو موزونا ، طعاما كان أو غيره ، ويجوز فيما عداه كالثياب والأرضين وهو قول الحسن بن أبي عقيل (١).

(ج) يجوز مطلقا ويكون قبض المبتاع الثاني له نائبا عن قبض الأول ، ويكره فيما يكال أو يوزن قبل قبضه إيّاه ، وهو قول المفيد (٢) والشيخ في النهاية (٣) والقاضي في الكامل (٤) واستند الكل الى الروايات (٥).

وهنا وجه رابع ، وهو المنع من بيع الطعام قبل القبض إذا كان بربح ويجوز تولية ، وهو رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام : قال : سألته عن رجل يشتري الطعام ، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال : إذا ربح لم يصلح حتى يقبض ، وإن كان تولية فلا بأس (٦).

__________________

القبض لم يجز ذلك.

(١) المختلف : في القبض وحكمه ص ١١٥ س ١٥ قال : وقال ابن أبي عقيل : كل من اشترى شيئا ممّا يكال أو يوزن فباعه قبل إلخ.

(٢) المقنعة : باب البيع ص ٩٢ س ٩ قال : ولا بأس ببيع ما استوجبه المبتاع قبل قبضه إياه ويكون قبض إلخ.

(٣) النهاية : باب البيع بالنقد والنسيئة ص ٣٩١ س ٧ قال : وإذا اشترى الإنسان متاعا جاز له أن يبيعه في الحال وإن لم يقبضه ، ويكون قبض المبتاع الثاني قبضا له إلخ.

(٤) المختلف : في القبض وحكمه ص ١١٥ س ١٨ قال : واختار ابن البراج الى قوله : وفي الكامل قوله في النهاية.

(٥) لاحظ الوسائل : ج ١٢ كتاب التجارة ص ٣٨٧ الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود.

(٦) الوسائل : ج ١٢ كتاب التجارة ص ٣٨٩ الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود ، الحديث ٩.

٤٠٠