المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

بمكة أفضل من الصلاة ، وللمقيم بالعكس.

واللواحق أربعة :

الأوّل : من أحدث ولجأ إلى الحرم لم يقم عليه حدّ بجنايته ولا تعزير ، ويضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج ، ولو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته.

الثاني : لو ترك الحجاج زيارة النبي صلّى الله عليه وآله أجبروا على ذلك ، وإن كان ندبا لأنه جفاء.

الثالث : للمدينة حرم ، وحدّه من عائر إلى وعير ، لا يعضد شجره ، ولا بأس بصيده إلّا ما صيد بين الحرّتين.

الرابع : يستحب الغسل لدخولها وزيارة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم استحبابا مؤكّدا ، وزيارة فاطمة عليها صلوات الله والسّلام في الروضة ، والأئمّة عليهم السّلام بالبقيع ، والصلاة بين المنبر والقبر وهو الروضة ، وأن يصام بها الأربعاء ويومان بعده للحاجة. وأن يصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة وليلة الخميس عند الأسطوانة التي تلي مقام الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والصلاة في المساجد ، وإتيان قبور الشهداء خصوصا قبر حمزة عليه السّلام.

______________________________________________________

والعلامة (١) والشيخ في المبسوط (٢) ونقل عن بعض أصحابنا الوجوب ، وهو اختياره

__________________

(١) المختلف : في رمي الجمار ص ١٤١ س ٣٢ قال : مسألة يستحب التكبير الى أن قال : لمن كان بـ «منى».

(٢) المبسوط : ج ١ في أحكام منى ص ٣٨٠ س ٣ قال : وينبغي أن يكبّر الإنسان بـ «منى».

٢٢١

المقصد الثاني في العمرة

وهي واجبة في العمر مرّة على كل مكلّف بالشرائط المعتبرة في الحج. وقد تجب بالنذر وشبهه وبالاستئجار ، والإفساد ، والفوات ، وبدخول مكة ، عدا من يتكرّر والمريض.

وأفعالها ثمانية : النية ، والإحرام ، والطواف ، وركعتاه ، والسعي ، وطواف النساء ، وركعتاه ، والتقصير أو الحلق. وتصح في جميع أيام السّنة وأفضلها رجب ومن أحرم بها في أشهر الحج ودخل مكة جاز أن ينوي بها

______________________________________________________

في الجمل (١) وبه القاضي (٢) وابن حمزة (٣) احتجوا بقوله تعالى (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ) (٤) والمراد به التكبير لرواية محمّد بن مسلم «الحسنة» عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ) ، قال : التكبير في أيام التشريق الحديث (٥) والأمر للوجوب ، ويدلّ على وجوبه في عيد الفطر قوله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) (٦) ولهذا كان التكبير عند كمال العدة وهو صلاة المغرب ليلة الفطر. واحتج الأوّلون بالأصل وحملوا الأمر على الندب.

__________________

(١) الجمل والعقود : كتاب الحج ص ٧٨ س ٥ قال : والتكبير عقيب خمس عشرة صلاة بـ «منى» واجب إلخ.

(٢) المهذب : ج ١ باب الرجوع من مكة إلى منى ص ٢٦١ س ٢٣ قال : ويكبر في أيام التشريق بمنى عقيب خمس عشرة صلاة إلخ. وعدّه في عداد الواجبات بمنى.

(٣) الوسيلة : كتاب الحج ص ٦٩٤ س ٢ قال : والتكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة واجب إلخ.

(٤) سورة البقرة : ٢٠٣.

(٥) الكافي : ج ٤ ، باب التكبير أيام التشريق ص ٥١٦ قطعة من حديث ١.

(٦) البقرة : ١٨٥.

٢٢٢

التمتع ، ويلزمه الدم ويصحّ الاتّباع إذا كان بين العمرتين شهر ، وقيل : عشرة أيام ، وقيل : لا يكون في السنة إلّا عمرة واحدة ، ولم يقدّر (علم الهدى) بينهما حدّا (١) والتمتع بها يجزئ عن المفردة. وتلزم من ليس من حاضري المسجد الحرام. ولا تصح إلّا في أشهر الحج. ويتعيّن فيها التقصير ، ولو حلق قبله لزمه شاة ، وليس فيها طواف النساء. وإذا دخل مكة متمتعا كره له الخروج ، لأنه مرتبط بالحج ، ولو خرج وعاد في شهره فلا حرج ، وكذا لو أحرم بالحج وخرج بحيث إذا أزف الوقوف عدل الى عرفات ، ولو خرج لا كذلك وعاد في غير الشهر جدّد عمرة وجوبا ويتمتع بالأخيرة دون الاولى.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ويصح الاتباع إذا كان بين العمرتين شهر ، وقيل : عشرة أيام ، وقيل : لا يكون في السنة إلّا عمرة واحدة ، ولم يقدّر «علم الهدى» بينهما حدّا.

أقول : في المسألة أربعة أقوال حكاها المصنف :

فالأوّل : قول الشيخ في النهاية (١) والتقي (٢) وابن حمزة (٣) واختاره المصنف (٤) والعلامة في المختلف (٥) لأنّ هذه أحكام متلقاة من الشارع ، فيجب المصير إلى

__________________

(١) النهاية : باب العمرة المفردة ص ٢٨١ س ١ قال : ويستحب أن يعتمر الإنسان في كل شهر إذا تمكن من ذلك إلخ.

(٢) الكافي : فصل في العمرة المبتولة ص ٢٢١ س ٣ قال : وكل منهم مرغب بعد تأدية الواجب عليه الى الاعتمار في كل شهر مرة.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان العمرة ص ٦٩٥ س ١٧ قال : والمندوب إليها يصح الإتيان بها في كل شهر.

(٤) الشرائع : كتاب العمرة ، الرابع في أقسامها قال : ويستحب المفردة في كل شهر ، وأقلّه عشرة أيام.

(٥) المختلف : كتاب الحج ص ١٥٠ س ١٤ قال بعد تزييف قول السيد وابن إدريس ونقل الأخبار الدالة على الشهر : وكل ذلك يدلّ على اعتبار الشهر بين العمرتين.

٢٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ما وقع عليه الاتفاق ولصحيحة معاوية (١) ويونس بن يعقوب (٢).

والثاني : قوله في الخلاف (٣) وبه قال القاضي (٤) وأبو علي (٥) لرواية علي بن أبي حمزة (٦).

والثالث : قول الحسن (٧) لصحيحتي الحلبي وزرارة عن الصادق والباقر عليهما السّلام لا يكون في السنة عمرتان (٨) (٩).

والرابع : قول السيّد (١٠) وابن إدريس (١١) لقوله صلّى الله عليه وآله : العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما (١٢) ولم يفصّل.

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٣٥ الحديث ١٥٥ ولفظ الحديث : عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : كان عليّ عليه السّلام يقول : لكلّ شهر عمرة».

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٣٥ الحديث ١٥٦ وفي ص ٤٥٣ الحديث ١٥٣ وفيه «في كل شهر عمرة».

(٣) الخلاف : كتاب الحجّ ، مسألة ٢٦ قال : يجوز أن يعتمر في كل شهر ، بل في كل عشرة أيام.

(٤) المهذب : ج ١ ، باب ضروب العمرة وصفتها ص ٢١١ س ١١ قال : ويستحب للإنسان أن يعتمر في كل شهر أو في كل عشرة أيام.

(٥) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٩ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد : لا يكون بين العمرتين أقل من عشرة أيام. وقال ابن أبي عقيل : لا يجوز عمرتان في عام واحد.

(٦) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٣٤ قطعة من حديث ١٥٤.

(٧) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٩ س ٣٢ قال : وقال ابن الجنيد : لا يكون بين العمرتين أقل من عشرة أيام. وقال ابن أبي عقيل : لا يجوز عمرتان في عام واحد.

(٨) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٣٥ الحديث ١٥٧ و ١٥٨.

(٩) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٣٥ الحديث ١٥٧ و ١٥٨.

(١٠) الناصريات : كتاب الحج ، المسألة التاسعة والثلاثون والماءة قال : الذي يذهب إليه أصحابنا أنّ العمرة جائزة في سائر أيام السنة الى أن قال : دليلنا على جواز فعلها على ما ذكرناه قوله صلّى الله عليه وآله : العمرة إلى العمرة إلخ.

(١١) السرائر : باب كيفية الإحرام ص ١٢٧ س ٥ قال : واختلف أصحابنا في أقل ما يكون بين العمرتين الى أن قال : وقال بعضهم لا أوقت وقتا ولا اجعل بينهما مدّة ويصح في كل يوم عمرة وهذا القول يقوى في نفسي إلخ.

(١٢) رواه أصحاب الصحاح والسنن ، منها صحيح مسلم : ج ٢ كتاب الحجّ (٧٩) باب في فضل

٢٢٤

المقصد الثالث في اللواحق

وهي ثلاثة :

الأوّل : في الإحصار والصدّ.

المصدود من منعه العدو. فاذا تلبس بالإحرام فصدّ نحر هديه وأحلّ من كل شي‌ء.

ويتحقّق الصدّ مع عدم التمكّن من الوصول إلى مكة ، أو الموقفين ، بحيث لا طريق غير موضع الصدّ ، أو كان ، لكن لا نفقة. ولا يسقط الحج الواجب مع الصدّ ، ويسقط المندوب.

______________________________________________________

المقصد الثالث في اللواحق

وهي ثلاثة :

الأوّل : الإحصار والصدّ :

مقدّمة : الحصر في اللغة المنع ، وورد في الآية كذلك. قال تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (١) أي منعتم : وتخصص في عرف الفقهاء بمانع المرض. والصدّ بمانع العدو. والذي يشملهما في اصطلاح الفقهاء : هو المنع لمحرم بحج أو عمرة عن إتمام أفعال ما أحرم له ، فان كان هذا المنع بالمرض سمّي حصرا ، وان كان بالعدو سمّي صدّا ، ولكلّ منهما أحكام. فان منع المكلف بهما تخيّر في التحلل من أيّهما شاء ، وانما فرّق الفقهاء بينهما لفرق الشارع أحكامهما ، وذلك من وجوه :

(أ) جواز التحلل للمصدود عند تحقق الصدّ موضعه ، والمحصر لا يحلّ حتى يبلغ

__________________

الحجّ والعمرة ويوم عرفة ص ٩٨٣ الحديث ٤٣٧.

(١) البقرة : ١٩٦.

٢٢٥

وفي وجوب الهدي على المصدود قولان : أشبههما الوجوب.

______________________________________________________

الهدي محلّه ، هذا في المشهور الذي عليه الجمهور من الأصحاب ، وعليه دلّت صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام الى أن قال : فما بال النبيّ صلّى الله عليه وآله حيث رجع الى المدينة حلّ له النساء ولم يطف بالبيت؟ فقال : ليس هذا مثل هذا ، النبيّ كان مصدودا والحسين عليه السّلام كان محصورا (١) وقال التقي : يبعث هديه كالمحصر (٢) وقال الشيخ في الخلاف : الأفضل ان ينفذ به الى منى أو مكّة (٣) وهما متروكان.

(ب) انّ المصدود يحلّ من كل شي‌ء. والمحصر الّا من النساء حتى يحج في القابل ، ان كان واجبا ، أو يطاف عنه للنساء ان كان ندبا.

(ج) افتقار المحصر في التحلل وقت المواعدة إلى التقصير ، والمصدود يحلّ موضعه يذبح هديه خاصة ، وقيل : بل يقصر أيضا ، وهو أحوط ، وسيجي‌ء البحث فيه إن شاء الله تعالى.

قال طاب ثراه : وفي وجوب الهدي على المصدود قولان : أشبههما الوجوب.

أقول : هنا ثلاثة أقوال :

(أ) عدم الوجوب ، وهو قول ابن إدريس (٤) لقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (٥) أراد بالمرض ، لأنه يقال : أحصره المرض وحصره العدو.

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب الزيادات في فقه الحجّ ص ٤٢١ الحديث ١١١.

(٢) الكافي : الحجّ ص ٢١٨ س ١١ قال : وإذا صدّ المحرم بالعدو أو أحصر بالمرض الى أن قال : فلينفذ القارن هديه إلخ.

(٣) الخلاف : كتاب الحجّ مسألة (٣١٦) قال : والأفضل أن ينفذ به الى منى أو مكّة.

(٤) السرائر : باب حكم المحصور والمصدود ص ١٥١ س ٣٥ قال : وبعضهم يخصّ وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود وهو الأظهر.

(٥) البقرة : ١٩٦.

٢٢٦

ولا يصح التحلل إلّا بالهدي ونية التحلّل وهل يسقط الهدي لو شرط حلّه حيث حبسه؟ فيه قولان ، أظهرهما : انه لا يسقط (١) وفائدة الاشتراط

______________________________________________________

(ب) وجوبه على من كان عليه أو معه هدي ، ومن ليس كذلك يحلّ ولا دم عليه ، وهو قول أبي علي (١).

(ج) وجوبه مطلقا ولا يحلّ الّا به وهو قول الشيخ (٢) وبه قال القاضي (٣) وابن حمزة (٤) وسلار (٥) والتقي (٦) واختاره المصنف (٧) والعلامة (٨) لصحيحة معاوية (٩).

قال طاب ثراه : وهل يسقط الهدي لو شرط حلّه حيث حبسه؟ فيه قولان أظهرهما انّه لا يسقط.

__________________

(١) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٤٨ س ٢٠ قال : مسألة قال ابن الجنيد : من لم يكن عليه ولا معه هدي إلخ.

(٢) النهاية : باب المحصور والمصدود ص ٢٨٢ س ١٨ قال : وأمّا المصدود الى أن قال : ذبح هديه في المكان الذي صدّ فيه.

(٣) المهذب : ج ١ باب الصدّ والإحصار ص ٢٧٠ س ١٢ قال : فاذا كان كذلك كان عليه أن يذبح هديه في الموضع الذي صدّه العدو فيه إلخ.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان احكام المحصر والمصدود ص ٦٩٥ س ١ قال : والصدّ بالعدو لم يخلّ اما صدّ ظلما أو غير ظلم إلخ.

(٥) المراسم : ذكر أقسام الحج ص ١١٨ س ٩ قال : فاما لمصدود بالعدو فإنه ينحر الهدي حيث انتهى اليه.

(٦) الكافي : الحج ص ٢١٨ س ١١ قال : وإذا صدّ المحرم بالعدو الى أن قال : والمتمتع والمفرد ما يبتاع به شاة فما فوقها إلخ.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٨ س ٢٣ قال بعد نقل قول ابن حمزة وسلار وأبي الصلاح وابن البراج : وهو الأقرب.

(٩) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب الزيادات في فقه الحج ص ٤٢١ الحديث ١١١.

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : السقوط مذهب السيّد (١) وبه قال ابن إدريس (٢) ما لم يكن ساقه وأشعره أو قلّده. وأوجبه الشيخ في الخلاف (٣) واختاره المصنف (٤) والعلامة (٥).

وفائدة الشرط عندهم جواز التحلّل للمحصور من غير تربّص. وأما في المصدود فلا اثر للشرط سوى التعبّد الشرعي ، لأنّه يحلّ مكانه بالهدي شرط أولا.

تنبيه

الذي عليه المعظم التفصيل في تحلّل المحصور والمصدود ، فالأوّل لا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه. والثاني يحلّ مكانه. ولم يفرق بينهما التقي وأبو علي في الاجتماع على حكم واحد ، لكن اختلفا ، فأبو علي أجاز التحلّل للمحصر في الحال بذبح هديه أو نحره مكانه ويحلّ من كل شي‌ء إلّا من النساء ، قال : ولو أنفذ هديه إلى مكّة وأقام على إحرامه الى أن يبرأ ثمَّ يتمّم ما كان عقده فخرج منه كان أولى (٦). وأمّا التقي فأوجب البقاء على الإحرام فيهما حتى يبلغ الهدي محلّه (٧) وأمّا سلار فأوجب البقاء

__________________

(١) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٨ س ١ قال : وقال السيد المرتضى : المحرم إذا اشترط جاز له التحلل الى أن قال : من غير دم.

(٢) السرائر : باب حكم المحصور والمصدود ص ١٥١ س ٢٥ قال : وأمّا من اشترط على ربّه الى أن قال : فله أن يتحلل الّا أن يكون قد ساقه أو أشعره أو قلده فلينفذه.

(٣) الخلاف : كتاب الحجّ مسألة ٣٢٥ قال : إذا شرط على ربه في حال الإحرام الى أن قال : فلا بدّ من نية التحلل ولا بدّ من الهدي.

(٤) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٤٨ س ٤ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف : وقول الشيخ جيّد للعموم وهو قوله تعالى «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ».

(٦) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٧ س ١ قال : وقال ابن الجنيد : ومن حصر بعد الإحرام الى أن قال : ومباح له أن ينحر حيث حصر إلخ.

(٧) الكافي : الحج ، ص ٢١٨ س ١١ قال : وإذا صد المحرم بالعدو أو أحصر بالمرض الى أن قال : فاذا

٢٢٨

جواز التحلّل من غير توقع وفي اجزاء هدي السياق عن هدي التحلل قولان : أشبههما أنه يجزئ.

______________________________________________________

على المحصر في حجة الإسلام حتى يبلغ محلّه وأجاز التحلّل في الحال في حجّ التطوع حتى من النساء (١) ورواه المفيد في المقنعة مرسلا عن الصادق عليه السّلام (٢).

قال طاب ثراه : وفي اجزاء هدي السياق عن هدي التحلل قولان : أشبههما انه يجزئ.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال :

(أ) الاكتفاء بهدي السياق عن هدي الإحصار ، وهو مذهب الشيخ (٣) وسلار (٤) والتقي (٥) والقاضي (٦) واختاره المصنف (٧) وعليه الأكثر.

(ب) عدم الاكتفاء به ، بل لا بدّ من هدي آخر ، أوجبه الإحصار عملا بالآية ، قاله الفقيهان (٨) وبه قال أبو علي : إذا كان قد أوجبه الله بإشعار أو غيره ، والّا

__________________

بلغ الهدي محله فيحلق رأسه.

(١) المراسم : ذكر أقسام الحج ص ١١٨ س ٤ قال : فامّا المحصور بالمرض الى أن قال : يجب بقاؤه على إحرامه الى أن يبلغ الهدي محلّه إلخ.

(٢) لاحظ عوالي اللئالي : ج ٣ ص ٧٠ الحديث ٧٤ وما علق عليه.

(٣) النهاية : باب المحصور والمصدود ص ٢٨١ س ١٢ قال : فان كان قد ساق هديا الى أن قال : فاذا بلغ الهدي محلّه قصّر من شعره إلخ.

(٤) المراسم : ذكر أقسام الحجّ ص ١١٨ س ٤ قال : واما المحصور بالمرض الى أن قال : يجب بقاؤه على إحرامه الى ان يبلغ الهدي محله إلخ.

(٥) الكافي : الحج ص ٢١٨ س ١١ قال : وإذا صدّ المحرم الى أن قال : فلينفذ القارن هديه إلخ.

(٦) المهذب : ج ١ باب الصدّ والإحصار ص ٢٧٠ س ١٤ قال : والمحصور الى أن قال : إن كان قد ساق هديا أن يبعث به الى مكّة إلخ.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٧ س ٢٨ وفي الفقيه : (٢١٠) باب المحصور والمصدود ص ٣٠٥ س ٣ قالا : وإذا قرن الرجل الحج والعمرة فأحصر بعث هديا مع هديه إلخ.

٢٢٩

والبحث في المعتمر ـ إذا صدّ عن مكة ـ كالبحث في الحاج.

والمحصر هو الذي يمنعه المرض ، وهو يبعث هديه لو لم يكن ساق ، ولو ساق اقتصر على هدي السياق ، ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه وهو «منى» إن كان حاجا و «مكة» إن كان معتمرا فهناك يقصر ويحل إلّا من النساء حتى يحج في القابل ، إن كان واجبا ، أو يطاف عنه للنساء إنّ كان ندبا.

ولو بان أنّ هديه لم يذبح لم يبطل تحلّله ويذبح في القابل ، وهل يمسك عما يمسك عنه المحرم؟ الوجه ، لا.

ولو أحصر فبعث ثمَّ زال العارض التحق ، فإن أدرك أحد الموقفين صحّ حجّه ، وإن فأتاه تحلّل بعمرة ، ويقضي الحج ان كان واجبا والّا ندبا.

______________________________________________________

أجزأ (١) ، واختاره العلامة في المختلف (٢).

(ج) وجوب هدي للإحصار إن كان المسوق واجبا بنذر وشبهه ، واجزاؤه إن كان السياق ندبا وهو قول العلامة في القواعد (٣).

قال طاب ثراه : ولو بان أنّ هديه لم يذبح لم يبطل تحلّله ويذبح في القابل ، وهل يمسك عمّا يمسك عنه المحرم؟ الوجه ، لا.

أقول : يريد أن المحصر إذا بعث بهديه ، أو بثمنه ليشتري ويذبح ويتحلّل وقت

__________________

(١) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٧ س ٣٠ قال : وقال ابن الجنيد : ونعم ما قال : فإذا أحصر ومعه هدي إلى أن قال : بعث بهدي آخر.

(٢) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٧ س ٣٠ قال : وقال ابن الجنيد : ونعم ما قال : فإذا أحصر ومعه هدي إلى أن قال : بعث بهدي آخر.

(٣) القواعد : كتاب الحج ص ٩٣ قال : المطلب الثاني ، المحصر الى أن قال : فاذا تلبس بالإحرام وأحصر بعث ما ساقه.

٢٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

المواعدة ، لو ظهر له بعد ذلك انهم لم يذبحوه ، كان تحلّله صحيحا ، لأنّه مشروع ، ويجب عليه بعث هدي في القابل أو ثمنه. وهل يجب عليه أن يمسك إذا بعث في القابل عن محرّمات الإحرام؟ ويحلّ منها بالتقصير وقت المواعدة للذبح؟ أو لا يجب عليه الإمساك. الشيخ في النهاية (١) والمبسوط على الأوّل (٢) وكذا القاضي (٣) وأبو علي (٤). وابن إدريس على الثاني (٥) واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧) مع استحباب الإمساك.

احتج الشيخ بصحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام : فان ردّوا عليه الدّراهم ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شي‌ء ، ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا (٨).

واحتج ابن إدريس : بأنه ليس بمحرم ، فلا يحرم عليه المخيط والجماع ، ولا في الحرم فلا يحرم عليه الصيد.

__________________

(١) النهاية : باب المحصور والمصدود ص ٢٨٢ س ١٣ قال : ويجب عليه أن يبعث به في العام القابل ويمسك ممّا يمسك عنه المحرم.

(٢) المبسوط : ج ١ فصل في حكم المحصور والمصدود ص ٣٣٥ س ١١ قال : فان ردوا عليه الثمن الى أن قال : ويمسك ما يمسك عنه المحرم إلخ.

(٣) المهذب : ج ١ باب الصدّ والإحصار ص ٢٧١ س ٥ قال : وإذا عاد لأصحابه ولم يجدوا هديا الى أن قال : ويجتنب ما يجتنبه المحرم إلخ.

(٤) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٧ س ٢٤ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية والمبسوط : وهو قول ابن البراج وابن الجنيد.

(٥) السرائر : باب حكم المحصور والمصدود ص ١٥١ س ١٥ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : ولا دليل عليه والأصل براءة الذمة إلخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف : كتاب الحج ص ١٤٧ س ٢٧ قال بعد نقل احتجاج الشيخ : والأقرب عندي حمل الرواية على الاستحباب جمعا إلخ.

(٨) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٢ قطعة من حديث ١١١.

٢٣١

والمعتمر يقضي عمرته عند زوال المانع. وقيل : في الشهر الداخل (١) وقيل : لو أحصر القارن حجّ في القابل قارنا ، وهو على الأفضل الّا أن يكون القران متعينا عليه بوجه.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : والمعتمر يقضى عمرته عند زوال المانع ، وقيل : في الشهر الداخل.

أقول : الأوّل اختيار المصنّف (١) والشيخ في التهذيب (٢) لصحيحة معاوية عن ـ الصادق عليه السّلام : وان كان في عمرة فإذا برئ فعليه العمرة (٣) ورواية رفاعة عن الصادق عليه السّلام قال : خرج الحسين عليه السّلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى الى السقيا (٤) فبرسم (٥) فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه ، ثمَّ أقبل حتى جاء فضرب الباب فقال علي عليه السّلام ابني وربّ الكعبة افتحوا له ، وكانوا قد حمّوا له الماء ، فأكبّ عليه فشرب منه ، ثمَّ اعتمر بعد (٦) وبهذه الرواية تمسّك سلار في جواز التحلّل للمحصر مكانه (٧).

وأكثر الأصحاب على الثاني ، وهو راجع الى الخلاف المتقدّم في أقلّ زمان يكون بين العمرتين.

قال طاب ثراه : وقيل : لو أحصر القارن حج في القابل قارنا ، وهو على الأفضل ، الّا أن يكون القران متعيّنا عليه بوجه.

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٢ قطعة من حديث ١١١.

(٣) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٢ قطعة من حديث ١١١.

(٤) السقيا : قرية جامعة من عمل الفرع ، بينهما ممّا يلي الجحفة تسعة عشر ميلا ، وقال ابن الفقيه : السقيا من أسافل أودية تهامة ، وقال ابن الكلبي : لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكة فنزل السقيا وقد عطش فأصابه بها مطر ، فسماها السقيا (معجم البلدان : ج ٣ ص ٢٢٨).

(٥) برسم أحدث فيه البرسام ، التهاب في الحجاب الذي بين الكبد والقلب (المنجد لغة برسم).

(٦) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ (٢١٠) باب المحصور والمصدود ص ٣٠٥ الحديث ٤.

(٧) المراسم : ذكر : أقسام الحج ص ١١٨ س ٤ قال : فاما المحصور بالمرض الى أن قال : وقد أحلّ من كل شي‌ء أحرم منه.

٢٣٢

وروي استحباب بعث الهدي ، والمواعدة لإشعاره وتقليده ، واجتناب ما يجتنبه المحرم وقت المواعدة حتى يبلغ محلّه ، ولا يلبّي لكن يكفّر لو أتى بما يكفّر له المحرم استحبابا.

______________________________________________________

أقول : القائل هو الشيخ (١) وتبعه ابن حمزة (٢) وهو قول الأكثر ، وقال ابن إدريس يأتي بما شاء (٣) وفصّل المصنّف فقال : ان كان القران متعيّنا بنذر وشبهه : وجب أن يأتي بمثله والّا تخيّر (٤) وتبعه العلامة (٥).

احتج الأوّلون بصحيحتي محمّد بن مسلم ورفاعة عن الصادقين عليهما السّلام انهما قالا : القارن يحصر ، وقد قال واشترط : فحلني حيث حبستني ، قال : يبعث بهديه ، قلنا : هل يتمتع في قابل؟ قالا : لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه (٦) وحملها الباقون على الاستحباب ، أو على تقدير التعيين.

قال طاب ثراه : وروي استحباب بعث الهدي والمواعدة لا شعاره وتقليده ، واجتناب ما يجتنبه المحرم وقت المواعدة حتى يبلغ الهدي محلّه ، ولا يلبّي ، لكن يكفّر لو أتى بما يكفّر له المحرم استحبابا.

__________________

(١) المبسوط : ج ١ فصل في حكم المحصور والمصدود ص ٣٣٥ س ١٥ قال : والمحصور ان كان أحرم بالحج قارنا لم يجز أن يحج في المستقبل متمتعا ، بل يدخل بمثل ما خرج عنه.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان احكام المحصر والمصدود ص ٦١٤ س ٣٥ قال : وإذا قضى دخل في مثل ما خرج عنه.

(٣) السرائر : باب حكم المحصور والمصدود ص ١٥٢ س ١ قال بعد نقل قول الشيخ وتزييفه : وبما شاء يحرم في المستقبل.

(٤) الشرائع : في الإحصار والصدّ ، والمحصر هو الذي يمنعه المرض الى أن قال : والقارن إذا أحصر فتحلل لم يحج في القابل الّا قارنا وقيل : يأتي بما كان واجبا وان كان ندبا حج بما شاء من أنواعه إلخ.

(٥) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٤٨ س ٧ قال : والأقرب أن نقول : ان تعين عليه نوع وجب عليه الإتيان به والّا تخيّر إلخ.

(٦) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٣ الحديث ١١٤.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : المحكي في الكتاب مذهب الشيخ في النهاية (١) ومعظم الأصحاب. ومنع منه ابن إدريس وجعل الأخبار المتضمنة لجواز ذلك روايات آحاد (٢) وهو مكابرة ، إذ الروايات في ذلك كثيرة شهيرة وأكثرها صحاح. منها ما رواه هارون بن خارجة (٣). ومنها صحيحة عبد الله بن سنان (٤) ومنها صحيحة الحلبي (٥) ومنها صحيحة معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يبعث بالهدي تطوّعا ليس لواجب ، فقال : يواعد أصحابه يوما ، فيقلدونه ، فاذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المحرم (إلى يوم النحر) ، فاذا كان يوم النحر أجزأ عنه (٦) وقال الصادق عليه السّلام : ما يمنع أحدكم أن يحجّ كل سنة؟ فقيل له : لا يبلغ ذلك أموالنا ، فقال : أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه ثمن أضحيته ، ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه ، فاذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد ولا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس (٧) وفي باقي الروايات ذكر باقي الاحكام التي حكاها المصنف ، من اجتناب المحرمات ، والتكفير ، وعدم التلبيات ، ورواه الصدوق في كتابه (٨).

__________________

(١) النهاية : باب المحصور والمصدود ص ٢٨٣ س ٥ قال : ومن أراد أن يبعث بهدي تطوّعا فليبعثه ويواعد أصحابه يوما إلخ.

(٢) السرائر : باب حكم المحصور والمصدود ص ١٥٢ س ٤ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : قال محمّد بن إدريس : هذا غير واضح وهذه أخبار آحاد لا يلتفت إليها إلخ.

(٣) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٥ الحديث ١٢٠.

(٤) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٤ الحديث ١١٩.

(٥) التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٢٤ الحديث ١١٧.

(٦) الكافي : ج ٤ باب الرجل يبعث بالهدي تطوعا ويقيم في أهله ص ٥٤٠ الحديث ٣.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ (٢١١) باب الرجل يبعث بالهدي ويقيم في أهله ص ٣٠٦ الحديث ٢.

(٨) لم أعثر عليه في الفقيه والمقنع والهداية ، ولاحظ التهذيب : ج ٥ (٢٦) باب من الزيادات في فقه

٢٣٤

الثاني : في الصيد ، وهو الحيوان المحلل الممتنع.

ولا يحرم صيد البحر وهو ما يبيض ويفرخ فيه ، ولا الدجاج الحبشي ، ولا بأس بقتل الحية والعقرب والفأرة ورمي الغراب والحدأة ، ولا كفارة في قتل السباع ، وروي في الأسد كبش إذا لم يرده وفيها ضعف. ولا كفارة في قتل الزنبور خطأ ، وفي قتله عمدا صدقة بشي‌ء من طعام ، ويجوز شراء القماري والدباسي وإخراجها من مكة ، لا ذبحها.

وانما يحرم على المحرم صيد البرّ.

وينقسم قسمين :

(الأوّل) ما لكفّارته بدل على الخصوص ، وهو خمسة :

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وروي في الأسد كبش إذا لم يرده ، وفيها ضعف.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه أبو سعيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : رجل قتل أسدا في الحرم ، قال : عليه كبش يذبحه (١) وبمضمونها عمل الفقيه (٢) وابن حمزة (٣) والأكثرون على عدم الفدية لصحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السّلام كلما يخاف المحرم من السباع والحيات وغيرهما ، فليقتله وان لم يردك فلا ترده (٤) ولأصالة براءة الذمة.

__________________

الحج ص ٤٢٤ الحديث ١١٩ و ١٢٠.

(١) الكافي : ج ٤ باب صيد الحرم وما تجب فيه الكفارة ص ٢٣٧ الحديث ٢٦.

(٢) المختلف : في كفارات الإحرام ص ١٠١ س ١٦ قال : وقال علي بن بابويه : وان كان الصيد أسدا ذبحت كبشا.

(٣) الوسيلة : في بيان الكفارات ص ٦٨٨ س ١١ قال : فالموذي لا يلزم بقتله شي‌ء سوى الأسد إذا لم يرده إلخ.

(٤) الكافي : ج ٤ باب ما يجوز للمحرم قتله وما يجب عليه فيه الكفارة ص ٣٦٣ الحديث ١.

٢٣٥

الأول : النعامة ، وفي قتلها بدنة ، فان لم يجد فضّ ثمن البدنة على البر واطعم ستين مسكينا كل مسكين مدّين ، ولا يلزمه ما زاد عن ستين ، ولا ما زاد عن قيمتها. فان لم يجد صام عن كلّ مدّين يوما ، فان عجز صام ثمانية عشر يوما.

الثاني : في بقرة الوحش ، بقرة أهلية. فان لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا كلّ مسكين مدّين. ولو كانت قيمة البقرة أقل اقتصر على قيمتها. فان لم يجد صام عن كلّ مسكين يوما ، فان عجز صام تسعة أيّام. وكذا الحكم في حمار الوحش على الأشهر.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وكذا الحكم في حمار الوحش على الأشهر.

أقول : المشهور مساواة الحمار للبقرة ، وهو مذهب الشيخ (١) والتقي (٢) والحسن (٣) والقاضي (٤) وابن إدريس (٥) وقال الصدوق : في حمار الوحش بدنة (٦) وخيّر ابن

__________________

(١) النهاية : باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٢٢ س ١٣ قال : وان صاد بقرة وحش أو حمار وحش فقتله كان عليه دم بقرة.

(٢) الكافي : وامّا كفارة ما يأتيه المحرم ص ٣٠٥ س ١٣ قال : وان كان حمار وحش أو بقرة وحش فعليه بقرة.

(٣) المختلف : في كفارات الإحرام ص ١٠٢ س ٣٤ قال : وممّن قال بالبقرة في حمار الوحش ابن أبي عقيل.

(٤) المهذب : ج ١ باب ما يلزم المحرم على جناياته من الكفارة ص ٢٢٣ س ١٣ قال : واما ما يجب فيه بقرة فهو ان يصيب حمار وحش أو بقرة وحش.

(٥) السرائر : باب ما يلزم المحرم على جناياته من كفارة ص ١٣٠ س ٣٥ قال : فان قتل حمار وحش أو بقرة وحش كان عليه دم بقرة.

(٦) المقنع : باب الحج ص ٧٧ س ١٧ قال : فإن أصاب المحرم نعامة أو حمار وحش فعليه بدنة.

٢٣٦

الثالث : الظبي ، وفيه شاة ، فان لم يجد فضّ ثمن الشاة على البر وأطعم عشرة ، كل مسكين مدّين ، ولو قصرت قيمتها اقتصر عليها. فان لم يجد صام عن كل مسكين يوما ، فان عجز صام ثلاثة أيّام. والابدال في الأقسام الثلاثة على التخيير ، وقيل : على الترتيب ، وهو أظهر

______________________________________________________

الجنيد بينها وبين البقرة (١) وقال ابن حمزة : فيه بقرة ولم يذكر له بدلا (٢) والسيد وسلار لم يذكرا حكم الحمار.

قال طاب ثراه : والابدال في الأقسام الثلاثة على التخيير ، وقيل : على الترتيب وهو أظهر.

أقول : التخيير مذهب ابن إدريس ، ونقله عن الشيخ في الجمل والخلاف (٣) وهو أحد قولي العلامة (٤) والترتيب مذهب الشيخ في النهاية (٥) وابن بابويه (٦) والحسن (٧)

__________________

(١) المختلف : في كفارات الإحرام ص ١٠٢ س ٣٣ قال : وقال ابن الجنيد ، في حمار الوحش بدنة ويجوز بقرة.

(٢) الوسيلة : في بيان الكفارات ص ٦٨٨ س ٣٤ قال : والبقرة تلزم بصيد بقرة الوحش وحمار الوحش.

(٣) السرائر : باب ما يلزم المحرم عن جناياته من كفارة ص ١٣١ س ٢ قال : واختلف أصحابنا الى أن قال : والذي يقوى في نفسي وأفتي به القول فيها بالتخيير والى هذا ذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل الخلاف والجمل والعقود إلخ. لا حظ الخلاف : مسألة ٢٦٨ والجمل والعقود : ص ٧٤ س ١١.

(٤) المختلف : في كفارات الإحرام ص ١٠١ س ٢٣ قال : هل هذه الكفارة مخيّرة أو مرتّبة الى أن قال : وقد شبق البحث في ذلك في كتاب الصوم ، وقال في كتاب الصوم ص ٥٥ س ١٣ : لنا ان الأصل براءة الذمة من الترتيب.

(٥) النهاية : باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٢٢ س ٦ قال : فان لم يقدر. إلخ.

(٦ و ٧) المختلف : كتاب الصوم ص ٥٥ ، في الكفارة قال : مسألة المشهور ان كفارة إفطار يوم من شهر رمضان الى أن قال : مخير في ذلك ذهب اليه الشيخان وابن الجنيد وابنا بابويه الى أن قال : وقال ابن أبي عقيل : الى ان قال : وهذا يدل على الترتيب إلخ. وفيه أيضا في كفارات الإحرام ص ١٠٢ س ٢٣ قال : الأوّل التخيير والترتيب وقد سبق في كتاب الصوم.

٢٣٧

وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل : البدل فيهما كالظبي.

______________________________________________________

والسيّد (١) وهو اختيار المصنف (٢).

قال طاب ثراه : وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل : البدل فيهما كالظبي.

أقول : لا خلاف ان في كلّ من الظبي والثعلب والأرنب شاة ، وانما الخلاف في تحقيق البدل مع فقد الشاة أو قيمتها.

وتحقيق البحث هنا يقع في مقامين :

الأوّل : في بدل الظبي ، وفيه ثلاثة أقوال :

(الأوّل) المشهور أنه مع فقد الشاة يقيض ثمنها على البر ، وهو الحنطة ويقسّمه على الفقراء ، لكل مسكين مدّين ، فان زاد البر عن عشرة كان له الزائد ، وان نقص عن كفايتهم لم يلزمه الإتمام ، ولو عجز عن ذلك بأن لا يكون قادرا على ثمن الشاة صام عن كلّ مسكين يوما ولو عجز صام ثلاثة أيام قاله الشيخ (٣) والمتأخّرون.

(الثاني) مع فقد الشاة يطعم عشرة مساكين ، فان لم يستطع صام ثلاثة أيّام قاله المفيد (٤) فقد خالف المشهور في شيئين :

(أ) إيجابه إطعام عشرة مساكين ، مع قطع النظر عن قيمة الشاة.

(ب) إيجاب صوم ثلاثة أيّام ، مع عجزه عن الإطعام ، والمشهور وجوبها بعد العجز عن صوم العشرة ، وهو مذهب الحسن (٥) والسيد (٦) والصدوق في المقنع

__________________

(١) جمل العلم والعمل : كتاب الصوم ص ٩١ س ١٠ قال : انها مرتبة ، وقيل انّه مخير فيها.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) النهاية : باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٢٣ قال : فان لم يقدر على ذلك قوّم الجزاء وفضّ ثمنه على البرّ إلخ.

(٤) المقنعة : باب الكفارات ص ٦٨ س ٢٥ قال : وان صاد ظبيا الى أن قال : فان لم يجد أطعم عشرة مساكين.

(٥) المختلف في كفارات الإحرام : ص ١٠٣ س ٥ قال : وكذا «أي مع عدم الاستطاعة يجب صوم ثلاثة أيّام» السيد المرتضى وابن أبي عقيل.

(٦) المختلف في كفارات الإحرام : ص ١٠٣ س ٥ قال : وكذا «أي مع عدم الاستطاعة يجب صوم ثلاثة أيّام» السيد المرتضى وابن أبي عقيل.

٢٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والفقيه (١) وقدّر الإطعام هنا بمدّ للمسكين.

(الثالث) وجوب قيمة الشاة مع عدمها ، فان لم يجد صام عن كل صاع يوما ، ويجوز له إذا فقد الفداء والقيمة أن يصوم للنعامة ستين يوما ، وللبقرة ثلاثين يوما وللظبي ثلاثة أيام ، وان صام بالقيمة أقل من هذه المدة أجزأه ، وان زادت القيمة عليها لم يتجاوزها ، قاله التقي (٢) فقد حصلت المخالفة في شيئين :

(أ) أنه أوجب القيمة بالغا ما بلغ ولم يجعل للمالك ما زاد عن العشرة.

(ب) انه أوجب في الظبي ثلاثة أيام ، ومرتبتها بعد العجز عن العشرة الأيام.

المقام الثاني : الثعلب والأرنب ، هل حكمهما في البدل كالظبي؟ فيه قولان : نعم : قاله الثلاثة (٣) وابن إدريس (٤) وعمم القاضي ترتيب البدل المشهور على كل من وجب عليه شاة حتى الجدي والحمل (٥).

لم يتعرض الفقيه والحسن لغير بدل الظبي ، وأبو علي لم يتعرض لأبدال الثلاثة.

__________________

(١) المقنع : باب الحج ص ٧٧ س ٢٠ قال : وان أصاب ظبيا الى أن قال : فان لم يقدر فعليه صيام ثلاثة أيام. وفي الفقيه (١١٩) باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد ص ٢٣٣ الحديث ٣ وفيه : فان أصاب ظبيا الى أن قال : فعليه صيام ثلاثة أيام.

(٢) الكافي : الحج ، ص ٢٠٥ س ١٧ قال : ويجوز له ان فقد الفداء أو القيمة إلخ.

(٣) المقنعة : باب الكفارات ص ٦٨ س ٢٦ قال : وفي الثعلب والأرنب مثل ما في الظبي. وجمل العلم والعمل ، فصل فيما يلزم المحرم عن جناياته من كفارة ص ١١٣ س ١٣ قال : وفي الثعلب والأرنب مثل ما في الظبي. والنهاية : باب ما يجب على المحرم من الكفارة ص ٢٢٢ س ١٩ قال : ومن أصاب ظبيا أو ثعلبا أو أرنبا إلخ.

(٤) السرائر : باب ما يلزم المحرم عن جناياته من كفارة ص ١٣٠ س ٣٧ قال : ومن أصاب ظبيا أو ثعلبا أو أرنبا إلخ.

(٥) المهذب : ج ١ ، باب ما يتعلق بذلك البدنة ص ٢٢٧ س ١٧ قال : وإذا وجبت عليه شاة ولم يقدر عليها الى أن قال : وحكم الحمل والجدي يجري هذا المجرى.

٢٣٩

الرابع : في بيض النعام إذا تحرك الفرخ ، فلكلّ بيضة بكرة. وان لم يحرك أرسل فحولة الإبل في إناث بعدد البيض ، فما نتج كان هديا للبيت. فان عجز فعن كلّ بيضة شاة. فإن عجز فإطعام عشرة مساكين. فان عجز صام ثلاثة أيام.

الخامس : في بيض القطاة والقبج إذا تحرك الفرخ ، من صغار الغنم ، وفي رواية عن البيضة مخاض من الغنم. وان لم يتحرك أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض ، فما نتج كان هديا. ولو عجز كان فيه ما في بيض النعام.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : الخامس في بيض القطاة والقبج إذا تحرك الفرخ ، من صغار الغنم ، وفي رواية عن البيضة مخاض من الغنم (١) وان لم يتحرك أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض فما نتج كان هديا (٢) ولو عجز كان فيه ما في بيض النعام.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : ما ذا يجب في البيض مع التحرك؟ قيل فيه : أربعة أقوال :

(أ) الإرسال ، قاله الفقيه (٣).

(ب) قال القاضي : فإن أصاب بيض حجلة أو حمامة ، وقد تحرك فيها الفرخ فشاة (٤) والمصنف أوجب فيها من صغار الغنم (٥) كمذهب العلامة في القواعد (٦)

__________________

(١) الاستبصار : ج ٢ ص ٢٠٤ الحديث ٤ قال : ومن أصاب بيض نعامة فعليه مخاض من النعم ، ثمَّ أورد بعده الحديث ٥ مستدلا به على انّ حكم بيض القطاة حكم بيض النعام.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٥) باب الكفارة عن خطأ المحرم ، ص ٣٥٦ الحديث ١٥٠ و ١٥١.

(٣) المقنع : باب الحج ص ٧٨ قال : فإن وطئ بيض قطاة فشدخه فعليه أن يرسل الفحل من الغنم إلخ.

(٤) المهذب : ج ١ باب ما يلزم المحرم على جناياته من الكفارة ص ٢٢٤ س ٣ قال : أو يصيب حجلة أو حمامة أو شيئا من بيضها ويكون قد تحرك فيها الفرخ إلخ.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) القواعد : في كفارات الإحرام ص ٩٤ ، قال : الخامس في كسر كلّ بيضة من القطا من صغار

٢٤٠