المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

وفي وجوب رمي الجمار والحلق ، أو التقصير تردد ، أشبهه : الوجوب.

وتستحب الصدقة أمام التوجه ، وصلاة ركعتين ، وان يقف على باب داره ويدعو ، أو يقرأ فاتحة الكتاب امامه ، وعن يمينه وشماله ، وآية الكرسي كذلك ، وان يدعو بكلمات الفرج ، وبالأدعية المأثورة.

القول في الإحرام

والنظر في مقدماته وكيفيته وأحكامه.

ومقدّماته كلها مستحبة.

وهي توفير شعر رأسه من أول ذي القعدة إذا أراد التمتع ، ويتأكّد إذا أهلّ ذو الحجة ، وتنظيف جسده ، وقصّ أظفاره ، والأخذ من شاربه ، وازالة الشعر عن جسده وإبطيه بالنّورة ، ولو كان مطليا أجزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما ، والغسل.

ولو أكل أو لبس ما لا يجوز له أعاد غسله استحبابا.

______________________________________________________

(د) سريان الفساد الى الحج لو أفسدها ، في الأقرب.

(ه) وجوب الدم باحرامها على الأظهر ، وتظهر فائدته في وجوب نذكرها في باب الهدي ان شاء الله تعالى.

(و) وجوبها على من نذر حج التمتع.

فكان الأصل أن يعقد الباب للحج ، فلهذا بحث عن الحجّ أوّلا. وأمّا العلامة رضي الله عنه فإنه قدمها ، نظرا الى ما قلناه أوّلا.

قال طاب ثراه : وفي وجوب رمي الجمار ، والحلق أو التقصير تردّد ، أشبهه الوجوب.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : هنا مسألتان :

(أ) الرمي هل هو واجب أم لا؟ قال الشيخ في الجمل : بالثاني (١) واختاره القاضي (٢) وهو ظاهر المفيد (٣) وأكثر الأصحاب على الأوّل ، حتى ادّعى ابن إدريس عليه الإجماع (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦).

(ب) الحلق أو التقصير ، فالشيخ في المبسوط (٧) والصدوق في المقنع (٨) والمفيد (٩) وتلميذه (١٠) على الوجوب.

وقال الشيخ في التبيان بالاستحباب (١١).

__________________

(١) المختلف : الفصل الثالث في نزول منى ص ١٣٢ س ١ قال : مسألة ذهب الشيخ في الجمل إلى انّ الرمي مسنون وكذا قال ابن البراج إلخ. وفي الجمل لم يعدّ الرمي في الواجبات فلا حظ وفي المهذب ج ١ كتاب الحج باب الرجوع من المشعر الحرام إلى منى ليقضي المناسك بها ، قال وهذه المناسك ثلاثة أشياء وهي رمي الجمار والذبح والحلق إلخ ولم أظفر فيهما على تصريح بأنّ الرمي مسنون.

(٢) المختلف : الفصل الثالث في نزول منى ص ١٣٢ س ١ قال : مسألة ذهب الشيخ في الجمل إلى انّ الرمي مسنون وكذا قال ابن البراج إلخ. وفي الجمل لم يعدّ الرمي في الواجبات فلا حظ وفي المهذب ج ١ كتاب الحج باب الرجوع من المشعر الحرام إلى منى ليقضي المناسك بها ، قال وهذه المناسك ثلاثة أشياء وهي رمي الجمار والذبح والحلق إلخ ولم أظفر فيهما على تصريح بأنّ الرمي مسنون.

(٣) المقنعة : باب تفصيل فرائض الحج ص ٦٧ قال : وفرض الحج الإحرام الى أن قال : وشهادة الموقفين وما بعد ذلك سنن بعضها أوكد من بعض.

(٤) السرائر : باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار ص ١٤٣ س ٩ قال : وهل رمي الجمار واجب أو مسنون؟ لا خلاف بين أصحابنا في كونه واجبا إلخ.

(٥) لاحظ مختاره في مختصر النافع.

(٦) المختلف : الفصل الثالث في نزول منى ص ١٣٢ س ١٢ قال : والأقرب الوجوب.

(٧) المبسوط : ج ١ فصل في ذكر نزول منى ص ٣٦٨ س ٢٢ قال : وعليه بمنى يوم النحر ثلاثة مناسك الى أن قال : الثالث الحلق أو التقصير.

(٨) المقنع : باب الحلق ص ٨٩ الى أن قال : واعلم أنّ الصرورة لا يجوز له أن يقصر وعليه الحلق إلخ.

(٩) المقنعة : ص ٦٦ باب الحلق س ٤ قال : وليحلق رأسه بعد الذبح الى أن قال : ومن لم يكن ضرورة أجزأه التقصير إلخ.

(١٠) المختلف : المطلب الثالث في الحلق ص ١٣٧ س ٣٧ قال : وقال ابن الجنيد : ولا يجزي الصرورة الى أن قال : الا الحلق.

(١١) التبيان : سورة البقرة ، الآية ١٩٦ قال في تفسيره : والمسنونات الجهر بالتلبية الى ان قال : والحلق

١٦٢

وقيل : يجوز أن يقدم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء ، (١) ويعيده لو وجده.

ويجزي غسل النهار ليومه ، وكذا غسل الليل ما لم يتم. ولو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد.

وأن يحرم عقيب فريضة الظهر ، أو عقيب فريضة غيرها ، ولو لم يتفق فعقيب ست ركعات.

وأقلّه ركعتان يقرأ في الأولى (الحمد) و (الصمد) وفي الثانية (الحمد) و (الجحد) ، ويصلي نافلة الإحرام ولو في وقت الفريضة ما لم يتضيق.

وأمّا الكيفية فتشتمل الواجب والندب

والواجب ثلاثة :

النية ، وهي أن يقصد بقلبه الى الجنس من الحج أو العمرة ، والنوع من التمتع أو غيره ، والصفة من واجب أو غيره ، وحجة الإسلام أو غيرها ، ولو نوى نوعا ونطق بغيره ، فالمعتبر النية.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وقيل : بجواز تقديم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء فيه.

أقول : القائل هو الشيخ رحمه الله وأتباعه (١) وابن إدريس (٢).

__________________

أو التقصير.

(١) النهاية : باب كيفية الإحرام ص ٢١٢ س ٢ قال : ولا بأس أن يغتسل قبل بلوغه الى الميقات إذا خاف عوز الماء.

(٢) السرائر : باب كيفية الإحرام ص ١٢٤ س ٢٠ قال : ولا بأس أن يغتسل قبل بلوغه الميقات إذا خاف عوز الماء.

١٦٣

الثاني : التلبيات الأربع ، ولا ينعقد الإحرام للمفرد والمتمتع الا بها.

وأمّا القارن فله ان يعقده بها أو بالإشعار أو التقليد على الأظهر.

______________________________________________________

ومستنده رواية هشام بن سالم قال : أرسلنا الى أبي عبد الله عليه السّلام ونحن جماعة ونحن بالمدينة ، انا نريد أن نودعك ، فأرسل إلينا أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز عليكم الماء بذي الحليفة ، فاغتسلوا بالمدينة والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ، ثمَّ تعالوا فرادى أو مثنى (١).

وروى الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يغتسل بالمدينة للإحرام أيجزيه عن غسل ذي الحليفة؟ قال : نعم (٢).

وفي معناها رواية أبي بصير (٣).

وهما مطلقتان وخصّهما الشيخ بمن خاف عوز الماء برواية هشام المتقدمة ، جمعا بين الأحاديث (٤) وتوقف المصنف (٥) ولا وجه له مع وجود ما يصار اليه من النقل.

وأمّا إعادته مع وجود الماء فيه ، فلانّ التقديم انما جاز لخوف الفقدان فيه ، وقد زال السبب بوجود الماء ، فيتناوله الأمر باستعمال الماء ، لأنّه وقت الفعل.

قال طاب ثراه : وأمّا القارن فله أن يعقده بها أو بالإشعار أو التقليد على الأظهر.

أقول : منع المرتضى (٦) وابن إدريس من الانعقاد بغير التلبية في الأنواع

__________________

(١) الكافي : ج ٤ باب ما يجزي عن غسل الإحرام ص ٣٢٨ الحديث ٧.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٧) باب صفة الإحرام ص ٦٣ الحديث ٩.

(٣) التهذيب : ج ٥ (٧) باب صفة الإحرام ص ٦٣ الحديث ٨.

(٤) قال في التهذيب بعد نقل روايتي الحلبي وأبي بصير المتقدمتين : وهذه الروايات انما وردت رخصة في تقديم الغسل عن الميقات لمن خاف أن لا يجد الماء عند الميقات ، ثمَّ أورد رواية هشام بن سالم دليلا على الجمع.

(٥) يظهر توقفه من قوله (على الأظهر).

(٦) الانتصار : مسائل الحج ص ١٠٢ قال : مسألة وممّا انفردت به الإمامية القول : بوجوب التلبية ، فعندهم إن الإحرام لا ينعقد الّا بها إلخ.

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الثلاثة (١) وأجاز الشيخ الانعقاد للقارن بالتقليد أو الاشعار (٢) وهو قول التقي (٣) وسلار (٤) وأبي علي (٥).

وللقاضي قول غريب : وهو انعقاد الإحرام بالتلبية وما يقوم مقامها من الإيماء لمن لا يستطيع الكلام ، والتقليد والاشعار من القارن والمفرد (٦).

وبالطرفين روايات (٧).

__________________

(١) الظاهر أن المصنف قدّس سرّه اعتمد هنا في نقل فتوى ابن إدريس على المختلف ، لأنّ فيه (في بحث كيفية الإحرام ص ٩٥ س ٣) ما لفظه : (وقال السيد المرتضى : لا ينعقد إلّا بالتلبية دون الاشعار والتقليد وبه قال : ابن إدريس) الى أن قال بعد أسطر (والظاهر أن السيد المرتضى ذكر ـ هذه الأدلة مبطلة لاعتقاد مالك والشافعي وأحمد من استحباب التلبية مطلقا فتوهم ابن إدريس ان ذلك في حق القارن أيضا) ولا يخفى ان مختاره في السرائر موافق لما اختاره المحقق قدّس سرّه حيث قال في باب كيفية الإحرام ص ١٢٥ س ٢٦ : ما لفظه (وإن كان الحج قارنا فاذا ساق وأشعر البدنة أو قلّدها حرم أيضا عليه ذلك وإن لم يلبّ ، لأنّ ذلك يقوم مقام التلبية في حق القارن) فظهر ممّا أثبتناه ان قول المصنف (في الأنواع الثلاثة) غير وجيه.

(٢) النهاية : باب كيفية الإحرام ص ٢١٤ س ٦ قال : وان كان الحاج قارنا فاذا ساق وأشعر البدنة أو قلدها حرم أيضا عليه ذلك وان لم يلبّ ، لان ذلك يقوم مقام التلبية.

(٣) الكافي : الفصل السادس ٢٠٨ س ٣ قال : ثمَّ يعقد إحرامه بالتلبية الواجبة أو بإشعار هديه أو تقليده إلخ.

(٤) المراسم : ذكر شرح الإحرام ص ١٠٨ س ١١ قال : ثمَّ يعقد إحرامه اما بالتلبية أو للإشعار والتقليد إن كان قارنا.

(٥) المختلف : كتاب الحج ص ٩٤ س ٣٩ قال : واما القارن فإنه ينعقد بها أو بإشعار هدي السياق وإليه ذهب ابن الجنيد.

(٦) المهذب : ج ١ باب ما يقارن حال الإحرام من الاحكام ص ٢١٤ س ٢١ قال : وعقد الإحرام بالتلبية إلخ.

(٧) لاحظ الفروع : ج ٤ باب صفة الاشعار والتقليد ص ٢٩٦ والانتصار ، مسائل الحج ص ١٠٢ س ٤ قال : مسألة إلخ.

١٦٥

وصورتها : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.

وقيل : يضيف الى ذلك : إنّ الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك.

وما زاد على ذلك مستحب.

ولو عقد إحرامه ولم يلبّ لم يلزمه كفارة بما يفعله.

والأخرس يجزئه تحريك لسانه والإشارة بيده.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وصورتها : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، وقيل : يضيف الى ذلك : إنّ الحمد والنّعمة لك والملك (لك) لا شريك لك.

أقول : في عدد التلبيبات خلاف بين الأصحاب ، وكذا في كيفيتها ، والحاصل ان الأقوال بالنسبة إلى العدد ثلاثة :

(ا) إنها ست وهو قول السيّد (١).

(ب) انها خمس وهو قول الصدوقين (٢) والقديمين (٣) والمفيد (٤) وتلميذه (٥)

__________________

(١) المختلف : في كيفية الإحرام ص ٩٥ س ٢١ قال : وقال السيد المرتضى إلخ.

(٢) المقنع : (١٨) باب الحج ص ٦٩ س ١٧ قال : ثمَّ تمَّ فامض هيئة إلى أن قال : بعد نقل التلبيات الخمس هذه الأربع مفروضات وفي الهداية باب الحج ، التلبية ص ٥٥ قال : بعد نقل التلبيات الخمس (ولا يخفى ان في الهداية المطبوعة وما في ضمن الجوامع الفقهية سقط كلمة «لبيك» في أول التلبية والسقط من النساخ قطعا فتذكر) هذه الأربع مفروضات ، وفي الفقيه ج ٢ (١١١) باب فرائض الحج ص ٢٠٥ قال : فرائض الحج سبع ، الإحرام والتلبيات الأربع. وفي المختلف ص ٩٥ بعد نقل قول المفيد بأنها خمس قال : وكذا على بن بابويه في رسالته وابنه أبو جعفر في مقنعة وهدايته وهو قول ابن أبي عقيل وابن الجنيد.

(٣) تقدم نقله عن المختلف آنفا.

(٤) المفيد قائل بأربع ، لا حظ المقنعة باب صفة الإحرام ص ٦٢ س ٣١.

(٥) المراسم : ذكر شرح الإحرام (لا حظ المراسم في ضمن الجوامع الفقهية) وفي كتاب المراسم المطبوع سقط كلمة (لبيك) في التلبيات.

١٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والشيخ في الاقتصاد (١).

(ج) انها أربع وهو قول الشيخ في النهاية (٢) والمبسوط (٣) وبه قال التقي (٤) والقاضي (٥) وابن حمزة (٦) وابن إدريس (٧) واختاره المصنف (٨) والعلامة (٩) وفخر المحققين (١٠) والشهيد (١١)

حكاية قول السيد : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، لبيك انّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.

حكاية قول المفيد ومن قال بمقاله ، وفيها صورتان :

(أ) مضمون الاقتصاد : لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك ، بحجة وعمرة ، أو حجة مفردة تمامها عليك لبيك.

__________________

(١) الاقتصاد : فصل في الإحرام وكيفيته وشروطه ص ٣٠١ س ٧.

(٢) النهاية : باب كيفية الإحرام ص ٢١٥ س ٢ قال : والتلبية فريضة الى ان قال : فهذه التلبيات الأربع إلخ. ولا يخفى انه سقط في المطبوع كلمة (لبيك) والصحيح (اللهمّ لبيك لبيك لا شريك لك. إلخ) لاحظ النهاية من جوامع الفقهية.

(٣) المبسوط : ج ١ فصل في ذكر كيفية الإحرام ص ٣١٦ س ٨ قال : والمفروض الأربع تلبيات إلخ.

(٤) الكافي : الحج ، الفصل الرابع ص ١٩٣ س ٧ قال : فأما التلبية الى أن قال : والمفروض أربع إلخ.

(٥) المهذب : ج ١ باب ما ينعقد به الإحرام ص ٢١٥ قال : ينعقد بالتلبية أو ما قام مقامها الى أن قال : وأمّا الواجب إلخ.

(٦) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الإحرام ص ٦٨٧ س ٢٣ قال : والمفروض من التلبية إلخ.

(٧) السرائر : باب كيفية الإحرام ص ١٢٥ س ٣٦ قال : وكيفية التلبية الأربع الواجبة إلخ.

(٨) الشرائع : كتاب الحج ، القول في الإحرام قال : الثاني : التلبيات الأربع إلخ.

(٩) المختلف : في كيفية الإحرام ص ٩٥ س ٢٢ قال : والأقرب عندي ما رواه معاوية بن عمار.

(١٠) القواعد : كتاب الحج ، المطلب الثالث في كيفيته قال : الثاني التلبيات الأربع إلخ. ولم يعلق في إيضاح الفوائد عليها شيئا.

(١١) اللمعة : القول في الإحرام قال : ويجب فيه النية الى أن قال : ويقارن بها (لبيك) إلخ.

١٦٧

الثالث : لبس ثوبي الإحرام ، وهما واجبان ، والمعتبر ما يصح الصلاة فيه للرجل ويجوز لبس القباء مع عدمها مقلوبا.

وفي جواز لبس الحرير للمرأة روايتان ، أشهرهما المنع.

ويجوز أن يلبس أكثر من ثوبين ، وأن يبدل ثياب إحرامه ، ولا يطوف الّا فيهما استحبابا.

______________________________________________________

(ب) عبارة الباقين : لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك.

حكاية قول المبسوط ومتابعيه.

وفيه ثلاث صور :

(أ) لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، وهو عبارة المصنف.

(ب) لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك ، وهو عبارة المبسوط والقاضي والتقي وابن حمزة وابن إدريس.

(ج) قول العلامة وله عبارتان :

(أ) لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، انّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، قاله في المختلف ، وهو مضمون صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام (١).

وكان قول المصنف رحمه الله (وقيل) إشارة إلى قول من عمل بهذه الرواية.

(ب) لبيك اللهمّ لبيك ، إنّ الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك ، وهي المشهورة في باقي كتبه (٢).

قال طاب ثراه : وفي جواز لبس الحرير للمرأة روايتان ، أشهرهما المنع.

__________________

(١) لاحظ الحكايات ذيل الأرقام المتقدمة.

(٢) لاحظ الحكايات ذيل الأرقام المتقدمة.

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : المنع مختار الشيخ (١) وأبي علي (٢) لصحيحة العيص قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين (٣) وللاحتياط.

والجواز مختار المفيد في أحكام النساء (٤) وابن إدريس (٥) والعلامة (٦) ، للأصل ولصحيحة يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : المرأة تلبس القميص تزره عليها وتلبس الخز والحرير والديباج قال : نعم لا بأس به وتلبس الخلخالين والمسك (٧).

والمسك بفتح الميم وحركة السين المهملة ، وهي سوار من ذيل ، أو عاج.

والقفّازان تثنية القفّاز ، بالقاف المضمومة والفاء المشدّدة والزاي بعد الألف ، شي‌ء يعمل لليدين يحشى بقطن ، يكون له أزرار ، تزرّ على الساعدين في البرد ، تلبسه المرأة يديها وهما قفازان.

__________________

(١) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢١٧ س ١٠ قال : وكل ثوب يجوز الصلاة فيه فإنه يجوز الإحرام فيه الى ان قال : مثل الخز المغشوس والإبريسم المحض وما أشبههما ثمَّ قال بعد أسطر : ويحرم على المرأة في حال الإحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجل إلخ.

(٢) المختلف : كتاب الحج ص ٩٦ س ٣٤ قال منع الشيخ رحمه الله من إحرام المرأة في الحرير المحض وكذا ابن الجنيد وجوزه المفيد في كتاب احكام النساء وهو الأقوى.

(٣) الفروع : كتاب الحج ص ٣٤٤ باب ما يجوز للمحرمة أنّ تلبسه من الثياب والحلي ، قطعة من حديث ١.

(٤) تقدم نقله عن المختلف آنفا.

(٥) السرائر : باب كيفية الإحرام ص ١٢٤ س ٢٧ قال : ويجوز لهن الإحرام في الثياب الإبريسم المحض لأنّ الصلاة فيها جائز لهن إلخ.

(٦) تقدم نقله عن المختلف آنفا.

(٧) التهذيب : ج ٥ (٧) باب صفة الإحرام ص ٧٤ الحديث ٥٤.

١٦٩

والندب رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا علت راحلته البيداء ان حج على طريق المدينة وان كان راجلا فحيث يحرم. ولو أحرم من مكة رفع بها إذا أشرف على الأبطح ، وتكرارها الى يوم عرفة عند الزوال للحاج. وللمعتمر بالمتعة حتى يشاهد بيوت مكّة ، وبالمفردة (حتى خ ل) إذا دخل الحرم ان كان أحرم من خارجه وإذا شاهد الكعبة ان أحرم من الحرم وقيل : بالتخيير وهو أشبه.

والتلفظ بما يعزم عليه ، والاشتراط أن يحلّه حيث حبسه.

وان لم تكن حجة فعمرة.

وان يحرم في الثياب القطن ، وأفضله البيض.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وللمعتمر بالمتعة حتى يشاهد بيوت مكة ، وبالمفردة إذا دخل الحرم ان كان أحرم من خارجه ، وإذا شاهد الكعبة ان أحرم من الحرم ، وقيل : بالتخيير ، وهو أشبه.

أقول : يريد ان المعتمر بالمفردة ان كان أهله خارج ، كرّر التلبية حتى يدخل الحرم ، وان كان اهله من الحرم وقد خرج ليحرم بها من خارج ـ إذ ميقاتها أدنى الحلّ ولا يجزى من الحرم ـ كرّر التلبية حتى يشاهد الكعبة ، وهو مذهب الشيخ (١) وبه قال القديمان (٢) وقال الصدوق بالتخيير (٣) وقال التقي : إذا عاين البيت (٤).

__________________

(١) النهاية : باب كيفية الإحرام ص ٢١٦ س ٤ قال : فان كان المعتمر ممّن خرج من مكة الى أن قال : إذا شاهد الكعبة.

(٢) المختلف : كتاب الحج ص ٩٦ س ٥ قال : وان كان ممن خرج من مكة للإحرام فإذا شاهد الكعبة الى أن قال : وهو قول ابن الجنيد وابن عقيل ، وقال الصدوق : انه مخيّر.

(٣) المختلف : كتاب الحج ص ٩٦ س ٥ قال : وان كان ممن خرج من مكة للإحرام فإذا شاهد الكعبة الى أن قال : وهو قول ابن الجنيد وابن عقيل ، وقال الصدوق : انه مخيّر.

(٤) الكافي : الحج ، الفصل السادس ص ٢٠٨ ص ١٠ قال : فاذا عاين المتمتع إلخ.

١٧٠

وأما أحكامه فمسائل :

الأولى : المتمتع إذا طاف وسعى ثمَّ أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا ، مضى في حجّه ولا شي‌ء عليه ، وفي رواية عليه دم.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : المتمتع إذا طاف وسعى ثمَّ أحرم قبل التقصير ناسيا مضى في حجه ولا شي‌ء عليه ، وفي رواية عليه دم.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام ، الرجل يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهلّ بالحج ، فقال : عليه دم يهريقه (١).

وبمضمونها قال الشيخ (٢) والفقيه (٣) والتقي (٤).

وقال سلار : لا دم عليه (٥) وبه قال ابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلامة (٨) تمسّكا بأصالة البراءة ، وبالعفو عن الناسي للخبر (٩) ولصحيحة

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (١٠) باب الخروج إلى الصفا ص ١٥٨ الحديث ٥٢.

(٢) النهاية : باب السعي بين الصفا والمروة ص ٢٤٦ س ٥ قال : فإن نسي التقصير حتى يهلّ بالحج كان عليه دم يهريقه.

(٣) المقنع : باب الحج ص ٨٣ س ١٠ قال : فإن نسي المتمتع التقصير حتى يهلّ بالحج فان عليه دما يهريقه.

(٤) لم نعثر عليه في الكافي والمختلف ، والظاهر بدل (التقي) (القاضي) لأنه موافق للنهاية والمقنع ، لا حظ المختلف كتاب الحج ص ٩٧ س ٢١ قال : وهو قول ابن البراج إلخ.

(٥) المراسم : ذكر النسيان من أفعال الحج ص ١٢٤ س ٦ قال : ومن قضى عمرته ونسي التقصير الى أن قال : ويستغفر الله إلخ.

(٦) السرائر : باب السعي وأحكامه ص ١٣٦ س ٣٤ قال : فإن نسي التقصير حتى يهلّ بالحج فلا شي‌ء عليه إلخ.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) التذكرة : ج ١ ص ٣٦٨ س ١٥ قال : ولو أخلّ بالتقصير ناسيا صحّت متعته إلخ.

(٩) التوحيد (٥٦) باب الاستطاعة ص ٣٥٣ ، ح ٢٤.

١٧١

ولو أحرم عامدا بطلت متعته على رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام.

الثانية : إذا أحرم الوليّ بالصبيّ فعل به ما يلزم المحرم ، وجنّبه ما يتجنّبه المحرم وكل ما يعجز عنه يتولاه الولي ، ولو فعل ما يوجب الكفارة ضمن عنه ، ولو كان مميّزا جاز إلزامه بالصوم عن الهدي ، ولو عجز صام الوليّ عنه.

الثالثة : لو اشتراط في إحرامه ثمَّ حصل المانع تحلل ، ولا يسقط هدي التحلل بالشرط ، بل فائدته جواز التحلل للمحصور من غير تربص ، ولا يسقط عنه الحج لو كان واجبا.

______________________________________________________

معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل الحج قال : يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وقد تمت عمرته (١) وحملوا الرواية الأولى على الاستحباب.

قال طاب ثراه : ولو أحرم عامدا بطلت متعته (عمرته خ) على رواية أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السّلام.

أقول : الرواية من الصحاح ، وهي ما رواه ليث المرادي عن الصادق عليه السّلام قال : المتمتع إذا طاف وسعى ثمَّ لبّى بالحج قبل ان يقصّر ، فليس له ان يقصّر وليس له متعة (٢) وحملها الشيخ على المتعمد (٣) لحسنة معاوية المتقدمة ، وقال ابن إدريس : يبطل إحرامه الثاني للنهي عنه وهو دلالة الفساد (٤) ورجح العلامة في

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (١٠) باب الخروج إلى الصفا ص ١٥٩ الحديث ٥٣.

(٢) التهذيب : ج ٥ (١٠) باب الخروج الى الصفا ص ١٥٩ الحديث ٥٤.

(٣) قال الشيخ في التهذيب بعد نقل الحديث المتقدم ، ما لفظه : فمحمول على من فعل ذلك متعمدا.

(٤) السرائر : باب السعي وأحكامه ص ١٣٦ س ٣٥ قال : والذي يقتضيه الأدلة وأصول المذهب

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المختلف قول الشيخ (١).

وتظهر الفائدة من وجوه :

(أ) كونه مخاطبا بالتقصير من العمرة على قول ابن إدريس ، وبالوقوف بعرفات على قول الشيخ.

(ب) بطلان العمرة على قول الشيخ ، وبقاء حكمها على قول ابن إدريس ، فمتى رجع وقصّر ثمَّ لحق الموقفين فقد فاز بالنسكين.

(ج) ان لم يلحق الموقفين انقلب إلى المفردة للتحليل على القولين.

(د) لو نذر أو وقف أو أوصى بشي‌ء للمحرمين بالحج ، استحق على قول الشيخ ، وحرم على القول الآخر.

(ه) لو قصّر كان عليه دم شاة عند الشيخ ، لكونه محرما بالحج ، ولا شي‌ء عند الآخر ، لأنه فعل الواجب عليه.

(و) لو جامع فسد حجه عند الشيخ ولحقه احكام المفسد ، وعند الآخر عليه بدنة لكونه قبل التقصير وعمرته صحيحة لحصوله بعد سعيها.

(ز) لو كان ذلك ممن وجب عليه التمتع عينا ، وجب عليه إكماله ولا يجزى عمّا عليه ، لعدم جواز العدول على قول الشيخ ، وعلى القول الآخر يمكن استدراكه بالرجوع إلى التقصير وإنشاء الإحرام للحج مع اتساع وقته.

(ح) لو وجب عليه جزاء صيد ، فان قلنا بالانقلاب ذبحه أو نحره بمنى ، وبمكة على القول الآخر.

__________________

انه لا ينعقد إحرامه بحج إلخ.

(١) المختلف : في كيفية الإحرام ص ٩٧ س ١٩ قال بعد نقل قول الشيخ وابن إدريس : وقول الشيخ عندي أرجح.

١٧٣

ومن اللواحق : التروك ، وهي محرمات ومكروهات.

فالمحرمات أربعة عشر : صيد البر إمساكا وأكلا ، ولو صاده محلّ ، واشارة ودلالة وإغلاقا وذبحا ، ولو ذبحه كان ميتة ، حراما على المحلّ والمحرم ، والنساء وطئا وتقبيلا ولمسا ، ونظرا بشهوة ، وعقدا له ولغيره ، وشهادة على العقد ، والاستمناء ، والطيب. وقيل : لا يحرم إلّا أربع : المسك ، والعنبر ، والزعفران ، والورس ، وأضاف في الخلاف ، الكافور والعود.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : والطيب ، وقيل : لا يحرم إلّا أربعة : المسك والعنبر والزعفران والورس ، وأضاف في الخلاف العود والكافور.

أقول : للشيخ في الطيب ثلاثة أقوال :

(أ) انه الأربعة المحكية أوّلا ، وهو قوله في التهذيب (١).

(ب) أنه ستة بإضافة الكافور والعود إليها ، وهو قوله في الخلاف (٢) والنهاية (٣) وبه قال ابن حمزة (٤).

(ج) انه يحرم على العموم ، وهو قوله في المبسوط (٥) والاقتصاد (٦) وبه قال

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (٢٤) ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه ص ٢٩٩ قال : وأمّا الطيب الذي يجب اجتنابه فأربعة أشياء إلخ.

(٢) الخلاف : كتاب الحج ، مسألة ٨٩ قال : ما عدا المسك والعنبر والكافور والزعفران والورس والعود عندنا لا يتعلق به الكفارة إلخ.

(٣) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ، ص ٢١٩ س ٧ قال : والطيب الذي يحرم مسّه وشمّه وأكل طعام يكون فيه المسك إلخ.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان موجبات الكفارة ص ٦٨٧ س ٣٠ قال : واستعمال المسك والكافور والعنبر والعود والزعفران والورس.

(٥) المبسوط : ج ١ ، فصل فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣١٩ س ١ قال : ويحرم عليه الطيب على اختلاف أجناسه وأغلظها خمسة إلخ.

(٦) الاقتصاد : فصل في الإحرام وكيفيته وشروطه ص ٣٠١ س ١٦ قال : وينبغي أن يجتنب في

١٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الحسن (١) والسيد (٢) والمفيد (٣) وتلميذه (٤) والتقي (٥) وابن إدريس (٦) والصدوق في المقنع (٧) واختاره المصنف (٨) والعلامة (٩).

تنبيه

الطيب ما تطيب رائحته ، ويتّخذ للشمّ كالمسك والعنبر والعود ، والمناط أن يكون معظم الغرض منه التطيب ، أو يظهر فيه هذا الغرض كدهن البنفسج والورد والزعفران والورس بفتح الواو وسكون الراء ، وهو نبت أحمر قاني يوجد على قشور شجر ينحت منها ويجتمع ، وهو يشبه الزعفران المسحوق يجلب من اليمن طيّب الريح.

إذا عرفت هذا ، فما طابت ريحه وقصد شمّه إمّا نبات أو غيره ، والثاني كالمسك والعنبر ، والأوّل ينقسم خمسة أقسام :

(أ) ما لا ينبت للطيب ولا يتخذ منه كنبات الصحراء ، من الشيخ والقيصوم

__________________

إحرامه الطيب كله إلخ.

(١) المختلف : كتاب الحج ص ٩٨ المطلب الثالث في تروك الإحرام قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط والاقتصاد : وكذا قال ابن عقيل الى أن قال : وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد.

(٢) جمل العلم والعمل : فصل فيما يجتنبه المحرم ص ١٠٧ س ١ قال : ويجتنب الطيب كله.

(٣) المقنعة : باب صفة الإحرام ص ٦٢ س ٣٤ قال : وليجتنب النساء وشمّ الطيب وكل طعام فيه طيب.

(٤) تقدم نقله من المختلف.

(٥) الكافي : الحج ص ٢٠٢ س ٢٢ قال : وأمّا ما يجتنبه الى ان قال : والطيب كله.

(٦) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٧ س ٢٠ قال : والطيب على اختلاف أجناسه.

(٧) المقنع : (١٨) باب الحج ص ٧٢ س ١٧ قال : وإياك أن تمسّ شيئا من الطيب وأنت محرم إلخ هذا ولكن لا حظ قوله بعد أسطر (وانما يحرم عليك من الطيب) فتأمّل.

(٨) لاحظ فتواه في عبارة المختصر النافع.

(٩) المختلف : كتاب الحج ص ٩٨ س ٢٥ قال : والمعتمد الأول ، أي قول الشيخ في المبسوط.

١٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والخزامى (١) والإذخر والدار صيني والمصطكى والزنجبيل والسّعد ، وهذا كلّه لا يتعلق به كفارة ، وصرح به الصدوق وقال أبو علي : هو مباح ما لم يعتمد اليه ويحتدّ به بنفسه.

والمعتمد الأول ، لصحيحة معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال : لا بأس ان تشمّ الإذخر والقيصوم والخزامى والشيخ وأشباهه وأنت محرم (٢).

(ب) ما ينبته الآدميّون لا للطيب ، كالتفاح والأترج والسفرجل والنارنج والليمو ، وهذا كله ليس بمحرّم ولا يتعلق به كفارة إجماعا ، وكذا العصفر والحنّاء لما رواه عمّار عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن المحرم أيأكل الأترج؟ قال : نعم ، قلت : فإن رائحته طيبة ، فقال : ان الأترج طعام ليس هو من الطيب (٣).

وسأل عبد الله بن سنان الصادق عليه السّلام عن الحنّاء؟ فقال : انّ المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وما هو بطيب وما به بأس (٤).

(ج) ما ينبته الآدميون للطيب ، لكن لا يتّخذ منه طيب كالريحان الفارسي والمرزنجوش والنرجس والبرم.

قال الشيخ رحمه الله : فهذا لا يتعلق به كفارة ، ويكره استعماله (٥) وبه قال ابن

__________________

(١) القيصوم نبات طيب الرائحة يتداوى به (المنجد لغة قصم). الخزم نبت من فصيلة الشفويات ذكي الرائحة يستعمل للعطور (المنجد لغة خزم).

(٢) الفروع : ج ٤ باب الطيب للمحرم ص ٣٥٥ الحديث ١٤.

(٣) الفروع : ج ٤ باب الطيب للمحرم ص ٣٥٦ الحديث ١٧.

(٤) الفروع : ج ٤ باب الطيب للمحرم ص ٣٥٦ الحديث ١٨.

(٥) المبسوط : ج ١ ، فصل فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣١٩ س ١١ قال : واما الرياحين الطيّبة فمكروه استعمالها إلخ.

١٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس (١) وهو ظاهر العلامة في التذكرة (٢).

ومنع منه المفيد (٣) وهو مذهب العلامة في المختلف (٤).

احتج بصحيحة حريز عن الصادق عليه السّلام قال : لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب ولا الريحان ، ولا يتلذّذ به فمن ابتلى بشي‌ء من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع ، بقدر شبعه قفيز من الطعام (٥).

(د) ما يقصد شمّه ويتخذ منه الطيب كالياسمين والورد والنيلوفر ، قال العلامة : والظاهر انّ هذا يحرم شمّه ويجب به الفدية (٦) قال المصنف في الشرائع ، ولا بأس بالفواكه كالأترج والتفّاح ، والرياحين كالورد النيلوفر (٧).

(ه) ما يطلب للطيب ، وهو المقصود منه غالبا ، يحرم شمّه ويجب به الفدية ، وان استعمل في الصبغ والتداوي كالزعفران والورس. وما يطلب للأكل والتداوي غالبا لا تحرم كالقرنفل والجوزة ، قال العلامة : والسنبل (٨) وفيه نظر إذا الغالب اتخاذ السنبل

__________________

(١) الظاهر من ابن إدريس خلاف ذلك ، لا حظ السرائر باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٧ س ٢٠ قال : والطيب على اختلاف أجناسه ، وأيضا قال في ص ١٢٨ س ١٢ قال : والأظهر بين الطائفة تحريم الطيب على اختلاف أجناسه لان الاختبار عامّة في تحريم الطيب على المحرم فمن خصّصها بطيب دون طيب يحتاج إلى دليل.

(٢) التذكرة : ج ١ (٣٣٣) قال : الثاني ما ينبته الآدميّون للطيب ولا يتخذ منه طيب كالريحان الفارسي إلخ ثمَّ لم يفت به بنفي وإثبات.

(٣) المقنعة : باب صفة الإحرام ص ٦٢ س ٣٤ قال : وشمّ الطيب وكل طعام فيه طيب.

(٤) تقدم ما في المختلف بقوله (والمعتمد الأوّل).

(٥) الفروع : ج ٤ باب الطيب للمحرم ص ٣٥٣ الحديث ٢ وفيه عن حريز عمّن أخبره وفي آخره (بقدر ما صنع قدر سعته).

(٦) التذكرة : ج ١ كتاب الحج ص ٣٣٣ س ٣٤ قال : الثالث ، ما يقصد شمّه إلخ.

(٧) الشرائع : المقصد الثالث في باقي المحظورات ، المحظور الثاني الطيب الى أن قال : وكذا الفواكه إلخ.

(٨) التذكرة : ج ١ كتاب الحج ص ٣٣٣ س ٢٦ قال : كالقرنفل والسنبل إلخ.

١٧٧

ولبس المخيط للرجال ، وفي النساء قولان (١) ، أصحّهما : الجواز.

______________________________________________________

للطيب ، والأكل نادر ، وكذا سائر الأبازير الطيّبة كالزّنجبيل والدّار صيني ، وكذا ما يطلب للصبغ لا يحرم ، وان طابت ريحه كالعصفر ، لما رووه أنّ أزواج النبي صلّى الله عليه وآله : كنّ يحرمن في المعصفرات (١).

قال طاب ثراه : ولبس المخيط للرجال ، وفي النساء قولان.

أقول : ذهب الشيخ في النهاية (٢) والمبسوط (٣) الى المنع ، وهو ظاهر الحسن (٤) نظرا الى عموم تحريم المخيط على المحرم.

وذهب أكثر الأصحاب وابن إدريس إلى الجواز (٥) وهو اختيار المصنف (٦) والعلامة وادّعى عليه الإجماع في التذكرة (٧).

احتجّوا بانّهنّ عورة وانما يحصل السّتر لهنّ بلبس المخيط.

ولصحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السّلام قال : قلت : المرأة تلبس

__________________

(١) صحيح البخاري : كتاب الحج ، باب ما يلبس المحرم ، قال : ولبست عائشة رضى الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة.

(٢) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢١٧ س ١ قال : حرم عليه لبس الثياب المخيطة إلى أن قال : ويحرم على المرأة في حال الإحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرجل

(٣) المبسوط : ج ١ ، فصل : فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢٠ س ١٥ قال : ويحرم على المرأة في حال الإحرام جميع ما يحرم على الرجل ويحلّ لها ما يحلّ له إلخ.

(٤) المختلف : كتاب الحج ص ٩٧ س ٣ قال : وكلام ابن عقيل يشعر بما قاله الشيخ فإنه قال : والمرأة في الإحرام كالرجل.

(٥) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ، ص ١٢٧ س ٣٧ قال : قال محمد بن إدريس : والأظهر عند أصحابنا أنّ لبس الثياب المخيطة غير محرّم على النساء ، بل عمل الطائفة وفتواهم وإجماعهم على ذلك إلخ.

(٦) لا حظ فتواه في المختصر النافع.

(٧) المختلف : كتاب الحج ص ٩٧ س ١ قال : وجوّزه ابن إدريس وأكثر الأصحاب وهو الحق. وفي التذكرة : ج ١ ص ٣٣٣ قال : مسألة يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا.

١٧٨

ولا بأس بالغلالة للحائض تتقي بها على القولين.

ويلبس الرجل السّروال إذا لم يجد إزارا ، ولا بأس بالطيلسان ، وان كان له أزرار فلا يزرّه عليه.

______________________________________________________

القميص تزرّه عليها وتلبس الخز والحرير والديباج ، قال : نعم لا بأس به (١).

وفي صحيحة عيص عن الصادق عليه السّلام قال : المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب (٢).

قال طاب ثراه : ولا بأس بالغلالة للحائض تتقي بها ، على القولين.

أقول : الغلالة ثوب قصير تلبسه الحائض تحت ثيابها ، صونا لها عن التلوّث بالدم واصابة النجاسة ، ويجوز لها لبسه على القولين ، أي على القول بتحريم المخيط واباحته ، لدعاء الضرورة إليه ، لأنّ توقي النجاسة وبقائه على حكم الطهارة ـ دفعا لتكليف غسله ـ يناسب حكمة الشارع ، الناشئة من قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٣).

وقوله (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤).

وقوله عليه السّلام : بعثت بالحنيفية السمحة (٥).

وقال الصادق عليه السّلام : تلبس المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة (٦).

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (٧) باب صفة الإحرام ص ٧٤ الحديث ٥٤.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٧) باب صفة الإحرام ص ٧٣ الحديث ٥١.

(٣) البقرة : ١٨٥.

(٤) الحجّ : ٧٨.

(٥) عوالي اللئالي : ج ١ ص ٣٨١ الحديث ٣ ولا حظ ما علقناه عليه.

(٦) التهذيب : ج ٥ (٧) باب صفة الإحرام ص ٧٦ الحديث ٥٩.

١٧٩

ولبس ما يستر ظهر القدم كالخفين والنعل السندي ، وان اضطرّ جاز وقيل : يشق عن القدم (١) ، والفسوق ، وهو الكذب ، والجدال ، وهو الحلف وقتل هو أمّ الجسد ، ويجوز نقله ، ولا بأس بإلقاء القراد والحلم.

ويحرم استعمال دهن فيه طيب ، ولا بأس بما ليس بطيب مع الضرورة.

ويحرم ازالة الشعر قليله وكثيره ، ولا بأس به مع الضرورة.

وتغطية الرأس للرجل دون المرأة ، وفي معناه الارتماس ، ولو غطّى ناسيا ألقاه واجبا ، وجدّد التلبية استحبابا.

وتسفر المرأة عن وجهها ، ويجوز أن تسدل خمارها الى أنفها.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وقيل : يشق عن القدم.

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط الى وجوب الشق (١) وبه قال ابن حمزة (٢) وأبو علي (٣) واختاره العلامة في المختلف (٤) وذهب ابن إدريس الى عدم الوجوب (٥) وأطلق في النهاية ولم يذكر الشق (٦) وكذا الحسن (٧).

__________________

(١) المبسوط : ج ١ ، فصل فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢٠ س ٧ قال : وشق ظهر قدمهما.

(٢) الوسيلة : فصل في بيان موجبات الكفارة ص ٦٨٨ س ٦ قال : وشق ظاهر القدمين.

(٣) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٠٠ قال : وقال ابن الجنيد : حتى يقطعهما أسفل الكعبين الى أن قال : والأقرب الأول ، أي قول المبسوط.

(٤) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٠٠ قال : وقال ابن الجنيد : حتى يقطعهما أسفل الكعبين الى أن قال : والأقرب الأول ، أي قول المبسوط.

(٥) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٧ س ٣٤ قال : والذي رواه أصحابنا واجمعوا عليه لبسهما من غير شق.

(٦) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢١٨ س ٨ قال : فان لم يجدهما واضطر الى لبس الخف لم يكن به بأس.

(٧) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٠٠ س ٩ قال : وكذا ابن أبي عقيل ، أي مثل قول ابن إدريس.

١٨٠