المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

كتاب الضمان

وهو عقد شرّع للتعهد بنفس أو مال.

وأقسامه ثلاثة :

(الأوّل) ضمان المال : ويشترط في الضمان التكليف وجواز

______________________________________________________

كتاب الضمان

مقدّمات

(الأولى) الضمان عقد شرعي للتعهد بالمال ، أو النفس.

والتعهد بالمال إمّا أن يكون لمن عليه مثله ، أم لا ، والأوّل الضمان بقول مطلق ، أي من غير تقييد بقولنا : لمن عليه مثله ، والثاني الحوالة ، والتعهد بالنفس هو الكفالة ، فكان أقسام الضمان ثلاثة.

وهو مشروع بالكتاب والسنّة والإجماع.

أمّا الكتاب ، فعموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) وقال تعالى (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) (٢) والزعيم ، الكفيل ، ويقال : ضمين وكفيل ، وحميل بالحاء المهملة.

__________________

(١) المائدة : ١.

(٢) يوسف : ٧٢.

٥٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا السنّة ، فروى أبو أمامة الباهلي أنّ النبي صلّى الله عليه وآله خطب يوم فتح مكة فقال : العارية مودّاة ، والمنحة (١) مردودة ، والدين مقضيّ ، والزعيم غارم (٢) وروى أبو سعيد الخدري قال : كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله في جنازة ، فلمّا وضعت قال عليه السّلام : هل على صاحبكم من دين؟ قالوا : نعم درهمان فقال : صلّوا على صاحبكم ، فقال عليّ عليه السّلام : هما عليّ يا رسول الله وانا لهما ضامن ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله فصلّى عليه ، ثمَّ أقبل على عليّ عليه السّلام فقال : جزاك الله عن الإسلام خيرا ، وفكّ رهانك كما فككت رهان أخيك (٣).

وأمّا الإجماع ، فمن سائر المسلمين لا يختلفون في جوازه وان اختلفوا في مسائله.

الثانية : الضمان عندنا ناقل ينقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن.

وعند العامة ضمّ إلى ذمّة ، فللمضمون له مطالبة من شاء من الضامن والمضمون عنه.

وتظهر الفائدة في مسائل : (أ) لو أبرء الضامن برئا معا عندنا ، ولا يبرئ عندهم ، وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض ، أعني لو أبرء المضمون برئا عندهم ولم يبرأ عندنا ، لخلاص ذمة المضمون من مال المضمون له ، فقد أبرء من ليس له عليه شي‌ء.

(ب) لو مات الضامن قبل الأداء بقي المال على المضمون عنه ولا يتعلق بتركة

__________________

(١) المنحة هي الناقة أو البقرة أو الشاة يدفعها المالك الى غيره لينتفع بها ويتصرف في اللبن والزبد ، والعين لمالكها.

(٢) مسند أحمد بن حنبل : ج ٥ ص ٢٦٧ عن أبي أمامة الباهلي ، وفي ص ٢٩٣ عن سعيد بن أبي سعيد.

(٣) سنن الدار قطني : ج ٣ كتاب البيوع ص ٤٧ الحديث ١٩٤ وص ٧٨ الحديث ٢٩١ و ٢٩٢ ورواه الشيخ في الخلاف : كتاب الضمان ، مسألة ٣.

٥٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الضامن شي‌ء ، لأنّه لا ذمة للميت. ولو مات المضمون عنه تخيّر المضمون له في الرجوع على تركة الأصيل ومطالبة الضمين عندهم ، وعندنا يرجع على تركة الضامن خاصة ان كان له تركة ، وإلّا ضاع.

(ج) لو ضمن بغير سؤاله وأدّى بسؤاله ، رجع عندهم ، لأنّه قضى دينه بإذنه ، ولا يرجع عندنا لانتقال المال بنفس الضمان ، وانما أمره بقضاء الدين عن نفسه.

(د) لو كان مع الضامن من المال ما يكفيه مئونة السنة ، وهو بقدر الدين ، استحق الزكاة عندنا لا عندهم ، فيدخل في قسم الفقراء في استحقاق الزكاة والكفارة والنذر وعدم وجوب الخمس والفطرة عندنا وأضدادها عندهم.

(ه) لو حجر على الضامن لفلس ، لم يشارك المضمون الغرماء عندهم ، ويشارك عندنا.

(و) له المطالبة من شاء منهما على الاجتماع والانفراد عندهم ، وليس له إلّا مطالبة الضامن فقط عندنا.

(ز) يصح له أخذ الرهن من الضامن عندنا دون المضمون عنه ، وبالعكس عندهم.

(ح) لو دفع الضامن الى المضمون ، فأنكر ، فشهد المضمون عنه ، فعندهم لا يقبل ، لأنّ الشهادة له ، وعندنا يقبل إن لم يكن هناك تهمة.

وهي يتصور في مواضع :

(أ) أن يكون الضامن معسرا والمضمون له غير عالم بحاله ، ففي شهادة الأداء منع للمضمون له عن الرجوع على المضمون عنه.

(ب) أن يكون المدفوع عن الدين عرضا قيمته أقلّ من الحق المضمون ، فانّ الرجوع عليه يكون بالقدر المدفوع ، فهذه أيضا تهمة تمنع من قبول شهادته ، لاشتمالها على مصلحته بأدائه أقلّ من الدين الواجب عليه.

٥٢٣

التصرف ، ولا بد من رضا المضمون له ولا عبرة بالمضمون عنه. ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح. (١) وينقل المال من ذمة المضمون عنه الى الضامن وتبرأ ذمة المضمون عنه. ويشترط فيه الملاءة ، أو علم المضمون له بإعساره ، ولو بان إعساره كان المضمون له مخيّرا.

______________________________________________________

(ج) أن يكون الضمان من مال معيّن ويكون الاختلاف بعد تلف المال المضمون منه ، فالشهادة هنا تمنع من رجوع الضامن على الأصيل.

(د) أن يحجر على الضامن للفلس ويكون المضمون عنه أحد غرمائه ، والضمان بغير سؤاله ، فإنّ شهادته بالأداء يمنع المضمون له من محاصة الغرماء وهو أحدهم.

قال طاب ثراه : ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح.

أقول : لو علم المضمون عنه بعد الضمان كون الضامن عنه زيدا مثلا ، فأنكر ، أي لم يرض بضمانه هل يبطل الضمان أم لا؟ قال الشيخان في النهاية والمقنعة : نعم (١) (٢) وبه قال القاضي (٣) وابن حمزة (٤) وقال ابن إدريس : لا (٥) واختاره

__________________

(١) النهاية : باب الكفالات والضمانات والحوالات ص ٣١٤ س ١٥ قال : ومتى تبرّع الضامن الى أن قال : الّا أن ينكر ذلك ويأباه فيبطل ضمان المتبرع ويكون الحق على أصله إلخ.

(٢) المقنعة : باب الضمانات والكفالات والحوالات والوكالات ص ١٣٠ س ١٢ قال : وكذلك إن كان الضامن متبرّعا الى أن قال : إلّا أن ينكر ذلك ويأباه ، فيبطل ضمان المتبرّع ويكون الحق على أصله إلخ.

(٣) المختلف : في الضمان ص ١٥١ س ٢٧ قال : وقال ابن البراج : إذا تبرّع إنسان بضمان حق ثمَّ أنكر المضمون عنه ذلك كان الحق باقيا في جهته ولم ينتقل الى المتبرّع بضمان ذلك عنه.

(٤) الوسيلة : في بيان الضمان ص ٢٨٠ س ١٥ قال : وضمان المتبرّع صحيح إذا لم يأب المضمون عنه.

(٥) السرائر : باب الكفالات والضمانات ص ١٧١ س ١٧ قال : فأمّا رضا المضمون عنه فليس من شرط صحته الى أن قال : والصحيح انه يستقر ويلزم إلخ.

٥٢٤

والضمان المؤجل جائز ، وفي المعجل قولان ، أصحهما الجواز.

ويرجع الضامن على المضمون عنه ان ضمن بسؤاله ، ولا يؤدى أكثر ممّا دفع. ولو وهبه المضمون له أو أبرأه لم يرجع على المضمون عنه بشي‌ء ولو كان بإذنه. وإذا تبرّع بالضامن بالضمان فلا رجوع.

______________________________________________________

المصنف (١) والعلامة (٢) لعموم قوله عليه السّلام : الزعيم غارم (٣) ولصحيحة الرقي عن الصادق عليه السّلام قال : مكتوب في التوراة : كفالة ندامة غرامة (٤) ولأنه كالقضاء فلا اختيار له ، كما لو قضى عنه.

قال طاب ثراه : وفي المعجّل قولان : أصحهما الجواز.

أقول : منع الشيخان في النهاية والمقنعة من ضمان المعجّل (٥) (٦) وبه قال ابن حمزة (٧) وهو أحد قولي القاضي (٨) وأجازه في المبسوط (٩) وهو القول الآخر

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف : في الضمان ص ١٥١ س ١٨ قال : والأقرب اختيار الشيخ في المبسوط ، وهو عدم الاحتياج إلى معرفة المضمون عنه.

(٣) تقدم نقله عن مسند احمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٦٧.

(٤) التهذيب : ج ٦ (٨٤) باب الكفالات والضمانات ، ص ٢١٠ الحديث ٩.

(٥) النهاية : باب الكفالات والضمانات ، ص ٣١٥ س ١١ قال : ولا يصح ضمان مال ولا نفس إلا بأجل.

(٦) المقنعة : باب الضمانات والكفالات ، ص ١٣٠ س ٢٠ قال : ولا يصح ضمان مال ولا نفس أحد إلّا نأجل معلوم.

(٧) الوسيلة : في بيان الضمان ص ٢٨٠ س ٩ قال : وانما يصح بخمسة شروط : بتعيين أحل المال.

(٨) المختلف : في الضمان ، ص ١٥١ س ٣٢ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وهو قول ابن البراج في الكامل ، ثمَّ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط بأنّه يصح حالّا : وهو قول ابن البراج في المهذب. ومن الأسف ان ما في أيدينا من المهذب ليس فيه كتاب الضمان.

(٩) المبسوط : ج ٢ كتاب الضمان ص ٣٢٣ س ٢١ قال : إذا كان الضمان مطلقا فله أن يطالب به أي وقت شاء ، وإن كان مؤجلا إلخ.

٥٢٥

ولو صمن ما عليه صحّ وإن لم يعلم كمّيته على الأظهر. (١) ويثبت عليه ما تقوم به البينة ، لا ما يثبت في دفتر وحساب ، ولا ما يقرّ به المضمون عنه.

______________________________________________________

للقاضي (١) واختاره ابن إدريس (٢) والمصنف (٣) والعلامة ـ (٤) لعموم قوله عليه السّلام : الزعيم غارم (٥).

احتج الشيخ بأنه إرفاق ، فيشترط فيه الأجل ، إذا لا إرفاق مع الحلول ، لتسويغ المطالبة في الحال للضامن ، فيتسلّط على مطالبة المضمون عنه في الحال ، فينتفي فائدة الضمان (٦).

وأجيب بتفاوت الغرماء في التقاضي ، ومنع انحصار الفائدة في التأخير.

قال طاب ثراه : ولو ضمن ما عليه صحّ وان لم يعلم كمّيته على الأظهر.

أقول : الصحة مذهب الشيخين في النهاية (٧) والمقنعة (٨) وسلار (٩) وأبي

__________________

(١) المختلف : في الضمان ، ص ١٥١ س ٣٢ قال بعد نقل قول الشيخ : في النهاية وهو قول ابن البراج في الكامل : ثمَّ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط بأنه يصح حالا : وهو قول ابن البراج في المهذب. ليس فيه كتاب الضمان.

(٢) السرائر : باب الكفالات والضمانات ص ١٧١ س ٢٣ قال : وإذا ضمن الضامن من المال مطلقا فله أن يطالب به أي وقت شاء الى ان قال : فأما إذا اتفقا على التعجيل فيصح الضمان من دون أجل.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في الضمان ، ص ١٥١ س ٣٣ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقوى.

(٥) تقدم آنفا.

(٦) الاحتجاج والجواب عنه منقولان في المختلف : لا حظ ص ١٥١ في الضمان س ٣٤.

(٧) النهاية : باب الكفالات والضمانات ص ٣١٥ س ١٧ قال : وان لم يكن عيّن المال الى أن قال : وجب عليه ما قامت به البينة إلخ.

(٨) المقنعة : باب الضمانات والكفالات ، ص ١٣٠ س ٢٣ قال : وضمان المجهول لازم كضمان المعلوم حتى يخرج منه إلخ.

(٩) المراسم : ذكر الحكام الضمانات والكفالات ص ٢٠٠ س ٨ قال : وضمان المجهول ينعقد كضمان المعلوم ، وهو أن يقول : إلخ.

٥٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

علي (١) وابن زهرة (٢) والتقي (٣) والقاضي في الكامل (٤).

والبطلان مذهب الشيخ في الكتابين (٥) والقاضي في المهذب (٦) وبه قال ابن إدريس (٧) واختاره المصنف (٨) والعلامة (٩).

الأول للأصل ، ولعموم قوله تعالى (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) (١٠) وأشار به إلى حمل البعير ، والأصل عدم تعينه ، ولعموم : الزعيم غارم (١١) احتج الشيخ : بنهيه عليه السّلام عن الضرر (١٢) وضمان المجهول غرر ، لأنّه لا يدري ما عليه من المال ، ولعدم الدليل على صحته (١٣)

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) المختلف : في الضمان ، ص ١٥١ س ٣٥ قال : للشيخ قولان في ضمان المجهول أحدهما الصحة الى أن قال : وهو قول ابن الجنيد وابن البراج في الكامل. ثمَّ قال : وقال الشيخ في المبسوط والخلاف : لا يصح ، وبه قال ابن البراج في المهذب. ثمَّ قال : والمعتمد الأوّل.

(٥) الجوامع الفقهية : الغنية ، فصل في الضمان ، ص ٥٩٥ س ٢٣ قال : وليس من شرط صحته أن يكون المضمون معلوما إلخ.

(٦) الكافي : فصل في الكفالة والحوالة ، ص ٣٤٠ س ٢ قال : وضمان المجهول جائز كالمتعين ، كقول الضامن إلخ.

(٧) الخلاف : كتاب الضمان ، مسألة ١٣ قال : لا يصح ضمان المجهول إلخ. والمبسوط : ج ٢ كتاب الضمان ص ٣٢٦ س ٦ قال : واما الأعيان المضمونة مثل المغصوب الى أن قال : ولأنّها مجهولة ، وقال أيضا في ص ٣٢٨ س ١٢ إذا ضمن البائع للمشتري الى أن قال : لأنه ضمان مجهول ولانّه ضمان ما لم يجب وكلاهما يبطلان.

(٨) السرائر : باب الكفالات والضمانات والحوالات ، ص ١٧٢ س ٤ قال : وفي الموضع الذي يصح ضمانها فلا يصح الّا أن يكون معلومة لأنّ ضمان المجهول على الصحيح من المذهب لا يصح.

(٩) لاحظ عبارة المختصر النافع. ولا يخفى ان الظاهر من المحقق في النافع والعلامة في المختلف هو الصحة ، فعدادهما في القائلين بالبطلان غير واضح ، فتأمّل.

(١٠) يوسف : ٧٢.

(١١) تقدم مرارا.

(١٢) عوالي اللئالى : ج ٢ ص ٢٤٨ الحديث ١٧ ولا حظ ما علق عليه.

(١٣) الاحتجاج والجواب منقولان في المختلف : لا حظ ص ١٥٢ في الضمان س ٣.

٥٢٧

(القسم الثاني) الحوالة : وهي مشروعة لتحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله ، ويشترط رضاء الثلاثة وربما اقتصر بعض على رضاء المحيل والمحتال. (١) ولا يجب قبول الحوالة ولو كان على ملي‌ء ، نعم لو قبل لزمت ، ولا يرجع المحتال على المحيل ولو افتقر المحال عليه. ويشترط ملائته وقت الحوالة أو علم المحتال بإعساره.

______________________________________________________

وأجاب الأوّلون بأنّ الغرر المنهي عنه انما هو في المعاوضات التي تفضي إلى التنازع ، وأمّا مثل الإقرار والضمان فلا ، لأنّ الحكم فيهما معين ، وهو الرجوع إلى قول المقرّ في الإقرار ، والبينة في الضمان فلا غرر.

إذا عرفت هذا فنقول : يلزم الضامن هنا ما يقوم به البينة خاصة ، قال التقي وابن زهرة أو يقرّ به الغريم (١) (٢) وقال المفيد : أو يحلف عليه المضمون له (٣) ، وقيد الشيخ ، رضا الضامن بتحليفه (٤) وتبعه القاضي (٥).

قال طاب ثراه : ويشترط أي في الحوالة رضا الثلاثة ، وربما اقتصر بعض على رضاء المحيل والمحتال.

أقول : المشهور بين الأصحاب اعتبار رضا الثلاثة ، قال ابن حمزة حين عدّ

__________________

(١) الكافي : فصل في الكفالة والحوالة ، ص ٣٤٠ س ٢ قال : وضمان المجهول جائز الى أن قال : أو أقرّ به الغريم خاصة.

(٢) الجوامع الفقهية : الغنية ، في الضمان ، ص ٥٩٥ س ٢٣ قال : وليس من شرط صحته أن يكون المضمون معلوما الى أن قال : أو الإقرار.

(٣) المقنعة : باب الضمانات والكفالات ص ١٣٠ س ٢٣ قال : وضمان المجهول لازم الى ان قال : أو يحلف عليه.

(٤) النهاية : باب الكفالات والضمانات ص ٣١٦ س ٢ قال : فان حلف على ما يدّعيه واختار هو ذلك وجب عليه إلخ.

(٥) المختلف : في الضمان ص ١٥٢ س ١٥ قال : وقيد الشيخ ذلك برضاه وكذا ابن البراج.

٥٢٨

ولو بان فقره رجع ، ويبرأ المحيل وان لم يبرئه المحتال. وفي رواية : ان لم يبرئه فله الرجوع.

______________________________________________________

شرائط الحوالة : ورضا المحال عليه على الصحيح (١) واقتصر ابن إدريس على رضا المحيل والمحتال (٢) وهو ظاهر المفيد (٣).

قال طاب ثراه : ويبرأ المحيل وان لم يبرئه المحتال. وفي رواية : إن لم يبرئه فله الرجوع.

أقول : الرواية إشارة إلى حسنة زرارة عن أحدهما عليهما السّلام في الرجل يحيل الرجل بمال كان له على رجل آخر ، فيقول له الذي احتال : برئت من مالي عليك ، قال : إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه ، وان لم يبرئه فله أن يرجع على الذي أحاله (٤) وبمضمونها افتى الشيخ في النهاية (٥) وبه قال القاضي (٦) والتقي (٧) وابن

__________________

(١) الوسيلة : ص ٢٨٢ س ٥ قال : ورضى المحال عليه على الصحيح.

(٢) لا يخفى أن المستفاد من كتاب السرائر خلاف ما أثبته المصنف. لا حظ السرائر : باب الكفالات ، ص ١٧٣ س ٢١ قال : فاذا ثبت هذا فالحوالة متعلقة بثلاثة أشخاص. محيل ومحتال ومحال عليه ، والثلاثة يعتبر رضاهم.

(٣) المقنعة : باب الضمانات والكفالات ، ص ١٣٠ س ١٥ قال : وإذا كان الإنسان على غيره مال فأحاله به على رجل ملى به فقبل الحوالة وأبرأه منه لم يكن له رجوع عليه إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٦ (٨٥) باب الحوالات ، ص ٢١١ الحديث ١.

(٥) النهاية : باب الكفالات والضمانات والحوالات ، ص ٣١٦ س ٩ قال : ومن كان له على غيره مال إلخ.

(٦) المختلف : في الحوالة ص ١٥٤ س ٣٤ قال بعد نقل قول المفيد : وبه قال ابن البراج ، وقال قبل ذلك بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبه قال ابن الجنيد ، فإنه قال : ليس له الرجوع على المحيل الّا أن يكون المحتال لم يبرئ المحيل من المال إلخ.

(٧) الكافي : فصل في الحوالة والكفالة ص ٣٣٩ س ٤ قال : فإذا رضي الغريم وقبل الكفيل أو المحال عليه انتقل الحق إلى ذمته إلخ.

٥٢٩

(القسم الثالث) الكفالة : وهي التعهّد بالنفس.

ويعتبر رضاء الكافل ، والمكفول له ، دون المكفول عنه.

وفي اشتراط الأجل قولان : (١) وان اشترط أجلا فلا بدّ من كونه

______________________________________________________

حمزة (١) وأبو علي (٢) وهو ظاهر المفيد (٣) ولم يتعرّض في الخلاف والمبسوط لذلك باشتراط أو عدمه. وقال ابن إدريس : لا يشترط (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦) لأنّ الإبراء إسقاط لما في الذمّة ، فلا يخلو إمّا ان يتحقق هذا الإبراء قبل الحوالة أو بعدها ، ويلزم من الأوّل بطلان الحوالة لخلو ذمّة المحيل من حق ينتقل عنها ، ومن الثاني بطلان الإبراء وعدم الفائدة فيه ، لأنّ ذمّة المحيل بعد تحقق الحوالة وتحويل المال منها إلى ذمّة المحال عليه ، يكون خالية من الحق ، ولا يتحقق الاسقاط.

ولعموم رواية عقبة بن جعفر عن أبي الحسن عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يحيل الرجل بمال على الصيرفي ثمَّ يتغير حال الصيرفي ، أيرجع على صاحبه إذا احتال ورضي؟ قال : لا (٧).

قال طاب ثراه : وفي اشتراط الأجل قولان :

__________________

(١) الوسيلة : فصل في بيان الحوالة ص ٢٨٢ س ٨ قال : وإذا قبل الحوالة وأبرأ ذمة المحيل لم يكن له الرجوع إلخ.

(٢) المختلف : في الحوالة ص ١٥٤ س ٣٤ قال بعد نقل قول المفيد : وبه قال ابن البراج ، وقال قيل ذلك بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وبه قال بن الجنيد فإنه قال : ليس له الرجوع على المحيل الّا أن يكون المحتال لم يبرئ المحيل من المال إلخ.

(٣) المقنعة : باب الضمانات والكفالات ، ص ١٣٠ س ١٥ قال : وإذا كان لإنسان على غيره مال فأحاله به على رجل ملي به فقبل الحوالة وأبرأه منه لم يكن له رجوع عليه إلخ.

(٤) السرائر : باب الكفالات والضمانات ص ١٧٣ س ٢٥ قال : وإذا ثبت ذلك فان المحتال إذا أبرأ المحيل بعد الحوالة من الحق لم يسقط إلخ.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) المختلف : في الحوالة ص ١٥٤ س ٣٧ قال : وقال ابن إدريس : لا يشترط ، وهو الأقرب.

(٧) التهذيب : ج ٦ (٨٥) باب الحوالات ص ٢١٢ الحديث ٦.

٥٣٠

معلوما ، وإذا دفع الكافل الغريم فقد برئ. وان امتنع كان للمكفول له حبسه حتى يحضر الغريم ، أو ما عليه ، ولو قال : إن لم أحضره إلى كذا كان عليّ كذا ، كان كفيلا أبدا ولم يلزمه المال. ولو قال : عليّ كذا إلى كذا إن لم أحضره كان ضامنا للمال إن لم يحضره في الأجل.

______________________________________________________

أقول : الرشد كيفية نفسانية يمنع من صرف المال في غير الوجوه اللائقة بأفعال الحالة (١) وبه قال المفيد (٢) وابن حمزة (٣) وهو ظاهر سلار (٤). وأجاز في المبسوط الحالة (٥) وبه قال ابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلامة (٨) لأصالة الجواز وعدم الاشتراط ، ولابن البراج مثل القولين (٩).

قال طاب ثراه : ولو قال : إن لم أحضره إلى كذا كان عليّ كذا ، كان كفيلا أبدا ولم يلزمه المال ، ولو قال : عليّ كذا إلى كذا إن لم أحضره كان ضامنا للمال إن لم يحضره في الأجل.

__________________

(١) النهاية : باب الكفالات والضمانات والحوالات ، ص ٣١٥ س ١١ قال : ولا يصح ضمان مال ولا نفس إلّا بأجل.

(٢) المقنعة : باب الضمانات والكفالات والحوالات ص ١٣٠ س ٢٠ قال : ولا يصح ضمان مال ولا نفس إلّا بأجل معلوم.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان الكفالة ص ٢٨١ س ١٠ قال : ولا يصح الّا بشروط خمسة الى أن قال : وتعيين مدة الكفالة.

(٤) المراسم : ذكر أحكام الضمانات والكفالات ، ص ٢٠٠ س ١٣ قال : فأما التي بالعقد فان يتكفل رجل بوجهه إلى أحل معلوم.

(٥) المبسوط : ج ٢ كتاب الضمان ص ٣٣٧ س ١٢ قال : فان كان قد كفّل حالا صحت الكفالة ، وان كفّل مؤجّلا صحّت.

(٦) السرائر : باب الكفالات ص ١٧٣ س ١٠ قال : فان كان قد كفّل حالّا صحت الكفالة وان كفل مؤجّلا صحت.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف : في الكفالة ، ص ١٥٦ س ١٠ قال : ولابن البراج قولان ، وسوغ في المبسوط الحالة ، وهو المعتمد.

(٩) المختلف : في الكفالة ، ص ١٥٦ س ١٠ قال : ولابن البراج قولان ، وسوغ في المبسوط الحالة ، وهو المعتمد.

٥٣١

ومن خلّى غريما من يد غريمه قهرا لزمه إعادته ، أو أداء ما عليه. ولو كان قاتلا أعاده أو يدفع الدّية. وتبطل الكفالة بموت المكفول.

______________________________________________________

أقول : هذه المسألة إجماعية ، والفرق بين الصورتين تقديم ذكر المال في الثانية وتأخيره في الاولى ، ومستند الحكم رواية أبي العباس عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل يكفل بنفس رجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما ، قال : إن جاء به الى الأجل فليس عليه مال وهو كفيل بنفسه أبدا إلّا أن يبدأ بالدراهم ، فان بدأ بالدراهم فهو لها ضامن إن لم يأت به إلى الأجل الّذي أجّله (١).

قال ابن إدريس : ولي في هذه المسألة نظر (٢) ووجه نظره رحمة الله عليه : من حيث أنّ لفظة (أن) مرتبته أن يكون متأخّرا عن الشرط ويجوز تقديمه ولا يتغيّر به حكم عند أهل العربية ، ومن جهة الفقهاء فالكلام المتصل عندهم كالجملة الواحدة لا يتميز أوّله إلّا بآخره.

وضعف هذا النظر ظاهر ، لكونه اجتهادا في مقابل النص.

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ (٨٤) باب الكفالات والضمانات ، ص ٢٠٩ الحديث ٥.

(٢) السرائر : باب الكفالات ، ص ١٧٢ س ٣١ قال : ومن ضمن غيره إلى أجل وقال : إن لم أحضره عند حلول الأجل كان عليّ كذا ، إلى أن قال في مقام الفرق بين المسألتين : لأنّه في هذه بدأ بضمان المال أوّلا فقال : عليّ كذا وفي الأولة بدأ بضمان النفس قبل المال فافترق الأمران ، ثمَّ استشهد على ما ادّعاه بروايتين على أبي العباس ، وليس في كلام ابن إدريس جملة «ولي في هذه المسألة نظر» حتى يتفحص عن وجه نظره ثمَّ الجواب عنه ، هذا ، ولكن الجملة المتقدمة موجودة في المختلف : لا حظ الفصل الثامن في الكفالة ص ١٥٧ س ٩ ويحتمل أن تكون الجملة المذكورة من كلام العلامة قدّس الله نفسه الزكيّة كما يتراءى من سائر كتبه ، أو يكون عنده من نسخة السرائر ما كانت فيه هذه الجملة والله أعلم.

٥٣٢

كتاب الصلح

٥٣٣
٥٣٤

كتاب الصلح

وهو مشروع لقطع المنازعة.

ويجوز مع الإقرار والإنكار إلّا ما حرّم حلالا ، أو حلّل حراما. ويصحّ مع علم المصطلحين بما وقعت المنازعة فيه ، ومع جهالتهما ، دينا تنازعا أو عينا. وهو لازم من طرفيه ، ويبطل بالتقايل. ولو اصطلح الشريكان على أنّ الخسران على أحدهما والربح له وللآخر رأس ماله صحّ. ولو كان بيد اثنين درهمان ، فقال أحدهما : هما لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك فلمدّعي الكلّ درهم ونصف ، وللآخر ما بقي. وكذا لو أودعه إنسان درهمين وآخر درهما ، فامتزجت لا عن تفريط ، وتلف

______________________________________________________

كتاب الصلح

مقدمات

(الاولى) الصلح عقد شرّع لقطع المنازعة.

والأصل فيه الكتاب والسنّة والإجماع.

أمّا الكتاب ، فقوله تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ

٥٣٥

واحد ، فلصاحب الاثنين درهم ونصف ، وللآخر ما بقي. ولو كان لواحد ثوب بعشرين درهما ، وللآخر ثوب بثلاثين ، فاشتبها ، فإن خيّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه ، وإلا بيعا وقسّم الثمن بينهما أخماسا ، وإذا ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصلح.

______________________________________________________

خَيْرٌ) (١) وقوله (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) (٢) (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (٣).

وأمّا السنة ، فروي انّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لبلال بن الحرث : اعلم أنّ الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا (٤).

وأمّا الإجماع ، فمن سائر الأمة لا يختلفون فيه.

(الثانية) الصلح هل هو عقد مستقل برأسه ، أو فرع على غيره؟ فيه مذهبان :

(أ) انه فرع على غيره وليس أصلا في نفسه ، قاله الشيخ في المبسوط (٥) وتبعه القاضي (٦) وفرعيته على خمسة عقود : البيع ، والإجارة ، والعارية ، والهبة.

ووجه الحصر أن نقول : الصلح إمّا أن يتضمّن إسقاطا أو تمليكا. والأوّل فرع الإبراء والثاني أمّا تمليك عين أو منفعة ، والأوّل إمّا بعوض وهو فرع البيع ، أو لا بعوض وهو فرع الهبة ، والثاني إمّا بعوض وهو فرع الإجارة ، أو لا بعوض وهو فرع العارية.

__________________

(١) النساء : ١٢٨.

(٢) النساء : ٣٥.

(٣) الحجرات : ٩.

(٤) سنن ابن ماجه : ج ٢ ، كتاب الأحكام (٢٣) باب الصلح ، الحديث ٢٣٥٣ والحديث عن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده. ورواه في المستدرك : ج ٢ كتاب الصلح ، الباب ٣ الحديث ٢ نقل عن عوالي اللئالى كما في المتن.

(٥) المبسوط : ج ٢ كتاب الصلح ص ٢٨٨ س ٨ قال : فاذا ثبت هذا فالصلح ليس بأصل في نفسه وانّما هو فرع لغيره.

(٦) ليس فيما بأيدينا من المهذب ، كتاب الصلح.

٥٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) إنّه أصل في نفسه وليس فرعا على غيره قاله ابن إدريس (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣).

احتج الأوّلون بأنّه يفيد فائدة البيع ، وحدّه صادق عليه ، إذ البيع انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدّر على جهة التراضي ، وهذا المعنى موجود في الصلح.

وأجيب بالمنع من كون اشتراكهما في الفائدة موجبا لكون أحدهما فرعا على الآخر ، وإلّا لزم أن يكون القسمة بيعا. وكذا الهبة المشروط فيها عوضا معيّنا ، والكلّ ممنوع.

احتج الآخرون بأنه عقد منفرد وله صيغة مخصوصة ، وعقد له كتاب ، فيكون أصلا برأسه ، ولأنّ طلب البيع المدّعى عليه إقرار وطلب الصلح ليس بإقراره ، فلا يكون الصلح بيعا.

(الثالثة) الصلح هل يثبت فيه الربا ، أم لا ، قيل فيه قولان :

أحدهما : لا ، لاختصاصه بالبيع ، وأصالة الصحة ، وعموم قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) (٤).

والآخر : الثبوت ، واختاره المصنف (٥).

__________________

(١) السرائر : كتاب الصلح ص ١٧٠ س ٧ قال : وهو أصل قائم بنفسه في الشرع لا فرع على غيره.

(٢) الشرائع : كتاب الصلح ، قال : وهو عقد شرع لقطع التجاذب وليس فرعا على غيره.

(٣) المختلف : في الصلح ، ص ١٧ س ٢٣ قال : مسألة الصلح عقد قائم بنفسه على الأشهر.

(٤) النساء : ٢٩.

(٥) قال في الشرائع (كتاب الصلح) ولو أتلف على رجل ثوبا قيمته درهم فصالحه عنه على درهمين صحّ على الأشبه ، لأنّ الصلح وقع عن الثوب لا عن الدرهم إلخ فيظهر منه عدم الجواز لو وقع عن الدرهم ، للربا.

٥٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والتحقيق أن نقول : الصلح إن كان بيعا ثبت فيه الربا قطعا ، وان لم نجعله بيعا ، فهل الربا مختص بالبيع أو هو ثابت في كلّ معاملة؟ الحقّ الثاني ، وهو مذهب المصنف ، وقد صرّح به في الشرائع (١).

فروع

(أ) لا يثبت خيار الغبن في الصلح ، ولا المجلس على الأصالة ، ويثبتان على الفرعية.

(ب) يثبت فيه خيار الشرط إجماعا.

(ج) لو تصالحا على تقدير اشتراط التقابض في المجلس على الفرعية ، لا الأصالة.

(د) لو ادّعى بيتا في يد رجل ، فأقرّ له به وصالحه على أن يبنى عليه غرفة يسكنها ، صحّ إجماعا ، وعلى الفرعية يجوز له الرجوع ما لم يضع الخشب ، لأنه فرع العارية ، كأنّه قال : هذا البيت لك وتعيرني أعلاه لابني عليه مسكنا ، وعلى الأصالة لا يجوز الرجوع لاشتراطه في عقد لازم.

(ه) لو خرجت أغصان شجرة جاره الى ملكه ، جاز له عطفها ، وان تعذر الّا بالقطع جاز ، ولو صالحه على إبقائها في هوائه بعوض ، فعلى الفرعية لا يجوز ، لأنه إقرار للهواء بالبيع ، ويجوز على الأصالة لأنه عقد شرع لقطع التجاذب.

(و) لا يشترط العلم في صحة الصلح ، فيجوز وقوعه مع جعلهما بما وقعت فيه المنازعة ، ومع علمهما ، كما لو اشتمل على إسقاط دعوى في مقابلة دعوى ، وهما

__________________

(١) الشرائع : كتاب الغصب ، النظر الثاني في الحكم ، قال : والمذهب والفضة يضمنان بمثلهما الى أن قال : ولا تظننّ ان الربا يختص بالبيع ، بل هو ثابت في كل معاوضة على ربويّين متّفقي الجنس.

٥٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

جاهلان بتفصيلهما. وإن اشتمل على عوضين غائبين جاز أيضا مع تعذّر إحضارهما واستعلامهما ، وان كانا حاضرين فإن أمكن استعمالهما لم يجز على الأصح ، وان تعذر جاز ، ولو كان أحد المتصالحين عالما دون الآخر ، فان بذل مساوي أو أزيد جاز ، ويجوز أن يأخذ بقدر حقه فما دون إن كان هو العالم دون العكس.

تنبيه

وإذا قلنا بفرعية الصلح كان فرعا على الخمسة المتقدّمة دون غيرها ، ووجه التخصيص تقدّم في بيان الحصر ، وحينئذ نقول : ان وقع على عين ابتداء استدعى عوضا ولا يجوز مع خلوّه عنه ومعه يكون بيعا. وكذا إن كان بعد تنازع على جميع العين ، وإن كان على بعضها فهو هبة لباقي العين ، وإن وقع على دين بإسقاط بعضه ابتداء أو بعد تنازع فهو إبراء ، وان وقع على منفعة ابتداء أو بعد تنازع بعوض فهو اجارة ، ولو أقرّ له بالمنفعة ثمَّ صالحه المقرّ له على الانتفاع فهو عارية ، وحينئذ يثبت أحكام هذه العقود ، وعلى الأصالة لا يجوز أن يقع ابتداء بلا عوض ، ويتأدّى باقي المسائل على سياقها المذكورة ، ويلزم إذا تمَّ ولا ينفسخ إلّا بالتقايل.

٥٣٩
٥٤٠