المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

ويحرم تظليل المحرم سائرا ، ولا بأس به للمرأة ، وللرجل نازلا ، فان اضطرّ جاز ولو زامل عليلا أو امرأة اختصّا بالظلال دونه.

ويحرم قصّ الأظفار وقطع الشجر والحشيش الّا أن ينبت في ملكه ، ويجوز قلع الإذخر وشجر الفواكه والنخل.

وفي الاكتحال بالسواد ، والنظر في المرآة ، ولبس الخاتم للزنية ، ولبس المرأة ما لم تعتده من الحليّ ، والحجامة إلّا للضرورة ، وذلك الجسد ، ولبس السلاح لا مع الضرورة ، قولان ، أشبههما : الكراهية.

______________________________________________________

احتج الشيخ بصحيحة محمّد بن مسلم (١) وبالاحتياط. واحتج ابن إدريس بالأصل وبرواية رفاعة (٢) ويمكن حملها على الأول.

قال طاب ثراه : وفي الاكتحال بالسواد ، والنظر في المرآة ، ولبس الخاتم للزينة ، ولبس المرأة ما لم تعتده من الحليّ ، والحجامة إلّا للضرورة ، وذلك الجسد ، ولبس السلاح الّا مع الضرورة قولان ، أشبههما الكراهية.

أقول : البحث هنا في مسائل :

الأولى : الاكتحال بالسواد ، وفيه قولان :

التحريم قاله في النهاية (٣) والمبسوط (٤) وبه قال المفيد (٥) وتلميذه (٦) وابن

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ (١١٧) باب ما يجوز الإحرام فيه وما لا يجوز ص ٢١٨ الحديث ٢٣.

(٢) الكافي : ج ٤ باب المحرم يضطر الى ما لا يجوز له لبسه ص ٣٤٧ الحديث ٢.

(٣) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢٢٠ س ٢ قال : ولا يجوز للرجل ولا للمرأة أن يكتحلا بالسواد.

(٤) المبسوط : ج ١ ، باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢١ س ٥ قال : ولا يجوز للرجل ولا للمرأة إذا كانا محرمين أن يكتحلا إلخ.

(٥) المقنعة : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٦٨ س ٢ قال : ولا يكتحل المحرم بالسواد.

(٦) المراسم : ذكر الكف ص ١٠٦ س ٨ قال : والكحل الأسود.

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس (١) والعلامة في المختلف (٢) والإرشاد (٣).

والكراهية قاله في الخلاف (٤) والاقتصاد (٥).

تمسّك الأوّلون بصحيحة معاوية بن عمار (٦) وزرارة (٧) عن الصادق عليه السّلام.

وتمسّك الآخرون بالأصل ، وهو اجتهاد في مقابلة النص ، فيكون مردودا.

الثانية : النظر في المرآة ، وفيه قولان :

التحريم ذكره في النهاية (٨) والمبسوط (٩) وبه قال التقي (١٠) والعلامة (١١) وابن إدريس (١٢)

__________________

(١) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٨ س ١٨ قال : ولا يجوز للرجل ولا للمرأة أن يكتحلا بالإثمد.

(٢) المختلف : كتاب الحج ص ٩٩ س ١٦ قال : والأقرب المنع.

(٣) الإرشاد : (مخطوط) قال : المطلب الثالث في تروكه ، الى أن قال : والاكتحال بالسواد.

(٤) الخلاف : كتاب الحج ، مسألة ١٠٦ قال : الاكتحال بالإثمد مكروه للرجال والنساء.

(٥) الاقتصاد : فصل في الإحرام وكيفيته وشروطه ص ٣٠٢ س ٨ قال : ويكره استعمال الحليّ والكحل.

(٦) التهذيب : ج ٥ (٢٤) باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه ص ٣٠١ الحديث ٢١.

(٧) التهذيب : ج ٥ (٢٤) باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه ص ٣٠١ الحديث ٢٢.

(٨) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ص ٢٢٠ س ٦ قال : ولا يجوز للمحرم النظر في المرآة.

(٩) المبسوط : ج ١ باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢١ س ٧ قال : ولا يجوز للمحرم والمحرمة النظر إلى المرآة.

(١٠) الكافي : الحجّ ، الفصل الخامس ص ٢٠٣ س ٧ قال : والنظر في المرآة.

(١١) المختلف : كتاب الحجّ ص ٩٩ س ٣٠ قال : الأقرب الأوّل ، أي قول النهاية والمبسوط.

(١٢) السرائر : باب ما يجب على للمحرم اجتنابه ص ١٢٨ س ١٩ قال : ولا يجوز للمحرم النظر في المرآة.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والكراهية ذكره في الخلاف (١) وبه قال القاضي (٢) وابن حمزة (٣) والمصنف (٤).

احتج الأوّلون بصحيحة حماد عن الصادق عليه السّلام قال : لا تنظر المرأة في المرآة للزبنة (٥).

وتمسّك الآخرون بالأصل ، وهو معارض بالاحتياط ، ومردود بما قلناه.

الثالثة : لبس الخاتم للزينة ، قال بتحريمه في المبسوط (٦) وعليه ابن إدريس (٧) وبكراهته قال : في الجمل (٨) وهو اختيار المصنف (٩).

الرابعة : لبس المرأة ما لم تعتده من الحليّ ، حرّمه في المبسوط (١٠) وكرّهه في غيره (١١)

__________________

(١) الخلاف : كتاب الحجّ مسألة ١٢٠ قال : يكره للمحرم النظر في المرآة رجلا كان أو امرأة.

(٢) المهذب : ج ١ ، باب ما ينبغي للمحرم اجتنابه ص ٢٢١ س ١٧ قال : والنظر في المرآة.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان ما يكره فعله للمحرم ص ٦٨٨ س ٨ قال : والنظر في المرآة.

(٤) لا حظ المختصر النافع.

(٥) التهذيب : ج ٥ (٢٤) باب ما يجب على المحرم اجتنابه في إحرامه ص ٣٠٢ الحديث ٢٧ ولفظ الحديث (لا تنظر في المرآة وأنت محرم فإنّها من الزينة).

(٦) المبسوط : ج ١ فصل فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢٠ س ٦ قال : ولا يلبس الخاتم للزينة إلخ.

(٧) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٧ س ٣٢ قال : ولا يجوز للرجل أن يلبس الخاتم مزيّن به.

(٨) لا يخفى أن في الجمل أيضا قال بالحرمة ، لاحظ ص ٧٣ س ٦ قال : ولا يتختم للزينة إلخ.

(٩) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(١٠) المبسوط : ج ١ ، فصل فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢٠ س ٢١ قال : ولا شي‌ء من الحليّ التي لم تجر عادتها به.

(١١) الجمل : ص ٧٣ س ١٢ قال : وأمّا التروك المكروهة الى أن قال : ولبس الحليّ الذي لم تجر عادة المرأة بها.

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الخامسة : الحجامة إلّا لضرورة ، وبتحرمها قال المفيد (١) وتلميذه (٢) والسيد (٣) وابن إدريس (٤) والقاضي (٥) والتقي (٦) والعلامة في المختلف (٧) للاحتياط ، ولرواية الصيقل (٨) ويونس بن يعقوب (٩).

وبالكراهية قال في الخلاف (١٠) وابن حمزة (١١) والمصنف (١٢) للأصل ، ولصحيحة حريز عن الصادق عليه السّلام : لا بأس للمحرم أن يحتجم ما لم يحلق أو يقطع الشعر (١٣) وحملت على الضرورة.

السادسة : ذلك الجسد على وجه الإدماء قال المصنف بكراهته (١٤) وهو قول الشيخ في الجمل (١٥) وللشيخ قول آخر بالتحريم (١٦) واختاره العلامة (١٧) لصحيحة

__________________

(١) المقنعة : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٦٨ س ٤ قال : ولا يحتجم ولا يفتصد.

(٢) المراسم : ذكر : الكف ص ١٠٦ س ١٠ قال : وإخراج الدم.

(٣) جمل العلم والعمل : فصل فيما يجتنبه المحرم ص ١٠٧ س ٢ قال : ولا يحتجم ولا يفتصد.

(٤) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٨ س ٢١ قال : ولا يجوز للمحرم أن يحتجم.

(٥) المهذب : ج ١ باب ما ينبغي للمحرم اجتنابه ص ٢٢١ س ٩ قال : وإدماء جسده.

(٦) الكافي : الحج ص ٢٠٣ س ٦ قال : والفصاد والحجامة.

(٧) المختلف : كتاب الحجّ ص ٩٩ س ٣٢ قال بعد نقل قولي التحريم والكراهة : والأقرب الأوّل.

(٨) التهذيب : ج ٥ (٢٤) باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٠٦ الحديث ٤٢ و ٤٣.

(٩) التهذيب : ج ٥ (٢٤) باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٠٦ الحديث ٤٢ و ٤٣.

(١٠) الخلاف : كتاب الحج مسألة ١١٠ قال : يكره للمحرم أن يحتجم.

(١١) الوسيلة : في بيان موجبات الكفارة ص ٦٨٨ س ١ قال : ويجوز للمحرم ثلاثون شيئا الى أن قال : والاحتجام.

(١٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(١٣) التهذيب : ج ٥ (٢٤) باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٠٦ الحديث ٤٤.

(١٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(١٥) الجمل : ص ٧٣ قال : واما التروك المكروهة فعلها الى أن قال : وحكّ الجسد على وجه يدميه.

(١٦) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢٢١ س ١٠ قال : ولا يحكّ المحرم جلده حكّا يدميه.

(١٧) التذكرة : ج ١ ص ٣٤٠ س ٢ قال : مسألة لا يدلك المحرم جسده بعنف ، لئلا يدميه.

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الحلبي (١) وللاحتياط ، ولا خلاف في الكراهية إذا لم يدم.

السابعة : لبس السلاح ، وحرّمه في المبسوط (٢) والنهاية (٣) وكذا التقي (٤) والقاضي (٥) وابن حمزة (٦) وابن إدريس (٧) واختاره العلامة في المختلف (٨) وكرّهه في غيره (٩) واختاره المصنف (١٠) للأصل ، وربما كان الأوّل أرجح ، للاحتياط ، ولشهرته بين الأصحاب.

تنبيه

الخلاف في هذه المسائل السبعة مع الحناء انما هو إذا فعلت لغير ضرورة ، ولو فعلت للضرورة ، أو على قصد السنة في مثل الخاتم والمرآة فلا كراهية ولا تحريم ، ولا كفارة على القولين.

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ١٦٢ الحديث ٤٤.

(٢) المبسوط : ج ١ فصل فيما يجب على المحرم اجتنابه ص ٣٢٢ س ٥ قال : ولا يجوز للمحرم لبس السلاح إلخ.

(٣) النهاية : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ٢٢٢ س ١ قال : ولا يجوز للمحرم لبس السلاح إلخ.

(٤) الكافي : الحج ص ٢٠٣ س ٧ قال : وحمل السلاح وإشهاره.

(٥) المهذب : ج ١ باب ما ينبغي للمحرم اجتنابه ص ٢٢١ س ١١ قال : ولبس السلاح إلّا لضرورة.

(٦) الوسيلة : فصل في بيان موجبات الكفارة ص ٦٨٧ س ٣١ قال : ولبس السلاح مختارا.

(٧) السرائر : باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص ١٢٨ س ٣٤ قال : ولا يجوز للمحرم لبس السلاح.

(٨) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٠٠ س ٢ قال : المشهور تحريم لبس السلاح.

(٩) التحرير : في باقي المحظورات ص ١١٥ س ١٨ قال : (كح) الأقرب عندي كراهة لبس السلاح.

(١٠) لاحظ عبارة المختصر النافع.

١٨٥

والمكروهات : الإحرام في غير البياض ، ويتأكد في السواد ، وفي الثياب الوسخة ، وفي المعلمة ، والحناء للزينة ، والنقاب للمرأة ، ودخول الحمّام ، وتلبية المنادي ، واستعمال الرياحين ، ولا بأس بحكّ الجسد ، والسواك ما لم يدم.

مسألتان

الاولى : لا يجوز لأحد أن يدخل مكة إلّا محرما الّا المريض ، أو من يتكرّر كالحطّاب والحشّاش ، ولو خرج بعد إحرامه ثمَّ عاد في شهر خروجه أجزأه ، وان عاد في غيره أحرم ثانيا.

الثانية : إحرام المرأة كإحرام الرجل ، إلّا ما استثني (١) ولا يمنعها الحيض عن الإحرام لكن لا تصلّي له ، ولو تركه ظنا أنّه لا يجوز رجعت الى الميقات وأحرمت منه ولو دخلت مكة ، فإن تعذّر أحرمت من أدنى الحل ، ولو تعذّر أحرمت من موضعها.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : إحرام المرأة كإحرام الرجل ، الّا ما استثني.

أقول : لا فرق بين إحرام المرأة وإحرام الرجل في الواجبات والتروك والكفارات ، واستثني مواضع ذكر المصنف بعضها ، ونحن نذكر الباقي ، ونذكر الفروق الحاصلة بينها وبين الرجل في نسك الحجّ بالنسبة إلى الإحرام وغيره.

(أ) جواز المخيط لها على الأظهر ، وتحريمه على الرجل بالإجماع.

(ب) الحرير كذلك.

(ج) جواز التظليل لها حالة السير وتحريمه عليه.

(د) جواز تغطية الرأس لها وتحريمها عليه.

١٨٦

القول في الوقوف بعرفات

والنظر في المقدمة والكيفية واللواحق.

أما المقدّمة فتشتمل مندوبات خمسة.

الخروج إلى منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية ، إلّا لمن يضعف عن الزحام ، والامام يتقدم ليصلي الظهر بـ «منى» والمبيت بها حتى يطلع الفجر ، ولا يجوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس.

______________________________________________________

(ه) وجوب اسفار الوجه عليها دونه.

(و) تعيين التقصير عليها وتحريم الحلق ، وتخييره بينهما.

(ز) جواز الإفاضة من المشعر قبل الفجر لها دونه.

(ح) اعتبار الختان في صحّة طوافه دونها.

(ط) عدم تحمّلها الكفارة عن الزوج لو أكرهته على الجماع ، دون العكس.

(ى) استحباب الرمل في طواف القدوم له دونها.

(يا) استحباب الهرولة في السعي له خاصة.

(يب) اشتراط الزوج في مندوب حجّها ، وليس كذلك الرجل.

(يج) ثبوت ولاية الإحرام بالطفل للرجل إجماعا ، وفيها على الأقوى.

(يد) اعتبار وجود المحرم فيها على قول ، ولا يعتبر فيه إجماعا ، قال ابن حمزة : إذا كان للمرأة زوج أو ذو محرم وساعدها أحد منهم لم يكن لها الحج دونه ، ولو لم يساعدها حجت للإسلام من دونهم (١) والباقون على عدم اشتراط المحرم ساعد أو امتنع إذا غلب على ظنّها السلامة.

__________________

(١) الوسيلة : ص ٦٩٤ فصل في بيان مناسك النساء قال : فان ساعدها زوجها أو أحد محارمها لم يكن لها أن تحج دونه إلخ.

١٨٧

ويكره الخروج قبل الفجر الّا لمضطر ، كالخائف والمريض.

ويستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس ، والدعاء عند نزولها وعند الخروج منها.

وأمّا الكيفية فالواجب فيها النية والكون بها إلى الغروب ، ولو لم يتمكن من الوقوف نهارا ، أجزأه الوقوف ليلا ، ولو قبل الفجر. ولو أفاض قبل الغروب عامدا عالما بالتحريم ، لم يبطل حجه ، وجبره ببدنة ولو عجز صام ثمانية عشر يوما ، ولا شي‌ء عليه لو كان جاهلا أو ناسيا.

و (نمرة) و (ثويّة) و (ذو المجاز) و (عرنة) و (الأراك) حدود ، لا يجزئ الوقوف بها.

والمندوب : أن يضرب خباءه بـ «نمرة» وأن يقف في السفح مع ميسرة الجبل في السهل ، وأن يجمع رحله ، ويسدّ الخلل به وبنفسه ، والدعاء قائما. ويكره الوقوف في أعلى الجبل ، وقاعدا أو راكبا.

وامّا اللواحق فمسائل :

الأولى : الوقوف ركن ، فان تركه عامدا بطل حجّه ، ولو كان ناسيا تداركه ليلا ، ولو الى الفجر ولو فات اجتزأ بالمشعر.

الثانية : لو فاته الوقوف الاختياري وخشي طلوع الشمس لو رجع ، اقتصر على المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس.

وكذا لو نسي الوقوف بـ (عرفات) أصلا اجتزأ بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس.

______________________________________________________

(يه) إذن الزوج في انعقاد نذر الحج بالنسبة إليها دونه.

١٨٨

ولو أدرك عرفات قبل الغروب ولم يتفق له المشعر حتى طلعت الشمس أجزأه الوقوف به ، ولو قبل الزوال.

الثالثة : لو لم يدرك (عرفات) نهارا وأدركها ليلا ، ولم يدرك المشعر حتى طلعت الشمس ، فقد فاته الحج.

وقيل : يصح حجّه ولو أدركه قبل الزوال.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو لم يدرك عرفات نهارا وأدركها ليلا ، ولم يدرك المشعر حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج ، وقيل : يصح حجّه ولو أدركه قبل الزوال.

أقول : تحقيق المبحث هنا أن نقول :

هنا ستة أقسام :

(أ) اختياريان.

(ب) اختياري واضطراري.

(ج) اختياري واحد.

والمشهور الإدراك بكلّ واحد من هذه الثلاثة.

وخرّج العلامة وجها بعدم الإدراك باختياري عرفة وحده دون المشعر (١).

ولعلّه نظر الى قول الصادق عليه السّلام : الوقوف بالمشعر فريضة وبعرفة سنّة (٢).

وقوله عليه السّلام : إذا فاتتك المزدلفة فاتك الحجّ (٣) ولاختصاص اضطراري عرفة بالفوات الاجماعي دون المشعر.

__________________

(١) المختلف : كتاب الحج ص ١٢٨ س ٢٨ قال : مسألة الوقوف بالمشعر ركن فمن تركه متعمدا بطل حجّه إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٣) باب تفصيل فرائض الحج ص ٢٨٧ الحديث ١٤.

(٣) التهذيب : ج ٥ (٢٣) باب تفصيل فرائض الحج ص ٢٩٢ الحديث ٢٨.

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وعورض بالمشهور من قوله عليه السّلام : الحجّ عرفة (١) وأصحاب الأراك لا حجّ لهم (٢) ويتفرّع على ذلك ما لو تعارض الاختياريان بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، فعلى قول العلامة يرجّح المشعر ، وعلى المشهور من تساويهما يتخير ، ويحتمل قويّا تقديم عرفات ، لأنه المخاطب به الآن.

(د) اضطراريان ، وبالإدراك بهما قال المفيد (٣) وهو ظاهر كتابي الاخبار.

ولرواية الحسن العطار عن الصادق عليه السّلام قال : إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس يجمع ووجدهم قد أفاضوا ، فليقف قليلا بالمشعر وليلحق الناس بمنى ولا شي‌ء عليه (٤).

وقيل : بالمنع لرواية محمّد بن سنان قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الذي إذا أدركه الإنسان فقد أدرك الحج؟ فقال : إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ ولا عمرة له ، وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له (٥).

(ه) اضطراري عرفة وحده ، ولا يجزئ قولا واحدا.

(و) اضطراري المشعر وحده ، صرح باجزائه الصدوق (٦) وأبو علي (٧) وهو ظاهر

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٢ ص ٩٣ الحديث ٢٤٧.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٣) باب تفصيل فرائض الحج ص ٢٨٧ قطعة من حديث ١٣.

(٣) المقنعة : باب تفصيل فرائض الحج ص ٦٧ س ٣٤ قال : وقد جاءت رواية انه ان أدركه قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج إلخ وقال في المختلف : (ص ١٣١ س ٢) بعد نقل عبارة المقنعة ما لفظه :

(ويشعر بأنه إذا حضر عرفة ليلا وأدرك المشعر بعد طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ).

(٤) التهذيب : ج ٥ (٢٣) باب تفصيل فرائض الحج ص ٢٩٢ الحديث ٢٧.

(٥) التهذيب : ج ٥ (٢٣) باب تفصيل فرائض الحج ص ٢٩٠ قطعة من حديث ٢١.

(٦) لم أظفر إلى الآن على فتوى الصدوق ولعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرا.

(٧) المختلف : كتاب الحج ص ١٣١ س ٣ قال : وقال ابن الجنيد : الى أن قال بعد نقل قول ابن

١٩٠

القول في الوقوف بالمشعر

والنظر في مقدمته وكيفيته ولواحقه.

والمقدّمة تشتمل على مندوبات خمسة : الاقتصاد في السير ، والدعاء عند الكثيب الأحمر ، وتأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة ولو صار ربع الليل ، والجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين ، وتأخير نوافل المغرب حتى يصلّي العشاء.

______________________________________________________

السيد (١) وهو في صحيحة عبد الله بن المغيرة قال : جاءنا رجل بمنى فقال : إنّي لم أدرك الناس بالموقفين جميعا ، فقال له عبد الله بن المغيرة : فلا حج لك ، وسأل إسحاق بن عمار فلم يجبه ، فدخل إسحاق على أبي الحسن عليه السّلام فسأله عن ذلك؟ فقال له : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج (٢).

فالمحصّل من أقسام البحث هذه الستة ، وهي في الحقيقة ثمانية ، أربعة منها مجزية بالإجماع ، وهي اختيارياهما ، اختياري المشعر ، اختياري عرفة مع اضطراري المشعر ، عكسه. وواحد غير مجز بالإجماع وهو اضطراري عرفة : وثلاثة يجزى على خلاف ، وهي اختياري عرفة خاصة على تخريج العلامة ، اضطراريهما والأقوى

__________________

الجنيد ما لفظه : وهذا القول يشعر بأنّ الحج يدركه لو أدرك المشعر قبل الزوال وإن فاته الوقوف بعرفة اختيارا أو اضطرارا إلخ.

(١) تحرير الاحكام : المقصد الثامن في الوقوف بالمشعر ص ١٠٣ س ٢ قال : ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة فاته الحج ، ويلوح من كلام السيد : انّه إن كان عرفة فاته الحج ، وإن كان المشعر صحّ إلخ وفي الانتصار ، مسائل الحج ، ص ٩٠ قال : مسألة وممّا انفردت به الإمامية القول : بانّ من فاته الوقوف بعرفة وأدرك الوقوف بالمشعر الحرام يوم النحر فقد أدرك الحج إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٥ (٢٣) باب تفصيل فرائض الحج ص ٢٩١ الحديث ٢٦.

١٩١

وفي الكيفية : واجبات ومندوبات. فالواجبات : النية ، والوقوف به.

وحدّه ما بين المأزمين إلى الحياض ، إلى وادي محسّر ، ويجوز الارتفاع الى الجبل مع الزحام ، ويكره لا معه.

ووقت الوقوف ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، للمضطر الى الزوال ، ولو أفاض قبل الفجر عامدا عالما جبره بشاة ، ولم يبطل حجّه ان كان وقف بـ (عرفات) ويجوز الإفاضة ليلا للمرأة والخائف.

والمندوب : صلاة الغداة قبل الوقوف والدعاء ، وأن يطأ الصرورة المشعر برجله.

وقيل : يستحب الصعود على قزح (١) وذكر الله عليه.

ويستحب ـ لمن عدا الإمام ـ الإفاضة قبل طلوع الشمس وألّا يجاوز وادي محسّر حتى تطلع ، والهرولة في الوادي ، داعيا بالمرسوم ، ولو نسي الهرولة رجع فتداركها ، والامام يتأخر بجمع حتى تطلع الشمس.

______________________________________________________

الاجزاء ، اضطراري المشعر خاصة والأقوى فيه عدم الاجزاء.

قال طاب ثراه : وقيل : يستحب الصعود على قزح.

أقول : القائل بذلك الشيخ في المبسوط ، وتبعه الباقون ، ولا أعرف له مخالفا ، ولعلّ المصنف لما لم يظفر له بنص من الروايات ، قال : وقيل.

وقزح جبل صغير بالمشعر ، وعليه مسجد اليوم ، قال في المبسوط : ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام ولا يتركه مع الاختيار ، وبالمشعر الحرام جبل هناك يسمّى قزح ، ويستحب الصعود عليه وذكر الله عنده لأنّ رسول الله صلّى الله عليه

١٩٢

واللواحق ثلاثة :

الأول : الوقوف بالمشعر ركن ، فمن لم يقف به ليلا ولا بعد الفجر عامدا بطل حجّه ، ولا يبطل لو كان ناسيا. ولو فاته الموقفان بطل ولو كان ناسيا.

الثاني : من فاته الحج سقطت عنه أفعاله ، ويستحب له الإقامة بـ «منى» الى انقضاء أيام التشريق ، ثمَّ يتحلّل بعمرة مفردة ثمَّ يقضي الحج إن كان واجبا.

الثالث : يستحب التقاط الحصى من جمع ، وهو سبعون حصاة ، ويجوز من أيّ جهات الحرم شاء ، عدا المساجد ، وقيل : عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف (١) ، ويشترط أن يكون أحجارا من الحرم أبكارا ، ويستحب أن تكون رخوة برشا بقدر الأنملة ملتقطة منقطة ويكره الصلبة والمكسرة.

______________________________________________________

وآله فعل ذلك في رواية جابر (١) (٢).

قال طاب ثراه : وقيل عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف.

أقول : لم يستثن القدماء من أصحابنا سوى المسجدين ، والمتأخّرون على المنع من سائر المساجد.

احتج الأوّلون : بسكوت الأحاديث عنه واستثناء مسجد الخيف (٣).

__________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٥ كتاب الحجّ ص ١٢٢ باب حيث ما وقف من المزدلفة أجزأه قال : فلما أصبح أتى قزح فوقف عليه فقال : هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف إلخ والحديث عن على (عليه السّلام) والظاهر ان نسبة الحديث إلى جابر نشأ من ان حديث صدر الباب من جابر ولم يتفطنوا الى اختلاف الحديثين.

(٢) المبسوط : ج ١ فصل في ذكر الإحرام بالحجّ ونزول منى وعرفات والمشعر ص ٣٦٨ س ٥ قال : وبالمشعر الحرام جبل هناك إلخ.

(٣) الكافي : ج ٤ باب حصى الجمار من أين تؤخذ ومقدارها ص ٤٧٨ الحديث ٨ ولفظ الحديث (عن

١٩٣

القول في مناسك منى يوم النحر

وهي رمي جمرة العقبة ، ثمَّ الذبح ، ثمَّ الحلق.

أمّا الرمي : فالواجب فيه النية ، والعدد وهو سبع ، وإلقاؤها بما يسمّى رميا ، فلو تمّمها حركة غيره لم يجز. والمستحب ، الطهارة والدعاء ، ولا يتباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعا وأن يرمي خذفا (١) والدعاء مع كل حصاة ، ويستقبل جمرة العقبة ويستدبر القبلة وفي غيرها يستقبل الجمرة والقبلة.

وأمّا الذبح ففيه أطراف :

الأوّل : في الهدي ، وهو واجب على المتمتع خاصة ، مفترضا ومتنفلا ولو كان مكّيا ، ولا يجب على غير المتمتع. ولو تمتع المملوك كان لمولاه إلزامه بالصوم ، أو أن يهدي عنه. ولو أدرك أحد الموقفين معتقا لزمه الهدي مع القدرة والصوم مع التعذّر. وتشترط النية في الذبح ، ويجوز أن

______________________________________________________

وتمسّك المانعون : بعموم تحريم إخراج الحصا من المسجد (٢) وعدم دلالة الأحاديث على الإباحة.

__________________

أبي عبد الله عليه السّلام قال : يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم الّا من المسجد الحرام ومسجد الخيف).

(١) قد جاء حذف الحصا في الحديث والمشهور في تفسيره ان تضع الحصاة على بطن إبهام يدك اليمنى وتدفعها بظفر السبّابة وهو من باب ضرب ، وفي الصحاح : الخذف بالحصى الرمي بها بالإصبع ، وفي رواية البزنطي عن الكاظم عليه السّلام تخذفن خذفا وتضعها على الإبهام وتدفعها بظفر السبّابة وفي المصباح خذفت الحصاة خذفا رميتها بطرفي الإبهام والسبّابة (مجمع البحرين لغة خذف).

(٢) لاحظ الوسائل : ج ٢ ، الباب ٢٦ من أبواب أحكام المساجد ، الحديث ٤.

١٩٤

يتولّاه بنفسه وبغيره ، ويجب ذبحه بـ «منى» ولا يجزئ الواحد الّا عن واحد في الواجب ، وقيل : يجزئ عن سبعة وعن سبعين عند الضرورة ، لأهل الخوان الواحد (١) ولا بأس به في الندب ، ولا يباع ثياب التجمل في الهدي ، ولو ضلّ فذبح لم يجز ، ولا يخرج شيئا من لحم الهدي عن (منى) ويجب صرفه في وجهه. ويذبح يوم النحر وجوبا مقدما على الحلق ، ولو قدم الحلق أجزأه ، ولو كان عامدا ، وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولا يجزئ الواحد الا عن واحد في الواجب ، ولا بأس به في الندب وقيل : يجزئ عند الضرورة عن سبعة وعن سبعين لأهل الخوان الواحد.

أقول : هنا مسألتان :

(أ) هل يجزئ الهدي الواحد عن أكثر من واحد عند الضرورة أم لا؟ بل ينتقل الحكم الى التكليف بالصوم ، للشيخ قولان :

أحدهما : الاجزاء (١) وهو مختار المفيد (٢) والقاضي (٣) وأكثر الأصحاب ، واختاره العلامة في المختلف (٤) ، لكن الّذي صرّح به في الجمل (٥) والمبسوط (٦) والنهاية (٧) ، إجزاؤه عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين ، وقال الفقيه : تجزئ البقرة

__________________

(١) سيأتي عن قريب.

(٢) المقنعة : باب الذبح والنحر ، ص ٦٥ س ٣٥ قال : وتجزئ البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت.

(٣) المهذب : ج ١ باب أحكام الهدي ص ٢٥٧ س ١٢ قال : ولا يجزئ الهدي الواجب عن أكثر من واحد إلّا في حال الضرورة إلخ.

(٤) المختلف : كتاب الحج ص ١٣٥ س ٢٨ قال : والأقرب الاجزاء عند الضرورة عن الكثير دون الاختيار.

(٥) الجمل : ص ٧٥ س ٣ قال : وعند الضرورة عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين.

(٦) المبسوط : ج ١ فصل في نزول منى ص ٣٧٢ س ٢ قال : ويجوز عند الضرورة عن خمسة إلخ.

(٧) النهاية : باب الذبح ص ٢٥٨ س ٦ قال : وقد يجوز ذلك عند الضرورة عن خمسة إلخ.

١٩٥

الثاني : في صفته : ويشترط أن يكون من النعم ثنيّا غير مهزول ، ويجزئ من الضأن خاصة ، الجذع لستة ، وان يكون تاما ، فلا يجوز العوراء ، ولا العرجاء ، ولا العضباء ، ولا ما نقص منها شي‌ء كالخصيّ ، ويجزئ المشقوقة الاذن ، وأن لا تكون مهزولة بحيث لا يكون على كليتيها شحم ، لكن لو اشتراها على انها سمينة فبانت مهزولة ، أجزأته.

فالثني من الإبل ما دخل في السادسة ، ومن البقر والمعز ما دخل في

______________________________________________________

عن خمسة إذا كانوا أهل بيت (١) وبه قال سلار (٢).

والثاني : للشيخ في الخلاف : لا يجزئ الواحد في الواجب الّا عن واحد (٣) واختاره ابن إدريس (٤) والمصنف (٥) والعلامة في أكثر كتبه (٦) واستند الكل الى الروايات (٧).

(ب) يجوز ذلك في الندب وهو وفاق ، والمراد به الأضحية المندوبة ، لا الحج المندوب ، لأنه يصير بالشروع واجبا ، فيجوز الاجتماع فيها اختيارا واضطرارا ،

__________________

(١) المقنع : باب الإفاضة من عرفات ص ٨٨ س ٤ قال : وتجزئ البقرة عن خمسة نفر إذا كانوا من أهل البيت.

(٢) المراسم : ذكر : الذبح ص ١١٤ س ١ وتجزئ بقرة عن خمسة نفر والإبل تجزئ عن سبعة وعن سبعين :

(٣) الخلاف : كتاب الحجّ مسألة ٣٤١ قال بعد نقل جواز الاشتراك ما لفظه : وقال مالك : لا يجوز الاشتراك إلّا في موضع واحد وهو إذا كانوا متطوعين ، وقد روى أصحابنا أيضا ، وهو الأحوط.

(٤) السرائر : باب الذبح ص ١٤٠ س ٢٢ قال : ولا يجوز في الهدي الواجب الّا واحد عن واحد إلخ.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) التذكرة : ج ١ ص ٣٨٤ س ١١ قال : مسألة الهدي ان كان واجبا لم يجز الواحد الّا عن واحد إلخ.

(٧) الوسائل : ج ١٠ ص ١١٣ الباب ١٨ من أبواب الذبح ، فلاحظ.

١٩٦

الثانية.

ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد وتمشي في سواد ، وتبرك في مثله ، أي لها ظل تمشي فيه. وقيل : أن يكون هذه المواضع منها سودا ، وأن يكون ممّا عرّف به (١) إناثا من الإبل أو البقر ، ذكر انا من الضأن أو المعز ، وأن ينحر الإبل قائمة مربوطة بين الخف والركبة. ويطعنها من الجانب الأيمن وأن يتولاه بنفسه ، وإلّا جعل يده مع يد الذابح ، والدعاء ، وقسمته أثلاثا ، يأكل ثلثه ، ويهدي ثلثه ، ويطعم القانع والمعترّ ثلثه.

______________________________________________________

ولا فرق بين منى وغيرها من الأمصار ، وكذا لا فرق بين قصد السنة أو اللّحم ، فان امتثال ذلك من السنة.

قال طاب ثراه : ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في مثله أي لها ظلّ تمشي فيه ، وقيل : أن تكون هذه المواضع منها سودا ، وأن يكون ممّا عرّف به.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : المشهور استحباب جامع الوصفين ، أعني السمن والتعريف. ومعناه أن يكون الهدي قد حضر عرفات ، سواء كان الذي أحضره مشتريه ، أو بائعه ، ويكفي فيه قول البائع. وقال ابن حمزة : بوجوبهما (١) ، لقول الصادق عليه السّلام : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله : يضحّي بكبش اقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد (٢).

__________________

(١) الوسيلة : فصل في بيان نزول منى ص ٦٩٢ س ٢٠ قال : والصفة أربع السمن وتمام الخلقة والتعريف إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٥ (١٦) باب الذبح ص ٢٠٥ الحديث ٢٤.

١٩٧

وقيل : يجب الأكل منه.

وتكره التضحية بالثور والجاموس والموجوء.

______________________________________________________

وروى أبو بصير عنه عليه السّلام. لا يضحّى الّا بما عرّف به (١) وحمل على الندب.

(الثانية) في تفسير هذه الصفات ، وفيه أقوال :

(أ) أن يكون هذه المواضع سودا ، وهو قول ابن إدريس قال : وقال أهل التأويل أن يكون من عظمه وشحمه ينظر في شحمه ويمشي في فيئه ويبرك في ظل شحمه (٢).

(ب) أن يكون سمينا كما نقله ابن إدريس عن أهل التأويل ، واختاره المصنف (٣) والعلامة (٤) لأنّه أنفع للفقراء.

(ج) أن يكون قد رعى ومشى وبرك في الخضرة ، فيسمن لذلك ، قال الراوندي : والثلاثة مروية عن أهل البيت عليهم السّلام.

وفي رواية : ويبعر في سواد (٥).

قال طاب ثراه : وقيل : يجب الأكل منه.

أقول : القائل بالوجوب محمّد بن إدريس مستدلا بالآية (٦) وعليه العلامة (٧)

__________________

(١) التهذيب : ج ٥ (١٦) باب الذبح ص ٢٠٦ الحديث ٣٠.

(٢) السرائر : باب الذبح ص ١٤٠ س ٣٦ قال : وقال أهل التأويل إلخ.

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : كتاب الحج ص ١٣٦ س ٢٢ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقرب عندي لأنه أنفع للفقراء.

(٥) الكافي : ج ٤ باب حج إبراهيم وإسماعيل ص ٢٠٩ قطعة من حديث ١٠ وفيه (ويبعر ويبول في سواد).

(٦) السرائر : باب الذبح ، ص ١٤١ س ١٣ قال : فأمّا هدي المتمتع والقارن فالواجب ان يأكل منه ولو قليلا الى أن قال : لقوله تعالى (فَكُلُوا مِنْها) إلخ.

(٧) المختلف : كتاب الحج ص ١٣٦ س ٢٨ قال بعد نقل قول ابن إدريس : وهو الأقرب للأمر ، وأصل الأمر للوجوب.

١٩٨

الثالث : في البدل فلو فقد الهدي ووجد ثمنه استناب في شرائه وذبحه طول ذي الحجة وقيل : ينقل قرضه الى الصوم. (١) ومع فقد الثمن يلزمه الصوم ، وهو ثلاثة أيام في الحج متواليات وسبعة في أهله. ويجوز تقديم الثلاثة من أوّل ذي الحجة بعد التلبس بالحج ، ولا يجوز قبل ذي الحجة. ولو خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاثة ، تعيّن الهدي في القابل بـ «منى» ولو صام الثلاثة في الحج ثمَّ وجد الهدي لم يجب ، لكنه أفضل ، ولا يشترط في صوم السبعة التتابع ، ولو أقام بمكة انتظر أقلّ الأمرين من وصوله إلى أهله ومضيّ شهر. ولو مات ولم يصم صام الوليّ عنه الثلاثة

______________________________________________________

ولرواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السّلام : إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم كما قال الله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (١) (٢) وعن الصادق عليه السّلام : القانع الذي يطلب ، والمعتر صديقك (٣) وظاهر الشيخ (٤) والتقي (٥) الاستحباب ، وكذا المصنف (٦).

قال طاب ثراه : ولو فقد الهدي ووجد ثمنه استناب في شرائه وذبحه طول ذي الحجة ، وقيل : ينتقل فرضه الى الصوم.

أقول : هنا ثلاثة أقوال :

(أ) مختار المصنف (٧) وجوب جعل الثمن عند ثقة يذبحه عنه في بقية ذي الحجّة ، فإن خرج ذو الحجة ولم يجد الهدي ذبح عنه في القابل ، وهو اختيار الشيخ (٨)

__________________

(١) الحج : ٣٦.

(٢) التهذيب : ج ٥ (١٦) باب الذبح ص (٢٢٣) الحديث ٩٠.

(٣) عوالي اللئالي : ج ٣ ص ١٦٤ الحديث ٥٤.

(٤) النهاية : باب الذبح ص ٢٦١ س ٨ قال : ومن السنّة أن يأكل الإنسان من هديه لمتعته.

(٥) الكافي : الحج ص ٢١٦ س ٤ قال : وليأكل من هديه ويطعم الباقي إلخ.

(٦) وهو الظاهر من قوله : وقيل : إلخ.

(٧) لا حظ مختار المصنف من المختصر النافع.

(٨) النهاية : باب الذبح ص ٢٥٤ س ١٤ قال : ومن وجب عليه الهدي ولا يقدر عليه ، فان كان معه

١٩٩

وجوبا ، دون السبعة. ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر ، وعجز ، أجزأه سبع شياه. ولو تعين عليه الهدي ومات ، اخرج من أصل تركته.

الرابع : في هدي القارن : ويجب ذبحه أو نحره بـ «منى» ان قرنه بالحج ، وب «مكة» ان قرنه بالعمرة. وأفضل مكة فناء الكعبة بالخرورة.

ولو هلك لم يقم بدله ، ولو كان مضمونا لزمه البدل. ولو عجز عن الوصول نحره أو ذبحه وأعلمه. ولو أصابه كسر جاز بيعه والصدقة بثمنه ، أو إقامة بدله. ولا يتعيّن الصدقة إلّا بالنذر وان أشعره أو قلده. ولو ضلّ فذبح عن صاحبه أجزأه. ولو ضلّ فأقام بدله ثمَّ وجده فان ذبح الأخير استحب ذبح الأوّل. ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضرّ بولده ولا يعطى الجزار من الهدي الواجب ، كالكفارات ، والنذور ، ولا يأخذ الناذر من جلودها ، ولا يأكل منها ، فإن أخذ ضمنه. ومن نذر بدنة ، فان عيّن موضع النحر ، وإلّا نحرها بمكّة.

______________________________________________________

والسيد (١) والصدوقين (٢) والقاضي (٣) وابن حمزة (٤) وهو مذهب العلامة (٥) لأنّ

__________________

ثمنه خلفه عند من يثق به إلخ.

(١) المختلف : كتاب الحج ص ١٣٤ س ٦ قال بعد نقل قول الشيخ : وكذا السيد المرتضى جعل الانتقال الى الصوم مشروطا بعدم الهدي وعدم ثمنه.

(٢) الفقيه : ج ٢ (٢٠٩) باب ما يجب على المتمتع إذا وجد ثمن الهدي ولم يجد الهدي ص ٣٠٤ قال : قال أبي رضى الله عنه في رسالته إليّ : إذا وجدت الثمن ولم تجد الهدي ، فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة إلخ.

(٣) المهذب : ج ١ ، باب أحكام الهدي ص ٢٥٨ س ١٠ قال : وإذا لم يقدر على ابتياع الهدي فينبغي أن يترك ثمنه عند ثقة يشتريه به إلخ.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان نزول منى ص ٦٩٢ قال : خلّف الثمن عند ثقة ليذبح عنه.

(٥) المختلف : كتاب الحجّ ص ١٣٤ س ١٤ قال : والحق ما قاله الشيخ رحمه الله.

٢٠٠