المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

الغنم مع ما في بطونها. وكذا كلّ واحد منها منفردا. وكذا ما يلقح الفحل. وكذا ما يضرب الصياد بشبكته.

الرابع : تقدير الثمن وجنسه. فلو اشتراه بحكم أحدهما فالبيع باطل ، ويضمن المشتري تلف المبيع مع قبضه ونقصانه. وكذا في كلّ ابتياع فاسد ويردّ عليه ما زاد بفعله كتعليم الصنعة والصبغ على الأشبه. (١) وإذا أطلق النقد انصرف الى نقد البلد ، وإن عيّن نقدا لزم.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ويردّ عليه ما زاد بفعله كتعليم الصنعة والصبغ أعلى الأشبه.

أقول : إذا اشترى فاسدا ، لم يملك ، وكان لمالكه الرجوع ، فان تعيّب ضمن أرشه ، ولو زاد ، فان لم يكن بفعله كالسمن ردّه ولا شي‌ء له ، وإن كانت الزيادة بفعله فإمّا أن يكون أثرا كتعليم الصنعة ، أو بايضاف عين من المشتري كالصبغ ، وعلى كلا التقديرين هل يكون الزيادة للبائع مجانا ، أو يكون المشتري شريكا؟ فيه قولان :

أحدهما : انه لا شي‌ء له ، لتبرعه به ، لأنه وضعه في ملكه بغير إذنه ، ولا يمكن انفصاله ، أمّا في الأثر المحض فظاهر ، وأمّا في الصبغ ، فلانه يمنع من التصرف في ملك البائع ، ولقيام عين المالك وهلاك عين المشتري ، أعني الصبغ.

وقيل (١) : يكون له الزيادة ويكون شريكا بقدرها ، لأنه لم يتبرع بها ولم يخرج عن ملكه لأصالة البقاء ، ومنعه من التصرف في ملك (العين خ ل) لا يرفع ملكه عن مستحقه ، إذ الاستحقاق لا يستلزم التصرف في ملك الغير ، بل يكون شريكا بقدر الزيادة ، ولا يكون أسوء حالا من الغاصب ، وهو يرجع بقيمة صبغه ، وكذا نقول يرجع بما زاد في الأثر ، لأنه عمل عملا محترما لم يتبرّع به والمالك أذن له في ذلك ، لتسليطه له على التصرف ، اما الغاصب فلا يرجع بالأثر ، إجماعا.

__________________

(١) هذا ثاني القولين.

٣٦١

ولو اختلفا في قدر الثمن فالقول قول البائع مع يمينه ، إن كان المبيع قائما ، وقول المشتري مع يمينه إن كان تالفا. ويوضع لظروف السمن والتمر ما هو معتاد لا ما يزيد.

الخامس : القدرة على تسليمه. فلو باع الآبق منفردا لم يصح ، ويصح لو ضم إليه شيئا.

وأمّا الآداب : فالمستحب التفقه فيه ، والتسوية بين المبتاعين ، والإقالة لمن استقال ، والشهادتان ، والتكبير عند الابتياع ، وأن يأخذ لنفسه ناقصا ويعطي راجحا.

والمكروه : مدح البائع وذمّ المشتري ، والحلف ، والبيع في موضع يستر فيه العيب ، والربح على المؤمن إلّا مع الضرورة ، وعلى من يعده بالإحسان ، والسوم ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، ودخول السوق أولا ، ومبايعة الأدنين ، وذوي العاهات والأكراد ، والتعرض للكيل أو الوزن إذا لم يحسن ، والاستحطاط بعد الصفقة ، والزيادة وقت النداء ، ودخوله في سوم أخيه.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : الخامس القدرة على تسليمه ، فلو باع الآبق منفردا لم يصح ، ويصح لو ضمّ إليه شيئا.

أقول : لا خلاف في جواز بيعه مع الضميمة ، وأمّا مع عدمها إذا كان بحيث يقدر عليه المشتري ، هل يجوز بيعه أم لا؟ مذهبان ، المنع ، وهو مذهب الشيخين (١) بل

__________________

(١) المقنعة : باب ابتياع الحيوانات ص ٩٣ س ١ قال : ولا يجوز ابتياع العبد الآبق الّا أن يبتاع معه شي‌ء آخر إلخ. وفي النهاية : باب ابتياع الحيوان وأحكامه ص ٤٠٩ س ٩ قال : ولا يجوز أن يشترى الإنسان عبدا آبقا على الانفراد ، فان اشتراه لم ينعقد البيع إلخ.

٣٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لا بد من الضميمة ، فإن وجده المشتري ، والّا كانت في مقابل الثمن ، وبه قال القاضي (١) والتقي (٢) وسلار (٣) وابن حمزة (٤) والجواز ، وهو مذهب السيد (٥) واختاره العلامة (٦) لأصالة صحة البيع ، ولتحقق القدرة المسوّغة للبيع.

احتجّ الأولون بما رواه سماعة قال : سألته عن رجل يشتري العبد وهو آبق من أهله؟ فقال : لا يصلح الّا أن يشتري معه شيئا آخر ، فيقول : أشتري منك هذا الشي‌ء وعبدك بكذا وكذا ، فان لم يقدر على العبد كان ثمنه الذي نقد في الشي‌ء (٧) وهي مع ضعفها مقطوعة.

فالحاصل : ان الآبق يخالف غيره من المبيعات في أشياء :

(أ) اشتراط الضّميمة.

(ب) أنّ تلفه قبل القبض من المشتري.

(ج) أنه لا يتخير المشتري مع فقده ، وكلّما شرط في العقد تخير المشتري مع فواته.

__________________

(١) لم أعثر عليه صريحا في المهذب ، وفي المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٣٣ قال : مسألة ، قال الشيخان : لا يجوز بيع الآبق منفردا الى أن قال : وكذا قال ابن البراج.

(٢) الكافي : فصل في عقد البيع وشروط صحته ص ٣٥٦ س ١٢ قال : ولا يصح بيع الآبق الّا أن يكون معه شي‌ء آخر.

(٣) المراسم : ذكر الشرط الخاص في البيع والمبيع ص ١٧٦ س ١١ قال : وشراء العبد الآبق لا يصح الّا أن يضم إليه إلخ.

(٤) الوسيلة : ط قم فصل في بيان الغرر ص ٢٤٦ س ١١ قال : ويجوز بيع العبد الآبق الى أن قال : مع غيره.

(٥) الانتصار : في البيع ص ٢٠٩ س ٢ قال : ولا يشترى وحده إلّا إذا كان بحيث يقدر عليه المشتري.

(٦) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠١ س ٣٥ قال بعد نقل قول السيد : وهو الأقرب.

(٧) الفروع : ج ٥ ، كتاب المعيشة ، باب شراء الرقيق ص ٢٠٩ الحديث ٣.

٣٦٣

وان يتوكل الحاضر للبادي ، وقيل : يحرم.

وتلقى الركبان : وحدّه أربعة فراسخ فما دون ، ويثبت الخيار إن ثبت الغبن.

______________________________________________________

فرعان

(أ) لو وجد المشتري في الآبق عيبا سابقا ، إمّا بعد القدرة أو قبلها ، كان له الرجوع بأرشه ، فيقال : كم قيمة هذه الضميمة مع العبد الفلاني الآبق مع سلامته من العيب؟ فاذا قيل عشرة وقيمته مع الضميمة بالعيب تسعة ، علم أنّ قسط العيب من الثمن وأرشه العشر ، فيرجع المشتري بعشر ما وقع عليه العقد.

(ب) لو خرج عيب في الضميمة رجع بأرشه ، فيقال : كم قيمة هذه الضميمة مع الآبق سليمة من العيب ، وكم قيمتها بهذا العيب؟ ويرجع من الثمن بالنسبة.

قال طاب ثراه : وأن يتوكل الحاضر للبادي ، وقيل : يحرم.

أقول : البحث هنا في مقامين :

الأوّل : هل هو مكروه أو حرام؟ بالأوّل قال الشيخ في النهاية (١) واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣) للأصل. وبالثاني قال في الخلاف (٤) لقوله عليه السلام : لا يبيعنّ حاضر لباد (٥) وظاهر النهي التحريم.

الثاني : في تفسيره ، وفيه أربعة أقوال :

(أ) أن يكون البيع في البدو دون الحضر ، قاله ابن حمزة (٦).

__________________

(١) النهاية : باب الاحتكار والتلقي ص ٣٧٥ س ٨ قال : وكذلك أيضا يكره أن يبيع حاضر لباد.

(٢) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٩ س ٣١ قال : والأقرب عندنا الكراهة.

(٤) الخلاف : كتاب البيوع مسألة ٢٨٠ قال : لا يجوز أن يبيع حاضر لباد.

(٥) عوالي اللئالى : ج ٣ باب التجارة ص ٢٠٦ الحديث ٤٠ ولا حظ ما علق عليه.

(٦) الوسيلة : باب الاحتكار والتلقي ص ٢٦٠ س ١٣ قال : وليس له أن يبيع لباد في البدو.

٣٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) أن يكون في البادية أو الحضر ويشتد حاجة النّاس إليه ، فيكون له سمسارا ، أو وكيلا ، ولا بأس بما لا تحتاج اليه وانما يحمل من بلد إلى بلد ليبيعه السمسار ، يستقصي في ثمنه ، قاله في المبسوط (١) وتبعه القاضي (٢).

(ج) أن يكون سمسارا للبادي ويبيع له بنفسه متحكما عليه في البيع بالكره ، أو بالرأي الذي يغلب به عليه ، يراه أنّ ذلك نظرا له ، أو يكون البادي ولّاه عرض سلعته ، فباعها دون رأيه ، لا ما كان سمسارا فيه ، ثمَّ يبيعه بوكالته ، أو يدفعه إليه فيبيعه بنفسه ، قاله ابن إدريس (٣).

(د) أطلق في الخلاف ، لا يبيع حاضر لباد ، سواء كان بالناس حاجة الى ما معه أو لم يكن بهم ، فان خالف أثم ، لعموم الخبر في النهي عن ذلك من قوله عليه السّلام لا يبيعنّ حاضر لباد (٤) واختار العلامة تفسير المبسوط (٥) لرواية عروة بن عبد الله عن الباقر عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا يتلق أحدكم تجارة خارجا من المصر ، ولا يبيع حاضر لباد ، ذروا المسلمين يرزق الله بعضهم من بعض (٦).

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ كتاب البيوع ص ١٦٠ س ٦ قال : ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد ومعناه الى أن قال : هذا إذا كان إلخ.

(٢) لم أعثر عليه في المهذب ، وفي المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٩ س ٢٠ قال : وقال ابن البراج في المهذب : كقول الشيخ في المبسوط.

(٣) السرائر : باب آداب التجارة ص ٣١١ س ٢٦ قال : فمعنى هذا النهى ، والله أعلم ، معلوم في ظاهر الخير وهو الحاضر للبادي يعني متحكما عليه في البيع إلخ.

(٤) الخلاف : كتاب البيوع مسألة ٢٨١ قال : لا يجوز أن يبيع حاضر لباد ، سواء كان بالناس حاجة إلخ.

(٥) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٩ س ٣١ قال : والثاني في تفسيره ، والمراد ما ذكره الشيخ في مبسوطه إلخ.

(٦) الفروع : كتاب المعيشة ، باب التلقي ص ١٦٨ الحديث ١ وليس فيه جملة (ذروا المسلمين).

٣٦٥

والزيادة في السلعة مواطأة للبائع ، وهو النجش.

______________________________________________________

قلت : وليس في هذا الحديث دلالة الّا على النهي المحتمل لكلّ من التحريم والكراهية ، دون واحد من التفاسير المذكورة.

قال طاب ثراه : والزيادة في السلعة مواطأة للبائع ، وهو النجش.

أقول : عدّ المصنف النجش في المكروهات ، ولا أعلم في تحريمه خلافا بين الأصحاب ، لأنه غشّ وخديعة وقال عليه السّلام : ليس منّا من غشّ (١).

ومعناه أن يزيد الإنسان في سلعة البائع ولا يريد شراها ، قصدا لتغرير الغير ببذل الزيادة ، وتسميه العامة التحريص.

وإنّما الخلاف بينهم في موضعين :

الأوّل : في صحة البيع ، فإبن الجنيد أبطله من رأس إن كان من فعل البائع ، وإن كان من فعل الواسطة لزم البيع ولزمه الدّرك في الضرر إن أدخله على المشتري (٢) ، والباقون على الصحة.

الثاني : في حكمه ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) ثبوت الخيار قاله القاضي (٣) لأنه تدليس ، وأطلق ، أي لم يفصل بين كونه من فعل البائع أو غيره.

(ب) عدم الخيار مطلقا ، قوّاه الشيخ في الخلاف (٤) لأنّ العيب ما يكون بالمبيع ، وهذا ليس كذلك.

__________________

(١) عوالي اللئالى : ج ٣ باب التجارة ص ٢٠٧ الحديث ٤٢ ولا حظ ما علق عليه

(٢) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٣٣ قال : قال ابن الجنيد : النجش في البيوع يجرى مجرى الغش إلخ.

(٣) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٣٧ قال : وقال ابن البراج : له الخيار لأنه تدليس لا يجوز.

(٤) الخلاف : كتاب البيوع مسألة ٢٧٩ قال : دليلنا ان هذا تدليس وعيب الى أن قال : وان قلنا انه لا خيار له إلخ.

٣٦٦

والاحتكار ، وهو حبس الأقوات ، وقيل : يحرم (١) وانما يكون في الحنطة والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والسمن ، وقيل : وفي الملح. وتتحقق الكراهية إذا استبقاه لزيادة الثمن ولم يوجد بائع غيره ، وقيل : أن تستبقيه في الرخص أربعين يوما وفي الغلاء ثلاثة ، ويجبر المحتكر على البيع ، وهل يسعّر عليه؟ الأصح ، لا.

______________________________________________________

(ج) الخيار إن كان بأمر البائع ، وعدمه إن لم يكن بأمره ، لأنه لا يفسخ عليه البيع بفعل غيره قاله في المبسوط (١) ثمَّ قوّى عدم الخيار ، وقال العلامة : بثبوت الخيار مطلقا مع ثبوت الغين وعدمه مع عدمه (٢) ، وهو مع التحقيق راجع الى ما قوّاه الشيخ في كتاب الخلاف (٣) لأنّ مع الغبن لا إشكال في ثبوت الخيار إلّا على قول متروك ، سواء كان هنا نجش أو لم يكن. ويسقط قول أبي علي ببطلان البيع من أصله (٤) وقول القاضي بثبوت الخيار مطلقا من حيث التدليس (٥) ووجهه أنّ التدليس مطلقا لا يوجب بطلان البيع ولا فسخه إذا لم يكن في البيع عيب ، أو فوات غرض للمشتري لأصالة صحة البيع ولزومه.

قال طاب ثراه : والاحتكار ، وهو حبس الأقوات ، وقيل : يحرم.

أقول : البحث هنا في مسائل :

الأولى : الاحتكار هل هو مكروه أو محرّم؟ وبالأوّل قال الشيخان (٦) والتقي في

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ فصل في بيع الغرر ص ١٥٩ س ١٤ قال : فاذا ثبت تحريمه ، فالمشتري إذا اقتدى به وزاد في الثمن إلخ.

(٢) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٣٨ قال : والأقرب صحة البيع مع ثبوت الخيار مع الغبن إلخ.

(٣) تقدم ما قوّاه الشيخ في الخلاف ، وقول ابن الجنيد. وقول ابن البراج آنفا فراجع.

(٤) تقدم ما قوّاه الشيخ في الخلاف ، وقول ابن الجنيد. وقول ابن البراج آنفا فراجع.

(٥) تقدم ما قوّاه الشيخ في الخلاف ، وقول ابن الجنيد. وقول ابن البراج آنفا فراجع.

(٦) المقنعة : باب تلقى السلع والاحتكار ص ٩٦ س ١٥ قال : والحكرة احتباس الأطعمة الى أن قال : وذلك مكروه ، وفي المبسوط : ج ٢ كتاب السلم ، فصل في حكم التسعير ص ١٩٥ س ٩ قال : وأمّا

٣٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أحد قوليه (١) والمصنف (٢) والعلامة (٣) وبالثاني قال الصدوق (٤) والقاضي (٥) والتقي في القول الآخر (٦) وهو ظاهر ابن إدريس (٧).

احتجوا بصحيحة إسماعيل بن زياد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه الباقر عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا تحتكر الطّعام إلّا خاطئ (٨) وعن ابن القداح عن الصادق عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : الجالب مرزوق والمحتكر ملعون (٩) والأولى لا يدلّ على التحريم ، والثانية ضعيفة السند.

واحتج الأوّلون : بالأصل ، وبحسنة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : سألته

__________________

الاحتكار فمكروه في الأقوات إلخ.

(١) الكافي : فصل فيما يكره من المكاسب ص ٢٨٣ س ١٠ قال : يكره التكسب إلى أن قال : واحتكار الغلات.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٧ الفصل الثاني في الاحتكار والتلقي س ٣٥ قال : والأقرب الكراهة.

(٤) المقنع : باب المكاسب والتجارات ص ١٢٥ س ٥ قال : ولا بأس أن يشتري الرجل طعاما الى أن قال : وإذا لم يكن بالمصر طعام غيره فليس له إمساكه وعليه بيعه وهو محتكر.

(٥) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٧ الفصل الثاني في الاحتكار والتلقي س ٣٤ قال : وبه (أي الحرمة) قال ابن البراج.

(٦) الكافي : فصل في عقد البيع ص ٣٦٠ س ١٢ قال : ولا يحلّ لأحد أن يحتكر شيئا من أقوات الناس إلخ.

(٧) السرائر : كتاب المتاجر ص ٢١٢ س ٣ قال : ونهى عن الاحتكار إلخ.

(٨) التهذيب : ج ٧ (١٣) باب التلقي والحكرة ص ١٥٩ الحديث ٦.

(٩) الفروع : ج ٥ ، كتاب المعيشة ، باب الحكرة ص ١٦٥ الحديث ٦ ورواه في التهذيب ج ٧ (١٣) باب التلقي والحكرة ، ص ١٥٩ الحديث ٧ عن أبي العلاء.

٣٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عن الرجل يحتكر ، إلى أن قال : وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس ، فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام (١) ولأنّ الإنسان مسلّط على ماله. والجواب عن الأوّل بأنّ الأصل يصار عنه للدليل ، وعن الثاني بعدم دلالته على الكراهية ، لأنّ الحرام مكروه وكيف يكون الحرام محبوبا ، وعن الثالث بأنّ تسلّط الإنسان على ماله قد تزول لعارض ، كاحتياج المضطر إليه في المخمصة ، فإنّ له دفع المالك وقتاله مع امتناعه عن بذله.

الثانية : في محلّ الاحتكار ، وفيه ثلاثة أقوال :

(أ) أنه الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن ، وهو قول الشيخ في النهاية (٢) وتبعه القاضي (٣) وابن إدريس (٤).

(ب) إضافة الزيت إلى ما ذكر ، وهو قول الصدوق (٥).

(ج) تعويض الملح عن الزيت مع الخمسة المتقدّمة ، وهو قول ابن حمزة (٦) وأحد أقوال الشيخ (٧) وبه قال العلامة في القواعد (٨) ومال في المختلف إلى اختيار

__________________

(١) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة باب الحكرة ص ١٦٥ الحديث ٥.

(٢) النهاية : باب الاحتكار والتلقي ص ٣٧٤ س ١٠ قال : الاحتكار هو حبس الحنطة إلخ.

(٣) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٣ قال بعد نقل قول الشيخ ، وتبعه ابن إدريس وابن البراج.

(٤) السرائر : كتاب المتاجر ص ٢١٢ س ٣ قال : والاحتكار عند أصحابنا هو حبس الحنطة إلخ.

(٥) لم أعثر في المقنع الّا ما تقدم نقله ، وقال في المختلف : ص ١٦٨ س ٤ قال الصدوق في المقنع. الحكرة يكون في الحنطة إلخ.

(٦) الوسيلة : باب الاحتكار والتلقي ص ٢٦٠ قال : الاحتكار في ستة أشياء الى أن قال : والملح.

(٧) المبسوط : ج ٢ فصل في حكم التسعير ص ١٩٥ س ١٢ قال : والأقوات التي يكون فيها الاحتكار الى أن قال : والملح.

(٨) القواعد : كتاب المتاجر ، خاتمة يشتمل على أحكام ص ١٢٢ س ١ قال : يحرم الاحتكار الى أن قال : والملح.

٣٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

النهاية (١) لموثقة غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال : ليس الحكرة إلّا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن (٢) وحينئذ يبقى ما عداه على الأصل.

الثالثة : في حدّ الاحتكار ، فقال الشيخ ثلاثة أيام في الغلاء وأربعون في الرخص (٣) وتبعه القاضي (٤). وقال المفيد : احتباس الأطعمة مع حاجة أهل البلد إليها ، وضيق الأمر عليهم فيها ، وذلك مكروه وإن كانت الغلات واسعة ، وهي موجودة في البلد على كفاية أهله ، لم يكره احتباس الغلات (٥) وهو اختيار المصنف (٦) والعلامة (٧). احتج الشيخ برواية السكوني (٨) والمفيد بحسنة الحلبي (٩).

الرابعة : يجبر المحتكر على البيع عند الحاجة إليه إجماعا ، وهل يسعّر عليه؟ قيل : فيه ثلاثة أقوال :

(أ) التسعير ، قال المفيد بما يراه السلطان من المصلحة ، ولا يسعّرها بما يخسر أربابها (١٠).

__________________

(١) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٥ قال : وأجود ما وصل إلينا في هذا الباب ما رواه غياث بن إبراهيم إلخ.

(٢) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الحكرة ص ١٦٤ الحديث ١.

(٣) النهاية : باب الاحتكار والتلقي ص ٣٧٤ س ١٩ قال : وحدّ الاحتكار في الغلاء وقلّة الأطعمة ثلاثة أيّام إلخ.

(٤) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٧ قال بعد نقل قول الشيخ : وتبعه ابن البراج.

(٥) المقنعة : باب تلقي السلع والاحتكار ص ٩٦ س ١٥ قال : والحكرة احتباس الأطعمة إلخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ١٢ قال : وقول المفيد جيّد وروايته أوضح طريقا.

(٨) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الحكرة ص ١٦٥ الحديث ٧.

(٩) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الحكرة ص ١٦٥ الحديث ٥.

(١٠) المقنعة : باب تلقي السلع والاحتكار ص ٩٦ س ١٦ قال : وللسلطان الى أن قال : وله أن

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) عدم التسعير ، قاله الشيخ (١) وتبعه القاضي (٢) وابن إدريس (٣).

(ج) التسعير إن تشدّد وأجحف ، وعدمه مع عدمه قاله ابن حمزة (٤) واختاره العلامة (٥).

احتج الأوّلون : بأنه لو لا ذلك لانتفت فائدة الإجبار ، لجواز الإجحاف. واحتج الشيخ بعموم قوله عليه السّلام الناس مسلّطون على أموالهم (٦) واحتج العلامة على عدم التسعير مع عدم التشدد ، وأنه حكم عليه في ماله ، قال : فلا يسوغ ، لما فيه من التسلط على أكل مال الغير بغير رضاه ، ولأن رسول الله صلّى الله عليه وآله لما مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن يخرج إلى بطون الأسواق بحيث ينظر الأبصار إليها ، فقيل له ، لو قوّمت عليهم؟ فغضب عليه وآله السّلام حتى عرف الغضب في وجهه ، فقال : أنا أقوّم عليهم ، إنما السّعر إلى الله يرفعه إذا شاء ، ويخفضه إذا شاء (٧) وأمّا على التسعير مع التشدّد ، فلأنه لولاه انتفت فائدة الجبر ، إذ بدونه يمتنع المالك من البيع إلّا بأضعاف ثمنه ، فلو سوغناه انتفت الحكمة في إلزامه بالبيع.

__________________

يسعرها على ما يراه من المصلحة.

(١) النهاية : باب الاحتكار والتلقي ص ٣٧٥ س ٢ قال : ولأصحابها أن يبيعوها الى أن قال : وليس للسلطان أن يحملهم إلخ.

(٢) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ١٤ قال بعد نقل قول الشيخ : وبه قال ابن البراج.

(٣) السرائر : باب آداب التجارة ص ٢١٢ س ٩ قال بعد نقل قول الشيخ : وهو الصحيح الذي يقوى في نفسي إلخ.

(٤) الوسيلة : باب الاحتكار والتلقي ص ٢٦٠ س ٦ قال : فاذا احتبس للبيع الى ان قال : أجبر على البيع دون السعر إلّا إذا تشدد.

(٥) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ١٥ قال بعد نقل قول ابن حمزة : وهو الأجود.

(٦) عوالي اللئالى : ج ٣ باب التجارة ص ٢٠٨ الحديث ٤٩.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (٧٨) باب الحكرة والأسعار ص ١٦٨ الحديث ٢.

٣٧١

الفصل الثالث : في الخيار

والنظر في أقسامه وأحكامه.

وأقسامه ستة :

الأول : خيار المجلس ، وهو ثابت للمتايعين ـ في كل مبيع لم يشترط فيه سقوطه ـ ما لم يفترقا.

الثاني : خيار الحيوان ، وهو ثابت للمشتري خاصة ، على الأصح (١) ويسقط لو شرط سقوطه ، أو أسقطه المشتري بعد العقد ، أو تصرّف فيه المشتري ، سواء كان تصرّفا لازما كالبيع ، أو غير لازم كالوصية والهبة قبل القبض.

______________________________________________________

الفصل الثالث : في الخيار

قال طاب ثراه : خيار الحيوان ، وهو ثابت للمشتري خاصة على الأصح.

أقول : مختار المصنف مذهب الشيخين (١) وأبي علي (٢) وسلار (٣) والصدوق (٤)

__________________

(١) المقنعة : باب عقود البيع ص ٩١ س ٢١ قال : ومن ابتاع حيوانا فله فيه شرط ثلاثة أيام إلخ. وفي النهاية : باب الشرط في العقود ص ٣٨٦ س ١٦ قال : والشرط في الحيوان الى أن قال : ويكون الخيار للمبتاع خاصة.

(٢) المختلف : كتاب التجارة ص ١٦٨ س ٢١ قال : خيار الحيوان ثلاثة أيام الى أن قال : للمشتري خاصة ذهب اليه الشيخان وابن الجنيد.

(٣) المراسم : ذكر البيوع ص ١٧٣ س ٥ قال : والثاني في الحيوان ، فإنه يلزم الخيار للمشتري ثلاثة أيام.

(٤) المقنع : باب المكاسب والتجارات ص ١٢٢ س ٢٣ قال : وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام للمشتري.

٣٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والقاضي (١) وابن إدريس (٢) وهو مذهب العلامة (٣). وقال علم الهدى : تثبت الخيار لهما معا (٤).

احتج الأوّلون بوجوه :

(أ) أصالة لزوم العقد ، وبطلان الخيار ، لقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٥) ولقوله عليه السّلام : البيّعان بالخيار ما لم يفترقا (٦) جعل مدة الخيار عدم الافتراق ، فينتفي معه ، وهو ثابت في الحيوان وغيره ، خرج خيار المشتري بالإجماع ، فيبقى الباقي على الأصل.

(ب) أنّ الحكمة في وضع الخيار للمشتري منتفية في حق البائع ، فلا يكون الخيار مشروعا في حقه ، لانتفاء حكمته. وبيانه : أنّ عيب الحيوان قد يخفى ولا يظهر كظهوره في غير الحيوان ، والمالك أعرف به من المشتري ، فضرب الشارع للمشتري مدة ثلاثة أيام ، لإمكان ظهور عيب فيه خفي عنه ، بخلاف البائع المطلع على عيوبه.

(ج) صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال : في الحيوان كلّه ثلاثة أيام للمشتري ، وهو بالخيار إن اشترط أو لم يشترط (٧) وجعل الخيار للمشتري يدلّ

__________________

(١) المهذب : ج ١ باب خيار المتبايعين ص ٣٥٣ س ٨ قال : واما الحيوان فيثبت الخيار فيه ثلاثا للمشتري.

(٢) السرائر : باب حقيقة البيع ص ٢١٣ س ١٢ قال : فاما الحيوان الى أن قال : للمشتري خاصة ، ثمَّ قال : وقال السيد المرتضى : يثبت للبائع والمشتري معا.

(٣) المختلف : كتاب التجارة ص ١٧٢ قال : مسألة خيار الحيوان ثلاثة أيام الى أن قال : للمشتري خاصة

(٤) السرائر : باب حقيقة البيع ص ٢١٣ س ١٢ قال : فاما الحيوان الى أن قال : للمشتري خاصة ، ثمَّ قال : وقال السيد المرتضى : يثبت للبائع والمشتري معا.

(٥) المائدة : ١.

(٦) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة باب الشرط والخيار في البيع ص ١٧٠ الحديث ٦.

(٧) التهذيب : ج ٧ (٢) باب عقود البيع ص ٢٤ الحديث ١٨.

٣٧٣

الثالث : خيار الشرط ، وهو بحسب ما يشترط ، ولا بد أن تكون مدته مضبوطة ، ولو كانت محتملة لم تجز كقدوم الغزاة وإدراك الثمرات. ويجوز اشتراط مدة يردّ فيها البائع الثمن ويرتجع المبيع ، فلو انقضت ولمّا يردّ لزم البيع ، ولو تلف في المدة تلف من المشتري ، وكذا لو حصل له نماء كان له.

الرابع : خيار الغبن ، ومع ثبوته وقت العقد بما لا يتغابن فيه غالبا ، وجهالة المغبون يثبت له الخيار في الفسخ والإمضاء.

______________________________________________________

بمفهومه على سقوطه عن البائع.

احتجّ السيد بأنه أحد المتبايعين ، فكان له الخيار كالآخر ، كخيار المجلس ، وبصحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام : البائعان بالخيار ثلاثة أيّام في الحيوان ، وما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا (١).

قال طاب ثراه : خيار الغبن ، ومع ثبوته وقت العقد بما لا يتغابن فيه غالبا ، وجهالة المغبون ، يثبت له الخيار في الفسخ والإمضاء.

أقول : هذه مسألة جليلة ، وتحقيق البحث فيها تقع في أربع مقامات :

الأوّل : في ثبوته ، وهو المشهور بين المتأخّرين ، قال الشهيد : وربما قال المحقق في الدرس : بعدم خيار الغبن ويظهر من كلام ابن الجنيد لأنّ البيع مبنيّ على المكايسة والمغالبة ، ولم نقف فيه على رواية سوى خبر الضّرار وتلقي الرّكبان ولم يذكر في الخلاف عليه دعوى الإجماع ، ولا اختيار أكثر الأصحاب ولا أخبار الأصحاب ، وأكثر القدماء لم يذكروه.

والأصح ثبوته وفوريّته متى علم به وبحكمه وتعذر مع الجهل بأحدهما ، هذا آخر كلامه رحمه الله (٢).

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (٢) باب عقود البيع ص ٢٣ الحديث ١٦.

(٢) الدروس : كتاب المكاسب ص ٣٦٢ س ٢٠ قال : وربما قال المحقق إلخ.

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأراد بخبر الضرار قوله عليه السّلام : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام (١) فإنّ هذا الخبر عام يمكن أن يستند في ثبوت خيار الغبن إليه ، لتضرّر المغبون.

وأمّا خبر التلقّي : فهو ما رواه الشيخ عن مثنى الحنّاط عن منهال القصاب عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : قال : لا تلق ولا تشتر ما يتلقى ولا تأكل منه (٢) وقوله عليه السّلام : لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر (٣) والظاهر أنّ النهي لمكان الغرور بالشراء من الركب القاصد رخيصا لعدم شعورهم بسعر البلد.

قال العلامة : ولأنّ النبي عليه السّلام أثبت الخيار في تلقّى الركبان ، وإنّما أثبته للغبن ، وكذلك ثبوت الخيار بالعيب لحصول الغبن به فكذا هنا (٤) وقال في موضع آخر من التذكرة : الأقرب أنّه مكروه ، لأنّ العامة روت أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال : لا تتلقوا الركبان للبيع ، ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا تتلقّى أحدكم تجارة خارجا من المصر ، ولا يبيع حاضر لباد ، ذروا المسلمين يرزق الله بعضهم من بعض ، وصورته : أن يرد طائفة إلى بلد بقماش ليبيعوا فيه فيخرج الإنسان يتلقاهم فيشتريه منهم قبل قدوم البلد ومعرفة سعره ، فإنّ اشترى منهم من غير معرفة منهم بسعر البلد ، صحّ البيع ، لأنّ النهي لا يعود إلى معنى في البيع ، وإنّما يعود الى ضرب من الخديعة والإضرار ،

__________________

(١) عوالي اللئالى : ج ١ ص ٣٨٣ الحديث ١١ وج ٢ ص ٧٤ الحديث ١٩٥ وج ٣ ص ٢١٠ الحديث ٥٤ وفيها : لا ضرر ولا إضرار في الإسلام ، وفي ج ١ ص ٢٢٠ الحديث ٩٣ وفيه : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، ولا حظ ما علق عليه.

(٢) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب التلقّي ص ١٦٨ الحديث ٢.

(٣) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب التلقّي ص ١٦٨ الحديث ١.

(٤) التذكرة : ج ١ البحث الرابع في خيار الغبن ص ٥٢٢ س ٤١ قال : ولأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله اثبت الخيار إلخ.

٣٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنّ في الحديث : إن تلقّاه متلق فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق ، فاثبت المبيع مع ذلك (١).

المقام الثاني : في حقيقته ، فنقول : الغبن هو ما نقص قيمة أحد العوضين عن العوض المسمّى في العقد نقصا لا تسامح بمثله عادة ، مع جهل من صار اليه الناقص ، ويثبت به الخيار لا الأرش ، لأنّه عوض من جزء فائت في العين أو صفاتها وليس.

المقام الثالث : في حكمه ، لا يبطل الخيار هنا بالتصرّف ، فإذا وجد في العين تصرّف ، فإمّا من المغبون فيما غبن فيه ، أو من الآخر في عوضه ، فهنا فصلان :

الأوّل : تصرف المغبون في ما غبن فيه كأن يشتري عينا بعين عليه ، ثمَّ يتصرّف ـ فيها ، فتصرفه لا يخلو إمّا أن يكون واردا على العين ، فلا يخلو إمّا أن يكون التصرف ناقلا للملك ، أو غير ناقل ، فهنا قسمان :

(الأوّل) أن يكون التصرف ناقلا عن الملك ، وفيه مسائل :

(أ) أن يكون ناقلا عن الملك وهو لازم ، فيمنع من الردّ قطعا.

(ب) أن يكون ناقلا لكنه غير لازم كالهبة ، فلا يمنع من الردّ ، لجواز الفسخ والإعادة.

(ج) لو عاد بعد التصرّف الناقل اللازم بسبب الإرث لم يملك ردّه.

(القسم الثاني) أن لا يكون التصرّف ناقلا ، وفيه مسائل :

(أ) أن يكون لازما كالاستيلاد والكتابة المطلقة ، فإنّه يمنع من الردّ.

(ب) لو فرضنا مات الولد ولم يحصل نقص في المبيع بسبب الولادة ، كان له الردّ ، وإن حصل لم يكن له ذلك. وكذا لو حصل تراخ ، منع من الردّ أيضا.

__________________

(١) الى هنا كلام التذكرة ، لا حظ : ج ١ ص ٥٨٥ س ٣٥ قال : مسألة ، تلقّى الركبان منهي عنه إجماعا ، وهل هو حرام أو مكروه؟ الأقرب الثاني ، لأنّ العامة روت إلخ.

٣٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) أن لا يكون لازما ، فله الردّ.

البحث الثاني : أن يكون التصرّف واردا على المنافع ، وفيه مسائل :

(أ) أن يكون لازما كالإجارة ، فيمنع من الردّ.

(ب) أن لا يكون لازما كالعارية ، لم يمنع من الردّ قطعا.

(ج) لو لم يعلم بالغبن أو ثبوته حتى انقضت مدة الإجارة كان له الردّ. والضابط انه كلما حصل تراخ بعلم واختبار ، سقط الخيار ، لكونه على الفور.

الفصل الثاني : أن يكون التصرف من الآخر في عوضه ، أي من الغابن فيما صار اليه من المغبون ، كأن يشتري رخيصا ويتصرّف فيه ، فهذا التصرّف لا يسقط خيار الغبن مطلقا.

وفي تفصيله قسمان ، لأنّ التصرّف إمّا أن يرد على العين ، أو المنافع.

(القسم الأول) وفيه مسألتان :

(أ) أن يكون لازما ، فللمغبون القيمة ، للحيلولة ، سواء كان العقد الأول واردا على العين أو في الذمة.

(ب) أن لا يكون لازما ، فللمغبون إلزامه بالفسخ ليعيد العين ، وإن عاند فسخ المغبون ، وكذا له الفسخ وإن لم يعاند.

(القسم الثاني) أن يكون تصرفه واردا على المنافع ، وفيه مسألتان :

(أ) أن يكون لازما كالإجارة ، فللمغبون الفسخ وتملّك العين ، وعليه الصبر الى انقضاء مدة الإجارة مجانا ، وهل يجب عليه ردّ العوض عاجلا؟ يحتمل ذلك ، لعود الملك إليه بالفسخ ، وعدمه لعدم انتفاعه بالفسخ ، فله الانتفاع بالعوض ، والأول أقوى ، وإن قال : أنا أصبر إلى انقضاء مدّة الإجارة وأفسخ ، منع ، لأنه على الفور ، ويحتمل إجابته لأنّ التأخير لعذر.

(ب) أن لا يكون لازما كالإعارة ، فللمغبون الفسخ واستعادة العين.

٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

تنبيه

واعلم أنّ في قولنا : لعود الملك إليه في الإجارة عند الفسخ في الحال ـ وإن وجب عليه الصبر إلى انقضائها ـ فوائد :

(أ) صحة عتقه عن الكفارة ان لو كان عبدا.

(ب) يملك الفاسخ ما يتجدّد به من حمل أو ثمرة.

(ج) تملكه كسبه الّذي لا يتعلق به الإجارة ، كالالتقاط.

(د) جواز استخدامه ليلا.

(ه) وجوب تجهيزه عليه لو مات.

(و) وجوب الإنفاق عليه.

(ز) انتقال الضمان إليه بالفسخ.

ولو صبر عن الفسخ في الحال ، كانت هذه الأحكام ثابتة في حق الغابن.

المقام الرابع : في شرائط هذا الخيار ، وهي ثلاثة :

(أ) ثبوته وقت العقد.

(ب) جهالة المغبون.

(ج) أن يكون التفاوت ممّا لم تجر العادة بالتّساهل فيه ، ولا حدّ له عندنا ، بل يرجع إلى العادة في عرف المعاملة ، ولا يسقط ببذل الغابن التفاوت ، ولا يبذل الزبون ، ولا بالتصرّف.

تنبيه

المواضع التي لا يسقط الردّ فيها بالتصرف أربعة :

(أ) خيار الغبن.

(ب) حلب المصراة.

(ج) وطء الأمة المردودة بعيب الحبل.

٣٧٨

الخامس : من باع ولم يقبض الثمن ، ولا قبض المبيع ، ولا اشترط التأخير ، فالبيع لازم ثلاثة أيّام ، ومع انقضائها يثبت الخيار للبائع ، فإن تلف ، قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري وبعدها من البائع. والوجه تلفه من البائع في الحالين ، لأنّ التقدير أنّه لم يقبض.

______________________________________________________

(د) إذا شرط بقاء الخيار مع التصرف.

قال طاب ثراه : من باع ولم يقبض الثمن ، ولا قبض المبيع «ولا اشترط التأخير» (١) فالبيع لازم ثلاثة أيّام ، ومع انقضائها يثبت الخيار للبائع ، فإن تلف ، قال المفيد : يتلف في الثلاثة من المشتري وبعدها من البائع ، والوجه تلفه من البائع في الحالين ، لأنّ التقدير انه لم يقبض.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : لا شك في لزوم البيع من حين العقد إلى تمام ثلاثة أيام ، وبعد انقضائها هل يبطل العقد أو يكون الخيار للبائع بين الفسخ والبقاء على العقد ومطالبة المشتري بالثمن؟ قال أبو علي والشيخ في المبسوط بالأوّل (٢) (٣) وقال في النهاية بالثاني (٤) وعليه الأصحاب.

__________________

(١) بين الهلالين غير موجود في النسخ المخطوطة التي عندنا من المهذب ، ولكنه موجود في النسخ المطبوعة والمخطوطة من المختصر النافع.

(٢) المختلف : في الخيارات ص ١٧٣ س ٢٣ قال : مسألة قال ابن الجنيد : إذا خرجت الثلاثة ولم يأت بالثمن فلا بيع له.

(٣) المبسوط : ج ٢ فصل في بيع الخيار ، ص ٨٧ س ١٤ قال : روى أصحابنا انه إذا اشترى شيئا بعينه بثمن معلوم وقال للبائع أجيئك بالثمن ومضى ، فإن جاء في هذه الثلاثة كان البيع له وإن لم يجئ في هذه المدة بطل البيع.

(٤) باب الشرط في العقود : ص ٣٨٥ س ١٩ قال : وإذا باع الإنسان شيئا إلى أن قال : فان مضى ثلاثة أيام كان البائع أولى بالمتاع إلخ.

٣٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والأخبار تعطي الأوّل. روى زرارة عن الباقر عليه السّلام قال : قلت : الرجل يشتري من الرجل المتاع ثمَّ يدعه عنده يقول : حتى آتيك بثمنه ، قال : إن جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيام ، وإلّا فلا بيع له (١) وفي صحيحة على بن يقطين أنّه سأل أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يبيع المبيع ، فلا يقبضه صاحبه ولا قبض الثمن؟ قال : الأجل بينهما ثلاثة أيام ، فإن قبض بيعه ، وإلّا فلا بيع بينهما (٢) وغيرهما من الاخبار بهذا المعنى وحملها الأصحاب على نفى اللزوم ، لا الصحة.

الثانية : لو تلف المبيع قبل القبض بعد الثلاثة كان من البائع إجماعا لعموم الخبر ولأن الشارع جعل له مندوحة الفسخ والانتفاع بعينه ولم يفصل ، فالتفريط مستند اليه.

وان تلف في الثلاثة فهل يكون من البائع أو من المشتري؟ قيل فيه ثلاثة أقوال :

(أ) انه من المشتري قاله المفيد (٣) لانتقال المبيع اليه بنفس العقد ، ومنع البائع من التصرف فيه لمصلحته ، ولأنه لو حصل له نماء كان له ، وقال عليه السّلام : الخراج بالضمان (٤).

(ب) انه من البائع قاله الشيخ (٥) لعموم قوله عليه السّلام : كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه (٦) ولما رواه عقبة بن خالد عن الصادق عليه السّلام في

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ (٦٦) باب الشرط والخيار في البيع ص ١٢٧ الحديث ٦.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٢) باب عقود البيع ص ٢٢ الحديث ٩.

(٣) المقنعة : باب عقود البيع ص ٩١ س ١٥ قال : ولو هلك المبيع في مدة هذه الثلاثة الأيّام كان من مال المبتاع.

(٤) عوالي اللئالى : ج ١ ص ٢١٩ الحديث ٨٩ ولا حظ ما علق عليه.

(٥) النهاية : باب الشرط في العقود ص ٢٨٦ س ٣ قال : فان هلك المتاع في هذه الثلاثة الى أن قال : كان من مال البائع.

(٦) عوالي اللئالي : باب التجارات ص ٢١٢ الحديث ٥٩.

٣٨٠