المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

جارية القراض ، ولو كان المالك أذن له ، وفيه رواية بالجواز متروكة. ولا يصحّ المضاربة بالدين حتى يقبض. ولو كان في يده مضاربة فمات ، فإن عيّنها لواحد بعينه أو عرفت منفردة والّا تحاصّ فيها الغرماء.

______________________________________________________

أقول : إن كان صيغة التضمين مع قوله : خذ مضاربة أو قراضا وضمانه عليك ، كان الضمير في (له) راجعا إلى المالك ، لفساد العقد وعليه الأجرة للعامل. ويحتمل أن يكون قرضا ويكون الفائدة للعامل ، ويؤيّده رواية محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال : من ضمّن تاجرا فليس له إلّا رأس ماله وليس له من الربح شي‌ء (١) وان كان مجرّدا عند أحدهما كقوله : خذه واتّجر به وعليك ضمانه ، كان الضمير راجعا إلى العامل وكان قرضا إجماعا نظرا إلى المعنى وصونا للعقد عن الفساد واللفظ المسلم عن الهذر.

قال طاب ثراه : ولا يطأ العامل جارية القراض ولو كان المالك أذن له ، وفيه رواية بالجواز متروكة.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الشيخ مرفوعا إلى الكاهلي عن أبي الحسن عليه السّلام قال : قلت : رجل سألني أن أسألكم أن رجلا أعطاه مالا مضاربة يشتري به ما يرى من شي‌ء ، وقال : اشتر جارية تكون معك ، والجارية إنما هي لصاحب المال ، ان كان فيها وضيعة فعليه ، وان كان فيها ربح فله ، فللمضارب أن يطأها؟ قال : نعم (٢) وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية (٣) ومنع المصنف (٤)

__________________

(١) التهذيب : ج ٧ (١٨) باب الشركة والمضاربة ص ١٩٠ قطعة من حديث ٢٥.

(٢) التهذيب : ج ٧ (١٨) باب الشركة والمضاربة ص ١٩١ الحديث ٣١.

(٣) النهاية : باب الشركة والمضاربة ص ٤٣٠ س ١١ قال : ولا يجوز للمضارب أن يشتري جارية يطأها إلّا أن يأذن له صاحب المال.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

٥٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

والعلامة (١) وفخر المحققين (٢) لأنّ الإباحة إمّا عقد أو ملك يمين ، وكلاهما مشروط بالملك ، فلا يصح قبله ، لاستحالة تقديم المشروط على الشرط. وفي طريق الرواية سماعة ، وهو واقفي (٣)

__________________

(١) الإيضاح : ج ٢ في أحكام القراض ، ص ٣١٩ قال في شرح قوله قدّس سرّه «ولو أذن له المالك في شراء أمة يطأها والأقرب المنع» ما لفظه : وهو الأقرب عند والدي المصنف والأصح عندي.

(٢) الإيضاح : ج ٢ في أحكام القراض ، ص ٣١٩ قال في شرح قوله قدّس سرّه «ولو أذن له المالك في شراء أمة يطأها والأقرب المنع» ما لفظه : وهو الأقرب عند والدي المصنف والأصح عندي.

(٣) طريق الحديث كما في التهذيب «الحسن بن محمّد بن سماعة عن محمّد بن زياد عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي الحسن عليه السّلام».

٥٦٢

كتاب المزارعة والمساقاة

٥٦٣
٥٦٤

كتاب المزارعة والمساقاة

أمّا المزارعة : فهي معاملة على الأرض بحصة من حاصلها. وتلزم المتعاقدين ، لكن لو تقايلا صحّ ، ولا تبطل بالموت.

وشروطها ثلاثة.

١ ـ أن يكون النماء مشاعا ، تساويا فيه أو تفاضلا.

٢ ـ وأن تقدر لها مدة معلومة.

٣ ـ وأن تكون الأرض ممّا يمكن الانتفاع بها.

وله أن يزرع الأرض بنفسه وبغيره ، ومع غيره الّا أن يشترط عليه زرعها بنفسه ، وأن يزرع ما شاء إلّا أن يعيّن له. وخراج الأرض على صاحبها الّا أن يشترط على الزارع ، وكذا لو زاد السلطان زيادة.

______________________________________________________

كتاب المزارعة والمساقاة

مقدمة المزارعة

والمخابرة اسمان لمعنى واحد ، وهو تسليم الأرض للعمل ببعض ما يخرج منها ، واشتقاقها من الأرض. والمخابرة من الخبار بكسر الخاء المعجمة ، وهي الأرض اللينة ، ويسمّى الأكار خابرا.

٥٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والمساقاة مفاعلة من السقي ، وهو تسليم أصول ثابتة لها ثمرة ينتفع بها مع بقاء الأصل للعمل فيها ببعض ما يخرج منها.

ويدل على مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع.

أمّا الكتاب فعموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١).

وأمّا السنة فروى عبد الله بن عمر ان النبي صلّى الله عليه وآله عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع (٢) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن المزارعة؟ فقال : النفقة منك والأرض لصاحبها فما أخرج الله من شي‌ء قسّم على الشرط ، وكذلك قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله خيبر ، أتوه فأعطاهم إيّاها على أن يعمّروها ، على أنّ لهم نصف ما أخرجت ، فلمّا بلغ التمر أمر عبد الله بن رواحة فخرص عليهم النخل ، فلمّا فرغ منه خيّرهم ، فقال : قد خرصنا هذا النخل بكذا صاعا ، فإن شئتم فخذوه وردّوا علينا نصف ذلك وان شئتم أخذناه وأعطيناكم نصف ذلك ، فقالت اليهود بهذا قامت السماوات والأرض (٣) وقال الصادق عليه السّلام : لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس (٤).

وأمّا الإجماع فمن الفرقة المحقّة لا يختلفون في جوازها ، ومنع أبو حنيفة منها. والشافعي والمالك منعا المخابرة ، وأجاز المساقاة.

واعلم أنّ المعاملة على الأصل ببعض ما يخرج من نمائه على ثلاثة أضرب :

__________________

(١) المائدة : ١.

(٢) صحيح مسلم : ج ٣ ، كتاب المساقاة (١) باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع ، الحديث (١).

(٣) التهذيب : ج ٧ (١٩) باب المزارعة ص ١٩٣ الحديث ٢.

(٤) التهذيب : ج ٧ (١٩) باب المزارعة ص ١٩٧ قطعة من حديث ١٧.

٥٦٦

ولصاحب الأرض أن يخرص على الزارع ، والزارع بالخيار في القبول ، فان قبل كان استقراره مشروطا بسلامة الزرع. (١) وتثبت اجرة المثل في كل موضع تبطل فيه المزارعة.

وتكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة أو الشعير ، وأن يؤجرها بأكثر ممّا استأجرهما به إلّا أن يحدث فيها حدثا ، أو يؤجرها بغير الجنس الذي استأجرها به.

______________________________________________________

مزارعة ، ومساقاة ، وقراض ، وقد عقد المصنف للأولين كتابا واحدا ، وللثالث كتابا ب انفراده ، وقد مرّ.

قال طاب ثراه : ولصاحب الأرض أن يخرص على الزّارع ، والزّارع بالخيار في القبول ، فإن قبل كان استقراره مشروطا بسلامة الزرع.

أقول : قال في الصحاح : الخرص حرز ما على النخل من السر أو الرطب تمرا ، والاسم الخرص بالكسر (١).

وعند الفقهاء : الخرص حرز الثمرة على رؤوس النخل ، أو سنبل الزرع تمرا وغلة ، وهو نوع من التقبيل والصلح وليس بيعا ، قال الشيخ : من زارع الأرض على ثلث أو ربع وبلغت الغلّة جاز لصاحب الأرض أن يخرص عليه الغلّة ، ثمرة كانت أو غيرها ، فإن رضي المزارع بما خرص أخذها ، وكان عليه حصة صاحب الأرض ، سواء نقص الخرص أو زاد ، وكان الباقي له ، فإن هلكت الغلّة بعد الخرص بآفة سماوية لم يكن عليه للمزارع شي‌ء (٢) وأنكرها ابن إدريس ، وقال : الذي ينبغي تحصيله انّه لا تخلو أن يكون قد باع حصته من الغلة أو الثمرة بمقدار في ذمته من الغلة أو الثمرة ، أو باعه الحصة بغلة من هذه الأرض ، فعلى الوجهين معا البيع باطل ، لأنّه

__________________

(١) الصحاح : ج ٣ ص ١٠٣٥ وليس فيه (البسر).

(٢) النهاية : باب المزارعة والمساقاة ص ٤٤٢ س ٢ قال : ومن زارع أرضا إلخ.

٥٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

داخل في المزابنة والمحاقلة ، وكلاهما باطلان. وان كان ذلك صلحا لا بيعا ، فان كان ذلك بغلة أو ثمرة في ذمة الأكار الذي هو المزارع ، فإنه لازم له سواء هلكت الغلة بالآفات السماوية أو الأرضية. وإن كان ذلك الصلح بغلة من تلك الأرض ، فهو صلح باطل ، لدخوله في باب الغرر ، لأنّه غير مضمون (١) والأصحاب على موافقة الشيخ ، والمستند صحيحة محمّد وعبيد الله الحلبيين عن الصادق عليه السّلام (٢) ومثلها ما تقدم في صحيحة يعقوب بن شعيب (٣) وقال فخر المحققين طاب ثراه : الخرص لا يملك ولا يضمن (٤) فكأنه نظر الى ما قاله ابن إدريس ، والى ما ورد من الروايات وفتاوى الأصحاب فلم يبطله رأسا ولم يقل بلزومه ، وفائدته عنده اباحة التصرف ، فلو زاد كان للمالك ان يرجع بالزيادة ، وإن نقص لم يكن على الزارع أن يدفع أكثر من حصّته الأصليّة ، ولا يجب عليه ما اقتضاه الخرص من القدر المعيّن.

والأقرب اللزوم ، لأنّه نوع صلح ، فهو عقد ، فيجب الوفاء به ، وروى محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال : سألته عن الرجل يمضى ما خرص عليه في النخل؟ قال : نعم ، قلت : أرأيت ان كان أفضل ممّا خرص عليه الخارص ، أيجزيه ذلك؟ قال : نعم (٥).

وفيه فوائد

(أ) استقلال من خرص عليه ، سواء كان شريكا بالابتياع أو المزارعة ،

__________________

(١) السرائر : باب المزارعة ص ٢٦٧ س ٢٣ قال : والذي ينبغي تحصيله إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٧ (١٩) باب المزارعة ص ١٩٣ الحديث ١.

(٣) تقدم آنفا.

(٤) الإيضاح : ج ٢ ، في أحكام المزارعة ص ٢٨٩ س ١٦ قال : بعد نقل قول الشيخ وابن إدريس : والأصح انه إباحة فلا يحتاج الى عقد جديد ، أو إباحة جديدة إلخ.

(٥) التهذيب : ج ٧ (١٩) باب المزارعة ، ص ٢٠٥ الحديث ٥١.

٥٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

بالتصرف من دون إذن شريكه.

(ب) فراغ المقبّل الخارص من المعاملة وقرار نفسه على القدر الذي وقع عليه التقبيل.

(ج) ملك المخروص عليه الزيادة إن حصلت ، وضمانه النقيصة.

تنبيهان

(أ) إنما يجوز التقبيل بعد بلوغ الزرع وصيرورته سنبلا ، لا قبله. وفي الثمرة هل يشترط بلوغها أم يكفي ظهورها؟ الأقرب الأوّل كما ذكره الشيخ في النهاية (١) على ما حكيناه عنه ، ولأنه المعروف عند أهل اللغة كما حكيناه عن الجوهري ، ولأنّه قبل البلوغ أدخل في باب الغرر ، فيكون ممنوعا ، فعلى هذا يجب الزكاة على من بلغ نصيبه نصابا دون الآخر.

(ب) لو تلف بآفة سماوية كتغيير الأهوية وتأخير المياه ، فيسقط عن المتقبّل بما قوطع عليه ، بخلاف ما لو أخذه ظالم ، أو كان تلفه بتفريط الزارع في السقي حتى نزل الماء عنه بعد تمكنه ، فإنه يجب عليه الوفاء بالحصة المضمونة ، وله مطالبة الظالم.

فرع

يشترط كون الحصة مشاعة ، فلو شرط أحدهما قدرا معيّنا لم يصح. ولو شرط إخراج البذر من الحاصل أوّلا والباقي بينهما ، أطلق المصنّف المنع (٢) ونصّ الشيخ في المبسوط (٣) وجماعة من الأصحاب كالقاضي وابن إدريس والعلامة في المختلف على

__________________

(١) النهاية : باب المزارعة والمساقاة ص ٤٤٢ س ٢ قال : ومن زارع أرضا على ثلث أو ربع وبلغت الغلة الى أن قال : ثمرة كانت أو غيرها.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) الظاهر ان المبسوط غلط ، والصحيح «النهاية» لاحظ المختلف : في المزارعة ص ١١ س ٢٥ قال :

٥٦٩

وأمّا المساقاة : فهي معاملة على الأصول بحصة من ثمرها ، ويلزم المتعاقدين كالإجارة ويصح قبل ظهور الثمرة وبعدها إذا بقي للعامل عمل فيه المستزاد. ولا تبطل بموت أحدهما على الأشبه الّا أن يشترط تعيين العامل. (١) وتصحّ على كل أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه ، ويشترط فيها المدة المعلومة التي يمكن حصول الثمرة فيها غالبا. ويلزم العامل من العمل ما فيه مستزاد الثمرة ، وعلى المالك بناء الجدران ، وعمل النواضح ، وخراج الأرض الّا ان يشترط على العامل. ولا بد أن تكون الفائدة مشاعة ، فلو اختص بها أحدهما لم تصح. وتملك بالظهور. وإذا اختلّ أحد شروط المساقاة كانت الفائدة للمالك وللعامل الأجرة. ويكره ان يشترط المالك مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة. ويجب الوفاء به لو شرط ما لم تتلف الثمرة.

______________________________________________________

جوازه (١) (٢) (٣) (٤).

قال طاب ثراه : وتصح المساقاة قبل ظهور الثمرة وبعدها إذا بقي للعامل عمل فيه المستزاد ولا تبطل بموت أحدهما على الأشبه ، الّا أن يشترط تعيين العامل.

__________________

قال الشيخ في النهاية إذا شرط المزارع إلخ.

(١) النهاية : باب المزارعة والمساقاة ، ص ٤٤٠ س ٢ قال : فان كان شرط المزارع أن يأخذ بذره إلخ.

(٢) المهذب : ج ٢ باب المزارعة والمساقاة س ٧ قال : فإن شرط المزارع على صاحب الأرض أخذ البذر قبل القسمة إلخ.

(٣) السرائر : باب المزارعة ص ٢٦٦ س ٢٤ قال عند نقل قول الشيخ «فان كان شرط المزارع أن يأخذ بذره قبل القسمة» : قال محمّد بن إدريس : الى أن قال : إذا لم يكن شرط أن يأخذه قبل القسمة إلخ.

(٤) المختلف : في المزارعة ص ١١ قال بعد نقل قول ابن إدريس : لأنه إذا لم يشترط إخراج البذر إلخ.

٥٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : هنا مسائل :

الأولى : محل المساقاة كل أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه كالنخل والكرم ، ولا يجوز على ما ليس له أصل كالفجل والجزر. وهل يجوز على ما بقي له أصل ينتفع به مرّة بعد اخرى ، لكنه ضعيف لا ثبات له كالكراث والهند باء وسائر ما يجزّ كالنعناع والسلق؟ قال في الخلاف : نعم (١) والأكثرون على المنع ، لأنّها معاملة ، فيقتصر منها على موضع الإجماع.

والورق في الحناء والتوت في معنى الثمرة ، ومنع في المبسوط من المساقاة على التوت الذكر (٢) ولا يجوز على الباذنجان وان بقي أصله في الأرض لضعفه ، فالحق بالزرع.

الثانية : تعتبر فيها الأجل المعين الّذي يحصل فيه الثمرة قطعا ، فلو لم يعين أجلا ، أو علم قصور المعين عن حصول الثمرة فيه كانت المعاملة باطلة ، وتثبت اجرة المثل. وقال ابن الجنيد : ولا بأس بمساقاة النخل وما شاكله سنة أو أكثر من ذلك إذا حضرت المدة أو لم يحضر (٣) ، وهو متروك واحتج بصحيحة يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه فيها الرمان والنخل والفاكهة ، فيقول : إسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما خرج قال : لا بأس (٤) وأجيب بأنّ نفي البأس لا يستلزم اللزوم.

__________________

(١) الخلاف : كتاب المساقاة مسألة ٣ قال : وزاد أبو يوسف فقال : تجوز المساقاة على البقل الذي يجزّ جزّة بعد جزّة وكذلك نقول.

(٢) المبسوط : ج ٣ كتاب المساقاة ص ٢٠٧ س ١٠ قال : وكلّ ما لا ثمرة له من الشجر كالتوت الذكر والخلاف فلا يجوز مساقاته.

(٣) المختلف : في المساقاة ص ١٤ س ٢٨ قال : وقال ابن الجنيد : ولا بأس بمساقاة النخل وما شاكله سنة وأكثر إلخ.

(٤) الفروع : ج ٥ ، كتاب المعيشة ، باب مشاركة الذمي وغيره في المزارعة والشروط بينهما ص ٢٦٨ قطعة من حديث ٢.

٥٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الثالثة : تصح المساقاة قبل ظهور الثمرة قطعا ، وهل تصح بعد ظهورها؟ قيل : لا ، وهو ضعيف على إطلاقه ، والمشهور الجواز إذا بقي للعامل ما فيه مستزاد للثمرة وصلاحها.

تنبيه

ولا يشترط كون الزيادة بالسقي ، بل أعم ، وان انتفى السقي بالكلية.

فإن قيل : المساقاة مفاعلة من السقي ، فلا بد من تحقيقه.

قلنا : قد يكون النخل مستغنيا عن السقي ولا يحتاج اليه ، فيلزم من اشتراطه بطلان المساقاة على مثل ذلك ، فيفوت المصلحة الناشئة من المشروعية ، والإذن في المساقاة عام ، وانما اشتق له المساقاة ، لأنّه الغالب في احتياج المعاملين اليه ، خصوصا أهل الحجاز لأنهم يسقون الماء من الآبار ، ولنوضح ذلك في مسائل :

(أ) قال القاضي : إذا دفع إنسان إلى غيره نخلا معاملة على أن يلقّجه فما خرج كان بينهما نصفين ، ولم يشترط صاحب الأرض على العامل من العمل أو الحفظ شيئا غير ذلك ، نظر فإن كان النخل يحتاج إلى السقي والحفظ ، كانت المعاملة فاسدة ، فإن لقّحه العامل كان له اجرة مثله وقيمة ما لقّحه به ، وإن كان لا يحتاج الى حفظ ولا سقي ولا عمل غير التلقيح كانت المعاملة جائزة (١) ولم يفرّق العلامة بين الأمرين وأجاز المساقاة مطلقا واكتفى بالتلقيح (٢).

(ب) قال القاضي : فإن كان إذا سقي كان أجود للثمرة ، إلّا أنّ تركه ليس يضرّه كانت المعاملة أيضا جائزة ، وإن كان ترك السقي يضرّه وينقصه ويفسد

__________________

(١) المهذب : ج ١ كتاب المساقاة ص ٢٤ س ٧ قال : وإذا دفع إنسان إلى غيره إلخ.

(٢) المختلف : في المساقاة ص ١٥ س ١٦ قال بعد نقل قول القاضي : والوجه التسوية بين الأمرين عملا بالشرط.

٥٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بعضه ولا يفسد جميعه كانت المعاملة فاسدة (١) قال العلامة : والوجه عندي الصحة (٢).

(ج) قال : ولو كان ترك اشتراط التلقيح عليه واشترط ما عداه ، لما جاز ، لأنّ تركه مضرة ، وقد بقي بعض العمل على صاحب النخل ، وهكذا كل عمل لا يصلح النخل الّا به ولم يشترطه على العامل (٣) قال العلامة : والوجه الجواز لما بيّنا من جواز اشتراط بعض العمل على المالك (٤).

(د) وقال : لو رهن نخلا فلما قبضه المرتهن قال له الراهن : اسقه واحفظه ولقّحه ، فما خرج فهو بيننا نصفان ، ففعل ذلك ، كان الخارج لصاحب النخل والمعاملة فاسدة ، وكان للمرتهن اجرة مثله في التلقيح والسقي دون الحفظ ، لأنّ ذلك يلزمه في حق كونه مرتهنا ، والجواز كما لو عامل غيره بإذن المرتهن (٥) وهو اختيار العلامة (٦).

(ه) قال الشيخ : إذا ساقاه بالنصف على ان يعمل معه ربّ المال ، فالمساقاة باطلة ، لأنّ موضوع المساقاة على أنّ من ربّ المال المال ، ومن العامل العمل ، كالقراض ،

__________________

(١) المهذب : ج ٢ كتاب المساقاة ص ٢٤ س ١٢ قال : فان كان إذا سقي إلخ.

(٢) المختلف : في المساقاة ص ١٥ س ١٩ قال بعد نقل قول القاضي : والوجه عندي الصحة على ما تقدم.

(٣) المهذب : ج ٢ كتاب المساقاة ص ٢٤ س ١٤ قال : ولو كان ترك اشتراط التلقيح عليه إلخ.

(٤) المختلف : في المساقاة ص ١٥ س ٢٠ قال بعد نقل قول القاضي : والوجه الجواز إلخ.

(٥) المهذب : ج ٢ كتاب المساقاة ص ٢٥ س ١١ قال : وإذا رهن إنسان عند غيره أرضا ونخلا بدين له عليه إلخ.

(٦) المختلف : في المساقاة ص ١٥ س ٢٤ قال : والحق صحة هذه المعاملة كما لو عامل غيره بإذن المرتهن.

٥٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

فاذا اشترط على ربّ المال العمل بطل كالقراض (١) واختار المصنف الجواز (٢) قال العلامة : والوجه عندي صحة ذلك ، لأنّ الشيخ سوغ أن يشترط العامل على المالك على أن يعمل معه غلامه ، وأن يكون على المالك بعض العمل لأنّه لا مانع من ذلك ، وهذا نفس ذلك (٣).

(و) لو شرط العامل خروج اجرة اجراء الذين يستعان بهم كالناطور (٤) والصاعور (٥) من الثمرة ، قال في المبسوط : بطل العقد ، لأنّ المساقاة موضوعة على أنّ من رب المال ، المال ، ومن العامل العمل ، وإذا شرط أن يكون أجرة الاجراء من الثمرة كان على ربّ المال ، المال والعمل معا ، وهذا لا يجوز (٦) وبالجواز قال المصنف (٧) والعلامة (٨) إذا بقي للعامل عمل. والحاصل أنه متى بقي للعامل عمل ينتفع به الثمرة ، ولو في إبقائها وحفظها ، كان المساقاة جائزة ، فعلى هذا لو صار رطبا تاما ، وهي مفتقرة إلى الجذاذ والتشميس والكيس في الظروف ، جازت المساقاة عليها ، لأنّ الضرورة المسوغة للمشروعية ، هي المحوجة الى العامل ، وكما يتحقق قبل

__________________

(١) المبسوط : ج ٣ كتاب المساقاة ، ص ٢١١ س ١٥ قال : وإذا ساقاه بالنصف على ان يعمل رب المال معه إلخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : في المساقاة ص ١٤ س ١٠ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط : والوجه عندي صحة ذلك إلخ.

(٤) الناطر والناطور حافظ الكرم والنخل أعجميّ قاله في القاموس ـ مجمع البحرين لغة ـ نطر.

(٥) لم نعثر عليها في مظانّها.

(٦) المبسوط : ج ٣ كتاب المساقاة ص ٢١٧ س ٢١ قال : إذا ساقاه على أنّ أجرة الأجراء الذين يعملون إلخ.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) المختلف : في المساقاة ص ١٤ س ٢٨ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط : والأقوى عندي الجواز إذا بقي للعامل إلخ.

٥٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الظهور يتحقق بعده ، بل ربما كانت الحاجة أمس ، لأنّ المالك قد لا يتمكّن من مباشرتها ، وفي تركها فساد لها ، وقد يتعذّر الإجارة والجعالة ، والمساقاة أتمّ منهما وأقوى في خرص العامل على الحفظ والعمل ، فيشرع ذلك تحصيلا للمصلحة الخالية عن معارضة مفسدة يمنع من المشروعية.

الرابعة : قال الشيخ : على العامل كلّما فيه المستزاد ، كاللقاط وإصلاح موضع التشميس ونقل الثمرة اليه ، والجذاذ وحفظها في رؤوس النخل وغيره حتى يقسم (١) وعليه الأكثر ، وقال أبو علي : وكلّ حال يصلح بها الثمرة والزرع فعلى الساقي عملها إلى أن تبلغ الثمرة ، والزرع إلى حال يؤمن عليها من الفساد ، فاذا بلغت صار شريكا ولم يجب عليه من العمل شي‌ء إلّا بقسطه إلّا أن يشترط عليه (٢).

الخامسة : لا يبطل هذا العقد بموت أحدهما ، لأنه من العقود اللازمة ، بل يقوم وارث كلّ منهما مقامه ، كالإجارة. ومن قال ببطلانه في الإجارة أبطل به هنا ، ومن ، لا ، فلا ، نعم لو عيّن المالك العامل ومات ، بطلت المساقاة ، لأنّ العقد لم يتناول غيره.

السادسة : يكره أن يشترط المالك على العامل مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة ، لجواز أن يكون الخارج من الثمرة بقدر المشروط أو أقل ، فيكون عمله ضائعا ، ويصح الشرط لكنه مراعى كالتقبيل ، فاذا تلفت الثمرة ، بطل الشرط ، ولم يجب الوفاء ، وكذا لو لم يتفق الاطلاع في المدة المشروطة لم يجب الوفاء بالمال.

__________________

(١) المبسوط : ج ٣ كتاب المساقاة ، ص ٢٠٩ س ١٩ قال : كلما كان مستزادا في الثمرة كان على العامل الى قوله : حتى يقسّم. ولا يخفى أنّ المصنف قدّس سرّه اختصر كلام الشيخ ، فلا حظ.

(٢) المختلف : في المساقاة ص ١٤ س ٣٥ قال : وقال ابن الجنيد : وكل حال يصلح بها الثمرة إلخ. والحمد لله رب العالمين كما هو أهله ومستحقه ، حمدا يضاهي حمد ملائكته المقربين وأهل السماوات والأرضين وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله الأمجدين الطيبين الطاهرين الى يوم الدين قد فرغت منه عشية يوم الخميس في السادس والعشرين من شهر محرّم الحرام من شهور سنة ١٤٠٩ ه‍. ق.

٥٧٥
٥٧٦

فهرست المطالب

كتاب الصوم

وفيه بيان أمور :

الأول : الصوم

في تعريف الصوم.............................................................. ٥

في نية النذر المعين............................................................ ١٠

في وقت النية للصوم المندوب.................................................. ١١

في تقديم النية على هلال شهر رمضان.......................................... ١٨

في من صام بنية الواجب يوم الشك............................................ ٢٠

الثاني : فيما يمسك عنه

وفيه مقصدان :

الأول : في الامساك عن الجماع................................................ ٢٤

بطلان الصوم وعدمه بوطء الغلام.............................................. ٢٧

حكم الارتماس في الماء........................................................ ٢٧

كراهة السعوط ومضغ العلك.................................................. ٢٩

في تحريم الحقنة بالمايع......................................................... ٣١

المقصد الثاني : في وجوب الكفارة والقضاء في الجماع قبلا ودبرا..................... ٣٣

٥٧٧

في بيان حكم الكذب على الله ورسوله والأئمة (ع).............................. ٣٤

في تعمد البقاء على الجنابة.................................................... ٣٥

في حكم الافطار بالمحرم....................................................... ٣٦

حكم المجنب لو انتبه ثم نام.................................................... ٣٧

في وجوب القضاء بالحقنة وعدم وجوبه.......................................... ٣٨

في بيان حكم من نظر إلى امرأة فأمنى........................................... ٣٨

في تكرر الكفارة مع تغاير الأيام................................................ ٤٥

الثالث : من يصح منه

عدم صحة الصوم من المجنون والمغمى عليه....................................... ٤٧

في من نذر الصيام في السفر والحضر............................................ ٤٩

موارد صحة الصوم المنذور في السفر............................................ ٥٠

الرابع : في أقسامه

في هلال شهر رمضان وقبول شهادة الواحد...................................... ٥٤

عدم اعتبار أمور في الهلال..................................................... ٥٧

في بيان حكم المريض......................................................... ٦٧

في بيان حكم من مات في السفر............................................... ٧٠

في قضاء الصوم عن المرأة...................................................... ٧١

لا قضاء على الأنثى إذا كانت أكبر أولاد الميت................................. ٧٣

في حكم من نسي غسل الجنابة حتى آخر الشهر................................. ٧٧

حكم القاتل في أشهر الحرم.................................................... ٧٩

الخامس : في اللواحق

يشترط تبييت النية في السفر.................................................. ٨١

حد الترخص................................................................ ٨٣

٥٧٨

حكم الشيخ والشيخة........................................................ ٨٤

كتاب الاعتكاف

تعريف الاعتكاف........................................................... ٩٣

أماكن الاعتكاف............................................................ ٩٦

أحكام المعتكف............................................................. ٩٨

في مضي يومان على المعتكف................................................ ١٠١

ما يستحب عمله للمعتكف................................................. ١٠٣

فيما يحرم على المعتكف..................................................... ١٠٩

مفسدات الاعتكاف....................................................... ١١١

كتاب الحج

وفيه مقدمات :

المقدمة الأولى

في تعريف الحج............................................................ ١١٧

المقدمة الثانية

حكم من لم يستطع الحج بسبب الكبر وغيره.................................. ١٢٠

في شرائط الحج............................................................. ١٢٢

في من مات وقد استقر عليه الحج............................................ ١٢٣

في من نذر غير حجة الاسلام................................................ ١٢٥

لو نذر أن يحج ماشيا....................................................... ١٢٦

٥٧٩

لا يجوز للنائب العدول من حج التمتع إلى غيره................................. ١٣٢

لو شرط المنوب على النائب شرطا............................................ ١٣٣

فيما لو صد المنوب قبل اكمال الحج.......................................... ١٣٥

حكم الطواف عن الغير..................................................... ١٣٧

حكم من حصل على مال لميت وعليه حجة................................... ١٣٨

في من مات وعليه حجة الاسلام وأخرى منذورة................................ ١٤٢

المقدمة الثالثة

حدود المتمتع عن مكة...................................................... ١٤٤

شروط حج التمتع.......................................................... ١٤٦

موارد العدول في الحج....................................................... ١٥١

في بيان مستحبات البدنة.................................................... ١٥٢

حكم القارن والمفرد في الطواف............................................... ١٥٣

في كيفية بطلان متعة القارن والمفرد............................................ ١٥٦

المقدمة الرابعة

حكم من نسي الاحرام...................................................... ١٥٧

أما المقاصد فثلاث :

المقصد الأول : في أفعال الحج

وجوب رمى الجمار والحلق................................................... ١٦١

القول في الاحرام :

مقدمات الاحرام........................................................... ١٦١

جواز تقديم الغسل على الميقات.............................................. ١٦٣

حكم التلبيات الأربع....................................................... ١٦٤

٥٨٠