المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

ولو كان مأذونا في التجارة ، فاستدان لم يلزم المولى ، وهل يسعى العبد فيه؟ قيل : نعم ، وقيل : يتبع به إذا أعتق ، وهو الأشبه.

______________________________________________________

للعبد لمصالحه. فان قيل : الدين المأذون فيه إذا صرفه العبد إلى مصالحه كان لازما للمولى ، قلنا : نمنع أنّ مجموع مصالح العبد لازمة للمولى ، وانما يلزمه المعروف من النفقة ، والاستدانة لذلك القدر منها ليس موضع النزاع على ما بيّناه (١).

قال طاب ثراه : ولو كان مأذونا في التجارة ، فاستدان لم يلزم المولى ، وهل يسعى العبد فيه؟ قيل : نعم ، وقيل : يتبع به إذا أعتق ، وهو الأشبه.

أقول : إذا اذن السيد لعبده في التجارة دون الاستدانة ، فاستدان ، قال في النهاية يستسعى به معجلا (٢) وقال في المبسوط : إنّما يسعى به بعد العتق (٣) وبه قال التقي (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦).

واحتج الشيخ على الأوّل بصحيحة أبي بصير عن الباقر عليه السّلام قال : قلت له : الرجل يأذن لمملوكه في التجارة ، فيصير عليه دين ، قال : إن كان أذن له ان يستدين فالدين على مولاه ، وإن لم يكن أذن له أن يستدين فلا شي‌ء على المولى ،

__________________

(١) المختلف : كتاب الديون ص ١٣٦ س ٢٣ قال : وقول ابن إدريس : إذا أذن للعبد في الاستدانة إلى أن قال : خطأ فاحش ، فان التقدير أنّ الدين للعبد لا للمولى إلخ.

(٢) هكذا في النسخ المخطوطة التي عندي وليس في المختلف ولا في النهاية كلمة «معجلا» لا حظ النهاية : كتاب الديون باب المملوك يقع عليه الدين ص ٣١١ س ٩ قال : وان كان مأذونا في التجارة ولم يكن مأذونا في الاستدانة إلخ.

(٣) المبسوط : ج ٢ ، فصل في العبد ، ص ١٦٤ س ١٦ قال : وان لم يكن أذن له في الاستدانة كان ذلك في ذمة العبد إلخ.

(٤) المهذب : ج ٢ باب العتق واحكامه ص ٣٦١ س ٢٠ قال : وإذا مات العبد وعليه دين نظر فان كان سيّده أذن له في إلخ.

(٥) السرائر : كتاب الديون ، باب المملوك يقع عليه الدين ص ١٦٨ س ٢٣ قال : إنّ العبد المأذون له في التجارة لا يستسعي في قضاء الدين ، بل يتبع به إذا لحقه العتاق.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

٤٨١

(القسم الثاني) في القرض.

وفيه أجر ينشأ من معونة المحتاج تطوّعا. ويجب الاقتصار على العوض ، ولو شرط النفع ولو زيادة في الصفة حرم ، نعم لو تبرّع المقترض بزيادة في العين أو الصفة لم يحرم. ويقترض الذهب والفضة وزنا ، والحبوب كالحنطة والشعير كيلا ووزنا ، والخبز وزنا وعددا.

ويملك الشي‌ء المقترض بالقبض ، ولا يلزم اشتراط الأجل فيه ، ولا يتأجّل الدين الحالّ مهرا كان أو غيره. فلو غاب صاحب الدّين غيبة منقطعة نوى المستدين قضاءه وعزله عند وفاته موصيا به. ولو لم يعرفه اجتهد في طلبه ، ومع اليأس قيل : يتصدّق به عنه.

______________________________________________________

فيستسعي العبد في الدين (١) ولأنّ السيد غرّ الناس بالإذن له في التجارة.

واحتج الآخرون بأنّ السعي مملوك للسيّد ، فلا يجوز صرفه فيما لم يأذن فيه ، لضرره به ، وقال عليه السّلام : لا ضرر ولا ضرار (٢) ولأنّ المدين فرط بحقه. وفصّل العلامة فقال : إن كان استدان لمصلحة التجارة وضرورياتها ، لزم ، وإن لم يكن لمصلحتها لم يلزمه شي‌ء ، وتبع به بعد العتق.

قال طاب ثراه : ومع اليأس قيل : يتصدّق به عنه.

أقول : قال الشيخ في النهاية : يجتهد المديون في طلب الوارث ، فان لم يظفر به تصدق به (٣) وتبعه القاضي (٤) وقال ابن إدريس : يدفعه الى الحاكم إذا لم يعلم له

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ (٨١) باب الديون وأحكامها ص ٢٠٠ الحديث ٧٠.

(٢) عوالي اللئالى : ج ١ ص ٢٢٠ الحديث ٩٣ ولا حظ ما علّق عليه.

(٣) النهاية : باب وجوب قضاء الدين إلى الحيّ والميت ص ٣٠٧ س ١٤ قال : فان لم يعرف له وارثا اجتهد في طلبه ، فان لم يظفر به تصدّق به عنه.

(٤) المختلف : كتاب الديون ص ١٣٣ س ٢٩ قال بعد نقل قول الشيخ : وتبعه ابن البراج.

٤٨٢

ولا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض. ولو باع الذمي ما لا يملكه المسلم وقبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقه. ولو أسلم الذمي قبل بيعه ، قيل : يتولّاه غيره ، وهو ضعيف.

______________________________________________________

وارثا ، فان قطع عليه أنه لا وارث له كان لإمام المسلمين ، لأنّه يستحق ميراث من لا وارث له (١) وقال العلامة : إن لم يعلم انتفاء الوارث وجب حفظه ، لأنّه مال معصوم ، فيجب حفظه على مالكه كغيره من الأموال ، فإن آيس من وجوده والظفر به أمكن أن يتصدّق به وينوي القضاء عند الظفر بالوارث ، لئلا يتعطّل المال ، إذ لا يجوز التصرّف فيه ، ولا يمكن إيصاله إلى مستحقه (٢).

وفي قوله «لا يجوز التصرف فيه» نظر ، لعدم تعيين الدين الّا بقبض المستحق له ، بل لو قال : لاحتياجه الى تفريغ ذمته ـ وهو غير متمكّن من إيصاله إلى مستحقه ، فشرع له التصدّق به كاللقطة ـ كان أحسن.

قال طاب ثراه : ولو أسلم الذمّي قبل بيعه ، قيل : يتولّاه غيره ، وهو ضعيف.

أقول : القائل بذلك الشيخ في النهاية (٣) ومنع منه القاضي (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧).

__________________

(١) السرائر : باب وجوب قضاء الدين إلى الحيّ والميت ، ص ١٦٣ س ١٥ قال : فإن لم يجده يدفعه الى الحاكم ، فان قطع على انه لا وارث له كان لإمام المسلمين.

(٢) المختلف : كتاب الديون ص ١٣٣ س ٣٠ قال : والمعتمد أن نقول : ان لم يعلم انتفاء الوارث وجب حفظه إلخ.

(٣) النهاية : باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت ص ٣٠٧ س ٢١ قال : ومن شاهد مدينا له قد باع ما لا يحل تملكه للمسلمين من خمر وخنزير وغير ذلك إلخ.

(٤) لم أظفر عليه.

(٥) السرائر : باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت ، ص ١٦٥ س ٣ قال : ومن شاهد مدينا قد باع ما لا يحل تملكه للمسلمين من خمر أو لحم خنزير وغير ذلك وأخذ ثمنه إلخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف : كتاب الديون ، ص ١٣٥ س ١٨ قال بعد نقل قول الشيخ وابن إدريس : وهذا

٤٨٣

ولو كان لاثنين ديون فاقتسماها ، فما حصل لهما ، وما توى (١) منهما.

ولو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر ممّا دفع ، على تردّد.

______________________________________________________

احتج الشيخ بما رواه يونس ، الى قوله : قال : وإذا أسلم رجل وله خمر وخنازير ثمَّ مات وهي في ملكه وعليه دين ، قال : يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خنازيره وخمره ، فيقضي دينه ، وليس له أن يبيعه وهو حيّ ولا يمسكه (٢).

احتج الآخرون بأنّ المسلم لا يملك ذلك ، ولا يجوز له بيعه مباشرة ، فلا يجوز تسبيبا.

وأجابوا عن الرواية بأنّها مقطوعة أوّلا ، وبقبول الاحتمال ثانيا إذ من الجائز أن يكون الورثة كفارا فلهم بيع الخمر وقضاء دين الميت منه ، ولهذا حرم عليه بيعه وإمساكه في حياته.

قال طاب ثراه : ولو بيع الدّين بأقلّ منه ، لم يلزم الغريم أن يدفع أكثر مما دفع ، على تردّد.

أقول : هذه المسألة من المعارك التي قد تشبّه على المحصّلين. وتوضيحها يستدعي بيان تصوّرها قبل البحث منها بتوطئة مقدّمة.

فنقول : الدين أمر كلي في الذمّة غير مشخص ، وإنما تشخيصه بتعيين المديون مع قبض المستحق له ، أو الحاكم مع امتناعه ، أو صاحب الدين مع إلطاط (٣) المديون ،

__________________

لا طائل تحته فان قصد الشيخ أهل الذمة. إلخ.

(١) والتوى ـ مقصور ويمدّ ـ هلاك المال ، يقال : توي المال بالكسر توى وتواء هلك (مجمع البحرين لغة توا).

(٢) التهذيب : ج ٧ (٩) باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة ، ص ١٣٨ قطعة من حديث ٨٣.

(٣) لطّ لطا ، الباب أغلقه ، والشي‌ء ستره ، والستر أرخاه (المنجد لغة لطّ) والمراد إنكار المديون أو مماطلته.

٤٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

قصاصا ، ولا يتعيّن بغير ذلك. وقد يكون من أحد النقدين ، وقد يكون متاعا غيرهما ، ربويّا وغير ربويّ.

فإن كان من أحد النقدين وبيع بمثله ، أو بالنقد الآخر اشترط التقابض في المجلس مع التساوي في القدر إن اتّحد الجنس ، وليس موضوع المسألة. وإن كان من غيرهما وكان الثمن والمثمن ربوبين اشترط تساويهما ، وليس موضوع المسألة أيضا. فبقي أن يكون من غيرهما كثوب أو شاة ، فإذا كان يساوي عشرة فباعه بدرهم ، أو قدرا من النقد كعشرة دراهم فباعها بعوض يساوي درهما ، فهذا موضوع المسألة فهل يجب على البائع أن يدفع الى المشتري مجموع الدين ، لأنّه الذي وقع عليه عقد الابتياع ، وهو صحيح شرعي فيترتّب أثره عليه؟ أم لا يجب أن تدفع إلّا بقدر ما يساوي ما نقد المشتري من الثمن؟ فيه قولان : أحدهما قول الشيخ في النهاية : لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري (١) وتبعه القاضي (٢). والآخر قول ابن إدريس (٣) واختاره المصنف (٤) والعلامة (٥) وعليه المتأخّرون وهو وجوب دفع مجموع الدين إلى المشتري ، لوقوع عقده عليه وانتقاله اليه فلا يتوقف على إذن البائع.

واعلم أنّ كلام الشيخ قد تضمّن حكمين :

__________________

(١) النهاية : باب بيع الديون والأرزاق ، ص ٣١١ س ٣ قال : ومن باع الدين بأقل ممّا له على المدين ، لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال.

(٢) المختلف : كتاب الديون ، ص ١٣٣ س ١ قال بعد نقل قول الشيخ : وتبعه ابن البراج على ذلك ثمَّ بعد نقل قول ابن إدريس واعتراضه الشديد عليه والذب عن الشيخ بما لا مزيد عليه ، اختار قول الشيخ بقوله : وهل منع احد من المسلمين إلخ.

(٣) السرائر : كتاب الديون ، ص ١٦٤ س ٢٢ قال : قال محمّد بن إدريس : إن كان البيع للدين صحيحا ماضيا لزم المدين ان يؤدّي جميع الدين إلى المشتري ، وإن كان قد اشتراه بأقل قليل إلخ.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : كتاب الديون ، ص ١٣٣ س ١ قال بعد نقل قول الشيخ : وتبعه ابن البراج على ذلك ثمَّ بعد نقل قول ابن إدريس واعتراضه الشديد عليه والذب عن الشيخ بما لا مزيد عليه ، اختار قول الشيخ بقوله : وهل منع احد من المسلمين إلخ.

٤٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) جواز بيع الدين بأقل منه ، ولا ريب فيه.

(ب) عدم لزوم المديون أكثر ممّا وزنه المشتري ، وهذا موضع الإشكال وتعويل الشيخ فيه على رواية محمّد بن الفضيل قال : قلت للرضا عليه السّلام : رجل ابتاع دينا على رجل ثمَّ ذهب إلى صاحب الدين فقال له : ادفع إليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه ، فقال : يدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين وبرأ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه (١).

ورواية أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام قال : سئل عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشترى منه بعوض ، ثمَّ انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له : أعطني ما لفلان عليك فإني قد اشتريته منه : فيكف يكون القضاء في ذلك؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام : يردّ على الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه من الرجل الذي عليه الدين (٢).

ولا تعارض لهما من الروايات ، بل انما حصل المعارض من الأصول المقرّرة ، وهو أنّ البيع إذا كان صحيحا وجب انتقال المبيع إلى المشتري ، فلا بدّ من محمل للروايتين ، ويحملان على وجهين :

(أ) الضمان ، ويكون إطلاق البيع عليه والشراء بنوع من المجاز ، إذا الضامن إذا أدّى عن المضمون عنه بإذنه عوضا من الدين كان له المطالبة بأقلّ الأمرين ، ولهذا كان له الرجوع بما وزن خاصة لمّا كان أقل من الدين. فان قلت : لا إشعار في الرواية بكون الضمان حصل بإذن المضمون عنه ، قلنا : ولا اشعار فيها بان ذلك وقع بغير اذنه ، فالحمل على ذلك غير مناف ، وانما أطلق لفظ البيع على الضمان لأنه نوع من المعاوضة.

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ (٨١) باب الديون وأحكامها ص ١٩١ الحديث ٣٥ وفيه (اشترى دينا).

(٢) التهذيب : ج ٦ (٨١) باب الديون وأحكامها ، ص ١٨٩ الحديث ٢٦.

٤٨٦

(خاتمة)

أجرة الكيّال ووزّان المتاع على البائع. وكذا أجرة بائع الأمتعة واجرة الناقد ووزّان الثمن على المشتري وكذا أجرة مشتري الأمتعة.

ولو تبرّع الواسطة لم يستحق اجرة.

وإذا جمع بين الابتياع والبيع فاجرة كل عمل على الآمر به ، ولا يجمع بينهما لواحد.

______________________________________________________

(ب) وقوع البيع فاسدا ، فيجب على المديون دفع ما تساوي مال المشتري بالإذن الصادر من صاحب الدين ويبرأ من المشتري لا من البائع ، فيجب دفع ما بقي من الدين إلى البائع.

فهذان المحملان يمكن صرف الرواية الثانية إليهما ، وتنزيل كلام الشيخ عليهما.

أمّا الرواية الاولى فلا يتمشى إلّا على التنزيل الأوّل ، ولا يتمشى على الثاني لتصريحه فيها ببراءة المديون من جميع ما عليه ، ولا يمكن ذلك في البيع الفاسد.

فرع

لو تعذر القبض من المديون بإفلاسه أو هربه ، أو غير ذلك «كمطله أو موته مع جحود الوارث أو بطله أو غير ذلك» (١) كان للمشتري الرجوع على البائع بالثمن إن كان بيعا صحيحا. وإن كان ضامنا لم يرجع.

قال طاب ثراه : وإذا جمع بين الابتياع والبيع فاجرة كلّ عمل على الآمر به ، ولا يجمع بينهما لواحد.

أقول : من نصب نفسه للبيع كانت اجرة ما يبيعه على البائع ، لأنّه وكيله. ومن

__________________

(١) بين القوسين غير موجود في نسخة (ألف) المصححة ، ولكنه موجود في نسخة (ب).

٤٨٧

ولا يضمن الدلّال ما يتلف في يده ما لم يفرّط ، ولو اختلفا في التفريط ولا بيّنة ، فالقول قول الدلّال مع يمينه ، وكذا لو اختلفا في القيمة.

______________________________________________________

نصب نفسه للشراء كانت اجرة ما يشتريه على المبتاع ، وكلّ منهما يسمّى دلّالا. وإن كان ممّن يبيع للناس ويشتري وهو السمسار فله اجرة ما يبيعه على الآخر بالبيع ، واجرة ما يشتريه على الآمر بالشراء. «ولا يجمع بينهما لواحد» أي لا يجمع لواحد بين الأجرتين بأخذهما من البائع والمشتري عن سلعة واحدة ، بل يأخذ ممّن يكون وكيلا له وعاقدا عنه.

وفي بعض المصنّفات الفقهية «ولا يجمع بينهما الواحد» وفي بعضها «ولا يتولّاهما الواحد» أي لا يتولى الواحد دلالتي البيع والشراء في سلعة واحدة.

وذلك مبنى على مقدّمات :

(أ) لا يجوز أخذ أجرتين على سلعة واحدة ، لأنه في الشراء مأمور بالسعي للمشتري وفي البيع للبائع ، ولو سبق أحدهما باستئجاره صار العمل واجبا عليه ، فلا يستحق عليه أجرا من الآجر.

(ب) لا يجوز أن يكون الواحد موجبا قابلا.

(ج) إنّ الوكيل يجب عليه مراعاة الأصلح لموكّله ولا يكفي المصلحة فيجتهد في الزيادة للبائع وفي التسامح للمشتري ، وذلك تناقض.

(د) إنّ الوكيل لا يجوز أن يشتري من نفسه ، وكذا لا يجوز أن يبتاع من نفسه لمن وكّله في الشراء الّا مع الإعلام.

«وقيل : ليس المراد العقد ، بل الدلالة ، لأنّ مجرّد العقد لا يستأجر عليه غالبا وليس له اجرة في العادة. ولو جعل له جعلا على الطرفين استحق على كلّ واحد منهما ما جعل له ، وكذا لو استاجره على إيقاع العقد مع اعلامهما ، فإنه يستحق الأجرة عليها (١).

__________________

(١) ما بين الهلالين غير موجود في النسخة المصححة لكن موجود في نسخة (ب).

٤٨٨

كتاب الرهن

٤٨٩
٤٩٠

كتاب الرهن

وأركانه أربعة :

الأوّل : في الرهن : وهو وثيقة لدين المرتهن. ولا بد فيه من الإيجاب

______________________________________________________

كتاب الرهن

مقدمة

الرهن في اللغة ، الثبات والدوام ، والنعمة الراهنة الثابتة الدائمة. وقال : رهنت الشي‌ء فهو مرهون ، ولا يقال أرهنت ، ويقول العرب : أرهن في الشي‌ء إذا غالى في سعره ، وأرهن ابنه إذا خاطر به وجعله رهينة (١).

وفي الشرع : مال جعل وثيقة لدين المرتهن يستوفي منه.

وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع. أمّا الكتاب فقوله تعالى (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) (٢) وأمّا السنة فمثل ما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال : لا يغلق الرهن ، الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه (٣) وعنه عليه السّلام :

__________________

(١) أرهن في السلعة ، غالى بها ، وتراهن القوم تخاطروا (المنجد لغة رهن).

(٢) البقرة : ٢٨٣.

(٣) عوالي اللئالى : ج ٣ باب الرهن ص ٢٣٤ الحديث ١ ولا حظ ما علق عليه.

٤٩١

والقبول. وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر : نعم.

______________________________________________________

الرهن محلوب ، ومركوب (١) وعن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله رهن درعه عند أبي السحمة اليهودي على شعير أخذه لأهله (٢).

وقيل : سبب عدوله عن القرض من أصحابه إلى يهودي؟ لئلا يلزمه منه بالإبراء ، فإنه لم يأمن أن أستقرض من بعضهم ان يبرئه من ذلك.

و «تغلق الرهن» بالتاء المفتوحة والغين المعجمة ، يقال : غلق الرهن غلقا ، أي استحقه المرتهن ، وذلك إذا لم يفكّ في الوقت المشروط قاله صاحب الصحاح (٣) ، والأصل فيه : أنّ في الجاهلية كان الرجل يرهن عند الرجل الشي‌ء على دينه إلى أمد ، فإذا لم يأت صاحب الرهن بالحق كان الرهن لصاحب الدين وجاء الإسلام بتحريم ذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا يغلق الرهن ، الرهن من صاحبه ، الحديث.

ومعنى قوله عليه السّلام «له غنمه» أي فائدته ونماؤه «وعليه غرمه» أي تلفه ونقصانه ومئونته ، وذلك لأنه ملكه ، وهو من توابع الملك ولم ينتقل منه إلى المرتهن.

وأمّا الإجماع فمن سائر المسلمين على جواز الرهن.

قال طاب ثراه : هل يشترط الإقباض؟ الأشهر نعم.

أقول : قال الشيخ في النهاية : باشتراط القبض في لزوم الرهن (٤) وبه قال

__________________

(١) عوالي اللئالى : ج ٣ باب الرهن ص ٢٣٤ الحديث ٢ وتمام الحديث «وعلى الذي يحلب ويركب النفقة» ولا حظ ما علق عليه.

(٢) عوالي اللئالى : ج ٣ باب الرهن ص ٢٣٤ الحديث ٣ ولا حظ ما علق عليه.

(٣) الصحاح : ج ٤ وفيه : «غلق الرهن غلقا ، أي استحقّه المرتهن وذلك إذا لم تفتكك في الوقت المشروط».

(٤) النهاية : باب الرهون وأحكامها ص ٤٣١ س ٣ قال : ولا يدخل الشي‌ء في أن يكون رهنا الّا بعد قبض المرتهن له.

٤٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المفيد (١) والقاضي (٢) والتقي (٣) وابن حمزة (٤) وأبو على (٥) واختاره المصنف (٦). وقال في الخلاف : يلزم الرهن بالإيجاب والقبول (٧) وبه قال ابن إدريس (٨) واختاره العلامة (٩).

احتج الأوّلون بقوله تعالى (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) (١٠). وبما رواه محمّد بن قيس عن الباقر عليه السّلام قال : لا رهن إلّا مقبوضا (١١).

واحتج الآخرون بأصالة عدم الاشتراط ، وبقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١٢) وبقوله تعالى (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) دلّت هذه الآية على كون القبض ليس شرطا في صحة الرهن ، لأنه لو كان شرطا كالإيجاب والقبول لكان قوله (مَقْبُوضَةٌ) تكرارا لا حاجة اليه ، وكما لا يحسن أن نقول مقبولة ، كذا لا يحسن أن نقول مقبوضة ، ولأن

__________________

(١) المقنعة : باب الرهون ، ص ٩٦ س ٣١ قال : ولا يصح الارتهان الّا بالقبض.

(٢) المهذب : ج ٢ كتاب الرهن ، ص ٤٦ س ١٢ قال : لأنّ بالإيجاب والقبول أوجب قبض الرهن إلخ.

(٣) الكافي : فصل في أحكام الرهن ص ٣٣٤ س ٢ قال : تفتقر صحة الارتهان الى قبض الرهن إلخ.

(٤) الوسيلة : فصل في بيان حكم الرهن ص ٢٦٥ س ٢ قال : الرهن انما يصح بثلاثة شروط ، بالإيجاب والقبول والقبض.

(٥) المختلف : في الرهن ص ١٣٨ س ٢٧ قال : فقال للشيخ في النهاية انه شرط ، وبه قال : ابن الجنيد.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) الخلاف : كتاب الرهن ، مسألة ٥ قال : يلزم الرهن بالإيجاب والقبول.

(٨) السرائر : باب الرهون وأحكامها ص ٢٥٨ س ٢٩ قال : فامّا القبض إلى أن قال : وقال الأكثرون المحصّلون منهم يلزم بالإيجاب والقبول ، وهذا هو الصحيح.

(٩) المختلف : في الرهن ص ١٣٨ س ٣٠ قال : والمعتمد قوله في الخلاف.

(١٠) البقرة : ٢٨٣.

(١١) التهذيب : ج ٧ (١٥) باب الرهون ، ص ١٧٦ الحديث ٣٦.

(١٢) المائدة : ١.

٤٩٣

ومن شرطه أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه ، ويصحّ بيعه منفردا كان أو مشاعا.

ولو رهن ما لا يملك وقف على إجازة المالك ، ولو كان يملك بعضه مضى في ملكه.

وهو لازم من جهة الراهن ، ولو شرطه مبيعا عند الأجل ، لم يصح. ولا يدخل حمل الدابة ، ولا ثمرة النخيل والشجر في الرهن ، نعم لو تجدّد بعد الارتهان دخل. وفائدة الرهن للراهن.

ولو رهن رهنين بدينين ثمَّ أدّى عن أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر. ولو كان دينان وبأحدهما رهن لم يجز إمساكه بهما ، ولم يدخل زرع الأرض في الرهن سابقا كان أو متجدّدا.

الثاني : في الحق : ويشترط ثبوته في الذمة مالا كان أو منفعة. ولو رهن على مال ثمَّ استدان آخر فجعله عليهما صحّ.

الثالث : في الراهن ، ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرّف ، وللوليّ أن يرهن لمصلحة المولّى عليه. وليس للراهن التصرّف في الرهن بإجارة ، ولا سكنى ، ولا وطء ، لأنه تعريض للإبطال ، وفيه رواية بالجواز مهجورة

______________________________________________________

الآية سيقت لبيان الإرشاد إلى حفظ المال ، وذلك إنما يتم بالإقباض كما لا يتم الّا بالارتهان ، فالاحتياط يقتضي القبض ، كما أنه يقتضي الرهن ، ولما كان الرهن ليس شرطا في صحة الدين. فكذا القبض ليس شرطا في صحة الرهن ، والرواية ضعيفة السند ، مع اشتمالها على إضمار لا بدّ منه فليضمر الاحتياط.

قال طاب ثراه : وليس للراهن التصرّف في الرهن بإجارة ، ولا سكنى ، ولا وطء ، لأنه تعريض للإبطال وفيه رواية بالجواز مهجورة.

٤٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : المشهور أنّ الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرّف في الرهن ، للخبر (١) ولأنّ الرهن بالنسبة إلى المرتهن أمانة ولا يجوز التصرّف في الأمانات. ومنع الراهن؟ ليكون ادعى له إلى تخليص الرهن ومسارعة انفكاكه ، فيكون أتمّ في الوثيقة.

وفي رواية يجوز له التصرّف بالوطء ، وهي ما رواه محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يرهن خادمه ، أيحلّ له أن يطأها؟ قال : إنّ الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها ، قلت : أرأيت إن قدر عليها خاليا ولم يعلم الذين ارتهنوها ، قال : نعم ولا أرى لهذا بأسا (٢).

إذا عرفت هذا ، فلو وطأ ، فان لم تحبل لم يبطل الرهن قطعا ، وإن حبلت هل يبطل أم لا؟ قال في المبسوط : لا يبطل (٣) لأنها مملوكه سواء كان موسرا أم معسرا وبه قال ابن إدريس (٤) واختاره العلامة (٥) لأنّ حق الارتهان أسبق من حق الإحبال فلا يؤثر في إبطاله تعدى الراهن به ، وقال في الخلاف : إن كان موسرا ألزم قيمة الرهن من غيرها لحرمة ولدها ، يكون رهنا مكانها ، وإن كان معسرا كان الرهن باقيا وجاز بيعها فيه (٦). وكذا لو كان الوطء بإذن المرتهن لم يكن بينه وبين عدم الإذن فرقا إلّا في التعزير ، فيعزّر في الأول مع عدم الشبهة دون الثاني ، وتصير أمّ ولد.

__________________

(١) لاحظ التذكرة : ج ٢ الفصل الثالث في منع المتراهنين من التصرّفات ، ص ٢٧.

(٢) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب الرهن ، ص ٢٣٥ الحديث ١٥ وص ٢٣٧ الحديث ٢٠.

(٣) المبسوط : ج ٢ كتاب الرهن ص ٢٠٥ س ٢٠ قال : وان ظهر بها حمل ، الى أن قال : ولا يخرج الجارية عندنا من الرهن.

(٤) السرائر : باب الرهون ص ٢٥٩ س ٢ قال : ولا يجوز للراهن ولا للمرتهن وطؤ الجارية المرهونة الى أن قال : ولا يخرج من كونها رهنا.

(٥) المختلف : في الرهن ، ص ١٣٨ س ٣٧ قال بعد نقل قول المبسوط : وهو الأقوى.

(٦) الخلاف : كتاب الرهن ، مسألة ١٩.

٤٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل ضعيفا بطلان الرهن في صورة الإذن ، لأنّ الغرض من الرهن الوثيقة ، ولا وثيقة مع تسليط المالك على الوطء وغيره من التصرّفات الموجبة للنقض فيكون كالإذن في البيع ، لكن الأوّل أولى ، وجزم العلامة في القواعد ببقاء الوثيقة (١).

وفي قول المصنف هنا «لأنه تعريض للبطلان» إيماء إلى تحريم بيعها وخروجها عن الرهن.

وفي قولنا : «صارت أمّ ولد ولا يبطل الرهن» فائدة ، وتقريرها ان نقول : هذا الكلام يتضمّن حكمين :

(أ) عدم بطلان الرهن ، ووجهه سبق حق المرتهن على حق الاستيلاد فعلى هذا لو تعذر استيفاء الدين بإفلاس الراهن أو شبهه ، باعها المرتهن واستوفى حقه إن كان مستغرقا ، وان لم يستغرق باع منها بقدر حقه وكان الباقي رقا لمالكها ، فاذا مات انعتقت أجمع وسعت فيما بيع منها. ويحتمل قويا تقويمها على ولدها إن كان له باقي نصيب. ويحتمل مطلقا ويلزمه فكّها من ماله ، وان كان فقيرا قيل : يسعى.

(ب) أنّها أمّ ولد بالنسبة إلى الراهن ، فيجب عليه أن يفكّها من الرهن كيلا يباع مهما أمكنه ويمنع من التصرّف فيها يبيع أو هبة أو رهن آخر عند المرتهن أو غيره. ولو ماطل حتى باعها المرتهن وكان موسرا وجب عليه أن يفكّها بعد ذلك من المشتري ولو بأضعاف ثمنها ، ولو بيعت لإعساره ثمَّ أيسر لم يجب عليه الفكّ ، فلو فكّها فالأقرب صيرورتها أمّ ولد.

تنبيه

وإذ قد عرفت منع الراهن من التصرّف ، فاعلم أنّه إنّما يمنع من تصرف يخرجه

__________________

(١) القواعد : كتاب الدين ، الفصل الثالث في العاقد ، ص ١٦٠ س ١٧ قال : ولو أحبلها الراهن لم يبطل الرهن.

٤٩٦

ولو باعه الراهن وقف على اجازة المرتهن. وفي وقوف العتق على اجازة المرتهن تردّد ، أشبه الجواز.

الرابع : في المرتهن : ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرّف. ويجوز اشتراط الوكالة في الرهن ، ولو عزل له لم ينعزل. وتبطل الوكالة

______________________________________________________

عن الملك ، أو ينقص ماليته وغير ذلك إن كان ينفع الرهن ولم يستضر به المرتهن ، جاز والّا فلا ، فالذي لا يمنع منه صور :

(أ) تأبير النخل ، فللمالك الاستقلال به ، وليس للمرتهن منعه.

(ب) سقيه.

(ج) ختان العبد.

(د) فصاده (١).

(ه) مداواته بدواء لا يكون مخوفا سمّيا ، ولو امتنع من مداواته وكان في المداواة مصلحة لم يجبر ، ولو أراد المرتهن المداواة ، فإن كان من خاصّة من غير رجوع به على الراهن جاز والّا فلا.

(و) له تزويج الجارية ، لكن لا يسلمها الى الزوج الّا بعد الفكّ ، أو إذن المرتهن.

(ز) للزوج الخيار في فسخ النكاح مع منع المرتهن ، إن لم يعلم كونها مرهونة.

قال طاب ثراه : وفي وقوف العتق على إجازة المرتهن تردّد ، أشبهه ، الجواز.

أقول : وجه الجواز كون العتق مبنيّا على القهر والتغليب ، وعليه عقد باب العتق بالسراية ، وإنّما منع من التصرف حق المرتهن وقد أجاز فيرتفع المانع ، وهو مذهب

__________________

(١) أي فيما كانت المداواة بالفصد وفتح العروق.

٤٩٧

بموت الموكل دون الرهانة. ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن والمرتهن أحق من غيره باستيفاء دينه من الرهن ، سواء كان الراهن حيّا أو ميتا ، وفي الميت رواية أخرى.

______________________________________________________

الشيخ في النهاية (١) واختاره المصنف في الشرائع (٢) والعلامة في التحرير (٣).

ووجه البطلان عدم تأثير الإجازة في نفوذ العتق ، لأنّ هذا العتق لا يجوز الحكم بوقوعه منجزا من حين الإعتاق ، لتعلق حق المرتهن به ، والإجازة اللاحقة ليست صيغة موجبة للعتق ، ولا شرطا في وقوعه وتنفيذه ، لأنّ العتق لا يقع موقوفا ، ولا يقبل التعليق ، فيكون باطلا ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط (٤).

وأجيب بوقوعه مراعى ، والإجازة كاشفة ، فإن أجاز بنينا وقوع العتق من حينه ، وإن لم يجز عرفنا بطلان العتق من رأس.

قال طاب ثراه : المرتهن أحق باستيفاء دينه من الرهن سواء كان الراهن حيا أو ميتا ، وفي الميّت رواية أخرى.

أقول : الرواية إشارة إلى ما رواه عبد الله بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل أفلس وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهون وليس عند بعضهم فمات ، ولا يحيط ماله بما عليه من الديون؟ قال : يقسم جميع ما خلف من الرهون

__________________

(١) النهاية : باب الرهون وأحكامها ، ص ٤٣٣ س ١٤ قال : وكذلك إن أعتق المملوك الى أن قال : فإن أمضى المرتهن ما فعله الراهن كان ذلك جائزا ماضيا.

(٢) الشرائع : كتاب الرهن ، السادس في اللواحق ، قال : وفي صحة العتق مع الإجازة تردد ، والوجه الجواز.

(٣) التحرير : كتاب الرهن ، الفصل السادس في الأحكام (ز) قال : ليس للراهن عتق الرهن فان فعل كان موقوفا على إجازة المرتهن.

(٤) المبسوط : كتاب الرهن ج ٢ ص ٢٠٠ س ٤ قال : وإذا رهنه شيئا ثمَّ تصرف فيه الراهن الى أن قال : أو أعتقه أو أصدقه لم يصح جميع ذلك ولا يكون ذلك فسخا للرهن إلخ

٤٩٨

ولو قصر الرهن عن الدين ضرب مع الغرماء بالفاضل. والرهن أمانة في يد المرتهن ولا يسقط بتلفه شي‌ء من ماله ما لم يتلف بتعدّ أو تفريط. وليس له التصرف فيه ، ولو تصرّف من غير اذن ضمن العين والأجرة. ولو كان الرهن دابة قام بمؤنتها وتقاصّا ، وفي رواية : الظهر يركب والدرّ يشرب وعلى الذي يركب ويشرب النفقة.

______________________________________________________

وغيرها على أرباب الدين بالحصص (١).

وربما عضدها كون الحي له ذمة تتعلق بها ديون الباقين ويمكن وفاؤهم مع حياته ، وبعد الموت يتعلّق حقوق الديان بأعيان التركة فيتساوى الجميع في تعلق حقوقهم بأعيانها.

والمشهور بين الأصحاب تقديم صاحب الرهن مطلقا تحقيقا للوثيقة وثبوت المزية له في الفرق بينه وبينهم في سبق تعلق حقه على الموت ، وديونهم لم يتعلق بأعيان التركة إلّا بعد الوفاة ، والرواية ضعيفة الطريق (٢).

قال طاب ثراه : ولو كان الرهن دابة قام بمؤنتها وتقاصّا. وفي رواية : الظهر يركب والدرّ يشرب وعلى الذي يركب ويشرب النفقة.

أقول : قال الشيخ في النهاية : إذا أنفق كان له الركوب واللبن بإزاء نفقته ، وإن لم ينتفع رجع على الراهن بما أنفق (٣) وقال التقى : يجوز للمرتهن إذا كان الرهن حيوانا فتكفل مئونته أن ينتفع بظهره أو خدمته أو صوفه أو لبنه ، وإن لم يتراضيا

__________________

(١) الفقيه : ج ٣ (٩٥) باب الرهن ، ص ١٩٦ الحديث ٧.

(٢) سند الحديث كما في الفقيه (وروى محمّد بن حسان عن أبي عمران الأرمني عن عبد الله بن الحكم).

(٣) النهاية : باب الرهون وأحكامها ص ٤٣٥ س ٥ قال : وان أنفق المرتهن عليها كان له ركوبها والانتفاع بها إلخ.

٤٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا يحل شي‌ء من ذلك من غير تكفل مئونة ولا مراضاة ، والأولى ان تصرف قيمة منافعه في مئونته (١) وقال ابن إدريس : لا يجوز له التصرّف بذلك لعموم منع الراهن والمرتهن من التصرف في الرهن ، فإن أنفق تبرّعا فلا شي‌ء له على الراهن وإن أنفق بشرط العود وأشهد على ذلك رجع بما أنفق (٢) وقال المصنف : يقضى بالتقاص (٣) وقال العلامة : يقضى بالتقاص ويكون الفضل لصاحبه ولا يجوز الركوب من دون الإذن (٤) واشترط الشهيد في جواز الرجوع بالنفقة إذن المالك أو الحاكم ، فان تعذر فالإشهاد (٥) ولم يشترط الباقون إذن الحاكم فهو أولى كاللقطة والوديعة ، فإن المرتهن يجب عليه الحفظ كالمستودع ، ولا يتم إلّا بالإنفاق ، فيرجع به مع عدم التبرع ، والقول قوله في ذلك ، وأمّا الانتفاع فلا يجوز بالظهر الّا مع الإذن من المالك ، أو الحاكم مع تعذّره. وأمّا اللّبن فإنّه إذا ترك فسد وربما أدّى الى ضرر الحيوان فيجوز الحلب ، فان تمكن من المالك سلّمه اليه ، وإن تعذّر جاز الانتفاع به بالقيمة العادلة ، ولا يشترط إذن الحاكم لعموم الإذن بالانتفاع باللبن من غير تفصيل.

احتج الشيخ برواية أبي ولّاد قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام من الرجل يأخذ الدابة والبعير رهنا بملكه ، إله أن يركبها؟ فقال : إن كان يعلفها فله أن يركبها ،

__________________

(١) المختلف : في الرهن ، ص ١٤٠ س ١٨ قال : وقال أبو الصلاح : يجوز للمرتهن إذا كان الرهن حيوانا إلخ.

(٢) السرائر : باب الرهون وأحكامها ، ص ٢٦٠ س ٢٨ قال : وإذا كان عند إنسان دابة الى أن قال : وإن أنفق إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في الرهن ، ص ١٤٠ س ٢٠ قال : والمعتمد ان نقول : إذا ركب المرتهن الى أن قال : وليس له الركوب للمنع إلخ.

(٥) اللمعة : كتاب الرهن ، في اللواحق ، الثالثة ، قال : ولو احتاج الى مئونة الى أن قال : رفع أمره الى الحاكم ، فان تعذّر أنفق هو بنية الرجوع واشهد عليه إلخ.

٥٠٠