المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال عليه السلام : شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة والنقصان ، وإن تغيمت السماء يوما ، فأتموا العدة (١).

احتجوا برواية حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال : شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا (٢) وهو شاذ.

(د) عد تسعة وخمسين يوما من رجب ، وهو مذهب الحسن قال : قد جاءت الآثار عنهم عليهم السلام ، أن صوموا رمضان للرؤية وأفطروا للرؤية ، فإن غم فاكملوا العدة من رجب تسعة وخمسين يوما ثمَّ الصيام من الغد (٣).

وهذا القول أيضا متروك شاهد الحس خلافه.

وأما المعنيان الأولان : فاختلف الأصحاب في العمل بهما.

أما الأول فقد ذهب إليه أكثر أصحابنا ، قال العلامة في تذكرته : وأكثر علمائنا قالوا : تعد الشهور ثلاثين (٤) ، وصدر به الشيخ في المبسوط ، وحكاه عن قوم من أصحابنا ، فقال : ومتى غمت الشهور كلها عدها ثلاثين ، ثلاثين ، فان مضت السنة ولم يتحقق فيها هلال شهر واحد ، ففي أصحابنا من قال : تعد الشهور كلها ثلاثين ، قال : ويجوز عندي أن يعمل على هذه الرواية التي وردت بأنه يعد من السنة الماضية خمسة أيام ويصوم يوم الخامس ، لأن من المعلوم انه لا يكون الشهور تامة (٥).

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٥٧ الحديث ٧.

(٢) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٦٨ الحديث ٥١.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٦ قال : مسألة ، قال ابن عقيل : قد جاءت الآثار عنهم عليهم السلام. إلخ.

(٤) التذكرة : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧١ س ٤٢ قال : وأكثر علمائنا قالوا : تعد الشهور ثلاثين ، ثلاثين.

(٥) الى هنا كلام المبسوط ، لا حظ : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٦٨ س ٣.

٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

وهي رواية عمران الزعفراني ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : انا نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا نرى شمسا ولا نجما ، فأي يوم نصوم؟ قال : انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وعد منه خمسة ، وصم يوم الخامس (١). وهو مجهول.

وبه قال أبو علي (٢) واختاره العلامة في المختلف ، لقضاء العادة بعدم تمام شهور السنة ، ولا يجوز بناء السنة على ما يعلم انتفاؤه وانما يبنى على مجاري العادات ، والعادة قاضية بتفاوت هذا العدد في شهور السنة (٣). وهو المعتمد.

واعلم ان صيام اليوم الخامس انما يكون في السنة التي لا تكون كبيسة ، ويصام يوم السادس في السنة الكبيسة ، وهي الخامسة من السنة المفروضة ، وكذا في كل خمس سنين.

الثالثة : الغيبوبة بعد الشفق ، ولا عبرة بها عند أكثر أصحابنا لقوله عليه السلام : الصوم للرؤية والفطر للرؤية (٤) ، وقال الصدوق : إذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين ، وإذا رؤي فيه ظل القامة فهو لثلاث (٥) وتبعه الشيخ مع العلة ، وجعل التطوق

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٧٩ الحديث ٦٨.

(٢) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٦ س ١٠ قال : وقال ابن الجنيد : الحساب الذي يصام به يوم الخامس إلخ.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٦ س ١٢ قال : وقول الشيخ في المبسوط لا بأس به ، فإن العادة قاضية بعدم كمال إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٥٦ الحديث ٣ وتمام الحديث : (وليس الرؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون).

(٥) المقنع : أبواب الصوم (٢) باب رؤية هلال شهر رمضان ص ٥٨ س ١٦ قال : واعلم ان الهلال إذا إلخ.

٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لليلتين عند العلة أيضا (١).

احتج بقول الصادق عليه السلام : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين (٢).

ويمنع صحة السند.

الرابعة : التطوق ولا عبرة به ، وفي رواية عن الصادق عليه السلام إذا تطوق الهلال فهو لليلتين (٣).

ونمنع صحة سندها.

الخامسة : عد خمسة من هلال الماضية ، وقد تقدم البحث فيه.

السادسة : الرؤية قبل الزوال : هل يعتبر بها ويصير اليوم من الشهر الجديد؟ بمعنى أن يكون الهلال لليلة الماضية ، أو لا عبرة بها؟ ويحكم به لليلة المستقبلة.

قيل فيه ثلاثة أقوال :

(أ) انه لليلة الماضية فيحكم بهذا اليوم من الجديد ، وهو اختيار السيد (٤).

وبه روايتان : إحداهما رواية حماد بن عثمان (٥) والآخر رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام (٦) والأولى حسنة ، والثانية موثقة ، قال : إذا رؤي

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٧٨ قال بعد نقل رواية إسماعيل بن الحر ومحمد بن مرازم : فهذان الخبران وما يجري مجراهما ـ إلى أن قال : ـ فجاز حينئذ اعتباره في الليلة المستقبلة إلخ.

(٢) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٧٨ الحديث ٦٦.

(٣) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٧٨ الحديث ٦٧.

(٤) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٥ س ١٢ قال مسألة ، قال السيد المرتضى : الى أن قال : إذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية ، هذا صحيح وهو مذهبنا.

(٥) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وأخره ص ١٧٦ الحديث ٦٠ و ٦١.

(٦) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وأخره ص ١٧٦ الحديث ٦٠ و ٦١.

٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال ، وإذا رؤي بعد الزوال فهو من شهر رمضان.

قال المصنف في المعتبر : فقوة هاتين الروايتين أوجب التردد بين العمل بهما وما دل عليه رواية العدلين (١).

إشارة إلى رواية منصور بن حازم المتقدمة (٢).

وهي مناسبة لأصول المذهب.

وروى محمد بن عيسى قال : كتبت اليه عليه السلام أسأله ، جعلت فداك ربما غم علينا شهر رمضان ، فنرى من الغد الهلال قبل الزوال ، وربما رأيناه بعد الزوال ، فترى ان نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا؟ وكيف تأمر في ذلك؟ فكتب عليه السلام : تتم الى الليل ، فإنه إن كان تاما رؤي قبل الزوال (٣).

وفي معناها رواية جراح المدائني عن الصادق عليه السلام (٤).

(ب) إنه لليلة المستقبلة ، وهو قول أبي علي (٥) واختاره الشيخ في الخلاف (٦) وعليه العلامة في أكثر كتبه (٧).

__________________

(١) المعتبر كتاب الصوم ص ٣١١ س ١٩.

(٢) التهذيب : ج ٤ ، كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٥٧ الحديث ٨.

(٣) التهذيب : ج ٤ ، كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٧٧ الحديث ٦٢.

(٤) التهذيب : ج ٤ ، كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٧٨ الحديث ٦٤.

(٥) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٥ س ١٤ قال : وقال ابن الجنيد : ورؤية الهلال يوم ثلاثين من رمضان أي وقت كان إذا لم يصح ان الليلة الماضية قد رؤي فيها ، لا يوجب الإفطار.

(٦) الخلاف : كتاب الصيام ، مسألة ١٠ قال : إذا رأى الهلال قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المستقبلة دون الماضية.

(٧) التذكرة : ج ١ كتاب الصوم ، في أقسام الصوم ص ٢٦٩ قال : مسألة إذا رؤي الهلال يوم الثلاثين فهو للمستقبلة إلخ.

٦٤

أما شروطه فقسمان :

(الأول) شرائط الوجوب ، وهي ستة : البلوغ ، وكمال العقل ، فلو بلغ الصبي أو أفاق المجنون ، أو المغمي عليه لم يجب على أحدهم الصوم ، الا ما أدرك فجره كاملا ، والصحة من المرض ، والإقامة أو حكمها ، ولو زال السبب قبل الزوال ، ولم يتناول ، أمسك واجبا وأجزأه ، ولو كان بعد الزوال أو قبله وقد تناول أمسك ندبا ، وعليه القضاء ، والخلو من الحيض والنفاس.

(الثاني) شرائط القضاء ، وهي ثلاثة : البلوغ ، وكمال العقل ، والإسلام ، فلا يقضى ما فاته الصغر ، أو جنون ، أو إغماء ، أو كفر ، والمرتد يقضي ما فاته ، وكذا كل تارك عدا الأربعة ، عامدا أو ناسيا.

______________________________________________________

(ج) انه لليلة الماضية ان كان للصوم دون الفطر احتياطا للصوم وهو اختيار العلامة في المختلف (١) وما أشبهه بقول سلار ، ويتأتى فيه الفروع المتقدمة التي فرعناها على قول سلار.

فلو رؤي في أول رمضان قبل الزوال ولم ير ليلة احدى وثلاثين هلال شوال وجب صومه إن أمكن هذا الفرض ، أو حصلت علة ، لأن الاحتياط للصوم متعين ، فلا يجوز الاقدام على الإفطار بناء على الروايات المفيدة للظن ، المعارضة بمثلها.

فروع

(أ) لو رأى اثنان هلال شوال ولم يشهد عند الحاكم ، جاز لمن سمع شهادتهما

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٥ س ١٥ قال : والأقرب اعتبار ذلك في الصوم دون الفطر.

٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الفطر مع معرفته بعدالتهما ، وكذا يصوم لو شهدا برمضان ، لقوله عليه السلام ، إذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا (١).

وفي رواية منصور فاذا شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه ، فاقضه (٢).

(ب) لو شهد العدلان عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بعدالتهما ، جاز لهما وللعالم بعدالتهما الفطر والصوم.

(ج) لو صاموا بشهادة العدلين ورؤي الهلال بعد ثلاثين فلا بحث ، وان لم ير ليلة احدى وثلاثين أفطروا ، وان كانت مصحية ، قال العلامة : فكذلك عند عامة العلماء ، لأن العدلين لو شهدا ابتداء على هلال شوال لقبلنا شهادتهما وأفطرنا فلئن مفطر على ما أثبتناه بقولهما أولا أولى ، وقال مالك : لا يفطرون ، لأنا إنما نتبع قولهما بناء على الظن ، وقد بينا خلافه.

وهو قوي ويتفرع على هذا القول : ما لو شهدا على هلال شوال ، ثمَّ لم ير الهلال بعد ثلاثين والسماء مصحية وجب قضاء أول يوم أفطرنا منه ، لظهور كونه من رمضان ، ولا كفارة للشبهة (٣).

__________________

(١) لم أعثر على رواية بهذه العبارة ولكن مضمونه يوجد في عدة روايات لا حظ التهذيب ج ٤ ص ١٥٧ الحديث ٨ و ١٠ و ٤٠ و ٧٠ و ٧١.

(٢) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٤١) باب علامة أول شهر رمضان وآخره ص ١٥٧ الحديث ٨.

(٣) من قوله : (ج) لو صاموا بشهادة العدلين الى هنا باستثناء جملة (وهو قوي) من كلام التذكرة ، لا حظ : ج ١ كتاب الصوم ص ٢٧٠ س ٣٩.

٦٦

وأما أحكامه ففيه مسائل :

الأولى : المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر وتصدق على الماضي ، عن كل يوم بمد. (١) ولو برئ وكان في عزمه القضاء ولم يقض ، صام الحاضر وقضى الأول ، ولا كفارة ، ولو ترك القضاء تهاونا صام الحاضر وقضى الأول ، وكفر عن كل يوم منه بمد

______________________________________________________

قال طاب ثراه : المريض إذا استمر به المرض الى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر ، وتصدق عن الماضي لكل يوم بمد.

أقول : إذا استمر بالمريض المرض الى الرمضان الثاني ، هل يسقط قضاء الرمضان الأول؟ أو يجب قضاؤه بعد الثاني؟ فيه مذهبان :

السقوط ، وهو الأظهر في فتاوى الأصحاب ، ووجوب الصدقة عنه ، لان العذر قد استوعب وقت الأداء والقضاء ، فوجب أن يسقط ، كما لو استوعب الإغماء.

أما استيعاب وقت الأداء فظاهر.

وأما وقت القضاء ، فلأن وقته ما بين الرمضانين ، لتحريم التأخير عنه.

فان قلت : ينتقض ذلك بما لو صح بينهما.

قلنا : استقر عليه القضاء بتفريطه ، فوجب عليه الإتيان به فيما بعد الرمضان الثاني ، بخلاف صورة النزاع. ولأن الأصل براءة الذمة ، ولأن القضاء انما يجب بأمر جديد ولم يثبت في صورة النزاع.

ولصحيحة زرارة (١) وحسنة محمد بن مسلم (٢).

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٦٠) باب من أسلم في شهر رمضان. ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم منه شيئا ص ٢٥٠ الحديث ١٨.

(٢) التهذيب : ج ٤ (٦٠) باب من أسلم في شهر رمضان. ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم منه شيئا ص ٢٥٠ الحديث ١٧.

٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو مذهب أبي علي (١) والشيخ في النهاية (٢) والصدوقين في الرسالة (٣) والمقنع (٤) والقاضي (٥) وابن حمزة (٦).

والثاني : القضاء دائما من غير تصدق لعموم قوله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ) (٧) فلم يجعل بدل الصوم الا الصوم ، ولأصالة بقائه في ذمة المكلف ، ولرواية سماعة (٨).

وهو مذهب الحسن (٩) والتقى (١٠) وابن إدريس (١١).

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٩ س ٢٨ قال : مسألة المريض إذا مرض في شهر رمضان واستمر به المرض الى الرمضان الثاني ولم يبرأ فيما بينهما. إلى أن قال : وممن قال بسقوط القضاء ابن الجنيد وعلي بن بابويه وابن حمزة.

(٢) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٨ س ١ قال : فان فات المريض. إلخ.

(٣) تقدم نقله عن المختلف.

(٤) المقنع : أبواب الصوم (١٠) باب قضاء شهر رمضان ص ٦٤ س ٢ قال : وإذا مرض الرجل وفاته صوم شهر رمضان إلى أن قال : وليس عليه القضاء.

(٥) المهذب : ج ١ كتاب الصيام ، باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٥ س ١٢ قال : وإذا فاته صوم شهر رمضان وبعده لمرض كان به واستمر مرضه إلى شهر رمضان آخر ولم يصح بينهما كان عليه أن يصوم الحاضرة إلى أن قال : لم يلزمه قضاء ولا غيره.

(٦) تقدم نقله عن المختلف.

(٧) البقرة : ١٨٤.

(٨) التهذيب : ج ٤ كتاب الصوم (٦٠) باب من أسلم في شهر رمضان. ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم منه شيئا ص ٢٥١ الحديث ٢١.

(٩) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٩ س ٣٢ قال : وقال ابن عقيل : الى أن قال : وقضى من بعده الفائت ولا صدقة عليه.

(١٠) الكافي : الصوم ، فصل في صوم القضاء والكفارة ص ١٨٤ قال : وان دخل الشهر الثاني وعليه شي‌ء من فائت الأول لم يتمكن من قضائه ما بين الشهرين فليصم الحاضر ، فاذا أكمله قضى الفائت.

(١١) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والمريض ص ٩٠ س ٢٠ قال : صام الثاني وقضى

٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأجيب بجواز تخصيص العموم بأخبار الآحاد ، ورواية سماعة ضعيفة السند ، وهي مع ذلك مقطوعة ، وعلى تقدير تسليمها تقبل التأويل ، فلا حجة فيها اذن ، والأصل يصار عنه للدليل ، وقد تقدم.

تذنيب

اختلف في تقدير الفدية ، فالشيخ في النهاية مدان مع القدرة ومد مع العجز (١) وهو اختيار القاضي (٢) وابن حمزة (٣).

والصدوقان مد مع الاختيار (٤) وهو مذهب أبي علي (٥) والمصنف (٦) والعلامة (٧) وبه روايات شهيرة (٨) والأصل براءة الذمة.

فرع

لو كان العذر غير المرض كالسفرة الطويلة يمتد الى الرمضان الثاني ، تعين

__________________

الأول وليس عليه كفارة إلى أن قال بعد أسطر : والذي أعتقده وافتي به سقوط الكفارة عمن أوجبها عليه لأن الأصل براءة الذمة من العبادات والتكاليف وإخراج الأموال إلا بالدليل.

(١) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٨ س ٣.

(٢) المهذب : ج ١ كتاب الصيام باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٥ س ١٣.

(٣) الوسيلة : كتاب الصوم ، فصل في بيان أحكام المريض والعاجز عن الصيام ص ٦٨٥ س ١٧ قال : وتصدق عن كل يوم بمدين من طعام ان قدر عليه وبمد ان لم يقدر.

(٤ و ٥ و ٧) المختلف كتاب الصوم ص ٧٠ س ١٧ قال : مسألة وفي تقدير الفدية قولان إلى أن قال : وقال ابنا بابويه : يتصدق عن كل يوم بمد ، وهو اختيار ابن الجنيد ، وهو المعتمد.

(٦) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٤ س ٦ قال : وكفر عن كل يوم من الفائت بمد.

(٨) تقدم بعض ما يدل عليه عن التهذيب ج ٤ (٦٠) باب من أسلم في شهر رمضان. ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم منه شيئا ص ٢٥٠ الحديث ١٧ و ١٨.

٦٩

الثانية : يقضي عن الميت أكبر ولده ما تركه من صيام لمرض وغيره مما تمكن من قضائه ولم يقضه ، ولو مات في مرضه لم تقض عنه وجوبا ، واستحب وروي القضاء عن المسافر ولو مات في ذلك السفر ، والأولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار (١) ولو كان وليان قضيا بالحصص ، ولو تبرع بعض صح.

______________________________________________________

القضاء بعد الثاني ، ولم يعوض بالفدية ، لاختصاص النص بعذر المرض. وكذا لو كان العذر مرضا وبرأ فيما بين الرمضانين وتركه حتى دخل عليه الثاني ، لاشتراط السقوط باستمرار المرض ، لكن إن كان الترك تهاونا وجب عليه مع القضاء الكفارة لكل يوم مد ، وهو مذهب الأكثر ولم يوجبه ابن إدريس ، بل اقتصر على القضاء واحتج بأصالة براءة الذمة وعدم الدليل (١).

وأجيب بأن الأصل يصار عنه للدليل ، وهو الروايات عن أهل البيت عليهم السلام.

وإن كان الترك مع عزم القضاء كان يقول : اليوم أو غدا فضاق الوقت ومرض أو حصل له عذر منعه عن القضاء ، لم يجب الفدية ووجب القضاء بعد الرمضان الحاضر ، ولو ترك حتى دخل الرمضان الثالث.

وإن كان سبب الترك غير المرض فالقضاء أبدا ، وإن كان مرضا فان استمر سقط الرمضان الثاني وعوض عنه بالفدية ولم يسقط الأول ، وان برأ فيما بين الرمضانين الثاني والثالث ، فان كان مع عزم القضاء فلا كفارة ، والا كفر عن الثاني لا الأول وإن كان وقت البرء يسعها.

قال طاب ثراه : وروي القضاء عن المسافر ولو مات في ذلك السفر ، والأولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار.

__________________

(١) تقدم ما يستفاد منه ذلك آنفا.

٧٠

ويقضى عن المرأة ما تركته على تردد.

______________________________________________________

أقول : المراد بالاستقرار أن يمضي زمان يتمكن فيه من القضاء ويهمل. فهل مضي هذا القدر من الزمان شرط في وجوب القضاء على الولي بالنسبة إلى السفر أم لا؟.

(الأول) اختيار الشيخ في النهاية (١) والخلاف (٢) واختاره المصنف (٣) والعلامة (٤) لدخوله تحت قسم المعذورين بعدم التمكن ، فسقط عنه ، لاستحالة التكليف بما لا يطاق.

(والثاني) اختياره في التهذيب لرواية منصور بن حازم (٥).

واما بالنسبة إلى المرض فلا يقضي الولي إلا ما تمكن الميت من قضائه.

قال طاب ثراه : ويقضى عن المرأة ما تركته على تردد.

أقول : مراده إذا ماتت المرأة ، هل يجب على ولدها الأكبر الذكر ، أن يقضي ما تركته من الصيام أم لا؟ فالشيخ في النهاية (٦) والمبسوط (٧) والعلامة في

__________________

(١) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٧ س ١٨ قال : وكان متمكنا من القضاء وجب على وليه أن يصوم عنه.

(٢) الخلاف : كتاب الصيام مسألة ٦٥ قال : فإن أخر قضاءه لغير عذر ولم يصم ثمَّ مات ، فإنه يصام عنه. إلخ هذا بالنسبة إلى المرض ولم نعثر في الخلاف على حكمه للمسافر.

(٣) الشرائع : كتاب الصوم : قال : مسائل ، الثانية ، يجب على الولي أن يقضي ما فات عن الميت إلى أن قال : ولا يقضي الولي إلا ما تمكن الميت من قضائه وأهمله.

(٤) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٣ قال : مسألة الى ان قال وله قول آخر في النهاية إذا تمكن من القضاء ولم يقض وجب على وليه القضاء عنه وهو الأقرب.

(٥) التهذيب : ج ٤ (٦٠) باب من أسلم في شهر رمضان. ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم منه شيئا ص ٢٤٩ الحديث ١٤.

(٦) النهاية : كتاب الصيام باب حكم المريض والعاجز عن الصيام ص ١٥٨ س ١٥ قال : والمرأة أيضا حكمها حكم ما ذكرناه. إلخ.

(٧) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل : في حكم قضاء ما فات من الصوم ص ٢٨٦ س ١٤ قال : وحكم المرأة في هذا الباب حكم الرجل سواء إلى أن قال : وجب على وليها القضاء عنها.

٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

المختلف (١) على الأول ، وبه قال القاضي (٢) وابن إدريس على الثاني ، قال : لأن الإجماع منعقد على أن الوالد يحمل ولده ما فرط فيه من الصيام ، وليس دليلا على ثبوت الحكم في غيره (٣).

احتج الأولون بصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن امرأة مرضت في رمضان وماتت في شهر شوال فأوصتني أن أقضي عنها ، قال : هل برأت من مرضها؟ قلت : لا ماتت فيه قال : لا يقضى عنها ، فان الله لم يجعله عليها ، قلت : فإني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك ، قال : وكيف تقضي عنها شيئا لم يجعل الله عليها!؟ فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم (٤).

والاستدلال من وجوه :

(أ) سؤاله عليه السلام (هل برأت؟ قال : لا) فأجاب بسقوط القضاء ، ولو لا ان البرء موجب للقضاء لم يكن للسؤال معنى.

(ب) تعليله عليه السلام عدم القضاء بعدم إيجابه عليها ، فيكون عدم الإيجاب علة سقوط القضاء وعدم العلة يوجب عدم المعلول ، فيكون الإيجاب علة لثبوت القضاء.

__________________

(١) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٣ س ٢١ قال : مسألة قال الشيخ رحمه الله في النهاية : والمرأة أيضا حكمها ما ذكرناه الى أن قال : والأقرب الأول ، أي قول الشيخ.

(٢) المهذب : كتاب الصيام ، باب حكم المسافر في الصوم ص ١٩٤ س ٢٢ قال : ولا فرق في هذا بين أن يكون من فاته ذلك رجلا أو امرأة ، وقال أيضا في ص ١٩٦ س ٥ والمريض إذا مات الى ان قال : ولا فرق فيما ذكرناه بين ان يكون المريض رجلا أو امرأة.

(٣) السرائر : كتاب الصوم ، باب حكم المسافر والمريض والعاجز عن الصيام ص ٩١ س ٨ قال : والصحيح من المذهب والأقوال ان إلحاق المرأة في هذا الحكم بالرجال يحتاج الى دليل وانما إجماعنا منعقد إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٤ (٦٠) باب من أسلم في شهر رمضان. ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم منه شيئا ص ٢٤٨ الحديث ١١.

٧٢

الثالثة : إذا كان الأكبر أنثى ، فلا قضاء ، وقيل : يتصدق من التركة عن كل يوم بمد ولو كان عليه شهران متتابعان جاز أن يقضي الولي شهرا ويتصدق عن شهر.

______________________________________________________

(ج) تعليل تعجبه عليه السلام في قوله «كيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها» فيجب أن يكون القضاء مع الإيجاب ثابتا.

وأيضا فإن إبراء ذمم المكلفين أمر مطلوب لله سبحانه قضية لحكمته تعالى ورحمته على العالمين ، والقضاء على الولي لتفريغ ذمة الميت ، فيجب في حق المرأة كالرجل ، لتساوي الذكور والإناث في الأحكام الشرعية.

قال طاب ثراه : إذا كان الأكبر أنثى فلا قضاء ، وقيل يتصدق من التركة عن كل يوم بمد

أقول : البحث هنا في أربع مقامات :

(أ) هل يسقط الصوم بالموت؟ أو يجب قضاؤه؟

(ب) كيفية وجوبه على القول به؟

(ج) تعيين الولي القائم به.

(د) مع فقد الولي ما الحكم؟

الأول : المشهور القضاء وبه تظافرت الروايات عن الصادقين عليهم السلام (١).

وقال الحسن بن عقيل : بل يتصدق عن كل يوم بمد ، بذلك تواترت الاخبار ، وما روي من القضاء مطرح ، لأنه شاذ (٢).

الثاني : فيه ثلاثة أقوال :

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ج ٧ كتاب الصوم ، الباب ٢٣ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) المختلف : كتاب الصوم ص ٧١ س ٣١ قال : وقال ابن عقيل : إلى أن قال : وقد روي ان من مات وعليه صوم من رمضان تصدق عنه عن كل يوم. إلخ.

٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

(أ) وجوب القضاء عينا ، فان كان هناك ولي تولاه بنفسه ، وان لم يكن فيصام من التركة كالحج ، وهو قول التقي (١).

(ب) يصوم الولي إن لم يكن للميت مال ، وان كان هناك تركة فالفدية ، وهو قول علم الهدى (٢).

(ج) يصوم الولي ابتداء ، فان لم يكن ولي أخرجت الفدية من التركة ، وهو قول الشيخ (٣).

الثالث : في تعيين الولي ، وفيه قولان :

(أ) إنه أكبر أولاده الذكور ، وهو المشهور ، قاله الشيخ (٤) وابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧) والعلامة (٨).

وعرفه فخر المحققين : بأنه ولد الميت الذكر الأكبر المكلف عند موته ، فلو كلف

__________________

(١) الكافي : الصوم ، فصل في بيان احكام صيام شهرين متتابعين ص ١٨٩ س ١٠ قال : ومن مات الى قوله : فعلى وليه القضاء عنه فان لم يكن له ولي اخرج من ماله إلخ.

(٢) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٢ س ١٥ قال : وقال السيد المرتضى يتصدق عنه من صلب المال فان لم يكن هناك مال صام الولي عنه. وقال : المشهور ان الواجب القضاء على الولي ، فان لم يكن له ولي تصدق عنه من صلب المال ، ذهب اليه الشيخان.

(٣) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٢ س ١٥ قال : وقال السيد المرتضى يتصدق عنه من صلب المال فان لم يكن هناك مال صام الولي عنه. وقال : المشهور ان الواجب القضاء على الولي ، فان لم يكن له ولي تصدق عنه من صلب المال ، ذهب اليه الشيخان.

(٤) المبسوط : كتاب الصوم ، فصل في حكم قضاء ما فات من الصوم ص ٢٨٦ س ٤ قال : والولي هو أكبر أولاده الذكور.

(٥) الوسيلة : كتاب الصوم ، فصل في بيان احكام المريض والعاجز عن الصيام ص ٦٨٥ س ١٨ قال : والولي هو أكبر أولاده الذكور.

(٦) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والمريض ص ٩١ س ٤ قال : فالواجب على وليه وهو أكبر أولاده الذكور.

(٧) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٥ س ٣ قال : مسألة يقضي عن الميت أكبر ولده الذكور.

(٨) المختلف : كتاب الصوم ص ٧٢ س ٢٨ قال بعد نقل قول الشيخ في ان الولي هو أكبر أولاده الذكور : وهو الأقرب.

٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بعد موته ولو بلحظة لم يقض عنه (١).

ولو كان صغيرا أو ناقص الحكم انتقلنا الى غيره من الذكور ممن جمع التعريف المذكور ، ونزل الكبير إذا كان فاقدا للشرائط منزلة المعدوم.

(ب) الولي ، الذكر إن كان ، وإن فقد فأكبر أهله من الذكور ، فالإناث قاله المفيد (٢). قال الشهيد ، وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار.

الرابع : لو فقد الولي ما الحكم؟

قيل فيه : ثلاثة أقوال :

(أ) السقوط لا الى بدل ، قاله ابن إدريس (٣).

(ب) الفدية لكل يوم مد ، قاله الشيخ (٤).

(ج) الاستيجار من التركة للصوم كالحج قاله التقي (٥).

فروع

(أ) لو تعدد الولي قيل : فيه ثلاثة أقوال :

__________________

(١) إيضاح الفوائد : ج ١ كتاب الصوم ، في أحكام القضاء ص ٢٣٧ س ٩ قال : أقول : الذي يقضي عن الميت هو الولد الذكر المكلف. إلخ.

(٢) المقنعة : كتاب الصيام باب حكم من أسلم في شهر رمضان ومن مات. ص ٥٦ س ١٤ قال : وإذا مات إنسان إلخ.

(٣) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والمريض ص ٩١ س ١٦ قال : والذي يقتضيه الأدلة انه لا يجب على كل واحد منهم قضاء ذلك الى ان قال : وانما أجمعنا على تكليف الولد الأكبر وليس هاهنا ولد أكبر.

(٤) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل في حكم قضاء ما فات من الصوم ص ٢٨٦ س ٦ قال : وان كانوا إناثا لم يلزمهن القضاء وكان الواجب الفدية. إلخ.

(٥) الكافي : الصوم ، ص ١٨٩ س ١١ قال : فان لم يكن له ولي اخرج من ماله الى من يقضي عنه.

٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

السقوط لان لفظ الولي يراد به الواحد ، فهو خروج عن النص ، والأصل براءة الذمة ، قاله ابن إدريس (١).

القرعة ان لم يتبرع به أحدهم ، قاله القاضي (٢).

وجوب القضاء بالحصص ، قاله الشيخ (٣) وهو قول الأكثر.

(ب) لو استأجر الولي غيره جاز ، سواء كان عاجزا عن الصوم أو قادرا عليه ، وكذا الكلام في الصلاة ، ويحتمل المنع.

(ج) لو تبرع غير الولي بالصوم عن الميت احتمل قويا الاجزاء.

(د) لو مات الولي قبل قضائه لم يجب على وليه ، ويحتمل قويا الصدقة من تركته ، أو الاستيجار.

(ه) لو فضل يوم كان كفرض الكفاية ، فان لم يقم به أحدهما ، ألزما به. فان صاما وكان عن رمضان وأفطرا فيه بعد الزوال ، احتمل قويا عدم الكفارة ، لأصالة البراءة واختصاصها بالقاضي عن نفسه ، ويحتمل وجوبها على كل واحد منهما ، لإفطاره في قضاء رمضان بعد الزوال ، وواحدة عليهما ، لان المفسوخ يوم واحد معين.

ويحتمل وجوب واحدة. عليهما كفاية كأصل الصوم ، نعم لو أفطر أحدهما لم يجب عليه شي‌ء ان بقي الآخر على صومه ، فان أفطره احتمل وجوبها عليه خاصة ، لتعيينه عليه بإفطار أخيه ، ويحتمل وجوبها عليهما ، فيرد فيه الاحتمالات المتقدمة.

(و) لو استأجر أحدهما صاحبه على ما يخصه صح على الأقوى ، وان استأجره

__________________

(١) تقدم آنفا وقال أيضا : فجميع ما قيل وورد في عين مسألة الولد الأكبر لم يصح في الجماعة.

(٢) المهذب : ج ١ كتاب الصيام باب المريض والعاجز عن الصيام ص ١٩٦ س ٤ قال : فان تشاحا في ذلك أقرع بينهما.

(٣) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل في حكم قضاء ما فات من الصوم ص ٢٨٦ س ٥ قال : فان كانوا جماعة في سن واحد كان عليهم القضاء بالحصص.

٧٦

الرابعة : قاضي رمضان مخير حتى تزول الشمس ، ثمَّ يلزمه المضي ، فإن أفطر لغير عذر أطعم عشرة مساكين ، ولو عجز صام ثلاثة أيام.

الخامسة : من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر ، فالمروي قضاء الصلاة والصوم ، والأشبه قضاء الصلاة حسب.

______________________________________________________

على الجميع بطل في حصته واسترجع من الأجرة بقدر قسطه.

(ز) لو أراد الولي إخراج الفدية ، الظاهر من كلام الشيخ في الجمل (١) والمبسوط (٢) الجواز ، ويحتمل قويا المنع ، نعم لو كان الصوم شهرين متتابعين جاز أن يصوم شهرا ويتصدق من خاصة ماله أو من التركة عن شهر تخفيفا عن الولي ، ومنع ابن إدريس من الفدية وأوجب قضاء الشهرين معا (٣) الا أن يكون من كفارة مخيرة ، فيتخير بين الصوم وبين الإطعام عن الكفارة جملة.

قال طاب ثراه : من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر فالمروي قضاء الصلاة والصوم والأشبه قضاء الصلاة حسب.

أقول : روى الحلبي في الصحيح قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان قال : عليه أن يقضي الصلاة والصيام (٤) وفي معناها روايتان أخراوان (٥).

__________________

(١) الجمل والعقود : كتاب الصوم ، فصل في حكم المريض والعاجز ص ٦٥ س ١٠ قال : وكل صوم كان واجبا على المريض إلى أن قال : ثمَّ مات تصدق عنه أو يصوم عنه وليه إلخ.

(٢) المبسوط : ج ١ كتاب الصوم ، فصل في حكم قضاء ما فات من الصوم ص ٢٨٦ س ١١ قال : وكل صوم كان واجبا عليه إلى أن قال : فإنه يتصدق عنه أو يصوم عنه وليه.

(٣) السرائر : كتاب الصوم باب حكم المسافر والعاجز والمريض ص ٩١ س ٣ قال محمد بن إدريس والذي أقوله في ذلك إلخ.

(٤) التهذيب : ج ٤ (٧٢) باب الزيادات ص ٣١١ الحديث ٦.

(٥) التهذيب : ج ٤ (٧٢) باب الزيادات ص ٣٢٢ الحديث ٥٨ وص ٣٣٢ الحديث ١١١ من تلك الباب.

٧٧

وأما بقية أقسام الصوم فستأتي في أماكنها إن شاء الله.

والندب من الصوم ، منه ما لا يختص وقتا ، فان الصوم جنة من النار ، ومنه ما يختص وقتا.

والمؤكد منه أربعة عشرة ، صوم أول خميس من الشهر ، وأول أربعاء من العشر الثاني ، وآخر خميس من العشر الأخير ، ويجوز تأخيرها مع المشقة من الصيف الى الشتاء ، ولو عجز تصدق عن كل يوم بمد ، وصوم أيام البيض ، ويوم الغدير ، ومولد النبي عليه الصلاة والسلام ، ومبعثه ، ودحو الأرض ، ويوم عرفة لمن لم يضعفه عن الدعاء مع تحقق الهلال. وصوم عاشوراء حزنا ، ويوم المباهلة ، وكل خميس وجمعة ، وأول

______________________________________________________

وبمضمونها قال الشيخ في النهاية (١) والمبسوط (٢) والصدوق (٣) وأبو على (٤) واختاره العلامة (٥) ومال إليه المصنف في المعتبر (٦). واختار في النافع مذهب ابن

__________________

(١) النهاية : باب قضاء شهر رمضان ومن أفطر فيه على العمد والنسيان ص ١٦٥ س ١٣ قال : ومن أجنب في أول شهر رمضان ونسي أن يغتسل وصام الشهر كله وصلى وجب عليه الاغتسال وقضاء الصوم والصلاة

(٢) المبسوط : ج ١ ، كتاب الصوم فصل في حكم قضاء ما فات من الصوم ص ٢٨٨ س ٤ قال : ومن أجنب في أول الشهر إلخ.

(٣) الفقيه : ج ٢ (٣٣) باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص ٧٤ الحديث ١٤. رواه مرسلا وقال المختلف كتاب الصوم ص ٦٣ س ١٩ ما لفظه «ورواه الصدوق ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه وبه قال أبو علي ابن الجنيد الى أن قال بعد نقل قول ابن إدريس ، والمعتمد الأول».

(٤) تقدم آنفا نقلهما عن المختلف.

(٥) تقدم آنفا نقلهما عن المختلف.

(٦) المعتبر : كتاب الصوم ص ٣١٦ س ١٠ قال : مسألة من ترك الاغتسال من الجنابة في شهر رمضان حتى خرج الشهر إلخ.

٧٨

ذي الحجة ، ورجب كله ، وشعبان كله.

ويستحب الإمساك في سبعة مواطن :

المسافر إذا قدم أهله (بلده ـ خ) أو بلدا يعزم فيه الإقامة بعد الزوال أو قبله وقد تناول ، وكذا المريض إذا برئ ، وتمسك الحائض والنفساء والكافر والصبي والمجنون والمغمى عليه إذا زالت اعذارهم في أثناء النهار ولو لم يتناولوا. ولا يصح صوم الضيف ندبا من غير إذن مضيفه ، ولا المرأة من غير إذن الزوج ، ولا الولد من غير إذن الوالد ، ولا المملوك بدون إذن مولاه. ومن صام ندبا ودعي إلى طعام فالأفضل الإفطار.

والمحظور صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بـ «منى».

وقيل : القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق والمشهور : عموم المنع.

وصوم آخر شعبان بنية الفرض ، ونذر المعصية ، والصمت والوصال وهو أن يجعل عشاءه سحوره ، وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنى.

______________________________________________________

إدريس (١) وهو قضاء الصلاة خاصة ، للأصل.

قال طاب ثراه : وقيل : القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها ولو دخل فيهما العيد وأيام التشريق لرواية زرارة ، والمشهور عموم المنع.

أقول : القائل بذلك هو الشيخ رحمه الله (٢) معتمدا على رواية زرارة عن أبي

__________________

(١) السرائر : كتاب الصوم باب قضاء شهر رمضان ومن أفطر فيه ص ٩٣ س ٢٣ قال : ومن أجنب في أول الشهر ونسي أن يغتسل وصام الشهر كله وصلى ، وجب عليه الاغتسال وقضاء الصلاة بغير خلاف واما الصوم فلا يجب عليه قضاؤه.

(٢) النهاية : كتاب الصيام ، باب ما يجري مجرى شهر رمضان في وجوب الصوم. ص ١٦٦ س ١٤

٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

جعفر عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في الشهر الحرام ، قال : تغلظ عليه الدّية وعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم ، أو إطعام ، قلت : فيدخل فيهما العيد وأيام التشريق ، قال : يصوم فإنه حقّ لزمه (١).

وأجيب بأنّ هذا خبر شاذ نادر لا يصلح مخصصا للإجماع ، مع قصوره عن افادة المطلوب ، إذ ليس فيه تصريح بصوم العيد ، بل بالأشهر الحرم ، وأيّام التشريق يجوز صومها في غير منى. والمشهور تحريم هذه الأيام المذكورة مطلقا ، أي سواء كان عن كفارة أو لا ، وعليه تظاهرت الروايات.

واعلم أنّ ما اختاره المصنف من التقييد بكونه في منى ، هو صريح رواية معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام (٢) وذكره الشيخان (٣) وأبو علي (٤) وبعض أصحابنا قال : بتحريم أيّام التشريق ، ومراده التقييد المذكور ، وكذا ما ورد من الروايات مطلقا ، يحمل على التقييد للجمع (٥).

__________________

قال : ولا أن يصوم أيام العيدين ولا أيام التشريق إذا كان بـ (منى) الى أن قال : إلّا أن يكون الذي وجب عليه الصيام القاتل في أشهر الحرم فإنه يجب عليه صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم وان دخل فيها صيام يوم العيد وأيام التشريق.

(١) الكافي : ج ٤ كتاب الصيام ، باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين. ص ١٣٩ الحديث ٨ وفيه : قلت : فإنه يدخل في هذا شي‌ء ، فقال : ما هو؟ قلت : يوم العيد ، وليس فيها كلمة (أو إطعام).

(٢) الفقيه : ج ٢ (٥٨) باب النوادر ص ١١١ الحديث ٧ ومتن الحديث هكذا «وروي عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن صيام أيام التشريق قال : انما نهى رسول الله صلّى الله عليه وآله عن صيامها بمنى فاما بغيرها فلا بأس».

(٣) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٨ قال : مسألة صيام أيام التشريق حرام لمن كان بمنى ذكره الشيخان وابن الجنيد وجماعة من علمائنا.

(٤) المختلف : كتاب الصوم ص ٦٨ قال : مسألة صيام أيام التشريق حرام لمن كان بمنى ذكره الشيخان وابن الجنيد وجماعة من علمائنا.

(٥) لا حظ الوسائل : ج ٧ كتاب الصوم ، الباب ١ من أبواب الصوم المحرّم والمكروه والباب ٢ من تلك الأبواب في الاخبار المطلقة والمقيدة.

٨٠