المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : أموال البغاة على قسمين فما كان منها غير منقول ، أو لم يكن في العسكر فلا يقسم إجماعا ، وكذا الذراري ، لأنهم مسلمون. وأمّا الأموال التي حواها العسكر فهل يقسم بين المقاتلين؟ فيه للأصحاب ثلاثة أقوال :

(أ) لا تقسم ويجب ردّه على أربابه لو أخذ ، وهو قول السيد (١) محتجا بقوله عليه السّلام : المسلم أخو المسلم لا يحلّ له دمه وماله إلّا بطيبة من نفسه (٢) ولأنّ عليا عليه السّلام لم يقسم أموال أهل البصرة ولما روجع في ذلك قال : أيكم يأخذ عائشة في سهمه (٣) وروى أبو قيس انّ عليا عليه السّلام نادى من وجد ماله فليأخذه ، فمرّ بنا رجل فعرف قدرا نطبخ فيه ، فسألناه أن يصبر حتى ينضج فلم يفعل ورمى برجله فأخذها (٤) واستقرب جواز قتالهم بدوابّهم وسلاحهم حالة الحرب على وجه لا يقع التملّك له ، بل على وجه المدافعة والممانعة ، وتبعه ابن إدريس (٥).

(ب) جواز تملّكه وقسمته بين المقاتلة ، وهو قول الشيخ في النهاية (٦)

__________________

(١) الجوامع الفقهية ـ الناصريات : المسألة السادسة والمائتان ص ٢٢٥ س ٢٧ قال بعد نقل قول المخالف : وهذا غير صحيح ، لأنّ أهل البغي لا يجوز غنيمة أموالهم وقسمتها إلخ وليس في احتجاج السيد استدلالا بقوله (المسلم أخو المسلم إلخ) بل هو في استدلال الشافعي ولا يقبله السيد فراجع وأيضا لاحظ المختلف : في أحكام البغاة ص ١٥٦ س ٣٦.

(٢) عوالي اللئالى : ج ٣ ص ٤٢٤ الحديث ١٦.

(٣) التهذيب : ج ٦ (٧٠) باب سيرة الإمام ص ١٥٥ الحديث ٤.

(٤) عوالي اللئالى : ج ٣ ص ١٨٤ الحديث ١١.

(٥) السرائر : باب قتال أهل البغي ص ١٥٩ س ٣٠ بعد نقل قول السيد بتمامه ، قال : قال محمّد بن إدريس : الصحيح ما ذهب اليه المرتضى.

(٦) النهاية : باب قتال أهل البغي ص ٢٩٧ س ١١ قال : ويجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حوى العسكر ويقسم على المقاتلة.

٣٠١

(الثاني) أهل الكتاب : والبحث فيمن تؤخذ الجزية منه وكميتها وشرائط الذمة.

وهي تؤخذ من اليهود والنصارى ، وممّن له شبهة كتاب ، وهم المجوس. ويقاتل هؤلاء كما يقاتل أهل الحرب حتى ينقاد والشرائط الذمة ، فهناك يقرون على معتقدهم ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والبله والنّساء والهمّ على الأظهر (١) ومن بلغ منهم ، أمر بالإسلام أو

______________________________________________________

والخلاف (١) وبه قال القديمان (٢) والقاضي (٣) والتقي (٤) واختاره المصنف (٥) والعلامة (٦).

(ج) يقسم مال من لم يرجع منهم إلى الحق والى طاعة الامام. ومن رجع الى طاعة الإمام فهو أحق بماله وهو قول الشيخ في المبسوط (٧). وهو الوجه استنادا الى فعل علي عليه السّلام فإنه لم يقسم أموال أهل البصرة ، حيث رجعوا إلى طاعته ، وقسم ما غنموه من أهل الشام ، وكلّما ورد من منع القسمة ، فإنه في واقعة البصرة.

قال طاب ثراه : ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والنّساء والبله والهمّ على الأظهر.

__________________

(١) لم أعثر عليه في الخلاف ولكن نقله عنه في المختلف.

(٢) المختلف : في أحكام البغاة ص ١٥٧ س ١١ قال : وقال ابن عقيل : يقسم أموالهم التي حواها العسكر ثمَّ قال بعد أسطر : وجوز ابن الجنيد قسمة ما حواه العسكر ، الى أن قال : والأقرب ما ذهب اليه الشيخ في النهاية.

(٣) المختلف : في أحكام البغاة ص ١٥٧ س ١١ قال : وقال ابن عقيل : يقسم أموالهم التي حواها العسكر ثمَّ قال بعد أسطر : وجوز ابن الجنيد قسمة ما حواه العسكر ، الى أن قال : والأقرب ما ذهب اليه الشيخ في النهاية.

(٤) المهذب : ج ١ باب قتال أهل البغي ص ٣٢٥ س ٢١ قال : فأمّا أموالهم فلا يغنم منها الّا ما حواه العسكر دون ما سواه.

(٥) الكافي : الجهاد ص ٢٥١ س ١٣ قال : ويقسم ما حواه معسكر الجميع.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المبسوط : ج ٧ كتاب قتال أهل البغي ص ٢٦٦ س ١٥ قال : إذا انقضت الحرب بين أهل

٣٠٢

التزام الشرائط ، فإن امتنع صار حربيّا والأولى ان لا يقدر الجزية فإنه أنسب بالصغار وكان علي عليه السّلام يأخذ من الغنى ثمانية وأربعين درهما ومن المتوسط أربعة وعشرين ، ومن الفقير اثنى عشر درهما ، لاقتضاء المصلحة ، لا توظيفا لازما.

______________________________________________________

أقول : سقوطها عن الهمّ ظاهر أبي علي (١) وقال الشيخ في المبسوط : بعدم السقوط لعموم الآية (٢) قال : وفي أصحابنا من قال : لا تؤخذ منهم الجزية ، وهو الظاهر من كلام القاضي (٣) وابن حمزة (٤) وقال العلامة في القواعد : إن كان له رأى أو قتال أخذت منه ، والّا فلا (٥).

قال طاب ثراه : والاولى ان لا يقدر الجزية ، فإنه أنسب بالصغار.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : هل تقدر الجزية أم لا؟ المشهور عدم تقديرها ، بل أمرها إلى الإمام بحسب

__________________

العدل والبغي إلى أن قال : فامّا إن رجعوا إلى طاعته فهم أحق بأموالهم.

(١) المختلف : في أحكام الجزية ص ١٥٥ س ٨ قال : مسألة قال ابن الجنيد : لا تؤخذ الجزية من مغلوب إلخ.

(٢) المبسوط : ج ٢ ، كتاب الجزايا وأحكامها ص ٤٢ س ٣ قال : والشيخ الفاني والزمن الى أن قال : تؤخذ منهم الجزية لعموم الآية.

(٣) المهذب : ج ١ كتاب الخمس ، باب في ذكر من يجب أخذ الجزية منه ومن لا يجوز أخذها منه ص ١٨٤ س ٩ قال : وامّا الذي لا يجوز أخذها من الكفار فهو إلخ ولكن لا يخفى انه لم يتعرض هنا (للهم) بنفي ولا إثبات.

(٤) الوسيلة : كتاب الجهاد ص ٦٩٧ س ٣ قال : والثالث ستة نفر ، المرأة والعبد والمجنون والصبي والأبله والسفيه المفسد.

(٥) القواعد : كتاب الجهاد ، الفصل الثاني في عقد الجزية ص ١١٢ س ٤ قال : ويسقط عن الهمّ على رأي إلخ وما نقله المصنف من قوله (ان كان له رأي أو قتال) فليس هنا ، بل هو موجود في (من يجوز قتله ، لاحظ ص ١٠٣ س ١٢ قال : والكبير إن كان ذا رأي أو قتال.

٣٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ما يراه وهو اختيار الشيخين (١) والقاضي (٢) وابن حمزة (٣) وسلار (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنف (٦) والعلامة (٧) لصحيحة زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : ما حدّ الجزية على أهل الكتاب؟ وهل عليهم في ذلك شي‌ء موظف لا ينبغي أن يجوز الى غيره؟ قال : ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر حاله (٨) ولأنّه أنسب بالصغار ، فإنه إذا لم يعلم قدر ما يؤخذ منه عند الحلول كان خائفا أن يطالب بما لا يقدر عليه ، وإذا قدرت عليه اهتم بها من أوّل الحول ، فلا يصير مكترثا بها ، فلا يشق عليه أداؤها ، فلا صغار حينئذ.

الثانية : قال تعالى (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٩).

__________________

(١) المقنعة : باب مقدار الجزية ص ٤٤ س ٢٤ قال : وليس في الجزية حدّ مرسوم الى أن قال : وانما هي على ما يراه الامام ، وفي النهاية كتاب الزكاة ، باب الجزية وأحكامها ص ١٩٣ س ١٤ قال : وليس للجزية حدّ محدود ولا قدر موقّت ، بل يأخذ الإمام منهم على قدر ما يراه من أحوالهم.

(٢) المهذب : كتاب الخمس ، باب في ذكر ما ينبغي أخذه من الجزية ص ١٨٤ س ٢١ قال : الذي ينبغي أخذه من الجزية ليس له مقدار معين ، بل ذلك الى الامام.

(٣) الوسيلة : فصل في بيان أحكام الجزية ص ٦٩٧ س ٥ قال : وقدره موكول إلى رأي الامام إلخ.

(٤) المراسم : الخمس ، ذكر الجزية ص ١٤١ س ٥ قال : والمبلغ لا حدّ له في الرسم الشرعي ، بل هو مفوّض الى الامام إلخ.

(٥) السرائر : كتاب الزكاة ، باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٥ قال : وليس للجزية عند أهل البيت حدّ الى أن قال : بل ذلك موكول الى تدبير الامام ورأيه فيأخذ منهم على قدر أحوالهم إلخ.

(٦) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٧) المختلف : في أحكام أهل الذمة ص ١٦٤ س ٢٣ قال : مسألة المشهور انّه لا حدّ للجزية بل بحسب ما يراه الإمام إلخ.

(٨) التهذيب : ج ٤ (٣٢) باب مقدار الجزية ص ١١٧ قطعة من حديث ١.

(٩) التوبة : ٢٩.

٣٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فأوجب الصغار ، وما هو قيل فيه أربعة أقوال :

(أ) انّه التزام أحكامنا وجريانها عليهم ، قاله الشيخ في المبسوط (١).

(ب) انه التزام الجزية على ما يحكم به الحكام من غير أن تكون مقدّرة والتزام أحكامنا عليهم قاله الشيخ في الخلاف (٢) وبه قال ابن إدريس (٣) واختاره المصنف (٤) والعلامة (٥).

(ج) قال أبو علي : الصغار عندي ، هو أن يكون مشروطا عليهم في وقت العقد أن تكون أحكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين وبينهم ، وأن تؤخذ منهم وهم قيام على الأرض (٦).

(د) الصغار أن يؤاخذهم الإمام بما لا يطيقون حتى يسلموا ، والّا فكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث بما يؤخذ منه ، قاله المفيد (٧) ونقله عن الصادق عليه السّلام قال : انّ الله تعالى يقول (حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) وللإمام أن

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ ، كتاب الجزايا ص ٣٨ س ٢ قال : واما التزام أحكامنا وجريانها عليهم الى أن قال : وهو الصغار المذكور في الآية.

(٢) الخلاف : كتاب الجزية ، مسألة ٥ قال : الصغار المذكور في آية الجزية ، هو التزام الجزية على ما يحكم به الإمام إلخ.

(٣) السرائر : كتاب الزكاة ، باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٦ قال : والصغار ، اختلف المفسّرون فيه ، والأظهر انه التزام أحكامنا عليهم وإجراؤها وان لا يقدر الجزية إلخ.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف : في أحكام أهل الذمة ، ص ١٦٤ س ٤ قال : مسألة الصغار المذكور في الآية هو التزام الجزية إلخ.

(٦) المختلف : في أحكام أهل الذمة ص ١٦٤ س ٥ قال : قال ابن الجنيد : الصغار عندي إلخ.

(٧) المقنعة : كتاب الزكاة ، باب مقدار الجزية ص ٤٤ س ٢٤ قال : وليس في الجزية حد مرسوم الى ان قال : وقال عليه السّلام : ان الله عزّ وجلّ يقول : إلخ.

٣٠٥

ويجوز وضع الجزية على الرؤوس أو الأرض ، وفي جواز الجمع قولان ، أشبههما الجواز.

______________________________________________________

يأخذهم بما لا يطيقون حتى يسلموا ، والّا فكيف يكون صاغرا ولا يكترث لما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم (١).

قال طاب ثراه : ويجوز وضع الجزية على الرؤوس أو الأرض ، وفي جواز الجمع قولان ، أشبههما الجواز.

أقول : منع الشيخ في النهاية من الجمع (٢) وبه قال القاضي (٣) وابن حمزة (٤) وابن إدريس (٥) واختاره التقي (٦) وأبو علي (٧).

ويظهر لي : انّ النزاع لفظي ، لأنّ عقد الجزية إن تضمّن تعيين أحدهما ، لم يجز تعدّيه إلى غيره إجماعا. وإن لم يتضمّن التعيين جاز للإمام أن يأخذ منهما ومن أحدهما ، لعدم المانع. ولأنّ الجزية إذا لم تكن مقدّرة لم تكن لقصرها على أحد

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٣٢) باب مقدار الجزية ص ١١٧ قطعة من حديث ١.

(٢) النهاية : كتاب الزكاة ، باب الجزية وأحكامها ص ١٩٣ س ١١ قال : فان وضعها على رؤوسهم فليس له أن يأخذ من أرضهم إلخ.

(٣) المهذب : ج ١ كتاب الخمس ، باب في ذكر ما ينبغي أخذه من الجزية ص ١٨٥ س ٢ قال : الّا انهم متى وضعها على أرضهم لم يضعها على رؤوسهم.

(٤) الجوامع الفقهية : الوسيلة ، فصل في بيان أحكام الجزية ص ٦٩٧ س ٧ قال : ويضع على الرؤوس أو على أراضيهم ولا يجمع بينهما.

(٥) السرائر : كتاب الزكاة باب الجزية ص ١١٠ س ٤ قال : فان وضعها على رؤوسهم فليس له أن يأخذ من أرضيهم شيئا.

(٦) الكافي : الجهاد الضرب الثاني من الغنائم ص ٢٦٠ س ١٩ قال : ويصح صلحهم على جزية الرؤوس خاصة ، وعلى الأمرين.

(٧) المختلف : في أحكام أهل الذمة ص ١٦٤ س ١٧ قال : وهل له الجمع الى أن قال بعد نقل قول النهاية : وجوّز ابن الجنيد الجمع الى أن قال : والأقرب الأوّل.

٣٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المذكورين معنى ، لأنّه جاز أن يأخذ عن الرؤوس بقدر ما يمكن أن يأخذ منهما ويزيد عليه ، إذ ليس لها مقدّر معيّن لا يجوز تخطيه.

ولكن في صحيحة محمّد بن مسلم إشكال لعلّه منشأ الاختلاف ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية ، ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم ، أما عليهم في ذلك شي‌ء موظف؟ فقال : كان عليهم ما أجازوا على أنفسهم ، وليس للإمام أكثر من الجزية ، إن شاء الامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شي‌ء ، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شي‌ء ، فقلت : فهذا الخمس؟ فقال : هذا كان صالحهم عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله (١).

والجواب حمل ذلك على ما إذا وقع عقد الجزية على تعيين أحدهما.

قال العلامة بعد أن حكى القولين : والأقرب الأوّل ، واحتج بالرواية المذكورة ، ثمَّ قال : احتج الآخرون بأنّ الجزية لا حدّ لها فجاز أن يضع قسطا على رؤوسهم وقسطا على أرضهم. والجواب : ليس النزاع في وضع جزية على الرؤوس والأرض ، بل في وضع جزيتين عليهم ، وبالجملة فلا بأس بهذا القول ، وهذا آخر كلامه رحمه الله (٢).

وأنت ترى ضعف هذا الجواب ، أعني قوله «بل وضع جزيتين عليهما» فمن أين انّ الوضع عليهما يصيرهما جزيتين ، ثمَّ لو سلّم ذلك ، من أين أنّ تسميتهما جزيتان مانع من ذلك.

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ (٣٢) باب مقدار الجزية ، ص ١١٧ قطعة من حديث ١.

(٢) المختلف : في أحكام أهل الذمة ص ١٦٤ س ١٨ قال : والأقرب الأوّل ، لنا ما رواه ابن بابويه في الصحيح إلخ.

٣٠٧

وإذا أسلم الذمّي قبل الحول سقطت الجزية ، ولو كان بعده وقبل الأداء فقولان أشبههما السقوط ، (١) وتؤخذ من تركته لو مات بعد الحلول ذمّيا.

أمّا الشروط فخمسة : قبول الجزية ، وان لا يؤذوا المسلمين كالزنا بنسائهم ، أو السرقة لأموالهم ، وألّا يتظاهروا بالمحرّمات كشرب الخمر والزنا ونكاح المحارم ، وألّا يحدثوا كنيسة ، ولا يضربوا ناقوسا ، وأن تجرى عليهم أحكام الإسلام.

ويلحق بذلك : البحث في الكنائس والمساجد والمساكن. ولا يجوز استئناف البيع والكنائس في بلاد الإسلام ، وتزال لو استحدثت ، ولا بأس بما كان عاديا قبل الفتح ، وبما أحدثوه في أرض الصلح ، ويجوز رمتها ، ولا يعلي الذمي بنيانه فوق المسلم ، ويقرّ ما ابتاعه من مسلم على حاله ، ولو انهدم لم يعل به. ولا يجوز لأحدهم دخول المسجد الحرام ولا غيره ، ولو أذن له المسلم.

مسألتان

الأولى : يجوز أخذ الجزية من أثمان المحرمات ، كالخمر.

الثانية : يستحق الجزية من قام مقام المهاجرين في الذبّ عن الإسلام من المسلمين.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولو أسلم الذمي قبل الحلول سقطت الجزية ، ولو كان بعده وقبل الأداء قولان : أشبههما السقوط.

أقول : مختار المصنف وهو السقوط ، هو المشهور بين الأصحاب واختاره

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الشيخان (١) والقاضي (٢) وابن إدريس (٣) والعلامة (٤).

واحتجوا بوجوه :

(أ) قوله عليه السّلام : الإسلام يجب ما قبله (٥).

(ب) ان في إسقاطها ترغيبا له في الإسلام ، فيكون مرادا للشارع.

(ج) ان الجزية انما وضعت للصغار والإهانة بالكافر والترغيب في الإسلام والدخول فيه ، وقد زال سبب الأوّل ، وحصل الثاني. ونقل المفيد (٦) والقاضي (٧) وابن إدريس (٨) عن بعض أصحابنا : عدم السقوط ، لوجوبها بمضيّ الحول ،

__________________

(١) المقنعة : باب الخمس والغنائم ، باب الزيادات ص ٤٥ س ٢٦ قال : وإذا أسلم الذمي سقطت عنه الجزية إلخ. وفي النهاية : باب الجزية وأحكامها ص ١٩٣ س ٧ قال : ومن وجبت عليه الجزية وحلّ الوقت فأسلم قبل أن يعطيها سقطت عنه.

(٢) المهذب : ج ١ كتاب الخمس ، باب الجزية ص ١٨٤ س ١٤ قال : ومن لم يؤد الجزية الى أن قال : إذا أسلم فقد أسقطت عنه.

(٣) السرائر : باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٢ قال : ومن وجبت عليه الجزية وحلّ الوقت فأسلم قبل أن يعطيها سقطت عنه.

(٤) المختلف : كتاب الجهاد ، في أحكام أهل الذمة ص ١٦٥ س ٣ قال : لو أسلم الذمي بعد حلول الحول الى أن قال : والمعتمد الأول ، أي السقوط.

(٥) عوالي اللئالى : ج ٢ ص ٥٤ الحديث ١٤٥ ولاحظ ما علق عليه.

(٦) المقنعة : باب الزيادات ص ٤٥ س ٢٧ قال : وقد قيل : انه إن أسلم قبل الأجل فلا جزية عليه وان أسلم وقد حلّ فعليه الجزية.

(٧) المهذب : ج ١ كتاب الخمس ، باب الجزية ص ١٨٤ س ١٤ قال : ومن لم يؤدّ الجزية الى أن قال : إن أسلم فقد أسقطت عنه بالإسلام ولم يجز أخذها منه إلخ.

(٨) السرائر : باب الجزية وأحكامها ص ١١٠ س ٣ قال : وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّها لا تسقط.

٣٠٩

الثالث : من ليس لهم كتاب : ويبدأ بقتال من يليه الّا مع اختصاص الأبعد بالخطر. ولا يبدءون إلّا بعد الدعوة إلى الإسلام ، فإن امتنعوا حلّ جهادهم. ويختص بدعائهم الإمام أو من يأمره. وتسقط

______________________________________________________

فلا تسقط بالإسلام كالدين. وأجيب بالمنع من المساواة.

وقال التقي : لو أسلم قبل حلول الأجل سقط عنه بقية الجزية (١) ويفهم منه حكمان :

(أ) وجوبها بعد الحول.

(ب) لو أسلم قبل الحول وجب عليه بقدر ما مضى.

فعلى هذا تكون الجزية مقسّطة على أجزاء الحول كلما انقضى منه جزء استقر في ذمته بإزائه من الجزية. والأظهر انّها لا تجب إلّا بمضيّ الحول ، فهي كالدية على العاقلة.

وتظهر الفائدة في مسائل :

(أ) لو مات في أثناء الحول لم يؤخذ من التركة على ما قلناه ، ويؤخذ بالنسبة على قوله.

(ب) لو جنّ في أثناء الحول لم يجب عليه جزية حتى يفيق حولا ، وعنده تجب بنسبة ما عقل.

(ج) لو أقعد أو خرق لا تؤخذ منه على القول بسقوطها عمّن ذكرناه على قولنا ، وعلى قوله : يؤخذ منه بنسبة الماضي.

(د) لو كان فقيرا في أوّل الحول واستغنى في آخره ، أو انعكس ، كان الاعتبار بحاله عند الحول ، وعنده تجب عليه بالتقسيط.

__________________

(١) الكافي : الجهاد ص ٢٤٩ س ١٠ قال : فمن أسلم قبل حلول الأجل سقطت عنه الجزية إلخ ولكن في المختلف : ص ١٦٥ س ٥ قال : وقال أبو الصلاح : ولو أسلم قبل حلول الأجل سقطت عنه بقية الجزية.

٣١٠

الدعوة عمن قوبل بها وعرفها. وإن اقتضت المصلحة المهادنة جاز ، لكن لا يتولّاها إلّا الإمام أو من يأذن له ويذم الواحد من المسلمين للواحد ، ويمضى ذمامه على الجماعة ، ولو كان أدونهم. ومن دخل بشبهة الأمان فهو آمن حتى يردّ إلى مأمنه. لو استذم ، فقيل : لا نذم ، فظنّ أنهم أذنوا فدخل وجب إعادته إلى مأمنه نظرا في الشبهة ولا يجوز الفرار إذا كان العدوّ على الضعف أو أقلّ ، إلا لمتحرّف أو متحيّز الى فئة ولو غلب على الظن العطب على الأظهر (١) ولو كان أكثر جاز. ويجوز المحاربة بكل ما يرجى به الفتح : كهدم الحصون ورمي المتاحيق ولا يضمن بذلك المسلمين بينهم.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف أو أقل إلّا لمتحرّف أو متحيز الى فئة ولو غلب على الظن العطب على الأظهر.

أقول : منع في المبسوط من الفرار (١) لقوله تعالى (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا) (٢) وهو اختيار المصنف (٣) وقيل : يجوز واختاره العلامة في المختلف (٤) لما فيه من حفظ النفس ، وقال تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٥) والأول هو الوجه ، لأنّ وضع الجهاد مبني على بذل النفس ، قال تعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ أصناف الكفار وكيفية قتالهم ص ١٠ س ١٢ قال : فان انصرف على غير هذين الوجهين كان قارّا وفسق بذلك وارتكب كبيرة وإذا ثبت على ظنه انه إذا ثبت قتل وهلك ، فالأولى أن نقول : ليس له ذلك إلخ.

(٢) الأنفال : ٤٥.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في كيفية الجهاد ، ص ١٥٥ س ١٦ قال : وقيل : انه يجوز له الانصراف الى أن قال : والأقرب عندي الأخير.

(٥) البقرة : ١٩٥.

٣١١

ويكره بإلقاء النار ويحرم بإلقاء السم ، وقيل : يكره (١) ولو تترّسوا بالصبيان والمجانين أو النساء ولم يمكن الفتح الا بقتلهم ، جاز. وكذا لو

______________________________________________________

وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) (١) وقال أمير المؤمنين عليه السّلام لولده محمّد : تد في الأرض قدمك وأعر الله جمجمتك (٢).

قال طاب ثراه : ويحرم بإلقاء السم ، وقيل : يكره.

أقول : الأوّل اختيار الشيخين في النهاية (٣) والمقنعة (٤) والمصنف (٥) وابن إدريس (٦) لرواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليه السّلام ، ان النبي صلّى الله عليه وآله نهى أن يرمى السمّ في بلاد المشركين (٧) والمستند ضعيف مع جواز حمل النهى على الكراهة.

والثاني اختيار الشيخ في المبسوط (٨) وبه قال العلامة (٩) وأبو علي (١٠) للأصل ، ولما دلّ عليه حديث حفص بن غياث قال : كتب اليّ بعض إخواني أسأل أبا عبد الله عليه السّلام عن مدينة من مدائن الحرب ، هل يجوز أن يرسل عليهم الماء ، أو يحرقوا بالنيران ، أو يرموا بالمنجنيق حتى يقتلوا ، وفيهم النساء والصبيان والشيخ

__________________

(١) التوبة : ١١١.

(٢) نهج البلاغة : ومن كلام له عليه السّلام (١١) ص ٥٥.

(٣) النهاية : كتاب الجهاد ، باب من يجب قتاله ص ٢٩٣ س ٦ قال : إلّا السم فإنّه لا يجوز.

(٤) لم أعثر عليه في المقنعة ، ولم يتعرض له في المختلف أيضا.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) السرائر : كتاب الجهاد ، باب ذكر أصناف الكفار ومن يجب قتالهم ص ١٥٧ س ٣ قال : وإلقاء السمّ في بلادهم فإنّه لا يجوز.

(٧) التهذيب : ج ٦ (٦٣) باب كيفية قتال المشركين ص ١٤٣ الحديث ٤.

(٨) المبسوط : ج ٢ ، فصل : أصناف الكفار وكيفية قتالهم ص ١١ س ١٢ قال : وكره أصحابنا إلقاء السمّ في بلادهم.

(٩) المختلف : في كيفية الجهاد ص ١٥٥ س ٢٧ قال : والأقرب ما ذكره في المبسوط وهو اختيار ابن الجنيد.

(١٠) المختلف : في كيفية الجهاد ص ١٥٥ س ٢٧ قال : والأقرب ما ذكره في المبسوط وهو اختيار ابن الجنيد.

٣١٢

تترّسوا بالأسارى من المسلمين ، فلا دية وفي الكفارة قولان (١) ولا يقتل نساؤهم ولو عاونّ الّا مع الاضطرار ، ويحرم التمثيل بأهل الحرب والغدر والغلول منهم. ويقاتل في أشهر الحرم من لا يرى لها حرمة ، ويكفّ عمّن يرى حرمتها. ويكره القتال قبل الزوال ، والتبييت ، وأن تعرقب الدابة ، والمبارزة بين الصفين بغير إذن الامام.

______________________________________________________

الكبير ، والأسارى من المسلمين ، والمجتاز؟ فقال : يفعل ذلك بهم ، ولا يمسك لهؤلاء ، ولا دية لهم على المسلمين ولا كفارة (١) والسمّ في معنى هذه الأشياء ، فيشاركها في الإباحة.

واعلم أنّ هذا الخبر قد دلّ على أمور :

(أ) جواز المحاربة بهذه المذكورات.

(ب) انه لا يمسك عنهم لمكان الأسير المسلم والمجتاز بهم.

(ج) انتفاء الدية عن قاتل المسلم ، وفيها خلاف بين فقهائنا.

(د) سقوط الكفارة ، والأقرب وجوبها للآية (٢) وابن غياث عامي.

قال طاب ثراه : وفي الكفارة قولان :

أقول : وجوب الكفارة على القاتل هو المشهور بين الأصحاب لقوله تعالى (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (٣) ولم يذكر الدية ونصّ على الكفارة.

و (من) في الآية بمعنى (في) لأنّ حروف الخفض يستعمل بعضها مكان بعض عند أهل اللسان ، وهو كثير في القرآن وأشعار العرب.

ولا تتركني بالوعيد كأنني

إلى الناس مطلي به الفار أجرب (٤)

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ (٦٣) باب كيفية قتال المشركين ص ١٤٢ قطعة من حديث ٢.

(٢) قال تعالى «وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ» سورة النساء : ٩٢.

(٣) النساء : ٩٢.

(٤) لم يسم قائله.

٣١٣

النظر الثالث في التوابع ، وهي أربعة :

(الأوّل) في قسمة الفي‌ء : يجب إخراج ما شرطه الإمام أوّلا كالجعائل ، ثمَّ بما تحتاج إليه الغنيمة كأجرة الحافظ والراعي ، وبما يرضخ لمن لا قسمة له كالنساء والكفار والعبيد ، ثمَّ يخرج الخمس ويقسم الباقي بين المقاتلة ومن حضر القتال وان لم يقاتل حتى الطفل ولو ولد بعد الحيازة قبل القسمة. وكذا من يلتحق بهم من المدد ، للراجل سهم وللفارس سهمان ، وقيل : للفارس ثلاثة. (١) ولو كان معه أفراس أسهم للفرسين دون ما زاد.

______________________________________________________

أراد في الناس. ونقل المصنف قولا بعدم الكفّارة ، ولم نظفر بقائله ، وفي الشرائع : وفي الاخبار ولا كفارة (١).

قال طاب ثراه : للراجل سهم وللفارس سهمان ، وقيل : للفارس ثلاثة.

أقول : الأول اختيار الأكثر ، وبه قال الحسن (٢) والتقي (٣) وابن إدريس (٤) والمصنف (٥) والعلامة (٦) والثاني مذهب أبي علي (٧)

__________________

(١) الشرائع : ج ١ في كيفية قتال أهل الحرب ص ٣١٢ قال : ولا يلزم القاتل دية ، ويلزمه كفارة ، وفي الاخبار ولا الكفارة.

(٢) المختلف : في أحكام الغنيمة ص ١٥٨ س ٩ قال بعد نقل الأقوال : والمشهور الأوّل وهو قول ابن أبي عقيل.

(٣) الكافي : الجهاد ، الضرب الأوّل من المغانم ص ٢٥٨ س ١٤ قال : ويقسم الأربعة الأخماس الى أن قال : للراجل سهم وللفارس سهمان.

(٤) السرائر : باب قسمة الغنيمة ص ١٥٧ س ٢٥ قال : وينبغي أن يقسم للفارس سهمين وللراجل سهما على الصحيح من المذهب.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) المختلف : في أحكام الغنيمة ص ١٥٨ س ٩ قال بعد نقل الأقوال : والمشهور الأوّل وهو قول ابن أبي عقيل.

(٧) المختلف : في أحكام الغنيمة ص ١٥٨ س ٩ قال : وقال ابن الجنيد : للفارس ثلاثة أسهم سهمان

٣١٤

وكذا يقسم لو قاتلوا في السفن وان استغنوا عن الخيل ، ولا سهم لغير الخيل ويكون راكبها في الغنيمة كالراجل. والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة لا بدخول المعركة. والجيش يشارك سريته ، ولا يشاركها عسكر البلد. وصالح النبي عليه السّلام الأعراب عن ترك المهاجرة بأن يساعدوا إذا استنفر بهم ولا نصيب لهم في الغنيمة.

______________________________________________________

احتج الأولون بما رواه حفص بن غياث قال : كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله عليه السّلام عن مسائل من السيرة إلى أن قال : كيف تقسم الغنيمة بينهم؟ قال : للفارس سهمان وللراجل سهم (١).

احتج الآخرون بما رواه إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه : أنّ عليا عليه السّلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما (٢).

أجاب الأوّلون بحملها على من كان معه أكثر من فرس.

قال طاب ثراه : وصالح النبي صلّى الله عليه وآله الاعراب على ترك المهاجرة بأن يساعدوا إذا استنفرهم ولا نصيب لهم في الغنيمة.

أقول : هذا هو المشهور عند أصحابنا ، ومنع منه ابن إدريس وأوجب لهم النصيب ، قال : لأنّه لا خلاف بين المسلمين أن كل من قاتل من المسلمين فإنه من جملة المقاتلة ، والغنيمة للمقاتلة ، فلا يخرج عن هذا الإجماع إلّا بإجماع مثله (٣) ، وهو ممنوع لأنّ الإجماع على خلافه.

احتج الأوّلون بما روي أنّ النبي صلّى الله عليه وآله صالح الأعراب عن

__________________

لفرسه وسهم له.

(١) التهذيب : ج ٦ (٦٥) باب السرية تغزو فتغتم فيلحقها جيش آخر ص ١٤٥ قطعة من حديث ١.

(٢) التهذيب : ج ٦ (٦٦) باب كيفية قسمة الغنائم ص ١٤٧ الحديث ٣.

(٣) السرائر : باب قتال أهل البغي ص ١٦٠ س ١١ قال : وقال بعض أصحابنا انه ليس للأعراب من الغنيمة شي‌ء إلخ.

٣١٥

ولو غنم المشركون أموال المسلمين وذراريهم ثمَّ ارتجعوها لم تدخل في الغنيمة. ولو عرفت بعد القسمة فقولان : أشبههما ردّها على المالك. ويرجع الغانم على الامام بقيمتها مع التفرق ، والّا فعلى الغنيمة.

______________________________________________________

المهاجرة بترك النصيب ، روى عبد الكريم الهاشمي في الحسن قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السّلام بمكة إذ دخل عليه ناس من المعتزلة فيهم عمر وبن عبيد الى أن قال : أرأيت الأربعة الأخماس قسمتها بين جميع من قاتل عليها؟

قال عمرو : نعم ، قال له الصادق عليه السّلام : فقد خالفت رسول الله صلّى الله عليه وآله في سيرته ، بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم ، فسلهم ، فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في انّ رسول الله انّما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على ان دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب ، وأنت تقول : بين جميعهم ، فقد خالفت رسول الله صلّى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته في المشركين (١) وعليها الأصحاب ، وإذا نسب الإمام عليه السّلام من أعطاهم الى مخالفة الرسول ، كان القول باعطائهم باطلا.

قال طاب ثراه : ولو غنم المشركون أموال المسلمين ثمَّ ارتجعوها ، لم تدخل في الغنيمة ، ولو عرفت بعد القسمة ، فقولان : أشبههما ردّها على المالك ، ويرجع الغانم على الامام بقيمتها مع التفرق ، والّا فعلى الغنيمة.

أقول : هنا ثلاثة أقوال :

(أ) قال الشيخ في النهاية : يقوّمون في سهم المقاتلة ويعطي الإمام مواليهم أثمانهم من بيت المال (٢).

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ (٦٦) باب كيفية قسمة الغنائم ص ١٥٠ قطعة من حديث ٧.

(٢) النهاية : باب قسمة الفي‌ء وأحكام الأسارى ص ٢٩٥ س ١٨ قال : فاما العبيد فإنهم يقوّمون في سهام إلخ.

٣١٦

(الثاني) في الأسارى : والإناث منهم والأطفال يسترقون ولا يقتلون ، ولو اشتبه الطفل بالبالغ ، اعتبر بالإنبات والذكور البالغون يقتلون حتما ، إن أخذوا والحرب قائمة ما لم يسلموا. والامام مخيّر بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم حتى ينزفوا. وإن أخذوا بعد

______________________________________________________

(ب) قال في كتابي الفروع : إن عرفت قبل القسمة أخذها أربابها ، وإن عرفت بعد القسمة فكذلك ، ويردّ على من وقعت في نصيبه قيمتها من بيت المال ، لئلا ينتقض القسمة (١) ، وهو اختيار ابن إدريس (٢) والمصنف (٣) والعلامة (٤).

(ج) قال التقي : ما عرف قبل القسمة ، يكون خارجا عن حدّ الغنيمة غير داخل فيها ، وبعد القسمة وحصوله في حرز الكفار وتملّكهم على ظاهر الحال للمقاتلين ، وقيل ذلك راجع الى أربابه من المسلمين (٥).

فالمصنف قال (فيها قولان) وهي في الحقيقة ثلاثة ، فأمّا لعدم اعتداده بالقول الآخر لانقراضه ، وبعده عن مناسبة الأصل ، وإمّا أن يكون مراده ، وفيه قولان للشيخ.

وقيد المصنف في رجوع الغانم بعد القسمة ، على الامام ، تفرق الغانمين (٦) ،

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ ، فصل في حكم الحربي إذا أسلم في دار الحرب والمسلم إذا أخذ ماله المشركون ص ٢٦ س ١٤ قال : فان له أخذه قبل القسمة إلى قوله : لكن يعطي الإمام من حصل في سهمه قيمته من بيت المال لئلا تنقص القسمة. وفي الخلاف كتاب السير مسألة ١٠.

(٢) السرائر : باب قسمة الغنيمة ص ١٥٨ س ١ قال : والذي يقتضيه أصول المذهب إلخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف : في أحكام الغنيمة ص ١٥٩ س ١٩ قال والوجه ما اختاره في المبسوط والخلاف.

(٥) الكافي : الجهاد ، الضرب الأول من المغانم ص ٢٥٩ س ١٢ قال : وإذا غلب الكفار على شي‌ء من أموال المسلمين وذراريهم إلخ.

(٦) حيث قال (مع التفرق).

٣١٧

انقضائهم يقتلوا. وكان الامام مخيّرا بين المنّ والفداء والاسترقاق ، ولا يسقط هذا الحكم لو أسلموا. ولا يقتل الأسير لو عجز عن المشي ، ولا يعد الذمام له ويكره ان يصبر على القتل. ولا يجوز دفن الحربي ، ويجب دفن المسلم ، ولو اشتبهوا قيل : يوارى من كان كميشا كما أمر النبي صلّى الله عليه وآله في قتلى بدر. (١) وحكم الطفل حكم أبويه ، فإن أسلما أو أسلم أحدهما لحق بحكمه ولو أسلم حربي في دار الحرب حقن دمه

______________________________________________________

وتبعه العلامة (١) وهو مضمون حسنة علي بن رئاب عن أبي جعفر عليه السّلام (٢) وقال الشيخ في الاستبصار : الذي أعمل عليه انه أحق بعين ماله على كل أحد ، والأخبار المخالفة لذلك وردت على ضرب من التقية (٣).

قال طاب ثراه : ولا يجوز دفن الحربي ، ويجب دفن المسلم ، ولو اشتبهوا قيل : يوارى من كان كميشا كما أمر النبي صلّى الله عليه وآله في قتلى بدر.

أقول : قال الشيخ في النهاية : دفن منهم من كان صغير الذكر على ما روي في بعض الأخبار (٤) وبه قال المصنف في الشرائع (٥) والعلامة (٦) اعتمادا على حسنة حماد بن يحيى عن الصادق عليه السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم بدر :

__________________

(١) القواعد : المطلب الثاني في قسمة الغنيمة ص ١٠٨ س ١٦ قال : ورجع الغانم على الامام مع تفرق الغانمين.

(٢) التهذيب : ج ٦ (٧٤) باب المشركين يأسرون أولاد المسلمين ص ١٦٠ قطعة من حديث ٥.

(٣) الاستبصار : ج ٣ (٣) باب ان المشركين يأخذون من مال المسلمين شيئا ص ٥ ذيل حديث ٤.

(٤) النهاية : كتاب الجهاد ، باب من الزيادات في ذلك ص ٢٩٨ س ١٣ قال : فليوار منهم من كان صغير الذكر على ما روي إلخ.

(٥) الشرائع : في الأسارى قال : وان اشتبها يوارى من كان كميش الذكر.

(٦) المنتهى : ج ١ كتاب في صلاة الجنائز ص ٤٤٩ س ١٦.

٣١٨

وماله ممّا ينقل دون العقارات والأرضين ، ولحق به ولده الأصاغر. ولو أسلم عبد في دار الحرب قبل مولاه ملك نفسه ، وفي اشتراط خروجه تردّد (١) المروي : انه يشترط.

______________________________________________________

لا تواروا إلّا من كان كميشا ، يعنى به : من كان ذكره صغيرا ، وقال : لا يكون ذلك إلّا في كرام الناس (١) وتوقف في النافع (٢) وقال ابن إدريس : يقرع لأنه مشكل (٣).

وأمّا الصلاة ففيها ثلاثة أقوال :

(ا) الصلاة على الجميع ويفرد المسلمون بالنية اختاره ابن إدريس (٤) وارتضاه العلامة (٥) وقواه في المبسوط (٦).

(ب) يصلّى على من وجب دفنه وهو الكميش قاله في المبسوط (٧).

(ج) قال في المبسوط : وان قلنا يصلّى على كل واحد منهم منفردا بنية شرط إسلامه كان احتياطا (٨) فالثلاثة قالها الشيخ في المبسوط ، وصدر بالثاني ، وقوى الأول ، واحتاط بالثالث.

قال طاب ثراه : ولو أسلم العبد قبل مولاه ملك نفسه ، وفي اشتراط خروجه تردد.

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ (٧٩) باب النوادر ص ١٧٢ الحديث ١٤.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع حيث قال : (وقيل) ولم يرجح.

(٣) السرائر : كتاب الجهاد ، باب من زيادات ذلك ، ص ١٦٠ س ٦ قال : والأقوى عندي ان يقرع عليهم الى ان قال : فأما الصلاة عليهم فالأظهر من قول أصحابنا ان يصلى عليهم بنية الصلاة على المسلمين دون الكفار.

(٤) السرائر : كتاب الجهاد ، باب من زيادات ذلك ، ص ١٦٠ س ٦ قال : والأقوى عندي ان يقرع عليهم الى ان قال : فأما الصلاة عليهم فالأظهر من قول أصحابنا ان يصلى عليهم بنية الصلاة على المسلمين دون الكفار.

(٥) المنتهى : ج ١ في صلاة الجنائز ص ٤٤٩ س ١٦ قال : وان قلنا انه يصلى عليهم صلاة واحدة ، وينوي بالصلاة الصلاة على المؤمنين كان قويا.

(٦ و ٧ و ٨) المبسوط : ج ١ كتاب الجنائز ص ١٨٢ س ١٨ قال : إذا اختلط قتلى المسلمين بالمشركين

٣١٩

(الثالث) في أحكام الأرضين : وكل أرض فتحت عنوة وكانت محياة فهي للمسلمين كافة ، والغانمون في الجملة ، لا تباع ولا توقف ولا توهب ولا تملك على الخصوص ، والنظر فيها إلى الامام يصرف حاصلها في المصالح. وما كان مواتا وقت الفتح فهو للإمام لا يتصرف إلّا بإذنه. وكل أرض فتحت صلحا على أنّ الأرض لأهلها والجزية فيها ، فهي لأربابها ولهم التصرف فيها ، ولو باعها المالك صحّ وانتقل ما كان عليها من الجزية إلى ذمة البائع ، ولو أسلم سقط ما على أرضه أيضا ، لأنّه جزية. ولو شرطت الأرض للمسلمين كانت كالمفتوحة عنوة والجزية على رقابهم. وكل أرض أسلم أهلها طوعا فهي لهم ، وليس عليهم سوى الزكاة في حاصلها ممّا تجب فيه الزكاة. وكل أرض ترك أهلها عمارتها فللإمام تسليمها الى من يعمرها وعليه طسقها لأربابها. وكل ارض موات سبق إليها سابق فأحياها فهو أحق بها ، وان كان لا مالك فعليه طسقها له.

______________________________________________________

أقول : منشأ التردد : من كون الإسلام في العبد غير مناف بملك الكافر له بالاستدامة ، إجماعا ، وفي الابتداء خلاف ، غايته انه يجبر على بيعه إذا أسلم في ملكه ، وانما يملك نفسه بالقهر لسيده على نفسه وانما يتحقق القهر بالخروج إلينا قبل سيده ، ليتحقق الخروج عن قبضه ، وهو مذهب الشيخ في النهاية (١) وبه قال ابن

__________________

روي ان أمير المؤمنين عليه السّلام قال : ينظر مؤتزرهم الى ان قال : وان قلنا انه يصلى على كل واحد منهم ، الى ان قال : وان قلنا يصلّي عليهم صلاة واحدة إلخ.

(١) النهاية : باب قسمة الفي‌ء وأحكام الأسارى ص ٢٩٥ س ١٢ قال : وعبيد المشركين إذا لحقوا بالمسلمين قبل مواليهم إلخ.

٣٢٠