المهذّب البارع - ج ٢

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ٢

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩١

ولو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردّها على البائع واستعاد ثمنها ، فإن مات ولا عقب له سعت الأمة في قيمتها على رواية مسكين السمّان ، وقيل : يحفظها كاللقطة. ولو قيل : يدفع الى الحاكم ولا تكلف السعي كان حسنا.

______________________________________________________

كلّه ، وأمّا بعضه ، فيتصوّر فيما يؤخذ من أهل الحرب غيلة أو نهبا من غير قتال ، فإنّه يكون لآخذه وفيه الخمس لأربابه ، وهم الأصناف والإمام ، فيكون للإمام حصة منه ، فما كان من ذلك من رقيق لا يجب إخراج حصة الإمام منه ، ولا حصة الأصناف ، لعموم الإذن بإباحة الرقيق حالة الغيبة ، لتطيب الولادة ، فاعلم ذلك.

قال طاب ثراه : ولو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردّها على البائع واستعاد ثمنها فإن مات ولا عقب له سعت الأمة في قيمتها على رواية مسكين السمّان ، وقيل : يحفظها كاللقطة ، ولو قيل : تدفع الى الحاكم ولا تكلف السعي كان حسنا.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال حكاها المصنف :

فالأوّل قول الشيخ في النهاية (١) وتبعها القاضي (٢).

والثاني قول ابن إدريس ، وقال : كيف تستسعي بغير اذن صاحبها؟ وكيف تعتق؟ والأولى أن يكون بمنزلة اللقطة ، بل يرفع خبرها إلى حاكم المسلمين ويجتهد على ردّها على من سرقت منه فهو الناظر في أمثال ذلك (٣).

__________________

(١) النهاية : باب ابتياع الحيوان ص ٤١٤ س ٣ قال : ومن اشترى جارية سرقت من أرض الصلح إلخ.

(٢) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٦ س ٣١ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وتبعه ابن البراج.

(٣) السرائر : باب ابتياع الحيوان ص ٢٤١ س ٢٦ قال : قال محمّد بن إدريس : كيف تستسعي هذه الجارية إلخ.

٤٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

والثالث مذهب المصنف ، وهو دفعها الى الحاكم من رأس ، ولا يجوز له التصرّف فيها لأنّها مال الغائب ، النظر فيه الى الحاكم (١).

احتج الشيخ بما رواه مسكين السمان عن الصادق عليه السّلام قال : سألته عن رجل اشترى جارية سرقت من أرض الصلح؟ قال : فليردّها على الذي اشتراها منه ولا يقربها إن قدر عليه أو كان موسرا ، قلت : جعلت فداك فإنّه قد مات ومات عقبه؟ قال : فليستسعها (٢).

واختار العلامة مذهب المصنف (٣).

واعلم أنّ الرواية قد تضمّنت حكمين منافيين للأصل.

(أ) ردّها على البائع ، وهو غير مالك.

(ب) استسعاؤها في الثمن ، وكيف يجوز استسعاء مملوك الغير بغير اذنه؟ ثمَّ كيف يصرف كسبها عوضا عمّا قبضه من ليس مالكها؟

واختار الشهيد العمل بمضمون الرواية ، فأجاب عن الأوّل : بتنزيل الرواية على تكليف البائع ردّها إلى أربابها ، لأنّه السارق ، أو لأنّه ترتب يده عليها. وعن الثاني : باشتماله على الجمع بين حق المشتري باستدراك ثمنه وحق المالك بردّها عليه.

والأصل فيه : أن مال الحربيّ في‌ء في الحقيقة وبالصلح صار محرّما احتراما عرضيا ، فلا يعارض ذهاب مال محترم في الحقيقة (٤).

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) التهذيب : ج ٧ (٦) باب ابتياع الحيوان ، ص ٨٣ الحديث ٦٩.

(٣) المختلف : في بيع الحيوان ، ص ٢٠٦ س ٣٦ قال : والتحقيق أن نقول : إن كان عالما وجب عليه ردّها الى المالك ان عرفه ، والّا الى الحاكم ليحفظها على مالكها ولا يرجع بشي‌ء إلخ.

(٤) الدروس : ج ١ ، درس في المملوكين المأذونين ، ص ٣٤٩ س ٥ قال : روى مسكين في من اشترى الى أن قال : والأقرب المروي تنزيلا على أنّ البائع يكلف بردّها إلى أهلها ، إمّا لأنّه السارق أو لأنّه

٤٦٢

السابعة : إذا دفع الى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحج ببقية المال ، فاشترى أباه وتحاقّ مولاه ومولى الأب وورثة الآمر بعد العتق والحج وكلّ يقول : اشترى بمالي ، ففي رواية ابن أشيم : مضت الحجة ، ويرد المعتق على مواليه رقا ، ثمَّ أيّ الفريقين أقام البينة كان له رقّا ، وفي السند ضعف ، وفي الفتوى اضطراب. ويناسب الأصل ، الحكم بإمضاء ما فعله المأذون ما لم يقم بينة تنافيه.

______________________________________________________

وفي هذا التنزيل نظر ، لأنّ البائع على تقدير كونه سارقا لم يبق أهلا لأداء الأمانة ، وعلى تقدير عدم السرقة ليست يده أولى بالعقوبة في التكليف بالردّ لمكان ترتّب يده عليها بأولى من المشتري ، لتساويهما.

قوله : فأولى تقديم حفظ مال المسلم على مال الكافر.

قلنا : هذه الأولوية متى يكون حاصلا؟ على تقدير كونه معاهدا ، أو مطلقا ، الثاني مسلّم ، والأوّل ممنوع.

قال طاب ثراه : إذا دفع الى مأذون مالا يشتري نسمة ويعتقها ويحج ببقية المال ، فاشترى أباه وتحاقّ مولاه ومولى الأب وورثة الآمر بعد العتق والحج فكلّ يقول : اشترى بمالي ، ففي رواية ابن أشيم مضت الحجة ويرد المعتق على مواليه رقّا ، ثمَّ أيّ الفريقين أقام البينة كان له رقّا. وفي المستند ضعف ، وفي الفتوى اضطراب ، وتناسب الأصل الحكم بإمضاء ما فعله المأذون ما لم تقم بيّنة تنافيه.

أقول : في المسألة ثلاثة أقوال :

(أ) ردّ المعتق على مواليه ، وهو مضمون رواية ابن أشيم ، وهو ضعيف ، وبها قال الشيخ في النهاية (١).

__________________

ترتبت يده عليها إلخ.

(١) النهاية باب ابتياع الحيوان ، ص ٤١٤ س ٧ قال : ومن اعطى مملوك غيره إلخ.

٤٦٣

الثامنة : إذا اشترى عبدا فدفع إليه البائع عبدين ليختار أحدهما ، فأبق واحد ، قيل : يرتجع نصف الثمن ، ثمَّ إن وجده تخير ، والّا كان الآخر بينهما نصفين ، وفي الرواية ضعف ، ويناسب الأصل ان يضمن الآبق ويطالب بما اتباعه.

______________________________________________________

(ب) كون المعتق لمولى المأذون رقّا لكونه في يده بشرائه من مواليه وبطلان عتقه ، وهو قول ابن إدريس (١) واختاره العلامة (٢) والمصنف في الشرائع (٣).

(ج) إمضاء ما فعله المأذون ، ومعناه الحكم بصحة البيع والعتق ، لأنّ الأصل أنّ ما يفعله المأذون يكون صحيحا ، وهذا تتمشى إذا جعلنا حكم المأذون حكم الوكيل ، فيقبل إقراره بما في يده ويمضى تصرّفه فيه كما يمضى إقراره بالدين ، وهو أوجه الأقوال ، وهو مذهب المصنف في النافع (٤).

قال طاب ثراه : إذا اشتري عبدا فدفع إليه البائع عبدين ليختار أحدهما ، فأبق واحد قيل : يرتجع نصف الثمن ، ثمَّ إن وجده تخيّر ، والّا كان الآخر بينهما نصفين ، وفي الرواية ضعف ، ويناسب الأصل أن يضمن الآبق بقيمته ، ويطالب بما ابتاعه.

أقول : ما حكاه هو قول الشيخ في النهاية (٥) وتبعه القاضي (٦) ومستنده رواية

__________________

(١) السرائر : باب ابتياع الحيوان ص ٢٤١ س ٣٢ قال : قال محمّد بن إدريس : لا أرى لردّ المعتق إلى مولاه وجها إلخ.

(٢) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٧ س ١٠ قال : والمعتمد ما قاله ابن إدريس.

(٣) الشرائع : في بيع الحيوان ، الثامنة ، قال : وقيل : يردّ على مولى المأذون ما لم يكن هناك بيّنة ، وهو أشبه.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) النهاية : باب ابتياع الحيوان ص ٤١١ س ١٣ قال : ومن اشترى من رجل عبدا وكان عند البائع عبدان إلخ.

(٦) المختلف : في بيع الحيوان ، ص ٢٠٤ س ١٢ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وتبعه ابن البراج على ذلك.

٤٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

محمّد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال : سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان ، فقال للمشتري : اذهب بهما واختر أيّهما شئت وردّ الآخر ، وقد قبض المال ، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده ، قال : فليردّ الذي عنده منهما ويقبض نصف الثمن ممّا أعطى ويذهب في طلب الغلام ، فان وجده يختار أيّهما شاء وردّ النصف الذي أخذ ، وإن لم يجد كان العبد بينهما ، نصفه للبائع ونصفه للمبتاع (١).

ويمكن تنزيلها على تقدير أربع مقدمات :

(أ) تساويهما قيمة.

(ب) تطابقهما وصفا.

(ج) انحصار حقه فيهما.

(د) عدم ضمان المشتري هنا بالقبض ، ويكون كالمبيع في مدة الخيار ، فإنّ تلفه في مدّة الخيار من مال البائع وإن كان بعد القبض فأولى هنا لتعيين المبيع ثمّة وعدمه في صورة النزاع.

قال المصنف في الشرائع : وهو بناء على انحصار حقه فيهما (٢).

لأنه مع انحصار حقه فيهما يكون شريكا للبائع ، وإذا ذهب من الشريك بعض مال الشركة بغير تفريط ، كان على جميع الشركاء. ويناسب الأصل أن يضمن الآبق بقيمته ان قلنا بضمان المقبوض بالسوم ويطالب بما ابتاعه ، أي بالعبد الموصوف بالصفات التي ذكرت في العقد ، فان كان التالف واختاره تهاترا ، وان كان الباقي أخذه ، وضمن الآبق بقيمته حين قبضه ، وان لم يكونا مشتملين على الصفات ،

__________________

(١) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب نادر ص ٢١٧ الحديث ١.

(٢) الشرائع : في بيع الحيوان ، التاسعة ، قال : وهو بناء على انحصار إلخ.

٤٦٥

ولو ابتاع عبدا من عبدين لم يصح ، وحكى الشيخ في الخلاف : الجواز

______________________________________________________

طالب بما اشتملت عليه ، وهو مذهب المصنف (١) والعلامة (٢).

قال طاب ثراه : ولو ابتاع عبدا من عبدين لم يصح ، وحكى الشيخ في الخلاف : الجواز.

أقول : المشهور بطلان البيع ، لعدم تعيين المبيع عند المتبايعين ، وقال الشيخ في الخلاف في باب البيوع : روى أصحابنا أنّه إذا اشترى عبدا من عبدين على أنّ للمشتري أن يختار أيّهما شاء ، أنه جائز ، ولم يرووا في الثوبين شيئا ، وقال الشافعي : إذا اشترى ثوبا من ثوبين على أنّ له الخيار ثلاثة أيّام لم يصحّ البيع ، الى أن قال : دليلنا إجماع الفرقة ، وقوله عليه السّلام : المؤمنون عند شروطهم (٣) وقال في باب السلم من الكتاب : إذا قال : اشتريت منك أحد هذين العبدين بكذا ، أو أحد هؤلاء العبيد الثلاثة بكذا لم يصح الشراء ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : إذا اشترط فيه الخيار ثلاثة أيّام ، جاز لأن هذا غرر يسير ، وأمّا في الأربعة فما زاد عليها لا يجوز ، دليلنا انّ هذا بيع مجهول ، فيجب أن لا يصح ، ولأنّه بيع غرر ، لاختلاف قيمتي العبدين ولأنّه لا دليل على صحة ذلك في الشرط ، وقد ذكرنا هذه المسألة في البيوع وقلنا : إنّ أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين ، فان قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية ولم نقس عليها غيرها (٤) هذا آخر كلام الشيخ رحمه الله ، وقال العلامة في المختلف : وأمّا قول الشيخ في الخلاف عن الرواية فإنّ لها محملا ، وهو أن نفرض

__________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٤ س ٢٥ قال : والتحقيق أن نقول : العقد إن وقع على عبد مطلق موصوف بصفاته المقصودة الموجودة الرافعة للجهالة صحّ البيع إلخ.

(٣) الخلاف : كتاب البيوع ، مسألة ٥٤ قال : روى أصحابنا إلخ.

(٤) الخلاف : كتاب المسلم ، مسألة ٣٨.

٤٦٦

التاسعة : إذا وطأ أحد الشريكين الأمة سقط عنه من الحدّ ما قابل نصيبه ، وحدّ بالباقي مع انتفاء الشبهة ، ثمَّ إن حملت قوّمت عليه حصص الشركاء ، وقيل : تقوّم بمجرد الوطء وينعقد الولد حرّا ، وعلى الواطئ قيمة حصص الشركاء منه عند الولادة.

______________________________________________________

تساوي العبدين من كل وجه ولا استبعاد في ذلك كقفيز من متساوي الأجزاء كالصبرة (١).

قال طاب ثراه : إذا وطأ أحد الشريكين الأمة سقط عنه من الحدّ ما قابل نصيبه ، وحدّ بالباقي مع انتفاء الشبهة ، ثمَّ إن حملت قوّمت عليه حصص الشركاء ، وقيل :

تقوّم بمجرد الوطء ، وينعقد الولد حرّا ، وعلى الواطئ قيمة حصص الشركاء منه عند الولادة.

أقول : هنا مسائل :

الاولى : لا يحذ مع الشبهة ، كما لو توهم الحلّ بمسيس بعض الملك. ولو كان عالما حدّ بقدر نصيب الشركاء ، وسقط عنه من الحدّ ما قابل نصيبه.

الثانية : إن حملت تعلق بها حكم أمّهات الأولاد ، فتقوّم عليه ، لأنّ الاستيلاد بمنزلة الإتلاف ، لتحريم بيعها ، ووجوب عتقها بموت سيّدها ، فيكون عليه غرامة الحصص ، ولا تدخل في ملكه بمجرّد الحمل بل بالتقويم ودفع القيمة ، أو بالضمان مع رضا الشريك.

فهنا فروع

(أ) الكسب قبل التقويم للجميع.

__________________

(١) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٤ س ٣١ قال : وأمّا قول الشيخ في الخلاف عن الرواية فإنّ لها محملا إلخ.

٤٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) لو سقط الولد قبل التقويم استقرّ ملك الشركاء.

(ج) لا يحرم على الشركاء الاستخدام قبل التقويم.

(د) لو مات السيد قبل التقويم أخذت القيمة من تركته ، ولو ضاقت التركة وقع التخلص ، ولا يحسب الجارية من التركة ، لأنّ الاستيلاد إتلاف ، ويحتمل تعلق حقوق الشركاء بالجارية لجواز بيعها في ثمن رقبتها ، ويحتمل بيعها وقسمة ما فضل من ثمنها عن الحصص في الغرماء ، لأنّها إنّما ينعتق بجعلها في نصيب ولدها ، ولا إرث إلّا بعد الدين ، ويحتمل تقويمها على الولد ويلزمه باقي قيمتها ، لا باقي الديون.

(الثالثة) تقوّم مع الحمل قطعا ، وهل تقوّم بنفس الوطء؟ قال الشيخ : نعم (١) والأكثرون على خلافه.

فروع

(أ) ما ذا يجب بالتقويم؟ المشهور قيمتها العادلة ، وقال الشيخ : أكثر الأمرين من القيمة وقت التقويم ، ومن ثمنها الذي اشتريت به (٢) ومستنده رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السّلام (٣).

(ب) عليه قيمة الولد يوم سقط حيّا على تقدير كونه عبدا ، ويسقط من قيمته ما قابل نصيبه ، ويضمن للشركاء الباقي ، هذا إذا لم يكن قوّمت عليه حبلى ويكون عليه قيمتها يوم الوطء ، ومع تقويمها حبلى يكون عليه أعلى القيم من حين الإحبال إلى حين التقويم.

__________________

(١) النهاية : باب ابتياع الحيوان ، ص ٤١١ س ١٩ قال : وإذا كانت الجارية بين شركاء الى أن قال : وتقوّم الأمة قيمة عادلة ويلزمها ، فان كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به ، الزم ثمنها الأوّل ، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قوّمت فيه أكثر من ثمنها الزم ذلك الأكثر.

(٢) النهاية : باب ابتياع الحيوان ، ص ٤١١ س ١٩ قال : وإذا كانت الجارية بين شركاء الى أن قال : وتقوّم الأمة قيمة عادلة ويلزمها ، فان كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به ، الزم ثمنها الأوّل ، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قوّمت فيه أكثر من ثمنها الزم ذلك الأكثر.

(٣) التهذيب : ج ٧ (٦) باب ابتياع الحيوان ، ص ٧٢ الحديث ٢٣ والحديث طويل.

٤٦٨

العاشرة : المملوكان المأذون لهما في التجارة إذا ابتاع كل منهما صاحبه ، حكم للسابق. ولو اشتبه مسحت الطريق وحكم للأقرب ، فإن اتفقا بطل العقدان ، وفي رواية يقرع بينهما.

______________________________________________________

(ج) إن كانت بكرا وجب عليه أرش البكارة ويسقط عنه قدر نصيبه.

(د) مع عدم البكارة هل يجب عليه مهر أم لا؟ سكت عنه الشيخ رحمه الله ، وقال ابن إدريس : لا يجب عليه سوى الحدّ وأرش البكارة إن كانت (١).

والحق وجوب المهر إن كانت جاهلة ، أو مكرهة ، لا مع العلم والمطاوعة ، وتسقط عنه قدر حصته.

(ه) لزوم قيمة الولد عند الولادة ان كان حيا ، ولو سقط ميتا لم تضمنه.

(و) هذا الولد قبل سقوطه هل هو محكوم برقيته ووجوب التقويم على أبيه ، كما يجب بذل قيمة الوارث وهو قبلها رقّ ، أو هو حرّ في الأصل ووجوب القيمة لأجل حقوق الشركاء لا يصيّره عبدا؟ الأظهر الثاني. وتظهر الفائدة فيما لو أوصى له حملا فيصح على الثاني دون الأوّل.

(ز) لو سقط هذا الولد بجناية جان ، ألزم الجاني دية جنين الحرّ للأب ، وعلى الأب للشركاء دية جنين الأمة ، عشر قيمة امّه إلا قدر نصيبه ، ويحتمل ضعيفا أن لا شي‌ء على الأب.

قال طاب ثراه : المملوكان المأذون لهما إذا ابتاع كل منهما صاحبه حكم للسابق ، ولو اشتبه مسحت الطريق وحكم للأقرب ، فإن اتفقا بطل العقدان ، وفي رواية يقرع بينهما.

أقول : هنا مسألتان :

__________________

(١) السرائر : باب ابتياع الحيوان ، ص ٢٤٠ س ٢٢ قال : والاولى أن يقال : لا يلزم الواطئ لها شيئا سوى الحدّ الذي ذكرناه ، الّا أن تكون بكرا فيأخذ عذرتها إلخ.

٤٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الأولى : إذا اشترى كلّ من المأذونين صاحبه وعلم سبق أحدهما كان العقد له وبطل المتأخر لبطلان تصرّفه بخروجه عن ملك بائعه.

وان اقترن العقدان في حالة واحدة ، قيل فيه قولان :

(أحدهما) البطلان قاله ابن إدريس (١) واختاره المصنف (٢) لتدافعهما ، وقال الشيخ في النهاية (٣) يقرع بينهما وتبعه القاضي (٤) وقال العلامة : ان اشترى كل منهما لنفسه ، وقلنا : العبد يملك بطلا ، وإن قلنا لا يملك ، أو كلّ واحد منهما اشترى لمولاه ، فان كانا وكيلان ، صح العقدان ، وان كانا مأذونين ، فالأقرب إيقاف العقدين على الإجازة ، فإن أجاز الموليان صحّ العقدان وانتقل كلّ منهما الى المولى الآخر ، لأنّ كلّ واحد منهما قد بطل إذنه ببيع مولاه له ، فاذا اشترى الآخر لمولاه كان كالفضولي ، وان فسخ الموليان بطلا (٥).

الثانية : اشتبه الحال في معرفة السابق ، وفيه قولان :

(أحدهما) مسح الطريق والحكم للأقرب على تقدير تساويهما في القوة ، ومع تساوي الطريقين يقرع ، اختاره الشيخ في الاستبصار (٦) ، لأنّه من المشكلات وكل

__________________

(١) السرائر : باب ابتياع الحيوان ، ص ٢٤٠ س ٢٨ قال : وان اتفق العقدان في حالة واحدة كان العقد باطلا.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) النهاية : باب ابتياع الحيوان ص ٤١٢ س ٩ قال : فان اتفق أن يكون العقدان في حالة واحدة أقرع بينهما إلخ.

(٤) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٥ س ١٤ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية : وتبعه ابن البراج إلخ.

(٥) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٥ س ٢٤ قال : فان اشترى كل واحد منهما لنفسه إلخ.

(٦) الاستبصار : ج ٣ (٥٤) باب المملوكين المأذونين لهما في التجارة ص ٨٢ قال بعد نقل الحديث : وهذا عندي أحوط لمطابقته لما روي من أن إلخ.

٤٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

مشكل فيه القرعة. وقال العلامة : ان اشتبه السبق أو السابق حكم بالقرعة (١) ، والأقرب البطلان مع اشتباه السبق ، لجواز الاقتران ، والسبق المصحّح للبيع غير معلوم ، ولا يجوز الحكم بالمسبّب مع الجهل بسببه ، والقرعة مع اشتباه السابق ، للعلم بصحة أحد العقدين في الجملة ، فيتحقق الإشكال الموجب للقرعة.

احتج الأوّلون بما رواه الشيخ عن أبي خديجة عن الصادق عليه السّلام في رجلين مملوكين مفوض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما ، فكان بينهما كلام ، فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا وهذا إلى مولى هذا ، وهما في القوة سواء ، فاشترى هذا من مولى هذا العبد ، وذهب هذا فاشترى من مولى هذا العبد الآخر ، وانصرفا إلى مكانهما ، فنسب كلّ واحد إلى صاحبه وقال : أنت عبدي اشتريتك من سيدك ، قال : يحكم بينهما حيث افترقا يذرع الطريق فأيّهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد ، وإن كانا سواء فهما ردّ على مواليهما ، جاءا سواء وافترقا سواء إلّا أن يكون أحدهما سبق صاحبه ، فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك ، وليس له ان يضرّ به (٢).

واعلم أن هذه الرواية دلت على أمور :

(أ) إنّ العبد يملك.

(ب) إنّ الشراء لأنفسهما بقوله : «وقال له أنت عبدي اشتريتك من سيّدك».

(ج) اعتبار تساويهما في القوة ، فلو تفاوتا فيها لم يحكم بذرع الطريق ، لانتفاء الظن ، لجواز سبق الأبعد لمزيد قوّته.

(د) انّه مع علم السبق يحكم للسابق كيف كان ، بقوله «إلّا أن يكون أحدهما

__________________

(١) المختلف : في بيع الحيوان ص ٢٠٥ س ٢٤ قال : والتحقيق أن نقول : ان اشتبه السبق أو السابق حكم بالقرعة.

(٢) الفروع : ج ٥ كتاب المعيشة ، باب نادر ، ص ٢١٨ الحديث ٣ وفي الاستبصار : ج ٣ (٥٤) باب المملوكين المأذونين لهما في التجارة يشتري كل واحد منهما صاحبه من مولاه ، ص ٨٢ الحديث ١.

٤٧١

الفصل الثامن : في السلف

وهو ابتياع مضمون إلى أجل بمال حاضر ، أو في حكمه ، والنظر في شروطه وأحكامه ولواحقه.

(الاولى) الشروط ، وهي خمسة.

الأوّل : ذكر الجنس والوصف ، فلا يصح فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والخبز والجلود ، ويجوز في الأمتعة والحيوان والحبوب وكلّ ما يمكن ضبطه.

الثاني : قبض رأس المال قبل التفرق ، ولو قبض بعض الثمن ثمَّ

______________________________________________________

سبق صاحبه».

واحتج الآخرون بجواز الاقتران ، وهو يقتضي البطلان ، وبجواز سبق ذي الطريق البعيدة بزيادة مشيه وسرعته وحصول عائق لغريمه. وهذه أمور توجب الشك في حصول السبب الناقل ، والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه.

الفصل الثامن : في السلف

وهو ابتياع مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه.

فالابتياع خبر المبتدأ ، و (مضمون) صفة مضاف محذوف مجرور بالإضافة ، أي ابتياع شي‌ء ، أو مال مضمون ، فالابتياع جنس ، وقوله : مضمون ، فصل يخرج به البيع الأعيان الحاضرة ، وقوله : إلى أجل يخرج به البيع بالوصف حالا ، وقوله : معلوم ، إشارة إلى وصف شرط من شرائط السلف.

روى ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله : من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم (١) ، وقوله : بمال حاضر ، يريد به اشتراط التقابض

__________________

(١) سنن ابن ماجه : ج ٢ ، كتاب التجارات (٥٩) باب السلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى

٤٧٢

افترقا صحّ في المقبوض ، ولو كان الثمن دينا على البائع صحّ على الأشبه ، لكنه يكره.

______________________________________________________

في المجلس ، وقوله : أو في حكمه ، ليدخل ما لم يكن حاضرا حالة العقد في المجلس ثمَّ أحضر وقبض في مجلس العقد قبل التفرق ، وكذا ما كان دينا على البائع على الأصح فإنه في حكم الحاضر ، بل في حكم المقبوض ، وظاهر أبي علي جواز تأخّر القبض ثلاثة أيام (١) وهو متروك.

قال طاب ثراه : ولو كان الثمن من دين (٢) على البائع ، صحّ على الأشبه ، لكنه يكره.

أقول : مختار المصنف الصحة (٣) ولعموم قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٤) ولعدم المانع.

إذ بيع الدين بالدين عند المصنف هو التبايع بما في ذمتين غير ذمتي متبايعين ، ولأنه بمنزلة المقبوض ، وقال الشيخ : لا يصح (٥) لأنّه بمنزلة بيع دين بدين ، واختاره العلامة في المختلف (٦) لأنه بيع دين بدين ، ولأنه أحوط ، واختار في غيره مذهب المصنف (٧).

__________________

أجل معلوم ، ص ٧٦٥ الحديث ٢٢٨٠ ولفظ الحديث (عن ابن عباس قال : قدم النبي صلّى الله عليه و (آله) وسلم وهم يتسلفون في الثمن السنتين والثلاث ، فقال : من أسلف في تمر إلخ.

(١) المختلف : في السلف ، ص ١٨٩ س ١ قال : مسألة المشهور أنّ قبض الثمن في المجلس شرط الى أن قال : وقال ابن الجنيد : ولا اختار أن يتأخر الثمن الذي به يقع السلم أكثر من ثلاثة أيام إلخ.

(٢) هكذا في النسخ المخطوطة ، وفي المطبوعة (دينا) كما أثبتناه في المتن.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) البقرة : ٢٧٥.

(٥) المختلف : في السلف ص ١٩٠ س ١٢ قال : مسألة لو شرط أن يكون الثمن من دين عليه ، قال الشيخ لا يصح ، لأنه بيع دين بمثله ، وقيل : يكره ، والمعتمد الأوّل ، لأنّه بيع دين بدين وقد نهي عنه.

(٦) المختلف : في السلف ص ١٩٠ س ١٢ قال : مسألة لو شرط أن يكون الثمن من دين عليه ، قال الشيخ لا يصح ، لأنه بيع دين بمثله ، وقيل : يكره ، والمعتمد الأوّل ، لأنّه بيع دين بدين وقد نهي عنه.

(٧) لم أعثر عليه.

٤٧٣

الثالث : تقدير المبيع بالكيل أو الوزن ، ولا يكفي العدد ولو كان ممّا يعدّ ، ولا يصح في القصب أطنانا ، ولا في الحطب حزما ، ولا في الماء قربا. وكذا يشترط التقدير في الثمن ، وقيل : يكفي المشاهدة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وكذا يشترط التقدير في الثمن ، وقيل : يكفي المشاهدة.

أقول : اشتراط التقدير في الثمن بالكيل أو الوزن أو القدر لا بد منه في السلم ، لما تقدّم من اشتراطه في مطلق البيع ، ولإمكان تطرق الفسخ بتعذر التسلم عند الحلول لحاجة أو غيرها ، فيحتاج المسلم الى بذل الثمن ، فان كان جزافا تعذّر الرجوع به لجهالته ، ولأداء ذلك إلى التنازع ، وهو اختيار الشيخ في كتابي الفروع (١) وهو قول الأكثر ، واختاره المصنف (٢) والعلامة (٣) وقال المرتضى : يكفي إذا كان معلوما بالمشاهدة مضبوطا بالمعاينة ، ولا يفتقر مع ذلك إلى ذكر صفاته ومبلغ وزنه وعدّه (٤) وأجاب عمّا قلناه من تعذّر الرجوع ، بأنّه معارض بالإجارة ، ويمكن عروض البطلان لها بانهدام الدار ، فيحتاج إلى معرفة مال الإجارة ، مع انه يجوز أن يكون جزافا ، وبأنّ العقود مبنية على التراضي دون ما يخاف طريانه ، فإنه من باع شيئا بثمن معيّن بالمشاهدة صحّ البيع ، وإن جاز أن يخرج المبيع مستحقا فيثبت على البائع للمشتري حق الرجوع ببذل الثمن ، ومع ذلك لا يشترط ضبط صفات الثمن (٥).

__________________

(١) المبسوط : ج ٢ ، كتاب السلم ص ١٧٠ س ٣ قال : فإنه يجب أن يذكر مقداره سواء كان من جنس المكيل أو الموزون أو المذروع وعلى كل حال ومتى لم يفعل ذلك لم يصح السلم إلخ وفي الخلاف : كتاب السلم ، مسألة ٤ فلا حظ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) المختلف : في السلف ص ١٨٦ س ٢١ قال : مسألة المشاهدة غير كافية في معرفة الثمن إذا كان ممّا يكال أو يوزن بل لا بد إلخ.

(٤) الناصرية ، المسألة الخامسة والسبعون والمائة قال : معرفة مقدار رأس المال شرط في صحة السلم الى أن قال : إذا كان معلوما بالمشاهدة مضبوطا بالمعاينة لم يفتقر الى ذكر صفاته إلخ.

(٥) الناصرية : المسألة الخامسة والسبعون والمائة ، ص ٢١٧ من الجوامع الفقهية س ١٤ قال : وليس

٤٧٤

الرابع : تعيين الأجل بما يرفع احتمال الزيادة والنقصان.

الخامس : أن يكون وجوده غالبا وقت حلوله ، ولو كان معدوما وقت العقد.

(الثاني) في أحكامه ، وهي خمسة مسائل :

الاولى : لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه وعلى غيره. وكذا يجوز بيع بعضه وتولية بعضه ، وكذا بيع الدين ، فان باعه بما هو حاضر صحّ ، وكذا إن

______________________________________________________

فقد طال كلامه (رحمه الله) هنا على جواز كون مال الإجارة وثمن المبيع مطلقا سلما كان أو غيره جزافا ، والكل ممنوع.

تذنيب

لو كان الثمن مذروعا قال الشيخ في الكتابين : لا بدّ من معرفة ذرعه قبل العقد ، كالكيل والوزن (١) ، ولم يوجب ذلك السيّد ، وتردّد العلامة (٢) ، ووجّه الصحة فيه جواز بيعه مشاهدا ، فيجوز أن يكون ثمنا والأقرب عدم الاكتفاء ، لجواز عروض الفسخ ، كما قلناه.

__________________

للمخالف أن يقول : إلخ.

(١) المبسوط : ج ٢ كتاب السلم ، ص ١٦٩ س ١٨ قال : ورأس المال ينظر الى أن قال : يجب أن يذكر مقداره سواء كان من جنس المكيل أو الموزون أو المذروع إلخ وفي الخلاف : كتاب السلم ، مسألة ٤. قال : سواء كان مكيلا أو موزونا أو مذروعا إلخ.

(٢) المختلف : في السلف ، ص ١٨٦ س ٣٦ قال : تذنيب ، لو كان الثمن من المذروعات الى أن قال : وعندي في ذلك نظر.

٤٧٥

باعه بمضمون حال ، ولو شرط تأجيل الثمن قيل : يحرم ، لأنّه بيع دين بدين ، وقيل : يكره ، وهو الأشبه ، (١) أمّا لو باع دينا في ذمة زيد بدين المشتري في ذمة عمرو فلا يجوز ، لأنّه بيع دين بدين.

______________________________________________________

فرع

لو قلنا بالصحة وطرء الفسخ ، قضى بالصلح.

قال طاب ثراه : ولو شرط تأجيل الثمن قيل : يحرم ، لأنه بيع دين بدين ، وقيل : يكره وهو الأشبه.

أقول : هنا مسألتان :

(أ) الدين المؤجل. منع ابن إدريس من بيعه مطلقا وادّعى عليه الإجماع (١) وأجاز العلامة بيعه على من هو عليه ، فيباع بالحالّ لا بالمؤجّل (٢).

(ب) الدين الحال ، يجوز بيعه بمال حاضر مطلقا ، وكذا بيعه بمضمون حال ولو كان مؤجّلا قال العلامة في كتبه : لا يجوز (٣) وهو مذهب ابن إدريس (٤) وقال المصنف : بالجواز على كراهية (٥) وهو مذهب الشيخ في النهاية (٦) واتّفق الفريقان

__________________

(١) السرائر : في السلف ص ٢٣١ س ١ قال : ولا يجوز ان يبيع الإنسان ماله على غيره في أجل لم يكن قد حضر وقته ، وانما يجوز بيعه إذا حلّ الأجل ، فإذا حضر الأجل جاز له أن يبيع على الذي عليه بزيادة من الثمن إلخ.

(٢) المختلف : في السلف ، ص ١٨٦ س ٣٨ قال : فان باعه البائع ما باعه إيّاه ، جاز ، سواء باعه بزيادة عن الثمن أو النقصان إلخ.

(٣) التذكرة : ج ١ ، في أحكام السلم ص ٥٥٥ س ٣٥ قال : مسألة ، لا يجوز بيع السلف قبل حلوله ويجوز بعده قبل القبض على الغريم وغيره إلخ.

(٤) تقدم نقله.

(٥) الشرائع ، في السلف ، المقصد الثالث في أحكامه ، الثامنة : قال : يجوز بيع الدين على من هو عليه الى أن قال : فان باعه بمضمون حال صح أيضا وإن اشترط تأجيله قيل : يبطل وقيل : يكره وهو الأشبه.

(٦) النهاية : باب السلف ص ٢٩٨ س ٨ قال : ولا يجوز ان يبيع الإنسان الى أن قال : ويكره ذلك فيما يدخله الكيل والوزن إلخ.

٤٧٦

الثانية : إذا دفع دون الصفة وبرضى المسلم ، صح. ولو دفع بالصفة وجب القبول ، وكذا لو دفع فوق الصفة ، ولا كذا لو دفع أكثر.

الثالثة : إذا تعذّر عند الحلول ، أو انقطع ، فطالب كان مخيّرا بين الفسخ والصبر.

الرابعة : إذا دفع من غير الجنس ورضي الغريم ولم يساعره ، احتسب بقيمة يوم الإقباض.

الخامسة : عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم ، فلا يبطل باشتراط بيع ، أو هبة ، أو عمل محلّل ، أو صنعة. ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها ، قيل : يصح ، والأشبه المنع ، للجهالة. ولو شرط ثوبا من غزل امرأة معيّنة ، أو غلّة من قراح (١) بعينه لم يضمن.

______________________________________________________

عن أنه لا يجوز بيعه بدين على آخر مثله.

فرع

والمبيع في ذمة المديون في عهدة البائع ، ولو تعذّر قبضه من المديون كان للمشتري الرجوع على بائعه بالثمن.

قال طاب ثراه : ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها ، قيل : يصحّ ، والأشبه المنع ، للجهالة. ولو شرط ثوبا من غزل امرأة معيّنة ، أو غلة من قراح بعينه ، لم يضمن.

أقول : هنا مسألتان :

الأولى : إذا أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات معينة مشاهدة ، قال ابن

__________________

(١) القراح ج أقرحة : الأرض لا ماء فيها ولا شجر (المنجد لغة قرح).

٤٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

إدريس : لا يصح (١). واختاره المصنف (٢) لوجهين :

(أ) أنّ السلم في المشاهدة لا يجوز ، لانّه بيع مضمون ومن شرط صحته الأجل.

(ب) ان بيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز.

وقال الشيخ : بالصحة (٣) واختاره العلامة (٤) وأجاب عن الوجهين :

أمّا عن الأوّل : فلأنّه يجوز السلف حالّا ، اعتبارا بقصد المتعاقدين ، إذا كان من قصدهما الحلول ، كقوله أسلمت إليك ، أو أسلمتك ، أو أسلفتك هذا الدينار في هذا الكتاب ، فيكون قد تجوّز باستعمال لفظ أسلمت مكان بعت ، ولأنّ السلم قسم من أقسام البيع وكما يجوز استعمال بعت في السلم فليجز استعمال أسلمت في البيع ، لعدم الفارق ، وهو اختيار المصنف في شرائعه (٥).

وأمّا عن الثاني ، فللمنع من منع بيع الصوف على الظهور ، بل هو جائز ، فالمصنف انما وافق ابن إدريس في المنع من السلف مع هذا الشرط لموافقته له في الوجه الثاني ، لا الأوّل.

واعلم أنّ موضوع المسألة أن يكون شرط الأصواف أن يجزّ حالّا ، فلو عيّنها وشرط تأجيل الجزّ إلى أمد السلف ، أو شرط أصواف نعجات في الذمة غير مشاهدة ،

__________________

(١) السرائر : باب السلف ص ٢٣١ س ١٥ قال بعد نقل قول الشيخ : قال محمّد بن إدريس : ان جعل في جملة السلف أصواف النعجات المعينة فلا يجوز السلف في المعين على ما مضى شرحنا له ، وبيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز إلخ.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) النهاية : باب السلف ص ٣٩٩ س ٩ قال : فإن أسلف في الغنم وشرط معه أصواف نعجات الى أن قال : لم يكن به بأس.

(٤) المختلف : في السلف ص ١٨٨ س ١٩ قال بعد نقل قول الشيخ وابن إدريس : والحق ما قاله الشيخ إلخ.

(٥) الشرائع : في السلف ، قال : وهل ينعقد البيع بلفظ السلم الى أن قال : الأشبه نعم.

٤٧٨

(النظر الثالث) في لواحقه وهي قسمان :

الأوّل : في دين المملوك ، وليس له ذلك إلّا مع الإذن ، ولو بادر لزم ذمته يتبع به إذا أعتق ولا يلزم المولى. ولو أذن له المولى لزمه دون المملوك إن استبقاه أو باعه. ولو أعتقه فروايتان : أحدهما يسعى في الدين ، والأخرى لا يسقط عن ذمة المولى وهي الأشهر. (١) ولو مات المولى كان الدين في تركته ، ولو كان له غرماء كان غريم المملوك كأحدهم.

______________________________________________________

لم يصح قولا واحدا فاعلم ذلك.

الثانية : لا يجوز استناد السلف إلى معيّن ، كأن يشترط ثوبا من غزل امرأة معيّنة ، أو غلّة من قراح معيّن ، أو صوفا من نعجات معيّنة ، لأنّ السلم ابتياع مضمون ، فهو أمر كلّي في الذمّة. غير مشخّص إلّا بقبض المشتري ، فتشخيصه بأحد الأقسام المذكورة خروج عن حقيقته ، نعم لو أسند إلى معيّن قابل للإشاعة ، ولا يفضي التعيين فيه إلى عسر التسليم عادة ، جاز ، كما لو سلف على مائة رطل من تمر البصرة ، فإن ذلك يجري مجرى الصفات المشترطة في السلف كالحدادة والضرابة.

قال طاب ثراه : ولو أعتقه فروايتان : أحدهما يسعى في الدين ، والأخرى لا يسقط عن ذمة المولى وهي الأشهر.

أقول : إذا استدان العبد بإذن سيده ، فأقسامه ثلاثة :

(أ) أن يستدين للسيد.

(ب) أن يستدين لنفسه في قدر النفقة الواجبة على السيد.

(ج) أن يستدين لما سوى ذلك من مصالحه ، أي مصالح العبد.

ولا شك في لزوم الدين للسيد في الأوّلين ، وانما النزاع في الثالث ، وهو موضوع المسألة ، فإن بيع العبد ، أو مات لزم السيد قولا واحدا ، وإن أعتقه فهل يلزم العبد

٤٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أو المولى؟ قال في النهاية بالأوّل (١) وتبعه القاضي (٢) والعلامة في أحد قوليه (٣) وقال في الاستبصار بالثاني (٤) وبه قال ابن حمزة (٥) وابن إدريس (٦) واختاره المصنف (٧).

احتج الأوّلون برواية عجلان عن الصادق عليه السّلام في رجل أعتق عبدا له عليه دين قال : دينه عليه لم يزده العتق الّا خيرا (٨) وبأنّ السيد أذن لعبده في الاستدانة ، فاقتضى ذلك رفع الحجر ولا يستعقب الضمان ، كالمحجور عليه إذا أذن له الوليّ في الاستدانة.

احتج ابن إدريس بأنّ المولى إذا أذن العبد في الاستدانة فقد وكّله في أن يستدين له ، فالدين لازم في ذمته (٩) ، وأجاب العلامة عنه بأنه ليس موضع النزاع ، لأنّ الاستدانة إذا كانت للسيد وجب أداؤها قطعا ، وإنما التقدير أنّ الاستدانة

__________________

(١) النهاية : كتاب الديون ، باب المملوك يقع عليه الدين ، ص ٣١١ س ١٢ قال : فإن أعتقه لم يلزمه شي‌ء ممّا عليه وكان المال في ذمة العبد.

(٢) المختلف : كتاب الديون ص ١٣٦ س ١٦ قال : وابن البراج تبع الشيخ أيضا ، الى أن قال : والأقرب الأوّل : أي قول الشيخ في النهاية.

(٣) المختلف : كتاب الديون ص ١٣٦ س ١٦ قال : وابن البراج تبع الشيخ أيضا ، الى أن قال : والأقرب الأوّل : أي قول الشيخ في النهاية.

(٤) الاستبصار : ج ٣ (٨) باب المملوك يقع عليه الدين ص ١١ قال بعد نقل خبر زرارة : قال محمّد بن الحسن : انما يلزم المولى أو ورثته دين العبد إذا كان قد أذن له في الاستدانة إلخ.

(٥) الوسيلة : فصل في بيان الدين ص ٢٧٤ س ٩ قال : والمملوك إذا استدان الى أن قال : فالأول كان حكم دينه حكم دين مولاه.

(٦) السرائر : كتاب الديون ، باب المملوك يقع عليه الدين ص ١٦٨ س ٢٧ قال : والصحيح الواضح أنّ المولى إذا أذن للعبد في الاستدانة فإنه يلزمه قضاء الدين سواء باعه أو استبقاه أو أعتقه لأنّه وكّله في ان يستدين له ، فالدين في ذمة المولى لا يلزم العبد منه شي‌ء إلخ.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٨) الاستبصار : ج ٤ (١١) باب الرجل يعتق عبدا وعلى العبد دين ص ٢٠ الحديث ٢.

(٩) تقدم نقله عن السرائر آنفا.

٤٨٠