مستولياً على العرش وعلى كل شيء ، والاِستواء مختص بالعرش ، فلو كان بمعنى الاِستيلاء لجاز أن يقال ( هو مستولياً ( كذا ) على كل شيء وعلى الاَرض وغيرها ) كما يقال إنه مستول عليها ، ولما اتفق المسلمون على أن الاِستواء مختص بالعرش ، فهذا الاِستواء الخاص ليس بمعنى الاِستيلاء العام ، وأين للسلطان جعل الاِستواء بمعنى الغلبة والقهر وهو الاِستيلاء فيشبه والله أعلم أن يكون اجتهاده مختلفاً في هذه المسائل كما اختلف اجتهاد غيره ، فأبو المعالي كان يقول بالتأويل ثم حرمه ، وحكى إجماع السلف على تحريمه ، وابن عقيل له أقوال مختلفة ، وكذلك لاَبي حامد والرازي وغيرهم.
ومما بين اختلاف كلام ابن فورك أنه في مصنف آخر قال : فإن قال قائل : أين هو فقال : ليس بذي كيفية فنخبر عنها إلا أن يقول : كيف صنعه؟ فمن صنعه أنه يعز من يشاء ويذل من يشاء وهو الصانع للاَشياء كلها.
فهنا أبطل السؤال عن الكيفية ، وهناك جوزه وقال : الكيفية هي الصفة وهو ذو الصفات ، وكذلك السؤال عن الماهية. قال في ذلك المصنف : وإن سألت الجهمية فقلت ما هو يقال لهم ( ما ) يكون استفهاماً عن جنس أو صفة في ذات المستفهم ، فإن أردت بذلك سؤالاً عن صفته فهو العلم والقدرة والكلام والعزة والعظمة.
ـ سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٦١٠
... أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، سمعت نعيم بن حماد يقول : من شبه الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف به نفسه ، فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه.
قلت : هذا الكلام حق ، نعوذ بالله من التشبيه ومن إنكار أحاديث الصفات ، فما ينكر الثابت منها من فقه ، وإنما بعد الاِيمان بها هنا مقامان مذمومان : تأويلها وصرفها عن موضوع الخطاب ، فما أولها السلف ولا حرفوا ألفاظها عن مواضعها ، بل آمنوا بها ، وأمروها كما جاءت.