فقال أبو قرة : فتكذِّب بالروايات!
فقال أبو الحسن عليهالسلام : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها. وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علماً ، ولا تدركه الاَبصار ، وليس كمثله شيء. انتهى.
وقال في هامشه : إعلم أن الاَمة اختلفوا في رؤية الله سبحانه وتعالى عن ذلك على أقوال : فذهب المشبهة والكرامية إلى جواز رؤيته تعالى في الدارين في الجهة والمكان لكونه تعالى عندهم جسماً! وذهب الاَشاعرة إلى جواز رؤيته تعالى في الآخرة منزهاً عن المقابلة والجهة والمكان. وذهب المعتزلة والاِمامية إلى امتناعها في الدنيا والآخرة ، وقد دلت الآيات الكريمة والبراهين العقلية والاَخبار المتواترة عن أهل بيت الرسول صلوات الله عليهم على امتناعها مطلقاً كما ستعرف ، وقد أفرد العلامة المجاهد السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي قدسسره كتاباً أسماه : كلمة حول الرؤية فجاء ـ شكر الله سعيه ـ وافياً كما يهواه الحق ويرتضيه الاِنصاف ونحن نذكر منه بعض الاَدلة العقلية :
منها : أن كل من استضاء بنور العقل يعلم أن الرؤية البصرية لا يمكن وقوعها ولا تصورها إلا أن يكون المرئي في جهة ومكان ومسافة خاصة بينه وبين رائيه ، ولابد أن يكون مقابلاً لعين الرائي ، وكل ذلك ممتنع على الله تعالى مستحيل بإجماع أهل التنزيه من الاَشاعرة وغيرهم.
ومنها : أن الرؤية التي يقول الاَشاعرة بإمكانها ووقوعها ، إما أن تقع على الله كله فيكون مركباً محدوداً متناهياً محصوراً يشغل فراغ الناحية المرئي فيها فتخلو منه بقية النواحي ، وإما أن تقع على بعضه فيكون مبعضاً مركباً متحيزاً ، وكل ذلك مما يمنعه ويبرأ منه أهل التنزيه من الاَشاعرة وغيرهم.
ومنها : أن كل مرئي بجارحة العين مشار إليه بحدقتها ، وأهل التنزيه من الاَشاعرة وغيرهم ينزهون الله تعالى عن أن يشار إليه بحدقة ، كما ينزهونه عن الاِشارة إليه بإصبع أو غيرها.
ومنها : أن الرؤية بالعين الباصرة لا تكون في حيز الممكنات ما لم تتصل أشعة