وأجاب السيد قدس الله روحه عنه بأنه يجوز أن يكون التوبة لاَمر آخر غير هذا الطلب ، أو يكون ما أظهره من التوبة على سبيل الرجوع إلى الله تعالى ، وإظهار الاِنقطاع إليه والتقرب منه وإن لم يكن هناك ذنب.
والحاصل أن الغرض من ذلك إنشاء التذلل والخضوع ، ويجوز أن يضاف إلى ذلك تنبيه القوم المخطئين على التوبة مما التمسوه من الرؤية المستحيلة عليه. بل أقول يحتمل أن تكون التوبة من قبلهم كما كان السؤال كذلك.
الثاني : أنه عليهالسلاملم يسأل الرؤية بل تجوز بها عن العلم الضروري لاَنه لازمها ، وإطلاق اسم الملزوم على اللازم شائع سيما استعمال رأى بمعنى علم وأرى بمعنى أعلم ، والحاصل أنه سأله أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة ، فتزول عنه الدواعي والشكوك ، ويستغني عن الاِستدلال كما سأل إبراهيم عليهالسلام : رب أرني كيف تحيي الموتى.
الثالث : أن في الكلام مضافاً محذوفاً أي أرني آية من آياتك أنظر إلى آيتك ، وحاصله يرجع إلى الثاني.
الرابع : أنه عليهالسلامسأل الرؤية مع علمه بامتناعها لزيادة الطمأنينة بتعاضد دليل العقل والسمع ، كما في طلب إبراهيم عليهالسلام ، وحاصله يرجع إلى منع أن العاقل لا يطلب المحال الذي علم استحالته إذ يمكن أن يكون الطلب لغرض آخر غير حصول المطلوب ، فلا يلزم العبث لجواز ترتب غرض آخر عليه ، والعبث ما لا فائدة فيه أصلاً ، ولعل في هذا السؤال فوائد عظيمة سوى ما ذكر أيضاً ولا يلزمنا تعيين الفائدة بل على المستدل أن يدل على انتفائها مطلقاً ، ونحن من وراء المنع ، ومما يستغرب من الاَشاعرة أنهم أجمعوا على أن الطلب غير الاِرادة ، واحتجوا عليه بأن الآمر ربما أمر عبده بأمر وهو لا يريده ، بل يريد نقيضه ، ثم يقولون هاهنا : بأن طلب ما علم استحالته لا يتأتى من العاقل.
الثاني من وجهي احتجاجهم : هو أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل وهو