قال : هات ويحك ما شككت فيه.
قال : وأجد الله عز وجل يقول : وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة ، ويقول : لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار وهو اللطيف الخبير ، ويقول : ولقد رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى ، ويقول : يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، ومن أدركته الاَبصار فقد أحاط به العلم ، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟ ....
فقال عليهالسلام : وأما قوله عز وجل : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، وقوله : لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار ، وقوله : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، وقوله : يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، فأما قوله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظره ، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعدما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم إشراقاً فيذهب عنهم كل قذى ووعث ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة ، فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة عليهم : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ، فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم ربهم فذلك قوله : إلى ربها ناظرة ، وإنما ( عنى ) بالنظر إليه النظر إلى ثوابه يعني لا تحيط به الاَوهام. وهو يدرك الاَبصار ، يعني يحيط بها وهو اللطيف الخبير ، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علواً كبيرا ، وقد سأل موسى عليهالسلاموجرى على لسانه من حمد الله عزوجل : رب أرني أنظر إليك ، فكانت مسألته تلك أمراً عظيماً ، فقال الله تبارك وتعالى : لن تراني .. فانظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ، فأبدى الله سبحان بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميماً وخر موسى صعقاً ، يعني ميتاً ، ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه ، فقال : سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ، يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك.