مصيب ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : من شبه الله بخلقه فقد كفر. ولقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي قال : سئل أمير المؤمنين عليهالسلامفقيل : يا أخا رسول الله هل رأيت ربك فقال : وكيف أعبد من لم أره لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الاِيمان. فإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ، ولابد للمخلوق من الخالق ، فقد جعلته إذا محدثاً مخلوقاً ، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكاً ، ويلهم أولم يسمعوا يقول الله تعالى : لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار وهو اللطيف الخبير. وقوله : لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً ، وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الاَرض وصعقت الجبال فخر موسى صعقاً ، أي ميتاً ، فلما أفاق ورد عليه روحه ، قال سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنك ترى ، ورجعت إلى معرفتي بك أن الاَبصار لا تدركك ، وأنا أول المؤمنين ، وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى ، وأنت بالمنظر الاَعلى.
ثم قال عليهالسلام : إن أفضل الفرائض وأوجبها على الاِنسان معرفة الرب والاِقرار له بالعبودية ، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إلَه غيره ، ولا شبيه له ولا نظير ، وأن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد ، موصوف من غير شبيه ولا مبطل ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبوة.
وأدنى معرفة الرسول الاِقرار بنبوته ، وأن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من الله عز وجل ، وبعده معرفة الاِمام الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر ....
ثم قال : يا معاوية جعلت لك أصلاً في هذا فاعمل عليه ، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الاَحوال ، فلا يغرنك قول من زعم أن الله تعالى يرى بالبصر.