والقرآن الكريم يقرر هذه الاِتجاهات الثلاث في المسيحية ، قال تعالى :
ـ وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم (سورة المائدة الآية ٧٢ ).
ـ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، وما من إلَه إلا إلَه واحد ( سورة المائدة الآية ٧٣ ).
ـ ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ( سورة المائدة ٧٥ ).
ـ ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ( سورة المائدة ١٧ ).
ـ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والاِنجيل ورسولاً إلى بني إسرائيل ( سورة المائدة ٤٨ ـ ٤٩ ).
ومن أجل هذا كان نقل المسيحية من الوحدانية إلى التثليث ، ونقل عيسى من رسول إلى إلَه ، والقول بأن المسيحية رسالة عامة ، والقول بأن عيسى ابن الله نزل ليضحي بنفسه للتكفير عن خطيئة البشر ، وأنه عاد مرة أخرى إلى السماء ليجلس على يمين أبيه ، كان هذا كله عملاً جديداً على المسيحية التي جاء بها عيسى.
كيف انتقلت المسيحية من حال إلى حال ، ومن الذي قام بذلك ومتى؟ هذا ما سنحاول إبرازه فيما يلي :
ترتبط هذه الاَمور بشخصية مهمة في المسيحية ، هي شخصية شاؤول ( بولس ) ولذلك يرى الباحثون الغربيون أن المسيحية الحالية بهذه العناصر الجديدة من صنع هذا الرجل ، ويقول إن بولس هو في الحقيقة مؤسس المسيحية ، ويقول إن كثيراً من الثقات العصريين يعدونه المؤسس الحقيقي للمسيحية.
وبولس كما يقول عن نفسه ( يهودي فريسي ابن فريسي على رجاء قيامة الاَموات ـ أعمال الرسل ٢٣ : ٦ ) وكان عدواً للمسيحيين ، وهو في ذلك يقول ( سمعتم بسيرتي قبلاً في الديانة اليهودية ، إني كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها ، وكنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي ، إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي ( غلاطية ١ : ١٣ ١٤ ).