أقول : السبب في تهمة البابا للدين الاِسلامي بأنه اختزل التصور الذي قدمته كتب اليهود والنصارى عن الله تعالى ، وبيت القصيد عنده وإشكاله الاَساسي على الاِسلام : أن القرآن يقرر أن الله تعالى ليس كمثله شيء ، وأنه غير متجسد في وجود مادي في السماء أو الاَرض ، وبتعبيره ( لكنه في النهاية إلَه متعال عن العالم ، ذو جلال ، لا ( إلهنا معنا عمانوئيل ).
ولكن الظاهر أن البابا لم يقرأ الصحاح الستة ليرى أن ما يريده من نزول الله تعالى وصعوده وتجسده موجود فيها ، وأن هذا البلاء الذي ابتلى به اليهود والنصارى قد سرى إلى إخواننا السنة وصحاحهم!!
كما أنه لو تأمل في تاريخ المسيحية لتوصل إلى أن دعوة المسيح عليهالسلامكانت دعوة إلى التوحيد ولم يكن فيها تجسيم ، وأن تجسم الله تعالى في المسيح إنما هو فكرة ( بولسية ) وليست مسيحية .. قال الدكتور أحمد شلبي في كتابه مقارنة بين الاَديان ج ٢ ص٢٤٥ تحت عنوان : الله في التفكير المسيحي :
عندما نصل إلى الحديث عن الله في التفكير المسيحي نحتاج إلى مزيد من الصبر لنرى التحول الخطير الذي أصاب الفكر المسيحي في هذه القضية الهامة : تقرر الاَناجيل المسيحية وأعمال الرسل ثلاث قضايا مهمة :
أولاها : أن الله واحد لا شريك له.
والثانية : أن عيسى رسول الله وليس أكثر من رسول.
والثالثة : أن عيسى رسول لبني إسرائيل فقط.
وعن القضية الاَولى نورد النصوص التالية من هذه الاَناجيل :
ـ يروي متى عن عيسى قوله : إن أباكم واحد الذي في السموات (إصحاح ٢٣ الفقرة ٨ )
ـ ويروي مرقص قول عيسى : الرب إلهنا إلَه واحد وليس آخر سواء(١٢ : ٣٠ ٣١).
ـ ويروي يوحنا عن عيسى قوله : إني أصمد إلى أبي وأبيكم وإلَهي وإلَهكم ( ٢٠ : ١٨ )