وقال الناشر عما وجده في المخطوطة : ( في حاشية الاَصل بخط مغاير ما نصه : أخطأ هذا القائل قطعاً والمقول له في تصويبه ذلك وكذلك المادح له ، بل لو قيل : إن قائل هذه المقالة يكفر بها لم يبعد ، لاَنه نفى الاِسلام عن عالم عظيم من هذه الاَمة ليسوا بحنابلة ، بل هم الجمهور الاَعظم ، ولقد بالغ المصنف في هذا الكتاب في تعظيم رؤوس التجسيم ، وسياق مناقبهم ، والتغافل عن بدعهم ، بل يعدها سنة. ويهضم جانب أهل التنزيه ، ويعرض بهم أو يصرح ، ويتغافل عن محاسنهم العظيمة وآثارهم في الدين ، كما فعل في ترجمة إمام الحرمين والغزالي ، والله حسيبه ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ). انتهى.
وقد كان العوام الرعاع في كل جيل يتعصبون للقول بالتشبيه ولمن يقول به ، ويؤيدونه ضد خصومه بأساليب خشنة عدوانية! فقد روى ابن بطوطة في رحلته ج ١ ص ٩٠ إحدى مشاهداته فقال :
( وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام ، يتكلم في الفنون إلا أن في عقله شيئاً .. وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعه وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم فكان من جملة كلامه أن قال : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل ربعة من ربع المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به ، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالاَيدي والنعال ضرباً كثيراً ، حتى سقطت عمامته وظهر على رأسه شاشية حرير ) انتهى.
وبقى هذا السلوك العوامي لاَصحاب الرؤية والتجسيم ، إرثاً موروثاً من قرون الاِسلام الاَولى! بل زاد عليه الاَشعريون والمجسمة والدولة في ابتكار أساليب القمع والاِرهاب للذين يخالفونهم ، كما عرفت في موقفهم من التأويل والمتأولة ، وكما فعلوا مع الطبري المؤرخ لاَنه لم يوافقهم على أن الله تعالى يجلس على عرشه ، فيفضل منه أربع أصابع ليجلس عليها الاَنبياء إلى جنبه! قال الحموي في معجم الاَدباء ج ٩ جزء ١٨ ص ٥٧ في ترجمة الطبري :