المحرفين الكلم عن مواضعه ، والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ، إنما قال صلىاللهعليهوآله : إن الله تبارك وتعالى يُنْزِلُ مَلَكاً إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الاَخير وليلة الجمعة في أول الليل ، فيأمره فينادي : هل من سائل فأعطيه ، هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ، يا طالب الخير أقبل ، يا طالب الشر أقصر ، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء. حدثني بذلك أبي عن جدي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وأحاديث إخواننا تؤيد ما قاله الاِمام الرضا
ـ قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤
وإنما المعنى الصحيح للحديث والتوجيه السديد أن النازل هو ملك من الملائكة يأمره الله تعالى بأن ينادي في السماء الدنيا في وقت السحر فيما يوازي كل جزء من الكرة الاَرضية طوال الاَربع والعشرين ساعة ، ويصح في اللغة العربية أن ينسب الفعل إلى الاَمر به فتقول العرب مثلاً : غزا الملك البلدة الفلانية أي أمر وأرسل قائد جيشه بذلك ، مع أنه لم يفارق قصره ، ولله المثل الاَعلى.
والذي يثبت هذا المعنى وينفي ما تتوهمه المجسمة وتدعو إليه أنه ورد الحديث أيضاً بروايتين صحيحتين في الدلالة على ذلك. أما الرواية الاَولى : فقد روى الاِمام النسائي في السنن الكبرى ٦ ـ ١٢٤ بإسناد صحيح وهو في عمل اليوم والليلة له المطبوع ص ٣٤٠ برقم ٤٨٢ عن سيدنا أبي سعيد الخدري وسيدنا أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الاَول ثم يأمر منادياً ينادي يقول : هل من داع فيستجاب له ، هل من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى.
وأما الرواية الثانية : فعن سيدنا عثمان بن أبي العاص الثقفي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب