نعم من الأخبار ما يدلّ على أنّ الوقت الأول أفضل من الثاني ، وهو غير مناف للمنع عن التأخير للمختار.
وقوله : « لا ينبغي » وإن لم يدلّ على التحريم ولكنه لا ينافيه ، هذا.
ثمَّ إنّ الظاهر أنّ فائدة هذا الخلاف إنما تظهر في النهي عن المنكر ، وتحتّم الإتيان في الوقت الأول ، وإلاّ فالظاهر اتّفاق الفريقين على وجوب الفعل في الوقت الثاني أداء إن لم يفعل ، فهو وقت ترتيبي ، كما يدلّ عليه قوله : « فإن لم تفعل فإنك في وقت » (١) فلا تجب نية القضاء ـ على القول بوجوبها ـ للمختار. بل ولا إثم أيضا ، للتصريح بالعفو ، فإنّ قوله : « آخره عفو الله » ليس للمضطر ، إذ لا ذنب عليه ، فيكون للمختار.
فرعان :
أ : اعلم أنّ القائلين ببقاء وقت الإجزاء للمختار إلى الغروب جعلوا وقت الاختيار عند المخالف وقتا للفضيلة ، واختلفوا في انتهائها كاختلاف المخالفين.
ولا يخفى أنّ ما يستندون إليه في تحديد وقت الفضيلة من أخبار القامة والقامتين والذراع والذراعين وأمثالها لا دلالة لها على أنها أوقات الفضيلة ، وإنما يحملونها عليها ، لمعارضة أخبار الإجزاء.
وكما يمكن حملها على ذلك يمكن الحمل على التقية أيضا ، كما يستفاد من أخبار أخر ، كما مرّ (٢) ، أو على محمل آخر.
مع أنه على الحمل على الفضيلة لا يدلّ على انتهاء وقتها ، لإمكان الحمل على مرتبة منها. وحينئذ فلا وجه لتحديد وقت الفضيلة ، والاختلاف فيه ، إذ أوقات الفضل أيضا مترتّبة في الفضل ، بل وكذلك بعدها.
وأمّا ما دلّ على أن لكلّ صلاة وقتين وأوّلهما أفضلهما ، فلا يتعيّن أن يكون
__________________
(١) راجع ص ١٥ رواية زرارة.
(٢) في ص ١٣.