والعموم مدفوع بما مرّ ، والتوقيع بعدم الدلالة ، إذ التحريم بوبر وجلد معيّن كما يفيده قوله : « هذه » لا يثبته في غيره ، فلعلّه عليهالسلام أراد المنع عمّا يؤخذ من أيدي هؤلاء المجوّزين لاستعمال ذبيحة الكفّار ، ولذا جوّز منها الأوبار.
ثمَّ إنّه اختلفت الأخبار وكلمات أهل الفقه واللغة في حقيقة الخزّ ، ولكن المعلوم اختلافه إنّما هو التعبير ولم يتحقّق اختلاف المعنى ، ويمكن أن تكون العبارات باختلافها واردة على مصداق واحد.
ففي رواية ابن أبي يعفور المتقدم بعضها : « إنه دابّة تخرج من الماء .. وإنه دابّة تمشي على أربع » (١).
وفي روايته الأخرى : عن أكل لحم الخزّ ، قال : « كلب الماء إن كان له ناب فلا تقربه ، وإلاّ فاقربه » (٢).
وفي صحيحة البجلي : عن جلود الخزّ ـ إلى أن قال ـ : جعلت فداك إنّها في بلادي وإنّما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « إذا خرجت من الماء تعيش خارجه؟ » فقال الرجل : لا ، فقال : « لا بأس » (٣).
وفي رواية حمران : عن الخزّ ، فقال : « سبع يرعى في البر ويأوي في الماء » (٤) وصرّح في العلل أيضا بأنه كلب الماء (٥).
ولا شك أنه لا تنافي بين هذه الروايات ، والمستفاد منها أنه كلب الماء.
وأمّا كلمات القوم ففي بعضها : إنه القندس (٦) ، وصرّح بعضهم أنّ
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٩٩ الصلاة ب ٦٥ ح ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١١ ـ ٨٢٨ ، الوسائل ٤ : ٣٥٩ أبواب لباس المصلي ب ٨ ح ٤.
(٢) التهذيب ٩ : ٤٩ ـ ٢٠٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٩١ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٣.
(٣) الكافي ٦ : ٤٥١ الزي والتجمل ب ٩ ح ٣ ، علل الشرائع : ٣٥٧ ـ ١ ، الوسائل ٤ : ٣٦٢ أبواب لباس المصلي ب ١٠ ح ١.
(٤) التهذيب ٩ : ٤٩ ـ ٢٠٥ ، الوسائل ٢٤ : ١٩١ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٢.
(٥) علل الشرائع : ٣٥٧.
(٦) انظر السرائر ٣ : ١٠٢.