البحث الأول :
في أصل الستر
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الستر واجب في الصلاة وشرط لها ، تبطل بانتفائه مع الإمكان ، بالإجماع المحقّق والمحكي مستفيضا (١) ، بل بالضرورة من الدين. وفي النصوص المستفيضة دلالة عليه صريحا وظاهرا ، منطوقا ومفهوما :
منها : صحيحة علي : عن رجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلّي؟ قال : « إذا أصاب حشيشا ليستر به عورته ، أتمّ صلاته بالركوع والسجود ، وإن لم يصب شيئا ليستر به عورته ، أومأ وهو قائم » (٢).
وسائر ما ورد في صلاة العراة منفردين وجماعة ، حيث أسقطت معظم الأركان من الركوع والسجود والقيام بفقد السائر ، فمن لم يستر ما وجب ستره مع القدرة إمّا لا يأتي بتلك الأركان فتبطل صلاته إجماعا ، لكون الأركان مطلقة بالنسبة إلى الستر المقدور قطعا ، أو يأتي بها فكذلك أيضا ، لعدم موافقة المأمور به حيث إنّه الإيماء مع عدم الستر.
ويدلّ عليه أيضا استصحاب الشغل اليقيني (٣).
ثمَّ إنّ شرطيته هل هي ثابتة مع المكنة على الإطلاق ، أو مقيّدة بالعمد؟
__________________
(١) كما في المعتبر ٢ : ٩٩ ، والمنتهى ١ : ٢٣٥ ، والذكرى : ١٣٩ ، وجامع المقاصد ٢ : ٩٣ ، وروض الجنان : ٢٠٤ ، وكشف اللثام ١ ١٨٦.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٦٥ ـ ١٥١٥ ، الوسائل ٤ : ٤٤٨ أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ١.
(٣) وأصالة عدم الشرطية الموجبة لحصول البراءة اليقينية هنا غير جارية قطعا ، إذ كما بيّنا في الأصول جريانه ليس إلاّ بواسطة أصالة عدم الوجوب المنتفية هنا قطعا. منه رحمه الله تعالى.