ونفي الحقيقة ادعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة ، مما لا يخفى على من له معرفة بالبلاغة.
وقد انقدح بذلك بعد إرادة نفي الحكم الضرري ، أو الضرر الغير المتدارك ، أو إرادة النهي من النفي جدا ، ضرورة بشاعة استعمال الضرر وإرادة خصوص سبب من أسبابه ، أو خصوص الغير المتدارك منه [١] ، ومثله لو اريد ذاك بنحو التقييد ، فإنه وإن لم يكن ببعيد ، إلّا أنه بلا دلالة عليه غير سديد ، وإرادة النهي من النفي وإن
______________________________________________________
[١] ربما يقال إن المنفي في قوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار» خصوص الضرر غير المتدارك ، بأن استعمل الضرر في الضرر الخاص أي غير المتدارك منه ، أو يقال بإرادة الضرر غير المتدارك بتعدد الدال والمدلول ، فيكون مفاده أن كل ضرر في الخارج متدارك ، ولا يوجب إرادته بنحو تعدد الدال والمدلول مجازا ، ولعل نظر القائل من الدال على القيد هو وقوع الضرر في الخارج غالبا ، ولكن لا يخفى ما فيه فإن مجرد حكم الشارع بتدارك الضرر لا يكون تداركا ، ألا ترى أنه إذا أتلف ما له متلف وحكم على المتلف بالضمان مع كونه معسرا لم يصح أن يقال لا ضرر ، وإذا كان هذا في مورد الضرر المالي فما الظن في موارد الضرر العرضي أو الطرفي وما حال الضرر الذي يورده الشخص على طرفه أو نفسه أو ما له أو يقع الضرر عليه من غير أن يستند إلى الغير ، كانهدام داره بالزلزلة واحتراق بيته بوقوع النار فيها أو نحو ذلك.
وعلى الجملة لا يتدارك كل ضرر في الخارج ، والموارد التي يحكم فيها على الغير بالتدارك لا يعد مجرد الحكم تداركا وما يتدارك بحق القصاص ونحوه لا يوجب صحة نفي الضرر الخارجي ، ليقال إن المنفي هو الضرر الخارجي والمصحح لنفيه ادعاء لزوم تداركه مع أن هذا لا يناسب مورد الرواية.